Pro Kontra Peringatan Maulid Nabi
Pro Kontra Peringatan Maulid Nabi. Pandangan yang menganggap bid'ah dan haram (kelompok Wahabi Salafi) dan ulama yang berpendapat mubah (halal) bahkan mendapat pahala asal disertai dengan niat yang baik dan tidak ada kemungkaran di dalamnya.
Pro Kontra Peringatan Maulid Nabi. Pandangan yang menganggap bid'ah dan haram (kelompok Wahabi Salafi) dan ulama yang berpendapat mubah (halal) bahkan mendapat pahala asal disertai dengan niat yang baik dan tidak ada kemungkaran di dalamnya.
انقسم العلماء في الاحتفال بالمولد النبوي الشريف إلى فريقين متعارضين، الأول يقول ببدعيته، والثاني يحكم أن هذا الاحتفال مباح، ومأجور مقيمه. ولكل من الفريقين دفوعات وأدلة يستند إليها.
أولا: أدلة القائلين ببدعية الاحتفال بذكرى المولد النبوي
أفتى ثلة من أجلة العلماء بعدم جواز الاحتفال بالمولد النبوي، من جملتهم شيخ الإسلام ابن تيمية، والإمام الشاطبي، وابن الحاج المالكي، والشيخ ابن باز، وغيرهم من الأئمة رحمهم الله. ويستندون في ذلك الحكم إلى مجموعة من الأدلة نجملها في النقاط التالية:
1- أن الاحتفال بالمولد لا أصل له في الكتاب والسنة، ولم يقمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة ولا أحد في القرون الثلاثة الفاضلة. قال العلامة الفاكهاني: ولا أعلم لهذا المولد أصلاً في كتاب ولا سنة) 1 . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: إنّ هذا لم يفعله السلف مع قيام المقتضي له، وعدم المانع منه، ولو كان هذا خيراً محضاً أو راجحاً لكان السلف ـ رضي الله عنهم ـ أحقّ به منّا، فإنّهم كانوا أشدّ محبّة لرسول الله (صلّى الله عليه وسلم) وتعظيماً له منّا، وهم على الخير أحرص) 2 .
2- ويتفرع عن الدليل الأول حجة المانعين الثانية القائلين فيها أن المولد بدعة محدثة، قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: لا يجوز الاحتفال بمولد الرسول – صلى الله عليه وسلم -، ولا غيره؛ لأن ذلك من البدع المحدثة في الدين؛ لأن الرسول – صلى الله عليه وسلم – لم يفعله، ولا خلفاؤه الراشدون، ولا غيرهم من الصحابة- رضوان الله على الجميع- ولا التابعون لهم بإحسان في القرون المفضلة، وهم أعلم الناس بالسنة، وأكمل حباً لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – ومتابعة لشرعه ممن بعدهم) 3 .
3- أن إقامة المولد تشبه بدين النصارى، الذين يحتفلون بعيد ميلاد المسيح عليه السلام، وقد نهينا عن التشبه بهم، كما قال صلى الله عليه وسلم: “ومن تشبه بقوم فهو منهم” 4 .
4- أن الفرح بهذا وإظهار السرور، فيه قدح في محبة العبد لنبيه الكريم صلى الله عليه وسلم، إذ هذا اليوم باتفاق هو اليوم الذي توفي فيه النبي صلى الله عليه وسلم فكيف يفرح فيه. ويقول ابن الحاج: ثم العجب العجيب كيف يعملون المولد للمغاني والفرح والسرور لأجل مولده عليه الصلاة والسلام كما تقدم في هذا الشهر الكريم وهو عليه الصلاة والسلام فيه انتقل إلى كرامة ربه عز وجل وفجعت الأمة فيه وأصيبت بمصاب عظيم لا يعدل ذلك غيرها من المصائب أبداً فعلى هذا كان يتعين البكاء والحزن الكثير وانفراد كل إنسان بنفسه لما أصيب به) 5 .
5- اشتمال هذه الموالد على كثير من الكبائر وعظائم الأمور والتي يجد فيها أصحاب الشهوات بغيتهم مثل: الطرب والغناء الماجنين واختلاط الرجال بالنساء، وتناول المحرمات. قال العلامة سيدي محمد البناني في معرض حديثه عن إبطال الإيصاء بالمعصية: أَوْ يُوصِيَ بِإِقَامَةِ مَوْلِدٍ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَقَعُ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ مِنْ اخْتِلَاطِ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ وَالنَّظَرِ لِلْمُحَرَّمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْمُنْكَرِ) 6 .
6- تخصيص المولد بيوم للاحتفال به بدعة، يقول صالح الفوزان: إن عموم الدليل يقتضي أن تكون جميع الأيام بالنسبة للاحتفال سواسية، فتخصيص يوم واحد في جميع البلاد بالاحتفال بدعة، وإن لم يكن أصل العمل بدعة) 7 .
7- أن الاحتفال بالمولد هو من الغلو في الدين، إذ يرفع بعض المحتفلون رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مرتبة الألوهية 8 .
8- أن العبادات مبنية على التوقيف من الشارع، ولا مجال فيها للاجتهاد.
ثانيا: ردود مجيزي الاحتفال بالمولد النبوي وأدلتهم
أجاز جمهور من أكابر العلماء الاحتفال بذكرى المولد النبوي، ومن بينهم شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني، والحافظ السيوطي، والحافظ السخاوي، وابن عاشر المالكي، وابن مرزوق، والشيخ سعيد حوى، والشيخ يوسف القرضاوي، وغيرهم من علماء الأمة. ويجيبون على أدلة المانعين بما يلي:
1- ترك النبي لا يدل على التحريم؛ فإنه من المعلوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفعل جميع المندوبات والمباحات، لذلك تحريم كل ما تركه لا يعد مقبولا وسائغا، حيث لا يحق لأحد أن يحرم على نفسه أو على غيره إلا بدليل صحيح واضح، وإلا فهو معتد ومبتدع ومتنطع) 9 وقول النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه” يؤيد هذا، إذ لم يقل: وإذا تركت شيئا فاتركوه، وهذا دليل على أن ما تركه النبي ولم يفعله يبقى على أصله؛ وهو الإباحة؛ ولو قلنا بحرمة كل متروكات النبي لضيقنا دائرة الإباحة ووسعنا دائرة التحريم، وهذا عين المشقة ورأس الحرج الذي نفاهما الله عن هذا الدين القائم على التيسير.
ولذلك يقول المستشار فيصل مولوي: إن ذلك (أي الاحتفال بالمولد النبوي) جائز شرعاً ولو لم يكن له أصل بمعنى أنّه لم يحتفل به الصحابة والتابعون ولا تابعو التابعين من أهل الفقه في الدين وهم خير القرون) 10 .
2- ولا يصح الاستدلال بعدم احتفال الصحابة رضي الله عنهم بالمولد النبوي على عدم جواز ذلك، لأنهم رضي الله عنهم عاشوا تلك الأحداث بالفعل كما يقول الدكتور يوسف القرضاوي: وكانوا يحيون مع الرسول صلى الله عليه وسلم، كان الرسول صلى الله عليه وسلم حياً في ضمائرهم، لم يغب عن وعيهم، كان سعد بن أبي وقاص يقول: كنا نروي أبناءنا مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نحفِّظهم السورة من القرآن، بأن يحكوا للأولاد ماذا حدث في غزوة بدر وفي غزوة أحد، وفي غزوة الخندق وفي غزوة خيبر، فكانوا يحكون لهم ماذا حدث في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يكونوا إذن في حاجة إلى تذكّر هذه الأشياء) 11 .
وترك السلف (في القرون الثلاثة الفاضلة) لم يكن مقترناً بتحريم الاحتفال أو كراهيّته فغاية ما هناك أنّهم لم يفعلوا، وقد أمر الله بما في هذه الآية: وَمَآ آتَاكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ 12 . ولم يقل في حق النبي: (وما تركه فانتهوا عنه) فكيف الحال في حقّ السلف؟!
3- أما الزعم أنها بدعة محدثة وضلالة، فالعلم قائم أن البدعة هو إحداث أمر في الدين لا أصل له في الشرع، أو التعبد لله بغير الطريقة النبوية. وليس في إقامة المولد شيء من هذا، قال الحافظ السيوطي: هو من البدع الحسنة التي يثاب عليها صاحبها لما فيه من تعظيم قدر النبي صلى الله عليه وسلم وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف). والصحيح أن تسمى سنة حسنة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء” 13 . ولقد سن الصحابة والخلفاء الراشدون من الأعمال ما لا خلاف حولها كصلاة تراويح رمضان، وكذاك الصحابي الذي يروي الحديث خبره: فقد أخرج البخاري رضي الله عنه في صحيحه عن رفاعة بن رافع الزرقي قال: “كنا يوما نصلي وراء النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رفع رأسه من الركعة قال: سمع الله لمن حمده قال رجل وراءه: ربنا ولك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، فلما انصرف قال: من المتكلم أي ِأنّ النبيّ لما انتهى من صلاته سأل من المتكلم من الذي قال حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه فقال المتكلم أنا، قال صلى الله عليه وسلم: رأيت بضعة وثلاثين ملكًا يبتدرونَها أيهم يكتبها أول”. ومن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ”. وفي لفظ آخر: “من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ”. نفهم من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما ليس منه” أن المحدث إنما يكون ردًا أي مردودًا إذا كان على خلاف الشريعة، وأن المحدث الموافق للشريعة ليس مردودًا.
4- ثم إنّ هذا الاحتفال ليس نوعا من العبادات التي يشرّعها الله، ولكنّه من أنواع العادات والأعراف التي يخترعها النّاس، ثمّ يأتي الشّرع بإباحتها إذا لم يكن فيها حرام، أو بمنعها إذا اشتملت على محرّمات. وبما أن ذكرى المولد في الأصل تذكير بسيرة الرّسول (صلَى الله عليه وسلَم) وأخلاقه فهي مباحة وفيها من الأجر إن شاء الله ما لا يخفى) 14 .
5- أما القول بأن هذه الاحتفالات هي نوع من عبادة الأشخاص، كقول محمد حامد الفقي: والمواليد والذكريات التي ملأت البلاد باسم الأولياء هي نوع من العبادة لهم وتعظيمهم) 15 ، فمردود لأن العنصر المقوّم لصدق العبادة على العمل هو الاعتقاد بألوهية المعظّم له أو ربوبيّته، أو كونه مالك لمصير المعظّم المحتفل، وأن بيده عاجله وآجله، ومنافعه ومضارّه ولا أقل بيده مفاتيح المغفرة والشفاعة.
وأمّا إذا خلا التعظيم عن هذه العناصر، واحتفل بذكرى رجل ضحّى بنفسه ونفيسه في طريق هداية المحتفلين، فلا يعدّ ذلك عبادة له، وإن أقيمت له عشرات الاحتفالات، وألقيت فيها القصائد والخطب. ومن المعلوم أن المحتفلين المسلمين يعتقدون أن النبي الكريم عبد الله ورسوله، فلأجل تكريمه يقيمون الاحتفال أداءً لشكر النعمة.
6- أما القول في أن في الاحتفال تشبه بالنصارى فهو ظني يقول ابن تيمية: وكذلك ما يحدثه بعض الناس إمّا مضاهاة للنصارى في ميلاد المسيح (عليه السلام)، وإمّا محبّة للنبي وتعظيماً له والله لقد يثيبهم على هذه المحبة والاجتهاد لا على البدع) 16 نلاحظ أن شيخ الإسلام غير متأكد من أن الناس يقلدون النصارى بإحيائهم المولد، وذكر أنهم مثابون على المحبة والاجتهاد، لأن الأساس الذي ينبني عليه عمل المسلم هو الكتاب والسنة وحكم الشريعة، فلا تكون المضاهاة مانعة عن إتباع الكتاب والسنّة، وإن افترضنا أن أول من احتفل، احتفل تقليدا للنصارى إلا أن المحتفلين في هذه القرون براء من هذه التهمة.
7- أما تخصيص يوم بالاحتفال، يكون بدعة إذا اعتقد المحتفل وادّعى ورود الشرع به، أو حثّه على هذا التخصيص، فإن غاب هذا الاعتقاد انتفى الحكم ببدعية الاحتفال، ومعلوم أن جميع مجيزي الاحتفال بالمولد متفقون على جوازه في سائر الأيام. يقول سعيد حوى: إن أصل الاجتماع على صفحة من السيرة أو على قصيدة في مدح رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ جائز ونرجو أن يكون أهله مأجورين، فأن يخصص للسيرة شهر يتحدث عنها فيه بلغة الشعر والحب فلا حرج. ألا ترى لو أن مدرسة فيها طلاب خصصت لكل نوع من أنواع الثقافة شهرا بعينه فهل هي آثمة، ما نظن أن الأمر يخرج عن ذلك) 17 .
8- وقول ابن الحاج وغيره أن هذه الاحتفالات مشتملة على أمور محرّمة في الغالب، كاختلاط النساء بالرجال). لا يبيح تعميم الحكم على الاحتفالات البريئة من هذه المنكرات، ويذكر صاحب المعيار فتوى لابن عباد يقول فيها: قال بعض الفضلاء: …وما أنكر من أنكر ما يقع في هذا الزمان من الاجتماع (لإقامة المولد) في المكاتب للأطفال، إلا خيفة المناكر، واختلاط النساء والرجال، فأما إذا أمن ذلك، فلا شك في حسن ما يفعل من الاجتماع وذكر محاسنه، والصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في سائر البقاع،… ولا يجوز تعظيم نبي الله تعالى إلا بما يرضيه ويرضي الله تعالى) 18 .
9- ومن أدلة الإباحة القول بانعقاد الإجماع على جواز الاحتفال بالمولد النبوي، حيث أن أول إحياء للمولد كان في القرن الرابع، ولم يعترض أحد من العلماء حتى القرن السابع، وجاءت الأخبار بحضور جم غفير من الفقهاء إلى هذه الاحتفالات، ذكر ابن خلكان طرفاً من وصف الاحتفال بالمولد. فقال: إن أهل البلاد كانوا سمعوا بحسن اعتقاده فيه (أي اعتقاد ملك إربل في المولد) فكان في كل سنة يصل إليه من البلاد القريبة من اربل مثل بغداد، والموصل، والجزيرة، وسنجار، ونصيبين، وبلاد العجم، وتلك النواحي، خلق كثير من الفقهاء، والصوفية، والوعاظ، والقراء، والشعراء) 19 .
10- واستدل أيضا بأدلة عامة أخرى كثيرة منها ما في صحيح مسلم حين سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام الاثنين فقال: “ذاك يوم ولدت فيه”. وما ذكره السيوطي فيما رواه البيهقي عن أنس من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عق عن نفسه بعد النبوة. وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي على نفسه، كل ذلك شكرانا لنعمة النبوة.
خلاصة
بعد عرض أدلة الفريقين يتبين أن ليس هناك دليل خاص يمنع من الاحتفال بالمولد النبوي، وأن جميع الأدلة العامة التي يقدمها المعارضون مردود عليها، ونخلص إلى القول بأنه: إذا خلا الاجتماع على إقامة المولد النبوي من المنكرات، فلا حرج فيه. بل فيه من الفوائد الكثيرة والجليلة ما يجعل مقيميه ممن يحيون ما أميت من سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وذلك بذكر مناقبه صلى الله عليه وسلم وشمائله، ومدحه والصلاة عليه، وإظهار شكر هذه النعمة العظيمة، وهذه الرحمة المسداة. فلا حرج إذن في أن يعتمد شهر المولد كشهر تهيج فيه عواطف المحبة نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا حرج في أن يعتمد شهر المولد كشهر يكثر فيه الحديث عن شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
انقسم العلماء في الاحتفال بالمولد النبوي الشريف إلى فريقين متعارضين، الأول يقول ببدعيته، والثاني يحكم أن هذا الاحتفال مباح، ومأجور مقيمه. ولكل من الفريقين دفوعات وأدلة يستند إليها.
أولا: أدلة القائلين ببدعية الاحتفال بذكرى المولد النبوي
أفتى ثلة من أجلة العلماء بعدم جواز الاحتفال بالمولد النبوي، من جملتهم شيخ الإسلام ابن تيمية، والإمام الشاطبي، وابن الحاج المالكي، والشيخ ابن باز، وغيرهم من الأئمة رحمهم الله. ويستندون في ذلك الحكم إلى مجموعة من الأدلة نجملها في النقاط التالية:
1- أن الاحتفال بالمولد لا أصل له في الكتاب والسنة، ولم يقمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة ولا أحد في القرون الثلاثة الفاضلة. قال العلامة الفاكهاني: ولا أعلم لهذا المولد أصلاً في كتاب ولا سنة) 1 . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: إنّ هذا لم يفعله السلف مع قيام المقتضي له، وعدم المانع منه، ولو كان هذا خيراً محضاً أو راجحاً لكان السلف ـ رضي الله عنهم ـ أحقّ به منّا، فإنّهم كانوا أشدّ محبّة لرسول الله (صلّى الله عليه وسلم) وتعظيماً له منّا، وهم على الخير أحرص) 2 .
2- ويتفرع عن الدليل الأول حجة المانعين الثانية القائلين فيها أن المولد بدعة محدثة، قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: لا يجوز الاحتفال بمولد الرسول – صلى الله عليه وسلم -، ولا غيره؛ لأن ذلك من البدع المحدثة في الدين؛ لأن الرسول – صلى الله عليه وسلم – لم يفعله، ولا خلفاؤه الراشدون، ولا غيرهم من الصحابة- رضوان الله على الجميع- ولا التابعون لهم بإحسان في القرون المفضلة، وهم أعلم الناس بالسنة، وأكمل حباً لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – ومتابعة لشرعه ممن بعدهم) 3 .
3- أن إقامة المولد تشبه بدين النصارى، الذين يحتفلون بعيد ميلاد المسيح عليه السلام، وقد نهينا عن التشبه بهم، كما قال صلى الله عليه وسلم: “ومن تشبه بقوم فهو منهم” 4 .
4- أن الفرح بهذا وإظهار السرور، فيه قدح في محبة العبد لنبيه الكريم صلى الله عليه وسلم، إذ هذا اليوم باتفاق هو اليوم الذي توفي فيه النبي صلى الله عليه وسلم فكيف يفرح فيه. ويقول ابن الحاج: ثم العجب العجيب كيف يعملون المولد للمغاني والفرح والسرور لأجل مولده عليه الصلاة والسلام كما تقدم في هذا الشهر الكريم وهو عليه الصلاة والسلام فيه انتقل إلى كرامة ربه عز وجل وفجعت الأمة فيه وأصيبت بمصاب عظيم لا يعدل ذلك غيرها من المصائب أبداً فعلى هذا كان يتعين البكاء والحزن الكثير وانفراد كل إنسان بنفسه لما أصيب به) 5 .
5- اشتمال هذه الموالد على كثير من الكبائر وعظائم الأمور والتي يجد فيها أصحاب الشهوات بغيتهم مثل: الطرب والغناء الماجنين واختلاط الرجال بالنساء، وتناول المحرمات. قال العلامة سيدي محمد البناني في معرض حديثه عن إبطال الإيصاء بالمعصية: أَوْ يُوصِيَ بِإِقَامَةِ مَوْلِدٍ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَقَعُ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ مِنْ اخْتِلَاطِ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ وَالنَّظَرِ لِلْمُحَرَّمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْمُنْكَرِ) 6 .
6- تخصيص المولد بيوم للاحتفال به بدعة، يقول صالح الفوزان: إن عموم الدليل يقتضي أن تكون جميع الأيام بالنسبة للاحتفال سواسية، فتخصيص يوم واحد في جميع البلاد بالاحتفال بدعة، وإن لم يكن أصل العمل بدعة) 7 .
7- أن الاحتفال بالمولد هو من الغلو في الدين، إذ يرفع بعض المحتفلون رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مرتبة الألوهية 8 .
8- أن العبادات مبنية على التوقيف من الشارع، ولا مجال فيها للاجتهاد.
ثانيا: ردود مجيزي الاحتفال بالمولد النبوي وأدلتهم
أجاز جمهور من أكابر العلماء الاحتفال بذكرى المولد النبوي، ومن بينهم شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني، والحافظ السيوطي، والحافظ السخاوي، وابن عاشر المالكي، وابن مرزوق، والشيخ سعيد حوى، والشيخ يوسف القرضاوي، وغيرهم من علماء الأمة. ويجيبون على أدلة المانعين بما يلي:
1- ترك النبي لا يدل على التحريم؛ فإنه من المعلوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفعل جميع المندوبات والمباحات، لذلك تحريم كل ما تركه لا يعد مقبولا وسائغا، حيث لا يحق لأحد أن يحرم على نفسه أو على غيره إلا بدليل صحيح واضح، وإلا فهو معتد ومبتدع ومتنطع) 9 وقول النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه” يؤيد هذا، إذ لم يقل: وإذا تركت شيئا فاتركوه، وهذا دليل على أن ما تركه النبي ولم يفعله يبقى على أصله؛ وهو الإباحة؛ ولو قلنا بحرمة كل متروكات النبي لضيقنا دائرة الإباحة ووسعنا دائرة التحريم، وهذا عين المشقة ورأس الحرج الذي نفاهما الله عن هذا الدين القائم على التيسير.
ولذلك يقول المستشار فيصل مولوي: إن ذلك (أي الاحتفال بالمولد النبوي) جائز شرعاً ولو لم يكن له أصل بمعنى أنّه لم يحتفل به الصحابة والتابعون ولا تابعو التابعين من أهل الفقه في الدين وهم خير القرون) 10 .
2- ولا يصح الاستدلال بعدم احتفال الصحابة رضي الله عنهم بالمولد النبوي على عدم جواز ذلك، لأنهم رضي الله عنهم عاشوا تلك الأحداث بالفعل كما يقول الدكتور يوسف القرضاوي: وكانوا يحيون مع الرسول صلى الله عليه وسلم، كان الرسول صلى الله عليه وسلم حياً في ضمائرهم، لم يغب عن وعيهم، كان سعد بن أبي وقاص يقول: كنا نروي أبناءنا مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نحفِّظهم السورة من القرآن، بأن يحكوا للأولاد ماذا حدث في غزوة بدر وفي غزوة أحد، وفي غزوة الخندق وفي غزوة خيبر، فكانوا يحكون لهم ماذا حدث في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يكونوا إذن في حاجة إلى تذكّر هذه الأشياء) 11 .
وترك السلف (في القرون الثلاثة الفاضلة) لم يكن مقترناً بتحريم الاحتفال أو كراهيّته فغاية ما هناك أنّهم لم يفعلوا، وقد أمر الله بما في هذه الآية: وَمَآ آتَاكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ 12 . ولم يقل في حق النبي: (وما تركه فانتهوا عنه) فكيف الحال في حقّ السلف؟!
3- أما الزعم أنها بدعة محدثة وضلالة، فالعلم قائم أن البدعة هو إحداث أمر في الدين لا أصل له في الشرع، أو التعبد لله بغير الطريقة النبوية. وليس في إقامة المولد شيء من هذا، قال الحافظ السيوطي: هو من البدع الحسنة التي يثاب عليها صاحبها لما فيه من تعظيم قدر النبي صلى الله عليه وسلم وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف). والصحيح أن تسمى سنة حسنة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء” 13 . ولقد سن الصحابة والخلفاء الراشدون من الأعمال ما لا خلاف حولها كصلاة تراويح رمضان، وكذاك الصحابي الذي يروي الحديث خبره: فقد أخرج البخاري رضي الله عنه في صحيحه عن رفاعة بن رافع الزرقي قال: “كنا يوما نصلي وراء النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رفع رأسه من الركعة قال: سمع الله لمن حمده قال رجل وراءه: ربنا ولك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، فلما انصرف قال: من المتكلم أي ِأنّ النبيّ لما انتهى من صلاته سأل من المتكلم من الذي قال حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه فقال المتكلم أنا، قال صلى الله عليه وسلم: رأيت بضعة وثلاثين ملكًا يبتدرونَها أيهم يكتبها أول”. ومن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ”. وفي لفظ آخر: “من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ”. نفهم من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما ليس منه” أن المحدث إنما يكون ردًا أي مردودًا إذا كان على خلاف الشريعة، وأن المحدث الموافق للشريعة ليس مردودًا.
4- ثم إنّ هذا الاحتفال ليس نوعا من العبادات التي يشرّعها الله، ولكنّه من أنواع العادات والأعراف التي يخترعها النّاس، ثمّ يأتي الشّرع بإباحتها إذا لم يكن فيها حرام، أو بمنعها إذا اشتملت على محرّمات. وبما أن ذكرى المولد في الأصل تذكير بسيرة الرّسول (صلَى الله عليه وسلَم) وأخلاقه فهي مباحة وفيها من الأجر إن شاء الله ما لا يخفى) 14 .
5- أما القول بأن هذه الاحتفالات هي نوع من عبادة الأشخاص، كقول محمد حامد الفقي: والمواليد والذكريات التي ملأت البلاد باسم الأولياء هي نوع من العبادة لهم وتعظيمهم) 15 ، فمردود لأن العنصر المقوّم لصدق العبادة على العمل هو الاعتقاد بألوهية المعظّم له أو ربوبيّته، أو كونه مالك لمصير المعظّم المحتفل، وأن بيده عاجله وآجله، ومنافعه ومضارّه ولا أقل بيده مفاتيح المغفرة والشفاعة.
وأمّا إذا خلا التعظيم عن هذه العناصر، واحتفل بذكرى رجل ضحّى بنفسه ونفيسه في طريق هداية المحتفلين، فلا يعدّ ذلك عبادة له، وإن أقيمت له عشرات الاحتفالات، وألقيت فيها القصائد والخطب. ومن المعلوم أن المحتفلين المسلمين يعتقدون أن النبي الكريم عبد الله ورسوله، فلأجل تكريمه يقيمون الاحتفال أداءً لشكر النعمة.
6- أما القول في أن في الاحتفال تشبه بالنصارى فهو ظني يقول ابن تيمية: وكذلك ما يحدثه بعض الناس إمّا مضاهاة للنصارى في ميلاد المسيح (عليه السلام)، وإمّا محبّة للنبي وتعظيماً له والله لقد يثيبهم على هذه المحبة والاجتهاد لا على البدع) 16 نلاحظ أن شيخ الإسلام غير متأكد من أن الناس يقلدون النصارى بإحيائهم المولد، وذكر أنهم مثابون على المحبة والاجتهاد، لأن الأساس الذي ينبني عليه عمل المسلم هو الكتاب والسنة وحكم الشريعة، فلا تكون المضاهاة مانعة عن إتباع الكتاب والسنّة، وإن افترضنا أن أول من احتفل، احتفل تقليدا للنصارى إلا أن المحتفلين في هذه القرون براء من هذه التهمة.
7- أما تخصيص يوم بالاحتفال، يكون بدعة إذا اعتقد المحتفل وادّعى ورود الشرع به، أو حثّه على هذا التخصيص، فإن غاب هذا الاعتقاد انتفى الحكم ببدعية الاحتفال، ومعلوم أن جميع مجيزي الاحتفال بالمولد متفقون على جوازه في سائر الأيام. يقول سعيد حوى: إن أصل الاجتماع على صفحة من السيرة أو على قصيدة في مدح رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ جائز ونرجو أن يكون أهله مأجورين، فأن يخصص للسيرة شهر يتحدث عنها فيه بلغة الشعر والحب فلا حرج. ألا ترى لو أن مدرسة فيها طلاب خصصت لكل نوع من أنواع الثقافة شهرا بعينه فهل هي آثمة، ما نظن أن الأمر يخرج عن ذلك) 17 .
8- وقول ابن الحاج وغيره أن هذه الاحتفالات مشتملة على أمور محرّمة في الغالب، كاختلاط النساء بالرجال). لا يبيح تعميم الحكم على الاحتفالات البريئة من هذه المنكرات، ويذكر صاحب المعيار فتوى لابن عباد يقول فيها: قال بعض الفضلاء: …وما أنكر من أنكر ما يقع في هذا الزمان من الاجتماع (لإقامة المولد) في المكاتب للأطفال، إلا خيفة المناكر، واختلاط النساء والرجال، فأما إذا أمن ذلك، فلا شك في حسن ما يفعل من الاجتماع وذكر محاسنه، والصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في سائر البقاع،… ولا يجوز تعظيم نبي الله تعالى إلا بما يرضيه ويرضي الله تعالى) 18 .
9- ومن أدلة الإباحة القول بانعقاد الإجماع على جواز الاحتفال بالمولد النبوي، حيث أن أول إحياء للمولد كان في القرن الرابع، ولم يعترض أحد من العلماء حتى القرن السابع، وجاءت الأخبار بحضور جم غفير من الفقهاء إلى هذه الاحتفالات، ذكر ابن خلكان طرفاً من وصف الاحتفال بالمولد. فقال: إن أهل البلاد كانوا سمعوا بحسن اعتقاده فيه (أي اعتقاد ملك إربل في المولد) فكان في كل سنة يصل إليه من البلاد القريبة من اربل مثل بغداد، والموصل، والجزيرة، وسنجار، ونصيبين، وبلاد العجم، وتلك النواحي، خلق كثير من الفقهاء، والصوفية، والوعاظ، والقراء، والشعراء) 19 .
10- واستدل أيضا بأدلة عامة أخرى كثيرة منها ما في صحيح مسلم حين سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام الاثنين فقال: “ذاك يوم ولدت فيه”. وما ذكره السيوطي فيما رواه البيهقي عن أنس من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عق عن نفسه بعد النبوة. وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي على نفسه، كل ذلك شكرانا لنعمة النبوة.
خلاصة
بعد عرض أدلة الفريقين يتبين أن ليس هناك دليل خاص يمنع من الاحتفال بالمولد النبوي، وأن جميع الأدلة العامة التي يقدمها المعارضون مردود عليها، ونخلص إلى القول بأنه: إذا خلا الاجتماع على إقامة المولد النبوي من المنكرات، فلا حرج فيه. بل فيه من الفوائد الكثيرة والجليلة ما يجعل مقيميه ممن يحيون ما أميت من سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وذلك بذكر مناقبه صلى الله عليه وسلم وشمائله، ومدحه والصلاة عليه، وإظهار شكر هذه النعمة العظيمة، وهذه الرحمة المسداة. فلا حرج إذن في أن يعتمد شهر المولد كشهر تهيج فيه عواطف المحبة نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا حرج في أن يعتمد شهر المولد كشهر يكثر فيه الحديث عن شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم.