Wahabi dan Alu Saud Keluar dari Khilafah Usmani?
Apakah Muhammad bin Abdul Wahab, pendiriWahabi dan Alu Saud, pendiri kerajaan Arab Saudi, Keluar dari Daulah Khilafah Usmani? Apabila ii benar, apakah berarti mereka memberontak pada penguasa Islam yang sedang berkuasa? Dan itu berarti melanggar secara syariah?
Apakah Muhammad bin Abdul Wahab, pendiriWahabi dan Alu Saud, pendiri kerajaan Arab Saudi, Keluar dari Daulah Khilafah Usmani? Apabila ii benar, apakah berarti mereka memberontak pada penguasa Islam yang sedang berkuasa? Dan itu berarti melanggar secara syariah?
خروج محمد بن عبد الوهاب وآل سعود على دولة الخلافة العثمانية
السادة الكرام في موقع "الإسلام سؤال وجواب"
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد نشرتم على صفحات موقعكم جواب سؤال بعنوان "هل خرج الشيخ محمد بن عبد الوهاب على الخلافة العثمانية وكان سبباً في سقوطها" وقد تناول هذا الجواب ما ورد في كتاب" كيف هدمت الخلافة" للعالم الشيخ "عبدالقديم زلوم" ولقد وجدنا عدداً من النقاط المهمة تحتاج لتوضيح، راجين من حضرتكم التكرم ونشر تعليقنا على جواب السؤال في موقعكم...
وجزاكم الله عنا خير الجزاء.
المهندس عثمان بخاش / مدير المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
بسم الله الرحمن الرحيم
خروج محمد بن عبد الوهاب وآل سعود على دولة الخلافة العثمانية
الحمد لله رب العالمين حمدا طيبا كثيرا مباركا فيه ملء السموات والأرض وملء كل شيء بعد، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه واتبعه بإحسان إلى يوم الدين، وبعد..
ورد في موقع "الإسلام سؤال وجواب" على الإنترنت، والموقع بإشراف الشيخ محمد صالح المنجد جواب سؤال يقول سائله:
السؤال: "هل خرج الشيخ محمد بن عبد الوهاب على الخلافة العثمانية وكان سبباً في سقوطها؟
بعض الناس يقعون في محمد بن عبد الوهاب (رحمه الله). إنهم يتهمونه أنه حارب ضد الخلافة الإسلامية العثمانية وضد خليفة المسلمين؛ ولذلك, فإنه عدو للمسلمين. وجدالهم يدور حول هذه المسألة, فهل هذا صحيح؟ كيف يمكن أن يقاتل شخص ما أمير المسلمين, مع أن الخليفة يصلي ويؤدي الزكاة وما إلى ذلك؟ إنهم يقولون أيضا أنه اتفق مع الجيش الإنكليزي، وأنه قاتل معهم ضد المسلمين. أرجو أن تعطيني جوابا مفصلا حول هذه المسألة التاريخية, وأن توضح لي الحقيقة. من نصدق؟ "انتهى السؤال
- سنقوم بعرض الجواب فقرة فقرة، ثم ننظر فيها ونعقب عليها بما يفتح الله تعالى به علينا سائلين المولى عز وجل أن يجري الحق على ألسنتنا وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه اللهم آمين.
الفقرة الأولى من الجواب:
يقول الشيخ عبد العزيز العبد اللطيف: ادعى بعض خصوم الدعوة السلفية أن الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب قد خرج على دولة الخلافة العثمانية ففارق بذلك الجماعة وشق عصا السمع والطاعة." دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب " ( ص 233)
وقال: ويدَّعي" عبد القديم زلُّوم " أن الوهابيين بظهور دعوتهم قد كانوا سببا في سقوط دولة الخلافة، يقول: وكان قد وجد الوهابيون كياناً داخل الدولة الإسلامية بزعامة محمد بن سعود ثم ابنه عبد العزيز فأمدتهم إنجلترا بالسلاح والمال واندفعوا على أساس مذهبي للاستيلاء على البلاد الإسلامية الخاضعة لسلطان الخلافة أي رفعوا السيف في وجه الخليفة وقاتلوا الجيش الإسلامي جيش أمير المؤمنين بتحريض من الإنجليز وإمداد منهم."كيف هدمت الخلافة " ( ص 10)
وقبل أن نورد الجواب على شبهة خروج الشيخ محمد بن عبد الوهاب على دولة الخلافة فإنه من المناسب أن نذكر ما كان عليه الشيخ الإمام من اعتقاد وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين برّهم وفاجرهم ما لم يأمروا بمعصية الله لأن الطاعة إنما تكون في المعروف .
يقول الشيخ الإمام في رسالته لأهل القصيم: وأرى وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين برّهم وفاجرهم ما لم يأمروا بمعصية الله ومن ولي الخلافة واجتمع عليه الناس ورضوا به وغلبهم بسيفه حتى صار خليفة وجبت طاعته وحرم الخروج عليه "مجموعة مؤلفات الشيخ " ( 5 / 11)
ويقول أيضا: الأصل الثالث: أن من تمام الاجتماع السمع والطاعة لمن تأمّر علينا ولو كان عبداً حبشيّاً " مجموعة مؤلفات الشيخ ( 1 / 394 ) بواسطة " دعاوى المناوئين " ( 233 - 234)
انتهت الفقرة الأولى
وسنتناول القضايا التالية في تلك الفتوى بالتحليل وهي:
أولا: وجوب السمع والطاعة للخليفة
ثانيا: حرمة الخروج على الخليفة، وتحليل رأي الشيخ في حالة أمر الخليفة بالمعصية مقابل نص الحديث بأن لا يكون الخروج إلا عن كفر بواح.
ثالثا: عدم تناول الفتيا لمسألة وحدة الدولة الإسلامية وحرمة بيعة إمام آخر في نفس الزمان.
تحوي هذه الفقرة رأيا بخصوص وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين برهم وفاجرهم، ما لم يأمروا بمعصية، ولا شك بأن هذه الفقرة حجة على الشيخ ابن عبد الوهاب لا حجة له، فمن فمك أدينك: لقد أفتى بحرمة الخروج على الخليفة، وقام بالخروج عليه، وسيأتي تفصيل أنه خرج عليه حتى بلغ حمص وحلبا، وثار عليه في العراق والكويت وغيرها مما كان خاضعا مباشرة لحكم الخليفة عليه من قِبَلِ ولاة ولاهم، كما كان كل أمير للمؤمنين يولي الولاة،
الأمر الثاني أننا نقرأ في ثنايا الفتيا ما يخص عدم الطاعة عند الأمر بالمعصية، وعدم تفصيلها في حرمة الخروج عند الأمر بالمعصية إلا أن يظهر الكفر البواح.
إن ما يوجب الخروج على الخليفة لا مجرد أمره بالمعصية، فإنه إن أمر بالمعصية فلا طاعة له لقوله عليه الصلاة والسلام: (لا طاعةَ لمخلوقٍ في معصيةِ الخالقِ) صححه الألباني ولكن يحرم الخروج عليه إلا أن يُظْهِرَ كفرا بواحا عندنا فيه من الله برهان، روى مسلم عن طريق عوف بن مالك: «خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، ويصلّون عليكم وتُصلّون عليهم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم، قيل: يا رسول الله أفلا ننابذهم بالسيف؟ فقال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة، وإذا رأيتم من ولاتكم شيئاً تكرهونه فاكرهوا عمله ولا تنـزعوا يداً من طاعة». فهو صريح في الإخبار بالأئمة الأخيار والأئمة الأشرار، وصريح بتحريم منابذتهم بالسيف ما أقاموا الدين، لأن إقامة الصلاة كناية عن إقامة الدين والحكم به، وروى البخاري عن جنادة بن أبي أمية قال: «دخلنا على عبادة بن الصامت وهو مريض قلنا أصلحك الله حدث بحديث ينفعك الله به سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم قال: دعانا النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه. فقال فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأَثَرَةً علينا وأن لا ننازع الأمر أهله قال إلاّ أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان"
ويقتضي القول أن الفتيا السابقة لا تأتي على ذكر مسألة أخرى متصلة بالغة الأهمية وهي وجوب وحدة المسلمين تحت خليفة واحد، ومنع أن يكون في الأمة خليفتان، ومسألة وجوب انضواء المسلمين وكياناتهم تحت كيان الدولة الإسلامية لا أن يخرجوا عنها ويقيم كل زعيم قبيلة دولة تستقل عن دولة الخلافة، وتحاربها.
ثم هناك رأي الشيخ بن عبد الوهاب بخصوص السمع والطاعة لمن اجتمع عليه الناس ورضوا به وغلبهم بسيفه، والسؤال يتعلق بعطف الغلبة بالسيف على رضاء الناس به، وكأنها من شروط وجوب الطاعة، وحرمة الخروج على الخليفة، وهذا أمر ليس من شروط انعقاد الخلافة ولا ورد في أحاديث المصطفى عليه سلام الله تعالى، فالعلاقة بين الحاكم والرعية ليست علاقة غلبة بالسيف وتسلط عليهم حتى يخضعوا له، وإنما البيعة عقد مراضاة بين الأمة والحاكم قوامها الرضا والاختيار، وقد ورد عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله كما جاء في الطبقات الكبرى لابن سعد: قال عبد الله بن عمر فقاموا يتشاورون فدعاني عثمان مرة أو مرتين ليدخلني في الأمر ولا والله ما أحب أني كنت فيه عالما أنه سيكون في أمرهم ما قال أبي والله لقل ما رأيته يحرك شفتيه قط إلا كان حقا فلما أكثر عثمان علي قلت له ألا تعقلون أتؤمرون وأمير المؤمنين حي فوالله لكأنما أيقظت عمر من مرقد فقال عمر أمهلوا فإن حدث بي حدث فليصل لكم صهيب ثلاث ليال ثم اجمعوا أمركم فمن تأمر منكم على غير مشورة من المسلمين فاضربوا عنقه.
وجاء في طبقات ابن سعد أن عميراً بن سعد رضي الله عنه، وهو الذي ولاّه عمر بن الخطاب رضي الله عنه حمص، كان يقول: «ألا إن الإسلام حائط منيع وباب وثيق فحائط الإسلام العدل وبابه الحق، ولا يزال الإسلام منيعاً ما اشتد السلطان، وليس شدة السلطان قتلاً بالسيف ولا ضرباً بالسوط ولكن قضاء بالحق وأخذاً بالعدل"
وأما بخصوص وحدة المسلمين تحت خليفة واحد فقد روى مسلم في كتاب الإمارة واللفظ له والنسائي وأبو داود وابن ماجه وأحمد: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّ الْكَعْبَةِ قَالَ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ جَالِسٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ فَأَتَيْتُهُمْ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ... إلى أن قال: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنْ النَّارِ وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ وَمَنْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ فَلْيُطِعْهُ إِنْ اسْتَطَاعَ فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الْآخَرِ" وروى مسلم عن عرفجة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم، أو يفرق جماعتكم فاقتلوه»، وروى مسلم في كتاب الإمارة عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِذَا بُويِعَ لِخَلِيفَتَيْنِ فَاقْتُلُوا الْآخَرَ مِنْهُمَا" والخطاب هنا لجميع المسلمين بألا يكون عليهم خليفتان، وهو نص على حرمة تعدد الخليفة، ووجوب أن يكون خليفة المسلمين واحدا.
وواقع من ينازع الخليفة في بقعة من الأرض يعلن أنه لا يخضع لسلطان الخليفة وأنه يقيم هو حكما في تلك البقعة، واقعه أنه ينصب نفسه إماما على المسلمين، فهو واقع الخليفة حتى وإن لم يتسم باسم الخليفة، وإن تعيين العمال والولاة على الأقاليم من عمل الخليفة ومسئولياته التي أناطه الشارع بها، وكان رسول الله عليه صلاة الله وسلامه يعين الولاة والعمال وعلى هذا جرت سنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده، فلا يصح أن تخرج قبيلة عن دولة الخلافة وتعين بنفسها واليها، ثم يقوم هذا الوالي بمنازعة الخليفة الأرض يضمها إلى سلطانه منتزعا إياها من سلطان الخليفة، فهذا ولا شك عمل من يرى نفسه خليفة للمسلمين.
انظر تأكيدا لهذا ما جاء في الوثائق السعودية:
علاقات الدولة السعودية بالشام:
تشير المصادر النجدية، إلى أن الإمام عبد العزيز بن محمد، أمر بعض قواته، سنة 1208هـ/1793م، بالتوجه إلى دومة الجندل، على أطراف الشام، ومنازلة أهلها؛ وقد يكون ذلك من قبيل الاستطلاع لقوة الولاة العثمانيين في الشام. وفي عام 1212 هـ/1797م، قاد حجيلان بن حمد، أمير القصيم، جيشاً من أهل القصيم، فأغار على بوادي الشرارات، وقتل عدداً من رجالهم، وسلب كثيراً من أموالهم ومتاعهم.
وتمكنت هذه الحملات من نشر مبادئ الدعوة الإصلاحية، في المنطقة، وأخذ الزكاة من سكانها. ووصلت، من بوادي أهل الشام، في عام 1218هـ، ست نجائب، محملة بالريالات. ويفهم من ذلك أن أهل بوادي الشام أصبح ولاؤهم السياسي والديني للدرعية، وليس لولاة الشام.
انتهى النقل من موسوعة مقاتل من الصحراء.
فكما ترى، فإن الزكاة التي كانت تؤدى إلى والي الشام نيابة عن الخليفة، أضحت تؤخذ للدرعية، فهل هذا إلا عمل من يرى نفسه خليفة للمسلمين؟؟؟ وهل بعد هذا من دليل على أنهم ينازعون الخليفة عمله ومسئولياته، وينازعونه الأرض يسلبونها منه ويخضعونها لسلطانهم بدلا من سلطانه؟
وعن عرفجة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنه ستكون هَناتٌ وهنات، فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع، فاضربوه بالسيف كائنا من كان" رواه مسلم.
قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم: إذا بويع لخليفة بعد خليفة، فبيعة الأول صحيحة ويجب الوفاء بها، وبيعة الثاني باطلة، ويحرم الوفاء بها، ويحرم عليه طلبها وسواء عقدوا للثاني عالمين بعقد الأول، أم جاهلين، وسواء كانا في بلدين أو بلد، أو أحدهما في بلد الإمام المنفصل والآخر في غيره.... واتفق العلماء على أنه لا يجوز أن يعقد لخليفتين في عصر واحد سواء اتسعت دار الإسلام أم لا."
تأمل في قوله: وسواء كانا في بلدين أو بلد، يعني حتى لو سلمنا جدلا بأن نجدا في تلك الأزمنة لم تكن خاضعة خضوعا مباشرا لدولة الخلافة، فإنه يحرم بيعة خليفة فيها، وتأمل اتفاق العلماء على هذا ومع ذلك تجد من يحاول التبرير للوهابيين خروجهم على الخلافة!!
وأما بخصوص وجوب انضواء المسلمين تحت إمرة أمير المؤمنين، فقد روى الإمام مسلم في كتاب الجهاد والسير واللفظ له والترمذي وأبو داود وابن ماجه وأحمد والدارمي: «عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا ثُمَّ قَالَ اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا وَلَا تَغْدِرُوا وَلَا تَمْثُلُوا وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ أَوْ خِلَالٍ فَأَيَّتُهُنَّ مَا أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إِلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَلَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ فَإِنْ أَبَوْا أَنْ يَتَحَوَّلُوا مِنْهَا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ يَجْرِي عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللَّهِ الَّذِي يَجْرِي عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَكُونُ لَهُمْ فِي الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يُجَاهِدُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَسَلْهُمْ الْجِزْيَةَ فَإِنْ هُمْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوكَ أَنْ تَجْعَلَ لَهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ نَبِيِّهِ فَلَا تَجْعَلْ لَهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ وَلَا ذِمَّةَ نَبِيِّهِ وَلَكِنْ اجْعَلْ لَهُمْ ذِمَّتَكَ وَذِمَّةَ أَصْحَابِكَ فَإِنَّكُمْ أَنْ تُخْفِرُوا ذِمَمَكُمْ وَذِمَمَ أَصْحَابِكُمْ أَهْوَنُ مِنْ أَنْ تُخْفِرُوا ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ رَسُولِهِ وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوكَ أَنْ تُنْزِلَهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ فَلَا تُنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِكَ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي أَتُصِيبُ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِمْ أَمْ لَا"
وفي رواية أبي داود وأحمد: «ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إِلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ وَأَعْلِمْهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ أَنَّ لَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَأَنَّ عَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ فَإِنْ أَبَوْا وَاخْتَارُوا دَارَهُمْ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ"
ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يأمر بغزو كل بلد لا يخضع لسلطان المسلمين، وكان يقاتلهم قتال الحرب، سواء أكان أهلها مسلمين، أم كانوا غير مسلمين. بدليل نهيه عن قتل أهلها إذا كانوا مسلمين، روى الإمام البخاري في كتاب الأذان: «عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا غَزَا بِنَا قَوْمًا لَمْ يَكُنْ يَغْزُو بِنَا حَتَّى يُصْبِحَ وَيَنْظُرَ فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا كَفَّ عَنْهُمْ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ أَذَانًا أَغَارَ عَلَيْهِمْ»... وروى الإمام أحمد في مسند المكيين: «عَنْ رَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ يُقَالُ لَهُ ابْنُ عِصَامٍ عَنْ أَبِيهِ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا بَعَثَ السَّرِيَّةَ يَقُولُ إِذَا رَأَيْتُمْ مَسْجِدًا أَوْ سَمِعْتُمْ مُنَادِيًا فَلَا تَقْتُلُوا أَحَدًا»
والأذان والمسجد من شعائر الإسلام، مما يدل على أن كون البلاد يسكنها مسلمون لا يمنع من غزوها وقتالها قتال حرب. وهذا يعني أنها اعتُبرت دار حرب، أي دار كفر، لأنها وإن ظهرت فيها شعائر الإسلام، غير أنها لا تأمن بسلطان الرسول، أي بسلطان الإسلام وأمانه، فاعتبرت دار حرب، وغُزيت كأي دار حرب، حتى تخضع لسلطان الاسلام وتأمن بأمان المسلمين، وتنضم لجسم الدولة الإسلامية.
الخلاصة: إذن، فإن المسألة تزيد عن مسألة خروج محمد بن عبد الوهاب على الدولة، بأنه لم يحرص على أن ينضم لجسم الدولة الإسلامية، ونازع الخليفة سلطانه في أرض الله التي يجب أن تخضع لحكم خليفة واحد، وأمعن في تفتيت كلمة المسلمين وأراضيهم ونصب رئيسا آخر هو عبد العزيز بن محمد بن سعود ثم ولده سعودا، لا يخضع لسلطان الخليفة بل ينازعه الحكم في بقعة من العالم الإسلامي، بل ويثور عليه حتى تصل ثورته لحمص وحلب فهم لم يكتفوا بمبايعة أمير آخر يحكم في بقعة من بقاع العالم الإسلامي، بل إنهم زادوا بأن خرجوا على الخليفة في عقر داره! وسنأتي على تفصيل ذلك بعد قليل بإذن الله تعالى.
ثم إن وضعه شرعا أمام الدولة العثمانية هو وضع ولاية لا تخضع لسلطان الخليفة، فكان من حق الدولة العثمانية شرعا أن تحاربه وتخضعه لسلطانها، عملا بحديث سليمان بن بريدة رضي الله عنه الوارد أعلاه، فإن لم يخضع عبد العزيز وولده سعود من بعده للخليفة، وأقاما نفسيهما مقامه في بقعة من ديار المسلمين، وقعا في حديث رسول الله عليه سلام الله: فيما روى مسلم في كتاب الإمارة: "عَنْ عَرْفَجَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ أَوْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ فَاقْتُلُوهُ" وقوله عليه سلام الله المشار إليه سابقا: إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما.
قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه فيما جاء في سنن البيهقي: لا يحل أن يكون للمسلمين أميران، فإنه مهما يكن ذلك، يختلف أمرهم وأحكامهم وتتفرق جماعتهم ويتنازعوا فيما بينهم هنالك تترك السنة وتظهر البدعة وتعظم الفتنة، وليس لأحد على ذلك صلاح"
هذا ويجدر التنبيه إلى أن نصوص تحريم عقد الإمامة لشخصين مطلقة، تشمل كل الحالات، سواء كان التمثيل بأن تتباعد أقطار العالم الإسلامي ويصعب وصول السلطة إلى بعضها أو غيره، فالنصوص مطلقة تفيد الحرمة وتمنع الوفاء في بيعة الثاني، وتأمر بضرب عنقه كائنا من كان!
الفقرة الثانية من جواب موقع الإسلام سؤال وجواب:
ويقول الشيخ عبد العزيز العبد اللطيف: وبعد هذا التقرير الموجز الذي أبان ما كان عليه الشيخ من وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين برّهم وفاجرهم ما لم يأمروا بمعصية الله: فإننا نشير إلى مسألة مهمة جوابا عن تلك الشبهة فهناك سؤال مهم هو: هل كانت " نجد " موطن هذه الدعوة ومحل نشأتها تحت سيطرة دولة الخلافة العثمانية؟.
يجيب الدكتور صالح العبود على هذا فيقول:لم تشهد " نجد " على العموم نفوذا للدولة العثمانية فما امتد إليها سلطانها ولا أتى إليها ولاة عثمانيون ولا جابت خلال ديارها حامية تركية في الزمان الذي سبق ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ومما يدل على هذه الحقيقة التاريخية استقرار تقسيمات الدولة العثمانية الإدارية فمن خلال رسالة تركية عنوانها: " قوانين آل عثمان مضامين دفتر الديوان"، يعني : " قوانين آل عثمان في ما يتضمنه دفتر الديوان "، ألّفها يمين علي أفندي الذي كان أمينا للدفتر الخاقاني سنة 1018 هجرية الموافقة لسنة 1609م من خلال هذه الرسالة يتبين أنه منذ أوائل القرن الحادي عشر الهجري كانت دولة آل عثمان تنقسم إلى اثنتين وثلاثين ايالة منها أربع عشرة ايالة عربية وبلاد نجد ليست منها ما عدا الإحساء إن اعتبرناه من نجد" .عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأثرها في العالم الإسلامي " - غير منشور - ( 1 / 27)
ويقول الدكتور عبد الله العثيمين: ومهما يكن فإن " نجداً " لم تشهد نفوذاً مباشراً للعثمانيين عليها قبل ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب كما أنها لم تشهد نفوذاً قويّاً يفرض وجوده على سير الحوادث داخلها لأية جهة كانت فلا نفوذ بني جبر أو بني خالد في بعض جهاتها ولا نفوذ الأشراف في بعض جهاتها الأخرى أحدث نوعاً من الاستقرار السياسي فالحروب بين البلدان النجدية ظلت قائمة والصراع بين قبائلها المختلفة استمر حادّاً عنيفا.ً " محمد بن عبد الوهاب حياته وفكره " ( ص 11 ) بواسطة " دعاوى المناوئين " ( 234 - 235 )
واستكمالا لهذا المبحث نذكر جواب سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز على ذلك الاعتراض قال رحمه الله:لم يخرج الشيخ محمد بن عبد الوهاب على دولة الخلافة العثمانية فيما أعلم وأعتقد. فلم يكن في نجد رئاسة ولا إمارة للأتراك بل كانت نجد إمارات صغيرة وقرى متناثرة وعلى كل بلدة أو قرية -مهما صغرت -أمير مستقل... وهي إمارات بينها قتال وحروب ومشاجرات والشيخ محمد بن عبد الوهاب لم يخرج على دولة الخلافة وإنما خرج على أوضاع فاسدة في بلده فجاهد في الله حق جهاده وصابر وثابر حتى امتد نور هذه الدعوة إلى البلاد الأخرى" ندوة مسجلة على الأشرطة " بواسطة " دعاوى المناوئين " ( ص 237).
و قال الدكتور عجيل النشمي: ..... لم تحرك دولة الخلافة ساكنا ولم تبدر منها أية مبادرة امتعاض أو خلاف يذكر رغم توالي أربعة من سلاطين آل عثمان في حياة الشيخ. "مجلة المجتمع "( عدد 510)
انتهت الفقرة الثانية من جواب موقع الإسلام سؤال وجواب، ونقول تعقيبا عليها ما يلي:
ومرة أخرى نجد الجواب يتجاهل الأدلة الشرعية التي ينبغي أن يفهمها المجتهد والعالم بخصوص واقع التصرف إزاء دولة الخلافة الإسلامية، كما ونجد فيه أيضا تجاهلا تاما لخروج الوهابيين وآل سعود معهم على الدولة في عقر دارها، حتى وصلت حملاتهم لحمص كما سيأتي بعد قليل بإذن الله تعالى،
حين خرجت قبائل العرب على دولة الخلافة في بداية حكم الخليفة الراشد الأول أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ولم تخضع لحكمه وأبت أن تعطيه الزكاة بوصفه خليفة لرسول الله عليه صلاة الله وسلامه، حاربهم وسير إليهم الجيوش حتى أخضعهم لسلطانه، ولم يقر أيا منهم على خروجها عن سلطان دولة الإسلام، وتكوين دولة داخل الدولة!
فهل نقول بأن المجيبين أعلاه عن هذه المسألة، ممثلين بالدكتور صالح العبود، والشيخ العثيمين وغيرهما، يقولون بأن الحكم الشرعي فيمن وجد نفسه بعيدا عن تقسيمات الدولة الإسلامية الإدارية أن يستقل بنفسه ويقيم سلطانا آخر ويبرر لنفسه توسيع هذا السلطان ليدخل فيه حتى الولايات الخاضعة حالا وقوة للدولة مثل الشام والعراق ومكة والمدينة وغيرها لسلطانه هو فيقيم دولة دون الدولة؟ ولا يسمى كل هذا منازعة أهل الأمر أمرهم؟
ثم هب جدلا بأن نجدا لم تكن تشهد حاميات لدولة الخلافة، فهل يُعرف الخضوع لسلطان الخلافة بوجود حاميات أو بوجود نفوذ يفرض سيره على الحوادث صغيرها وكبيرها، وذلك أن الدولة الإسلامية كانت تعاني من الضعف، وليس الضعف بمبرر شرعي للخروج، وإنما الواجب الصحيح هو العمل على تقوية أركانها، وتوعية الناس في تلك الأصقاع والقرى الصغيرة بوجوب الخضوع للدولة القائمة، وإلا فهل نبرر للخوارج الصُّفَريَّةِ مثلا خروجهم على دولة الخلافة الأموية في المغرب لضعف اتصال تلك القبائل بالشام، ونبرر خروج كل دويلة تستقل بحاكمها فنشتت الأمة الإسلامية ونوهن قوتها؟
ثم إنه ليس من الضروري أن تشمل سلطة الخليفة ورعايته للمناطق النائية بصورة مباشرة حتى يصدق عليها أنها تحت سلطة الخليفة، بل يصدق عليها أنها تحت سلطة الخليفة ولو كانت لا تصل إليها تلك السلطة إلا عن طريق غير مباشر، أي عن طريق الولاة والأمراء الذين يبعثهم الخليفة لتلك المناطق، ويعطيهم حق التصرف في رعاية الشُؤون في مناطقهم بحسب النظام الذي تقوم عليه الدولة، وقد رفض عمر بن الخطاب رضي الله عنه من الولاة والأمراء أن يرجعوا إليه في كل صغيرة وكبيرة، وذكر لهم أن الشاهد يرى ما لا يراه الغائب.
والواقع أن سلطة الدولة كانت تعم كل المناطق المحيطة بنجد، ولئن لم تصل مباشرة إلى تلك القبائل في مواطنها النائية، فإنها وصلت إلى الحواضر القريبة منها، فكان الأصل أن يرجع أهل تلك البوادي إلى أقرب أمير مكلف من قبل الخليفة برعاية شُؤونهم فيما يخص أمورهم ليقوم برعايتها، أي كان عليهم أن ينضموا إلى دار المهاجرين كما أمر المصطفى عليه سلام الله وصلاته في حديث سليمان بن بريدة المذكور أعلاه.
إلا أن الأمر الثابت أن آل سعود ومن ورائهم الوهابيون قد خرجوا أيضا في بقع أشد التصاقا وخضوعا لدولة الخلافة، وإليك شيئا من التفصيل: جاء في كتاب كيف هدمت الخلافة، للعلامة الشيخ عبد القديم زلوم رحمه الله تعالى رحمة واسعة: "وكان قد وُجد للوهابيين كيان داخل الدولة الإسلامية بزعامة محمد بن سعود، ثم ابنه عبد العزيز، فأمدَّتهْم إنجلترا بالسلاح والمال، واندفعوا على أساس مذهبي للاستيلاء على البلاد الإسلامية الخاضعة لسلطان الخلافة، أي رفعوا السيف في وجه الخليفة، وقاتلوا الجيش الإسلامي جيش أمير المؤمنين بتحريض من الإنجليز وإمداد منهم. وذلك لأخذ البلاد من الخليفة وحكمها حسب مذهبهم، وإزالة ما أحدثته المذاهب الإسلامية الأخرى غير مذهبهم بالقوة وحدِّ السيف. فأغاروا على الكويت سنة 1788 واحتلوها، ثم واصلوا تقدمهم إلى الشمال حتى حاصروا بغداد، وكانوا يريدون الاستيلاء على كربلاء، وعلى قبر الحسين رضي الله عنه لهدمه ومنع زيارته. ثم في نيسان سنة 1803 شنّوا هجوماً على مكة واحتلوها، وفي ربيع سنة 1804 سقطت المدينة المنورة في أيديهم، فخربوا القباب الضخمة التي تظلّل قبر الرسول، وجرّدوها من جميع النفائس. وبعد أن انتهوا من الاستيلاء على الحجاز كله ساروا نحو الشام، وقاربوا حمص. وفي سنة 1810 هاجموا دمشق كرّة أخرى كما هاجموا النجف. وقد دافعت دمشق عن نفسها دفاعاً مجيداً. ولكن الوهابيين مع محاصرتهم لدمشق انطلقوا نحو الشمال وبسطوا سلطانهم على أكثر أراضي سورية حتى حلب." انتهى
فهل يقال بأن دمشق وبغداد وحلب وغيرها من تلك البقاع لم تكن خاضعة لسلطان الدولة، وأن هذا لا يسمى خروجا على دولة الخلافة وهدما لها وتقويضا لأركانها وتفتيتا لبنيانها؟
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن ما الحكم الشرعي فيمن يقوم بمثل هذا البغي؟
يقول الرسول الكريم عليه سلام الله وصلاته فيما رواه الإمام مسلم في صحيحه في كتاب الإمارة: "عَنْ عَرْفَجَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ أَوْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ فَاقْتُلُوهُ"
فلا بارك الله في تلك الحملات التي قامت من أجل شق عصا المسلمين وتفريق جماعتهم ونزع يدهم من طاعة خليفتهم المبايع على السمع والطاعة.
إذن: فإن تصوير الأمر على أن الوهابيين والسعوديين إنما أقاموا دولة لم تنازع الخلافة شيئا، وأنهم أقاموها في بقعة لم تكن خاضعة تماما لدولة الخلافة، تصوير يشوه الحقيقة ويقلب لها ظهر المجن، ويغض الطرف عن الحملات العسكرية التي قاموا بها لتفتيت تلك الدولة، وتقطيع أوصالها، وتفريق جماعة المسلمين.
الفقرة الثالثة من جواب موقع الإسلام سؤال وجواب:
إذا كان ما سبق يعكس تصور الشيخ لدولة الخلافة فكيف كانت صورة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب لدى دولة الخلافة؟
يقول د.النشمي مجيباً على هذا السؤال: لقد كانت صورة حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب لدى دولة الخلافة صورة قد بلغت من التشويه والتشويش مداه فلم تطلع دولة الخلافة إلا على الوجه المعادي لحركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب سواء عن طريق التقارير التي يرسلها ولاتها في الحجاز أو بغداد أو غيرهما ..أو عن طريق بعض الأفراد الذين يصلون إلى الأستانة يحملون الأخبار.
" المجتمع " ( عدد 504 ) بواسطة " دعاوى المناوئين " ( ص 238 - 239 )
انتهت الفقرة الثالثة
وهذا أيضا تشويه للحقائق، فهل كانت دولة الخلافة جاهلة بحملات تصل إلى بغداد ودمشق وحلب، وتنتظر تقارير تصلها من مسافرين يشوهون الحقائق؟
الفقرة الرابعة والأخيرة من جواب موقع الإسلام سؤال وجواب:
وأما دعوى " زلوم " أن دعوة الشيخ أحد أسباب سقوط الخلافة وأن الإنكليز ساعدوا الوهابيين على إسقاطها: فيقول محمود مهدي الاستانبولي جوابا على هذه الدعوى العريضة: قد كان من واجب هذا الكاتب أن يدعم رأيه بأدلة وإثباتات وقديما قال الشاعر:
وإذا الدعاوى لم تقم بدليلها بالنص فهي على السفاه دليل
مع العلم أن التاريخ يذكر أن هؤلاء الإنكليز وقفوا ضد هذه الدعوة منذ قيامها خشية يقظة العالم الإسلامي . " الشيخ محمد عبد الوهاب في مرآة الشرق والغرب " ( ص 240 )
ويقول: والغريب المضحك المبكي أن يتهم هذا الأستاذ حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب بأنها من عوامل هدم الخلافة العثمانية مع العلم أن هذه الحركة قامت حوالي عام 1811 م وأن الخلافة هدمت حوالي 1922 م. " المرجع السابق " ( ص 64 )
ومما يدل على أن الإنكليز ضد الحركة الوهابية أنهم أرسلوا الكابتن فورستر سادلير ليهنئ إبراهيم باشا على النجاح الذي حققه ضد الوهابيين- إبان حرب إبراهيم باشا للدرعية - وليؤكد له أيضا مدى ميله إلى التعاون مع الحركة البريطانية لتخفيض ما أسموه بأعمال القرصنة الوهابية في الخليج العربي.
بل صرحت هذه الرسالة بالرغبة في إقامة الاتفاق بين الحكومة البريطانية وبين إبراهيم باشا بهدف سحق نفوذ الوهابيين بشكل كامل.
ويقول الشيخ محمد بن منظور النعماني: لقد استغل الإنجليز الوضع المعاكس في الهند للشيح محمد بن عبد الوهاب ورموا كل من عارضهم ووقف في طريقهم ورأوه خطرا على كيانهم بالوهابية ودعوهم وهابيين . وكذلك دعا الإنجليز علماء ديوبند - في الهند - بالوهابيين من أجل معارضتهم السافرة للإنجليز وتضييقهم الخناق عليهم . " دعايات مكثفة ضد الشيخ محمد عبد الوهاب " ( ص 105 - 106 )
وبهذه النقول المتنوعة ينكشف زيف هذه الشبهة وتهافتها أمام البراهين العلمية الواضحة من رسائل الشيخ الإمام ومؤلفاته كما يظهر زيف الشبهة أمام الحقائق التاريخية التي كتبها المنصفون.
" دعاوى المناوئين " ( 239 ، 240 )
وأخيرا ننصح كل من أطال لسانه بحق الشيخ أن يكفه عنه وأن يتقي الله تعالى في أمره كله عسى الله تعالى أن يتوب عليه وأن يهديه سواء السبيل.
انتهت الفقرة وانتهى جواب الموقع
يقول الإمام العلامة الشيخ عبد القديم زلوم رحمه الله تعالى رحمة واسعة في كتابه الراقي: كيف هدمت الخلافة: وكان معروفاً أن هذه الحملة الوهابية عمل إنجليزي، لأن آل سعود عملاء للإنجليز، وقد استغلوا المذهب الوهابي - وهو من المذاهب الإسلامية، وصاحبه الإمام محمد بن عبد الوهاب مجتهد من المجتهدين - استغلوا هذا المذهب في أعمال سياسية لضرب الدولة الإسلامية، والاصطدام مع المذاهب الأخرى، لإثارة حروب مذهبية داخل الدولة العثمانية، دون أن يدرك ذلك أتباع هذا المذهب، ولكن عن إدراك ووعي من الأمير السعودي ومن السعوديين. لأن العلاقة لم تكن بين الإنجليز وصاحب المذهب محمد بن عبد الوهاب، وإنما كانت بين الإنجليز وعبد العزيز بن محمد بن سعود ثم بينهم وبين ابنه سعود.
ويقول: فقد قام عبد العزيز في سنة 1788 بتجهيز حملة عسكرية ضخمة وهاجم الكويت وفتحها واستولى عليها. وكان الإنجليز يحاولون أخذ الكويت من الدولة العثمانية ولكنهم لم يستطيعوا ذلك. فقد كانت الدول الأخرى مثل ألمانيا وروسيا وفرنسا تقف في وجههم، وكانت دولة الخلافة تقاومهم. فكان فصل الكويت عن الدولة العثمانية ثم التقدم إلى الشمال لحمايتها لافتاً لنظر الدول الكبرى مثل روسيا وألمانيا وفرنسا، ولافتاً نظر الدولة العثمانية.
كانت عمولة آل سعود للإنجليز وولاؤهم لهم أمراً معروفاً لدى دولة الخلافة ولدى الدول الأخرى كألمانيا وفرنسا وروسيا، وكان معروفاً أنهم يُسيَّرون من قِبَل الإنجليز، وكان الإنجليز أنفسهم لا يُخْفُون وقوفهم إلى جانب السعوديين دَوْلياً، أضف إلى ذلك الأسلحة الكثيرة والعتاد الكبير الذي وصل إليهم عن طريق الهند، والأموال التي تحتاج إليها الحرب ويحتاج إليها تجهيز الجيوش لم تكن إلاّ أسلحة الإنجليز وأموالهم، ولهذا فإن الدول الأوروبية ولا سيما فرنسا كانت ضد حملة الوهابيين هذه باعتبارها حملة إنجليزية. وقد حاولت دولة الخلافة ضرب الوهابيين فلم تستطع صدّهم، وعجز ولاتها في المدينة وبغداد ودمشق أن يقفوا في وجههم، فطلبت إلى واليها في مصر محمد علي أن يُجرِّد جيشاً عليهم، فَتَلكَّأ في أولِ الأمر. ولكنه وقد كان عميلاً لفرنسا، لأنها هي التي ساعدته في قيامه بالانقلاب في مصر واستيلائه على الحكم، ثم حملت الخلافة على الاعتراف به، فإنه بناءً على موافقة فرنسا وتحريضها لبَّى أمر السلطان سنة 1811، فأرسل ابنه طوسون لمحاربتهم، ودارت معارك عديدة بينهم وبين جيش مصر، وتمكن جيش مصر سنة 1812 من فتح المدينة. ثم في آب سنة 1816 أرسل ابنه إبراهيم من القاهرة فَسحَقَ الوهابيين سَحْقاً حتى تراجعوا إلى عاصمتهم الدِّرْعِيّة وتحصنوا فيها، فحاصرهم إبراهيم في نيسان سنة 1818 طوال الصيف. وفي 9 أيلول سنة 1818 استسلم الوهابيون، ودَكّت جيوش إبراهيم الدِّرْعِيّة دَكاً، حتى يقال: إنه حرثها بالمحراث حتى لا يبقى لها أثر. وبذلك انتهت محاولة الإنجليز.
ورد في موسوعة مقاتل من الصحراء: "علاقات الدولة السعودية بالشام"
تشير المصادر النجدية، إلى أن الإمام عبد العزيز بن محمد، أمر بعض قواته، سنة 1208هـ/1793م، بالتوجه إلى دومة الجندل، على أطراف الشام، ومنازلة أهلها؛ وقد يكون ذلك من قبيل الاستطلاع لقوة الولاة العثمانيين في الشام. وفي عام 1212 هـ/1797م، قاد حجيلان بن حمد، أمير القصيم، جيشاً من أهل القصيم، فأغار على بوادي الشرارات، وقتل عدداً من رجالهم، وسلب كثيراً من أموالهم ومتاعهم.
وتمكنت هذه الحملات من نشر مبادئ الدعوة الإصلاحية، في المنطقة، وأخذ الزكاة من سكانها. ووصلت، من بوادي أهل الشام، في عام 1218هـ، ست نجائب، محملة بالريالات. ويفهم من ذلك أن أهل بوادي الشام أصبح ولاؤهم السياسي والديني للدرعية، وليس لولاة الشام.
وعندما شمل النفوذ السعودي بلاد الحجاز، أصبحت في وضع، جعلها على احتكاك مباشر بالسلطة العثمانية. وكانت بداية تحدي الدولة السعودية لوالي الشام، عام 1221هـ/1806م، حينما منع الإمام سعود بن عبد العزيز. أمير الحج الشامي، عبد الله باشا العظم، من الوصول إلى الحرمَين، للحج، بالمحمل، ترافقه الطبول والمزامير. وكادت تقع اصطدامات بين الجند السعوديين وجند عبد الله باشا العظم، الذي لم يكن في موقف عسكري، يسمح له بمقابلة السعوديين. وعلى أثر ذلك، عزل السلطان سليم الثالث، عبد الله باشا العظم، عن منصبه، بسبب تقاعسه عن مواجهة القوات السعودية، ورجوعه بالحجاج، بناء على أمر من الإمام سعود. وعين بدلاً منه يوسف باشا كنج. وأصدر السلطان أوامره المشددة إلى يوسف باشا كنج، بضرورة محاربة السعوديين. إلا أنه لم يقم بأي عمل إيجابي، وانصرف إلى جمع الأموال لنفسه ومماطلة الدولة. واكتفى، في رده على السلطان، بإرسال الخطط الحربية، التي كان يراها كفيلة بتحقيق رغبة السلطان. كما أن يوسف كنج، كان قد اقترح أن تشترك معه ولايتا مصر وبغداد، في إعداد الحملات، للقيام بالمهمة الموكلة إليه.
وفي تلك الأثناء، قام الإمام سعود بحملة عسكرية ضد الشام. وتمكن من الوصول إلى ما وراء جبل الشيخ. وتنقلت قوات السعوديين في سهل حوران، وهاجمت حصن المزيريب وبصرى.
كاتب الإمام سعود ولاة الشام، ودعا سكانها إلى الدخول في الطاعة، واعتناق مبادئ الدعوة السلفية (انظر ملحق نماذج من رسائل الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود والرد عليها). وانسحبت قواته من الشام محملة بالغنائم. وأصدر السلطان محمود الثاني أوامره بعزل يوسف كنج، لعدم كفاءته. وعين سليمان باشا، والياً على الشام. وطلب منه الاتصال بوالي مصر، محمد علي باشا، لتنسيق جهودهما ضد الدرعية.
إلا أن سليمان باشا، ومحمد علي باشا، لم يكونا على وفاق. لذا، اتجهت الدولة بأنظارها إلى والي مصر لتحقيق هدفها". انتهى
السؤال الذي نريد توجيهه لهؤلاء السادة المجيبين في هذا الموقع: من أين لبعض قبائل الصحراء المال والعتاد الذي تستطيع به ومعه أن تصل بحملاتها إلى تلك البقاع النائية عن مواقعها في نجد، وتحتل ما كانت الدول الكبرى تتصارع عليه، وتستعصي على ولاة الدولة العثمانية حتى تضطرهم للاستنجاد بوالي مصر ليواجه قواتهم المسلحة فيغزوهم ويقضي على تلك البؤرة التي أمعنت في شق عصا الطاعة وشق جماعة المسلمين وتفريق كلمتهم، لم يكن البترول يومها مكتشفا ليمول تلك الحملات، ولا كانت مصانع السيوف والدروع قائمة على سوقها في نجد لتصلح لتسليح جيش بقدرة شن حملات قوية في الشرق والغرب والشمال والجنوب! إنها ولا شك أصابع الإنجليز!!
كتب أمين الريحاني في كتابه (ملوك العرب) صفحة 56 عن عبد العزيز آل سعود قوله: (يظن الناس أننا نقبض من الانكليز مبالغ كبيرة من المال، والحقيقة أن الانكليز لم يدفعوا لنا إلا اليسير مما نستحقه للأعمال التي قمنا بها لهم أثناء الحرب وبعدها، ونحن بيننا وبينهم عهد نحافظ عليه ولو تضررنا في أنفسنا ومصالحنا.. الانكليز مدينون لنا ونحن لا نطلب غير ما كان لآبائنا وأجدادنا من قبلنا. ليعلم ذلك أصحابنا الانكليز). هذا وقد اعترف الأمير طلال بن عبد العزيز بهذه الأعطيات في مقابلة معه في الجزيرة في برنامج شاهد على العصر.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
عثمان بخاش
مدير المكتب الإعلامي المركزي
لحزب التحرير
المصدر
خروج محمد بن عبد الوهاب وآل سعود على دولة الخلافة العثمانية
السادة الكرام في موقع "الإسلام سؤال وجواب"
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد نشرتم على صفحات موقعكم جواب سؤال بعنوان "هل خرج الشيخ محمد بن عبد الوهاب على الخلافة العثمانية وكان سبباً في سقوطها" وقد تناول هذا الجواب ما ورد في كتاب" كيف هدمت الخلافة" للعالم الشيخ "عبدالقديم زلوم" ولقد وجدنا عدداً من النقاط المهمة تحتاج لتوضيح، راجين من حضرتكم التكرم ونشر تعليقنا على جواب السؤال في موقعكم...
وجزاكم الله عنا خير الجزاء.
المهندس عثمان بخاش / مدير المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
بسم الله الرحمن الرحيم
خروج محمد بن عبد الوهاب وآل سعود على دولة الخلافة العثمانية
الحمد لله رب العالمين حمدا طيبا كثيرا مباركا فيه ملء السموات والأرض وملء كل شيء بعد، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه واتبعه بإحسان إلى يوم الدين، وبعد..
ورد في موقع "الإسلام سؤال وجواب" على الإنترنت، والموقع بإشراف الشيخ محمد صالح المنجد جواب سؤال يقول سائله:
السؤال: "هل خرج الشيخ محمد بن عبد الوهاب على الخلافة العثمانية وكان سبباً في سقوطها؟
بعض الناس يقعون في محمد بن عبد الوهاب (رحمه الله). إنهم يتهمونه أنه حارب ضد الخلافة الإسلامية العثمانية وضد خليفة المسلمين؛ ولذلك, فإنه عدو للمسلمين. وجدالهم يدور حول هذه المسألة, فهل هذا صحيح؟ كيف يمكن أن يقاتل شخص ما أمير المسلمين, مع أن الخليفة يصلي ويؤدي الزكاة وما إلى ذلك؟ إنهم يقولون أيضا أنه اتفق مع الجيش الإنكليزي، وأنه قاتل معهم ضد المسلمين. أرجو أن تعطيني جوابا مفصلا حول هذه المسألة التاريخية, وأن توضح لي الحقيقة. من نصدق؟ "انتهى السؤال
- سنقوم بعرض الجواب فقرة فقرة، ثم ننظر فيها ونعقب عليها بما يفتح الله تعالى به علينا سائلين المولى عز وجل أن يجري الحق على ألسنتنا وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه اللهم آمين.
الفقرة الأولى من الجواب:
يقول الشيخ عبد العزيز العبد اللطيف: ادعى بعض خصوم الدعوة السلفية أن الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب قد خرج على دولة الخلافة العثمانية ففارق بذلك الجماعة وشق عصا السمع والطاعة." دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب " ( ص 233)
وقال: ويدَّعي" عبد القديم زلُّوم " أن الوهابيين بظهور دعوتهم قد كانوا سببا في سقوط دولة الخلافة، يقول: وكان قد وجد الوهابيون كياناً داخل الدولة الإسلامية بزعامة محمد بن سعود ثم ابنه عبد العزيز فأمدتهم إنجلترا بالسلاح والمال واندفعوا على أساس مذهبي للاستيلاء على البلاد الإسلامية الخاضعة لسلطان الخلافة أي رفعوا السيف في وجه الخليفة وقاتلوا الجيش الإسلامي جيش أمير المؤمنين بتحريض من الإنجليز وإمداد منهم."كيف هدمت الخلافة " ( ص 10)
وقبل أن نورد الجواب على شبهة خروج الشيخ محمد بن عبد الوهاب على دولة الخلافة فإنه من المناسب أن نذكر ما كان عليه الشيخ الإمام من اعتقاد وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين برّهم وفاجرهم ما لم يأمروا بمعصية الله لأن الطاعة إنما تكون في المعروف .
يقول الشيخ الإمام في رسالته لأهل القصيم: وأرى وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين برّهم وفاجرهم ما لم يأمروا بمعصية الله ومن ولي الخلافة واجتمع عليه الناس ورضوا به وغلبهم بسيفه حتى صار خليفة وجبت طاعته وحرم الخروج عليه "مجموعة مؤلفات الشيخ " ( 5 / 11)
ويقول أيضا: الأصل الثالث: أن من تمام الاجتماع السمع والطاعة لمن تأمّر علينا ولو كان عبداً حبشيّاً " مجموعة مؤلفات الشيخ ( 1 / 394 ) بواسطة " دعاوى المناوئين " ( 233 - 234)
انتهت الفقرة الأولى
وسنتناول القضايا التالية في تلك الفتوى بالتحليل وهي:
أولا: وجوب السمع والطاعة للخليفة
ثانيا: حرمة الخروج على الخليفة، وتحليل رأي الشيخ في حالة أمر الخليفة بالمعصية مقابل نص الحديث بأن لا يكون الخروج إلا عن كفر بواح.
ثالثا: عدم تناول الفتيا لمسألة وحدة الدولة الإسلامية وحرمة بيعة إمام آخر في نفس الزمان.
تحوي هذه الفقرة رأيا بخصوص وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين برهم وفاجرهم، ما لم يأمروا بمعصية، ولا شك بأن هذه الفقرة حجة على الشيخ ابن عبد الوهاب لا حجة له، فمن فمك أدينك: لقد أفتى بحرمة الخروج على الخليفة، وقام بالخروج عليه، وسيأتي تفصيل أنه خرج عليه حتى بلغ حمص وحلبا، وثار عليه في العراق والكويت وغيرها مما كان خاضعا مباشرة لحكم الخليفة عليه من قِبَلِ ولاة ولاهم، كما كان كل أمير للمؤمنين يولي الولاة،
الأمر الثاني أننا نقرأ في ثنايا الفتيا ما يخص عدم الطاعة عند الأمر بالمعصية، وعدم تفصيلها في حرمة الخروج عند الأمر بالمعصية إلا أن يظهر الكفر البواح.
إن ما يوجب الخروج على الخليفة لا مجرد أمره بالمعصية، فإنه إن أمر بالمعصية فلا طاعة له لقوله عليه الصلاة والسلام: (لا طاعةَ لمخلوقٍ في معصيةِ الخالقِ) صححه الألباني ولكن يحرم الخروج عليه إلا أن يُظْهِرَ كفرا بواحا عندنا فيه من الله برهان، روى مسلم عن طريق عوف بن مالك: «خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، ويصلّون عليكم وتُصلّون عليهم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم، قيل: يا رسول الله أفلا ننابذهم بالسيف؟ فقال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة، وإذا رأيتم من ولاتكم شيئاً تكرهونه فاكرهوا عمله ولا تنـزعوا يداً من طاعة». فهو صريح في الإخبار بالأئمة الأخيار والأئمة الأشرار، وصريح بتحريم منابذتهم بالسيف ما أقاموا الدين، لأن إقامة الصلاة كناية عن إقامة الدين والحكم به، وروى البخاري عن جنادة بن أبي أمية قال: «دخلنا على عبادة بن الصامت وهو مريض قلنا أصلحك الله حدث بحديث ينفعك الله به سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم قال: دعانا النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه. فقال فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأَثَرَةً علينا وأن لا ننازع الأمر أهله قال إلاّ أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان"
ويقتضي القول أن الفتيا السابقة لا تأتي على ذكر مسألة أخرى متصلة بالغة الأهمية وهي وجوب وحدة المسلمين تحت خليفة واحد، ومنع أن يكون في الأمة خليفتان، ومسألة وجوب انضواء المسلمين وكياناتهم تحت كيان الدولة الإسلامية لا أن يخرجوا عنها ويقيم كل زعيم قبيلة دولة تستقل عن دولة الخلافة، وتحاربها.
ثم هناك رأي الشيخ بن عبد الوهاب بخصوص السمع والطاعة لمن اجتمع عليه الناس ورضوا به وغلبهم بسيفه، والسؤال يتعلق بعطف الغلبة بالسيف على رضاء الناس به، وكأنها من شروط وجوب الطاعة، وحرمة الخروج على الخليفة، وهذا أمر ليس من شروط انعقاد الخلافة ولا ورد في أحاديث المصطفى عليه سلام الله تعالى، فالعلاقة بين الحاكم والرعية ليست علاقة غلبة بالسيف وتسلط عليهم حتى يخضعوا له، وإنما البيعة عقد مراضاة بين الأمة والحاكم قوامها الرضا والاختيار، وقد ورد عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله كما جاء في الطبقات الكبرى لابن سعد: قال عبد الله بن عمر فقاموا يتشاورون فدعاني عثمان مرة أو مرتين ليدخلني في الأمر ولا والله ما أحب أني كنت فيه عالما أنه سيكون في أمرهم ما قال أبي والله لقل ما رأيته يحرك شفتيه قط إلا كان حقا فلما أكثر عثمان علي قلت له ألا تعقلون أتؤمرون وأمير المؤمنين حي فوالله لكأنما أيقظت عمر من مرقد فقال عمر أمهلوا فإن حدث بي حدث فليصل لكم صهيب ثلاث ليال ثم اجمعوا أمركم فمن تأمر منكم على غير مشورة من المسلمين فاضربوا عنقه.
وجاء في طبقات ابن سعد أن عميراً بن سعد رضي الله عنه، وهو الذي ولاّه عمر بن الخطاب رضي الله عنه حمص، كان يقول: «ألا إن الإسلام حائط منيع وباب وثيق فحائط الإسلام العدل وبابه الحق، ولا يزال الإسلام منيعاً ما اشتد السلطان، وليس شدة السلطان قتلاً بالسيف ولا ضرباً بالسوط ولكن قضاء بالحق وأخذاً بالعدل"
وأما بخصوص وحدة المسلمين تحت خليفة واحد فقد روى مسلم في كتاب الإمارة واللفظ له والنسائي وأبو داود وابن ماجه وأحمد: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّ الْكَعْبَةِ قَالَ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ جَالِسٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ فَأَتَيْتُهُمْ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ... إلى أن قال: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنْ النَّارِ وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ وَمَنْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ فَلْيُطِعْهُ إِنْ اسْتَطَاعَ فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الْآخَرِ" وروى مسلم عن عرفجة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم، أو يفرق جماعتكم فاقتلوه»، وروى مسلم في كتاب الإمارة عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِذَا بُويِعَ لِخَلِيفَتَيْنِ فَاقْتُلُوا الْآخَرَ مِنْهُمَا" والخطاب هنا لجميع المسلمين بألا يكون عليهم خليفتان، وهو نص على حرمة تعدد الخليفة، ووجوب أن يكون خليفة المسلمين واحدا.
وواقع من ينازع الخليفة في بقعة من الأرض يعلن أنه لا يخضع لسلطان الخليفة وأنه يقيم هو حكما في تلك البقعة، واقعه أنه ينصب نفسه إماما على المسلمين، فهو واقع الخليفة حتى وإن لم يتسم باسم الخليفة، وإن تعيين العمال والولاة على الأقاليم من عمل الخليفة ومسئولياته التي أناطه الشارع بها، وكان رسول الله عليه صلاة الله وسلامه يعين الولاة والعمال وعلى هذا جرت سنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده، فلا يصح أن تخرج قبيلة عن دولة الخلافة وتعين بنفسها واليها، ثم يقوم هذا الوالي بمنازعة الخليفة الأرض يضمها إلى سلطانه منتزعا إياها من سلطان الخليفة، فهذا ولا شك عمل من يرى نفسه خليفة للمسلمين.
انظر تأكيدا لهذا ما جاء في الوثائق السعودية:
علاقات الدولة السعودية بالشام:
تشير المصادر النجدية، إلى أن الإمام عبد العزيز بن محمد، أمر بعض قواته، سنة 1208هـ/1793م، بالتوجه إلى دومة الجندل، على أطراف الشام، ومنازلة أهلها؛ وقد يكون ذلك من قبيل الاستطلاع لقوة الولاة العثمانيين في الشام. وفي عام 1212 هـ/1797م، قاد حجيلان بن حمد، أمير القصيم، جيشاً من أهل القصيم، فأغار على بوادي الشرارات، وقتل عدداً من رجالهم، وسلب كثيراً من أموالهم ومتاعهم.
وتمكنت هذه الحملات من نشر مبادئ الدعوة الإصلاحية، في المنطقة، وأخذ الزكاة من سكانها. ووصلت، من بوادي أهل الشام، في عام 1218هـ، ست نجائب، محملة بالريالات. ويفهم من ذلك أن أهل بوادي الشام أصبح ولاؤهم السياسي والديني للدرعية، وليس لولاة الشام.
انتهى النقل من موسوعة مقاتل من الصحراء.
فكما ترى، فإن الزكاة التي كانت تؤدى إلى والي الشام نيابة عن الخليفة، أضحت تؤخذ للدرعية، فهل هذا إلا عمل من يرى نفسه خليفة للمسلمين؟؟؟ وهل بعد هذا من دليل على أنهم ينازعون الخليفة عمله ومسئولياته، وينازعونه الأرض يسلبونها منه ويخضعونها لسلطانهم بدلا من سلطانه؟
وعن عرفجة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنه ستكون هَناتٌ وهنات، فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع، فاضربوه بالسيف كائنا من كان" رواه مسلم.
قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم: إذا بويع لخليفة بعد خليفة، فبيعة الأول صحيحة ويجب الوفاء بها، وبيعة الثاني باطلة، ويحرم الوفاء بها، ويحرم عليه طلبها وسواء عقدوا للثاني عالمين بعقد الأول، أم جاهلين، وسواء كانا في بلدين أو بلد، أو أحدهما في بلد الإمام المنفصل والآخر في غيره.... واتفق العلماء على أنه لا يجوز أن يعقد لخليفتين في عصر واحد سواء اتسعت دار الإسلام أم لا."
تأمل في قوله: وسواء كانا في بلدين أو بلد، يعني حتى لو سلمنا جدلا بأن نجدا في تلك الأزمنة لم تكن خاضعة خضوعا مباشرا لدولة الخلافة، فإنه يحرم بيعة خليفة فيها، وتأمل اتفاق العلماء على هذا ومع ذلك تجد من يحاول التبرير للوهابيين خروجهم على الخلافة!!
وأما بخصوص وجوب انضواء المسلمين تحت إمرة أمير المؤمنين، فقد روى الإمام مسلم في كتاب الجهاد والسير واللفظ له والترمذي وأبو داود وابن ماجه وأحمد والدارمي: «عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا ثُمَّ قَالَ اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا وَلَا تَغْدِرُوا وَلَا تَمْثُلُوا وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ أَوْ خِلَالٍ فَأَيَّتُهُنَّ مَا أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إِلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَلَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ فَإِنْ أَبَوْا أَنْ يَتَحَوَّلُوا مِنْهَا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ يَجْرِي عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللَّهِ الَّذِي يَجْرِي عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَكُونُ لَهُمْ فِي الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يُجَاهِدُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَسَلْهُمْ الْجِزْيَةَ فَإِنْ هُمْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوكَ أَنْ تَجْعَلَ لَهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ نَبِيِّهِ فَلَا تَجْعَلْ لَهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ وَلَا ذِمَّةَ نَبِيِّهِ وَلَكِنْ اجْعَلْ لَهُمْ ذِمَّتَكَ وَذِمَّةَ أَصْحَابِكَ فَإِنَّكُمْ أَنْ تُخْفِرُوا ذِمَمَكُمْ وَذِمَمَ أَصْحَابِكُمْ أَهْوَنُ مِنْ أَنْ تُخْفِرُوا ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ رَسُولِهِ وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوكَ أَنْ تُنْزِلَهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ فَلَا تُنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِكَ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي أَتُصِيبُ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِمْ أَمْ لَا"
وفي رواية أبي داود وأحمد: «ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إِلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ وَأَعْلِمْهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ أَنَّ لَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَأَنَّ عَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ فَإِنْ أَبَوْا وَاخْتَارُوا دَارَهُمْ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ"
ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يأمر بغزو كل بلد لا يخضع لسلطان المسلمين، وكان يقاتلهم قتال الحرب، سواء أكان أهلها مسلمين، أم كانوا غير مسلمين. بدليل نهيه عن قتل أهلها إذا كانوا مسلمين، روى الإمام البخاري في كتاب الأذان: «عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا غَزَا بِنَا قَوْمًا لَمْ يَكُنْ يَغْزُو بِنَا حَتَّى يُصْبِحَ وَيَنْظُرَ فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا كَفَّ عَنْهُمْ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ أَذَانًا أَغَارَ عَلَيْهِمْ»... وروى الإمام أحمد في مسند المكيين: «عَنْ رَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ يُقَالُ لَهُ ابْنُ عِصَامٍ عَنْ أَبِيهِ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا بَعَثَ السَّرِيَّةَ يَقُولُ إِذَا رَأَيْتُمْ مَسْجِدًا أَوْ سَمِعْتُمْ مُنَادِيًا فَلَا تَقْتُلُوا أَحَدًا»
والأذان والمسجد من شعائر الإسلام، مما يدل على أن كون البلاد يسكنها مسلمون لا يمنع من غزوها وقتالها قتال حرب. وهذا يعني أنها اعتُبرت دار حرب، أي دار كفر، لأنها وإن ظهرت فيها شعائر الإسلام، غير أنها لا تأمن بسلطان الرسول، أي بسلطان الإسلام وأمانه، فاعتبرت دار حرب، وغُزيت كأي دار حرب، حتى تخضع لسلطان الاسلام وتأمن بأمان المسلمين، وتنضم لجسم الدولة الإسلامية.
الخلاصة: إذن، فإن المسألة تزيد عن مسألة خروج محمد بن عبد الوهاب على الدولة، بأنه لم يحرص على أن ينضم لجسم الدولة الإسلامية، ونازع الخليفة سلطانه في أرض الله التي يجب أن تخضع لحكم خليفة واحد، وأمعن في تفتيت كلمة المسلمين وأراضيهم ونصب رئيسا آخر هو عبد العزيز بن محمد بن سعود ثم ولده سعودا، لا يخضع لسلطان الخليفة بل ينازعه الحكم في بقعة من العالم الإسلامي، بل ويثور عليه حتى تصل ثورته لحمص وحلب فهم لم يكتفوا بمبايعة أمير آخر يحكم في بقعة من بقاع العالم الإسلامي، بل إنهم زادوا بأن خرجوا على الخليفة في عقر داره! وسنأتي على تفصيل ذلك بعد قليل بإذن الله تعالى.
ثم إن وضعه شرعا أمام الدولة العثمانية هو وضع ولاية لا تخضع لسلطان الخليفة، فكان من حق الدولة العثمانية شرعا أن تحاربه وتخضعه لسلطانها، عملا بحديث سليمان بن بريدة رضي الله عنه الوارد أعلاه، فإن لم يخضع عبد العزيز وولده سعود من بعده للخليفة، وأقاما نفسيهما مقامه في بقعة من ديار المسلمين، وقعا في حديث رسول الله عليه سلام الله: فيما روى مسلم في كتاب الإمارة: "عَنْ عَرْفَجَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ أَوْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ فَاقْتُلُوهُ" وقوله عليه سلام الله المشار إليه سابقا: إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما.
قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه فيما جاء في سنن البيهقي: لا يحل أن يكون للمسلمين أميران، فإنه مهما يكن ذلك، يختلف أمرهم وأحكامهم وتتفرق جماعتهم ويتنازعوا فيما بينهم هنالك تترك السنة وتظهر البدعة وتعظم الفتنة، وليس لأحد على ذلك صلاح"
هذا ويجدر التنبيه إلى أن نصوص تحريم عقد الإمامة لشخصين مطلقة، تشمل كل الحالات، سواء كان التمثيل بأن تتباعد أقطار العالم الإسلامي ويصعب وصول السلطة إلى بعضها أو غيره، فالنصوص مطلقة تفيد الحرمة وتمنع الوفاء في بيعة الثاني، وتأمر بضرب عنقه كائنا من كان!
الفقرة الثانية من جواب موقع الإسلام سؤال وجواب:
ويقول الشيخ عبد العزيز العبد اللطيف: وبعد هذا التقرير الموجز الذي أبان ما كان عليه الشيخ من وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين برّهم وفاجرهم ما لم يأمروا بمعصية الله: فإننا نشير إلى مسألة مهمة جوابا عن تلك الشبهة فهناك سؤال مهم هو: هل كانت " نجد " موطن هذه الدعوة ومحل نشأتها تحت سيطرة دولة الخلافة العثمانية؟.
يجيب الدكتور صالح العبود على هذا فيقول:لم تشهد " نجد " على العموم نفوذا للدولة العثمانية فما امتد إليها سلطانها ولا أتى إليها ولاة عثمانيون ولا جابت خلال ديارها حامية تركية في الزمان الذي سبق ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ومما يدل على هذه الحقيقة التاريخية استقرار تقسيمات الدولة العثمانية الإدارية فمن خلال رسالة تركية عنوانها: " قوانين آل عثمان مضامين دفتر الديوان"، يعني : " قوانين آل عثمان في ما يتضمنه دفتر الديوان "، ألّفها يمين علي أفندي الذي كان أمينا للدفتر الخاقاني سنة 1018 هجرية الموافقة لسنة 1609م من خلال هذه الرسالة يتبين أنه منذ أوائل القرن الحادي عشر الهجري كانت دولة آل عثمان تنقسم إلى اثنتين وثلاثين ايالة منها أربع عشرة ايالة عربية وبلاد نجد ليست منها ما عدا الإحساء إن اعتبرناه من نجد" .عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأثرها في العالم الإسلامي " - غير منشور - ( 1 / 27)
ويقول الدكتور عبد الله العثيمين: ومهما يكن فإن " نجداً " لم تشهد نفوذاً مباشراً للعثمانيين عليها قبل ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب كما أنها لم تشهد نفوذاً قويّاً يفرض وجوده على سير الحوادث داخلها لأية جهة كانت فلا نفوذ بني جبر أو بني خالد في بعض جهاتها ولا نفوذ الأشراف في بعض جهاتها الأخرى أحدث نوعاً من الاستقرار السياسي فالحروب بين البلدان النجدية ظلت قائمة والصراع بين قبائلها المختلفة استمر حادّاً عنيفا.ً " محمد بن عبد الوهاب حياته وفكره " ( ص 11 ) بواسطة " دعاوى المناوئين " ( 234 - 235 )
واستكمالا لهذا المبحث نذكر جواب سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز على ذلك الاعتراض قال رحمه الله:لم يخرج الشيخ محمد بن عبد الوهاب على دولة الخلافة العثمانية فيما أعلم وأعتقد. فلم يكن في نجد رئاسة ولا إمارة للأتراك بل كانت نجد إمارات صغيرة وقرى متناثرة وعلى كل بلدة أو قرية -مهما صغرت -أمير مستقل... وهي إمارات بينها قتال وحروب ومشاجرات والشيخ محمد بن عبد الوهاب لم يخرج على دولة الخلافة وإنما خرج على أوضاع فاسدة في بلده فجاهد في الله حق جهاده وصابر وثابر حتى امتد نور هذه الدعوة إلى البلاد الأخرى" ندوة مسجلة على الأشرطة " بواسطة " دعاوى المناوئين " ( ص 237).
و قال الدكتور عجيل النشمي: ..... لم تحرك دولة الخلافة ساكنا ولم تبدر منها أية مبادرة امتعاض أو خلاف يذكر رغم توالي أربعة من سلاطين آل عثمان في حياة الشيخ. "مجلة المجتمع "( عدد 510)
انتهت الفقرة الثانية من جواب موقع الإسلام سؤال وجواب، ونقول تعقيبا عليها ما يلي:
ومرة أخرى نجد الجواب يتجاهل الأدلة الشرعية التي ينبغي أن يفهمها المجتهد والعالم بخصوص واقع التصرف إزاء دولة الخلافة الإسلامية، كما ونجد فيه أيضا تجاهلا تاما لخروج الوهابيين وآل سعود معهم على الدولة في عقر دارها، حتى وصلت حملاتهم لحمص كما سيأتي بعد قليل بإذن الله تعالى،
حين خرجت قبائل العرب على دولة الخلافة في بداية حكم الخليفة الراشد الأول أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ولم تخضع لحكمه وأبت أن تعطيه الزكاة بوصفه خليفة لرسول الله عليه صلاة الله وسلامه، حاربهم وسير إليهم الجيوش حتى أخضعهم لسلطانه، ولم يقر أيا منهم على خروجها عن سلطان دولة الإسلام، وتكوين دولة داخل الدولة!
فهل نقول بأن المجيبين أعلاه عن هذه المسألة، ممثلين بالدكتور صالح العبود، والشيخ العثيمين وغيرهما، يقولون بأن الحكم الشرعي فيمن وجد نفسه بعيدا عن تقسيمات الدولة الإسلامية الإدارية أن يستقل بنفسه ويقيم سلطانا آخر ويبرر لنفسه توسيع هذا السلطان ليدخل فيه حتى الولايات الخاضعة حالا وقوة للدولة مثل الشام والعراق ومكة والمدينة وغيرها لسلطانه هو فيقيم دولة دون الدولة؟ ولا يسمى كل هذا منازعة أهل الأمر أمرهم؟
ثم هب جدلا بأن نجدا لم تكن تشهد حاميات لدولة الخلافة، فهل يُعرف الخضوع لسلطان الخلافة بوجود حاميات أو بوجود نفوذ يفرض سيره على الحوادث صغيرها وكبيرها، وذلك أن الدولة الإسلامية كانت تعاني من الضعف، وليس الضعف بمبرر شرعي للخروج، وإنما الواجب الصحيح هو العمل على تقوية أركانها، وتوعية الناس في تلك الأصقاع والقرى الصغيرة بوجوب الخضوع للدولة القائمة، وإلا فهل نبرر للخوارج الصُّفَريَّةِ مثلا خروجهم على دولة الخلافة الأموية في المغرب لضعف اتصال تلك القبائل بالشام، ونبرر خروج كل دويلة تستقل بحاكمها فنشتت الأمة الإسلامية ونوهن قوتها؟
ثم إنه ليس من الضروري أن تشمل سلطة الخليفة ورعايته للمناطق النائية بصورة مباشرة حتى يصدق عليها أنها تحت سلطة الخليفة، بل يصدق عليها أنها تحت سلطة الخليفة ولو كانت لا تصل إليها تلك السلطة إلا عن طريق غير مباشر، أي عن طريق الولاة والأمراء الذين يبعثهم الخليفة لتلك المناطق، ويعطيهم حق التصرف في رعاية الشُؤون في مناطقهم بحسب النظام الذي تقوم عليه الدولة، وقد رفض عمر بن الخطاب رضي الله عنه من الولاة والأمراء أن يرجعوا إليه في كل صغيرة وكبيرة، وذكر لهم أن الشاهد يرى ما لا يراه الغائب.
والواقع أن سلطة الدولة كانت تعم كل المناطق المحيطة بنجد، ولئن لم تصل مباشرة إلى تلك القبائل في مواطنها النائية، فإنها وصلت إلى الحواضر القريبة منها، فكان الأصل أن يرجع أهل تلك البوادي إلى أقرب أمير مكلف من قبل الخليفة برعاية شُؤونهم فيما يخص أمورهم ليقوم برعايتها، أي كان عليهم أن ينضموا إلى دار المهاجرين كما أمر المصطفى عليه سلام الله وصلاته في حديث سليمان بن بريدة المذكور أعلاه.
إلا أن الأمر الثابت أن آل سعود ومن ورائهم الوهابيون قد خرجوا أيضا في بقع أشد التصاقا وخضوعا لدولة الخلافة، وإليك شيئا من التفصيل: جاء في كتاب كيف هدمت الخلافة، للعلامة الشيخ عبد القديم زلوم رحمه الله تعالى رحمة واسعة: "وكان قد وُجد للوهابيين كيان داخل الدولة الإسلامية بزعامة محمد بن سعود، ثم ابنه عبد العزيز، فأمدَّتهْم إنجلترا بالسلاح والمال، واندفعوا على أساس مذهبي للاستيلاء على البلاد الإسلامية الخاضعة لسلطان الخلافة، أي رفعوا السيف في وجه الخليفة، وقاتلوا الجيش الإسلامي جيش أمير المؤمنين بتحريض من الإنجليز وإمداد منهم. وذلك لأخذ البلاد من الخليفة وحكمها حسب مذهبهم، وإزالة ما أحدثته المذاهب الإسلامية الأخرى غير مذهبهم بالقوة وحدِّ السيف. فأغاروا على الكويت سنة 1788 واحتلوها، ثم واصلوا تقدمهم إلى الشمال حتى حاصروا بغداد، وكانوا يريدون الاستيلاء على كربلاء، وعلى قبر الحسين رضي الله عنه لهدمه ومنع زيارته. ثم في نيسان سنة 1803 شنّوا هجوماً على مكة واحتلوها، وفي ربيع سنة 1804 سقطت المدينة المنورة في أيديهم، فخربوا القباب الضخمة التي تظلّل قبر الرسول، وجرّدوها من جميع النفائس. وبعد أن انتهوا من الاستيلاء على الحجاز كله ساروا نحو الشام، وقاربوا حمص. وفي سنة 1810 هاجموا دمشق كرّة أخرى كما هاجموا النجف. وقد دافعت دمشق عن نفسها دفاعاً مجيداً. ولكن الوهابيين مع محاصرتهم لدمشق انطلقوا نحو الشمال وبسطوا سلطانهم على أكثر أراضي سورية حتى حلب." انتهى
فهل يقال بأن دمشق وبغداد وحلب وغيرها من تلك البقاع لم تكن خاضعة لسلطان الدولة، وأن هذا لا يسمى خروجا على دولة الخلافة وهدما لها وتقويضا لأركانها وتفتيتا لبنيانها؟
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن ما الحكم الشرعي فيمن يقوم بمثل هذا البغي؟
يقول الرسول الكريم عليه سلام الله وصلاته فيما رواه الإمام مسلم في صحيحه في كتاب الإمارة: "عَنْ عَرْفَجَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ أَوْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ فَاقْتُلُوهُ"
فلا بارك الله في تلك الحملات التي قامت من أجل شق عصا المسلمين وتفريق جماعتهم ونزع يدهم من طاعة خليفتهم المبايع على السمع والطاعة.
إذن: فإن تصوير الأمر على أن الوهابيين والسعوديين إنما أقاموا دولة لم تنازع الخلافة شيئا، وأنهم أقاموها في بقعة لم تكن خاضعة تماما لدولة الخلافة، تصوير يشوه الحقيقة ويقلب لها ظهر المجن، ويغض الطرف عن الحملات العسكرية التي قاموا بها لتفتيت تلك الدولة، وتقطيع أوصالها، وتفريق جماعة المسلمين.
الفقرة الثالثة من جواب موقع الإسلام سؤال وجواب:
إذا كان ما سبق يعكس تصور الشيخ لدولة الخلافة فكيف كانت صورة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب لدى دولة الخلافة؟
يقول د.النشمي مجيباً على هذا السؤال: لقد كانت صورة حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب لدى دولة الخلافة صورة قد بلغت من التشويه والتشويش مداه فلم تطلع دولة الخلافة إلا على الوجه المعادي لحركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب سواء عن طريق التقارير التي يرسلها ولاتها في الحجاز أو بغداد أو غيرهما ..أو عن طريق بعض الأفراد الذين يصلون إلى الأستانة يحملون الأخبار.
" المجتمع " ( عدد 504 ) بواسطة " دعاوى المناوئين " ( ص 238 - 239 )
انتهت الفقرة الثالثة
وهذا أيضا تشويه للحقائق، فهل كانت دولة الخلافة جاهلة بحملات تصل إلى بغداد ودمشق وحلب، وتنتظر تقارير تصلها من مسافرين يشوهون الحقائق؟
الفقرة الرابعة والأخيرة من جواب موقع الإسلام سؤال وجواب:
وأما دعوى " زلوم " أن دعوة الشيخ أحد أسباب سقوط الخلافة وأن الإنكليز ساعدوا الوهابيين على إسقاطها: فيقول محمود مهدي الاستانبولي جوابا على هذه الدعوى العريضة: قد كان من واجب هذا الكاتب أن يدعم رأيه بأدلة وإثباتات وقديما قال الشاعر:
وإذا الدعاوى لم تقم بدليلها بالنص فهي على السفاه دليل
مع العلم أن التاريخ يذكر أن هؤلاء الإنكليز وقفوا ضد هذه الدعوة منذ قيامها خشية يقظة العالم الإسلامي . " الشيخ محمد عبد الوهاب في مرآة الشرق والغرب " ( ص 240 )
ويقول: والغريب المضحك المبكي أن يتهم هذا الأستاذ حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب بأنها من عوامل هدم الخلافة العثمانية مع العلم أن هذه الحركة قامت حوالي عام 1811 م وأن الخلافة هدمت حوالي 1922 م. " المرجع السابق " ( ص 64 )
ومما يدل على أن الإنكليز ضد الحركة الوهابية أنهم أرسلوا الكابتن فورستر سادلير ليهنئ إبراهيم باشا على النجاح الذي حققه ضد الوهابيين- إبان حرب إبراهيم باشا للدرعية - وليؤكد له أيضا مدى ميله إلى التعاون مع الحركة البريطانية لتخفيض ما أسموه بأعمال القرصنة الوهابية في الخليج العربي.
بل صرحت هذه الرسالة بالرغبة في إقامة الاتفاق بين الحكومة البريطانية وبين إبراهيم باشا بهدف سحق نفوذ الوهابيين بشكل كامل.
ويقول الشيخ محمد بن منظور النعماني: لقد استغل الإنجليز الوضع المعاكس في الهند للشيح محمد بن عبد الوهاب ورموا كل من عارضهم ووقف في طريقهم ورأوه خطرا على كيانهم بالوهابية ودعوهم وهابيين . وكذلك دعا الإنجليز علماء ديوبند - في الهند - بالوهابيين من أجل معارضتهم السافرة للإنجليز وتضييقهم الخناق عليهم . " دعايات مكثفة ضد الشيخ محمد عبد الوهاب " ( ص 105 - 106 )
وبهذه النقول المتنوعة ينكشف زيف هذه الشبهة وتهافتها أمام البراهين العلمية الواضحة من رسائل الشيخ الإمام ومؤلفاته كما يظهر زيف الشبهة أمام الحقائق التاريخية التي كتبها المنصفون.
" دعاوى المناوئين " ( 239 ، 240 )
وأخيرا ننصح كل من أطال لسانه بحق الشيخ أن يكفه عنه وأن يتقي الله تعالى في أمره كله عسى الله تعالى أن يتوب عليه وأن يهديه سواء السبيل.
انتهت الفقرة وانتهى جواب الموقع
يقول الإمام العلامة الشيخ عبد القديم زلوم رحمه الله تعالى رحمة واسعة في كتابه الراقي: كيف هدمت الخلافة: وكان معروفاً أن هذه الحملة الوهابية عمل إنجليزي، لأن آل سعود عملاء للإنجليز، وقد استغلوا المذهب الوهابي - وهو من المذاهب الإسلامية، وصاحبه الإمام محمد بن عبد الوهاب مجتهد من المجتهدين - استغلوا هذا المذهب في أعمال سياسية لضرب الدولة الإسلامية، والاصطدام مع المذاهب الأخرى، لإثارة حروب مذهبية داخل الدولة العثمانية، دون أن يدرك ذلك أتباع هذا المذهب، ولكن عن إدراك ووعي من الأمير السعودي ومن السعوديين. لأن العلاقة لم تكن بين الإنجليز وصاحب المذهب محمد بن عبد الوهاب، وإنما كانت بين الإنجليز وعبد العزيز بن محمد بن سعود ثم بينهم وبين ابنه سعود.
ويقول: فقد قام عبد العزيز في سنة 1788 بتجهيز حملة عسكرية ضخمة وهاجم الكويت وفتحها واستولى عليها. وكان الإنجليز يحاولون أخذ الكويت من الدولة العثمانية ولكنهم لم يستطيعوا ذلك. فقد كانت الدول الأخرى مثل ألمانيا وروسيا وفرنسا تقف في وجههم، وكانت دولة الخلافة تقاومهم. فكان فصل الكويت عن الدولة العثمانية ثم التقدم إلى الشمال لحمايتها لافتاً لنظر الدول الكبرى مثل روسيا وألمانيا وفرنسا، ولافتاً نظر الدولة العثمانية.
كانت عمولة آل سعود للإنجليز وولاؤهم لهم أمراً معروفاً لدى دولة الخلافة ولدى الدول الأخرى كألمانيا وفرنسا وروسيا، وكان معروفاً أنهم يُسيَّرون من قِبَل الإنجليز، وكان الإنجليز أنفسهم لا يُخْفُون وقوفهم إلى جانب السعوديين دَوْلياً، أضف إلى ذلك الأسلحة الكثيرة والعتاد الكبير الذي وصل إليهم عن طريق الهند، والأموال التي تحتاج إليها الحرب ويحتاج إليها تجهيز الجيوش لم تكن إلاّ أسلحة الإنجليز وأموالهم، ولهذا فإن الدول الأوروبية ولا سيما فرنسا كانت ضد حملة الوهابيين هذه باعتبارها حملة إنجليزية. وقد حاولت دولة الخلافة ضرب الوهابيين فلم تستطع صدّهم، وعجز ولاتها في المدينة وبغداد ودمشق أن يقفوا في وجههم، فطلبت إلى واليها في مصر محمد علي أن يُجرِّد جيشاً عليهم، فَتَلكَّأ في أولِ الأمر. ولكنه وقد كان عميلاً لفرنسا، لأنها هي التي ساعدته في قيامه بالانقلاب في مصر واستيلائه على الحكم، ثم حملت الخلافة على الاعتراف به، فإنه بناءً على موافقة فرنسا وتحريضها لبَّى أمر السلطان سنة 1811، فأرسل ابنه طوسون لمحاربتهم، ودارت معارك عديدة بينهم وبين جيش مصر، وتمكن جيش مصر سنة 1812 من فتح المدينة. ثم في آب سنة 1816 أرسل ابنه إبراهيم من القاهرة فَسحَقَ الوهابيين سَحْقاً حتى تراجعوا إلى عاصمتهم الدِّرْعِيّة وتحصنوا فيها، فحاصرهم إبراهيم في نيسان سنة 1818 طوال الصيف. وفي 9 أيلول سنة 1818 استسلم الوهابيون، ودَكّت جيوش إبراهيم الدِّرْعِيّة دَكاً، حتى يقال: إنه حرثها بالمحراث حتى لا يبقى لها أثر. وبذلك انتهت محاولة الإنجليز.
ورد في موسوعة مقاتل من الصحراء: "علاقات الدولة السعودية بالشام"
تشير المصادر النجدية، إلى أن الإمام عبد العزيز بن محمد، أمر بعض قواته، سنة 1208هـ/1793م، بالتوجه إلى دومة الجندل، على أطراف الشام، ومنازلة أهلها؛ وقد يكون ذلك من قبيل الاستطلاع لقوة الولاة العثمانيين في الشام. وفي عام 1212 هـ/1797م، قاد حجيلان بن حمد، أمير القصيم، جيشاً من أهل القصيم، فأغار على بوادي الشرارات، وقتل عدداً من رجالهم، وسلب كثيراً من أموالهم ومتاعهم.
وتمكنت هذه الحملات من نشر مبادئ الدعوة الإصلاحية، في المنطقة، وأخذ الزكاة من سكانها. ووصلت، من بوادي أهل الشام، في عام 1218هـ، ست نجائب، محملة بالريالات. ويفهم من ذلك أن أهل بوادي الشام أصبح ولاؤهم السياسي والديني للدرعية، وليس لولاة الشام.
وعندما شمل النفوذ السعودي بلاد الحجاز، أصبحت في وضع، جعلها على احتكاك مباشر بالسلطة العثمانية. وكانت بداية تحدي الدولة السعودية لوالي الشام، عام 1221هـ/1806م، حينما منع الإمام سعود بن عبد العزيز. أمير الحج الشامي، عبد الله باشا العظم، من الوصول إلى الحرمَين، للحج، بالمحمل، ترافقه الطبول والمزامير. وكادت تقع اصطدامات بين الجند السعوديين وجند عبد الله باشا العظم، الذي لم يكن في موقف عسكري، يسمح له بمقابلة السعوديين. وعلى أثر ذلك، عزل السلطان سليم الثالث، عبد الله باشا العظم، عن منصبه، بسبب تقاعسه عن مواجهة القوات السعودية، ورجوعه بالحجاج، بناء على أمر من الإمام سعود. وعين بدلاً منه يوسف باشا كنج. وأصدر السلطان أوامره المشددة إلى يوسف باشا كنج، بضرورة محاربة السعوديين. إلا أنه لم يقم بأي عمل إيجابي، وانصرف إلى جمع الأموال لنفسه ومماطلة الدولة. واكتفى، في رده على السلطان، بإرسال الخطط الحربية، التي كان يراها كفيلة بتحقيق رغبة السلطان. كما أن يوسف كنج، كان قد اقترح أن تشترك معه ولايتا مصر وبغداد، في إعداد الحملات، للقيام بالمهمة الموكلة إليه.
وفي تلك الأثناء، قام الإمام سعود بحملة عسكرية ضد الشام. وتمكن من الوصول إلى ما وراء جبل الشيخ. وتنقلت قوات السعوديين في سهل حوران، وهاجمت حصن المزيريب وبصرى.
كاتب الإمام سعود ولاة الشام، ودعا سكانها إلى الدخول في الطاعة، واعتناق مبادئ الدعوة السلفية (انظر ملحق نماذج من رسائل الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود والرد عليها). وانسحبت قواته من الشام محملة بالغنائم. وأصدر السلطان محمود الثاني أوامره بعزل يوسف كنج، لعدم كفاءته. وعين سليمان باشا، والياً على الشام. وطلب منه الاتصال بوالي مصر، محمد علي باشا، لتنسيق جهودهما ضد الدرعية.
إلا أن سليمان باشا، ومحمد علي باشا، لم يكونا على وفاق. لذا، اتجهت الدولة بأنظارها إلى والي مصر لتحقيق هدفها". انتهى
السؤال الذي نريد توجيهه لهؤلاء السادة المجيبين في هذا الموقع: من أين لبعض قبائل الصحراء المال والعتاد الذي تستطيع به ومعه أن تصل بحملاتها إلى تلك البقاع النائية عن مواقعها في نجد، وتحتل ما كانت الدول الكبرى تتصارع عليه، وتستعصي على ولاة الدولة العثمانية حتى تضطرهم للاستنجاد بوالي مصر ليواجه قواتهم المسلحة فيغزوهم ويقضي على تلك البؤرة التي أمعنت في شق عصا الطاعة وشق جماعة المسلمين وتفريق كلمتهم، لم يكن البترول يومها مكتشفا ليمول تلك الحملات، ولا كانت مصانع السيوف والدروع قائمة على سوقها في نجد لتصلح لتسليح جيش بقدرة شن حملات قوية في الشرق والغرب والشمال والجنوب! إنها ولا شك أصابع الإنجليز!!
كتب أمين الريحاني في كتابه (ملوك العرب) صفحة 56 عن عبد العزيز آل سعود قوله: (يظن الناس أننا نقبض من الانكليز مبالغ كبيرة من المال، والحقيقة أن الانكليز لم يدفعوا لنا إلا اليسير مما نستحقه للأعمال التي قمنا بها لهم أثناء الحرب وبعدها، ونحن بيننا وبينهم عهد نحافظ عليه ولو تضررنا في أنفسنا ومصالحنا.. الانكليز مدينون لنا ونحن لا نطلب غير ما كان لآبائنا وأجدادنا من قبلنا. ليعلم ذلك أصحابنا الانكليز). هذا وقد اعترف الأمير طلال بن عبد العزيز بهذه الأعطيات في مقابلة معه في الجزيرة في برنامج شاهد على العصر.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
عثمان بخاش
مدير المكتب الإعلامي المركزي
لحزب التحرير
المصدر