Hukum Was-was dalam Fiqih Islam
Hukum Was-was dalam Fiqih (syariah) Islam
Hukum Was-was dalam Fiqih (syariah) Islam
الوسوسة وأحكامها في الفقه الإسلامي
نبذة عن الكتاب :
هذه رسالة علمية تناولت الأحكام الفقهية المتعلقة بالوسوسة في العبادات والنكاح والأطعمة والقضاء ودراستها دراسة فقهية مقارنة مع بيان أثر الوسوسة على الفرد والمجتمع وطرق الوقاية منها وعلاجها . وقد جاءت الرسالة في مقدمة بين فيها المؤلف أهمية البحث وأسباب اختياره وخطته ومنهجه المتبع في كتابة الرسالة ثم تمهيد عرف فيه الباحث الوسوسة في اللغة والاصطلاح والطب الحديث مع بيان الفرق بين الوسوسة والظن والشك والوهم والاحتياط ، ثم عقد بعد ذلك تسعة فصول مرتبة كالتالي : الفصل الأول في أسباب الوسوسة وأقسامهاوحكمها ثم الفصل الثاني في حكم الوسوسة في الاستنجاء والاستجمار والفصل الثالث في حكم الوسوسة في الصلاة وبعده الفصل الرابع في حكم الوسوسة في الأطعمة والحج ثم الفصل الخامس في حكم الوسوسة في النكاح والفصل السادس في حكم الوسوسة في الأطعمة والفصل السابع في حكم الوسوسة في القضاء ثم الفصل الثامن في أثر الوسوسة على الفرد والجماعة والفصل التاسع في طرق الوقاية من الوسوسة وعلاجها ثم الخاتمة ولخص فيها الباحث أهم نتائج الدراسة ثم ذيل البحث بفهارس عامة .
الخلاصة : بسم الله الرحمن الرحيم – الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .. أما بعد :
فهذا مختصر كتاب الوسوسة وأحكامها في الفقه الإسلامي ، تأليف حامد بن مدة بن حميدان الجدعاني ، وقد نال بها درجة " العالمية " الماجستير في الفقه المقارن من المعهد العالي للقضاء ، بإشراف الدكتور عبدالعليم بن محمد محمدين وقد قدم للرسالة الدكتور علي بن راشد الدبيان مستشار وزير العدل والأستاذ بالمعهد . قد بين المؤلف أهمية بحثه وذلك بالتأمل في آثار الوسوسة ، وحاجة الكثير من المسلمين إلى كشف اللثام عن أحكامها ، وقد اختار المؤلف هذا البحث لماله من صلة وثيقة بواقع الناس ، وإهمال كثير من الناس لأهميته وإصابة بعض طلاب العلم بهذا الداء حيث أنهم هم زينة المجتمع وعماده ، وقد قسم الباحث بحثه إلى تسعة فصول ، حيث عرف الوسوسة وأقسامها وأسبابها وحكمها في الفصل الأول ، وفي الفصل الثاني عرض حكم الوسوسة في الطهارة من استنجاء واستجمار وآنية ووضوء وفي الحيض ، وفي الفصل الثالث عرض أحكام الوسوسة في الصلاة ، أما حكم الوسوسة في الصوم والحج فقد عرضها في الفصل الرابع ، وعرض في الخامس حكم الوسوسة في النكاح وفي السادس حكمها في الأطعمة ، وفي الفصل السابع حكم الوسوسة في القضاء ، وقد عرض أثر الوسوسة على الفرد والجماعة وطرق الوقاية منها وعلاجها في الفصل الثامن والتاسع ، وقد عرض المؤلف المسائل الفقهية واختلاف العلماء فيها ، واكتفى بذكر اختلاف المذاهب الأربعة وترجيح الراجح منها ، وتذييل ذلك بأقوال بعض أهل العلم المعاصرين ، وقد راعى المؤلف قواعد البحث من توثيق المادة ، وعزو الآيات والأحاديث والآثار ، وترجمة للأعلام غير المشهورين ، ووضع قائمة للمراجع وفهرساً للموضوعات .
تمهيد تعريف الوسوسة :
بعد ذكره التعريفات اللغوية وتعريفات العلماء للوسوسة خلص المؤلف إلى التعريف العام حيث عرفها : بأنها حديث النفس أو الشيطان بما لا نفع ولا خير لذاته أو ما يؤدي إليه ، أما تعريف الوسوسة في اصطلاح الفقهاء فبعضهم عرفها بالتعريف العام ، وبعضهم عرفها باعتبارها مرضاً ، ذكر المؤلف عدة تعريفات للعلماء للوسوسة بهذا الاعتبار حيث يطلقها ويقصدون بالموسوس المغلوب على عقله ، ويقصد بعضهم من يكثر من الشك أو من لا ينفك عنه الوهم ، ويعرفها بعضهم بتردد الشيء في النفس ، ويعرفها البعض" من يحدث نفسه بطلاق زوجته من غير أن يتلفظ به "، وقد نبه المؤلف إلى التدقيق في تعريفات الفقهاء فإنها تختلف من باب لآخر ، ثم تحدث المؤلف عن الوسواس القهري حيث عرفه إذا كان في أمر شرعي بأنه مرض يؤدي إلى تصرفات خارجة عن المألوف في أمور شرعية ،و ذكر صفات الموسوس والفرق بين الظن والوسوسة وهو أن الظن هو اعتقاد احتمال الراجح أما الوسوسة فهي صفة التردد بين الفعل والترك ، والفرق بين الوسوسة والشك أن الشك ينبني على أمر معتبر بخلاف الوسوسة ، والفرق بينها وبين الوهم أن الوسوسة يكون فيها التردد بين الفعل والترك ، أما الوهم فلا تردد فيه بل يحكم بالشيء مع احتمال نقيضه احتمالاً راجحاً ، وأما الفرق بينها وبين الاحتياط ، فالاحتياط هو الاستقصاء المبالغة في اتباع السنة من غير غلو ومجاوزة ، أما الوسوسة فعكس ذلك وقد ضبط الفقهاء الوسوسة بأنها التي تسبب مشقة ظاهرة في أداء العبادة ممن اعتراه الشك وكثر عليه حتى شق عليه أداء العبادة فهو موسوس .
الفصل الأول : أسباب الوسوسة وأقسامها وحكمها :
وقد عدد المؤلف أسباب الوسوسة في الغلو والتكلف في بعض الأمور والتشدد فيها ، وضعف الصلة بين العبد وربه ، وإرتكاب المعاصي ، والعادات السيئة مثل البول في المستحم ، وضعف الإرادة ، وهجر القرآن ، وترك الأدعية والأذكار الشرعية والفراغ ، والاعتزال عن الناس ، والعزوف عن النكاح ، وعدم تطهير القلب وخبل العقل ، وطبيعة المرحلة التي يميز بها الإنسان مثل مرحلة المراهقة وكبر السن والتساهل في القضاء على بوادر الوسوسة ، وعدم ربط العلم بالعمل ، أما أقسام الوسوسة فقد ذكر المؤلف تقسيمات العلماء في ذلك بعدة اعتبارات ( 113 – 119 ) سواء علماء الشريعة أم علماء طب النفس .
أما حكم الوسوسة فأما ما يقع في صدره من الوسوسة فقد اختلف العلماء في ذلك ما بين الإعفاء المطلق وعدم المحاسبة عليه ، وما بين مقيده باستقراره في القلب وعدمه وبعد ذكر الأدلة يترجح للمؤلف القول الأول وذلك لعموم الأدلة القاضية بالعفو عن أحاديث النفس ، أما حكم التجاوب مع الوسواس فإن كان الوسواس قد بلغ به مرحلة الجنون فهذا تكون تصرفاته معفو عنها ، وإذا كان من قبيل الوسواس القهري فهذا يعفىعن استجابته لخروج ذلك عن إرادته ، أما إذا كانت من قبيل إلقاء الشيطان أو حديث النفس فهذا مما يحرم على المسلم متابعته .
وقد أورد المؤلف شبه أهل الوسواس من حيث تمسكهم بها ذريعة لما يقومون به من تصرفات غريبة .
الفصل الثاني : حكم الوسوسة في الطهارة .
وقد ضمن المؤلف ذلك حكمها في الاستنجاء والآنية والوضوء والغسل والحيض . أما حكمها في الاستنجاء والاستجمار فبعد أن ذكر عدد مرات الاستنجاء والاستجمار للإنسان العادي واختلاف العلماء في ذلك رجح أن عددها في الاستجمار الايتار إذا لم ينقي المحل وإذا نقي فإن السنة ثلاثة أحجار أما بالنسبة للموسوس فقد رجح المؤلف أنه في حالة الاستجمار إذا لم يتجاوز الخارج موضع العادة فيكفيه ثلاثة أحجار إذا أنقت وعليه الحزم وإيقاف الاسترسال مع الوسوسة وإلا فلن يكفيه العدد الكثير من الأحجار أما في حالة الاستنجاء أو في حالة تجاوز الخارج الموضوع المعتاد بما لم تجر به العادة فيرى المؤلف قول من قال بثلاث غسلات أو أقل منها إذا حصل الإنقاء لأنها تساعد على وضع حد للوسواس ، وقد نبه المؤلف إلى أن المبالغة في ذلك محرمة إذا أدى إلىتعذيب النفس وإرهاق الجسد ، أما ما يفعله أهل الوسواس بعد البول من إخراج أثر البول من موضعه بصور شتى ( 170 – 172 ) فهذا من الابتداع في دين ومن التشدد فيه وقد رجح المؤلف هذا القول بعد ذكره لأقوال العلماء في ذلك وأدلتهم ، أما الموسوس بانتقاض الطهارة بحيث يخيل إليه أنه قد خرجت منه قطرة أو قطرات فهذا مما لا يلتفت إليه لعموم الأدلة الدالة على ذلك ، وأما الاستنجاء من الريح فإنه لا يجب لعدم وجود دليل صحيح على ذلك ، أما حكم إطالة المكث بالخلاء فقد اختلف العلماء فيه بين التحريم والكراهة ، ولكن ينبغي على الإنسان أن يحفظ نفسه مما يضرها ، وإذا كثر الوسواس في أمر الطهارة ، بحيث يخيل إليه خروج قطرات فهذا يستحب في حقه نضح السراويل لدفع الوسواس ، بل إنه إذا تيقن أن وسوسته لا تندفع إلا بالنضح فإنه يجب ، أما حكم الوسوسة في الآنية فإن كانت الوسوسة في استعمال آنية الكفار فالذي يرجحه المؤلف أن آنية الكفار الذين لا يتعبدون بملامسة النجاسة – يجوز استعمالها مطلقاً إذا جهل حالها ولم تعلم نجاستها ، أما إذا كانوا يتخذون ملامسة النجاسة ديانة لهم فلا تستعمل إذا وجد غيرها ، فإن لم يوجد تغسل وتستخدم ، فعلى المسلم عدم الإلتفات إلى الوسواس ، ويعلم الموسوس يسر الشريعة ولله الحمد ، أما إذا شك في نجاستها والعكس فإنه يبني على اليقين وليطرح الشرك جانباً .
أما بالنسبة للوسوسة في الوضوء فإن كانت في النية فيرى المؤلف أن الوسوسة في نية الوضوء ليس لها تأثيراً في صحته وعليه إهمال هذه الوساوس لأن النية معقودة لكل عاقل مختار أراد أن يتوضأ ، أما إن كانت الوسوسة التي به شديدة لا يمكنه دفعها فلا بأس أن يتلفظ بنية الوضوء من باب علاج الوسوسة ومتى شفاه الله ترك ذلك ، أما الوسوسة في نجاسة ماء الوضوء فإن الموسوس ليس له حكم بنجاسة ماء الوضوء حتى يتبين له نجاسته بدليل متيقن معتبر والضابط في ذلك أن ما يسلب اسم الماء المطلق يمنع الطهارة به وما لا فلا ، والأصل في الماء الطهارة والتطهير مالم يتغير ، أما حكم الوسوسة في ترك بعض أعضاء الوضوء فقد نص الفقهاء أنه لا يلتفت إليها مطلقاً ، لأن الأحكام الشرعية تبنى على أسباب معتبره و الوسوسة ليس منها أما الوسوسة بالزيادة على الغسلات الثلاث في الوضوء فليعلم من ابتلى بهذا الأمر بحجة كمال الوضوء أنه يجب تركه وقطع الوسوسة وعدم الإلتفات إليها ، لأن الزيادة على الغسلات الثلاث لغير حاجة بدعة وذلك لورود النهي عن ذلك ولعدم ورود الزيادة عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا على القول الذي رجحه المؤلف بعد ذكره أقوال أهل العلم ، أما الوسوسة بانتقاض الوضوء فإنه لا يلتفت إليها ولا يعتد بها ، والقاعدة في ذلك لا يعيد حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً ، أما الوسوسة بالإسراف في ماء الوضوء ، فالأصل في الإسراف فيه بلا حاجة أنه بدعة في حق غير الموسوس ، ومعصية يعاقب عليها الموسوس إن كان تبعاً لإرادته أما إن كانت وسوسته من مرض فليس بمبتدع لأنه مريض فيغتفر في حقه .
حكم الوسوسة في الغسل فإن كانت الوسوسة في عدم التفريق بين المني والمذي والودي فإن الوسوسة لا ترتقي إلى درجة تكوين الاشتباه بينها فكل واحد منها له صفاته المعتبرة فعليه عدم الالتفات إلى الوسوسة ، أما من تيقن الجنابة وشك في الطهارة أو العكس
فإن القاعدة في ذلك أن يبني على ماتيقن ويلغي الشك 0 حكم الوسوسة في الحيض فإن كانت الوسوسة في التفريق بين دم الحيض والاستحاضة فلكل واحد منهما صفات معتبرة يعرف بها ، ولا ترتقي الوسوسة إلى درجة تكوين الاشتباه بينهما ، أما الوسوسة في الصفرة والكدرة في زمن الحيض وبعده ، فإن كان في زمن الحيض فهومنه ، وإن كان بعده أو قبله فليس منه أما الوسوسة بترك التعامل مع المرأة الحائض ، فهومن التنطع والتشدد في الدين ، فالواجب التعامل معها وحسن معاشرتها والرفق معها ويصنع معها كل شيء إلا النكاح .
الفصل الثالث : حكم الوسوسة في الصلاة
إذا كانت الوسوسة في نية الصلاة فكما هو معلوم أن التلفظ بالنية بدعة ومحلها القلب ، فعلى الموسوس أن لا يفعل ذلك لأن حضوره للصلاة التي يؤديها هو نية بذاته ويستثنى من ذلك من اشتدت به الوسوسة ولا يمكنه دفعها فلا بأس أن يتلفظ بالنية علاجاً للوسوسة ومتى شفاه الله ترك التلفظ ، وإن كانت الوسوسة في ترك تكبيرة الإحرام فإنه لا يلتفت إليها وليس لها أي تأثير في الصلاة إلا إذا قطع صلاته بسبب تلك الوسوسة ،أما حكم ترديد الموسوس لكلمات من الفاتحة أو التشهد فالراجح عند المؤلف أنها لا تبطل الصلاة لمن اشتدت عليه الوسوسة لأنها خارجة عن إرادته ويجب عليه المجاهرة للتخلص منها ، وإذا كانت الوسوسة في عدد الركعات أو السجدات أو نحوها فإن الذي رجحه المؤلف هو أن الموسوس لا يلتفت إلى الوسوسة ، أما على ماذا يبنى فهذا كل حالة بحسبها ، إما أن يبني على الأصل ويلغي الشك ، أو أن يبني على التمام بحيث أنه لو وسوس هل سجد أم لا فإنه يبني على أنه سجد ، وإذا وسوس المصلي بنجاسة ثوبه في الصلاة ، فإنه لا يجوز له الخروج من الصلاة وعليه أن يمضي في صلاته لأن اليقين لا يزول بالشك أما الوسوسة مع يسير الدم فقد اختلف الفقهاء في حكم ذلك والذي رجحه المؤلف العفو عن يسير الدم ، والوسوسة في ذلك لا اعتبار لها ، أما حد يسير الدم فقد رجح المؤلف عدم الأخذ برأي الموسوس في معرفة حده ، ويعتبر برأي أوساط الناس ، أما الصلاة بالنعال فإنها سنة المصطفى عليه الصلاة والسلام إذا علم طهارتها ولا يلتفت إلى قول الموسوسين مع الإشارة إلى مساجد هذا الزمان وما فيها من فرش قد يؤدي إلى تجمع الأتربة فيها ، فالأولى حفظ النعال خارج المسجد ، وعدم التشدد في ذلك ، وأما إمامة الموسوس في الصلاة فإن كانت في ذات الصلاة فإن وصل إلى حد الجنون فلا تجوز ، وإن لم تصل وسوسته إلى ذلك فالذي رجحه المؤلف بعد ذكره لخلاف العلماء أن إمامة الموسوس تصح إذا كانت الوسوسة خفيفة وليست ظاهرة في تصرفاته وأما إذا كثرت وظهرت آثارها فلا يصلح لإمامة الناس ، أما حكم الوساوس في الصلاة فالذي رجحه المؤلف أنها لا تبطل الصلاة وإن كثرت ولكنها تنقص الأجر وعلى المؤمن دفعها ومعالجتها ومجاهدتها وذلك بقوة المقتضي بأن يجتهد في أن يعقل ما يقوله ويتدبر القراءة والذكر والدعاء ، ويدفع ما يشغل القلب من تفكير فيما لا يعنيه .
الفصل الرابع : حكم الوسوسة في الصوم والحج :
إن الإنسان يأتي بالنية واليقين لا يزول بالشك والوسوسة أمر مشكوك فيه ، وإذا كثرت الوساوس فإن للموسوس أن يجهر بالنية ، ومتى شفاه الله ترك ذلك ، وإذا وسوس في وقت الصوم فإن وسوس أنه أكل بعد طلوع الفجر أو أفطر قبل غروب الشمس فلا أثر له في صحة الصوم ، وقد نبه المؤلف إلى مسألتين الأولى من أكل شاكاً في طلوع الفجر فإن صومه صحيح ، وإن أكل شاكاً في غروب الشمس فالذي عليه جمهور الفقهاء أن عليه القضاء لأن الأصل بقاء النهار ، وإذا وسوس الإنسان بانتقاض صومه بأحد المفطرات فلا يلتفت إليه بمجرد الشك ، وقد يظن بعض الموسوسين أن دخول الغبار والحشرات الطائرة إلى الفم بغير قصد يعتبر من المفطرات وهذا غير صحيح .
ثانياً : حكم الوسوسة في الحج : أما الوسوسة في عدد الأشواط فإن كان الشك كثيراً فإنه لا يلتفت إليه وهو غير مؤثر في صحة الطواف ، وإن كان الشك قليلاً وكان داخل الطواف ولم يترجح عنده شيء فليبن على الأقل ، وإن كان الشك خارج الطواف فلا يلتفت إليه إلا أن يتيقن ، أما الوسوسة في انتقاض الوضوء في الطواف ، فالذي رجحه المؤلف بعد ذكره لخلاف العلماء أن الوضوء شرط لصحة الطواف فعليه بتطبيق أحكام الموسوس في انتقاض وضوءه في الصلاة ، وإذا شك في عدد الجمرات فإنه يبني على التمام ولا يلتفت للوسوسة ، وكذلك في وقوع الحجر في الحوض ووسوسته في ارتكاب محظورات الإحرام .
الفصل الخامس : حكم الوسوسة في النكاح :
أولاً : حكم طلاق الموسوس ، له حالات : فإن كان الموسوس مصاباً بوسوسة ليست في مجال النكاح مثل الصلاة فهذا يقع منه الطلاق ، والحالة الثانية : أن تكون لها علاقة بالنكاح فقد يكون دائم التفكير هل طلق أم لا ، ويفسر أدنى قول أو فعل أنه تطليق فهذا إذا وصلت به الوسوسة حد الجنون لا شيء عليه ، أما إذا لم تصل فالراجح عدم وقوع الطلاق أما إذا استحكم به الوسواس بعد أن حاك في صدره فينطق بالطلاق ليرتاح مما هو فيه من عناء فقد رجح المؤلف بعد ذكره لاختلاف العلماء عدم وقوع الطلاق مع التنبيه على أن الوسوسة لا خير فيها ، وعلى القضاة مراعاة ذلك بسؤال أقارب الموسوس عما هو عليه من وسوسة .
ثانياُ : الوسوسة في العشرة الزوجية بأن يشك الزوج في زوجته فهذا مما ينبغي التنبيه له وإلى دفع هذه الوساوس الخبيثة والتي لاتستند إلى سبب معتبر .
ثالثاً : الوسوسة في وجود الرضاع فأما هذا النوع من الوسوسة لا يلتفت إليه لأن الأصل عدم الرضاع ، وماهي إلا مجرد تخيلات لا يسندها سبب معتبر .
الفصل السادس : حكم الوسوسة في الأطعمة :
أولاً : الوسوسة في طعام أهل الكتاب : فينظر إلى أن الأصل في ذبائحهم الحل ، فلا يلتفت إلى الوسوسة في طعامهم .
ثانياً : الوسوسة بترك التسمية عند الذبح فقد اختلف العلماء أصلاً في حكم أكل الذبيحة إذا نسي أن يسمي عليها ، فالذي رجحه المؤلف أنه حلال وبذلك لا يلتفت إلى الوسوسة مطلقاً .
ثالثاً : الوسوسة بعدم مواكلة الصبيان : حيث ابتلي به البعض بحجة الاحتياط من النجاسات التي مع الصبيان ، وهذا من البدع المذمومة التي ذمها أهل العلم فلذلك لا يلتفت إلى هذه الوسوسة مطلقاً ، ولكن لا يكون الموسوس مبتدعاً إذا ترك مؤاكلة الصبيان لأن هذا الفعل ليس باختياره .
الفصل السابع : حكم الوسوسة في القضاء :
أولاً : حكم تولية الموسوس منصب القضاء ، وهذا له حالات : إذا توفرت فيه شروط القضاء فإن كانت وسوسته في غير مجال القضاء كالطهارة والصلاة فليس هناك ما يمنع من توليته القضاء ، والأولى عدم تعيينه من باب حفظ هيبة القاضي ، وإن كانت وسوسته في مجال القضاء كأن يوسوس بأنه لم يعدل بين الخصوم ، أو أنه لم يحسن الاستماع إلى الشهود ، فهذا له حالتان :
1- أن يكون البلد خالياً ممن تتحقق فيه الشروط لتوليه منصب القضاء فيجوز في هذه الحالة تولية الموسوس مع تعيين مساعد له من أهل الكفاءة لحفظ حقوق الناس .
2- أن يكون في البلد من هو أهل للقضاء وليس بموسوس ففي هذه الحالة لا يجوز تعيينه .
ثانياً : حكم شهادة الموسوس ، وله حالتان :
1- أن تكون الوسوسة ليست له صلة بموضوع الشهادة فهذا تقبل شهادته إذا كان ضابطاً لها .
2- أن تكون الوسوسة متعلقة بشروط الشهادة أو موضوعها فإن كانت الوسوسة ليست مستحكمة في تصرفاته بحيث يكون ضابطاً لأمر الشهادة فهذا تقبل شهادته ، وإن كانت الوسوسة بحيث يصبح متردداً في شهادته فهذا لا تقبل شهادته .
الفصل الثامن : أثر الوسوسة على الفرد والجماعة :
ذكر المؤلف عدة آثار تظهر على الموسوس بعد فترة من الزمن ، فمن آثاره عليه : الإنطواء والعزلة ،والقلق النفسي ، وترك الأعمال الصالحة ، وإهمال مصالح الدنيا ، والوقوع في الشبهات ، وحصول بعض الأمراض العضوية ، وشغل ذمة الموسوس بأمور هو في غنى عنها ، والتلفظ ببعض الألفاظ غير اللائقة ، وإضاعة الأوقات ، وفعل بعض المحرمات ، والخوف من العبادة ، وانتشار الوسوسة من مجال لآخر فتبدأ الوسوسة بداية متواضعة ولكنها سرعان ما تنتشر ، وكذلك ضعف الجسم ، وسوء الخلق ، وفقد حلاوة العبادة ، ومن آثاره على الجماعة سوء الظن بالمسلمين وإصابة الموسوس بالقلق ، واقتداء بعض العامة ببعض الموسوسين خاصة إن كان من أهل الصلاح ، ولحوق الإثم بالمسلمين حيث قد يكون موضع سخرية واستهزاء من الذين لم يعرفوا قدر الوسوسة .
الفصل التاسع : طرق الوقاية من الوسوسة وعلاجها :
فمن طرق الوقاية من الوسواس : معرفة حال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطهارة والصلاة وتقديم الاحتمال بالتقوى ثم إردافه بالدعاء ، وعدم الفراغ ، ومحاربة الوسوسة قبل وصولها إليك ، ومن طرق علاجها : كثرة التضرع إلى الله جل وعلا ، وطلب العلم الشرعي ، ومعرفة العدو الحقيقي وهو الشيطان ، وقراءة القرآن وتدبر معانيه ، وخاصة التي تدل على ضعف كيد الشيطان ، وقد ذكر المؤلف عدة آيات ووقف معها ، وأن يرقي الموسوس نفسه بالأذكار الشرعية ورقية غيره له ، وأن يتيقن المصاب أنه مصاب بالوسوسة وأنه مبتلى ، ومن طرق العلاج مخالطة الناس وحضور المناسبات وقراءة الكتب التي تتحدث عن الوسوسة مثل إغاثة اللهفان وتلبيس إبليس ، وأن يتأمل الموسوس في حاله وفي حال الموسوسين ، وألا يجعل الوسواس أبلغ همه ، وللموسوس أن يعمل بالأقوال المرجوحة حتى يذهب عن الموسوس ما فيه ( كما بينا سابقاً ) والصبر على هذا البلاء ، وقوة الإرادة ،ومصاحبة الأخيار ، والاشتغال بالأعمال الصالحة وغيرها مما ذكره المؤلف مما يصل إلى اثنين وثلاثين فائدة ، ثم ذكر المؤلف أهم طرق علاج الوسواس القهري .
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
الملاحظات : 1- لم يتعرض الباحث لأحكام الوسوسة المتعلقة بأبواب المعاملات وقد أشار إلى السبب في ذلك وهو قلة حدوث الوسوسة فيها .
2- يعقب المؤلف غالبا بعد ذكر المذاهب الفقهية وأدلتها في المسائل الخلافية وبيان الراجح بذكر آراء علماء البلاد السعودية كسماحة الشيح محمد بن إبراهيم آل الشيخ والشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز والشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمهم الله وفضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين فيما يتعلق بتلك المسائل .
تأليف : حامد بن مدّه بن حميدان الجدعاني
الناشر : دار الأندلس الخضراء - جدة- السعودية
رقم الطبعة : الأولى
تاريخ الطبعة: 03/07/2001
نوع التغليف: مقوى فاخر (فني) كعب مسطح
عدد الأجزاء : 1
الرقم في السلسلة : 0
عدد الصفحات : 478
حجم الكتاب : 17 × 24 سم
السعر : 0.0 ريال سعودي ($0.00)
التصنيف : / فقه / أحكام خاصة
الموضوع الأصلي:
الوسوسة وأحكامها في الفقه الإسلامي
نبذة عن الكتاب :
هذه رسالة علمية تناولت الأحكام الفقهية المتعلقة بالوسوسة في العبادات والنكاح والأطعمة والقضاء ودراستها دراسة فقهية مقارنة مع بيان أثر الوسوسة على الفرد والمجتمع وطرق الوقاية منها وعلاجها . وقد جاءت الرسالة في مقدمة بين فيها المؤلف أهمية البحث وأسباب اختياره وخطته ومنهجه المتبع في كتابة الرسالة ثم تمهيد عرف فيه الباحث الوسوسة في اللغة والاصطلاح والطب الحديث مع بيان الفرق بين الوسوسة والظن والشك والوهم والاحتياط ، ثم عقد بعد ذلك تسعة فصول مرتبة كالتالي : الفصل الأول في أسباب الوسوسة وأقسامهاوحكمها ثم الفصل الثاني في حكم الوسوسة في الاستنجاء والاستجمار والفصل الثالث في حكم الوسوسة في الصلاة وبعده الفصل الرابع في حكم الوسوسة في الأطعمة والحج ثم الفصل الخامس في حكم الوسوسة في النكاح والفصل السادس في حكم الوسوسة في الأطعمة والفصل السابع في حكم الوسوسة في القضاء ثم الفصل الثامن في أثر الوسوسة على الفرد والجماعة والفصل التاسع في طرق الوقاية من الوسوسة وعلاجها ثم الخاتمة ولخص فيها الباحث أهم نتائج الدراسة ثم ذيل البحث بفهارس عامة .
الخلاصة : بسم الله الرحمن الرحيم – الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .. أما بعد :
فهذا مختصر كتاب الوسوسة وأحكامها في الفقه الإسلامي ، تأليف حامد بن مدة بن حميدان الجدعاني ، وقد نال بها درجة " العالمية " الماجستير في الفقه المقارن من المعهد العالي للقضاء ، بإشراف الدكتور عبدالعليم بن محمد محمدين وقد قدم للرسالة الدكتور علي بن راشد الدبيان مستشار وزير العدل والأستاذ بالمعهد . قد بين المؤلف أهمية بحثه وذلك بالتأمل في آثار الوسوسة ، وحاجة الكثير من المسلمين إلى كشف اللثام عن أحكامها ، وقد اختار المؤلف هذا البحث لماله من صلة وثيقة بواقع الناس ، وإهمال كثير من الناس لأهميته وإصابة بعض طلاب العلم بهذا الداء حيث أنهم هم زينة المجتمع وعماده ، وقد قسم الباحث بحثه إلى تسعة فصول ، حيث عرف الوسوسة وأقسامها وأسبابها وحكمها في الفصل الأول ، وفي الفصل الثاني عرض حكم الوسوسة في الطهارة من استنجاء واستجمار وآنية ووضوء وفي الحيض ، وفي الفصل الثالث عرض أحكام الوسوسة في الصلاة ، أما حكم الوسوسة في الصوم والحج فقد عرضها في الفصل الرابع ، وعرض في الخامس حكم الوسوسة في النكاح وفي السادس حكمها في الأطعمة ، وفي الفصل السابع حكم الوسوسة في القضاء ، وقد عرض أثر الوسوسة على الفرد والجماعة وطرق الوقاية منها وعلاجها في الفصل الثامن والتاسع ، وقد عرض المؤلف المسائل الفقهية واختلاف العلماء فيها ، واكتفى بذكر اختلاف المذاهب الأربعة وترجيح الراجح منها ، وتذييل ذلك بأقوال بعض أهل العلم المعاصرين ، وقد راعى المؤلف قواعد البحث من توثيق المادة ، وعزو الآيات والأحاديث والآثار ، وترجمة للأعلام غير المشهورين ، ووضع قائمة للمراجع وفهرساً للموضوعات .
تمهيد تعريف الوسوسة :
بعد ذكره التعريفات اللغوية وتعريفات العلماء للوسوسة خلص المؤلف إلى التعريف العام حيث عرفها : بأنها حديث النفس أو الشيطان بما لا نفع ولا خير لذاته أو ما يؤدي إليه ، أما تعريف الوسوسة في اصطلاح الفقهاء فبعضهم عرفها بالتعريف العام ، وبعضهم عرفها باعتبارها مرضاً ، ذكر المؤلف عدة تعريفات للعلماء للوسوسة بهذا الاعتبار حيث يطلقها ويقصدون بالموسوس المغلوب على عقله ، ويقصد بعضهم من يكثر من الشك أو من لا ينفك عنه الوهم ، ويعرفها بعضهم بتردد الشيء في النفس ، ويعرفها البعض" من يحدث نفسه بطلاق زوجته من غير أن يتلفظ به "، وقد نبه المؤلف إلى التدقيق في تعريفات الفقهاء فإنها تختلف من باب لآخر ، ثم تحدث المؤلف عن الوسواس القهري حيث عرفه إذا كان في أمر شرعي بأنه مرض يؤدي إلى تصرفات خارجة عن المألوف في أمور شرعية ،و ذكر صفات الموسوس والفرق بين الظن والوسوسة وهو أن الظن هو اعتقاد احتمال الراجح أما الوسوسة فهي صفة التردد بين الفعل والترك ، والفرق بين الوسوسة والشك أن الشك ينبني على أمر معتبر بخلاف الوسوسة ، والفرق بينها وبين الوهم أن الوسوسة يكون فيها التردد بين الفعل والترك ، أما الوهم فلا تردد فيه بل يحكم بالشيء مع احتمال نقيضه احتمالاً راجحاً ، وأما الفرق بينها وبين الاحتياط ، فالاحتياط هو الاستقصاء المبالغة في اتباع السنة من غير غلو ومجاوزة ، أما الوسوسة فعكس ذلك وقد ضبط الفقهاء الوسوسة بأنها التي تسبب مشقة ظاهرة في أداء العبادة ممن اعتراه الشك وكثر عليه حتى شق عليه أداء العبادة فهو موسوس .
الفصل الأول : أسباب الوسوسة وأقسامها وحكمها :
وقد عدد المؤلف أسباب الوسوسة في الغلو والتكلف في بعض الأمور والتشدد فيها ، وضعف الصلة بين العبد وربه ، وإرتكاب المعاصي ، والعادات السيئة مثل البول في المستحم ، وضعف الإرادة ، وهجر القرآن ، وترك الأدعية والأذكار الشرعية والفراغ ، والاعتزال عن الناس ، والعزوف عن النكاح ، وعدم تطهير القلب وخبل العقل ، وطبيعة المرحلة التي يميز بها الإنسان مثل مرحلة المراهقة وكبر السن والتساهل في القضاء على بوادر الوسوسة ، وعدم ربط العلم بالعمل ، أما أقسام الوسوسة فقد ذكر المؤلف تقسيمات العلماء في ذلك بعدة اعتبارات ( 113 – 119 ) سواء علماء الشريعة أم علماء طب النفس .
أما حكم الوسوسة فأما ما يقع في صدره من الوسوسة فقد اختلف العلماء في ذلك ما بين الإعفاء المطلق وعدم المحاسبة عليه ، وما بين مقيده باستقراره في القلب وعدمه وبعد ذكر الأدلة يترجح للمؤلف القول الأول وذلك لعموم الأدلة القاضية بالعفو عن أحاديث النفس ، أما حكم التجاوب مع الوسواس فإن كان الوسواس قد بلغ به مرحلة الجنون فهذا تكون تصرفاته معفو عنها ، وإذا كان من قبيل الوسواس القهري فهذا يعفىعن استجابته لخروج ذلك عن إرادته ، أما إذا كانت من قبيل إلقاء الشيطان أو حديث النفس فهذا مما يحرم على المسلم متابعته .
وقد أورد المؤلف شبه أهل الوسواس من حيث تمسكهم بها ذريعة لما يقومون به من تصرفات غريبة .
الفصل الثاني : حكم الوسوسة في الطهارة .
وقد ضمن المؤلف ذلك حكمها في الاستنجاء والآنية والوضوء والغسل والحيض . أما حكمها في الاستنجاء والاستجمار فبعد أن ذكر عدد مرات الاستنجاء والاستجمار للإنسان العادي واختلاف العلماء في ذلك رجح أن عددها في الاستجمار الايتار إذا لم ينقي المحل وإذا نقي فإن السنة ثلاثة أحجار أما بالنسبة للموسوس فقد رجح المؤلف أنه في حالة الاستجمار إذا لم يتجاوز الخارج موضع العادة فيكفيه ثلاثة أحجار إذا أنقت وعليه الحزم وإيقاف الاسترسال مع الوسوسة وإلا فلن يكفيه العدد الكثير من الأحجار أما في حالة الاستنجاء أو في حالة تجاوز الخارج الموضوع المعتاد بما لم تجر به العادة فيرى المؤلف قول من قال بثلاث غسلات أو أقل منها إذا حصل الإنقاء لأنها تساعد على وضع حد للوسواس ، وقد نبه المؤلف إلى أن المبالغة في ذلك محرمة إذا أدى إلىتعذيب النفس وإرهاق الجسد ، أما ما يفعله أهل الوسواس بعد البول من إخراج أثر البول من موضعه بصور شتى ( 170 – 172 ) فهذا من الابتداع في دين ومن التشدد فيه وقد رجح المؤلف هذا القول بعد ذكره لأقوال العلماء في ذلك وأدلتهم ، أما الموسوس بانتقاض الطهارة بحيث يخيل إليه أنه قد خرجت منه قطرة أو قطرات فهذا مما لا يلتفت إليه لعموم الأدلة الدالة على ذلك ، وأما الاستنجاء من الريح فإنه لا يجب لعدم وجود دليل صحيح على ذلك ، أما حكم إطالة المكث بالخلاء فقد اختلف العلماء فيه بين التحريم والكراهة ، ولكن ينبغي على الإنسان أن يحفظ نفسه مما يضرها ، وإذا كثر الوسواس في أمر الطهارة ، بحيث يخيل إليه خروج قطرات فهذا يستحب في حقه نضح السراويل لدفع الوسواس ، بل إنه إذا تيقن أن وسوسته لا تندفع إلا بالنضح فإنه يجب ، أما حكم الوسوسة في الآنية فإن كانت الوسوسة في استعمال آنية الكفار فالذي يرجحه المؤلف أن آنية الكفار الذين لا يتعبدون بملامسة النجاسة – يجوز استعمالها مطلقاً إذا جهل حالها ولم تعلم نجاستها ، أما إذا كانوا يتخذون ملامسة النجاسة ديانة لهم فلا تستعمل إذا وجد غيرها ، فإن لم يوجد تغسل وتستخدم ، فعلى المسلم عدم الإلتفات إلى الوسواس ، ويعلم الموسوس يسر الشريعة ولله الحمد ، أما إذا شك في نجاستها والعكس فإنه يبني على اليقين وليطرح الشرك جانباً .
أما بالنسبة للوسوسة في الوضوء فإن كانت في النية فيرى المؤلف أن الوسوسة في نية الوضوء ليس لها تأثيراً في صحته وعليه إهمال هذه الوساوس لأن النية معقودة لكل عاقل مختار أراد أن يتوضأ ، أما إن كانت الوسوسة التي به شديدة لا يمكنه دفعها فلا بأس أن يتلفظ بنية الوضوء من باب علاج الوسوسة ومتى شفاه الله ترك ذلك ، أما الوسوسة في نجاسة ماء الوضوء فإن الموسوس ليس له حكم بنجاسة ماء الوضوء حتى يتبين له نجاسته بدليل متيقن معتبر والضابط في ذلك أن ما يسلب اسم الماء المطلق يمنع الطهارة به وما لا فلا ، والأصل في الماء الطهارة والتطهير مالم يتغير ، أما حكم الوسوسة في ترك بعض أعضاء الوضوء فقد نص الفقهاء أنه لا يلتفت إليها مطلقاً ، لأن الأحكام الشرعية تبنى على أسباب معتبره و الوسوسة ليس منها أما الوسوسة بالزيادة على الغسلات الثلاث في الوضوء فليعلم من ابتلى بهذا الأمر بحجة كمال الوضوء أنه يجب تركه وقطع الوسوسة وعدم الإلتفات إليها ، لأن الزيادة على الغسلات الثلاث لغير حاجة بدعة وذلك لورود النهي عن ذلك ولعدم ورود الزيادة عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا على القول الذي رجحه المؤلف بعد ذكره أقوال أهل العلم ، أما الوسوسة بانتقاض الوضوء فإنه لا يلتفت إليها ولا يعتد بها ، والقاعدة في ذلك لا يعيد حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً ، أما الوسوسة بالإسراف في ماء الوضوء ، فالأصل في الإسراف فيه بلا حاجة أنه بدعة في حق غير الموسوس ، ومعصية يعاقب عليها الموسوس إن كان تبعاً لإرادته أما إن كانت وسوسته من مرض فليس بمبتدع لأنه مريض فيغتفر في حقه .
حكم الوسوسة في الغسل فإن كانت الوسوسة في عدم التفريق بين المني والمذي والودي فإن الوسوسة لا ترتقي إلى درجة تكوين الاشتباه بينها فكل واحد منها له صفاته المعتبرة فعليه عدم الالتفات إلى الوسوسة ، أما من تيقن الجنابة وشك في الطهارة أو العكس
فإن القاعدة في ذلك أن يبني على ماتيقن ويلغي الشك 0 حكم الوسوسة في الحيض فإن كانت الوسوسة في التفريق بين دم الحيض والاستحاضة فلكل واحد منهما صفات معتبرة يعرف بها ، ولا ترتقي الوسوسة إلى درجة تكوين الاشتباه بينهما ، أما الوسوسة في الصفرة والكدرة في زمن الحيض وبعده ، فإن كان في زمن الحيض فهومنه ، وإن كان بعده أو قبله فليس منه أما الوسوسة بترك التعامل مع المرأة الحائض ، فهومن التنطع والتشدد في الدين ، فالواجب التعامل معها وحسن معاشرتها والرفق معها ويصنع معها كل شيء إلا النكاح .
الفصل الثالث : حكم الوسوسة في الصلاة
إذا كانت الوسوسة في نية الصلاة فكما هو معلوم أن التلفظ بالنية بدعة ومحلها القلب ، فعلى الموسوس أن لا يفعل ذلك لأن حضوره للصلاة التي يؤديها هو نية بذاته ويستثنى من ذلك من اشتدت به الوسوسة ولا يمكنه دفعها فلا بأس أن يتلفظ بالنية علاجاً للوسوسة ومتى شفاه الله ترك التلفظ ، وإن كانت الوسوسة في ترك تكبيرة الإحرام فإنه لا يلتفت إليها وليس لها أي تأثير في الصلاة إلا إذا قطع صلاته بسبب تلك الوسوسة ،أما حكم ترديد الموسوس لكلمات من الفاتحة أو التشهد فالراجح عند المؤلف أنها لا تبطل الصلاة لمن اشتدت عليه الوسوسة لأنها خارجة عن إرادته ويجب عليه المجاهرة للتخلص منها ، وإذا كانت الوسوسة في عدد الركعات أو السجدات أو نحوها فإن الذي رجحه المؤلف هو أن الموسوس لا يلتفت إلى الوسوسة ، أما على ماذا يبنى فهذا كل حالة بحسبها ، إما أن يبني على الأصل ويلغي الشك ، أو أن يبني على التمام بحيث أنه لو وسوس هل سجد أم لا فإنه يبني على أنه سجد ، وإذا وسوس المصلي بنجاسة ثوبه في الصلاة ، فإنه لا يجوز له الخروج من الصلاة وعليه أن يمضي في صلاته لأن اليقين لا يزول بالشك أما الوسوسة مع يسير الدم فقد اختلف الفقهاء في حكم ذلك والذي رجحه المؤلف العفو عن يسير الدم ، والوسوسة في ذلك لا اعتبار لها ، أما حد يسير الدم فقد رجح المؤلف عدم الأخذ برأي الموسوس في معرفة حده ، ويعتبر برأي أوساط الناس ، أما الصلاة بالنعال فإنها سنة المصطفى عليه الصلاة والسلام إذا علم طهارتها ولا يلتفت إلى قول الموسوسين مع الإشارة إلى مساجد هذا الزمان وما فيها من فرش قد يؤدي إلى تجمع الأتربة فيها ، فالأولى حفظ النعال خارج المسجد ، وعدم التشدد في ذلك ، وأما إمامة الموسوس في الصلاة فإن كانت في ذات الصلاة فإن وصل إلى حد الجنون فلا تجوز ، وإن لم تصل وسوسته إلى ذلك فالذي رجحه المؤلف بعد ذكره لخلاف العلماء أن إمامة الموسوس تصح إذا كانت الوسوسة خفيفة وليست ظاهرة في تصرفاته وأما إذا كثرت وظهرت آثارها فلا يصلح لإمامة الناس ، أما حكم الوساوس في الصلاة فالذي رجحه المؤلف أنها لا تبطل الصلاة وإن كثرت ولكنها تنقص الأجر وعلى المؤمن دفعها ومعالجتها ومجاهدتها وذلك بقوة المقتضي بأن يجتهد في أن يعقل ما يقوله ويتدبر القراءة والذكر والدعاء ، ويدفع ما يشغل القلب من تفكير فيما لا يعنيه .
الفصل الرابع : حكم الوسوسة في الصوم والحج :
إن الإنسان يأتي بالنية واليقين لا يزول بالشك والوسوسة أمر مشكوك فيه ، وإذا كثرت الوساوس فإن للموسوس أن يجهر بالنية ، ومتى شفاه الله ترك ذلك ، وإذا وسوس في وقت الصوم فإن وسوس أنه أكل بعد طلوع الفجر أو أفطر قبل غروب الشمس فلا أثر له في صحة الصوم ، وقد نبه المؤلف إلى مسألتين الأولى من أكل شاكاً في طلوع الفجر فإن صومه صحيح ، وإن أكل شاكاً في غروب الشمس فالذي عليه جمهور الفقهاء أن عليه القضاء لأن الأصل بقاء النهار ، وإذا وسوس الإنسان بانتقاض صومه بأحد المفطرات فلا يلتفت إليه بمجرد الشك ، وقد يظن بعض الموسوسين أن دخول الغبار والحشرات الطائرة إلى الفم بغير قصد يعتبر من المفطرات وهذا غير صحيح .
ثانياً : حكم الوسوسة في الحج : أما الوسوسة في عدد الأشواط فإن كان الشك كثيراً فإنه لا يلتفت إليه وهو غير مؤثر في صحة الطواف ، وإن كان الشك قليلاً وكان داخل الطواف ولم يترجح عنده شيء فليبن على الأقل ، وإن كان الشك خارج الطواف فلا يلتفت إليه إلا أن يتيقن ، أما الوسوسة في انتقاض الوضوء في الطواف ، فالذي رجحه المؤلف بعد ذكره لخلاف العلماء أن الوضوء شرط لصحة الطواف فعليه بتطبيق أحكام الموسوس في انتقاض وضوءه في الصلاة ، وإذا شك في عدد الجمرات فإنه يبني على التمام ولا يلتفت للوسوسة ، وكذلك في وقوع الحجر في الحوض ووسوسته في ارتكاب محظورات الإحرام .
الفصل الخامس : حكم الوسوسة في النكاح :
أولاً : حكم طلاق الموسوس ، له حالات : فإن كان الموسوس مصاباً بوسوسة ليست في مجال النكاح مثل الصلاة فهذا يقع منه الطلاق ، والحالة الثانية : أن تكون لها علاقة بالنكاح فقد يكون دائم التفكير هل طلق أم لا ، ويفسر أدنى قول أو فعل أنه تطليق فهذا إذا وصلت به الوسوسة حد الجنون لا شيء عليه ، أما إذا لم تصل فالراجح عدم وقوع الطلاق أما إذا استحكم به الوسواس بعد أن حاك في صدره فينطق بالطلاق ليرتاح مما هو فيه من عناء فقد رجح المؤلف بعد ذكره لاختلاف العلماء عدم وقوع الطلاق مع التنبيه على أن الوسوسة لا خير فيها ، وعلى القضاة مراعاة ذلك بسؤال أقارب الموسوس عما هو عليه من وسوسة .
ثانياُ : الوسوسة في العشرة الزوجية بأن يشك الزوج في زوجته فهذا مما ينبغي التنبيه له وإلى دفع هذه الوساوس الخبيثة والتي لاتستند إلى سبب معتبر .
ثالثاً : الوسوسة في وجود الرضاع فأما هذا النوع من الوسوسة لا يلتفت إليه لأن الأصل عدم الرضاع ، وماهي إلا مجرد تخيلات لا يسندها سبب معتبر .
الفصل السادس : حكم الوسوسة في الأطعمة :
أولاً : الوسوسة في طعام أهل الكتاب : فينظر إلى أن الأصل في ذبائحهم الحل ، فلا يلتفت إلى الوسوسة في طعامهم .
ثانياً : الوسوسة بترك التسمية عند الذبح فقد اختلف العلماء أصلاً في حكم أكل الذبيحة إذا نسي أن يسمي عليها ، فالذي رجحه المؤلف أنه حلال وبذلك لا يلتفت إلى الوسوسة مطلقاً .
ثالثاً : الوسوسة بعدم مواكلة الصبيان : حيث ابتلي به البعض بحجة الاحتياط من النجاسات التي مع الصبيان ، وهذا من البدع المذمومة التي ذمها أهل العلم فلذلك لا يلتفت إلى هذه الوسوسة مطلقاً ، ولكن لا يكون الموسوس مبتدعاً إذا ترك مؤاكلة الصبيان لأن هذا الفعل ليس باختياره .
الفصل السابع : حكم الوسوسة في القضاء :
أولاً : حكم تولية الموسوس منصب القضاء ، وهذا له حالات : إذا توفرت فيه شروط القضاء فإن كانت وسوسته في غير مجال القضاء كالطهارة والصلاة فليس هناك ما يمنع من توليته القضاء ، والأولى عدم تعيينه من باب حفظ هيبة القاضي ، وإن كانت وسوسته في مجال القضاء كأن يوسوس بأنه لم يعدل بين الخصوم ، أو أنه لم يحسن الاستماع إلى الشهود ، فهذا له حالتان :
1- أن يكون البلد خالياً ممن تتحقق فيه الشروط لتوليه منصب القضاء فيجوز في هذه الحالة تولية الموسوس مع تعيين مساعد له من أهل الكفاءة لحفظ حقوق الناس .
2- أن يكون في البلد من هو أهل للقضاء وليس بموسوس ففي هذه الحالة لا يجوز تعيينه .
ثانياً : حكم شهادة الموسوس ، وله حالتان :
1- أن تكون الوسوسة ليست له صلة بموضوع الشهادة فهذا تقبل شهادته إذا كان ضابطاً لها .
2- أن تكون الوسوسة متعلقة بشروط الشهادة أو موضوعها فإن كانت الوسوسة ليست مستحكمة في تصرفاته بحيث يكون ضابطاً لأمر الشهادة فهذا تقبل شهادته ، وإن كانت الوسوسة بحيث يصبح متردداً في شهادته فهذا لا تقبل شهادته .
الفصل الثامن : أثر الوسوسة على الفرد والجماعة :
ذكر المؤلف عدة آثار تظهر على الموسوس بعد فترة من الزمن ، فمن آثاره عليه : الإنطواء والعزلة ،والقلق النفسي ، وترك الأعمال الصالحة ، وإهمال مصالح الدنيا ، والوقوع في الشبهات ، وحصول بعض الأمراض العضوية ، وشغل ذمة الموسوس بأمور هو في غنى عنها ، والتلفظ ببعض الألفاظ غير اللائقة ، وإضاعة الأوقات ، وفعل بعض المحرمات ، والخوف من العبادة ، وانتشار الوسوسة من مجال لآخر فتبدأ الوسوسة بداية متواضعة ولكنها سرعان ما تنتشر ، وكذلك ضعف الجسم ، وسوء الخلق ، وفقد حلاوة العبادة ، ومن آثاره على الجماعة سوء الظن بالمسلمين وإصابة الموسوس بالقلق ، واقتداء بعض العامة ببعض الموسوسين خاصة إن كان من أهل الصلاح ، ولحوق الإثم بالمسلمين حيث قد يكون موضع سخرية واستهزاء من الذين لم يعرفوا قدر الوسوسة .
الفصل التاسع : طرق الوقاية من الوسوسة وعلاجها :
فمن طرق الوقاية من الوسواس : معرفة حال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطهارة والصلاة وتقديم الاحتمال بالتقوى ثم إردافه بالدعاء ، وعدم الفراغ ، ومحاربة الوسوسة قبل وصولها إليك ، ومن طرق علاجها : كثرة التضرع إلى الله جل وعلا ، وطلب العلم الشرعي ، ومعرفة العدو الحقيقي وهو الشيطان ، وقراءة القرآن وتدبر معانيه ، وخاصة التي تدل على ضعف كيد الشيطان ، وقد ذكر المؤلف عدة آيات ووقف معها ، وأن يرقي الموسوس نفسه بالأذكار الشرعية ورقية غيره له ، وأن يتيقن المصاب أنه مصاب بالوسوسة وأنه مبتلى ، ومن طرق العلاج مخالطة الناس وحضور المناسبات وقراءة الكتب التي تتحدث عن الوسوسة مثل إغاثة اللهفان وتلبيس إبليس ، وأن يتأمل الموسوس في حاله وفي حال الموسوسين ، وألا يجعل الوسواس أبلغ همه ، وللموسوس أن يعمل بالأقوال المرجوحة حتى يذهب عن الموسوس ما فيه ( كما بينا سابقاً ) والصبر على هذا البلاء ، وقوة الإرادة ،ومصاحبة الأخيار ، والاشتغال بالأعمال الصالحة وغيرها مما ذكره المؤلف مما يصل إلى اثنين وثلاثين فائدة ، ثم ذكر المؤلف أهم طرق علاج الوسواس القهري .
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
الملاحظات : 1- لم يتعرض الباحث لأحكام الوسوسة المتعلقة بأبواب المعاملات وقد أشار إلى السبب في ذلك وهو قلة حدوث الوسوسة فيها .
2- يعقب المؤلف غالبا بعد ذكر المذاهب الفقهية وأدلتها في المسائل الخلافية وبيان الراجح بذكر آراء علماء البلاد السعودية كسماحة الشيح محمد بن إبراهيم آل الشيخ والشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز والشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمهم الله وفضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين فيما يتعلق بتلك المسائل .
تأليف : حامد بن مدّه بن حميدان الجدعاني
الناشر : دار الأندلس الخضراء - جدة- السعودية
رقم الطبعة : الأولى
تاريخ الطبعة: 03/07/2001
نوع التغليف: مقوى فاخر (فني) كعب مسطح
عدد الأجزاء : 1
الرقم في السلسلة : 0
عدد الصفحات : 478
حجم الكتاب : 17 × 24 سم
السعر : 0.0 ريال سعودي ($0.00)
التصنيف : / فقه / أحكام خاصة
الموضوع الأصلي: