Cara Silaturahmi dan Kategori Kerabat
Cara Silaturahmi dan Kategori Kerabat serta hukum silaturahmi secara khusus dan umum
Cara Silaturahmi dan Kategori Kerabat serta hukum silaturahmi secara khusus dan umum
كيفية صلة الرحم
د. عبدالعزيز بن فوزان الفوزان (المشرف العام)
المراد بصلة الرحم: معاملتهم بالحسنى، ومعاشرتهم بالمعروف، والتواضع لهم، والتلطف معهم، والتودد إليهم، والبشاشة في وجوههم، وإجابة دعوتهم، وزيارتهم ومجالستهم، وعيادة مريضهم، وتشييع ميتهم، وتفقد أحوالهم، والتغافل عن زلاتهم، ومواساتهم بالمال والجاه والخدمة لهم، وتمحيضهم النصح والتعليم، ودعوتهم إلى الخير، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، والدعاء لهم، ودفع الأذى والظلم عنهم، وبذل المعروف لهم، وسد خلاتهم، وإعانة محتاجهم، وتبادل الهدايا معهم، وإيثارهم بالإحسان والصدقة، فإن الصدقة عليهم أفضل من الصدقة على غيرهم، يقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: " الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم ثنتان: صدقة وصلة "[1].
وعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: " كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالاً من نخل، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء"[2]، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يدخلها، ويشرب من ماء فيها طيب. قال: أنس فلما أنزلت هذه الآية { لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون } قام أبو طلحة إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: يا رسول الله، إن الله تبارك وتعالى يقول: { لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون } وإن أحب أموالي إلي بيرحاء، وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله. قال: فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "بخٍ ذلك مال رابح"[3]، ذلك مال رابح، وقد سمعت ما قلت، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين. فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه "[4].
قال النووي[5]: " وفي هذا الحديث ما سبق من أن الصدقة على الأقارب أفضل من الأجانب إذا كانوا محتاجين. وفيه أن القرابة يرعى حقها في صلة الأرحام وإن لم يجتمعوا إلا في أب بعيد، لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمر أبا طلحة أن يجعل صدقته في الأقربين، فجعلها في أبي بن كعب وحسان بن ثابت، وإنما يجتمعان معه في الجد السابع".
وفي الصحيحين[6] عن ميمونة بنت الحارث ـ رضي الله عنها ـ: " أنها أعتقت وليدة ولم تستأذن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلما كان يومها الذي يدور عليها فيه قالت: أشعرت يا رسول الله أني أعتقت وليدتي. قال: أو فعلت؟ قالت: نعم. قال: "أما إنك لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك".
قال النووي[7]: " فيه فضيلة صلة الأرحام، والإحسان إلى الأقارب، وأنه أفضل من العتق... وفيه الاعتناء بأقارب الأم إكرامًا بحقها، وهو زيادة في برها، وفيه جواز تبرع المرأة بما لها بغير إذن زوجها ".
وتتفاوت مراتب استحقاقهم في ذلك بحسب قربهم كما في الحديث السابق: الأقرب فالأقرب.
قال ابن أبي جمرة[8]: " تكون صلة الرحم بالمال وبالعون على الحاجة، وبدفع الضرر، وبطلاقة الوجه، وبالدعاء. والمعنى الجامع لذلك: إيصال ما أمكن من الخير، ودفع ما أمكن من الشر بحسب الطاقة.
وهذا إنما يستمر إذا كان أهل الرحم أهل صلاح واستقامة، فإن كانوا كفارًا أو فجارًا فعليه بذل الجهد في نصحهم ودعوتهم إلى الحق. فإن لجُّوا في كفرهم وإعراضهم، فعليه مقاطعتهم في الله إن كان يرجو بذلك صلاحهم وأن يثوبوا إلى رشدهم، ويعلمهم أن هجره لهم بسبب تخلفهم عن الحق. ولا يسقط مع ذلك صلتهم بالدعاء لهم بظهر الغيب أن يهديهم الله ويعيدهم إلى الطريق المثلى " ا.هـ بتصرف.
فصلة الأرحام تكون بالأقوال والأفعال وبذل المال. وبعض الناس ـ هداهم الله ـ يظن أن الصلة هي مجرد الزيارة والسلام، والبشاشة وطيب الكلام، وقد يكون أقاربه فقراء معوزين وهو غني ثري، قد وسَّع الله له في الرزق وبسط له في المال، وابتلاه بالغنى والثراء، فتجده يبخل عليهم بأقل القليل، ويده مغلولة عن مساعدتهم حتى بالزكاة الواجبة، وهذا من القطيعة والعقوق، وليس يغني عنه البشاشة ولين الكلام، إذ الواجب عليه في هذه الحال ما هو أهم وأنفع، وما هم إليه أحوج.
وقد قال أهل العلم: كل من يرث شخصًا من أقاربه، فإنه يجب عليه نفقته إذا كان محتاجًا عاجزًا عن التكسب، وكان الوارث قادرًا على الإنفاق، لأن الله تعالى لما ذكر وجوب نفقة الولد على والده قال: َ{...عَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ...} [البقرة 233]، أي: يجب على القريب الوارث لقريبه من الإنفاق مثل ما يجب على الوالد لولده، فمن بخل بما يجب عليه من الإنفاق فإنه آثم محاسب عليه يوم القيامة، سواء طلبه منه قريبه الفقير أم حمله الحياء على السكوت والتعفف عن السؤال.
قال ابن كثير[9]: " وقوله ـ تعالى ـ: {وعلى الوارث مثل ذلك } قيل: عليه مثل ما على والد الطفل من الإنفاق... وهو قول الجمهور. وقد استقصى ذلك ابن جرير في تفسيره[10]. وقد استدل بذلك من ذهب من الحنفية والحنبلية إلى وجوب نفقة الأقارب بعضهم على بعض، وهو مروي عن عمر، وجمهور السلف ".
وقد ذكر ابن القيم أن عمر بن الخطاب، وزيد بن ثابت ـ رضي الله عنهما ـ قد حكما بمقتضى هذه الآية في عدة حوادث، وأورد الآثار عنهما في ذلك، ثم قال: " ولا يُعرف لعمر وزيدٍ مخالفٌ من الصحابة، ألبتة.
وقال ابن جريج: قلت لعطاء: { وعلى الوارث مثل ذلك } قال: على ورثة اليتيم أن ينفقوا عليه، كما يرثونه. قلت له: أيُحبس وارث المولود، إن لم يكن للمولود مال[11]؟ قال: أفيدعه يموت ؟.[12]
وقال الحسن: { وعلى الوارث مثل ذلك } قال: على الرجل الذي يرث، أن ينفق عليه حتى يستغني.[13]
وبهذا فسر الآية جمهور السلف. " ثم ذكر منهم عددًا كبيرًا من التابعين، ومن بعدهم. [14]
وقال أيضًا[15]: " وليس من صلة الرحم ترك القرابة تهلك جوعًا وعطشًا وعريًا، وقريبه من أعظم الناس مالاً... والله سبحانه وتعالى حرم قطيعة الرحم وإن كانت كافرة، وترك رحمه يموت جوعًا وعطشًا وهو من أغنى الناس وأقدرهم على دفع ضرورته أعظم قطيعة ".
وليعلم هذا الغني أن الله ابتلاه بالمال والثراء، وابتلى قريبه بالفقر والحاجة لينظر سبحانه كيف يعمل هذا الغني؟ هل يؤدي حق الله في ماله من الزكوات الواجبة، والصدقات المستحبة، فيصل به أرحامه، ويحسن إلى أهله وقرابته، ويتصدق على الفقراء والمحتاجين منهم ومن غيرهم، أم يحمله الشح والبخل على الجحود والكنود، والقطيعة والعقوق، والمطل ومنع الحقوق، وإيثار الدنيا على الآخرة ؟.
ولا يفوتني في هذا المقام: أن أشيد بأناس موفقين، قد ذهبوا بالأجور العظيمة والدرجات العلى، عرفوا بالبذل والعطاء، وتفقد الأهل والأقرباء. فنفوسهم سخية، وأيديهم بالخير ندية، ينفقون على قرابتهم إنفاق من لا يخشى الفقر، ولا يتبعون ما أنفقوا منًا ولا أذى، ولا يريدون من أحد جزاءً ولا شكورًا، إنما يفعلون ذلك ابتغاء وجه الله، وطمعًا في جنته ورضاه، فهؤلاء لهم حظ من قول الله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ*فَكُّ رَقَبَةٍ* أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ* يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ} [البلد 12-15] أي: ذا رحم وقرابة منه {أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ} [البلد 16] أي: لا شيء له، حتى كأنه قد لصق بالتراب من شدة الفقر، فليس له بيت ولا لباس ولا شئ يقيه من التراب {ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ} [البلد 17] أي: تواصوا بالرحم، فوصلوها وبروها، أو تواصوا بالرحمة بالخلق، وأحق الناس برحمتهم أهلوهم وقرابتهم {أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ} [البلد 18] أي: المتصفون بهذه الصفات، هم أصحاب اليمين، المقربون من رب العالمين.[16]
الهوامش والمراجع
[1] رواه النسائي: 2582، والترمذي: 658، وابن ماجه: 1844، وأحمد: 16276، والدارمي: 1680، والبيهقي في السنن الكبرى: 7523، والحاكم: 1476، وقال صحيح الإسناد. وصححه ابن خزيمة: 2385، وابن حبان: 3344، وحسنه الترمذي.
[2] رويت بفتح الباء وكسرها، وفتح الراء وضمها. انظر: شرح النووي على صحيح مسلم: 7/84.
[3] قال النووي في شرح صحيح مسلم: 7/85: " قال أهل اللغة: يقال بخ باسكان الخاء وتنوينها مكسورة. وحكى القاضي الكسر بلا تنوين، وحكى الأحمر التشديد فيه. قال القاضي: وروي بالرفع، فإذا كررت فالاختيار تحريك الأول منوناً وإسكان الثاني. قال ابن دريد: معناه تعظيم الأمر وتفخيمه، وسكنت الخاء فيه كسكون اللام في هل وبل، ومن قال بخ بكسره منوناً شبهه بالأصوات كصه ومه، قال ابن السكيت: بخٍ بخٍ وبهٍ بهٍ بمعنى واحد. وقال الداودي: بخ، كلمة تقال إذا حمد الفعل، وقال غيره: تقال عند الإعجاب ".
[4] رواه البخاري: 1392، ومسلم: 998.
[5] شرح النووي على صحيح مسلم: 7/86.
[6] صحيح البخاري: 2452، وصحيح مسلم: 999.
[7] المصدر السابق: 7/86.
[8] فتح الباري: 10/418.
[9] تفسير ابن كثير 1/418.
[10] انظر: تفسير الطبري 2/310ـ311. واستقصاه كذلك ابن القيم في زاد المعاد 5/545ـ546.
[11] يعني إذا امتنع من الإنفاق عليه. وقد سبق بيان حكم الامتناع من النفقة الواجبة ص:
[12] أخرجه عبد بن حميد، كما في " الدر المنثور " للسيوطي 1/514.
[13] روى هذا الأثر ابن جرير في تفسيره 2/310-311.
[14] زاد المعاد 5/545-546.
[15] أحكام أهل الذمة 2/792. وانظر مزيد بيان لهذا في زاد المعاد 5/551 وما بعدها.
[16] انظر: تفسير القرطبي 20/70 ،71، وتفسير الشوكاني 5/594 ،595.
رابط
***
السؤال:
صلة الرحم هل هي فرض على الرجال والنساء سواء بسواء؟ وما حدودها بالنسبة للنساء؟ وكيف تصل المرأة ابن خالها أو ابن عمها وهو يعتبر أجنبيًا بالنسبة لها؟
الجواب:
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فصلة الرحم لها ثلاث مراتب: أوسعها مطلق القرابة، وأوسطها القرابة الموجبة للميراث، وأضيقها القرابة المحرّمة للنكاح.
وتختلف درجة الصلة باختلاف مرتبتها؛ فمطلق القرابة تحصل الصلة معه بعدم الهجران وانتفاء القطيعة بحيث متى لقيه سلم عليه، وسأله عن أحواله.
وأمَّا القرابة الموجبة للميراث فصلتها بالمشاركة في الأفراح والأتراح حيث يقف إلى جانب أقربائه في الأحوال المتغيرة.
وأما الدرجة الكبرى -وهي المحرمة للنكاح- فتزيد على المشاركة في النكاح بوجوب النفقة عند الاحتياج، ولمَّا كانت النفقة واجبة على النساء لا على الرجال فلا تدخل النفقة بالصلة الواجبة على المرأة غالبا، اللهم إلا أن يكون الرجل الفقير الذي يمكن أن ترثه المرأة لا يجد مصدرا للعيش، وإذا لم تنفق عليه المرأة الغنية وقع في حرج شديد فتصبح نفقته واجبة عليها؛ اتباعا لقاعدة “الغرم بالغنم”، أي: غرامة نفقتها الآن بقدر غنمها في المستقبل.
أمَّا صلة المرأة لابن خالها وابن خالتها وابن عمتها وابن عمها فهي كصلة الأباعد تماما؛ لأنَّهم أجانب عنها ويكفي في ذلك عدم القطيعة.
والله أعلم.
رابط
كيفية صلة الرحم
د. عبدالعزيز بن فوزان الفوزان (المشرف العام)
المراد بصلة الرحم: معاملتهم بالحسنى، ومعاشرتهم بالمعروف، والتواضع لهم، والتلطف معهم، والتودد إليهم، والبشاشة في وجوههم، وإجابة دعوتهم، وزيارتهم ومجالستهم، وعيادة مريضهم، وتشييع ميتهم، وتفقد أحوالهم، والتغافل عن زلاتهم، ومواساتهم بالمال والجاه والخدمة لهم، وتمحيضهم النصح والتعليم، ودعوتهم إلى الخير، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، والدعاء لهم، ودفع الأذى والظلم عنهم، وبذل المعروف لهم، وسد خلاتهم، وإعانة محتاجهم، وتبادل الهدايا معهم، وإيثارهم بالإحسان والصدقة، فإن الصدقة عليهم أفضل من الصدقة على غيرهم، يقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: " الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم ثنتان: صدقة وصلة "[1].
وعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: " كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالاً من نخل، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء"[2]، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يدخلها، ويشرب من ماء فيها طيب. قال: أنس فلما أنزلت هذه الآية { لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون } قام أبو طلحة إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: يا رسول الله، إن الله تبارك وتعالى يقول: { لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون } وإن أحب أموالي إلي بيرحاء، وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله. قال: فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "بخٍ ذلك مال رابح"[3]، ذلك مال رابح، وقد سمعت ما قلت، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين. فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه "[4].
قال النووي[5]: " وفي هذا الحديث ما سبق من أن الصدقة على الأقارب أفضل من الأجانب إذا كانوا محتاجين. وفيه أن القرابة يرعى حقها في صلة الأرحام وإن لم يجتمعوا إلا في أب بعيد، لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمر أبا طلحة أن يجعل صدقته في الأقربين، فجعلها في أبي بن كعب وحسان بن ثابت، وإنما يجتمعان معه في الجد السابع".
وفي الصحيحين[6] عن ميمونة بنت الحارث ـ رضي الله عنها ـ: " أنها أعتقت وليدة ولم تستأذن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلما كان يومها الذي يدور عليها فيه قالت: أشعرت يا رسول الله أني أعتقت وليدتي. قال: أو فعلت؟ قالت: نعم. قال: "أما إنك لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك".
قال النووي[7]: " فيه فضيلة صلة الأرحام، والإحسان إلى الأقارب، وأنه أفضل من العتق... وفيه الاعتناء بأقارب الأم إكرامًا بحقها، وهو زيادة في برها، وفيه جواز تبرع المرأة بما لها بغير إذن زوجها ".
وتتفاوت مراتب استحقاقهم في ذلك بحسب قربهم كما في الحديث السابق: الأقرب فالأقرب.
قال ابن أبي جمرة[8]: " تكون صلة الرحم بالمال وبالعون على الحاجة، وبدفع الضرر، وبطلاقة الوجه، وبالدعاء. والمعنى الجامع لذلك: إيصال ما أمكن من الخير، ودفع ما أمكن من الشر بحسب الطاقة.
وهذا إنما يستمر إذا كان أهل الرحم أهل صلاح واستقامة، فإن كانوا كفارًا أو فجارًا فعليه بذل الجهد في نصحهم ودعوتهم إلى الحق. فإن لجُّوا في كفرهم وإعراضهم، فعليه مقاطعتهم في الله إن كان يرجو بذلك صلاحهم وأن يثوبوا إلى رشدهم، ويعلمهم أن هجره لهم بسبب تخلفهم عن الحق. ولا يسقط مع ذلك صلتهم بالدعاء لهم بظهر الغيب أن يهديهم الله ويعيدهم إلى الطريق المثلى " ا.هـ بتصرف.
فصلة الأرحام تكون بالأقوال والأفعال وبذل المال. وبعض الناس ـ هداهم الله ـ يظن أن الصلة هي مجرد الزيارة والسلام، والبشاشة وطيب الكلام، وقد يكون أقاربه فقراء معوزين وهو غني ثري، قد وسَّع الله له في الرزق وبسط له في المال، وابتلاه بالغنى والثراء، فتجده يبخل عليهم بأقل القليل، ويده مغلولة عن مساعدتهم حتى بالزكاة الواجبة، وهذا من القطيعة والعقوق، وليس يغني عنه البشاشة ولين الكلام، إذ الواجب عليه في هذه الحال ما هو أهم وأنفع، وما هم إليه أحوج.
وقد قال أهل العلم: كل من يرث شخصًا من أقاربه، فإنه يجب عليه نفقته إذا كان محتاجًا عاجزًا عن التكسب، وكان الوارث قادرًا على الإنفاق، لأن الله تعالى لما ذكر وجوب نفقة الولد على والده قال: َ{...عَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ...} [البقرة 233]، أي: يجب على القريب الوارث لقريبه من الإنفاق مثل ما يجب على الوالد لولده، فمن بخل بما يجب عليه من الإنفاق فإنه آثم محاسب عليه يوم القيامة، سواء طلبه منه قريبه الفقير أم حمله الحياء على السكوت والتعفف عن السؤال.
قال ابن كثير[9]: " وقوله ـ تعالى ـ: {وعلى الوارث مثل ذلك } قيل: عليه مثل ما على والد الطفل من الإنفاق... وهو قول الجمهور. وقد استقصى ذلك ابن جرير في تفسيره[10]. وقد استدل بذلك من ذهب من الحنفية والحنبلية إلى وجوب نفقة الأقارب بعضهم على بعض، وهو مروي عن عمر، وجمهور السلف ".
وقد ذكر ابن القيم أن عمر بن الخطاب، وزيد بن ثابت ـ رضي الله عنهما ـ قد حكما بمقتضى هذه الآية في عدة حوادث، وأورد الآثار عنهما في ذلك، ثم قال: " ولا يُعرف لعمر وزيدٍ مخالفٌ من الصحابة، ألبتة.
وقال ابن جريج: قلت لعطاء: { وعلى الوارث مثل ذلك } قال: على ورثة اليتيم أن ينفقوا عليه، كما يرثونه. قلت له: أيُحبس وارث المولود، إن لم يكن للمولود مال[11]؟ قال: أفيدعه يموت ؟.[12]
وقال الحسن: { وعلى الوارث مثل ذلك } قال: على الرجل الذي يرث، أن ينفق عليه حتى يستغني.[13]
وبهذا فسر الآية جمهور السلف. " ثم ذكر منهم عددًا كبيرًا من التابعين، ومن بعدهم. [14]
وقال أيضًا[15]: " وليس من صلة الرحم ترك القرابة تهلك جوعًا وعطشًا وعريًا، وقريبه من أعظم الناس مالاً... والله سبحانه وتعالى حرم قطيعة الرحم وإن كانت كافرة، وترك رحمه يموت جوعًا وعطشًا وهو من أغنى الناس وأقدرهم على دفع ضرورته أعظم قطيعة ".
وليعلم هذا الغني أن الله ابتلاه بالمال والثراء، وابتلى قريبه بالفقر والحاجة لينظر سبحانه كيف يعمل هذا الغني؟ هل يؤدي حق الله في ماله من الزكوات الواجبة، والصدقات المستحبة، فيصل به أرحامه، ويحسن إلى أهله وقرابته، ويتصدق على الفقراء والمحتاجين منهم ومن غيرهم، أم يحمله الشح والبخل على الجحود والكنود، والقطيعة والعقوق، والمطل ومنع الحقوق، وإيثار الدنيا على الآخرة ؟.
ولا يفوتني في هذا المقام: أن أشيد بأناس موفقين، قد ذهبوا بالأجور العظيمة والدرجات العلى، عرفوا بالبذل والعطاء، وتفقد الأهل والأقرباء. فنفوسهم سخية، وأيديهم بالخير ندية، ينفقون على قرابتهم إنفاق من لا يخشى الفقر، ولا يتبعون ما أنفقوا منًا ولا أذى، ولا يريدون من أحد جزاءً ولا شكورًا، إنما يفعلون ذلك ابتغاء وجه الله، وطمعًا في جنته ورضاه، فهؤلاء لهم حظ من قول الله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ*فَكُّ رَقَبَةٍ* أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ* يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ} [البلد 12-15] أي: ذا رحم وقرابة منه {أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ} [البلد 16] أي: لا شيء له، حتى كأنه قد لصق بالتراب من شدة الفقر، فليس له بيت ولا لباس ولا شئ يقيه من التراب {ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ} [البلد 17] أي: تواصوا بالرحم، فوصلوها وبروها، أو تواصوا بالرحمة بالخلق، وأحق الناس برحمتهم أهلوهم وقرابتهم {أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ} [البلد 18] أي: المتصفون بهذه الصفات، هم أصحاب اليمين، المقربون من رب العالمين.[16]
الهوامش والمراجع
[1] رواه النسائي: 2582، والترمذي: 658، وابن ماجه: 1844، وأحمد: 16276، والدارمي: 1680، والبيهقي في السنن الكبرى: 7523، والحاكم: 1476، وقال صحيح الإسناد. وصححه ابن خزيمة: 2385، وابن حبان: 3344، وحسنه الترمذي.
[2] رويت بفتح الباء وكسرها، وفتح الراء وضمها. انظر: شرح النووي على صحيح مسلم: 7/84.
[3] قال النووي في شرح صحيح مسلم: 7/85: " قال أهل اللغة: يقال بخ باسكان الخاء وتنوينها مكسورة. وحكى القاضي الكسر بلا تنوين، وحكى الأحمر التشديد فيه. قال القاضي: وروي بالرفع، فإذا كررت فالاختيار تحريك الأول منوناً وإسكان الثاني. قال ابن دريد: معناه تعظيم الأمر وتفخيمه، وسكنت الخاء فيه كسكون اللام في هل وبل، ومن قال بخ بكسره منوناً شبهه بالأصوات كصه ومه، قال ابن السكيت: بخٍ بخٍ وبهٍ بهٍ بمعنى واحد. وقال الداودي: بخ، كلمة تقال إذا حمد الفعل، وقال غيره: تقال عند الإعجاب ".
[4] رواه البخاري: 1392، ومسلم: 998.
[5] شرح النووي على صحيح مسلم: 7/86.
[6] صحيح البخاري: 2452، وصحيح مسلم: 999.
[7] المصدر السابق: 7/86.
[8] فتح الباري: 10/418.
[9] تفسير ابن كثير 1/418.
[10] انظر: تفسير الطبري 2/310ـ311. واستقصاه كذلك ابن القيم في زاد المعاد 5/545ـ546.
[11] يعني إذا امتنع من الإنفاق عليه. وقد سبق بيان حكم الامتناع من النفقة الواجبة ص:
[12] أخرجه عبد بن حميد، كما في " الدر المنثور " للسيوطي 1/514.
[13] روى هذا الأثر ابن جرير في تفسيره 2/310-311.
[14] زاد المعاد 5/545-546.
[15] أحكام أهل الذمة 2/792. وانظر مزيد بيان لهذا في زاد المعاد 5/551 وما بعدها.
[16] انظر: تفسير القرطبي 20/70 ،71، وتفسير الشوكاني 5/594 ،595.
رابط
***
السؤال:
صلة الرحم هل هي فرض على الرجال والنساء سواء بسواء؟ وما حدودها بالنسبة للنساء؟ وكيف تصل المرأة ابن خالها أو ابن عمها وهو يعتبر أجنبيًا بالنسبة لها؟
الجواب:
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فصلة الرحم لها ثلاث مراتب: أوسعها مطلق القرابة، وأوسطها القرابة الموجبة للميراث، وأضيقها القرابة المحرّمة للنكاح.
وتختلف درجة الصلة باختلاف مرتبتها؛ فمطلق القرابة تحصل الصلة معه بعدم الهجران وانتفاء القطيعة بحيث متى لقيه سلم عليه، وسأله عن أحواله.
وأمَّا القرابة الموجبة للميراث فصلتها بالمشاركة في الأفراح والأتراح حيث يقف إلى جانب أقربائه في الأحوال المتغيرة.
وأما الدرجة الكبرى -وهي المحرمة للنكاح- فتزيد على المشاركة في النكاح بوجوب النفقة عند الاحتياج، ولمَّا كانت النفقة واجبة على النساء لا على الرجال فلا تدخل النفقة بالصلة الواجبة على المرأة غالبا، اللهم إلا أن يكون الرجل الفقير الذي يمكن أن ترثه المرأة لا يجد مصدرا للعيش، وإذا لم تنفق عليه المرأة الغنية وقع في حرج شديد فتصبح نفقته واجبة عليها؛ اتباعا لقاعدة “الغرم بالغنم”، أي: غرامة نفقتها الآن بقدر غنمها في المستقبل.
أمَّا صلة المرأة لابن خالها وابن خالتها وابن عمتها وابن عمها فهي كصلة الأباعد تماما؛ لأنَّهم أجانب عنها ويكفي في ذلك عدم القطيعة.
والله أعلم.
رابط