Rukuk Makmum yang Dianggap Mengikuti Imam

Rukuk Makmum yang Dianggap Mengikuti Imam المبحث الثاني: مقدار الركوع الذي يدرك به المأموم الركعة مع الإمام اختلف الفقهاء القائلون بأن الركعة تدرك

Rukuk Makmum yang Dianggap Mengikuti Imam

 Rukuk Makmum yang Dianggap Mengikuti Imam

  المبحث الثاني:

مقدار الركوع الذي يدرك به المأموم الركعة مع الإمام

اختلف الفقهاء القائلون بأن الركعة تدرك بإدراك الركوع في الحد المجزيء منه الذي تدرك به الركعة على أربعة أقوال:

القول الأول: أن القدر المفروض من الركوع هو الانحناء والميل، أمَّا وضع اليدين على الركبتين فسنة، وهذا قول الحنفية، وعليه فمن أدرك الإمام في الركوع فكبر قائماً ثم شرع في الانحطاط وشرع الإمام في الرفع فيعتد بها إذا وجدت المشاركة قبل أن يستقيم قائماً وإن قلّ وهو الأصح عندهم (1) .

ووجهه: أن المعنى اللغوي للركوع هو الانحناء يقال: ركعت النخلة إذا مالت فتتعلق الركنية بالأدنى منه (2) .

ويُمكن مناقشته: بأن النبي صلى الله عليه وسلم بين الركوع الذي يعتبر ركناً في الصلاة بقوله في حديث المسيء صلاته وقول النبي صلى الله عليه وسلم له: "ثم اركع حتى تطمئن راكعاً" (3) ، وهذا الحديث لبيان أقل الواجبات (4) ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ارجع فصلّ فإنك لم تصلّ" .

القول الثاني: أن حد إدراك الركعة أن يُمكن يديه من ركبتيه قبل رفع

(1) انظر: بدائع الصنائع 1/105 و 208، والفتاوى الهندية 1/120.

(2) انظر: فتح القدير 1/307 والهداية معه.

(3) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأذان، باب أمر النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا يتم ركوعه بالإعادة 1/192، ومسلم في صحيحه كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة حديث [397] 1/298.

(4) ينظر: المجموع 3/410.

الإمام، وهو ظاهر قول مالك في المدونة، وبه أخذ بعض المالكية (1) .

ووجهه: أن هذا المقدار هو الفرض فمن أدركه مع الإمام فقد ائتم به في الركوع فكان مدركاً له معه (2) .

ويُمكن أن يناقش: بعدم التسليم أن وضع اليدين فرض بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكره للمسيء في صلاته كما في رواية الصحيحين.

القول الثالث: أنه يدرك الركعة إذا انتهى إلى قدر الإجزاء من الركوع قبل أن يزول الإمام عن قدر الإجزاء، فهذا يعتد له بالركعة ويكون مدركاً لها فأمَّا إن كان المأموم يركع والإمام يرفع لم يجزئه، وقدر الإجزاء هو أن ينحني بحيث يُمكنه مس ركبتيه بيديه، وهذا قول أكثر المالكية (3) وقول الشافعية (4) ومذهب الحنابلة (5) .

ووجهه: أنه لا يخرج عن حد القيام إلى الركوع إلاَّ بذلك، ولا يلزمه وضعهما وإنَّما ذلك مستحب (6) .

القول الرابع: أن من انتهى إلى الصف المؤخر ولم يرفعوا رؤوسهم وقد رفع الإمام رأسه فركع فقد أدرك الركعة؛ لأن بعضهم أئمة بعض، وهذا مروي عن الشعبي (7) .

(1) الذخيرة للقرافي 2/274، ومواهب الجليل 2/397، 214.

(2) المنتقى 1/294.

(3) مواهب الجليل 2/214.

(4) المجموع 3/408، 415 و 4/215.

(5) المغني 2/182، والإنصاف 2/223.

(6) المغني 2/182.

(7) التمهيد 7/73.

المبحث الثالث:

شروط إدراك الركعة بإدراك الركوع

اشترط الفقهاء القائلون بأن الركعة تدرك بإدراك الركوع عدة شروط في الركوع المعتد به لإدراك الركعة، وفيما يلي بيان هذه الشروط:

الشرط الأول: أن يطمئن المسبوق في ركوعه قبل أن يرفع الإمام:

صرح بهذا الشرط المالكية (1) ، والشافعية (2) ، والحنابلة (3) .

ولعل مستندهم في ذلك أن الطمأنينة ركن من أركان الصلاة، فمن لم يدرك الإمام في الركوع ويطمئن معه لم يدرك معه الركن وبالتالي فلا يكون مدركاً للركعة.

أمَّا الحنفية فلا يشترطون الطمأنينة، ولذلك فإن من أدرك الإمام في الركوع فكبر قائماً ثم شرع في الانحطاط وشرع الإمام في الرفع فيعتد بتلك الركعة في الأصح إذا وجدت المشاركة قبل أن يستقيم قائماً وإن قل (4) - يعني زمن المشاركة.

ولعل مستند الحنفية أن الطمأنينة في الركوع والسجود ليست بركن عند أبي حنيفة ومحمد (5) .

(1) انظر: الفواكه الدواني 1/242، وحاشية العدوي على الخرشي 2/47.

(2) انظر: المجموع 4/215، ونهاية المحتاج 2/242، وحاشية إعانة الطالبين 2/16.

(3) انظر: الإنصاف 2/223.

(4) انظر: الفتاوى الهندية 1/120.

(5) انظر: بدائع الصنائع 1/162.

واستدلا على عدم ركنية الطمأنينة بقوله تعالى: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} (1) .

ووجه الاستدلال من الآية: أن الركوع هو الانحناء يقال: ركعت النخلة إذا مالت وذلك يحصل بدون الطمأنينة فتعلق الركن بالأدنى فيهما (2) .

ويُمكن مناقشته: بأن السنة دلت على أن الطمأنينة ركن كما في حديث المسيء صلاته وقول النبي صلى الله عليه وسلم له: "ثم اركع حتى تطمئن راكعاً" (3) .

وقوله: "أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته" قيل: وكيف يسرق من صلاته قال: "لا يتم ركوعها ولا سجودها" (4) .

وقال: "لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل صلبه فيها في الركوع والسجود" (5) .

وأجيب: بأن الصحة يجب أن لا تتوقف على الطمأنينة لأنها ثابتة بخبر الواحد وإلاَّ كان نسخاً ولا ينسخ القرآن بخبر الواحد (6) .

وأيضاً قالوا: الخبر يفيد عدم توقف الصحة على الطمأنينة إذ قد جاء في

(1) من الآية 77 من سورة الحج.

(2) انظر: فتح القدير والعناية معه 1/307.

(3) تقدم ص 326.

(4) أخرجه الإمام أحمد 5/310، والدارمي في سننه كتاب الصلاة، باب في الذي لا يتم الركوع والسجود حديث [1334] 1/247، والحاكم في المستدرك 1/229 من حديث عبد الله بن أبي قتادة وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وأخرجه من حديث أبي هريرة، وقال: كلا الإسنادين صحيحان، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.

(5) أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الصلاة، باب صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود حديث [855] 1 /533، والترمذي في سننه كتاب الصلاة، باب: ما جاء فيمن لا يقيم صلبه في الركوع والسجود، حديث [265] 2/51، وقال: حديث حسن صحيح.

(6) فتح القدير 1/307 والعناية معه.

بعض ألفاظه قوله: "وما انتقصت من هذا شيئاً فقد انتقصت من صلاتك" (1) ، فقد سماها صلاة والباطل لا يسمى صلاة، أو وصفها بالنقص والباطلة إنَّما توصف بالانعدام (2) .

أقول: ليس هذا نسخاً للقرآن وإنَّما هو بيان له فالنبي صلى الله عليه وسلم بين المجمل في الآية بقوله وفعله.

والراجح في نظري - والله أعلم - أنه لابد من الطمأنينة؛ لأنه إذا لم يطمئن مع الإمام فهو شاك وحينئذ لابد أن يأتي بركعة ليبني على اليقين.

ولأن الطمأنينة في جميع الأركان ركن من أركان الصلاة.

ثم هل يشترط أن يدرك مع الإمام الطمأنينة أو يكفي أن يطمئن هو قبل ارتفاع الإمام عن الحد المجزيء في الركوع؟ .

صرح بحكم هذه المسألة فقهاء الحنفية والمالكية والحنابلة، وقد اختلفوا فيها على قولين:

أحدهما: أنه لا يشترط، وهو الأصح عند الحنفية (3) وقول المالكية (4) وأحد الوجهين عند الحنابلة قال في الإنصاف: (( هذا المذهب مطلقاً، وعليه جماهير

(1) أخرجه أبو داود في السنن، كتاب الصلاة، باب صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود، حديث (856) 1/536، والترمذي في السنن، كتاب الصلاة، باب: ما جاء في وصف الصلاة، حديث (302) وقال: حديث حسن، وابن خزيمة في صحيحه 1/274 حديث (545) ، والبيهقي في السنن الكبرى 2/380 قال الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود: صحيح. 1/161، 163.

(2) انظر: فتح القدير والعناية معه 1/307.

(3) انظر: الفتاوى الهندية 1/120.

(4) انظر: الفواكه الدواني 1/240.

الأصحاب وجزم به في الوجيز وقدمه في الفروع والفائق )) (1) ، لكن لابد أن يدرك الإمام قبل أن يزول عن حد الإجزاء من الركوع.

والثاني: أنه يدركها إن أدرك معه الطمأنينة، وهو الوجه الثاني عند الحنابلة (2) .

الشرط الثاني: أن يكون ذلك الركوع محسوباً للإمام:

صرح بهذا الشرط فقهاء الشافعية فقالوا: بأن ما ذكروه من إدراك الركعة بإدراك الركوع مع الإمام هو فيما إذا كان الركوع محسوباً للإمام فإن لم يكن محسوباً له بأن كان محدثاً أو قد سها وقام إلى الخامسة فأدركه المسبوق في ركوعها، أو نسي تسبيح الركوع واعتدل قائماً ثم عاد إليه ظاناً جوازه فأدركه فيه لم يكن مدركاً للركعة على المذهب الصحيح الذي قطع به الجمهور من الشافعية (3) .

واشتراط هذا الشرط هو المفهوم من كلام الحنفية والمالكية والحنابلة:

فعند الحنفية جاء في البحر الرائق قوله: وفي حيرة الفقهاء إمام افتتح الصلاة فلما ركع ورفع رأسه من الركوع ظن أنه لم يقرأ السورة فرجع وقرأ ثم علم أنه كان قرأ السورة فجاء رجل ودخل معه في الصلاة ثم ركع ثانياً فإن هذا المسبوق يصير داخلاً في الصلاة لكن عليه أن يقضي ركعة لأن الركوع الأول كان فرضاً تاماً والآخر نفلاً فصار كأن المسبوق لم يدرك الركوع من هذه الركعة (4) .

وعند المالكية: لا تجزي الركعة الزائدة التي قام إليها الإمام المسبوق العالم

(1) انظر: 2/223.

(2) انظر: المغني 2/182، والإنصاف 2/223.

(3) الأم 1/310، والمجموع 4/216.

(4) البحر الرائق 2/82.

بكونها خامسة وإن لم يعلم بكونها خامسة لم تجزه تلك الركعة عما سبق به سواء أجمع المأمومون على نفي الموجب أم لا، وقيل: إنها تجزيه إلاَّ أن يجمع المأمومون على نفي الموجب، وأمَّا إذا أجمعوا على نفي الموجب فلا تجزيه اتفاقاً، ومحل الخلاف إن قال الإمام قمت لموجب، أمَّا إذا لم يقل قمتُ لموجب فلا تجزيه تلك الركعة اتفاقاً (1) .

فالمالكية إذاً لا يجيزون للمسبوق الاعتداد بالركعة الزائدة إذا كانت زائدة في حقيقة الأمر.

ومثل الركعة الزائدة الركوع الزائد (2) .

وعند الحنابلة: جاء في الفروع قوله: (( وكذا تسبيح ركوع وسجود وكل واجب، فيرجع إلى تسبيح ركوع قبل اعتداله وفيه بعده ولم يقرأ وجهان وقيل: لا يرجع وتبطل بعمده، وإن جاز أدرك مسبوق الركعة به وقيل: لا؛ لأنه نفل وكرجوعه إلى ركوع سهو )) (3) .

فقوله: وكرجوعه إلى ركوع سهو - أي أن المسبوق لايعتد بالركوع غير المعتد به لكونه سهواً.

وذكر في الإنصاف: أنه على القول بجواز الرجوع إلى تسبيح الركوع لو رجع فأدركه مسبوق، وهو راكع فقد أدرك الركعة بذلك على الصحيح من المذهب جزم به المجد في شرحه والحاوي الكبير وقدمه في الفروع، وقيل لا يدركها بذلك؛ لأنه نفل كرجوعه إلى الركوع سهواً (4) .

(1) حاشية الدسوقي 1/305 وما بعدها.

(2) ينظر: الذخيرة للقرافي 2/307.

(3) الفروع 1/513.

(4) الإنصاف 2/146.

فاعتداده بالركوع على القول بأنه محسوب للإمام؛ إذ هو مفرع على القول بجواز الرجوع ويفهم منه أنه إذا لم يجز له الرجوع فرجع لم يعتد به المسبوق لكونه غير محسوب للإمام، ويؤيد هذا قياسهم على ما لو رجع إلى ركوع سهواً فإن المسبوق لا يعتد به لكونه غير محسوب للإمام.

ومِمَّا يؤيد هذا أيضاً: إذا قام إلى ركعة زائدة سهواً فأدركه المسبوق فيها انعقدت صلاته معه على الصحيح من المذهب إن كان المسبوق يظنها رابعة.

وعلى هذا فلا يعتد بهذه الركعة على الصحيح من المذهب نص عليه الإمام أحمد - رَحِمَهُ اللهُ - وقال القاضي وابن قدامة يعتد بها، وتوقف الإمام أحمد في رواية أبي الحارث (1) عنه، ونقل في الإنصاف عن الحاوي الكبير وغيره: أنه يحتمل أن يعتد بها المسبوق إن صح إقتداء المفترض بالمتنفل واختاره القاضي (2) أيضاً، وقدمه ابن تميم (3) ، فالقول المعتمد في المذهب هو عدم الاعتداد بهذه الركعة.

وعند الحنابلة قول آخر: أن صلاة المسبوق لا تنعقد إذا دخل في ركعة زائدة قام إليها المسبوق سهواً (4) .

وفي الفروع قال: (( وإن قلنا يرجع - يعني من قام إلى زائدة سهواً ونبه - فأبى بطلت صلاته وصلاة من تبعه عالماً، لا جاهلاً وساهياً على الأصح في

(1) هو: أحمد بن محمد الصائغ أبو الحارث كان الإمام أحمد - رَحِمَهُ اللهُ - يكرمه ويجله ويقدمه وروى عن الإمام أحمد مسائل كثيرة جداً، الإنصاف 12/280.

(2) هو: محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن أحمد بن الفراء أبو يعلى المعروف بالقاضي الكبير، فقيه حنبلي وأصولي ومحدث، ولد سنة 380 ?، وتوفي سنة 458 ?. انظر: طبقات الحنابلة 2/193، والبداية والنهاية 12/94 وما بعدها.

(3) الإنصاف 2/146.

(4) المرجع السابق 2/127 وما بعدها.

الكل ولا يعتد بها مسبوق نص عليه خلافاً للقاضي والشيخ )) (1) .

وفي كشاف القناع قوله: (( فيرجع إلى تسبيح ركوع قبل الاعتدال لا بعده ذكره القاضي ... وحيث جاز رجوعه فعاد إلى الركوع أدرك المسبوق الركعة به )) (2) .

وفي موضع آخر قال: (( وإن زاد ركعة أي قام إلى ركعة زائدة كثالثة في صبح أو رابعة في مغرب أو خامسة في ظهر أو عصر أو عشاء قطع تلك الركعة بأن يجلس في الحال متى ذكر ... إلى أن قال: ولا يعتد أي لايحتسب بها أي بالركعة الزائدة من صلاته مسبوق دخل مع الإمام فيها أو قبلها؟ لأنها زيادة لايعتد بها الإمام ... وإنَّما تنعقد صلاة من دخل فيها إذا كان يجهل كونها زائدة على الصحيح من المذهب )) (3) .

ثم متى علم في أثناء الصلاة أنها زائدة لم يعتد بها لما تقدم، وإن علم أنها زائدة بعد السلام وكان الفصل قريباً ولم يأت بمناف تمم صلاته وسجد للسهو وإلاَّ استأنف الصلاة من أولها، وإن علم بعد السلام فكترك ركعة (4) .

وفي شرح المنتهى قوله: (( ومتى رجع إلى الركوع حيث جاز وهو إمام فأدركه فيه مسبوق أدرك الركعة بخلاف ما لو ركع ثانياً ناسياً (5 ) ) ) ، فهذا كله يدل على أنه يشترط لاعتتاد المسبوق بالركوع أن يكون محسوباً للإمام، وذلك

(1) 1/508، والقاضي المراد به أبو يعلى، والشيخ هو ابن قدامة صاحب المغني، وينظر في هذا أيضاً: الإنصاف مطبوع مع المقنع والشرح 4/16.

(2) 1/405.

(3) 1/395.

(4) المرجع السابق 1/396.

(5) شرح منتهى الإرادات 2/229.

بأن لا يكون ركوعاً زائداً.

الشرط الثالث: أن يكون الإمام أهلاً للتحمل فلو كان صبياً لم يكن المسبوق مدركاً للركعة؛ لأن الصبي ليس أهلاً للتحمل؛ لأن التحمل لا يصح إلاَّ ممن هو من أهل الكمال (1) . وهذا الشرط اشترطه فقهاء الشافعية وهو مبني على مذهبهم القاضي بصحة إمامة الصبي (2) .

واستدلوا على صحة إمامة الصبي بما يلي:

الدليل الأول: عن عمرو بن سلمة قال: كنا بما مَمَرِّ الناس وكان يَمُرُّ بنا الركبان فنسألهم ما للناس ما للناس ما هذا الرجل فيقولون يزعم أن الله أرسله أوحى إليه أو أوحى الله بكذا فكنت أحفظ ذلك الكلام وكأنما يُغرى في صدري وكانت العرب تلوَّم بإسلامهم الفتح فيقولون: اتركوه وقومه فإنه إن ظهر عليهم فهو نبي صادق فلما كانت وقعة أهل الفتح بادر كل قوم بإسلامهم، وبدر أبي قومي بإسلامهم فلما قدم قال: جئتكم والله من عند النبي صلى الله عليه وسلم حقاً فقال: صلوا صلاة كذا في حين كذا وصلوا كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآناً فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآناً مني لما كنت أتلقى من الركبان فقدموني بين أيديهم وأنا ابن ست أو سبع سنين وكانت عليّ بردة كنت إذا سجدت تقلصت عني فقالت امرأة من الحي ألا تُغطوا عنّا است قارئكم فاشتروا فقطعوا لي قميصاً فما فرحت بشيء فرحي بذلك القميص "(3) ."

(1) ينظر: المنثور في القواعد للزركشي 2/298 وقال نص عليه الروياني. فتح المعين بهامش حاشية إعانة الطالبين 2/16.

(2) روضة الطالبين 1/353.

(3) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب 53 ج 5/95.

ووجه الاستدلال: أن هؤلاء الصحابة قدموا عمرو بن سلمة وكان عمره ست سنين أو سبع سنين، فدل على جواز إمامة الصبي المميز إذ لو كان غير جائز لنَزل الوحي بإنكار ذلك (1) .

ونوقش: بأن أحمد - رَحِمَهُ اللهُ - كان يضعف أمر عمرو بن سلمة وقال مرة: دعه ليس بشيء بين (2) .

وقال أبو داود: قيل لأحمد: حديث عمرو بن سلمة، قال: لا أدري أي شيء هذا (3) .

قال في المغني: (( ولعله إنَّما توقف عنه؛ لأنه لم يتحقق بلوغ الأمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإنه كان بالبادية في حي من العرب بعيد من المدينة، وقوى هذا الاحتمال قوله في الحديث: وكنت إذا سجدت خرجت استي، وهذا غير سائغ )) (4) .

الدليل الثاني: عن أبي مسعود الأنصاري - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواءً، فأقدمهم سلماً، ولا يَؤُمَّنَّ الرجلُ الرجلَ في سلطانه، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلاَّ بإذنه" (5) .

(1) أحكام الإمامة والائتمام في الصلاة لعبد المحسن المنيفي ص 104.

(2) المغني 3/70.

(3) المرجع السابق.

(4) المغني 3/70، وما ذكره من الخبر أخرجه أبو داود في سننه حديث [586] كتاب الصلاة، باب من أحق بالإمامة 1/394.

(5) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة حديث [673] 1/465.

ووجه الاستدلال منه: أن الصبي داخل في عموم الحديث (1) .

وقد خالف في صحة إمامة الصبي الحنفية (2) ، والمالكية (3) ، والحنابلة (4) ، فلم يجيزوا إمامة الصبي أصلاً في القول المعتمد؛ ولهذا لا ترد هذه المسألة على قولهم.

واستدلوا على عدم صحة إمامته بما يلي:

الدليل الأول: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يبلغ وعن النائم حتى يستقيظ وعن المجنون حتى يفيق" (5) .

ووجه الاستدلال من الحديث: أن الصبي مرفوع عنه القلم فهو كالمجنون

(1) انظر: المغني 3/70.

(2) البحر الرائق 1/380 وما بعدها، وحاشية ابن عابدين 2/321، والمنع عندهم عام في الفرض والنفل.

(3) التفريع 1/223 وذكر أن المنع في الفريضة، والذخيرة 2/242.

(4) الإنصاف 2/266 وهذا هو إحدى الروايتين في الفرض وهي الصحيح من المذهب وفيه رواية أخرى أنه يصح، وفي النفل الصحيح من المذهب أنه يصح.

(5) أخرجه أبو داود في كتاب الحدود، باب في المجنون يسرق أو يصيب حداً، حديث [4398] 4/558 من حديث عائشة - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - وبرقم [4399] من حديث ابن عباس - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - وبرقم [4401] من حديث علي - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

والترمذي في كتاب الحدود، باب ما جاء فيمن لا يجب عليه الحد، حديث [1423] 4/32 من حديث علي - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - وقال: حديث علي حديث حسن غريب من هذا الوجه، وقال: ولا نعرف للحسن - يعني البصري - سماعاً من علي بن أبي طالب.

وأخرجه النسائي في كتاب الطلاق، باب: من لا يقع طلاقه 6/156، وابن ماجه في كتاب الطلاق، باب: طلاق المعتوه والصغير والنائم 1/658، والإمام أحمد 6/100، 101، والدارمي 2/171، حديث (2301) والدارقطني 3/13، وصححه الألباني كما في إرواء الغليل 2/4 - 7.

لا تصح الصلاة خلفه (1) .

ونوقش: بأن المراد رفع التكليف والإيجاب لا نفي الصحة (2) بدليل حديث ابن عباس- رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم (3) ، وحديث أنس أنه صلى هو واليتيم خلف النبي صلى الله عليه وسلم (4) .

الدليل الثاني: روى عن ابن عباس وابن مسعود - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - من قولهما أنه لا تصح إمامة الصبي حتى يحتلم (5) .

ونوقش: بأنه معارض بقول عائشة - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - أن إمامة الصبي صحيحة (6) .

الدليل الثالث: أن الإمامة حالة كمال، والصبي ليس من أهل الكمال فلا يؤم الرجال كالمرأة (7) .

(1) انظر: أحكام الإمامة والائتمام ص 105.

(2) المجموع للنووي 4/250.

(3) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأذان، باب يقوم عن يمين الإمام بحذائه سواءً إذا كانا اثنين، وباب إذا قام الرجل عن يسار الإمام فحوله الإمام إلى يمينه لم تفسد صلاتهما 1/171، وباب وضوء الصبيان 1/208، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه حديث [763] 1/525.

(4) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأذان، باب وضوء الصبيان ومتى يجب عليهم الغسل والطهور 1/209، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز الجماعة في النافلة ... حديث [658] 1/457.

(5) رواهما الأثرم، قال الشيخ الألباني في الإرواء 2/313، لم أقف على إسنادهما.. ولا وجدت من تكلم عليهما إلاَّ أن أثر ابن عباس رواه عبد الرزاق مرفوعاً بإسناد ضعيف.

(6) المجموع 4/250.

(7) المغني 3/70 وكشاف القناع 1/480.

ونوقش: بأن الصبي المميز أمّ في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث عمرو ابن سلمة بخلاف المرأة فقد دلت السنة على منعها من إمامة الرجال (1) .

الدليل الرابع: أنه لا يؤمن من الإخلال بشرط من شرائط الصلاة أو القراءة حال الإسرار (2) .

ويُمكن أن يناقش: بأنه إنَّما يؤم إذا كان أقرؤهم، وإخلاله بشرط من شروط الصلاة لا يعلمون به لا يمنع من صحة صلاتهم، كما هو الحال بالنسبة للبالغ.

والراجح في نظري - والله أعلم - أن إمامة الصبي صحيحة لحديث عمرو بن سلمة، وهو وإن كان في النفل لكن ما صح في النفل صح في الفرض، وهو حديث صحيح خرجه البخاري وهو نص في الموضوع وعموم حديث "يؤمكم أقرؤكم لكتاب الله" ، ولعدم سلامة ما احتج به أصحاب القول الآخر من المناقشة، وبناءً على هذا فالراجح في نظري أن من أدركه في الركوع يكون مدركاً للركعة، والله أعلم.

الشرط الرابع: أن يتيقن إدراك الإمام في الركوع.

لا يخلوا من أدرك الإمام في الركوع من إحدى ثلاث حالات:

الحالة الأولى: أن يجزم بإدراكه في الركوع، فهذا يكون مدركاً للركعة عند جمهور الفقهاء وقد مرّ الاستدلال لذلك وبيان الخلاف في مدرك الركوع هل يكون مدركاً للركعة أو لا (3) ؟

(1) انظر أدلة منع المرأة من إمامة الرجال في المغني 3/33.

(2) المغني 3/70.

(3) انظر: ص 310 من هذا البحث.

الحالة الثانية: أن يجزم بعدم الإدراك، فهذا لايكون مدركاً للركعة بغير خلاف (1) .

الحالة الثالثة: أن يشك (2) في إدراك الإمام في الركوع، فهذا اختلف

(1) انظر: البحر الرائق 2/83، والذخيرة للقرافي 2/274، والمجموع 4/216، والمغني 2/182.

(2) اختلف الفقهاء - رَحِمَهُ اللهُ- في تفسير الشك، فعند الحنفية والمالكية يشمل استواء تردده وظن الإدراك أو عدمه. ينظر: الأشباه والنظائر لابن نجيم 1/76، وحاشية الدسوقي 1/347.

أمَّا عند الشافعية فمعناه: التردد في الطمأنينة لكن ألحقوا به ظن الإدراك وغلبة الظن أيضاً؛ لأن ذلك مجامع للشك بالفعل ورجحه الشيخ الشربيني في مغني المحتاج، ونظر فيه الزركشي؛ لأن الظن والشك حقيقتان متباينتان إذا وجدت إحداهما انتفت الأخرى إذ الظن لا يتحقق إلاَّ مع الرجحان، والشك لا يتحقق إلاَّ مع التساوي وهما ضدان. ينظر: نهاية المحتاج 2/243، وحاشية الرشيدي عليه، ومغني المحتاج 2/261.

ولم أجد للحنابلة نصاً في المسألة لكن الذي يظهر لي من كلامهم أنهم يوافقون الشافعية في أن الشك معناه استواء الطرفين، والظن وغلبة الظن يلحقان بالشك؛ لأنهم شرطوا لمن شك في عدد ركعاته أن يبني على اليقين، ومثله من شك في إدراك الإمام راكعاً لا يخرجه من ذلك إلاَّ اليقين.

وهناك رواية أخرى عن الإمام أحمد - رَحِمَهُ اللهُ - في مسائل الشك أنه يبني على غالب ظنه واختارها الشيخ / تقي الدين ابن تيمية - رَحِمَهُ اللهُ - وقال: على هذا عامة أمور الشرع. ا ?، وهو ظاهر كلام الخرقي وذكر في حاشية الروض أن هذه الرواية هي المشهورة عن الإمام أحمد، وروى عن عليّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - وغيره لما في الصحيحين عن ابن مسعود - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا شكّ أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه ثم يسجد سجدتين» ، وللبخاري: «بعد التسليم» ، وفي لفظ: «فليتحر أقرب ذلك إلى الصواب» رواه البخاري في صحيحه، كتاب الصلاة، باب التوجه نحو القبلة حيث كان 1/105، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة حديث [572] 1/400. ونقل في حاشية الروض عن أبي الفَرَج أن التحري سائغ في الأقوال والأفعال، ثم قال صاحب الحاشية: ويحمل ما تقدم على استواء الأمرين فإنه لا خلاف إذا في البناء على اليقين.

والراجح في نظري - والله أعلم - أنّ المراد بالشك هنا استواء الطرفين، أمَّا إذا ترجح أحدهما فيعمل بما ترجح لديه لدلالة الحديث السابق.

ينظر: مختصر الخرقي مع المغني 2/406، وشرح الزركشي 2/16، ومجموع الفتاوى 23/15، والإنصاف 2/146، وكشاف القناع 1/406، وما بعدها، وشرح منتهى الإرادات 2/230 وما بعدها، وحاشية الروض المربع 2/167.

الفقهاء رحمهم الله في إدراكه للركعة على قولين:

القول الأول: أن من أدرك الإمام راكعاً وركع ثم شك هل أدركه راكعاً أو لا؟ فلا يعتد بتلك الركعة وهذا قول المالكية (1) والأظهر عند الشافعية (2) والحنابلة (3) .

وحجتهم ما يأتي:

أولاً: القياس على من شك في عدد الركعات فإنه يبني على اليقين وهو الأقل.

ثانياً: احتمال أن يكون الإمام رفع من الركوع قبل إدراكه فيه (4) .

ثالثاً: ولأن الأصل عدم الإدراك.

رابعاً: ولأن الحكم بالاعتداد بالركعة بإدراك الركوع رخصة فلا يصار

(1) ينظر: الذخيرة 2/274، والخرشي 2/190، وحاشية الدسوقي 1/347.

(2) ينظر: المجموع 4/129، ونهاية المحتاج 2/243.

(3) ينظر: الإنصاف 2/224، 150، وهذا هو الصحيح من المذهب، وانظر: كشاف القناع 1/460.

(4) ينظر: الذخيرة 2/274، والخرشي 1/190.

إليه إلاَّ بيقين (1) .

القول الثاني: أن من شك في إدراك الركوع مع الإمام يعتد بتلك الركعة، وهو وجه عند الشافعية (2) وقول عند الحنابلة ومنهم من يذكره وجهاً (3) .

ووجهه: أن الأصل عدم ارتفاع الإمام (4) .

ويُمكن مناقشته: بأن الأصل هو شغل الذمة بالواجب ولا يزول ذلك إلاَّ بيقين، ومن شكّ هل أدرك الإمام في الركوع أو لا لم يؤدي الواجب بيقين.

والراجح في نظري هو القول الأول وذلك لما يأتي:

1 - أن في الأخذ به احتياطاً للعبادة واستبراء للدين؛ لأنه إذا ألغاها وصلى مكانها ركعة فصلاته صحيحة جزماً بخلاف ما لو اعتد بها.

2 - أن هذه الزيادة لا تؤثر على صلاته بدليل أنّ من دخل مع الإمام في السجود أو في التشهد قد زاد ركناً عمداً ومع ذلك تصح صلاته لكونه ركناً غير محسوب له، والله أعلم.

(1) ينظر: فتح العزيز شرح الوجيز 2/203، والمجموع 4/215.

(2) المجموع 4/215 وما بعدها ونهاية المحتاج 2/243.

(3) الفروع 1/586، والإنصاف 2/150.

(4) فتح العزيز شرح الوجيز 2/203.

 

LihatTutupKomentar