Hukum Belajar Ilmu Sihir
Berbeda dengan pandangan Salafi Wahabi bahwa mempelajari ilmu sihir itu berakibat syirik / musyrik, menurut ulama Ahlussunnah wal Jamaah hukum belajar sihir itu masih terjadi khilafiyah (perbedaan ulama) antara haram dan mubah (boleh). Bolehnya belajar ilmu sihir dengan syarat tidak digunakan untuk mencelakakan manusia.
Berbeda dengan pandangan Salafi Wahabi bahwa mempelajari ilmu sihir itu berakibat syirik / musyrik, menurut ulama Ahlussunnah wal Jamaah hukum belajar sihir itu masih terjadi khilafiyah (perbedaan ulama) antara haram dan mubah (boleh). Bolehnya belajar ilmu sihir dengan syarat tidak digunakan untuk mencelakakan manusia.
تعلم السحر
السؤال:
هل من الحديث ما يقال:” تَعلّموا السّحر ولا تعملوا به” وهل يتفق هذا مع قوله تعالى: (ويَتعلَّمون ما يَضرُّهم ولا يَنْفَعُهُمْ ) (سورة البقرة : 102) ؟
الجواب:
لَم أعثر على حديث بهذا اللفظ، وليكن معلومًا أن العلم بالسّحر غير العمل به، وقد جاء في حديث الصحيحين أن السّحر من السبع الموبِقات، أي من الكَبائر فهل المقصود هو العمل به أو العلم به ؟
رأى جماعة أن المحرّم هو العمل به مطلقًا في الضُّرِّ والنَّفْعِ سَدًّا للذَّريعةِ، ورأى الآخرون جواز العمل به في النفع،
قال القرطبي في تفسيره : واختلفوا، هل يُسأل الساحِر حل السِّحر عن المسحور؟ فأجازه سعيد بن المسيّب على ما ذكره البخاري، وإليه مال المزني، وكرهه الحسن البصري.
وقال الشعبي: لا بأس بالنُّشرة، قال ابن بطال: وفي كتاب وهب بن منبه أن يأخذ سبع ورقاتٍ من سِدر أخضرَ فيدُقَّه بين حجرين ثم يضربه بالماء ويقرأ عليه آية الكرسي، ثم يَحسو منه ثلاث حسواتٍ ويغتسل به فإنه يذهب عنه كل ما به إن شاء الله تعالى، وهو جيّد للرجل إذا حُبس عن أهله، هكذا جاء في تفسير القرطبي ونقله عنه ابن حجر الهيتمي في كتابه ” الزواجر ” ولم يعترِض عليه.
ومهما يكن من شيء فإن أية وسيلة تنتج خيرًا ولا تنتج شرًّا وليس هناك نصٌّ قاطع يمنعها ولا تصادم أصلاً مقرّرًا تكون مشروعة والنّهي عن السّحر شديد؛ لأنّهم كانُوا يعتقدون أنه مؤثّر بنفسه بعيدًا عن إرادة الله تعالى، وذلك هو الكفر الذي من أجله حرمه الإسلام وجاء فيه قوله تعالى: (وما هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاّ بإذْنِ اللهِ )(سورة البقرة : 102). هذا هو حكم العمل به.
أما تعلُّم السحر فرأى جماعة منعه مطلقًا وروى فيه ابن مردويه حديثًا بسند فيه ضعف وابن حبان في صحيحه أن النبيّ ـ صلّى الله عليه وسلم ـ كتب إلى أهل اليمن كتابًا فيه الفرائض والسنن والديات والزكاة، وكان فيه بيان لأكبر الكبائر، ومنها تعلّم السحر، وذلك لأن تعلُّمه سيجرُّه إلى العمل به وسيُغريه بإيقاع الضّرر بالناس.
رابط
***
رقي المبتلى بالسحر بالقرآن
السؤال:
تعاني أمي من السحر منذ عام، ومنذ أسبوعين تقريبًا استعنَّا بعد الله بأحد الرقاة، ولكن داهمني بعض التعجب فيما يقول وهو كالآتي: يبدأ بقراءة سورة الفاتحة سبع مرات، ثم يقرأ المعوذات، بعدها يقرأ آية الكرسي عدة مرات، ومن ثَمّ يقول هذا الدعاء: “استعينوا بالله يا خَدَمة هذه الآيات الشريفة، واسحبوا كل جن وجانة ومارد وماردة وكل سحر وطلاسم من هذه الجثة، سواء كان في الرأس أو في العظام أو في البطن… ويذكر كل أعضاء الجسم”
وحينما سألته عن خَدَمة الآيات الشريفة كما يقول، قال لي: إن كل آية لها خادم يحرسها بأمر الله، لكنا نخاف أن يكون في هذا شيء من الشرك أو الكفر، فهل يجوز هذا الدعاء؟
وهل صحيح ما قاله عن خدمة الآيات؟
أرجو مساعدتي جزاكم الله خيرًا.
الجواب:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: الجواب: لم يثبت بدليل صحيح أن للآيات الكريمة خدمًا أو ما إلى ذلك من الدعاوى، وإنما لله سبحانه وتعالى ملائكة، يُسخِّرهم بأمره لخدمة الإنسان وحفظه وصيانته، كما قال تعالى في سورة الرعد: “له مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِه يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ”؛ ولذلك إذا كان هذا الرجل يقصد بالخدم هؤلاء الملائكة، فلا يكون هناك خلل في العقيدة، بل خطأ في الأسلوب والاستعمال ينبغي له أن يصححه؛ لأن القرآن الكريم له آثار وفضائل، وهو شفاء للناس من أدواء القلوب والأجسام، ولا يرتبط ذلك بخدم أو غير ذلك، وإنما يرتبط بدعاء الله سبحانه وتعالى؛ ولذلك نقول للأخ السائل: إن قراءة القرآن على مثل هذه الحالات جائزة، ويُرجى نفعها وبركتها إن شاء الله، لكن ينبغي على الرجل أن يعدِّل دعاءه، فينسب التأثير لله رب العالمين، ولا ينسبه لخدم أو غيرهم من الأشياء التي لم تثبت بدليل قطعي عن النبي صلى الله عليه وسلم.
***
حكم تحضير الأرواح
السؤال:
هل تحْضير الأرواح صحيح ؟
الجواب:
تُقرِّر الأديان كلُّها أن الإنسان مادةٌ وروح. قال تعالى ( إذ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِين. فإذا سَوَّيتُه وَنَفَخَتُ فيه مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَه سَاجِدين ) ( ص: 71-72 )، وأنه أحد العوالم الثلاثة التي كلَّفها الله بعبادته، وهي: الملائكة والإنس والجن، وكلُّها مادة وروح وإن كانت مادة الملائكة هي النور، ومادة الإنس هي الطين، ومادة الجن هي النار.
والروح سرُّها عجيب لا يدرِك الإنسان منه إلا قليلاً، على الرغم من إدراكه الكثير من سر المادة، قال تعالى ( وَيَسْأَلُونَك عَن الرُّوحِ قُلْ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ومَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إلا قَليلًا ) ( الإسراء: 85 ) واهتمَّ علماء المسلمين بدارستها وبيان أثرها في الحياة وفي الفكر وفي السلوك وفي مصيرها بعد خروجها من البدن بالموت. ومن الكتب المؤلَّفة في ذلك كتاب الروح لابن القيم.
وعلى الرغم من الاتجاه المادي للعالم الغربي نشطت أخيرًا الدراسات الروحية، في كليات أو معاهد خاصة، وتكوَّنت جمعيات تمارس أنشطة متصلة بالروح، كبعض الأنشطة التي مارسها بعض المسلمين وغيرهم، باسم السِّحر وتَحْضِير الأرواح، وما إلى ذلك، ونريد هنا أن نبين موقف الإسلام من تحضير الأرواح.
إن الأرواح هي لثلاثة أصناف من العوالم، الملائكة، والإنس ومعهم الحيوانات والطيور وكلُّ ما يدب على الأرض، والجن.
فما هي صلة الإنسان بهذه الأرواح؟
1 ـ الملائكة عالمٌ شفاف مخلوق من نور، يعطيهم الله القدرة على التشكل بالأشكال المختلفة، ولئن كان الله سخَّرهم لصالح البشر في مهمات وَكَلَها إليهم كتبليغ الوحي وتسْجيل ما يقع من الناس من أقوال وأفعال، ومعونة المؤمنين في الحرب وغيرها، فإن كلَّ أنشطتهم بأمْر الله وتوجيهه، لا سلطان لأحد غيره عليهم، ولا يستطيع إنسان أن يتسلَّط عليهم، ولا أن يستعين بهم مباشرة، إلا بأمر الله سبحانه، ولمَّا فَتَرَ الوحي عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يشتاق لنزول جبريل عليه، فلم ينْزِل إلا عندما أذِنَ الله له. فقد روى البخاري أنه عليه الصلاة والسلام قال لجبريل: ” ما يمنعُكَ أن تزورنا أكثر مما تزورنا “؟ فنزلت ( ومَا نَتَنَزَّلُ إلا بِأَمْرِ رَبِّكَ ) ( مريم: 64 ) ومن هنا لا يمكن لبشر أن يُحضر ملَكا أو يحضِّر روحه.
2 ـ الإنسان عندما تُفارق روحه جسده لا يعرف بالضبط مكانها إلا الله سبحانه، وإن جاءت الأخبار بأن لها صلة بالميت بقدر ما يسمع ويجيب على سؤال المَلَكَيْن، ويحسُّ بالنعيم والعذاب ويردُّ السلام على من سلَّم عليه، أو بقدر أكبر من ذلك، كما قيل عن الأنبياء في قبورهم، وكما قيل عن الشهداء في قوله تعالى ( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُون ) ( آل عمران: 169 ) فقد روى مسلم وغيره أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ سُئِلَ عن ذلك فقال: “أرواحهم في جوفِ طيْرٍ خُضْرٍ لها قناديل معلَّقة بالعرش، تسرح من الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل، فاطلع عليهم رَبهم اطلاعة، فقال: هل تشتهون شيئا؟ قالوا: أي شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا؟ فعل ذلك بهم ثلاث مرات، فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا قالوا: يا رب نريد أن تَرُدَّ أرواحنا في أجسادنا حتى نُقْتَل في سبيلك مرة أخرى. فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا “.
وستظل الأرواح محبوسة عند الله لا تردُّ إلى الأجساد إلا عند البعث من القبور للحساب. قال تعالى: ( حَتى إذا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُون. لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فيمَا تَرْكَتُ، كَلّا إنَّها كَلِمَةٌ هو قَائِلُهَا ومِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إلَى يَوْمِ يُبْعَثُون ) ( سورة المؤمنون: 99-100 ).
ولا يمكن لبشر أن يتسلَّط على روح الميت ويحضِّرها ويتحدَّث إليها لتخْبِرَه بما هي فيه من نعيم أو عذاب، أو بأحداثٍ في الكون غائبة عنه، وقد يحدث الاتصال بها ـ دون تسلُّط عليها ـ في الرؤى والأحلام، ويقول المهتمون بتعبير الرؤيا: إن أحوال الميت وما يقوله ويخبر به حق؛ لأنه انتقل من دار الباطل إلى دار الحق. وقد سبق بيان قول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيما رواه البخاري ومسلم ” مَنْ رآني في المنام فسيراني في اليقظة ـ أو كأنما رآني في اليقظة ـ لا يتمثل الشيطانُ بي ” لكن هذه الرؤى ليست باختيار الإنسان، وليس فيها تسلُّط على الأرواح.
3 ـ الجن عالمٌ شفاف خُلِقَ من نار، يعطيهم الله القدرة على التشكل بالأشكال المختلفة، وكما لا تُرى الملائكة في حالتها النورانية، إلا بإعجاز من الله تعالى، كما قيل في رؤية النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لجبريل في الغار وليلة المعراج، لا يرى الجن في حالتهم الشفافة، كما قال تعالى: ( إنَّه يَرَاكُمْ هوَ وَقَبِيلُه مِنْ حَيْثُ لا ترَوْنَهُمْ ) ( سورة الأعراف: 27 ) ولهم عالمهم الخاص من الأكل والشرب والتزاوج، وسائر الأنشطة التي تنظِّم حياتهم، ومنهم الصالحون وغير الصالحين، كما قال سبحانه: ( وأنَّا منَّا الصَّالِحُونَ ومِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا ) ( سورة الجن: 11 ). وقد التقى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ببعضهم واستمعوا القرآن وآمنوا، كما جاء في سورة الأحقاف (الآية: 29 وما بعدها).
وتسلُّط الإنس على الجن لم يكن لأحد إلا لسيدنا سليمان ـ عليه السلام ـ بأمر ربه، حيث سخَّر الله له الريح والشياطين، كما في قوله تعالى: ( قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأحَدٍ مِنْ بَعْدِي، إنَّكَ أَنْتَ الوَهَّاب. فَسَخَّرْنَا لَه الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِه رُخَاءً حَيْثُ أَصَاب. والشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاص. وآخَرين مُقَرَّنين في الأصْفَاد ) ( سورة ص: 35 ـ 38 )، وقد روى البخاري ومسلم أن عِفْريتًا من الجن تفلَّت عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يريد أن يقطع عليه صلاته، فأمسَك به وخَنَقَه، وأراد أن يربِطه في سارية من سواري المسجد، لكنه تذكَّر دعوةَ أخيه سليمان، فأطلقه. وجاء في رواية مسلم قوله: ” والله لولا دعوةُ أخي سُليمان لأصبح مُوثقًا يلعب به وِلْدانُ أهل المدينة ” وفي رواية النسائي بإسناد جيد أنه خنقه حتى وجد بَردَ لسانه على يده.
ومن هنا لا يمكن لبشر أن يتسلَّط على الجن بتحضيره وقهره على عمل معيَّن، لكن الجن يتسلطون على الإنس ويقهرونهم على سلوك معين، إلا من أعطاه الله القوة فنجَّاه منهم، قال تعالى على لسان إبليس: ( قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَّنَّهُمْ أَجْمَعِينَ. إلا عِبَادَكَ مِنْهُمْ المُخْلَصِين ) ( سورة ص: 82 – 83 ). كما أن المتمردين منهم يمكنهم بغير الوسوسة والإغواء أن يضروا الإنس بأي نوع من الضرر، حيث لا دليل يمنع من ذلك.
وقد صحَّ أن كل واحد من بني آدم له قرينٌ يلازمه من يوم ميلاده إلى أن يموت، روى مسلم أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: ” ما من مولودٍ يُولد إلا نخَسَه الشيطان فيستهل صارخًا من نخسة الشيطان، إلا ابن مريم وأمه ” ثم قال أبو هريرة راوي الحديث: اقرءوا إن شئتم ( وإنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم ) ( سورة آل عمران: 36 ).
ويتسلُّط هذا القرين على صاحبه يحاول إفساد حياته عليه، إلا العباد المخْلَصين، كما التزم وهو أمام الله بقضاء منه سبحانه ( إنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إلَّا مَنْ اتَّبَعَكَ مِن الْغَاوِين ) ( الحجر: 42 ). يقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيما رواه مسلم ” ما منكم من أحد إلا وقد وُكِّل به قرينه من الجن ” قالوا: وإياك يا رسول الله؟ قال: ” وإياي، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم، فلا يأمرني إلا بخير ” أي: فأَسْلَمَ القرين، أو فَأَسْلَمُ أنا من القرين؛ لأن الله أعانني عليه.
غير أن الإنسان إذا لم يستطع التسلُّط على الجن إلا بإذن الله، فليس ذلك بمانع أن يتصل به ويتعاون معه ليُحَقِّق له بعض الأغراض وهذا الاتصال يتم بعدة أساليب، ووقع ذلك لبعض الناس في القديم والحديث، وعُرف منهم الكُهَّان والعَرَّافون والسَّحرة. وكان من هذا الاتصال ما يسمى الآن بتحضير الأرواح. وهذا التحضير كما سبق ذكره لا يكون لأرواح الملائكة ولا الآدميين بعد موتهم، وإنما هو لهذه الأرواح المعروفة بالجن.
والقرين من الجن له قدرة على تقليد صاحبه في صوته وقد يتشكَّل بشكله، وهو على دراية واسعة بحاله الظاهرة، وقد يكون بحاله الباطنة أيضًا مما تدُل عليه الظواهر، وللقرناء صلة ببعضهم يعرفون عن طريقها الأخبار التي تحدث للناس، فيمكن لقرين سعد مثلاً أن يعرف أحوال سعيد عن طريق سؤال قرينه، ومن هنا يمكن لقرين سعد أن يخبر سعدًا بحال سعيد، إما بصوت يسمعه ولا يرى صاحبه، وهو ما يعرف باسم الهاتف، وإما بطريق آخر من طرق الإخبار، وقد يكون هذا القرين مساعدًا لصاحبه في بعض الأعمال فتسهل عليه، وقد يكون على العكس مشاكسًا فيضع العراقيل في طريقه فيحس بالضيق والألم وقد يحصل غير ذلك فإن عالم الجن عالم غريب يخفى علينا الكثير من أحواله. وكل هذه التصرُّفات في دائرة الإمكان.
فإذا قام إنسان ـ على مواصفات معينة وبطرق مختلفة ـ بتحضير روح إنسان فهو يحضِّر روح قرينه، الذي يستطيع أن يقلِّد صوته ويخبر عن كثير من أحواله، وعن أمور غائبة عرفها القرناء وتبادلوا أخبارها، فيحسب الإنسان أن الرُّوح التي تتكلَّم هي روح آدمي، وهي روح قرينه، التي لا تستطيع أبدًا أن تخبر عن المستقبل فمجالها هو الحاضر الذي يخفى على بعض الناس. ذلك أن الجن لا يعلمون الغيب أبدًا، قال تعالى: ( قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ الْغَيْبَ إلَّا اللهُ ) ( النمل: 65 ) وقال عن جِنِّ سُلَيْمان بعد موته ( فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُون الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِين ) ( سبأ: 14 )،
وقد يكذِب القرناء في أخبارهم، فيقول قرين الكافر مثلاً إنه في نعيم، وهو بنص القرآن في عذاب أليم، والروح الحقيقية لأي إنسان لا تكذب بعد الموت، فهو في دار الحق التي لا كذِب فيها، ولم يحدث أن ادَّعى من يزاولون تحضير الأرواح أنهم أحضروا روح نبي من الأنبياء؛ وذلك لأن الشياطين لا تتمثل بهم، ولا تستطيع تقليد أصواتهم، كما يحدث من القرناء مع بقية البشر.
فالخلاصة أن تحضير الأرواح هو تحضير لأرواح الجن وليس لأرواح الملائكة أو البشر، ولا يجوز الاعتمادُ على ما تخبر به هذه الأرواح، فقد تكون صادقة وقد تكون كاذبة فيما تقول. وتحضير أرواح الجن أمر ممكن غير مستحيل، لعدم ورود ما يمنعه، ولحدوثه واقعًا والذي لا يمكن ويُسَمى خرافة هو تحضير أرواح الملائكة وأرواح بني آدم.
ومن الواجب ألا يُسْتَغل إمكان تحضير الجن استغلالاً سَيئا، كما يفعل الدجالون والمُ شَعوذون، كما أن من الواجب ألا يخرج بنا الحماس في مقاومة الدجل والشعوذة إلى حد الإنكار لوجود الجن، فهم موجودون ومكلَّفون مثل البشر، وهم يستطيعون الإضرار بالناس بإذن الله، كما يضر الناس بعضهم بعضًا، وليس هذا الإضرار قاصرًا فقط على الوسوسة والإغواء، بل منه ما يكون في الماديات التي تتعلَّق بالإنسان في مأكله ومشربه وملبسه، بل وفي جسمه، فليس هناك دليل على منعه، والأمر بالتسمية لطرد الشيطان معروف.
والواجب أن نتحصَّن بقوة الإيمان والثقة بالله، والإقبال على طاعته والبُعْد عن معصيته ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً، وأن نَزِنَ أمورنا بميزان العقل الذي كرَّمنا الله به، وأن نُحَكِّمه فيما لم يرد فيه نص من كتاب أو سنة، وما استعصى علينا فهمه ينبغي ألا نبادر بإنكاره، بل علينا التريُّث والتدبُّر حتى تتضح الأمور وتظهر الأدلة القاطعة على صدقه أو كذبه.
***
السحر المحمود والمذموم
السؤال:
هل هناك سحر محمود وآخر مذموم؟
الجواب:
بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
السحر كله مذموم، ولا يوجد شيء منه محمود، يقول الله عز وجل: “وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر”، فبين الله عز وجل أن سبب كفرهم هو تعليم الناس السحر، ولو كان منه شيء محمود لاستثناه الله كما استثنى الشعراء، ويؤكد أن السحر كله مذموم حكمه جل وعلا على الساحر بقوله: “ولا يفلح الساحر حيث أتى”، ومن هذه الآية انتزع أهل العلم كفر الساحر؛ لأن الله عز وجل نفى عنه الفلاح مطلقا.
والله أعلم.
***
التعامل مع كتب الرقى والسحر
السؤال:
يوجد كتاب في سوق الجزائر عنوانه “كتاب الرحمة في الطب والحكمة” ويقال: إن هذا الكتاب ألَّفه الإمام السيوطيّ رحمه الله، وقد اطلعت على هذا الكتاب ووجدت أنه يحتوي على أدوية لكثير من الأمراض: مثل الرُّقَى وأشياء أخرى غريبة، مثل أمور الجنّ والسحر، فهل يجوز شراء هذا الكتاب والعمل به أم هو سحر مُحَرَّم ؟
الجواب:
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن في كتب الرقى الشرعية الخالصة من شوائب السحر والطلاسم كفاية وغنى عن مثل هذه الكتب ، ولكن لا مانع من الاستفادة مما في مثل هذا الكتاب من رقى مشروعة لا شك فيها ، ولكن ذلك مشروط بأن يأمن المطلع عليه على نفسه أن ينجر وراء ما فيه عن السحر وأشباهه ، ولو من باب التجربة وحب الاستطلاع .
يقول الأستاذ الدكتور نصر فريد واصل، مفتي مصر :
يجوز للإنسان أن يشتريَ هذا الكتاب ويأخذ منه ما فيه من صالح الأقوال ويَتَّبِعها، ويعمل بما جاء فيه صالحًا؛ ولكي يتعلم منه التداويَ بالقرآن لقوله تعالى: (ونُنَزِّلُ مِن القرآنِ ما هو شِفاءٌ ورحمةٌ للمؤمنين) (الإسراء: 82) وقال الله تعالى: (يا أيُّها الناسُ قد جاءتْكُمْ مَوْعِظةٌ مِنْ ربِّكُمْ وشِفاءٌ لِمَا في الصدور) (يونس: 57) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: “تَدَاوَوْا؛ فإن الله لم يَضَعْ داءً إلا وَضَعَ له دواءً، غيرَ داءٍ واحد هو الهَرَم” ، ولكن الأولى أخذ الرقى من الكتب التي تتناولها خالصة من شوائب الشرك ، ومن غرائب الأمور .
أما ما يحتويه الكتاب من أعمال غيرِ صالحة كالسحر مثلاً، فيجب عليه ألا يَتَّبِعها ويبتعد عنها؛ لأن السحر تعليمه وتَعَلُّمه حرام، وقد عُدَّ من السبع المُوبِقات للحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: “اجْتَنِبوا السبعَ المُوبِقات” قالوا: يا رسول الله وما هي؟ قال: “الشركُ بالله، والسحرُ وقتلُ النفس التي حرَّم الله قتلَها إلا بالحق، وأكلُ الربا، وأكلُ مال اليتيم، والتَّوَلِّي يومَ الزحف، وقَذْفُ المُحْصَنات المؤمنات الغافلات”.
وذهب جمهور العلماء إلى حُرْمة تَعَلُّم السحر وتعليمه، وقد حرَّم الإسلام على المسلم أن يلجأ إلى السحر والسحرة لعلاج مرض ابْتُليَ به أو حَلِّ مشكلة وقعت به ، وقال صلى الله عليه وسلم: “لا يدخل الجنةَ مدمنُ خمرٍ ولا مؤمنٌ بسحر ولا قاطعُ رَحِم” (رواه ابن حبان).
وبناء على هذا يجوز شراء هذا الكتاب، وأن يؤخذ ما فيه من صالح الأقوال الموافقة لكتاب الله وسنة رسوله، وأن يعمل بالصالح منها، وأن يبتعد ويترك القولَ الخبيث والأقوالَ الغير صالحة التي تُرْشِد إلى عمل مُحَرَّم ، بشرط أن يأمن على نفسه من هذه الأقوال الخبيثة غير الصالحة ، وإن استغنى عنه بغيره من الكتب التي تتناول الرقي وحدها دون السحر فهو خير وأضمن وأسلم .
أما إذا كان هذا الكتاب مَقْصورًا كله لأغراض السحر والجنّ ، أو كان أكثر ما فيه ، أو اشتمل على المفيد والضار، أو الطيب والخبيث، ولم يكثر الخبيث الذي فيه، ولكنه لا يأمن على نفسه من ضرر ما فيه مما يتعلق بالسحر ، فلا يجوز لأي إنسان مسلم شراؤه، وذلك لحُرْمة السحر وتَعَلُّمه وتعليمه ، ولوجوب اتقاء الشبهات ، عملا بقوله صلى الله عليه وسلم : ( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ) .
ومما ذُكِر يُعلم الجواب عما جاء بالسؤال إذا كان الحال كما ورد به.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
***
تلبس الجن
السؤال:
هل ممكن أن يتلبس الجن الإنسان ؟
الجواب:
بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
أختي الفاضلة.. نسأل الله تعالى أن يصلح لك زوجك وأن يصلحك لزوجك وأن يرزقكما الذرية الصالحة.
أما بالنسبة لما ورد في رسالتك فبداية ننصح لكما بالاستعانة بالصلاة والدعاء في أوقات الإجابة، والتوبة الصادقة، والبعد عن المعاصي، والإكثار من ذكر الله، ومباشرة أسباب الدواء المشروعة كشرب زمزم واستعمال الحبة السوداء والادهان بزيتها أو شربه ويمكن قراءة القرآن على زمزم وزيت الحبة السوداء، ثم يعالج به المريض شربا أو ادهانا.
أما عجز الزوج عن إتمام العملية الجنسية فالغالب على الظن أن هذا مرده سبب نفسي ولا ينبغي لكما أن تصرفا الأمر إلى السحر وإن كان هذا لا يعدو كونه مجرد احتمال ولكنه احتمال بعيد.
ولذلك فإذا كانت المشكلة منك بمعنى أنك تكونين في حالة هلع إذا اقترب منك الزوج أو كانت المشكلة من الزوج بمعنى أنه لا يجد نفسه قادرا على الانتصاب عندما يقترب منك ففي كلا الحالتين نفتش عن الأسباب النفسية طالما أنه ثبت أنه لا شيء فيكما من الناحية العضوية.
فصاحب المشكلة منكما لا بد أن يعرض نفسه على طبيب نفسي وبعد ذلك يمكن أن نقرر إذا كان الفشل في الحياة الجنسية سببه جن أو سحر أم لا؟
والحذر كل الحذر أن تقعي فريسة في أيدي الدجالين والمشعوذين ولو سلمنا جدلا أن سبب معاناتكما هو السحر فعلاج الأمر يسير وجماع الأمر في الاعتصام بحبل الله تعالى وصدق اللجوء إليه. أما خطوات علاج المربوط فيمكنك مطالعة هذه الفتوى: كيفية فك المربوط والمسحور
وننصح بمطالعة ما يلي:
فشل ليلة الزفاف بين الربط والسحر
والله أعلم.
***