Hukum Air Mustamal (1)
Hukum Air Musta'mal (mustakmal)(1). Air mustamal adalah air yang sudah digunakan untuk wudhu, mandi besar (junub), dan menghilangkan najis. Apakah status air musta'mal itu suci tapi tidak menyucikan (tidak boleh dan tidak bisa dipakai lagi untuk bersuci) atau suci dan menyucikan? Mayoritas ulama menghukumi yang pertama, yang pertama, hanya madzhab Maliki yang menghukumi yang kedua.
Hukum Air Musta'mal (mustakmal)(1). Air mustamal adalah air yang sudah digunakan untuk wudhu, mandi besar (junub), dan menghilangkan najis. Apakah status air musta'mal itu suci tapi tidak menyucikan (tidak boleh dan tidak bisa dipakai lagi untuk bersuci) atau suci dan menyucikan? Mayoritas ulama menghukumi yang pertama, yang pertama, hanya madzhab Maliki yang menghukumi yang kedua.
حكم الماء المستعمل في رفع الحدث
متى يكون الماء مستعملاً؟
وللجواب على ذلك نقول: الماء المتقاطر من أعضاء الوضوء في رفع الحدث مستعمل بالاتفاق[1].
وأما إذا غمس يده في ماء بنية رفع الحدث، فهل يكون مستعملاً؟
قالوا: إذا كان الماء قليلاً كان مستعملاً.
واختلفوا في حد القليل:
فيرى الحنفية أن الجنب إذا انعمس في البئر بنية رفع الحدث، فسد الماء، وإن انغمس لطلب الدلو، فسد الماء على رأي أبي حنيفة خلافًا لصاحبيه[2].
ومعنى هذا أن البئر في حد القليل عندهم.
وأما المالكية، فيرون اليسير كآنية الوضوء والغسل، فإن غمس يده فيها صار مستعملاً، وإن كان أكثر من ذلك لم يكن مستعملاً [3].
والشافعية والحنابلة يحدون القليل بما دون القلتين، فإن انغمس في ماء دون القلتين صار مستعملاً، وإلا فلا[4].
ولا يكون الماء مستعملاً إذا أدخل يده في الإناء ليغترف منها.
وقيل: بشرط أن يدخلها بنية الاغتراف[5].
هذا كلام أهل العلم في الماء متى يكون مستعملاً، وهو واضح في الماء المتقاطر من العضو، حيث استعمل في طهارة العضو، وأما الماء الذي وضع يده فيه، فلم يتضح لي أن النية مؤثِّرة، فإن غمسها بنية الوضوء كان مستعملاً، وإن لم ينو لم يستعمل، بل يقال بقول المالكية إن كان الماء قليلاً كآنية الوضوء، وغمس يده فيه، صار مستعملاً، وإلا فلا، ولا يؤخذ بحديث القلتين في تحديد الماء القليل، حتى في وقوع الأعيان الطاهرة؛ لأننا لو سلمنا بمفهوم حديث القلتين، فإنه في معرض بيان وقوع النجاسات في الماء، وليس في بيان وقوع الأعيان الطاهرة فيه، والله أعلم.
بعد أن عرفنا متى يصبح الماء مستعملاً، نذكر خلاف العلماء في طهوريته:
فقيل: إنه نجس، وهو رواية عن أبي حنيفة[6]، واختارها أبو يوسف[7].
وقيل: إنه طهور مكروه في رفع الحدث، غير مكروه في زوال الخبث، وهو مذهب المالكية [8].
وقيل: إنه طاهـر غير مطهر، وهـو الرواية المشهورة عن الإمام أبي حنيفة - رحمه الله - وعليه الفتوى [9]، وهو مذهب الشافـعـية[10]، والحنابـلة [11]، واختيار محمد بن الحسن من الحنفية[12].
وقيل: طهور بلا كراهة، وهو رواية عن أحمد[13]، ورجحها ابن حزم[14]، وابن تيمية [15]، وابن عبدالهادي [16]، والشوكاني [17]، وغيرهم.
دليل من قال بنجاسة الماء المستعمل:
الدليل الأول:
(42) ما رواه أحمد، قال: حدثنا يحيى، عن محمد بن عجلان، قال: سمعت أبي، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يبل أحدكم في الماء الدائم، ولا يغتسل فيه من الجنابة [18].
[رجاله ثقات إلا محمد بن عجلان فإنه صدوق، والحديث بهذا اللفظ غير محفوظ] [19].
وجه الاستدلال:
أن النهي عن الاغتسال في الماء الراكد جاء مقرونًا بالنهي عن البول فيه، فإذا كان البول ينجسه، فكذلك الاغتسال[20].
أجاب الجمهور بجوابين:
أحدهما: أن الحديث ضعيف، وهذا رأي البيهقي في السنن.
قال النووى: رواه هكذا أبو داود في سننه، من رواية محمد بن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ورواه البخاري ومسلم في صحيحهما عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل منه)).
وفى رواية لمسلم: ((لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم، وهو جنب))، فقيل لأبي هريرة: كيف يفعل؟ قال: يتناوله تناولاً.
فهاتان الروايتان خلاف رواية أبي داود. قال البيهقي: رواية الحفاظ من أصحاب أبي هريرة كما رواه البخاري ومسلم[21].
الجواب الثاني:
أن يقال: لا يلزم من الاشتراك في النهي الاشتراكُ في الحكم، فكون النهي عن البول اقترن في النهى عن الاغتسال، لا يلزم منه الاشتراك في الحكم، فقد ورد قوله تعالى:
﴿ كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده ﴾[22]، فقد اقترن الأمر بالأكل مع الأمر بإعطاء حق المال، والأمر بالأكل مباح، بخلاف الأمر بإعطاء حق المال؛ فإنه قد يكون واجبًا كما في الزكاة، وإنقاذ الهلكة، وقرى الضيف[23].
الدليل الثاني على نجاسة الماء المستعمل:
(43) ما رواه مسلم، قال: حدثني أحمد بن جعفر المعقري، حدثنا النضر بن محمد، حدثنا عكرمة بن عمار، حدثنا شداد بن عبدالله أبو عمار ويحيى بن أبي كثير، عن أبي أمامة - قال عكرمة: لقي شداد أبا أمامة وواثلة وصحب أنسًا إلى الشام وأثنى عليه فضلاً وخيرًا - عن أبي أمامة، قال: قال عمرو بن عبسة السلمي: ما منكم رجل يقرب وضوءه، فيتمضمض، ويستنشق فينتثر، إلا خرت خطايا وجهه وفيه وخياشيمه، ثم إذا غسل وجهه كما أمره الله، إلا خرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء، ثم يغسل يديه إلى المرفقين، إلا خرت خطايا يديه من أنامله مع الماء، ثم يمسح رأسه إلا خرت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء، ثم يغسل قدميه إلى الكعبين إلا خرت خطايا رجليه من أنامله مع الماء، فإن هو قام، فصلى، فحمد الله، وأثنى عليه، ومجده بالذي هو له أهل، وفرَّغ قلبه لله إلا انصرف من خطيئته كهيئته يوم ولدته أمه، فحدث عمرو بن عبسة بهذا الحديث أبا أمامة صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له أبو أمامة: يا عمرو بن عبسة، انظر ما تقول، في مقام واحد يعطى هذا الرجل؟ فقال عمرو: يا أبا أمامة، لقد كبِرت سني، ورق عظمي، واقترب أجلي، وما بي حاجة أن أكذب على الله، ولا على رسول الله، لو لم أسمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا مرة أو مرتين أو ثلاثًا - حتى عد سبع مرات - ما حدثت به أبدًا، ولكني سمعته أكثر من ذلك[24].
وجه الاستدلال:
أن هذه الخطايا نجاسات وقاذورات، فيتنجس الماء المخالط لها[25].
ويمكن الجواب بأن يقال:
إن الذنوب ليست لها أجرام محسوسة نراها تخالط الماء حتى تؤثر فيــه.
وثانيًا: العبد إذا أذنب لا يقال له: تنجس.
وثالثًا: إذا فرغ العبد من الوضوء ثم أذنب لا يؤثر ذلك في وضوئه، ولو كانت هذه الذنوب تؤثر في الماء، لكان لها تأثير على بدن المتلبس بها من باب أولى.
الدليل الثالث:
قالوا: إن استعمال الماء لرفع الحدث يسمى طهارة؛ قال - تعالى -: ﴿ وإن كنتم جنبًا فاطهروا ﴾[26].
والطهارة لا تكون إلا عن نجاسة؛ إذ تطهير الطاهر لا يعقل[27].
ويجاب عنه:
أولاً: إنما سمي طهارة؛ لأنه يطهر العبد من الذنوب، لا أنه طهره من نجاسة حلت فيه.
ولذلك لما اعتبر أبو هريرة حدثه نجاسة بيَّن له - صلى الله عليه وسلم - بقوله: ((إن المؤمن لا ينجس))؛ متفق عليه.
وقوله: "لا ينجس"؛ أي: بمثل ذلك، وإلا فالمؤمن قد تطرأ عليه النجاسة الحسية كغيره.
وثانيًا: تجديد الوضوء يسمى طهارة شرعية مع أنه متطهر.
وثالثًا: لو كان المحدث نجسًا، لما صح حمله في الصلاة، وقد جاء في حديث أبي قتادة في الصحيحين: " أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب" [28].
ورابعًا: المتوضئ لا بد أن يتساقط على ثوبه من الماء المستعمل، ومعنى هذا أنه سوف تتنجس ثيابه، وكذلك ما يتنشف به، لكن حاولوا ينفكون من هذا بأنه سقط الحكم هنا لرفع الحرج، وهذا الانفكاك لا يفك؛ لأنه لو سقط من ثياب المتوضئ الذي عليه لم يسقط الحكم من الثياب التي يتنشف بها، ولا في ثياب غير المتوضئ، كما لو سلم عليه أو وقعت على ثيابه.
دليل من قال: الماء طاهر وليس بطهور:
أما كونه طاهرًا، فله أدلة كثيرة، منها:
الدليل الأول:
(44) ما رواه البخاري، قال: حدثني عبدالله بن محمد، حدثنا عبدالرزاق أخبرنا معمر، قال: أخبرني الزهري، قال: أخبرني عروة بن الزبير، عن المسور بن مخرمة ومروان - يصدق كل واحد منهما صاحبه - وفيه من حديث طويل:
"وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه" [29].
الدليل الثاني:
(45) ما رواه البخاري، قال: حدثنا أبو الوليد، قال: حدثنا شعبة، عن محمد بن المنكدر، قال:
سمعت جابرًا يقول: جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعودني، وأنا مريض لا أعقل، فتوضأ وصب علي من وضوئه، فعقلت، فقلت: يا رسول الله، لمن الميراث إنما يرثني كلالة، فنزلت آية الفرائض[30].
وفي الباب في الصحيحين من حديث أبي جحيفة والسائب بن يزيد.
فإن قال الذاهبون إلى نجاسة الماء المستعمل في رفع الحدث، إن قالوا: إن هذه من خصائص النبي - صلى الله عليه وسلم.
قيل: الأصل أن حكمه - صلى الله عليه وسلم - وحكم أمته واحد، حتى يقوم دليل على الخصوصية.
الدليل الثالث:
(46) ما رواه البخاري، قال: حدثنا عبدالله بن مسلمة، أخبرنا أفلح، عن القاسم، عن عائشة قالت: كنت أغتسل أنا والنبي - صلى الله عليه وسلم - من إناء واحد تختلف أيدينا فيه[31].
وجه الاستدلال:
أن هذا الإناء لا يسلم من رشاش يقع فيه، ولو كان المستعمل نجسًا لنجس الماء.
وقول: إن هذا مما عفي عنه، يصح هذا التقدير لو صح الأصل، وهو نجاسة المستعمل، ولكنه قول شاذ.
الدليل الخامس:
أن المسلم بدنه طاهر بالإجماع حال الحياة[32]، قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: لأبي هريرة: ((إن المؤمن لا ينجس))؛ متفق عليه.
فيكون المستعمل ماء طهورًا لاقى ماء طاهرًا، فكيف ينجس؟
هذا فيما يتعلق بالأدلة على طهارة الماء المستعمل، وأما أدلتهم على كون المستعمل ماء طاهرًا غير طهور، فهاك بيانها:
الدليل الأول:
(47) ما رواه مسلم في صحيحه، قال: وحدثنا هارون بن سعيد الأيلي وأبو الطاهر وأحمد بن عيسى جميعًا، عن ابن وهب - قال هارون: حدثنا ابن وهب - أخبرني عمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشج، أن أبا السائب مولى هشام بن زهرة حدثه، أنه سمع أبا هريرة يقول:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم، وهو جنب)).
فقال: كيف يفعل يا أبا هريرة؟ قال: يتناوله تناولاً[33].
وجه الاستدلال:
قالوا: لما نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الاغتسال في الماء الدائم، دل ذلك على أن الاغتسال يؤثر في الماء، ولو كان لا يؤثر لما نهى عنه، فالمراد من نهيه؛ حتى لا يصير الماء مستعملاً [34].
ويجاب عنه:
أولاً: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يعلل بأن الماء يكون مستعملاً، ولم يذكر الرسول - صلى الله عليه وسلم - قط بأن الماء يكون مستعملاً، فهذا الكلام زيادة على حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم.
ثانيًا: أن الحديث نص في الماء الدائم، وهو يشمل ما فوق القلتين، وما دون القلتين، وأنتم قلتم بأنه لا يكون مستعملاً إلا إذا كان دون القلتين؛ فهذه مخالفة ثانية للحديث.
ثالثًا: أن الحديث نهى عن الاغتسال، وذلك يعني غسل البدن كله، وأنتم أدخلتم حتى الوضوء، بل أدخلتم ما دون ذلك، وذلك كما لو أدخل بعض أعضائه ناويًا رفع الحدث، فإن الماء يكون مستعملاً عندكم؛ أي: طاهرًا غير مطهر، فالحديث نص في الحدث الأكبر، فخالفتم الحديث فأدخلتم الحدث الأصغر، بل حتى ولو غمس بعض أعضاء الحدث الأصغر؛ وهذه مخالفة ثالثة للحديث.
رابعًا: الحديث نهى الجنب أن يغتسل في الماء ما دام جنبًا، سواء نوى رفع الحدث أو لم ينوِ؛ لأن معنى: "لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب"؛ أي: لا يغتسل حالة كونه جنبًا، ولم يتطرق الحديث إلى اشتراط النية، وأنتم قلتم: لو انغمس وهو جنب، ولم ينوِ رفع الحدث لا يكون الماء مستعملاً بل يبقى طهورًا؛ وهذه مخالفة رابعة؛ فتبين أن هذا الدليل لا يصلح أن يكون دليلاً لهم.
دليلهم الثاني:
قالوا: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه احتاجوا في أسفارهم الكثيرة إلى الماء، ولم يجمعوا المستعمل لاستعماله مرة أخرى، ولو كان طهورًا لجمعوه؛ لأن التيمم لا يجوز مع وجود الماء [35].
ويجاب عنه:
بأن الصحابة - رضي الله عنهم - كانوا يقتصدون في الوضوء، وقد ثبت من حديث أنس المتفق عليه قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ بالمد...الحديث"[36]، بل توضأ بأقل من ذلك، وكان بعض السلف إذا توضأ لا يكاد يبلل الأرض. وعلى هذه الحال لا يمكن جمعه، ولو أمكن جمعه لكان في ذلك مشقة عظيمة، والحرج مرفوع عن هذه الأمة بنص القرآن. كما أن كونه لم يجمع لا يدل على أنه لا يتطهر به، ولهذا لم يجمعوه للشرب مع طهارته، وحاجتهم للشرب آكد، ولم يجمعوه لغير الشرب كالعجن والطبخ والتبرد، فعدم جمعه ليس دليلاً على عدم طهوريته، ثم يقال أيضًا: لم يجمعوا أيضًا الماء المستعمل في طهارة مستحبة مع كونه طهورًا، ولا يبعد أن يكون هناك من يتوضأ مجددًا الوضوء، فلم ينهض هذا دليلاً على عدم الطهورية [37].
الدليل الثالث:
ما سبق أن ذكر من أن الماء المستعمل ليس ماء مطلقًا، بل هو مقيد بكونه ماء مستعملاً، والذي يرفع الحدث هو الماء المطلق كما في قوله تعالى: ﴿ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا ﴾[38]، فلم يقيده بشيء، فالماء المستعمل حكمه حكم ماء الورد والزعفران والشاي وغيرهم[39].
وأجيب: بأن لفظ (ماء) في قوله تعالى ﴿ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً ﴾[40] نكرة في سياق النفي، فتعم كل ماء، سواء كان مستعملاً أو غيره، وسواء كان متغيرًا أم لم يتغير، ما دام أنه يسمى ماء، نعم خرج الماء النجس؛ للإجماع على أنه لا يجوز التطهر به، وبقي ما عداه.
الدليل الرابع:
قالوا: إن هذا الماء قد استعمل في عبادة واجبة، فلا يمكن أن يستعمل في عبادة أخرى، كالعبد إذا أعتق لا يمكن أن يعتق مرة أخرى [41].
وأجيب: بأن قياس الماء على العبد قياس مع الفارق.
أولاً: لأن العبد إذا أعتق صار حرًّا، والحر لا يعتق، وأما الماء حين استعمل بقي ماء يمكن التطهر به، ما لم توجد قرينة تدل على نجاسته، وهي تغير أحد أوصافه بنجاسة.
ثانيًا: أن العبد لو رجع إلى الكفار وغنمه المسلمون رجع إلى الرق مرة أخرى، فلا يصح القياس، فالصحيح قياس الماء المستعمل على الثوب، فالثوب حين تؤدى به عبادة واجبة، وهي ستر للعورة، لا يمنع من استعماله مرة أخرى [42].
دليل من قال بأن الماء المستعمل طهور:
الأول: الأصل في الماء أنه طهور، ولا ننتقل عن ذلك إلا بدليل من كتاب أو سنة أو إجماع، ولا دليل.
الثاني: ما سبق ذكره من أن الماء المستعمل ماء طهور لاقى بدنًا طاهرًا فلا يتأثر.
الثالث: سبق أن أثبت في مسألة أقسام الماء أن الماء قسمان: طهور ونجس، ولا يوجد قسم يسمى بالماء الطاهر.
الرابع: الماء المتردد على العضو طهور بالإجماع مع أنه يمر على أول اليد ثم يمر على آخرها، ولم يمنع كونه استعمل في أول العضو أن يطهر بقية العضو، ثم إن المتوضئ يرد يده إلى الإناء فيأخذ ماءً آخر للعضو الآخر، فبالضرورة يدري كل ذي حس سليم أنه لم يطهر العضو الثاني إلا بماء جديد قد مازجه ماء آخر مستعمل في تطهير عضو آخر، وهذا ما لا مخلص منه [43].
الخامس: إذا كان هذا الماء إذا استعمل للتبرد أو لتنظيف الثوب الطاهر كان طهورًا بالإجماع[44]، فهذا مثله؛ إذ الفرق بين هذا الغسل وذاك هو النية فقط، والنية لا أثر لها في الماء؛ لأن محلها القلب.
السادس: أن الله - سبحانه وتعالى - إنما أوجب التيمم على من لم يجد الماء، قال - تعالى -: ﴿ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا ﴾[45]، فكيف يقال بالتيمم مع وجود ماء باقٍ على صفته التي خلقه الله عليها؟
السابع: استدلوا ببعض الأدلة التي فيها ضعف أو نزاع، وإن كان ما سبق من الأدلة كافٍ في بيان أنه القول الراجح، لكن إتمامًا للفائدة أنقلها وأبين وجه النزاع فيها، فمنها:
(48) ما رواه أحمد، قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن عبدالله بن محمد بن عقيل، قال:
حدثتني الربيع بنت معوذ بن عفراء، قالت: كان رسول الله يأتينا فيكثر، فأتانا فوضعنا له الميضأة، فتوضأ فغسل كفيه ثلاثًا، ومضمض واستنشق مرة مرة، وغسل وجهه ثلاثًا، وذارعيه ثلاثًا، ومسح رأسه بما بقي من وضوئه في يديه مرتين، بدأ بمؤخره، ثم رد يده إلى ناصيته، وغسل رجليه ثلاثًا، ومسح إذنيه مقدمهما ومؤخرهما [46].
[إسناده ضعيف] [47].
وجه الاستدلال:
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح رأسه، ومسحه فرض بالماء المتبقي من غسل يديه، إذًا هو قد رفع الحدث بماء مستعمل.
الدليل الثاني:
(49) ما روه أحمد، قال: ثنا علي بن عاصم، ثنا أبو علي الرحبي، عن عكرمة، أنا ابن عباس، قال: اغتسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من جنابة، فلما خرج رأى لمعة على منكبه الأيسر لم يصبها الماء، فأخذ من شعره فبلها، ثم مضى إلى الصلاة [48].
[إسناده ضعيف جدًّا] [49].
الدليل الثالث:
(50) وأخرجه ابن شيبة، قال: حدثنا هشيم وابن علية ومعتمر، عن إسحاق بن سويد العدوي، قال:
حدثنا العلاء بن زياد، قال: اغتسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من جنابة، فخرج، فأبصر لمعة بمنكبه لم يصبها الماء، فأخذ بجمته فبلها به.
[رجاله ثقات، إلا أنه مرسل] [50].
الدليل الرابع:
(51) روى ابن أبي شيبة، قال: حدثنا يزيد بن هارون، عن حماد بن سلمة، عن قتادة، عن خلاس فيما يعلم حماد، عن علي قال: إذا توضأ الرجل، فنسي أن يمسح برأسه، فوجد في لحيته بللاً، أخذ من لحيته، فمسح رأسه.
[ضعيف؛ فيه عنعنة قتادة، وخلاس لم يسمع من علي] [51].
الدليل الخامس:
(52) روى ابن ماجه، قال: حدثنا سويد بن سعيد، ثنا أبو الأحوص، عن محمد بن عبيدالله، عن الحسن بن سعد، عن أبيه، عن علي، قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني اغتسلت من الجنابة، وصليت الفجر، ثم أصبحت، فرأيت قدر موضع الظفر لم يصبه الماء، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لو كنت مسحت عليه بيدك أجزأك [52].
[ضعيف جدًّا] [53].
الدليل السادس:
(53) ما رواه البيهقي في الخلافيات، من طريق يحيى بن عنبسة، ثنا أبو حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبدالله، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اغتسل من الجنابة، فبقيت لمعة في جسده، فقيل له: يا رسول الله، هذه لمعة في جسدك لم يصبها الماء، قال: فأومأ إلى بلل شعره فبله، فأجزأه ذلك [54].
[إسناده ضعيف جدًّا إن لم يكن موضوعًا] [55].
الدليل السابع:
(54) ما رواه الدارقطني، قال: حدثنا محمد بن القاسم بن زكريا، نا هارون بن إسحاق، نا ابن أبي غنية، عن عطاء بن عجلان، عن عبدالله بن أبي مليكة، عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - قالت: اغتسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من جنابة، فرأى لمعة بجلده لم يصبها الماء، فعصر خصلة من شعر رأسه، فأمسها ذلك الماء[56].
[ضعيف جدًّا] [57].
الدليل الثامن:
(55) ما رواه الدارقطني، قال: حدثنا سعيد بن محمد بن أحمد الحناط، ثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، نا المتوكل بن فضيل أبو أيوب الحداد بصري، عن أبي ظلال، عن أنس بن مالك، قال: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الصبح، وقد اغتسل من جنابة، فكان نكتة مثل الدرهم يابس لم يصبه الماء، فقيل: يا رسول الله، إن هذا الموضع لم يصبه الماء، فسلت شعره من الماء، ومسحه به، ولم يعد الصلاة[58].
قال الدارقطني: المتوكل بن فضيل ضعيف [59].
الدليل التاسع:
استدل ابن قدامة بما رواه أبو داود، قال: حدثنا مسدد، ثنا أبو الأحوص، ثنا سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: اغتسل بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - في جفنة، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - ليتوضأ منها أو يغتسل، فقالت له: يا رسول الله، إني كنت جنبًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن الماء لا يجنب [60].
[إسناده ضعيف] [61].
وجه الاستدلال:
قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن الماء لا يجنب، حتى ولو كان مستعملاً في رفع الحدث لا تنتقل إليه الجنابة.
وفي الاستدلال بهذا الحديث نظر، من وجهين:
الأول: المحفوظ في هذا الحديث قوله - صلى الله عليه وسلم -: إن الماء لا ينجسه شيء، وسيأتي - إن شاء الله - بيان ذلك في مسألة الوضوء بفضل المرأة.
الثاني: ليس في الحديث ما يدل على التطهر بالماء المستعمل، نعم يدل الحديث على جواز الوضوء بفضل المرأة، وهناك فرق بين المسألتين، والله أعلم.
دليل من قال: الماء المستعمل طهور مكروه:
قال الخرشي: وعللت الكراهة بعلل كلها لا تخلو من ضعف، والراجح في التعليل مراعاة الخلاف، كما قال ابن الحاجب؛ لأن أصبغ قائل بعدم الطهورية" [62]اهـ.
قلت: وقد سبق لك أن تعليل الكراهة بوجود الخلاف أنه قول ضعيف جدًّا؛ لأن الكراهة حكم شرعي لا يقوم إلا على دليل شرعي، ووجود الخلاف ليس من أدلة الشرع، والراجح أن الماء المستعمل في طهارة واجبة طهور غير مكروه.
[1] انظر في مذهب الحنفية: البناية في شرح الهداية (1/352) قال: والماء المستعمل هو ماء أزيل به حدث، أو استعمل في البدن على وجه القربة. وانظر حاشية ابن عابدين (1/200)، وقال في البحر الرائق (1/97): "الماء يصير مستعملاً بواحد من ثلاثة:
إما بإزالة الحدث، سواء كان معه تقرب أو لا - يقصد: كان معه نية أو لا؛ لأن الحدث عندهم يرتفع، ولو لم ينو رفع الحدث.
قال: أو إقامة القربة، كان معه رفع الحدث أو لا - يقصد: أن الطهارة لم تكن عن حدث؛ وإنما نوى تجديدًا مسنونًا.
قال: أو إسقاط الفرض - يعني: فرض الطهارة. اهـ
وقال في منح الجليل من المالكية (1/38): وهو المتقاطر من العضو المغسول، والمغسول فيه العضو لا الجاري عليه، ولا الباقي في الإناء بعد الاغتراف منه.
وقال في حاشية الدسوقي (1/42): والمستعمل ما تقاطر من الأعضاء، أو اتصل بها، أو انفصل عنها، وكان يسيرًا كآنية وضوء، غَسَل عضوه فيه".
ثم قال في شرحه: والكراهة مقيدة بأمرين: أن يكون ذلك الماء المستعمل قليلاً كآنية الوضوء والغسل، وأن يوجد غيره، وإلا فلا كراهة".
وقال في شرح الخرشي (1/74): "ما تقاطر من العضو الذي تتم به الطهارة ماء مستعمل بلا نزاع".
وانظر في مذهب الشافعية: المجموع (1/215)، الحاوي الكبير (1/300).
[2] البحر الرائق (1/95)، المبسوط (1/53).
[3] انظر الشرح الصغير (1/37)، حاشية الدسوقي (41،42)، الخرشي (1/75،76) القوانين الفقهية (ص: 25)، الاستذكار (1/253)، التمهيد (4/43).
وقال في شرح الخرشي (1/74): لو غمس يده في الإناء ولم يدلك يده إلا بعد ما أخرجها، فالظاهر أنه غير مستعمل كما ظهر لي، ثم وجدت عج ذكره.
وسبب هذا أن الدلك عندهم فرض، فإذا خرج يده ولم يدلكها لم يرتفع الحدث عن العضو في الماء، وإنما ارتفع خارج الماء فلم يتأثر الماء، والله أعلم.
[4] المجموع ( 1/215)، الفتاوى الكبرى.
انظر في المذهب الحنبلي المبدع (1/45، 46)، الكافي (1/6).
وقال ابن قدامة في المغني (1/30): "وإذا انغمس الجنب أو المحدث فيما دون القلتين ينوي رفع الحدث، صار مستعملاً، ولم يرتفع حدثه. وقال الشافعي: يصير مستعملاً، ويرتفع حدثه؛ لأنه إنما صار مستعملاً بارتفاع حدثه فيه... إلخ كلامه - رحمه الله. وانظر الفتاوى الكبرى - ابن تيمية (1/421، 422).
[5] انظر في مذهب الحنفية: بدائع الصنائع (1/69)، البحر الرائق (1/19).
وقال في درر الحكام شرح غرر الأحكام (1/9): قال القاضي خان: المحدث والجنب إذا أدخل يده في الماء للاغتراف، وليس عليها نجاسة، لا يفسد الماء، وكذا إذا وقع الكوز في الجب، وأدخل يده إلى المرفق لإخراج الكوز لا يصير الماء مستعملاً، وكذا الجنب إذا أدخل رجله في البئر ليطلب الدلو لا يصير مستعملاً لمكان الضرورة... إلخ
وفي مذهب المالكية: قال في مواهب الجليل (1/68): "قال ابن الإمام: والأظهر أن إدخال المحدث يده في الإناء بعد غسل الوجه ونية رفع الحدث، لا يصير الماء مستعملاً إذا انفصلت اليد من الماء على أصلنا، ولم أر فيه نصًّا".
وفي مذهب الشافعية، قال النووي في المجموع (1/215): "إذا غمس المتوضئ يده في إناء فيه دون القلتين، فإن كان قبل غسل الوجه لم يصر الماء مستعملاً، سواء نوى رفع الحدث أم لا، وإن كان بعد غسل الوجه، فهذا وقت غسل اليد، ففيه تفصيل: إن قصد غسل اليد، صار مستعملاً، وارتفع الحدث عن الجزء الأول من اليد".
وفي مذهب الحنابلة: قال ابن قدامة في المغني (1/86): "ومن كان يتوضأ من ماء يسير يغترف منه بيده، فغرف منه عند غسل يديه، لم يؤثر ذلك في الماء... إلخ كلامه - رحمه الله.
وقال أيضًا (1/135): "وأما الجنب، فإن لم ينو بغمس يده في الماء رفع الحدث منها، فهو باقٍ على طهوريته"، ثم قال: "وإن نوى رفع حدثها، فحكم الماء حكم ما لو اغتسل الجنب فيه للجنابة"؛ يقصد: أنه يكون مستعملاً. وانظر الإنصاف (1/44).
[6] البناية (1/350)، حاشية ابن عابدين (1/201) وذكر عن أبي حنيفة أنه لو نزل رجل محدث في بئر أن الماء والرجل نجسان".
وقال في البناية (1/351): "رواية الحسن عن أبي حنيفة أن الماء المستعمل نجس نجاسة مغلظة، فسرها في المبسوط (1/46): أي لا يعفى عن أكثر من قدر الدرهم.
ثم قال العيني: ورواية أبي يوسف عن أبي حنيفة أنه نجس نجاسة مخففة، فسرها بالمبسوط (1/46) أن التقدير فيه بالكثير الفاحش. والله أعلم.
[7] المراجع السابقة.
[8] الشرح الصغير (1/37)، حاشية الدسوقي (1/37)، بداية المجتهد مع الهداية في تخريج أحاديث البداية (1/274).
والكراهة مقيدة بأمرين:
الأول: أن يكون ذلك الماء قليلاً كآنية الوضوء والغسل.
الثاني: أن يوجد غيره، وإلا فلا كراهة.
[9] انظر شرح فتح القدير (1/87)، والمبسوط (1/46)، وحاشية رد المحتار لابن عابدين (1/200، 201)، قال العيني في البناية (1/349): ورواه زفر - رحمه الله - أيضًا عن أبي حنيفة؛ يعني: كونه طاهرًا. ثم قال: حتى كان قاضي القضاة أبو حازم عبدالحميد العراقي يقول: أرجو أن لا تثبت رواية النجاسة فيه عن أبي حنيفة - رحمه الله - وهو اختيار المحققين من مشايخنا بما وراء النهر، قال في المحيط: وهو الأشهر الأقيس. قال في المفيد: وهو الصحيح. قال الأسبيجابي: وعليه الفتوى.
[10] الأم (8/100)، الروضة (1/7)، وقال في المجموع (1/202): "قال الشيخ أبو حامد: نص الشافعي في جميع كتبه القديمة والجديدة أن المستعمل ليس بطهور".
وقال الماوردي: الماء المستعمل في رفع الحدث، وهو ما انفصل من أعضاء المحدث في وضوئه، أو من بدن الجنب في غسله، فمذهب الشافعي المنصوص عليه في كتبه القديمة والجديدة، وما نقله عنه جميع أصحابه سماعًا ورواية أنه طاهر مطهر. هكذا في الحاوي (1/296)، وهذه العبارة بنصها نقلها النووي إلا أنه قال: وما نقله جميع أصحابه سماعًا ورواية أنه غير طهور. المجموع (1/203). وعبارة النووي هي أصوب؛ لما عرف من مذهب الشافعي - رحمه الله.
ولذلك قال الماوردي بعد العبارة السابقة مما يبين أنها خطأ:
قال: فكان أبو إسحاق المروزي، وأبو حامد المروزي يخرجان الماء المستعمل على قولين:
الأول: أنه طاهر غير مطهر، وهو ما صرح به في جميع كتبه، ونقله جمهور أصحابه. اهـ
فهذا يدل على خطأ في النص السابق، ولم ينتبه له محقق الكتاب، إن لم يكن الخطأ من الناسخ. ثم قال:
والثاني: أنه طاهر مطهر، وهو ما حكاه عيسى بن أبان، ودلت عليه رواية أبي ثور، وكان أبو العباس، وابن أبي هريرة يمنعان من تخريج القولين، ويعدلان عن رواية عيسى؛ لأنه وإن كان ثقة، فهو مخالف لما يحكيه أصحاب الخلاف، ولم يلق الشافعي فيحكيه سماعًا من لفظه، ولا هو منصوصه، فيأخذ من كتبه، ولعله تأول كلامه في نصرة طهارته ردًّا على أبي يوسف، فحمله على جواز الطهارة به... إلخ كلامه.
[11] الإنصاف (1/35، 36)، كشاف القناع (1/32)، شرح منتهى الإرادات (1/14).
[12] شرح فتح القدير (1/87)، والمبسوط (1/46)، وحاشية رد المحتار لابن عابدين (1/200، 201)، البناية (1/349).
[13] الكافي (1/5)، المبدع (1/44)، وقال صاحب الإنصاف (1/36): وهو أقوى في النظر.
[14] المحلى (1/183).
[15] الاختيارات للبعلي (ص: 3)، ومجموع الفتاوى (20/519).
[16] التنقيح (1/211).
[17] نيل الأوطار (1/44).
[18] أحمد (2/433).
والحديث رواه أبو داود (70)، ومن طريقه أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (1/238) حدثنا مسدد، حدثنا يحيى به.
وأخرجه ابن حبان (1257) من طريق أبي خيثمة، حدثنا يحيى بن سعيد القطان به.
[19] الجمع بين النهي عن البول في الماء الدائم، والنهي عن اغتسال الجنب في الماء الدائم، ولو لم يبل فيه، جمع بينهما ابن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة.
وليس النقاش في ثبوت النهي عن الاغتسال في الماء الدائم للجنب، وإنما جمع الحديثين في حديث واحد انفرد به ابن عجلان في سائر من روى الحديث، وانفراده يوجب ريبة أن الحديث بهذا اللفظ لم يثبت، وقد اختلف على ابن عجلان أيضًا:
فرواه عنه يحيى بن سعيد القطان كما تقدم، عن أبيه، عن أبي هريرة.
وروه الليث، عن ابن عجلان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة بنفس اللفظ، رواه البيهقي (1/238) قال: أخبرنا أبو الحسن بن عبدان، ثنا أحمد بن عبيد الصفار، ثنا عبيد بن عبدالواحد بن شريك، ثنا يحيى بن بكير، ثنا الليث به.
وهذا إسناد حسن إلى ابن عجلان، كلهم ثقات إلا عبيد بن عبدالواحد، فإنه صدوق.
وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/5) من طريق أبي زرعة وهب الله بن راشد، قال: أخبرنا حيوة بن شريح، قال: سمعت ابن عجلان يحدث عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة فذكره بلفظ أبي داود.
وهذا إسناد فيه لين؛ فيه أبو زرعة وهب الله بن راشد، جاء في ترجمته:
قال أحمد بن سعيد بن أبي مريم: أردت أن أكتب عن أبي زرعة وهب الله بن راشد، فنهاني عمي أن أكتب عنه. الضعفاء الكبير (4/323).
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه، فقال: بين ذلك، فقيل لأبي: وهب الله بن راشد أحب إليك أم وهب بن راشد الرقي؟ قال: وهب الله لا يقرن إلى ذلك، ووهب الله بن راشد محله الصدق. الجرح والتعديل (9/27).
وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: يخطئ. الثقات (9/228).
وخالفهم أبو خالد الأحمر، ويحيى بن محمد بن قيس.
فأخرجه ابن ماجه (344) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن ابن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يبولن أحدكم في الماء الراكد.
ورواه يحيى بن محمد بن قيس، عن ابن عجلان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ الجماعة: نهى أن يبال في الماء الدائم، ثم يغتسل منه.
أخرجه النسائي (398) أخبرنا محمد بن صالح البغدادي، قال: حدثنا يحيى بن محمد، قال: حدثني ابن عجلان، عن أبي الزناد، عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يبال في الماء الدائم، ثم يغتسل فيه من الجنابة.
وأخرجه البيهقي (1/238) قال: أخبرناه أبو الحسن علي بن محمد بن علي المقري، أنا الحسن بن محمد بن إسحاق، أنا يوسف بن يعقوب القاضي، ثنا محمد بن أبي بكر، ثنا يحيى بن محمد بن قيس به بمثله، لكن قال: ثم يغتسل فيه للجنابة.
قال البيهقي: هذا اللفظ هو الذي أخرج في الصحيحين من هذا الحديث "ثم يغتسل منه"، إلا أنه لم يخرج فيه "للجنابة".
ويحيى بن محمد بن قيس فيه ضعف، وأخرج له مسلم في المتابعات، لكنه قد توبع في هذا اللفظ من طرق كثيرة، منها طريق أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة في الصحيحين، وليس فيها ما ذكره ابن عجلان. فهذا الاختلاف على ابن عجلان يؤكد أنه لم يضبط الحديث.
وقد روى الحديثَ جماعة عن أبي هريرة في الصحيحين وغيرهما، لم يذكروا ما ذكره محمد بن عجلان، منهم: محمد بن سيرين، وهو من أثبت أصحاب أبي هريرة، وهمام، والأعرج من غير طريق ابن عجلان، وحميد بن عبدالرحمن، وخلاس بن عمرو، وغيرهم - كما سأبينه بالتفصيل إن شاء الله تعالى.
الطريق الأول: الأعرج، عن أبي هريرة:
أخرجه البخاري (239) قال: حدثنا أبو اليمان، قال: أخبرنا شعيب، قال: أخبرنا أبو الزناد، أن عبدالرحمن بن هرمز حدثه، أنه سمع أبا هريرة، أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه. قرنه بحديث: "نحن الآخرون السابقون يوم القيامة".
وأخرجه ابن خزيمة (66) من طريق سفيان، عن أبي الزناد به، بلفظ البخاري.
وأخرجه الطحاوي (1/15) من طريق ابن لهيعة، عن الأعرج، عن أبي هريرة بلفظ البخاري. وهذه متابعة لحديث أبي الزناد موافقًا له على لفظ الصحيح، وهو سند صالح في المتابعات، وعليه يكون رواه اثنان عن أبي الزناد؛ منهم شعيب في البخاري، وسفيان بن عيينة عند ابن خزيمة، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، ولا يذكران ما يذكره ابن عجلان، عن أبي الزناد. ولو لم يكن فيه إلا مخالفة هؤلاء لكفى، فكيف وقد خالف أمة رووه عن أبي هريرة.
الطريق الثاني: ابن سيرين، عن أبي هريرة:
رواه عن ابن سيرين جماعة، منهم:
أولاً: أيوب، عن ابن سيرين.
أخرجه عبدالرزاق في المصنف (300) أخبرنا معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يتوضأ منه.
ومن طريق عبدالرزاق أخرجه أحمد (2/265) وابن الجارود في المنتقى (54)، وأبو عوانة (1/276).
وأخرجه الحميدي (970) حدثنا سفيان بن عينية، ثنا أيوب به، بلفظ: "ثم يغتسل منه".
واختلف على سفيان، فرواه عنه الحميدي، وهو من أثبت أصحابه، عن أيوب به مرفوعًا.
ورواه قتيبة عنه به موقوفًا.
أخرجه النسائي (400) أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا سفيان به. بلفظ: لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يحري ثم يغتسل فيه. موقوفًا على أبي هريرة.
ورواه البيهقي (1/239) من طريق سعدان بن نصر، ثنا سفيان بن عيينة، عن أيوب به موقوفًا.
قلت: وكذلك رواه عبدالوهاب الثقفي، عن أيوب موقوفًا، انظر العلل للدارقطني (8/121).
وقال البيهقي: وكذلك رواه يزيد بن هارون، عن محمد بن سيرين موقوفًا.
قلت: وكذلك رواه يونس، عن ابن سيرين موقوفًا، انظر العلل للدارقطني (8/121).
وفي رواية النسائي: قال سفيان بن عيينة: قالوا لهشام - يعني: ابن حسان -: إن أيوب إنما ينتهي بهذا الحديث إلى أبي هريرة، فقال: إن أيوب لو استطاع أن لا يرفع حديثًا لم يرفعه.
وهذا يدل على أنه مشهور عن أيوب وقف هذا الحديث.
قال السندي معلقًا في حاشيته على النسائي في كون أيوب لم يرفعه، قال: تعظيمًا للنسبة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وخوفًا من أن يقع منه فيه خطأ، فيقع في الكذب عليه، والله تعالى أعلم.
هذا فيما يتعلق في رواية أيوب عن ابن سيرين.
وتابعه هشام بن حسان، عن ابن سيرين:
أخرجه أحمد (2/362) حدثنا عبدالله بن يزيد - يعني المقرئ - قال: حدثنا هشام، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل منه.
وأخرجه مسلم (282) حدثني زهير بن حرب، حدثنا جرير، عن هشام به، بلفظ: "ثم يغتسل منه".
وأخرجه أبو داود (69) قال: حدثنا أحمد بن يونس، ثنا زائدة في حديث هشام به.
وأخرجه الدارمي (730) قال: أخبرنا أحمد بن عبدالله ثنا زائدة عن هشام به.
وأخرجه الطحاوي (1 /14 ) وأبو يعلى (6076)، والبيهقي (1/256) من طريق عبدالله بن بكر السهمي، ثنا هشام به.
وأخرجه البيهقي (1/238) من طريق الأنصاري وجرير، كلاهما عن هشام به.
ولفظ هشام من هذا الطريق: ثم يغتسل منه.
واختلف على هشام:
فأخرجه من سبق، عن هشام، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة مرفوعًا.
وخالفهم ابن علية، فرواه عن هشام به موقوفًا، أخرجه ابن أبي شيبة (1/131) رقم 1501، قال: حدثنا ابن علية، عن هشام، عن محمد، عن أبي هريرة، قال: لا يبول أحدكم في الماء الدائم، ثم يغتسل منه.
كما رواه هشيم عن هشام به موقوفًا كما في علل الدارقطني (8/121).
وقال الدارقطني: ورواه يونس عن ابن سيرين موقوفًا. المرجع السابق.
ورواه سلمة بن علقمة، عن ابن سيرين به موقوفًا على أبي هريرة، أخرجه ابن أبي شيبة (1/131) رقم 1502 قال: حدثنا ابن علية، عن سلمة به.
ورواه عوف عن ابن سيرين:
أخرجه أحمد (2/259) حدثنا عبدالواحد، حدثنا عوف، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة.
وأخرجه النسائي في الكبرى (55) وفي الصغرى (57) أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أنبأنا عيسى بن يونس، قال: حدثنا عوف، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - به بلفظ: ثم يتوضأ منه.
ومن طريق إسحاق بن إبراهيم أخرجه ابن حبان (1251).
ورواه البيهقي (1/238) من طريق يحيى بن سعيد، عن عوف بن محمد به. إلا أنه قال: ثم يتطهر منه، وهي رواية بالمعنى صحيحة.
ورواه يحيى بن عتيق، عن ابن سيرين:
أخرجه النسائي في الكبرى (56) وفي السنن الصغرى (58) أخبرنا يعقوب بن إبراهيم، قال: أخبرنا إسماعيل، عن يحيى بن عتيق، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يبولن أحدكم في الماء الدائم، ثم يغتسل منه.
قال النسائي: كان يعقوب لا يحدث بهذا الحديث إلا بدينار.
وأخرجه ابن عدي في الكامل (5/216) من طريق علي بن عبدة، ثنا ابن علية، عن يحيى بن عتيق، عن محمد بن سيرين به. بلفظ: ثم يتوضأ منه أو قال: يغتسل.
قال ابن عدي: هذا الحديث لم يحدث به عن ابن علية من الثقات غير يعقوب الدورقي حدثنا جماعة من الثقات، منهم أبو عبدالرحمن النسائي، عن يعقوب، وكان يعقوب يأخذ على هذا الحديث دينارًا، فسرقه منه علي بن عبدة. اهـ
الطريق الثالث: همام بن منبه، عن أبي هريرة:
رواه عبدالرزاق في مصنفه (299) عن معمر، عن همام بن منبه، قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يتوضأ منه.
ومن طريق عبدالرزاق أخرجه أحمد (2/316) وقال بدلاً من يتوضأ منه، قال: يغتسل منه.
وأخرجه مسلم (282) حدثنا محمد بن رافع، حدثنا عبدالرزاق به. بلفظ أحمد.
وأخرجه الترمذي (68) ومن طريق الترمذي أخرجه ابن الجوزي في التحقيق (1/43) قال: حدثنا محمود بن غيلان، حدثنا عبدالرزاق به، بلفظ عبدالرزاق. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وأخرجه النسائي ( 397 ) أخبرنا محمد بن حاتم، قال: حدثنا حبان، قال: حدثنا عبدالله بن المبارك، عن معمر به، بلفظ: ثم يغتسل منه أو يتوضأ.
وأخرجه ابن الجارود (54) حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا عبدالرزاق به. بلفظ عبدالرزاق، ثم يتوضأ منه.
وأخرجه أبو عوانة في مسنده (1/276) حدثنا السلمي والدبري جميعًا، عن عبدالرزاق به. بلفظ: ثم يغتسل به، كما هو لفظ مسلم.
الطريق الرابع: عطاء بن ميناء، عن أبي هريرة. وفي لفظه: ثم يتوضأ منه أو يشرب. وذكر الشرب انفرد بها الحارث بن أبي ذباب، عن عطاء بن ميناء، وهي شاذة، والحارث صدوق له أوهام.
والحديث أخرجه ابن خزيمة (94)، ومن طريقه ابن حبان (1256) قال: نا يونس بن عبدالأعلى، أخبرنا أنس بن عياض، عن الحارث - وهو ابن أبي ذباب - عن عطاء بن ميناء، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا يبولن أحدكم في الماء الدائم، ثم يتوضأ منه أو يشرب.
وأخرجه الطحاوي (1/14) حدثنا يونس بن عبدالأعلى به. وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (1/239) من طريق ابن وهب، أخبرني أنس بن عياض به.
الطريق الخامس: أبو عثمان مولى المغيرة بن شعبة، عن أبي هريرة. بلفظ: "ثم يغتسل منه".
أخرجه أحمد (2/394) قال: حدثنا أبو أحمد، ثنا سفيان، عن أبي الزناد، عن موسى بن أبي عثمان، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعًا، وفيه: ثم يغتسل منه.
وأخرجه عبدالرزاق (302) عن الثوري، عن ابن ذكوان، عن موسى بن أبي عثمان به. بلفظ: ثم يغتسل فيه.
وأخرجه أحمد (2/464) حدثنا عبدالله بن الوليد ومؤمل، قالا: حدثنا سفيان، قال: حدثني أبو الزناد به.
وجاء من طريق سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد به.
وأخرجه الحميدي (696) حدثنا سفيان، ثنا أبو الزناد به. وأخرجه النسائي (399) أخبرنا محمد بن عبدالله بن يزيد، عن سفيان به. ومن طريق سفيان بن عيينة أخرجه ابن خزيمة (66)، وابن حبان (1254)، والبيهقي (1/256، 238).
وأخرجه الطحاوي (1/14) من طريق أبي نعيم ومحمد بن يوسف الفريابي، كلاهما، عن سفيان به.
وأخرجه الطحاوي (1/14) من طريق عبدالرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه به.
الطريق السادس: عن خلاس، عن أبي هريرة، وخلاس لم يسمع أبا هريرة.
أخرجه أحمد (2/259، 492) والنسائي (57). ومع انقطاعه، فإن خلاس قد تابعه جمع كثير.
الطريق الثامن: عن أبي مريم، عن أبي هريرة:
أخرجه أحمد (2/288، 532) وابن أبي شيبة (1/131) رقم 1504. وسنده جيد.
الطريق الثامن: أخرجه أحمد (2/346) حدثنا عفان، حدثنا أبو عوانة، عن داود بن عبدالله الأودي، عن حميد بن عبدالرحمن الحميري، عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ: "ثم يغتسل منه".
فهؤلاء ثمانية رواة رووه عن أبي هريرة، ولم يقل واحد منهم ما قاله ابن عجلان، عن أبي الزناد، عن أبي هريرة بجمعه حديثين في حديث واحد.
وحديث النهي عن الانغماس في الماء الدائم والرجل جنب، لا يعرف من حديث أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، وإنما جاء من طريق أبي السائب مولى هشام بن زهرة، عن أبي هريرة مرفوعًا.
أخرجه مسلم (283)، وابن ماجه (605) والنسائي (220) وابن الجارود (56) وابن خزيمة (93)، وأبو عوانة (1/276) والطحاوي (1/14)، وابن حبان (1252) والدارقطني (1/51،52) والبيهقي (1/237) من طريق عمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشج، أن أبا السائب مولى هشام بن زهرة حدثه، أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم، وهو جنب، فقال: كيف يفعل يا أبا هريرة؟ قال: يتناوله تناولاً.
هذا ما وقفت عليه من طرق الحديث، والله الموفق للصواب.
[20] البناية (1/353، 354).
[21] المجموع (1/204). قلت: وقد يقال: إن هذه الرواية وإن كانت من طريق ابن عجلان، وهو صدوق، وقد اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة، كما أفاده الحافظ في التقريب: إلا أن هذه الرواية ليست مخالفة لرواية الصحيحين؛ لأن الحديث في الصحيحين: "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري، ثم يغتسل فيه".
ولفظ مسلم: "ثم يغتسل منه". هذا الحديث موافق للشق الأول من حديث ابن عجلان؛ لأن لفظه: "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم"، وثبت عن مسلم: "لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب".
وهذا موافق للشق الثاني من حديث أبي داود، وهو قوله: "ولا يغتسل فيه من الجنابة".
فإذًا غاية ما في حديث ابن عجلان أنه ذكر الحديثين في حديث واحد، وهذا لا يوجب قدحًا. وهذا الجواب فيه ضعف؛ لأن حديث مسلم في نهي الجنب عن الانغماس في الماء الدائم له مخرج مختلف عن حديث النهي عن البول في الماء الدائم، فكون ابن عجلان ينفرد بأمرين:
الأول: أنه جمع الحديثين في حديث واحد.
الثاني: أن لا يعرف حديث النهي عن انغماس الجنب من طريق أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة. وكوننا نذكر أنه خطأ في الإسناد، لا يعني إعلال المتن، وثبوته من طريق آخر، والله أعلم.
[22] الأنعام: 141.
[23] بتصرف يسير المجموع (1/204، 205).
[24] صحيح مسلم (832).
[25] البناية (1/353، 354).
[26] المائدة: 6.
[27] البناية بتصرف (1/350، 351).
[28] البخاري (516)، ومسلم (41 - 543 ).
[29] صحيح البخاري (2734).
[30] رواه البخاري (194) ومسلم (1616).
[31] صحيح البخاري (261) ومسلم (45-321)
[32] نيل الأوطار (1/44).
[33] صحيح مسلم (283).
[34] المجموع (1/206).
[35] المجموع (1/206).
[36] صحيح البخاري (201) ومسلم (325).
[37] أجاب الشافعية عن هذا الاعتراض بقولهم: بأن الصحابة تركوا جمعه للشرب لاستقذاره، فإن النفوس تعافه. لكن يقال: إذا كانت تعافه للشرب، فإنها لا تعافه للتطهر. انظر المجموع (1/206).
[38] المائدة: 6.
[39] ذكره دليلاً لهم ابن حزم في المحلى (1/189) ورده عليهم.
[40] المائدة: 6.
[41] انظر المقنع شرح مختصر الخرقي (1/189)، وكشاف القناع (1/32).
[42] فرق الحنابلة بين استعمال الماء في عبادة، واستعمال الثوب. انظر المقنع شرح مختصر الخرقي (1/189)، قالوا: إن استعمال الماء على وجه الإتلاف فيؤثر، بخلاف استعمال الثوب في ستر العورة فإنه ليس على وجه الإتلاف، وهذا التعليل ضعيف.
[43] المحلى (1/184). مع أن الذين قالوا بأنه مستعمل لا يحكمون له بالاستعمال إلا إذا انفصل من العضو، وما دام لم ينفصل لا يعتبر مستعملاً عندهم. وهذا الشرط دليل على ضعف هذا القول، فكونه انفصل أو لم ينفصل هو في حقيقته ماء قد استعمل في رفع الحدث.
[44] قال في المغني (1/34): ولا تختلف الرواية أن ما استعمل في التبرد والتنظيف أنه باقي على إطلاقه، ولا نعلم فيه خلافًا.
[45] المائدة: 6.
[46] مسند أحمد (6/358).
[47] مدار الحديث على عبدالله بن عقيل، وقد تفرد به، والأكثر على ضعفه، وقد حررت الأقوال فيه في كتاب الحيض والنفاس، فليراجع، وقد اختلف عليه في لفظه:
وقد رواه عن ابن عقيل، جماعة منهم:
الطريق الأول: الثوري، عن ابن عقيل:
أخرجه أحمد كما في إسناد الباب، ومن طريق أحمد أخرجه ابن الجوزي في التحقيق في أحاديث الخلاف (155).
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1/28) رقم 211 حدثنا وكيع به، مختصرًا: أتانا النبي - صلى الله عليه وسلم - فتوضأ، ومسح رأسه بما بقي من وضوئه.
وأخرجه الطبراني في الكبير (24/269) قال: حدثنا عبيد بن غنام، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا وكيع به، بلفظ: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأتينا، فيكثر، قالت: فأتانا فوضعنا له الميضأة، فتوضأ، فغسل كفيه ثلاثًا، ثم مضمض واستنشق مرة، وغسل وجهه ثلاثًا، وذراعيه ثلاثًا، ومسح بما بقي من وضوئه مرتين، يبدأ بمؤخره، ثم رد يديه على ناصيته، وغسل رجليه ثلاثًا ثلاثًا.
ومن طريق عبيد بن غنام أخرجه البيهقي في الخلافيات (122).
وأخرجه ابن ماجه في السنن (418) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد، قالا: حدثنا وكيع به، بلفظ: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ ثلاثًا ثلاثًا.
وبهذا اللفظ أخرجه الطبراني في الكبير (24/269) رقم 680 من طريق محمد بن عبدالله بن نمير، ثنا وكيع به.
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (1/65) من طريق يحيى بن يحيى، أنا وكيع به، بلفظ: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ، فأدخل إصبعيه في أذنيه.
أخرجه أبو داود (130) قال: حدثنا مسدد، عن عبدالله بن داود، عن سفيان بن سعيد، عن ابن عقيل، عن الربيع، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح برأسه من فضل ماء كان في يده.
ومن طريق أبي داود أخرجه البغوي في شرح السنة (1/438) والبيهقي في السنن الكبرى (1/237) وقال: هكذا رواه جماعة عن عبدالله بن داود وغيره، عن الثوري، وقال بعضهم: ببلل يديه، وكأنه أراد أخذ ماء جديدًا فصب بعضه، ومسح رأسه ببلل يديه، وعبدالله بن محمد بن عقيل لم يكن بالحافظ، وأهل العلم بالحديث مختلفون في جواز الاحتجاج برواياته.
وأخرجه الطبراني في الكبير (24/268) رقم 679 قال: حدثنا معاذ بن المثنى وأبو مسلم الكشي، قالا: ثنا مسدد به.
وأخرجه في الكبير أيضًا (24/270) رقم 686 مطولاً، وليس فيه موضع الشاهد.
ورواه ابن المنذر في الأوسط (1/288) حدثنا يحيى بن محمد، ثنا مسدد به.
الطريق الثاني: عن معمر، عن ابن عقيل:
أخرجه عبدالرزاق (11) قال: عن معمر، عن عبدالله بن محمد بن عقيل، عن الربيع بنت عفراء، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ، ومسح رأسه مرتين. وليس فيه موضع الشاهد من الوضوء بما بقي من يديه.
ومن طريق عبدالرزاق أخرجه ابن المنذر في الأوسط (1/400) بلفظ: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح بأذنيه ظاهرهما وباطنهما"، والطبراني في الكبير (24/266) رقم 673 مطولاً، وليس فيه أنه مسح رأسه بما بقي في يديه.
ورواه الطبراني أيضًا (24/266) رقم 674 من طريق حماد بن زيد، عن معمر به.
الطريق الثالث: بشر بن مفضل، عن ابن عقيل:
رواه أبو داود (126) حدثنا مسدد حدثنا بشر بن المفضل، حدثنا عبدالله بن محمد بن عقيل به. وليس فيه أنه مسح رأسه بما بقي في يديه.
وأخرجه الترمذي (33) ثنا قتيبة بن سعيد، ثنا بشر بن المفضل به.
الطريق الرابع: الحسن بن صالح، عن ابن عقيل:
أخرجه أحمد (6/359) قال: ثنا وكيع، عن حسن، عن ابن عقيل، عن الربيع بنت معوذ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ، فأدخل إصبعيه في حجر أذنيه.
وأخرجه أبو داود (131) ومن طريقه البيهقي (1/65) قال: حدثنا إبراهيم بن سعيد، ثنا وكيع، ثنا الحسن بن صالح به.
وأخرجه ابن ماجه (441) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد، قالا: ثنا وكيع، عن الحسن بن صالح به.
وتابع وكيعًا أبو غسان، فأخرجه الطبراني في الكبير (24/267) قال: حدثنا علي بن عبدالعزيز، ثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل، ثنا الحسن بن صالح به، مطولاً بذكر صفة الوضوء، وليس فيه موضع الشاهد من مسح الرأس بالماء المستعمل.
الطريق الخامس: روح بن القاسم، عن ابن عقيل:
رواه الطبراني في الكبير (24/267) رقم 676 وفي الأوسط (3/35) رقم 2388، قال: حدثنا أبو مسلم الكشي، ثنا محمد بن المنهال، ثنا يزيد بن زريع، ثنا روح بن القاسم، عن عبدالله بن محمد بن عقيل، عن الربيع بنت معوذ بن عفراء قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأتينا، فنأتيه بميضأة لنا فيها ماء، يأخذ بمد المدينة مدًّا ونصفًا أو ثلثًا، فأصب عليه، فيغسل يديه ثلاثًا، ويمضمض ويستنشق ويغسل وجهه ثلاثًا، ويمسح برأسه مرة واحدة، ويمسح بأذنيه ظاهرهما وباطنهما، ويطهر قدميه.
الطريق السادس: سفيان بن عيينة، عن ابن عقيل:
رواه أحمد (6/358) قال: ثنا سفيان بن عيينة، قال: حدثني عبدالله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب، قال:
أرسلني علي بن حسين إلى الربيع بنت معوذ بن عفراء، فسألتها عن وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخرجت له يعنى إناء يكون مدًّا أو نحو مد وربع، قال سفيان: كأنه يذهب إلى الهاشمي، قالت: كنت أخرج له الماء في هذا، فيصب على يديه ثلاثًا أو قال: مرة يغسل يديه قبل أن يدخلهما، ويغسل وجهه ثلاثًا، ويمضمض ثلاثًا، ويستنشق ثلاثًا، ويغسل يده اليمنى ثلاثًا، واليسرى ثلاثًا، ويمسح برأسه، وقال: مرة أو مرتين مقبلاً ومدبرًا، ثم يغسل رجليه ثلاثًا، قد جاءني ابن عم لك، فسألني وهو ابن عباس، فأخبرته، فقال: لي ما أجد في كتاب الله إلا مسحتين وغسلتين.
ولم يذكر موضع الشاهد.
وأخرجه الحميدي (342) ثنا سفيان به. وزاد: ووصف لنا سفيان المسح، فوضع يديه على قرنيه، ثم مسح بهما إلى جبهته، ثم رفعهما ووضعهما على قرنيه من وسط رأسه، ثم مسح إلى قفاه. قال سفيان: وكان ابن عجلان حدثناه أولاً عن ابن عقيل، عن الربيع، فزاد في المسح، قال: ثم مسح من قرنيه على عارضيه حتى بلغ طرف لحيته، فلما سألنا ابن عقيل عنه لم يصف لنا في المسح العارضين، وكان في حفظه شيء، فكرهت أن ألقنه.
وأخرجه الطبراني في الكبير (24/267) رقم 677 من طريق الحميدي به، وقرنه برواية حجاج بن منهال، ومحمد بن أبي عمر كلاهما، عن سفيان به.
وأخرجه أبو داود في السنن (127) ثنا إسحاق بن إسماعيل، ثنا سفيان به، وأحال على حديث بشر بن المفضل عن ابن عقيل، وقال: يغير بعض معاني بشر.
وأخرجه ابن المنذر في الأوسط (1/373) من طريق سعيد، ثنا سفيان به.
وأخرجه الدارقطني (1/96) ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (1/72) قال: حدثنا إبراهيم بن حماد، ثنا العباس بن يزيد، نا سفيان بن عيينة به.
الطريق السابع: شريك، عن ابن عقيل:
أخرجه ابن ماجه (390) قال: حدثنا محمد بن يحيى، ثنا الهيثم بن جميل، ثنا شريك، عن عبدالله بن محمد بن عقيل به، بلفظ: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بميضأة، فقال: اسكبي، فسكبت، فغسل وجهه وذراعيه، وأخذ ماء جديدًا، فمسح به رأسه مقدمه ومؤخره، وغسل قدميه ثلاثـًا ثلاثًا.
وهنا فيه تصريح أنه أخذ ماء جديدًا لرأسه، إلا أنه من طريق شريك، وشريك سيئ الحفظ.
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (1/236) من طريق سعيد بن عثمان التنوفي، قال: حدثنا الهيثم بن جميل به.
وأخرجه ابن ماجه (440) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا شريك به. بلفظ: "توضأ فمسح ظاهر أذنيه وباطنهما".
وأخرجه الطبراني في الكبير (24/269) رقم 683، قال: حدثنا عبيد بن غنام، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا شريك به.
وأخرجه الطبراني أيضًا (24/269) رقم 682، قال: حدثنا علي بن عبدالعزيز، ثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني، ثنا شريك به.
الطريق الثامن: فليح بن سليمان، عن ابن عقيل:
أخرجه الطبراني في الكبير (24/271) رقم 685 من طريق سريج بن النعمان الجوهري، ثنا فليح بن سليمان، عن عبدالله بن محمد بن عقيل به.
الطريق التاسع: عبيدالله بن عمرو، عن ابن عقيل. أخرجه الدارمي (690) أخبرنا زكريا بن عدي، حدثنا عبيدالله بن عمرو، عن عبدالله بن محمد بن عقيل به، مختصرًا.
الطريق العاشر: سعيد بن أبي عروبة، عن ابن عقيل: أخرجه الطبراني في الكبير (1/511) رقم 943 من طريق صدقة بن عبدالله، عن سعيد بن أبي عروبة به.
الطريق الحادي عشر: محمد بن عجلان، عن ابن عقيل:
أخرجه أحمد (6/359) قال: ثنا يونس، ثنا ليث، عن محمد بن عجلان، عن عبدالله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب، عن الربيع بنت معوذ بن عفراء، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ عندها، فمسح الرأس كله من فوق الشعر كل ناحية لنصب الشعر، لا يحرك الشعر عن هيئته.
وأخرجه أحمد (6/360) ثنا قتيبة بن سعيد، ثنا ليث به.
وأخرجه أبو داود في السنن (128) ثنا قتيبة بن سعيد، ويزيد بن خالد الهمداني، قالا: ثنا ليث به.
وأخرجه الطبراني (24/271) رقم 688 من طريق قتيبة بن سعيد وعبدالله بن صالح، قالا: ثنا الليث به.
وأخرجه البيهقي في الكبرى (1/60) من طريق يحيى بن بكير، ثنا الليث به.
وتابع الليث جماعة، منهم:
بكر بن مضر، كما عند الترمذي (34)، وأبو داود (129) البغوي (1/438)، والطبراني في الكبير (689).
ومنهم: سعيد بن أبي أيوب، عن ابن عجلان، كما في سنن البيهقي (1/59).
ومنهم: قيس بن الربيع، كما عند الطبراني (693).
ومنهم: بقية، كما عند الطبراني (690).
هذا ما وقفت عليه من طرق حديث ابن عقيل، وقد تكون لحظت معي أن حديث ابن عقيل فيه اختلاف كثير في لفظه، وتارة يورده مختصرًا وتارة مفصلاً.
وموضع الشاهد منه جاء من طريق سفيان عن ابن عقيل بألفاظ مختلفة، ورواه أحد عشر نفسًا عن ابن عقيل، ولم يذكروا ما ذكره سفيان، من مسح الرأس من بلل اليدين، ولفظه عن وكيع، عن سفيان، عن ابن عقيل:
جاء عند أحمد: "ومسح رأسه بما بقي من وضوء في يديه مرتين، بدأ بمؤخره ثم رد يده إلى ناصيته".
ولفظ أبي داود من طريق عبدالله بن داود، عن سفيان، عن ابن عقيل: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح رأسه من فضل ماء كان في يده".
ولفظ الدارقطني من طريق عبدالله بن داود، توضأ ومسح رأسه ببلل يديه. وفي رواية من نفس الطريق: ومسح رأسه بما فضل في يديه من الماء.
وهذا الخطأ من ابن عقيل؛ لأن في حفظه لينًا.
ولحديث سفيان عن ابن عقيل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح رأسه بفضل يديه، شاهد مرسل بسند لا بأس به.
فقد روى ابن أبي شيبة في المصنف (1/21) قال: حدثنا وكيع عن معمر عن أبي جعفر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أنه كان يمسح رأسه بفضل وضوئه".
ومعمر هذا: هو معمر بن يحيى بن سام، وقد أخرج له البخاري حديثًا واحدًا، في المتابعات.
قال أبو زرعة: ثقة. الجرح والتعديل (8/258).
وقال الآجري، عن أبي داود: بلغني أنه لا بأس به، وكأنه لم يرضه. تهذيب التهذيب (10/223).
وذكره ابن حبان في الثقات. (7/485).
وفي التقريب: مقبول، والحق أنه صدوق، فيكفي فيه توثيق أبي زرعة، وابن حبان.
وأبو جعفر: هو محمد بن علي بن الحسين.
وقد خالف حديث عبدالله بن عقيل، حديث عبدالله بن زيد عند الإمام مسلم (236) من طريق ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، أن حبان بن واسع حدثه، أنه سمع عبدالله بن زيد بن عاصم المازني يذكر "أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ، فمضمض، ثم استنثر، ثم غسل وجهه ثلاثًا، ويده اليمنى ثلاثًا، والأخرى ثلاثًا، ومسح برأسه بماء غير فضل يده، وغسل رجليه حتى أنقاهما". فهذا هو المعروف من الحديث أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أخذ ماء جديدًا لرأسه غير فضل يديه.
ويحتمل أن يقال: إنه لا تعارض بينهما؛ لأن كونه - صلى الله عليه وسلم - مسح رأسه بماء غير فضل يديه لا يدل على الحصر، ولا نفي لما عداه، ولا يستلزم عدم وقوع غيره، فيحتمل أن يكون فعل هذا مرة، وهذا مرة، خاصة أن كل حديث له إسناد مستقل فيعتبر حديثًا برأسه، وهذا جيد لولا ضعف عبدالله بن عقيل من جهة، وكثرة من روى عنه الحديث بدون هذه الزيادة، والله أعلم.
[48] مسند أحمد (1/243).
[49] فيه أبو علي الرحبي: اسمه حسين بن قيس.
قال أحمد: متروك الحديث، ضعيف الحديث. الضعفاء الكبير (1/247).
قال البخاري: ترك أحمد حديثه. التاريخ الكبير (2/393).
وقال ابن حبان: كان يقلب الأخبار، ويلزق رواية الضعفاء، كذبه أحمد بن حنبل، وتركه يحيى بن معين. المجروحين (1/242).
والحديث أخرجه ابن أبي شيبة (1/46) رقم 456 ومن طريقه ابن ماجه (663)، والبيهقي في الخلافيات (3/17) من طريق مسلم بن سعيد عن أبي علي الرحبي به، بنحوه.
وأخرجه البيهقي في الخلافيات أيضًا (1/17) من طريق علي بن عاصم، عن أبي علي الرحبي به.
[50] المصنف (1/45) رقم 444. ومن طريق إسحاق بن سويد أخرجه أبو داود في المراسيل (7).
وتابع هشام بن حسان إسحاق بن سويد فيما رواه عنه عبدالرزاق في المصنف (1015).
[51] المصنف (1/28) رقم 218.
قال أحمد بن حنبل: كان يحيى بن سعيد يتوقى أن يحدث عن خلاس، عن علي خاصة.
وقال أبو داود: "كانوا يخشون أن يكون خلاس يحدث عن صحيفة الحارث الأعور". انظر تهذيب الكمال (8/364، 365). وأثر علي فيه إشكال آخر من الناحية الفقهية، وهى عدم مراعاة الترتيب، وهى مسألة خلافية، وسوف تأتي - إن شاء الله - في باب الوضوء.
[52] سنن ابن ماجه (466).
[53] فيه محمد بن عبيدالله العرزمي، وهو متروك.
ورواه البيهقي في الخلافيات (3/16) من طريق مسدد، حدثنا أبو الأحوص به.
قال البوصيري: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف محمد بن عبيدالله العرزمي.
وضعفه البيهقي في السنن الكبرى (1/237) وأحال على الخلافيات، وقال: ولا يصح شيء من ذلك لضعف أسانيده، وقد بينته في الخلافيات، وأصح شيء فيه ما رواه أبو داود في المراسيل، عن موسى بن إسماعيل، عن حماد، عن إسحاق بن سويد، عن العلاء بن زياد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه اغتسل فرأى لمعه في منكبه لم يصبها الماء فأخذ خصلة من شعر رأسه فعصرها على منكبه ثم مسح يده على ذلك المكان، وهذا منقطع.
[54] الخلافيات (1/18، 19).
[55] فيه يحيى بن عنبسة، قال البيهقي: يحيى بن عنبسة هذا كان يتهم بالوضع.
[56] سنن الدارقطني (1/112).
[57] فيه عطاء بن عجلان، قال البيهقي في الخلافيات: متروك الحديث. الخلافيات (1/20). وقال ابن الجوزي في الواهيات: فيه عطاء بن عجلان، قال: يحيى ليس بشيء، كذاب. وقال مرة: كان يوضع له الحديث، فيحدث به، وقال الفلاس: كذاب. وقال الرازي والدارقطني: متروك. اهـ
والحديث رواه البيهقي في الخلافيات (3/20)، وابن الجوزي في الواهيات (569) من طريق الدارقطني به.
[58] سنن الدارقطني (1/112).
[59] ومن طريق الدارقطني رواه البيهقي في الخلافيات (3/21، 22)، وابن الجوزي في الواهيات (569).
والمتوكل جاء في ترجمته:
قال البخاري: عنده عجائب. التاريخ الكبير (8/43).
وقال أبو حاتم الرازي: مجهول. الجرح والتعديل (8/372).
وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابعه الثقات عليه. الميزان (4/316).
[60] سنن أبي داود (68).
[61] سبق الكلام عليه، وأن العلة فيه رواية سماك عن عكرمة وفيها اضطراب.
[62] الخرشي (2/75).
رابط الموضوع: