Hukum Talak dan Khuluk Suami atas Paksaan Hakim
Hukum Talak dan Khuluk Suami atas Paksaan Hakim
Hukum Talak dan Khuluk Suami atas Paksaan Hakim
في مخالعة القاضي
هل يجوز للقاضي إكراه الزوج على الخلع؟
• إذا كان الراجح في الفقه هو ما عليه الجمهور من عدم وقوع طلاق المكرَه وخلعه، فهل إذا كان الإكراه من الحاكم أو القاضي، فهل يقع أم لا؟
نص الفقهاءُ على أنه إذا كان الإكراه بحق، فإن الطلاق أو الخُلْع يقع، وإن كان بغير حق، فلا يقع.
• ففي المهذب: (وأما المكره، فإنه ينظر، فإن كان إكراهه بحق كالمُولِي[1] إذا أكرهه الحاكمُ على الطلاق، وقع طلاقه؛ لأنه قول حُمِل عليه بحق، فصح؛ كالحربي إذا أكره على الإسلام، وإن كان بغير حق، لم يصحَّ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((رُفِع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه))، ولأنه قولٌ حُمِل عليه بغير حق، فلم يصح؛ كالمسلم إذا أُكره على كلمة الكفر، ولا يصير مكرَهًا إلا بثلاثة شروط، أحدها: أن يكون المكرِهُ قاهرًا له لا يقدر على دفعه، والثاني: أن يغلب على ظنه أن الذي يخافه من جهته يقع به، والثالث: أن يكون ما يهدِّدُه به مما يلحقه ضررٌ به؛ كالقتل، والقطع، والضرب المبرح، والحبس الطويل، والاستخفاف بمن يغض منه ذلك من ذوي الأقدار؛ لأنه يصير مكرَهًا بذلك، وأما الضرب القليل في حق مَن لا يبالي به، والاستخفاف بمن لا يغص منه، أو أخذ القليل من المال ممن لا يتبين عليه، أو الحبس القليل - فليس بإكراه، وأما النفي فإن كان فيه تفريق بينه وبين الأهل، فهو إكراه، وإن لم يكن فيه تفريق بينه وبين الأهل، ففيه وجهان، أحدهما: أنه إكراه؛ لأنه جعل النفي عقوبة كالحد، ولأنه تلحقه الوحشة بمفارقة الوطن، والثاني: ليس بإكراهٍ؛ لتساوي البلادِ في حقه)[2].
• ويقول الإمام النووي: (قال أصحابنا: التصرفات القولية التي يكره عليها بغير حق باطلة، سواء الرِّدة والبيع والإجارة، وسائر المعاملات، والنكاح، والخُلْع، والطلاق، والإعتاق، وغيرها، وأما ما أكره عليه بحق، فهو صحيح، قالوا: فتحصَّل مِن هذا أن المرتدَّ والحربيَّ إذا أُكرِهَا على الإسلام صحَّ إسلامهما؛ لأنه إكراه بحق، وكذا المكره على البيع بحق يصح بيعه كما سبق، وأما الذِّمِّي إذا أكره على الإسلام، فهو إكراه بغير حق؛ لأنا شرطنا في الذمة أن نُقرَّه على دينه .... وأما المُولِي بعد مضيِّ المدة فإذا طلق بإكراه القاضي له، نفَذ طلاقُه؛ لأنه إكراه بحق)[3].
• وفي المغني: (وإن كان الإكراه بحق، نحو: إكراه الحاكم المُولِيَ على الطلاق بعد التربص إذا لم يفِئْ، وإكراه الرَّجُلين اللذين زوجهما وليَّان ولا يعلم السابق منهما على الطلاق - وقَع الطلاق؛ لأنه قول حُمِل عليه بحق، فصحَّ؛ كإسلام المرتدِّ إذا أكره عليه، ولأنه إنما جاز إكراهه على الطلاق ليقع طلاقه، فلو لم يقع لم يحصل المقصود)[4].
• وقد نصَّ القرطبي على ذلك فقال: إن الرجل إذا خالع امرأته، فإنما هو على ما تراضيا عليه، ولا يجبره السلطان على ذلك[5]، ونحمل هذا على أن يكون الإجبارُ بغير حق.
• ويقول ابن عابدين: (الإكراه - بحق - لا يعدم الاختيار شرعًا؛ كالعِنِّين إذا أكرَهَه القاضي بالفُرقة بعد مضي المدة، ألا ترى أن المَدْيونَ إذا أكرهه القاضي على بيعِ ماله نفَذ بيعُه، والذِّمي إذا أسلَم عبدُه فأُجبِر على بيعه نفَذ بيعُه، بخلاف ما إذا أكرهه على البيع بغير حق؟)[6].
• وفي فتاوى النساء لابن تيمية أنه سئل عن: امرأة مبغضة لزوجها طلبت الانخلاع منه، وقالت له: إن لم تفارِقْني قتلتُ نفسي، فأكرهه الوالي على الفُرقة، وتزوجت غيره، وقد طلبها الأول وقال: إنه فارَقها مكرَهًا، فأجاب: إن الزوج الأول إن كان أُكرِه على الفُرقة بحق، مثل: أن يكون مقصِّرًا في واجباتها، أو مضرًّا لها بغير حق من قول أو فعل - كانت الفُرقة صحيحةً، والنكاح الثاني صحيحًا، وهي زوجة الثاني، وإن كان أكره بالضرب أو الحبس وهو محسِنٌ لعِشرتها حتى فارَقها - لم تقَعِ الفُرقة، بل إذا أبغضَتْه وهو مُحسِن إليها، فإنه يُطلَبُ منه الفُرقةُ من غير أن يُلزَمَ بذلك، فإن فعل وإلا أُمِرت المرأة بالصبر عليه إذا لم يكُنْ ما يُبيح الفسخَ[7].
وفي ضوء هذه الأقوال للسادة الفقهاء يتضح أن المسألة بها تفصيل، وذلك على النحو التالي:
أولاً: إن كان الإكراه بحق:
• كأن يثبت لدى القاضي أن الزوج مقصِّر في أداء واجباته، أو مضرٌّ لزوجته بالقول أو الفعل، فهنا إذا طلبت الزوجة من زوجها أن يخالعها وتعسَّف الزوج في استعمال حقه ولم يخالع، فإنه من الخير أن يستنبط من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في واقعة امرأة ثابت بن قيس أن يكون للقاضي سلطةُ التقدير، فيكون له حق المخالعة بين الزوجين إذا رفعت الزوجة أمرها بأنها لا تطيق زوجها بُغضًا، وأن العِشرة بينهما صارت مبعث الشقاء، وأنها - أي الزوجةَ - على استعداد لدفع العِوَض الذي يقرِّره القاضي بعد بحث نوع الشقاق، وعدم إمكان الصلح بينهما، فيأمر القاضي الزوجين بالمخالعة، على أن تدفع الزوجةُ العِوَض إلى الزوج، الذي يقدره القاضي، فإن رضي الزوج بذلك، وإلا ألزمه القاضي وخالَع نيابة عنه، كما له أن يطلِّق نيابة عنه إذا ألحق بالزوجة ضررًا، ورفض الزوج أن يطلِّق، وأمسكها ضرارًا.
• فقد نصَّ الفقهاء في هذه الحالة على أن القاضي يطلق عن الزوج، بل من الفقهاء من قال بأن للقاضي أن يؤدِّبَ الزوجَ بخلاف إجباره على الطلاق؛ ففي الشرح الكبير: (ولها - أي: للزوجة - التطليق على الزوج بالضرر، وهو ما لا يجوز شرعًا؛ كهجرها بلا موجب شرعي، وضربها كذلك، وسبها وسب أبيها، نحو: يا بنت ...، كما يقع كثيرًا من رَعاع الناس، ويؤدَّبُ على ذلك زيادةً على التطليق، كما هو ظاهر، وكوطئِها في دُبرها ...، ومتى شهدت بينة بأصل الضرر، فلها اختيار الفِراق، ولو لم تشهد البينة بتكرُّره؛ أي: الضرر)[8].
• ونرى أن في تقنين الطلاق للضرر - والذي نظمه القانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 - ما يُغني عن النص المستحدَث في هذه الحالة؛ فقد نص ذلك القانون على ما يلي:
مادة (6):
إذا ادَّعت الزوجة إضرار الزوج بها بما لا يستطاع معه دوام العِشرة بين أمثالهما، يجوز لها أن تطلب من القاضي التفريق، وحينئذٍ يطلِّقها القاضي طلقة بائنة إذا ثبت الضرر وعجز عن الإصلاح بينهما، فإذا رفض الطلب وتكرَّرت الشكوى ولم يثبُتِ الضرر، بعَث القاضي حكَمين، وقضى على الوجه المبيَّن بالمواد 7، 8، 9، 10، 11.
مادة (7):
يُشترط في الحكَمين أن يكونا عَدْلينِ، من أهل الزوجين إن أمكن، وإلا فمِن غيرهم ممن له خبرةٌ بحالِهما، وقدرةٌ على الإصلاح بينهما.
مادة (8):
يشتمل قرارُ بعث الحكَمين على تاريخ بدءِ وانتهاء مأموريتهما، على ألا تجاوز مدة ستة أشهر، وتخطر المحكمة الحكَمين والخَصم بذلك، وعليهما تحليف كلٍّ من الحكَمين اليمين بأن يقوم بمهمته بعدلٍ وبأمانة.
ويجوز للمحكمة أن تعطي للحكمين مهلة أخرى مرة واحدة، لا تزيد على ثلاثة أشهر، فإن لم يقدِّما تقريرهما، اعتبرتهما غيرَ متفقين.
مادة (9):
لا يؤثر في سَيرِ عمل الحكَمين امتناعُ أحد الزوجين عن حضور مجلس التحكيم متى تم إخطارُه.
وعلى الحكَمين أن يتعرَّفا أسباب الشقاق بين الزوجين، ويبذلا جهدهما في الإصلاح بينهما على أية طريقة ممكنة.
مادة (10):
إذا عجز الحكَمان عن الإصلاح:
1) فإن كانت الإساءة كلها من جانب الزوج، اقترح الحكَمان التطبيق بطلقة بائنة دون المساس بشيء من حقوق الزوجة المترتبة على الزواج والطلاق.
2) إذا كانت الإساءة كلُّها من جانب الزوجة، اقترحا التطليق نظير بدلٍ مناسب يقدِّرانه، تلتزم به الزوجة.
3) إذا كانت الإساءة مشتركة، اقترحا التطليق دون بدلٍ أو ببدلٍ يتناسب مع نسبة الإساءة.
4) وإن جهل الحال فلم يُعرف المسيء منهما، اقترح الحكَمان تطليقًا دون بدل.
مادة (11):
على الحكَمين أن يرفعا تقريرهما إلى المحكمة مشتملاً على الأسباب التي بُنِي عليها.
فإن لم يتفقا، بعثتهما المحكمةُ مع ثالث له خبرةٌ بالحال تقدره على الإصلاح، وحلفتْه اليمين المبيَّنة بالمادة (8).
وإذا اختلفوا أو لم يقدموا تقريرهم في الميعاد المحدد، سارت المحكمة في الإثبات، وإن عجزت المحكمة عن التوفيق بين الزوجين وتبيَّن لها استحالةُ العِشرة، وأصرَّت الزوجة على الطلاق، قضَتِ المحكمة بالتطليق بطلقة بائنة، مع إسقاط حقوق الزوجة المالية كلها أو بعضها، وإلزامها بالتعويض المناسب إن كان لذلك كلِّه مقتَضٍ.
ثانيًا: إن كان الإكراه بغير حق:
1- إذا كان الزوج محسنًا لعِشرة زوجته، فأبغضتْه الزوجة وطلبت مخالعته، فهنا يُندَب له أن يجيبها من غير إلزام عليه، وقد روي عن عمر بن الخطاب قولُه لرجل: اخلَعْ زوجتك، لَمَّا رأى من كراهيتها له، وكانت قد نشزت منه[9]، فعند كراهية الزوجة للزوج يستحبُّ للزوج أن يجيب طلبها في المخالعة، أو يتقدم هو إليها بطلب المخالعة؛ لأن كراهيتها له - لا سيما إذا كان مع بُغضها له نشوزٌ منها، أو خروج عن طاعته - بمنزلة طلبها الاختلاعَ منه، وإن كان بصورة غير مباشرة وغير صريحة[10].
أما إن كان له ميل قلبي إليها، فلا يُطلَب منه إجابتها للخلع، بل تطالب هي بالصبر عليه، وترضى بالمقام معه، ولا تطلب الخُلْع[11].
2 - وفي هذه الحالة لا يجوز للقاضي أن يجبر الزوج على المخالعة، فلا يقع الخُلْع بإكراه القاضي، إلاَّ إذا كان بحق.
وقد قدَّمنا أن المرأة التي تجد زوجًا حسَنَ العِشرة أو مقبول الطباع، ثم تطلب منه الفُرقة من غير سبب يدعوها لذلك، تكون جديرةً بوعيد النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف: ((أيما امرأةٍ سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس، فحرامٌ عليها رائحةُ الجنة))[12].
224 - ولعل أهم ما يؤخذ على النص المستحدث بالمادة رقم (20) من القانون رقم 1 لسنة 2000 هو عدمُ اعتنائه بهذا التفصيل، وعدم إعطاء سلطة تقديرية للقاضي في قبول طلب الخُلْع من الزوجة، أو رفضه في ضوء ظروف الدعوى وحال الزوج، فنصت المادة المذكورة على أنه: (... فإن لم يتراضيا عليه وأقامت الزوجة دعواها بطلبه، وافتدت نفسها، وخالعت زوجها بالتنازل عن جميع حقوقها المالية الشرعية، وردَّت عليه الصداقَ الذي أعطاه لها، حكمت المحكمةُ بتطليقها عليه......).
فجعلت إكراهَ الزوج على المخالعة وجوبيًّا على المحكمة، ولم تُعنَ بهذا التفصيل الذي بيناه، وبيان صلاح الزوج وحسن معاشرته لزوجته من عدمه، بل أطلقت حقَّ الزوجة في طلب الخُلْع مكتفيةً بقولٍ مرسَلٍ تقرِّرُه الزوجة أمام محكمة الموضوع، بأنها تبغض الحياة مع زوجها، وأنه لا سبيل لاستمرارِ الحياة الزوجية - لا بسبب تعدٍّ من الزوج أو خطأ ينسب إليه - وإنما بسبب هذا البُغض.
• فنزعت عن القاضي سلطةَ التقدير، وبحث أوجه الضرر والشِّقاق، وبحث إذا كان الزوج هو المتسبب فيه أم الزوجة، أو أنها - أي المادة المستحدثة - غلَّتْ يدَ القاضي عن أن يقلب أوراق الدعوى وأدلتها ويُصدِر حُكمَه فيها بالقَبول أو الرفض في ضوء ما يظهر له من رُجحانِ مصلحة على أخرى، بل جعلته أشبهَ بالموثَق الذي تأتي إليه الزوجةُ طالبةً الخُلْع، فيعرض الصلح ويندب الحكَمين، ثم يطلِّق، لا محيصَ له عن ذلك، وإن بدا له تعسُّفُ الزوجة في طلبها الخُلْع.
• كما نزعت عن الزوجِ حقَّه في الدفاع والإثبات؛ إذ تُجبِرُه المحكمة على الخُلْع ولو أقام سبعين دليلاً على حُسن معاشرته لزوجته، وأنه يتمسَّك بها، وأن مصلحة الأسرة والأبناء تقتضي بقاءَ الزوجية.
كما نزعت عنه الحقَّ في الطعن على الحكم الصادر بالخُلْع؛ إذ جعلته نهائيًّا، كما ورد بالفقرة الأخيرة من المادة: (ويكون الحكم - في جميع الأحوال - غيرَ قابل للطَّعن عليه بأي طريق من طُرق الطعن).
[1] المُولِي: هو من حلف على زوجته ألا يقربها أربعة أشهر أو أكثر, وهو الوارد في قول الله تعالى: ﴿ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ﴾ الآية [البقرة: 226].
[2] المهذب؛ للشيرازي ج 2 ص 78.
[3] المجموع؛ للنووي ج 9 ص 151.
[4] المغني؛ لابن قدامة ج 7 ص 291.
[5] تفسير القرطبي ج 3 ص 945.
[6] حاشية ابن عابدين ج 6 ص 128.
[7] فتاوى النساء؛ لابن تيمية ص 249.
[8] الشرح الكبير؛ للدردير ج 2 ص 345.
[9] سنن البيهقي ج 7 ص 315.
[10] لمفصل في أحكام الأسرة؛ د/ عبدالكريم زيدان ج 8 ص 125.
[11] المرجع السابق - ج 8 ص 124.
[12] رواه أبو داود ج 2 ص 286, وابن حبان ج 9 ص 490.
رابط الموضوع
في مخالعة القاضي
هل يجوز للقاضي إكراه الزوج على الخلع؟
• إذا كان الراجح في الفقه هو ما عليه الجمهور من عدم وقوع طلاق المكرَه وخلعه، فهل إذا كان الإكراه من الحاكم أو القاضي، فهل يقع أم لا؟
نص الفقهاءُ على أنه إذا كان الإكراه بحق، فإن الطلاق أو الخُلْع يقع، وإن كان بغير حق، فلا يقع.
• ففي المهذب: (وأما المكره، فإنه ينظر، فإن كان إكراهه بحق كالمُولِي[1] إذا أكرهه الحاكمُ على الطلاق، وقع طلاقه؛ لأنه قول حُمِل عليه بحق، فصح؛ كالحربي إذا أكره على الإسلام، وإن كان بغير حق، لم يصحَّ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((رُفِع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه))، ولأنه قولٌ حُمِل عليه بغير حق، فلم يصح؛ كالمسلم إذا أُكره على كلمة الكفر، ولا يصير مكرَهًا إلا بثلاثة شروط، أحدها: أن يكون المكرِهُ قاهرًا له لا يقدر على دفعه، والثاني: أن يغلب على ظنه أن الذي يخافه من جهته يقع به، والثالث: أن يكون ما يهدِّدُه به مما يلحقه ضررٌ به؛ كالقتل، والقطع، والضرب المبرح، والحبس الطويل، والاستخفاف بمن يغض منه ذلك من ذوي الأقدار؛ لأنه يصير مكرَهًا بذلك، وأما الضرب القليل في حق مَن لا يبالي به، والاستخفاف بمن لا يغص منه، أو أخذ القليل من المال ممن لا يتبين عليه، أو الحبس القليل - فليس بإكراه، وأما النفي فإن كان فيه تفريق بينه وبين الأهل، فهو إكراه، وإن لم يكن فيه تفريق بينه وبين الأهل، ففيه وجهان، أحدهما: أنه إكراه؛ لأنه جعل النفي عقوبة كالحد، ولأنه تلحقه الوحشة بمفارقة الوطن، والثاني: ليس بإكراهٍ؛ لتساوي البلادِ في حقه)[2].
• ويقول الإمام النووي: (قال أصحابنا: التصرفات القولية التي يكره عليها بغير حق باطلة، سواء الرِّدة والبيع والإجارة، وسائر المعاملات، والنكاح، والخُلْع، والطلاق، والإعتاق، وغيرها، وأما ما أكره عليه بحق، فهو صحيح، قالوا: فتحصَّل مِن هذا أن المرتدَّ والحربيَّ إذا أُكرِهَا على الإسلام صحَّ إسلامهما؛ لأنه إكراه بحق، وكذا المكره على البيع بحق يصح بيعه كما سبق، وأما الذِّمِّي إذا أكره على الإسلام، فهو إكراه بغير حق؛ لأنا شرطنا في الذمة أن نُقرَّه على دينه .... وأما المُولِي بعد مضيِّ المدة فإذا طلق بإكراه القاضي له، نفَذ طلاقُه؛ لأنه إكراه بحق)[3].
• وفي المغني: (وإن كان الإكراه بحق، نحو: إكراه الحاكم المُولِيَ على الطلاق بعد التربص إذا لم يفِئْ، وإكراه الرَّجُلين اللذين زوجهما وليَّان ولا يعلم السابق منهما على الطلاق - وقَع الطلاق؛ لأنه قول حُمِل عليه بحق، فصحَّ؛ كإسلام المرتدِّ إذا أكره عليه، ولأنه إنما جاز إكراهه على الطلاق ليقع طلاقه، فلو لم يقع لم يحصل المقصود)[4].
• وقد نصَّ القرطبي على ذلك فقال: إن الرجل إذا خالع امرأته، فإنما هو على ما تراضيا عليه، ولا يجبره السلطان على ذلك[5]، ونحمل هذا على أن يكون الإجبارُ بغير حق.
• ويقول ابن عابدين: (الإكراه - بحق - لا يعدم الاختيار شرعًا؛ كالعِنِّين إذا أكرَهَه القاضي بالفُرقة بعد مضي المدة، ألا ترى أن المَدْيونَ إذا أكرهه القاضي على بيعِ ماله نفَذ بيعُه، والذِّمي إذا أسلَم عبدُه فأُجبِر على بيعه نفَذ بيعُه، بخلاف ما إذا أكرهه على البيع بغير حق؟)[6].
• وفي فتاوى النساء لابن تيمية أنه سئل عن: امرأة مبغضة لزوجها طلبت الانخلاع منه، وقالت له: إن لم تفارِقْني قتلتُ نفسي، فأكرهه الوالي على الفُرقة، وتزوجت غيره، وقد طلبها الأول وقال: إنه فارَقها مكرَهًا، فأجاب: إن الزوج الأول إن كان أُكرِه على الفُرقة بحق، مثل: أن يكون مقصِّرًا في واجباتها، أو مضرًّا لها بغير حق من قول أو فعل - كانت الفُرقة صحيحةً، والنكاح الثاني صحيحًا، وهي زوجة الثاني، وإن كان أكره بالضرب أو الحبس وهو محسِنٌ لعِشرتها حتى فارَقها - لم تقَعِ الفُرقة، بل إذا أبغضَتْه وهو مُحسِن إليها، فإنه يُطلَبُ منه الفُرقةُ من غير أن يُلزَمَ بذلك، فإن فعل وإلا أُمِرت المرأة بالصبر عليه إذا لم يكُنْ ما يُبيح الفسخَ[7].
وفي ضوء هذه الأقوال للسادة الفقهاء يتضح أن المسألة بها تفصيل، وذلك على النحو التالي:
أولاً: إن كان الإكراه بحق:
• كأن يثبت لدى القاضي أن الزوج مقصِّر في أداء واجباته، أو مضرٌّ لزوجته بالقول أو الفعل، فهنا إذا طلبت الزوجة من زوجها أن يخالعها وتعسَّف الزوج في استعمال حقه ولم يخالع، فإنه من الخير أن يستنبط من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في واقعة امرأة ثابت بن قيس أن يكون للقاضي سلطةُ التقدير، فيكون له حق المخالعة بين الزوجين إذا رفعت الزوجة أمرها بأنها لا تطيق زوجها بُغضًا، وأن العِشرة بينهما صارت مبعث الشقاء، وأنها - أي الزوجةَ - على استعداد لدفع العِوَض الذي يقرِّره القاضي بعد بحث نوع الشقاق، وعدم إمكان الصلح بينهما، فيأمر القاضي الزوجين بالمخالعة، على أن تدفع الزوجةُ العِوَض إلى الزوج، الذي يقدره القاضي، فإن رضي الزوج بذلك، وإلا ألزمه القاضي وخالَع نيابة عنه، كما له أن يطلِّق نيابة عنه إذا ألحق بالزوجة ضررًا، ورفض الزوج أن يطلِّق، وأمسكها ضرارًا.
• فقد نصَّ الفقهاء في هذه الحالة على أن القاضي يطلق عن الزوج، بل من الفقهاء من قال بأن للقاضي أن يؤدِّبَ الزوجَ بخلاف إجباره على الطلاق؛ ففي الشرح الكبير: (ولها - أي: للزوجة - التطليق على الزوج بالضرر، وهو ما لا يجوز شرعًا؛ كهجرها بلا موجب شرعي، وضربها كذلك، وسبها وسب أبيها، نحو: يا بنت ...، كما يقع كثيرًا من رَعاع الناس، ويؤدَّبُ على ذلك زيادةً على التطليق، كما هو ظاهر، وكوطئِها في دُبرها ...، ومتى شهدت بينة بأصل الضرر، فلها اختيار الفِراق، ولو لم تشهد البينة بتكرُّره؛ أي: الضرر)[8].
• ونرى أن في تقنين الطلاق للضرر - والذي نظمه القانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 - ما يُغني عن النص المستحدَث في هذه الحالة؛ فقد نص ذلك القانون على ما يلي:
مادة (6):
إذا ادَّعت الزوجة إضرار الزوج بها بما لا يستطاع معه دوام العِشرة بين أمثالهما، يجوز لها أن تطلب من القاضي التفريق، وحينئذٍ يطلِّقها القاضي طلقة بائنة إذا ثبت الضرر وعجز عن الإصلاح بينهما، فإذا رفض الطلب وتكرَّرت الشكوى ولم يثبُتِ الضرر، بعَث القاضي حكَمين، وقضى على الوجه المبيَّن بالمواد 7، 8، 9، 10، 11.
مادة (7):
يُشترط في الحكَمين أن يكونا عَدْلينِ، من أهل الزوجين إن أمكن، وإلا فمِن غيرهم ممن له خبرةٌ بحالِهما، وقدرةٌ على الإصلاح بينهما.
مادة (8):
يشتمل قرارُ بعث الحكَمين على تاريخ بدءِ وانتهاء مأموريتهما، على ألا تجاوز مدة ستة أشهر، وتخطر المحكمة الحكَمين والخَصم بذلك، وعليهما تحليف كلٍّ من الحكَمين اليمين بأن يقوم بمهمته بعدلٍ وبأمانة.
ويجوز للمحكمة أن تعطي للحكمين مهلة أخرى مرة واحدة، لا تزيد على ثلاثة أشهر، فإن لم يقدِّما تقريرهما، اعتبرتهما غيرَ متفقين.
مادة (9):
لا يؤثر في سَيرِ عمل الحكَمين امتناعُ أحد الزوجين عن حضور مجلس التحكيم متى تم إخطارُه.
وعلى الحكَمين أن يتعرَّفا أسباب الشقاق بين الزوجين، ويبذلا جهدهما في الإصلاح بينهما على أية طريقة ممكنة.
مادة (10):
إذا عجز الحكَمان عن الإصلاح:
1) فإن كانت الإساءة كلها من جانب الزوج، اقترح الحكَمان التطبيق بطلقة بائنة دون المساس بشيء من حقوق الزوجة المترتبة على الزواج والطلاق.
2) إذا كانت الإساءة كلُّها من جانب الزوجة، اقترحا التطليق نظير بدلٍ مناسب يقدِّرانه، تلتزم به الزوجة.
3) إذا كانت الإساءة مشتركة، اقترحا التطليق دون بدلٍ أو ببدلٍ يتناسب مع نسبة الإساءة.
4) وإن جهل الحال فلم يُعرف المسيء منهما، اقترح الحكَمان تطليقًا دون بدل.
مادة (11):
على الحكَمين أن يرفعا تقريرهما إلى المحكمة مشتملاً على الأسباب التي بُنِي عليها.
فإن لم يتفقا، بعثتهما المحكمةُ مع ثالث له خبرةٌ بالحال تقدره على الإصلاح، وحلفتْه اليمين المبيَّنة بالمادة (8).
وإذا اختلفوا أو لم يقدموا تقريرهم في الميعاد المحدد، سارت المحكمة في الإثبات، وإن عجزت المحكمة عن التوفيق بين الزوجين وتبيَّن لها استحالةُ العِشرة، وأصرَّت الزوجة على الطلاق، قضَتِ المحكمة بالتطليق بطلقة بائنة، مع إسقاط حقوق الزوجة المالية كلها أو بعضها، وإلزامها بالتعويض المناسب إن كان لذلك كلِّه مقتَضٍ.
ثانيًا: إن كان الإكراه بغير حق:
1- إذا كان الزوج محسنًا لعِشرة زوجته، فأبغضتْه الزوجة وطلبت مخالعته، فهنا يُندَب له أن يجيبها من غير إلزام عليه، وقد روي عن عمر بن الخطاب قولُه لرجل: اخلَعْ زوجتك، لَمَّا رأى من كراهيتها له، وكانت قد نشزت منه[9]، فعند كراهية الزوجة للزوج يستحبُّ للزوج أن يجيب طلبها في المخالعة، أو يتقدم هو إليها بطلب المخالعة؛ لأن كراهيتها له - لا سيما إذا كان مع بُغضها له نشوزٌ منها، أو خروج عن طاعته - بمنزلة طلبها الاختلاعَ منه، وإن كان بصورة غير مباشرة وغير صريحة[10].
أما إن كان له ميل قلبي إليها، فلا يُطلَب منه إجابتها للخلع، بل تطالب هي بالصبر عليه، وترضى بالمقام معه، ولا تطلب الخُلْع[11].
2 - وفي هذه الحالة لا يجوز للقاضي أن يجبر الزوج على المخالعة، فلا يقع الخُلْع بإكراه القاضي، إلاَّ إذا كان بحق.
وقد قدَّمنا أن المرأة التي تجد زوجًا حسَنَ العِشرة أو مقبول الطباع، ثم تطلب منه الفُرقة من غير سبب يدعوها لذلك، تكون جديرةً بوعيد النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف: ((أيما امرأةٍ سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس، فحرامٌ عليها رائحةُ الجنة))[12].
224 - ولعل أهم ما يؤخذ على النص المستحدث بالمادة رقم (20) من القانون رقم 1 لسنة 2000 هو عدمُ اعتنائه بهذا التفصيل، وعدم إعطاء سلطة تقديرية للقاضي في قبول طلب الخُلْع من الزوجة، أو رفضه في ضوء ظروف الدعوى وحال الزوج، فنصت المادة المذكورة على أنه: (... فإن لم يتراضيا عليه وأقامت الزوجة دعواها بطلبه، وافتدت نفسها، وخالعت زوجها بالتنازل عن جميع حقوقها المالية الشرعية، وردَّت عليه الصداقَ الذي أعطاه لها، حكمت المحكمةُ بتطليقها عليه......).
فجعلت إكراهَ الزوج على المخالعة وجوبيًّا على المحكمة، ولم تُعنَ بهذا التفصيل الذي بيناه، وبيان صلاح الزوج وحسن معاشرته لزوجته من عدمه، بل أطلقت حقَّ الزوجة في طلب الخُلْع مكتفيةً بقولٍ مرسَلٍ تقرِّرُه الزوجة أمام محكمة الموضوع، بأنها تبغض الحياة مع زوجها، وأنه لا سبيل لاستمرارِ الحياة الزوجية - لا بسبب تعدٍّ من الزوج أو خطأ ينسب إليه - وإنما بسبب هذا البُغض.
• فنزعت عن القاضي سلطةَ التقدير، وبحث أوجه الضرر والشِّقاق، وبحث إذا كان الزوج هو المتسبب فيه أم الزوجة، أو أنها - أي المادة المستحدثة - غلَّتْ يدَ القاضي عن أن يقلب أوراق الدعوى وأدلتها ويُصدِر حُكمَه فيها بالقَبول أو الرفض في ضوء ما يظهر له من رُجحانِ مصلحة على أخرى، بل جعلته أشبهَ بالموثَق الذي تأتي إليه الزوجةُ طالبةً الخُلْع، فيعرض الصلح ويندب الحكَمين، ثم يطلِّق، لا محيصَ له عن ذلك، وإن بدا له تعسُّفُ الزوجة في طلبها الخُلْع.
• كما نزعت عن الزوجِ حقَّه في الدفاع والإثبات؛ إذ تُجبِرُه المحكمة على الخُلْع ولو أقام سبعين دليلاً على حُسن معاشرته لزوجته، وأنه يتمسَّك بها، وأن مصلحة الأسرة والأبناء تقتضي بقاءَ الزوجية.
كما نزعت عنه الحقَّ في الطعن على الحكم الصادر بالخُلْع؛ إذ جعلته نهائيًّا، كما ورد بالفقرة الأخيرة من المادة: (ويكون الحكم - في جميع الأحوال - غيرَ قابل للطَّعن عليه بأي طريق من طُرق الطعن).
[1] المُولِي: هو من حلف على زوجته ألا يقربها أربعة أشهر أو أكثر, وهو الوارد في قول الله تعالى: ﴿ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ﴾ الآية [البقرة: 226].
[2] المهذب؛ للشيرازي ج 2 ص 78.
[3] المجموع؛ للنووي ج 9 ص 151.
[4] المغني؛ لابن قدامة ج 7 ص 291.
[5] تفسير القرطبي ج 3 ص 945.
[6] حاشية ابن عابدين ج 6 ص 128.
[7] فتاوى النساء؛ لابن تيمية ص 249.
[8] الشرح الكبير؛ للدردير ج 2 ص 345.
[9] سنن البيهقي ج 7 ص 315.
[10] لمفصل في أحكام الأسرة؛ د/ عبدالكريم زيدان ج 8 ص 125.
[11] المرجع السابق - ج 8 ص 124.
[12] رواه أبو داود ج 2 ص 286, وابن حبان ج 9 ص 490.
رابط الموضوع