Hukum Ghasab Mencuri dalam Islam
Hukum Ghasab Mencuri dalam Islam. Ghasab adalah memakai barang orang lain tanpa ijin dan tanpa hak. Atau menggunakan harta atau benda orang lain secara ilegal. Mencuri adalah bagian dari ghasab. Begitu juga merampok, membegal, menjambret, korupsi, dll merupakan bagian dari ghasab.
Hukum Ghasab Mencuri dalam Islam. Ghasab adalah memakai barang orang lain tanpa ijin dan tanpa hak. Atau menggunakan harta atau benda orang lain secara ilegal. Mencuri adalah bagian dari ghasab. Begitu juga merampok, membegal, menjambret, korupsi, dll merupakan bagian dari ghasab. Dikutip dari kitab Al-Bayan fi Madzhab Syafi'i karya Al-Umroni, hlm. 7/7-19.
البيان في مذهب الإمام الشافعي
المؤلف: أبو الحسين يحيى بن أبي الخير بن سالم العمراني اليمني الشافعي (المتوفى: 558هـ)
[كتاب الغصب]
الغصب محرم، والأصل فيه: قَوْله تَعَالَى: {لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29] [النساء: 29] .
وقَوْله تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} [النساء: 10] [النساء: 10] .
وقَوْله تَعَالَى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] الآية [المائدة: 38] . والسرقة من الغصب.
ومن السنة: ما روي: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه» .
وروي: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال ـ في خطبته في حجة الوداع ـ: «ألا إن دماءكم
وأموالكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا» . ومعنى ذلك: دماء بعضكم على بعض، وأموال بعضكم على بعض.
وروى عبد الله بن السائب، عن أبيه، عن جده: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا يأخذن أحدكم مال أخيه لاعبا، ولا جادا، فمن أخذ عصا أخيه.. فليردها» .
وروى سمرة: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «على اليد ما أخذت حتى ترده "، وروي: " حتى تؤديه» .
وروى يعلى بن مرة الثقفي: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «من أخذ أرضا بغير حقها.. كلف أن يحمل ترابها إلى المحشر» .
وروى أبو هريرة: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «من أخذ شبرا من الأرض بغير حقها.. طوقه من سبع أرضين يوم القيامة» .
وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ المال بحلال، أو حرام» .
وأجمعت الأمة على تحريم الغصب، قال الصيمري: ومن غصب شيئا، واعتقد إباحته.. كفر بذلك، وإن اعتقد تحريمه.. فسق بفعله، ولم تقبل شهادته.
إذا ثبت هذا: فإن الغصب يصح في الأموال المنقولة، بأن يقبضها كما يقبضها في البيع، وفي العقار، بأن يزيل يد مالكه عنه، ويصير في يده، وبه قال مالك، ومحمد.
وقال أبو حنيفة، وأبو يوسف: (لا يصح الغصب في العقار؛ لأنه لا يتأتى فيه النقل) .
دليلنا: ما روي: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «من غصب شبرا من الأرض.. طوقه من سبع أرضين يوم القيامة» .
ولأن ما جاز أن يضمن بالقبض في البيع.. جاز أن يضمن بالغصب، كالمنقول.
[مسألة: يرد المغصوب]
ومن غصب مال غيره.. وجب عليه رده؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فمن أخذ عصا أخيه.. فليردها» .
فإن كان الغاصب من أهل الضمان في حق المغصوب منه.. فإن المغصوب يكون في ضمان الغاصب إلى أن يرده؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «على اليد ما أخذت حتى ترد» .
وإن لم يكن من أهل الضمان في حق المغصوب منه، بأن يغصب الحربي مال المسلم، أو يغصب العبد مال سيده.. فإنه يكون غاصبا يأثم بذلك، ويجب عليه رده، ولا يكون مضمونا عليه، ولو تلف في يده.. لم يجب عليه ضمانه، كما لو أتلف عليه مالا. وكيفية الرد الذي يبرأ به الغاصب من الضمان: أن ينظر في المغصوب:
فإن كان مما ينقل.. فبأن ينقله المالك، أو وكيله.
وإن كان مما لا ينقل.. فبأن يرفع الغاصب يده عنه، ويعلم الملك أنه قد تخلى عنه، فإذا مضت مدة يمكن فيها القبض ... برئ الغاصب من الضمان.
وهكذا: لو لم يعلمه الغاصب، لكن وضع المالك يده على عقاره، ورفع الغاصب يده عنها، ولم يمنع المالك منه.. فإنه يبرأ بذلك.
[مسألة: ما غصب وله أجرة]
مسألة: [في ما غصب وله أجرة] :
ومن غصب عينا لغيره، وهو من أهل الضمان في حقه، وأقامت في يده مدة لمثلها أجرة، فإن كان لمثل تلك العين منفعة تملك بالإجارة، كسكنى الدار، وزراعة الأرض، وخدمة العبد، والجارية، وما أشبه ذلك.. وجب على الغاصب أجرة مثلها لتلك المدة، سواء انتفع بها أو لم ينتفع بها. وإن كانت المنفعة لا تستباح بالإجارة، كمنفعة وطء الجارية.. لم يجب عليه ضمانها؛ لأن الغصب لا يمنع المالك من المعاوضة على بضعها، وهو عقد النكاح، ويمنعه من إجارتها. هذا مذهبنا، وبه قال أحمد.
وقال أبو حنيفة: (لا يجب عليه ضمان أجرة المنافع بحال) .
دليلنا: أن ما صح أن يملك بالمسمى في العقد الصحيح، وبالمثل في العقد الفاسد، وهو مما يطلب بعقد المغابنة.. ضمن بالغصب، كالأعيان.
فقولنا: (وهو مما يطلب بعقد المغابنة) احتراز من منفعة الاستمتاع.
[مسألة: يرد المغصوب وإن نقصت قيمته]
وإذا غصب عينا لغيره.. فلا يخلو: إما أن تكون العين باقية بحالها، أو تالفة.
فإن كانت باقية.. فقد ذكرنا: أنه يجب عليه الرد للخبر، فإن نقصت قيمتها من حين الغصب إلى حين الرد لكسادها، لا لنقص حدث فيها.. فإنه لا يجب على
الغاصب ضمان ما نقص من قيمتها، وهو قول مالك، وأبي حنيفة، وكافة العلماء، إلا أبا ثور، فإنه قال: (يجب عليه ردها، ورد ما نقص من قيمتها لرخصها) .
دليلنا: أنه رد العين، ولم ينقص منها عين، ولا أثر.. فلم يجب عليه ضمان شيء من قيمتها، كما لو لم تنقص قيمتها في السوق.
وإن كانت العين تالفة.. فلا يخلو: إما أن تكون من غير ذوات الأمثال، أو من ذوات الأمثال.
فإن كانت من غير ذوات الأمثال، وهو مما لا تتساوى أجزاؤه، ولا صفاته، كالثياب، والحيوان، والأخشاب، وما أشبهها.. وجب على الغاصب قيمته، وهو قول كافة العلماء، إلا ما حكي عن عبيد الله بن الحسن العنبري: أنه قال: يجب عليه مثله من طريق الضرورة؛ لما روي «عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: أنها قالت: ما رأيت صانعا طعاما مثل صفية، صنعت طعاما، فبعثت به إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأخذني الأفكل، فكسرت الإناء، فقلت: يا رسول الله، ما كفارة ما صنعت؟ فقال: (إناء مثل الإناء، وطعام مثل الطعام» . و (الأفكل) : الرعدة من الغيرة.
دليلنا: ما روي: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «من أعتق شركا له في عبد.. قوم عليه نصيب شريكه» . فأمر بتقويم نصيب الشريك، وهو متلف بالعتق، ولم يأمره بمثله من عبد.
ولأن الأشياء التي لا تتساوى أجزاؤها، لا يمكن إيجاب المثل فيها لاختلافها،
فكانت القيمة أولى، وأما الخبر: فمحمول على أنه علم أنها ترضى بذلك.
وتجب قيمة المغصوب أكثر ما كانت من حين الغصب إلى أن تلف؛ لأنه غاصب له في جميع تلك المدة، وتجب قيمته من نقد البلد التي تلف فيها المغصوب؛ لأنه موضع الضمان.
إذا ثبت هذا: فلا يخلو الذي لا مثل له: إما أن يكون حيوانا، أو غير حيوان. فإن كان غير الحيوان.. نظرت:
فإن كان ذهبا، أو فضة، فإن كانت فيه صنعة.. نظرت:
فإن كانت صنعته مباحة، كالخلاخل، والدمالج، وغير ذلك مما يجوز استعماله، فإن كان نقد البلد من غير جنسه، أو من جنسه ولا يزيد وزن القيمة عليه وجب عليه قيمته، وإن كان نقد البلد من جنسه ويزيد وزن قيمته على وزنه.. ففيه وجهان:
أحدهما: يقوم بجنس آخر؛ لأن ضمانه بنقد البلد يؤدي إلى الربا.
والثاني ـ وهو الصحيح ـ: أنه يقوم بنقد البلد؛ لأن الزيادة على وزنه لأجل الصنعة، وللصنعة قيمة، ولهذا لو أتلف متلف الصنعة.. لزمه قيمتها.
وإن كانت صنعة محرمة؛ كأواني الذهب والفضة، فإن قلنا: يجوز اتخاذها.. كانت كالصنعة المباحة، وإن قلنا: لا يجوز اتخاذها.. لم تضمن قيمة الصنعة.
وإن لم يكن فيه صنعة، كالنقرة، والسبيكة.. فاختلف أصحابنا فيها: فقال الشيخ أبو حامد: هي من ذوات الأمثال.
وقال عامة أصحابنا: ليست من ذوات الأمثال؛ لأن أجزاءها تختلف.
فعلى هذا: ينظر فيه:
فإن كان نقد البلد من غير جنسها، أو من جنسها، ولا يزيد وزن قيمتها على وزنها.. ضمنها بقيمتها.
وإن كان نقد البلد من جنسها، ويزيد وزن قيمتها على وزنها.. ضمنها بجنس آخر؛ لأن ضمانها بأكثر من وزنها من جنسها رباً.
وأما الدراهم والدنانير التي ليست بمغشوشة: فإنها من ذوات الأمثال؛ لأن أجزاءها متساوية.
وإن خرق له ثوباً، أو كسر له ظرفا.. وجب عليه أرش ما نقص بذلك.
وقال أبو حنيفة: (إن كان الأرش قليلاً.. فكما قلنا، وإن كان كثيراً.. فمالكه بالخيار: بين أن يسلمه إلى الجاني عليه، ويطالبه بجميع قيمته، وبين أن يمسكه، ويطالبه بالأرش) .
دليلنا: أنها جناية على مال أرشها دون قيمتها، فلم يكن له المطالبة بجميع قيمتها، كما لو كان الأرش قليلاً.
[فرع: غصب ما له مثل فتلف]
وإن غصب شيئا له مثل، فتلف في يده، أو أتلفه.. ضمنه بمثله؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] [البقرة: 194] .
ولأن المثلية تعلم من طريق المشاهدة، والقيمة تعلم بغلبة الظن والاجتهاد، فقدم إيجاب المثل على القيمة، كما نقدم النص على الاجتهاد.
قال القاضي أبو الطيب: وما له مثل، هو ما جمع ثلاثة أوصاف:
أحدها: أن يكون مكيلا، أو موزونا.
الثاني: أن يكون مما يضبط بالصفة.
الثالث: أن يجوز بيع بعضه ببعض، وذلك كالدراهم، والدنانير، والحبوب، والأدهان، والتمر، والزبيب، والملح.
قال الشيخ أبو حامد: والقطن من ذوات الأمثال؛ لأن أجزاءه تتساوى، ولا تختلف في العادة.
قال الصيمري: والغزل، والرصاص، والنحاس، والحديد من ذوات الأمثال، واللبن من ذوات الأمثال، وما طبخ وتعقدت أجزاؤه لا مثل له؛ لأنه لا يجوز بيع بعضه ببعض، وكذلك الجواهر واللؤلؤ لا مثل له؛ لأنه لا يضبط بالصفة، والحيوان والثياب ليست من ذوات الأمثال؛ لأنها ليست بمكيلة، ولا موزونة.
[فرع: أتلف مغصوبا نتج مما لا مثل له]
] : فإن غصب منه ما له مثل، واتخذ منه ما لا مثل له، وتلف، كالتمر إذا اتخذ منه الخل بالماء، والحنطة إذا جعلها دقيقا، وقلنا: لا يجوز بيع بعضه ببعض.. فقد قال الشيخ أبو إسحاق: لزمه مثل التمر، والحنطة؛ لأنه أقرب إلى المغصوب.
قلت: وينبغي أن يلزمه أكثر الأمرين من مثل الأصل، أو قيمة الخل أو الدقيق؛ لأن كل واحد منهما عين ماله.
وإن غصب منه ما لا مثل له، واتخذ منه ما له مثل، مثل أن يغصب منه رطبا، ويجعله تمراً، فيتلف.. قال الشيخ أبو إسحاق: لزمه مثل التمر؛ لأنه أقرب من قيمة المغصوب.
قلت: وينبغي أن ينظر إلى قيمة الرطب: فإن كانت قيمته أكثر من قيمة التمر.. لزمه أن يدفع مع التمر ما نقص من قيمة الرطب؛ لأنه نقص في يده.
وإن غصب منه ما له مثل، واتخذ منه ما له مثل وتلف، بأن يغصب منه سمسماً، ويتخذ منه شيرجا فتلف.. فهو بالخيار: بين أن يطالبه بأي المثلين شاء؛ لأن كل واحد منهما عين ماله، فإن كانت قيمتهما سواء.. فلا كلام، وإن كانت قيمة الشيرج أكثر، واختار المالك الشيرج.. فلا شيء للغاصب لزيادة قيمته بعمله؛ لأنه تعدى به، وإن كانت قيمة الشيرج أقل، فإن اختار المالك المطالبة بمثل السمسم.. فلا شيء له لنقصان قيمته؛ لأنه قد وصل إلى جميع حقه، وإن اختار المطالبة بمثل الشيرج.. فينبغي أن يكون له المطالبة بما نقصت قيمة الشيرج عن قيمة السمسم؛ لأنه نقص بفعله.
البيان في مذهب الإمام الشافعي
المؤلف: أبو الحسين يحيى بن أبي الخير بن سالم العمراني اليمني الشافعي (المتوفى: 558هـ)
[كتاب الغصب]
الغصب محرم، والأصل فيه: قَوْله تَعَالَى: {لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29] [النساء: 29] .
وقَوْله تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} [النساء: 10] [النساء: 10] .
وقَوْله تَعَالَى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] الآية [المائدة: 38] . والسرقة من الغصب.
ومن السنة: ما روي: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه» .
وروي: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال ـ في خطبته في حجة الوداع ـ: «ألا إن دماءكم
وأموالكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا» . ومعنى ذلك: دماء بعضكم على بعض، وأموال بعضكم على بعض.
وروى عبد الله بن السائب، عن أبيه، عن جده: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا يأخذن أحدكم مال أخيه لاعبا، ولا جادا، فمن أخذ عصا أخيه.. فليردها» .
وروى سمرة: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «على اليد ما أخذت حتى ترده "، وروي: " حتى تؤديه» .
وروى يعلى بن مرة الثقفي: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «من أخذ أرضا بغير حقها.. كلف أن يحمل ترابها إلى المحشر» .
وروى أبو هريرة: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «من أخذ شبرا من الأرض بغير حقها.. طوقه من سبع أرضين يوم القيامة» .
وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ المال بحلال، أو حرام» .
وأجمعت الأمة على تحريم الغصب، قال الصيمري: ومن غصب شيئا، واعتقد إباحته.. كفر بذلك، وإن اعتقد تحريمه.. فسق بفعله، ولم تقبل شهادته.
إذا ثبت هذا: فإن الغصب يصح في الأموال المنقولة، بأن يقبضها كما يقبضها في البيع، وفي العقار، بأن يزيل يد مالكه عنه، ويصير في يده، وبه قال مالك، ومحمد.
وقال أبو حنيفة، وأبو يوسف: (لا يصح الغصب في العقار؛ لأنه لا يتأتى فيه النقل) .
دليلنا: ما روي: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «من غصب شبرا من الأرض.. طوقه من سبع أرضين يوم القيامة» .
ولأن ما جاز أن يضمن بالقبض في البيع.. جاز أن يضمن بالغصب، كالمنقول.
[مسألة: يرد المغصوب]
ومن غصب مال غيره.. وجب عليه رده؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فمن أخذ عصا أخيه.. فليردها» .
فإن كان الغاصب من أهل الضمان في حق المغصوب منه.. فإن المغصوب يكون في ضمان الغاصب إلى أن يرده؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «على اليد ما أخذت حتى ترد» .
وإن لم يكن من أهل الضمان في حق المغصوب منه، بأن يغصب الحربي مال المسلم، أو يغصب العبد مال سيده.. فإنه يكون غاصبا يأثم بذلك، ويجب عليه رده، ولا يكون مضمونا عليه، ولو تلف في يده.. لم يجب عليه ضمانه، كما لو أتلف عليه مالا. وكيفية الرد الذي يبرأ به الغاصب من الضمان: أن ينظر في المغصوب:
فإن كان مما ينقل.. فبأن ينقله المالك، أو وكيله.
وإن كان مما لا ينقل.. فبأن يرفع الغاصب يده عنه، ويعلم الملك أنه قد تخلى عنه، فإذا مضت مدة يمكن فيها القبض ... برئ الغاصب من الضمان.
وهكذا: لو لم يعلمه الغاصب، لكن وضع المالك يده على عقاره، ورفع الغاصب يده عنها، ولم يمنع المالك منه.. فإنه يبرأ بذلك.
[مسألة: ما غصب وله أجرة]
مسألة: [في ما غصب وله أجرة] :
ومن غصب عينا لغيره، وهو من أهل الضمان في حقه، وأقامت في يده مدة لمثلها أجرة، فإن كان لمثل تلك العين منفعة تملك بالإجارة، كسكنى الدار، وزراعة الأرض، وخدمة العبد، والجارية، وما أشبه ذلك.. وجب على الغاصب أجرة مثلها لتلك المدة، سواء انتفع بها أو لم ينتفع بها. وإن كانت المنفعة لا تستباح بالإجارة، كمنفعة وطء الجارية.. لم يجب عليه ضمانها؛ لأن الغصب لا يمنع المالك من المعاوضة على بضعها، وهو عقد النكاح، ويمنعه من إجارتها. هذا مذهبنا، وبه قال أحمد.
وقال أبو حنيفة: (لا يجب عليه ضمان أجرة المنافع بحال) .
دليلنا: أن ما صح أن يملك بالمسمى في العقد الصحيح، وبالمثل في العقد الفاسد، وهو مما يطلب بعقد المغابنة.. ضمن بالغصب، كالأعيان.
فقولنا: (وهو مما يطلب بعقد المغابنة) احتراز من منفعة الاستمتاع.
[مسألة: يرد المغصوب وإن نقصت قيمته]
وإذا غصب عينا لغيره.. فلا يخلو: إما أن تكون العين باقية بحالها، أو تالفة.
فإن كانت باقية.. فقد ذكرنا: أنه يجب عليه الرد للخبر، فإن نقصت قيمتها من حين الغصب إلى حين الرد لكسادها، لا لنقص حدث فيها.. فإنه لا يجب على
الغاصب ضمان ما نقص من قيمتها، وهو قول مالك، وأبي حنيفة، وكافة العلماء، إلا أبا ثور، فإنه قال: (يجب عليه ردها، ورد ما نقص من قيمتها لرخصها) .
دليلنا: أنه رد العين، ولم ينقص منها عين، ولا أثر.. فلم يجب عليه ضمان شيء من قيمتها، كما لو لم تنقص قيمتها في السوق.
وإن كانت العين تالفة.. فلا يخلو: إما أن تكون من غير ذوات الأمثال، أو من ذوات الأمثال.
فإن كانت من غير ذوات الأمثال، وهو مما لا تتساوى أجزاؤه، ولا صفاته، كالثياب، والحيوان، والأخشاب، وما أشبهها.. وجب على الغاصب قيمته، وهو قول كافة العلماء، إلا ما حكي عن عبيد الله بن الحسن العنبري: أنه قال: يجب عليه مثله من طريق الضرورة؛ لما روي «عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: أنها قالت: ما رأيت صانعا طعاما مثل صفية، صنعت طعاما، فبعثت به إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأخذني الأفكل، فكسرت الإناء، فقلت: يا رسول الله، ما كفارة ما صنعت؟ فقال: (إناء مثل الإناء، وطعام مثل الطعام» . و (الأفكل) : الرعدة من الغيرة.
دليلنا: ما روي: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «من أعتق شركا له في عبد.. قوم عليه نصيب شريكه» . فأمر بتقويم نصيب الشريك، وهو متلف بالعتق، ولم يأمره بمثله من عبد.
ولأن الأشياء التي لا تتساوى أجزاؤها، لا يمكن إيجاب المثل فيها لاختلافها،
فكانت القيمة أولى، وأما الخبر: فمحمول على أنه علم أنها ترضى بذلك.
وتجب قيمة المغصوب أكثر ما كانت من حين الغصب إلى أن تلف؛ لأنه غاصب له في جميع تلك المدة، وتجب قيمته من نقد البلد التي تلف فيها المغصوب؛ لأنه موضع الضمان.
إذا ثبت هذا: فلا يخلو الذي لا مثل له: إما أن يكون حيوانا، أو غير حيوان. فإن كان غير الحيوان.. نظرت:
فإن كان ذهبا، أو فضة، فإن كانت فيه صنعة.. نظرت:
فإن كانت صنعته مباحة، كالخلاخل، والدمالج، وغير ذلك مما يجوز استعماله، فإن كان نقد البلد من غير جنسه، أو من جنسه ولا يزيد وزن القيمة عليه وجب عليه قيمته، وإن كان نقد البلد من جنسه ويزيد وزن قيمته على وزنه.. ففيه وجهان:
أحدهما: يقوم بجنس آخر؛ لأن ضمانه بنقد البلد يؤدي إلى الربا.
والثاني ـ وهو الصحيح ـ: أنه يقوم بنقد البلد؛ لأن الزيادة على وزنه لأجل الصنعة، وللصنعة قيمة، ولهذا لو أتلف متلف الصنعة.. لزمه قيمتها.
وإن كانت صنعة محرمة؛ كأواني الذهب والفضة، فإن قلنا: يجوز اتخاذها.. كانت كالصنعة المباحة، وإن قلنا: لا يجوز اتخاذها.. لم تضمن قيمة الصنعة.
وإن لم يكن فيه صنعة، كالنقرة، والسبيكة.. فاختلف أصحابنا فيها: فقال الشيخ أبو حامد: هي من ذوات الأمثال.
وقال عامة أصحابنا: ليست من ذوات الأمثال؛ لأن أجزاءها تختلف.
فعلى هذا: ينظر فيه:
فإن كان نقد البلد من غير جنسها، أو من جنسها، ولا يزيد وزن قيمتها على وزنها.. ضمنها بقيمتها.
وإن كان نقد البلد من جنسها، ويزيد وزن قيمتها على وزنها.. ضمنها بجنس آخر؛ لأن ضمانها بأكثر من وزنها من جنسها رباً.
وأما الدراهم والدنانير التي ليست بمغشوشة: فإنها من ذوات الأمثال؛ لأن أجزاءها متساوية.
وإن خرق له ثوباً، أو كسر له ظرفا.. وجب عليه أرش ما نقص بذلك.
وقال أبو حنيفة: (إن كان الأرش قليلاً.. فكما قلنا، وإن كان كثيراً.. فمالكه بالخيار: بين أن يسلمه إلى الجاني عليه، ويطالبه بجميع قيمته، وبين أن يمسكه، ويطالبه بالأرش) .
دليلنا: أنها جناية على مال أرشها دون قيمتها، فلم يكن له المطالبة بجميع قيمتها، كما لو كان الأرش قليلاً.
[فرع: غصب ما له مثل فتلف]
وإن غصب شيئا له مثل، فتلف في يده، أو أتلفه.. ضمنه بمثله؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] [البقرة: 194] .
ولأن المثلية تعلم من طريق المشاهدة، والقيمة تعلم بغلبة الظن والاجتهاد، فقدم إيجاب المثل على القيمة، كما نقدم النص على الاجتهاد.
قال القاضي أبو الطيب: وما له مثل، هو ما جمع ثلاثة أوصاف:
أحدها: أن يكون مكيلا، أو موزونا.
الثاني: أن يكون مما يضبط بالصفة.
الثالث: أن يجوز بيع بعضه ببعض، وذلك كالدراهم، والدنانير، والحبوب، والأدهان، والتمر، والزبيب، والملح.
قال الشيخ أبو حامد: والقطن من ذوات الأمثال؛ لأن أجزاءه تتساوى، ولا تختلف في العادة.
قال الصيمري: والغزل، والرصاص، والنحاس، والحديد من ذوات الأمثال، واللبن من ذوات الأمثال، وما طبخ وتعقدت أجزاؤه لا مثل له؛ لأنه لا يجوز بيع بعضه ببعض، وكذلك الجواهر واللؤلؤ لا مثل له؛ لأنه لا يضبط بالصفة، والحيوان والثياب ليست من ذوات الأمثال؛ لأنها ليست بمكيلة، ولا موزونة.
[فرع: أتلف مغصوبا نتج مما لا مثل له]
] : فإن غصب منه ما له مثل، واتخذ منه ما لا مثل له، وتلف، كالتمر إذا اتخذ منه الخل بالماء، والحنطة إذا جعلها دقيقا، وقلنا: لا يجوز بيع بعضه ببعض.. فقد قال الشيخ أبو إسحاق: لزمه مثل التمر، والحنطة؛ لأنه أقرب إلى المغصوب.
قلت: وينبغي أن يلزمه أكثر الأمرين من مثل الأصل، أو قيمة الخل أو الدقيق؛ لأن كل واحد منهما عين ماله.
وإن غصب منه ما لا مثل له، واتخذ منه ما له مثل، مثل أن يغصب منه رطبا، ويجعله تمراً، فيتلف.. قال الشيخ أبو إسحاق: لزمه مثل التمر؛ لأنه أقرب من قيمة المغصوب.
قلت: وينبغي أن ينظر إلى قيمة الرطب: فإن كانت قيمته أكثر من قيمة التمر.. لزمه أن يدفع مع التمر ما نقص من قيمة الرطب؛ لأنه نقص في يده.
وإن غصب منه ما له مثل، واتخذ منه ما له مثل وتلف، بأن يغصب منه سمسماً، ويتخذ منه شيرجا فتلف.. فهو بالخيار: بين أن يطالبه بأي المثلين شاء؛ لأن كل واحد منهما عين ماله، فإن كانت قيمتهما سواء.. فلا كلام، وإن كانت قيمة الشيرج أكثر، واختار المالك الشيرج.. فلا شيء للغاصب لزيادة قيمته بعمله؛ لأنه تعدى به، وإن كانت قيمة الشيرج أقل، فإن اختار المالك المطالبة بمثل السمسم.. فلا شيء له لنقصان قيمته؛ لأنه قد وصل إلى جميع حقه، وإن اختار المطالبة بمثل الشيرج.. فينبغي أن يكون له المطالبة بما نقصت قيمة الشيرج عن قيمة السمسم؛ لأنه نقص بفعله.