Kesesatan Hizbut Tahrir (1): Tidak Ada Takdir
Kesesatan Hizbut Tahrir (1): Tidak percaya takdir (qadha dan qadar). Perbuatan manusia itu buatan manusia sendiri, bukan ditentukan Allah Taqiuddin An-Nabhani dalam kitab Al-Syakhshiyah Al-Islamiyah 1/71-72 menyatakan: "Perbuatan manusia tidak ada hubungannya dengan takdir (qadha). Karena manusia adalah yang yang melakukan perbuatannya dengan kemauan dan pilihannya. Karena itulah, maka perbuatan yang bersifat opsional (ikhtiyariah) tidak termasuk ke dalam qadha." Dalam kitab yang sama (hlm. 1/22), ia menyatakan: "Mengaitkan pahala atau siksa dengan petunjuk dan kesesatan menunjukkan bahwa hidayah dan kesesatan itu bagian dari perbuatan manusia dan bukan dari Allah." Pernyataan ini juga terdapat dalam kitab An-Nabhani berjudul Nizham Al-Islam, hlm. 22.
Kesesatan Hizbut Tahrir (1): Tidak percaya takdir (qadha dan qadar). Perbuatan manusia itu buatan manusia sendiri, bukan ditentukan Allah
Taqiuddin An-Nabhani dalam kitab Al-Syakhshiyah Al-Islamiyah 1/71-72 menyatakan: "Perbuatan manusia tidak ada hubungannya dengan takdir (qadha). Karena manusia adalah yang yang melakukan perbuatannya dengan kemauan dan pilihannya. Karena itulah, maka perbuatan yang bersifat opsional (ikhtiyariah) tidak termasuk ke dalam qadha." Dalam kitab yang sama (hlm. 1/22), ia menyatakan: "Mengaitkan pahala atau siksa dengan petunjuk dan kesesatan menunjukkan bahwa hidayah dan kesesatan itu bagian dari perbuatan manusia dan bukan dari Allah." Pernyataan ini juga terdapat dalam kitab An-Nabhani berjudul Nizham Al-Islam, hlm. 22.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد، وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين وبعد:
فإنه ظهرت جماعة من الناس يسمون «حزب التحرير» يحرّفون دين الله، وينشرون الأباطيل، ويثيرون الخلافات التي لا معنى لها. وقد أسس هذا الحزب رجل يسمى تقي الدين النبهاني ادعى الاجتهاد وخاض في الدين بجهل، فوقع في التحريف والتكذيب لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وخرق الإجماع في مسائل من أصول الدين وفروعه.
فقيامًا منَّا بالواجب الذي افترضه الله علينا وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونصح المسلمين وتحذيرهم من هذا الحزب وأقواله كتبنا هذه الأوراق على وجه الاختصار ذاكرين أقوالهم ومفندين ءاراءهم، محتجين عليهم بالكتاب والسنة وإجماع الأمة وأقوال العلماء فإن التحذير من أهل الضلال أمر واجب، فكما أن التحذير ممن يغش المسلمين في السلع واجب، فالتحذير ممن يدسّ في الدين ويحرفه ويفتري على الله ورسوله واجب من باب أولى، قال الله تعالى: {ولتكُنْ منكُم أمَّةٌ يدعونَ إلى الخيرِ ويأمرونَ بالمعروفِ وينهَونَ عن المنكرِ} [سورة ءال عمران/104]، وقال أبو علي الدقاق: «الساكت عن الحق شيطان أخرس».
يقول زعيمهم تقي الدين النبهاني في كتابه المسمى الشخصية الإسلامية (الجزء الأول: القسم الأول ص/71 ـ 72) ما نصه: «وهذه الأفعال ـ أي أفعال الإنسان ـ لا دخل لها بالقضاء ولا دخل للقضاء بها، لأن الإنسان هو الذي قام بها بإرادته واختياره، وعلى ذلك فإن الأفعال الاختيارية لا تدخل تحت القضاء» اهـ، ويقول في نفس الكتاب (الجزء الأول: القسم الأول: ص/74) ما نصه: «فتعليق المثوبة أو العقوبة بالهدى والضلال يدل على أن الهداية والضلال هما من فعل الإنسان وليسا من الله» ا.هـ، وكذا يذكر في كتابه المسمى بـ: «نظام الإسلام» (ص 22).
الرد: هذا الكلام مخالف للقرءان والحديث وصريح العقل. فأما القرءان فقد قال الله تعالى: {وخلَقَ كلَّ شىءٍ فقدَّرَه تقديرًا} [سورة الفرقان/2]، وقال:{واللهُ خلقكم وما تعملون} [سورة الصافات/96]، وقال:{إنَّا كلَّ شىءٍ خلقناه بقدَر} [سورة القمر/49]، والشىء هنا شامل لكل ما يدخل في الوجود من أجسام وحركات العباد وسكونهم، ما كان منها اختياريًّا وما كان منها اضطراريًّا، والأفعال الاختيارية أكثر بكثير من غير الاختيارية. فلو كان كل فعل اختياري من العباد بخلق العبد لكان ما يخلقه العبد من أعماله أكثر مما يخلقه الله من أعمال العباد، والشىء معناه في اللغة الموجود، وهذه الأعمال أعمال الإنسان الاختيارية موجودة.
فثبت أن قول النبهاني هو ردّ للنصوص القرءانية والحديثيَّة، قال الله تعالى:{فمن يهدي من أضلَّ اللهُ} [سورة الروم/29]، وقال تعالى إخبارًا عن موسى :{إن هي إلاَّ فتنتُك تضِلُّ بها من تشآءُ} [سورة الأعراف/155]، وقال تعالى :{إنَّك لا تهدي من أحببْتَ ولكنَّ اللهَ يهدي من يشآءُ} [سورة القصص/56]، أي لا يخلق الاهتداء في قلوب العباد إلا الله. وفي قوله تعالى :{تُضِلّ بها مَن تشآءُ وتهدي من تشآءُ} تصريح ظاهر بأن الله هو الذي يخلق الاهتداء في قلوب من شاء أن يهديهم، والضلالة في قلوب من شاء أن يضلهم، ولا معنى في اللغة لقوله تعالى :{تضِلُّ بها من تشآءُ} إلا أن الله يخلق الضلالة في قلب من يشاء، وأنه يخلق الاهتداء في قلب من يشاء هو أي الله، لأن الضمير في قوله :{تُضِلُّ} وقوله :{تشآءُ} لا مرجع له إلا إلى الله، ولا يحتمل إرجاعه إلى العبد. فما ذهب إليه حزب التحرير معارضةٌ ظاهرة لكتاب الله.
وكلام زعيمهم مخالف أيضًا لقوله تعالى :{ونُقلّبُ أفئِدتَهم وأبصارَهُم} [سورة الأنعام/110]، فقد أخبر الله في هذه الآية بأن عمل العبد القلبي وعمله الذي يعمله بجوارحه من فعل الله تعالى فهل لهم من جواب على هذه الآية؟!.
وقال تعالى:{وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ} [سورة البقرة/102]، أي إلا بمشيئته، لأن الإذن هنا لا يصح تفسيره بالأمر لأن الله لا يأمر بالفحشاء، فتعين تفسيره هنا بالمشيئة، والسحر من الأفعال الاختيارية.
وقال تعالى :{وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِ اللهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ اللهِ} [سورة النساء/78]، وقال :{وحِيل بينهم وبين ما يشتهون} [سورة سبأ/54]، وقال :{إِن كَانَ اللهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ} [سورة الأنعام/34] وقال :{كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ} [سورة البقرة/108]، وقال: {خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} [سورة النساء/7] وقال :{بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ} [سورة يونس/155]، وقال :{وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ} [سورة التكوير/100]، وقال :{وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَاء اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [سورة السجدة/29]، وقال:{وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} [سورة السجدة/13] وقال :{حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ} [سورة الحجرات/7]، إلى سائر ما ورد في كتاب الله عزَّ وجلَّ في هذا المعنى من أن الله عزَّ وجلَّ هو المعطي بمنّه وفضله من يشاء من عبيده الإيمان وهو محببه إليه ومزيّنه في قلبه وهاديه إلى الصراط المستقيم، وأن الله ختم على قلوب بعض عباده، وأن أحدًا لا يستطيع أن يعمل غير ما كتب له، وأنه لا يملك لنفسه وغيره نفعًا ولا ضرًّا إلا ما شاء الله، وأن أفعال العباد كلها تقع بمشيئة الله جلَّ ثناؤه وإرادته، وأنه لا يقع لبشر قول ولا عمل ولا نية إلا بمشيئته تعالى وإرادته.
وأما مخالفته للحديث فقد روى مسلم في صحيحه والبيهقي وغيرهما(أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب القدر: باب كل شىء بقدر، والبيهقي في «الاعتقاد» (ص/86)، وأحمد في مسنده (2/110)) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«كل شىء بقدر حتى العجز والكيس»، والعجز: البلادة، والكيس: الذكاء، وقال صلى الله عليه وسلم :«إن الله صانع كل صانع وصنعته» رواه الحاكم من حديث حذيفة(أخرجه الحاكم في المستدرك (1/31 ـ 32) )، وقال :«القدرية مجوس هذه الأمة إن مرضوا فلا تعودوهم، وإن ماتوا فلا تشهدوهم» رواه أبو داود ( أخرجه أبو داود في سننه: كتاب السنة: باب في القدر) في سننه والبيهقي في كتابه القدر(أخرجه البيهقي في كتابه «القضاء والقدر» (13ق/أ))، وقال صلى الله عليه وسلم :«ستة لعنتهم ولعنهم الله وكل نبي مجاب: الزائد في كتاب الله، والمكذب بقدر الله...» الحديثَ(أخرجه الترمذي في سننه: كتاب القدر: باب (17)، والطبراني في «المعجم الكبير» (3/127)، والحاكم في «المستدرك» (1/36) وصححه ووافقه الذهبي على تصحيحه، وابن حبان في صحيحه انظر «الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان» (7/501) كلهم عن عائشة رضي الله عنها، قال الحافظ الهيثمي في «مجمع الزوائد» (1/176): «رواه الطبراني في الكبير وفيه عبيد الله بن عبد الرحمــن بن موهب، قال يعقوب بن شيبة: فيه ضعف. وضعّفه يحيى بن معين في رواية ووثقه في أخرى، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، ووثقه ابن حبان، وبقية رجاله رجال الصحيح» اهـ).
وخالف أيضًا الحديث الذي أخرجه ابن جرير الطبري في كتابه تهذيب الآثار وصححه(تهذيب الآثار (2/653 ـ 654)) وهو قوله عليه الصلاة والسلام :«صنفان من أمتي لا نصيب لهما في الإسلام: القدرية، والمرجئة»، فهذا الحديث صريح في تكفير أهل القدر القائلين بأن العبد هو الذي يخلق أعماله بإرادته وتقديره كهذه الفرقة، فهم بهذه المقالة جردوا أنفسهم من الإسلام وانسلخوا منه كما تنسلخ الحية من جلدها.
وخالف أيضًا حديث مسلم(أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب القدر: باب كيفية الخلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه وأجله وعمله وشقاوته وسعادته) عن أبي الأسود الدؤلي قال: قال لي عمران بن الحصين: أرأيتَ ما يعمل الناس اليوم ويكدحون أشىء قُضي عليهم ومضى عليهم من قَدرٍ قد سبق أو فيما يُستقبلون به مما أتاهم به نبيُّهم وثبتت الحجة عليهم؟ فقلت: بل شىء قُضي عليهم ومضى عليهم، قال: فقال: أفلا يكون ظلمًا؟، قال: ففزعتُ من ذلك فزعًا شديدًا وقلتُ: كل شىء خلقُ الله ومِلك يده فلا يُسأل عما يفعل وهم يسئلون، فقال لي: يرحمك الله إني لم أُرد بما سألتُكَ إلا لأحزرَ عقلك، إن رجلين من مُزَيْنَة أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالا: يا رسول الله أرأيت ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه أشىء قضي عليهم ومضى فيهم من قدرٍ قد سبق أو فيما يُستقبلون به مما أتاهم به نبيُّهم وثبتت الحجة عليهم؟ فقال:«لا بل شىء قُضي عليهم ومضى فيهم»، وتصديقُ ذلك في كتاب الله عزَّ وجلَّ:{ونفسٍ وما سوَّاها * فألهمها فُجورَها وتقواها} [سورة الشمس/8.7] اهـ.
المصدر
Taqiuddin An-Nabhani dalam kitab Al-Syakhshiyah Al-Islamiyah 1/71-72 menyatakan: "Perbuatan manusia tidak ada hubungannya dengan takdir (qadha). Karena manusia adalah yang yang melakukan perbuatannya dengan kemauan dan pilihannya. Karena itulah, maka perbuatan yang bersifat opsional (ikhtiyariah) tidak termasuk ke dalam qadha." Dalam kitab yang sama (hlm. 1/22), ia menyatakan: "Mengaitkan pahala atau siksa dengan petunjuk dan kesesatan menunjukkan bahwa hidayah dan kesesatan itu bagian dari perbuatan manusia dan bukan dari Allah." Pernyataan ini juga terdapat dalam kitab An-Nabhani berjudul Nizham Al-Islam, hlm. 22.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد، وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين وبعد:
فإنه ظهرت جماعة من الناس يسمون «حزب التحرير» يحرّفون دين الله، وينشرون الأباطيل، ويثيرون الخلافات التي لا معنى لها. وقد أسس هذا الحزب رجل يسمى تقي الدين النبهاني ادعى الاجتهاد وخاض في الدين بجهل، فوقع في التحريف والتكذيب لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وخرق الإجماع في مسائل من أصول الدين وفروعه.
فقيامًا منَّا بالواجب الذي افترضه الله علينا وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونصح المسلمين وتحذيرهم من هذا الحزب وأقواله كتبنا هذه الأوراق على وجه الاختصار ذاكرين أقوالهم ومفندين ءاراءهم، محتجين عليهم بالكتاب والسنة وإجماع الأمة وأقوال العلماء فإن التحذير من أهل الضلال أمر واجب، فكما أن التحذير ممن يغش المسلمين في السلع واجب، فالتحذير ممن يدسّ في الدين ويحرفه ويفتري على الله ورسوله واجب من باب أولى، قال الله تعالى: {ولتكُنْ منكُم أمَّةٌ يدعونَ إلى الخيرِ ويأمرونَ بالمعروفِ وينهَونَ عن المنكرِ} [سورة ءال عمران/104]، وقال أبو علي الدقاق: «الساكت عن الحق شيطان أخرس».
يقول زعيمهم تقي الدين النبهاني في كتابه المسمى الشخصية الإسلامية (الجزء الأول: القسم الأول ص/71 ـ 72) ما نصه: «وهذه الأفعال ـ أي أفعال الإنسان ـ لا دخل لها بالقضاء ولا دخل للقضاء بها، لأن الإنسان هو الذي قام بها بإرادته واختياره، وعلى ذلك فإن الأفعال الاختيارية لا تدخل تحت القضاء» اهـ، ويقول في نفس الكتاب (الجزء الأول: القسم الأول: ص/74) ما نصه: «فتعليق المثوبة أو العقوبة بالهدى والضلال يدل على أن الهداية والضلال هما من فعل الإنسان وليسا من الله» ا.هـ، وكذا يذكر في كتابه المسمى بـ: «نظام الإسلام» (ص 22).
الرد: هذا الكلام مخالف للقرءان والحديث وصريح العقل. فأما القرءان فقد قال الله تعالى: {وخلَقَ كلَّ شىءٍ فقدَّرَه تقديرًا} [سورة الفرقان/2]، وقال:{واللهُ خلقكم وما تعملون} [سورة الصافات/96]، وقال:{إنَّا كلَّ شىءٍ خلقناه بقدَر} [سورة القمر/49]، والشىء هنا شامل لكل ما يدخل في الوجود من أجسام وحركات العباد وسكونهم، ما كان منها اختياريًّا وما كان منها اضطراريًّا، والأفعال الاختيارية أكثر بكثير من غير الاختيارية. فلو كان كل فعل اختياري من العباد بخلق العبد لكان ما يخلقه العبد من أعماله أكثر مما يخلقه الله من أعمال العباد، والشىء معناه في اللغة الموجود، وهذه الأعمال أعمال الإنسان الاختيارية موجودة.
فثبت أن قول النبهاني هو ردّ للنصوص القرءانية والحديثيَّة، قال الله تعالى:{فمن يهدي من أضلَّ اللهُ} [سورة الروم/29]، وقال تعالى إخبارًا عن موسى :{إن هي إلاَّ فتنتُك تضِلُّ بها من تشآءُ} [سورة الأعراف/155]، وقال تعالى :{إنَّك لا تهدي من أحببْتَ ولكنَّ اللهَ يهدي من يشآءُ} [سورة القصص/56]، أي لا يخلق الاهتداء في قلوب العباد إلا الله. وفي قوله تعالى :{تُضِلّ بها مَن تشآءُ وتهدي من تشآءُ} تصريح ظاهر بأن الله هو الذي يخلق الاهتداء في قلوب من شاء أن يهديهم، والضلالة في قلوب من شاء أن يضلهم، ولا معنى في اللغة لقوله تعالى :{تضِلُّ بها من تشآءُ} إلا أن الله يخلق الضلالة في قلب من يشاء، وأنه يخلق الاهتداء في قلب من يشاء هو أي الله، لأن الضمير في قوله :{تُضِلُّ} وقوله :{تشآءُ} لا مرجع له إلا إلى الله، ولا يحتمل إرجاعه إلى العبد. فما ذهب إليه حزب التحرير معارضةٌ ظاهرة لكتاب الله.
وكلام زعيمهم مخالف أيضًا لقوله تعالى :{ونُقلّبُ أفئِدتَهم وأبصارَهُم} [سورة الأنعام/110]، فقد أخبر الله في هذه الآية بأن عمل العبد القلبي وعمله الذي يعمله بجوارحه من فعل الله تعالى فهل لهم من جواب على هذه الآية؟!.
وقال تعالى:{وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ} [سورة البقرة/102]، أي إلا بمشيئته، لأن الإذن هنا لا يصح تفسيره بالأمر لأن الله لا يأمر بالفحشاء، فتعين تفسيره هنا بالمشيئة، والسحر من الأفعال الاختيارية.
وقال تعالى :{وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِ اللهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ اللهِ} [سورة النساء/78]، وقال :{وحِيل بينهم وبين ما يشتهون} [سورة سبأ/54]، وقال :{إِن كَانَ اللهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ} [سورة الأنعام/34] وقال :{كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ} [سورة البقرة/108]، وقال: {خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} [سورة النساء/7] وقال :{بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ} [سورة يونس/155]، وقال :{وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ} [سورة التكوير/100]، وقال :{وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَاء اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [سورة السجدة/29]، وقال:{وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} [سورة السجدة/13] وقال :{حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ} [سورة الحجرات/7]، إلى سائر ما ورد في كتاب الله عزَّ وجلَّ في هذا المعنى من أن الله عزَّ وجلَّ هو المعطي بمنّه وفضله من يشاء من عبيده الإيمان وهو محببه إليه ومزيّنه في قلبه وهاديه إلى الصراط المستقيم، وأن الله ختم على قلوب بعض عباده، وأن أحدًا لا يستطيع أن يعمل غير ما كتب له، وأنه لا يملك لنفسه وغيره نفعًا ولا ضرًّا إلا ما شاء الله، وأن أفعال العباد كلها تقع بمشيئة الله جلَّ ثناؤه وإرادته، وأنه لا يقع لبشر قول ولا عمل ولا نية إلا بمشيئته تعالى وإرادته.
وأما مخالفته للحديث فقد روى مسلم في صحيحه والبيهقي وغيرهما(أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب القدر: باب كل شىء بقدر، والبيهقي في «الاعتقاد» (ص/86)، وأحمد في مسنده (2/110)) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«كل شىء بقدر حتى العجز والكيس»، والعجز: البلادة، والكيس: الذكاء، وقال صلى الله عليه وسلم :«إن الله صانع كل صانع وصنعته» رواه الحاكم من حديث حذيفة(أخرجه الحاكم في المستدرك (1/31 ـ 32) )، وقال :«القدرية مجوس هذه الأمة إن مرضوا فلا تعودوهم، وإن ماتوا فلا تشهدوهم» رواه أبو داود ( أخرجه أبو داود في سننه: كتاب السنة: باب في القدر) في سننه والبيهقي في كتابه القدر(أخرجه البيهقي في كتابه «القضاء والقدر» (13ق/أ))، وقال صلى الله عليه وسلم :«ستة لعنتهم ولعنهم الله وكل نبي مجاب: الزائد في كتاب الله، والمكذب بقدر الله...» الحديثَ(أخرجه الترمذي في سننه: كتاب القدر: باب (17)، والطبراني في «المعجم الكبير» (3/127)، والحاكم في «المستدرك» (1/36) وصححه ووافقه الذهبي على تصحيحه، وابن حبان في صحيحه انظر «الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان» (7/501) كلهم عن عائشة رضي الله عنها، قال الحافظ الهيثمي في «مجمع الزوائد» (1/176): «رواه الطبراني في الكبير وفيه عبيد الله بن عبد الرحمــن بن موهب، قال يعقوب بن شيبة: فيه ضعف. وضعّفه يحيى بن معين في رواية ووثقه في أخرى، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، ووثقه ابن حبان، وبقية رجاله رجال الصحيح» اهـ).
وخالف أيضًا الحديث الذي أخرجه ابن جرير الطبري في كتابه تهذيب الآثار وصححه(تهذيب الآثار (2/653 ـ 654)) وهو قوله عليه الصلاة والسلام :«صنفان من أمتي لا نصيب لهما في الإسلام: القدرية، والمرجئة»، فهذا الحديث صريح في تكفير أهل القدر القائلين بأن العبد هو الذي يخلق أعماله بإرادته وتقديره كهذه الفرقة، فهم بهذه المقالة جردوا أنفسهم من الإسلام وانسلخوا منه كما تنسلخ الحية من جلدها.
وخالف أيضًا حديث مسلم(أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب القدر: باب كيفية الخلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه وأجله وعمله وشقاوته وسعادته) عن أبي الأسود الدؤلي قال: قال لي عمران بن الحصين: أرأيتَ ما يعمل الناس اليوم ويكدحون أشىء قُضي عليهم ومضى عليهم من قَدرٍ قد سبق أو فيما يُستقبلون به مما أتاهم به نبيُّهم وثبتت الحجة عليهم؟ فقلت: بل شىء قُضي عليهم ومضى عليهم، قال: فقال: أفلا يكون ظلمًا؟، قال: ففزعتُ من ذلك فزعًا شديدًا وقلتُ: كل شىء خلقُ الله ومِلك يده فلا يُسأل عما يفعل وهم يسئلون، فقال لي: يرحمك الله إني لم أُرد بما سألتُكَ إلا لأحزرَ عقلك، إن رجلين من مُزَيْنَة أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالا: يا رسول الله أرأيت ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه أشىء قضي عليهم ومضى فيهم من قدرٍ قد سبق أو فيما يُستقبلون به مما أتاهم به نبيُّهم وثبتت الحجة عليهم؟ فقال:«لا بل شىء قُضي عليهم ومضى فيهم»، وتصديقُ ذلك في كتاب الله عزَّ وجلَّ:{ونفسٍ وما سوَّاها * فألهمها فُجورَها وتقواها} [سورة الشمس/8.7] اهـ.
المصدر