Hukum Daging di Negara Non-Muslim (2)
Hukum Daging di Negara Non-Muslim (2): pendapat yang membolehkan dan menghalalkan segala daging tanpa harus memeriksa apakah disembelih dengan benar atau tdai.. Mereka berpendapat bahwa "Hukum asal dari daging adalah boleh." Umumnya, pendapat ini diwakili oleh kalangan ulama muashirin (kontemporer).
Hukum Daging di Negara Non-Muslim (2): pendapat yang membolehkan dan menghalalkan segala daging tanpa harus memeriksa apakah disembelih dengan benar atau tdai.. Mereka berpendapat bahwa "Hukum asal dari daging adalah boleh." Umumnya, pendapat ini diwakili oleh kalangan ulama muashirin (kontemporer).
من يقول إن
الأصل في اللحوم الحل والإباحة
ذهب بعض المعاصرين إلى خلاف ما ذهب إليه جمهور الفقهاء، فقالوا بأن الأصل في اللحوم والذبائح الحل والإباحة، ما يتبين خلاف ذلك.
وقد ادعى بعضهم أن هذا هو مذهب جمهور الفقهاء - وفيه نظر كما سبق من خلال العرض السابق لأقوال الجمهور-.
وممن ذهب إلى القول بأن الأصل الإباحة: الدكتور سعد الشثري، والدكتور سعد الخثلان، والشيخ صالح الأسمري.
ويقول الدكتور سعد الشثري في شرحه لمنظومة قواعد السعدي: « (والأصل في اللحوم التحريم) وهذا مذهب بعض الفقهاء، أن الأصل في اللحوم هو التحريم. ويستدلون على ذلك بحديث عدِي، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أرسلت كلبك المعلم، ووجدت معه غيره فقتل، فلا تأكل فإنك لا تدري أيَّهما قتل) ، ويستدلون على ذلك: بأنه إذا اجتمع في نوع اللحم سبب مُبيح وسبب حاظر، غلب جانب الحظر. كما في البغل، وكما في الطير إذا صيد بالسهم، فوقع في الماء . وقد ورد في ذلك حديث في النسائي .
ويدل على: أن الأصل في اللحوم هو الجواز والحل، قوله سبحانه: ﴿قل لا أجد فيما أوحي إلي محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة﴾ الآية، فإنه دل على: أن الأصل هو الحل والجواز، وأن التحريم مستثنى. ويدل على ذلك: قوله جل وعلا: ﴿وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه﴾ ؛ فدل أن الأصل هو الحل والجواز في اللحوم المأكولة، وأن التحريم مستثنى .
ويدل عليه أيضاً قوله جل وعلا: ﴿حرمت عليكم الميتة﴾ ؛ فحصر المحرمات بأداة الاستثناء (إنما) وقوله جل وعلا: ﴿حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير﴾ الآية، فدل ذلك على أن الأصل في اللحوم هو الإباحة ...» [شرح منظومة القواعد الفقهية للشيخ السعدي].
ويقول الشيخ سعد الخثلان بعد أن ذكر القولين في مسألة ذبائح أهل الكتاب: «وأما من حيث الحكم الشرعي، فالذي يظهر والله أعلم هو أن القول الراجح في هذه المسألة هو القول الأول: وهو أنها مباحة، وذلك لأن الأصل في ذبائح أهل الكتاب هو الحل، إلا إذا علمنا بأنهم قد ذبحوها على وجه غير مشروع .
وهذا الأصل أولى من الأصل الذي ذكره أصحاب القول الثاني وهو أن الأصل في الحيوانات التحريم» [شرح فقه النوازل- حكم اللحوم المستوردة - موقع جامع شيخ الإسلام ابن تيمة].
ويقول الشيخ صالح الأسمري: « وأما اللحوم؛ فاستدل بالدليل العقلي السابق عند القائلين بأن الأصل المنع في الأشياء، ولكن الذي عليه الأكثر والجمهور هو أن الأصل في اللحوم: الحل حتى يجيء المنع» [مجموعة الفوائد البهية على منظومة القواعد البهية].
أدلة القائلين بأن
الأصل في اللحوم الحل
استدل القائلون بأن الأصل في اللحوم والذبائح الحل بالكتاب والسنة والمعقول.
أما دليل الكتاب:
أ - قوله تعالى: ﴿وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه﴾ [الأنعام: 119].
وجه الدلالة من الآية: أن الله تعالى فصل وبيَّن ما يحرم أكله من اللحوم والحيوان، كما في قوله عز وجل: ﴿حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير﴾ [المائدة: 3]. فما خرج عن هذا التفصيل فهو باق على أصله وهو الإباحة.
ب- قوله جل وعلا: ﴿قل لا أجد في ما أوحي إلي محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة﴾ [الأنعام: 145].
وجه الدلالة من الآية: أن ما حرمه الله تعالى من اللحوم مستثنى في الآية مما أباحه من اللحوم المأكولة، فدل ذلك على أن الأصل هو الإباحة؛ يقول السمرقندي في تفسيره: «يعني ما لم يُبيِّن تحريمه فهو مباح بظاهر هذه الآية» [بحر العلوم (2/86)].
ج- قوله سبحانه: ﴿إنما حرم عليكم الميتة﴾ [البقرة: 173].
وجه الدلالة من الآية: أن الله تعالى حصر المحرمات بأداة الاستثناء (إنما)، فدل على أن غير المستثنى باق على أصله وهو الإباحة.
أما دليل السنة:
ما ثبت في صحيح البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها ، أن قوماً قالوا: يا رسول الله: إن قوماً يأتوننا باللحم لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سَمُّوا الله عليه وكُلُوه» [أخرجه البخاري في صحيحه (2/726، رقم 1952)].
وفي رواية عند أبي داود : أنهم قالوا: يا رسول الله! إن قوماً حديثوا عهد بالجاهلية يأتوننا بلُحمان لا ندري أذكروا اسم الله عليها أم لم يذكروا، أفنأكل منها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سَمُّوا الله وكُلُوا» [رواه أبو داود في سننه (3/63، رقم 2831)].
ووجه الدلالة من الحديث: أنه لو كان الأصل في اللحوم التحريم، لقيل: لا تأكلوا حتى تعلموا قيام سبب الإباحة.
أما دليل العقل:
أ - أن اللحوم أشياء من جنس الموجود على الأرض، فهي داخلة في الإباحة؛ إذ الأصل في الأشياء الإباحة، كما أنها من المطعومات، والأصل في المطعومات الإباحة.
ب- أن الأصل في فعل المسلم والكتابي أنه محمول على الصحة، إلا إذا تبين خلافه، ومن ذلك التذكية، فلا يتكلف بالسؤال عن توفر الشروط ونحوها.
ج- أن كلام الفقهاء في تحريم أكل اللحم إنما هو في اللحم الذي يشك في ذكاته، ولم يعلم طريق حله. وتحريم اللحوم التي يشك في ذكاتها لا يدل على أن الأصل في اللحوم التحريم؛ كما لو اجتمع في الماء سبب طهارة، وسبب نجاسة؛ فإنه يحرم استعماله، ولا يدل ذلك على أن الأصل في المياه النجاسة.
اعتراضات على بعض الاستدلالات
أ - اعترض على استدلال القائلين بأن الأصل في اللحوم الإباحة بقوله تعالى: ﴿وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه﴾، وقوله تعالى: ﴿قل لا أجد في ما أوحي إلي محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة﴾؛ بأن الله تعالى قد حرم أشياء سوى ما ذكر في الآية على لسان نبيه محمد ﷺ، كتحريم كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير، وتحريم لحوم الحمر الأهلية، ومن جملة ما فصله الشرع وورد ببيان حكمه تحريم اللحوم والذبائح التي تفقد شرط التذكية؛ فهي تدخل في جملة ما ورد النص بتحريمه؛ بدلالة قوله تعالى: ﴿حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم﴾؛ فقوله : ﴿إلا ما ذكيتم﴾؛ يدل على أن ما لم تتحقق فيه التذكية أو غلب على الظن حصولها، داخل في حكم ما سبق من أنواع اللحوم المحرمة، فدل ذلك على أنه رجع إلى الأصل وهو التحريم.
ب- وأما استدلالهم بحديث عائشة؛ فيجاب عليه من عدة وجوه:
الأول: أن الحديث ورد في حق قوم من المسلمين، إلا أنهم حديثو عهد بجاهلية، فخشي -ظناً- أنهم لم يسموا على ذبائحهم جهلاً منهم بمثل هذه الأحكام، أو نسياناً؛ نظراً لقرب عهدهم بجاهلية، فبيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا الظن لا قيمة له ما لم يتحقق أو يغلب.
الثاني: أن اشتراط التسمية في الذبح تنوزع في وجوبها؛ فذهب الشافعية إلى سنيتها وعدم وجوبها، وهو رواية عن مالك وأحمد.
الثالث: أن من قال بوجوب التسمية عند الذبح وهم الحنفية والمالكية والحنابلة؛ قالوا بأن من تركها سهواً حلت ذبيحته، والمنع إنما يكون في حق المتعمد. وهؤلاء المسؤول عنهم في حديث عائشة ربما وقع منهم السهو عن التسمية أو جهلوا حكمها، فأباح النبي صلى الله عليه وسلم ذبائحهم، أو يقال: لا يضر الجهل بالتسمية وعدمها مع كونهم مسلمين، فمن وقع في نفسه شيء من ذلك فليسمّ هو عند أكلها ندباً لا وجوباً.
ج- أما استدلالهم بأن اللحوم من جنس الأشياء الداخلة في قاعدة (الأصل في الأشياء الإباحة)، فيجاب عنه بأن كل شيء داخل تحت هذه القاعدة إذا خلا عن الدليل المبين لحكمه نصاً، بينما الذبائح وردت نصوصٌ تبيِّن وتفصل أحكامها من حيث الحلُّ والحُرمةُ، فتكون خارجة عن عموم هذه القاعدة.
د - أما استدلالهم بأن الحكم بالمنع من الأكل من الذبيحة إذا اشتبهت مذكاة بميتة لا يدل على أن الأصل في اللحوم التحريم؛ كما لو اختلط ماء طاهر بنجس فيمنع من استعمال الكل، ولا يقال بأن الأصل في الماء النجاسة.
فيجاب عنه بأن القول بأن الأصل في الماء الطهارة قاعدة دلت عليها النصوص الشرعية، وتطبيقها من الناحية العملية فيما لو اشتبه بوقوع النجاسة في الماء من عدمه؛ فلا يمنع هذا الاشتباه من استعمال الماء والتطهر به؛ لأن اليقين لا يزول بالشك؛ فهو باق على أصل الطهارة. وكذلك هنا بالنسبة للذبيحة لو اشتبه في كونها مذكاة أو غير مذكاة فيمنع من أكلها؛ لأن الأصل في الذبائح التحريم، واليقين لا يزول بالشك.
واعترض على الاستدلال بحديث عدي بن حاتم للدلالة على أن الأصل في اللحوم التحريم ، من وجهين:
أ - أنه في الصيد خاصة، فلا يستدل به على الذبائح لأنه ورد فيها نصوص أخرى تدل على إباحتها، كحديث عائشة، حيث أجرى النبي صلى الله عليه وسلم فيها الأمر على الأصل وهو الحل مع الشك في شرط الحل وهو التسمية.
ب- أن دلالة الحديث في بيان حكم ما يشك في تحقق سبب حله من عدمه، فينهى عنه لمقام الاشتباه، وهذا مما لا خلاف فيه، أما محل الخلاف فهو ما ليس فيه دليل؛ لا دليل إباحة ولا دليل تحريم.
وأجيب عن الاعتراض بما يلي :
أ - أن حديث عدي وإن كان في الصيد، إلا أنه فيما أباحه الله من الحيوان، فاجتمع هو والمذكاة من حيث أصل إباحة أكلها إذا توفر سبب حلها وهو التذكية أو الصيد، فإن شك في السبب، منع من أكلها بناء على أن الأصل في الميتة التحريم؛ فإذا شككنا في السبب المبيح رجعنا إلى الأصل.[أحكام القرآن لابن العربي (2/645)، إحكام الأحكام لابن دقيق (ص479)، فتح الباري (9/602)]
ب- إن القول بأن ما لا دليل على إباحته ولا تحريمه من الذبائح باق على أصل الحل مندرج تحت قاعدة الأصل في الأشياء الإباحة، فكل ما لم يرد النص بتحريمه ولا تحليله فهو مباح، هذا القول يستثنى منه الذبائح واللحوم؛ فإنها لا تندرح تحت هذه القاعدة؛ لأن النصوص وردت ببيان حكمها من حيث الحل والإباحة، ودلت على أن الأصل فيها التحريم ما لم يتحقق سبب إباحتها وهو التذكية أو الصيد.
الموضوع الأصلي:
من يقول إن
الأصل في اللحوم الحل والإباحة
ذهب بعض المعاصرين إلى خلاف ما ذهب إليه جمهور الفقهاء، فقالوا بأن الأصل في اللحوم والذبائح الحل والإباحة، ما يتبين خلاف ذلك.
وقد ادعى بعضهم أن هذا هو مذهب جمهور الفقهاء - وفيه نظر كما سبق من خلال العرض السابق لأقوال الجمهور-.
وممن ذهب إلى القول بأن الأصل الإباحة: الدكتور سعد الشثري، والدكتور سعد الخثلان، والشيخ صالح الأسمري.
ويقول الدكتور سعد الشثري في شرحه لمنظومة قواعد السعدي: « (والأصل في اللحوم التحريم) وهذا مذهب بعض الفقهاء، أن الأصل في اللحوم هو التحريم. ويستدلون على ذلك بحديث عدِي، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أرسلت كلبك المعلم، ووجدت معه غيره فقتل، فلا تأكل فإنك لا تدري أيَّهما قتل) ، ويستدلون على ذلك: بأنه إذا اجتمع في نوع اللحم سبب مُبيح وسبب حاظر، غلب جانب الحظر. كما في البغل، وكما في الطير إذا صيد بالسهم، فوقع في الماء . وقد ورد في ذلك حديث في النسائي .
ويدل على: أن الأصل في اللحوم هو الجواز والحل، قوله سبحانه: ﴿قل لا أجد فيما أوحي إلي محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة﴾ الآية، فإنه دل على: أن الأصل هو الحل والجواز، وأن التحريم مستثنى. ويدل على ذلك: قوله جل وعلا: ﴿وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه﴾ ؛ فدل أن الأصل هو الحل والجواز في اللحوم المأكولة، وأن التحريم مستثنى .
ويدل عليه أيضاً قوله جل وعلا: ﴿حرمت عليكم الميتة﴾ ؛ فحصر المحرمات بأداة الاستثناء (إنما) وقوله جل وعلا: ﴿حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير﴾ الآية، فدل ذلك على أن الأصل في اللحوم هو الإباحة ...» [شرح منظومة القواعد الفقهية للشيخ السعدي].
ويقول الشيخ سعد الخثلان بعد أن ذكر القولين في مسألة ذبائح أهل الكتاب: «وأما من حيث الحكم الشرعي، فالذي يظهر والله أعلم هو أن القول الراجح في هذه المسألة هو القول الأول: وهو أنها مباحة، وذلك لأن الأصل في ذبائح أهل الكتاب هو الحل، إلا إذا علمنا بأنهم قد ذبحوها على وجه غير مشروع .
وهذا الأصل أولى من الأصل الذي ذكره أصحاب القول الثاني وهو أن الأصل في الحيوانات التحريم» [شرح فقه النوازل- حكم اللحوم المستوردة - موقع جامع شيخ الإسلام ابن تيمة].
ويقول الشيخ صالح الأسمري: « وأما اللحوم؛ فاستدل بالدليل العقلي السابق عند القائلين بأن الأصل المنع في الأشياء، ولكن الذي عليه الأكثر والجمهور هو أن الأصل في اللحوم: الحل حتى يجيء المنع» [مجموعة الفوائد البهية على منظومة القواعد البهية].
أدلة القائلين بأن
الأصل في اللحوم الحل
استدل القائلون بأن الأصل في اللحوم والذبائح الحل بالكتاب والسنة والمعقول.
أما دليل الكتاب:
أ - قوله تعالى: ﴿وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه﴾ [الأنعام: 119].
وجه الدلالة من الآية: أن الله تعالى فصل وبيَّن ما يحرم أكله من اللحوم والحيوان، كما في قوله عز وجل: ﴿حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير﴾ [المائدة: 3]. فما خرج عن هذا التفصيل فهو باق على أصله وهو الإباحة.
ب- قوله جل وعلا: ﴿قل لا أجد في ما أوحي إلي محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة﴾ [الأنعام: 145].
وجه الدلالة من الآية: أن ما حرمه الله تعالى من اللحوم مستثنى في الآية مما أباحه من اللحوم المأكولة، فدل ذلك على أن الأصل هو الإباحة؛ يقول السمرقندي في تفسيره: «يعني ما لم يُبيِّن تحريمه فهو مباح بظاهر هذه الآية» [بحر العلوم (2/86)].
ج- قوله سبحانه: ﴿إنما حرم عليكم الميتة﴾ [البقرة: 173].
وجه الدلالة من الآية: أن الله تعالى حصر المحرمات بأداة الاستثناء (إنما)، فدل على أن غير المستثنى باق على أصله وهو الإباحة.
أما دليل السنة:
ما ثبت في صحيح البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها ، أن قوماً قالوا: يا رسول الله: إن قوماً يأتوننا باللحم لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سَمُّوا الله عليه وكُلُوه» [أخرجه البخاري في صحيحه (2/726، رقم 1952)].
وفي رواية عند أبي داود : أنهم قالوا: يا رسول الله! إن قوماً حديثوا عهد بالجاهلية يأتوننا بلُحمان لا ندري أذكروا اسم الله عليها أم لم يذكروا، أفنأكل منها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سَمُّوا الله وكُلُوا» [رواه أبو داود في سننه (3/63، رقم 2831)].
ووجه الدلالة من الحديث: أنه لو كان الأصل في اللحوم التحريم، لقيل: لا تأكلوا حتى تعلموا قيام سبب الإباحة.
أما دليل العقل:
أ - أن اللحوم أشياء من جنس الموجود على الأرض، فهي داخلة في الإباحة؛ إذ الأصل في الأشياء الإباحة، كما أنها من المطعومات، والأصل في المطعومات الإباحة.
ب- أن الأصل في فعل المسلم والكتابي أنه محمول على الصحة، إلا إذا تبين خلافه، ومن ذلك التذكية، فلا يتكلف بالسؤال عن توفر الشروط ونحوها.
ج- أن كلام الفقهاء في تحريم أكل اللحم إنما هو في اللحم الذي يشك في ذكاته، ولم يعلم طريق حله. وتحريم اللحوم التي يشك في ذكاتها لا يدل على أن الأصل في اللحوم التحريم؛ كما لو اجتمع في الماء سبب طهارة، وسبب نجاسة؛ فإنه يحرم استعماله، ولا يدل ذلك على أن الأصل في المياه النجاسة.
اعتراضات على بعض الاستدلالات
أ - اعترض على استدلال القائلين بأن الأصل في اللحوم الإباحة بقوله تعالى: ﴿وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه﴾، وقوله تعالى: ﴿قل لا أجد في ما أوحي إلي محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة﴾؛ بأن الله تعالى قد حرم أشياء سوى ما ذكر في الآية على لسان نبيه محمد ﷺ، كتحريم كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير، وتحريم لحوم الحمر الأهلية، ومن جملة ما فصله الشرع وورد ببيان حكمه تحريم اللحوم والذبائح التي تفقد شرط التذكية؛ فهي تدخل في جملة ما ورد النص بتحريمه؛ بدلالة قوله تعالى: ﴿حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم﴾؛ فقوله : ﴿إلا ما ذكيتم﴾؛ يدل على أن ما لم تتحقق فيه التذكية أو غلب على الظن حصولها، داخل في حكم ما سبق من أنواع اللحوم المحرمة، فدل ذلك على أنه رجع إلى الأصل وهو التحريم.
ب- وأما استدلالهم بحديث عائشة؛ فيجاب عليه من عدة وجوه:
الأول: أن الحديث ورد في حق قوم من المسلمين، إلا أنهم حديثو عهد بجاهلية، فخشي -ظناً- أنهم لم يسموا على ذبائحهم جهلاً منهم بمثل هذه الأحكام، أو نسياناً؛ نظراً لقرب عهدهم بجاهلية، فبيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا الظن لا قيمة له ما لم يتحقق أو يغلب.
الثاني: أن اشتراط التسمية في الذبح تنوزع في وجوبها؛ فذهب الشافعية إلى سنيتها وعدم وجوبها، وهو رواية عن مالك وأحمد.
الثالث: أن من قال بوجوب التسمية عند الذبح وهم الحنفية والمالكية والحنابلة؛ قالوا بأن من تركها سهواً حلت ذبيحته، والمنع إنما يكون في حق المتعمد. وهؤلاء المسؤول عنهم في حديث عائشة ربما وقع منهم السهو عن التسمية أو جهلوا حكمها، فأباح النبي صلى الله عليه وسلم ذبائحهم، أو يقال: لا يضر الجهل بالتسمية وعدمها مع كونهم مسلمين، فمن وقع في نفسه شيء من ذلك فليسمّ هو عند أكلها ندباً لا وجوباً.
ج- أما استدلالهم بأن اللحوم من جنس الأشياء الداخلة في قاعدة (الأصل في الأشياء الإباحة)، فيجاب عنه بأن كل شيء داخل تحت هذه القاعدة إذا خلا عن الدليل المبين لحكمه نصاً، بينما الذبائح وردت نصوصٌ تبيِّن وتفصل أحكامها من حيث الحلُّ والحُرمةُ، فتكون خارجة عن عموم هذه القاعدة.
د - أما استدلالهم بأن الحكم بالمنع من الأكل من الذبيحة إذا اشتبهت مذكاة بميتة لا يدل على أن الأصل في اللحوم التحريم؛ كما لو اختلط ماء طاهر بنجس فيمنع من استعمال الكل، ولا يقال بأن الأصل في الماء النجاسة.
فيجاب عنه بأن القول بأن الأصل في الماء الطهارة قاعدة دلت عليها النصوص الشرعية، وتطبيقها من الناحية العملية فيما لو اشتبه بوقوع النجاسة في الماء من عدمه؛ فلا يمنع هذا الاشتباه من استعمال الماء والتطهر به؛ لأن اليقين لا يزول بالشك؛ فهو باق على أصل الطهارة. وكذلك هنا بالنسبة للذبيحة لو اشتبه في كونها مذكاة أو غير مذكاة فيمنع من أكلها؛ لأن الأصل في الذبائح التحريم، واليقين لا يزول بالشك.
واعترض على الاستدلال بحديث عدي بن حاتم للدلالة على أن الأصل في اللحوم التحريم ، من وجهين:
أ - أنه في الصيد خاصة، فلا يستدل به على الذبائح لأنه ورد فيها نصوص أخرى تدل على إباحتها، كحديث عائشة، حيث أجرى النبي صلى الله عليه وسلم فيها الأمر على الأصل وهو الحل مع الشك في شرط الحل وهو التسمية.
ب- أن دلالة الحديث في بيان حكم ما يشك في تحقق سبب حله من عدمه، فينهى عنه لمقام الاشتباه، وهذا مما لا خلاف فيه، أما محل الخلاف فهو ما ليس فيه دليل؛ لا دليل إباحة ولا دليل تحريم.
وأجيب عن الاعتراض بما يلي :
أ - أن حديث عدي وإن كان في الصيد، إلا أنه فيما أباحه الله من الحيوان، فاجتمع هو والمذكاة من حيث أصل إباحة أكلها إذا توفر سبب حلها وهو التذكية أو الصيد، فإن شك في السبب، منع من أكلها بناء على أن الأصل في الميتة التحريم؛ فإذا شككنا في السبب المبيح رجعنا إلى الأصل.[أحكام القرآن لابن العربي (2/645)، إحكام الأحكام لابن دقيق (ص479)، فتح الباري (9/602)]
ب- إن القول بأن ما لا دليل على إباحته ولا تحريمه من الذبائح باق على أصل الحل مندرج تحت قاعدة الأصل في الأشياء الإباحة، فكل ما لم يرد النص بتحريمه ولا تحليله فهو مباح، هذا القول يستثنى منه الذبائح واللحوم؛ فإنها لا تندرح تحت هذه القاعدة؛ لأن النصوص وردت ببيان حكمها من حيث الحل والإباحة، ودلت على أن الأصل فيها التحريم ما لم يتحقق سبب إباحتها وهو التذكية أو الصيد.
الموضوع الأصلي: