Hukum Mengucapkan Salam dalam Islam (3)
Hukum Mengucapkan Salam dalam Islam (3)
Hukum Mengucapkan Salam dalam Islam (3)
الفصل الثالث
أحكام السلام
لإلقاء السلام أحكام جليلة ودقيقة، ينبغي على المسلم أن يتعلمها ويطبقها، هذه الأحكام تتمثل فيما يلي:
أولاً: حكم إلقاء السلام ورده:
من السنة إلقاء السلام، ودليل السنية كثيرة جداً، وقد سبق قوله صلى الله عليه وسلم: ((حق المسلم على المسلم ست:.... إذا لقيته فسلم عليه... الحديث)) [107]، وكذلك فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وفعل صحابته رضوان الله عليهم وشهرة ذلك تغنينا عن إيراد النصوص.
قال ابن دقيق: العيد: استدل بالأمر بإفشاء السلام- في حديث البراء- من قال بوجوب الابتداء بالسلام، وفيه نظر إذ لا سبيل إلى القول بأنه فرض عين على التعميم من الجانبين، وهو أن يجب على كل أحد أن يسلم على كل من لقيه لما في ذلك من الحرج والمشقة، فإذا سقط من جانبي العمومين سقط من جانبي الخصوصين إذ لا قائل يجب على واحد دون الباقين ولا يحب السلام على واحد دون الباقين، قال: وإذا سقط على هذه الصورة لم يسقط الاستحباب لأن العموم بالنسبة إلى كلا الفريقين ممكن.
وهذا البحث ظاهر في حق من قال إن ابتداء السلام فرض عيه، وأما من قال فرض كفاية فلا يرد عليه إذا قلنا إن فرض الكفاية ليس واجبا على واحد بعينه.
قال ابن دقيق العبد: ويستثنى من الاستحباب من ورد الأمر بترك ابتدائه بالسلام كالكافر.
قال ابن حجر: ويدل عليه قوله في الحديث المذكور قبل "إذا فعلتموه تحاببتم" والمسلم مأمور بمعاداة الكافر فلا يشرعق له فعل ما يستدعي محبته ومواددته[108].
وكما حثت السنة النبوية على بذل السلام وإلقائه أمرت المسلم برده، واتفق أهل العلم على وجوب الرد على الكفاية؛ وذلك لدفع التوهم بالشر في حالة عدم الرد.
وأدلة الوجوب كثيرة، منها: قوله تعالى: وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها[109].
• عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم. فرد عليه السلام ثم جلس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((عشر)) ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله. فرد عليه فجلس، فقال: ((عشرون)) ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فرد عليه فجلس، فقال : ((ثلاثون)) [110]
قال العيني: قال أصحابنا: رد السلام فريضة على كل من سمع السلام إذا قام به البعض سقط عن الباقين، والتسليم سنة، والرد فريضة، وثواب المسلم أكثر.[111]
قال العيني: قال أصحابنا: رد السلام فريضة على كل من سمع السلام إذا قام بعض البعض سقط عن الباقين، والتسليم سنة، والرد فريضة، وثواب المسلم أكثر[112].
وقال الحليمي: إنما كان الرد واجباً؛ لأن السلام معناه الأمان، فإذا ابتدأ به المسلم أخاه فلم يجبه فإنه يتوهم منه الشر، فيجب عليه دفع ذلك التوهم عنه[113].
وقد ذكر ابن حزم وابن عبد البر والشيخ نقي الدين الإجماع على وجوب الرد[114].
وإذا سلم رجل على جماعة، فإن ردوا كلهم فهو أفضل، وإن رد واحد منهم، سقط الحرج عن الباقين، ولا إثم.
قال النووي: وإن كانوا جماعة كان الرد فرض كفاية في حقهم، فإذا رد واحد منهم سقط الحرج عن الباقين، والأفضل أن يبتدئ الجميع بالسلام وأن يرد الجميع[115].
وقال القارئ: اعلم أن ابتداء السلام سنة مستحبة ليست بواجبة وهي سنة على الكفاية، فإن كانوا جماعة كفى عنهم تسليم واحد ولو سلموا كلهم كان أفضل[116].
وقال الماوردي: لو دخل شخص مجلساً فإن كان الجمع قليلاً يعمهم سلام واحد فسلم كفاه فإن زاد فخصص بعضهم فلا بأس ويكفي أن يرد منهم واحد فإن زاد فلا بأس وإن كانوا كثيراً بحيث لا ينتشر فيهم فيبتدئ أول دخوله إذا شاهدهم وتتأدى سنة السلام في حق جميع من يسمعه ويجب على من سمعه الرد على الكفاية وإذا جلس سقط عنه سنة السلام فيمن لم يسمعه من الباقين.
وهل يستحب أن يسلم على من جلس عندهم ممن لم يسمعه؟ وجهان:
أحدهما: إن عاد فلا بأس وإلا فقد سقطت عنه سنة السلام لانهم جمع واحد وعلى هذا يسقط فرض الرد بفعل بعضهم والثاني إن سنة السلام باقية في حق من لم يبلغهم سلامة المتقدم فلا يسقط فرض الرد من الأوائل عن الأواخر[117].
ثانياً: صفة السلام:
أكمل ألفاظ السلام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يليها: السلام عليكم ورحمة الله.
يليها: السلام عليكم.
ودليل هذا ما ثبت عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم. فرد عليه السلام ثم جلس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((عشر)) ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله. فرد عليه فجلس، فقال ((عشرون)) ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فرد عليه فجلس، فقال: ((ثلاثون))[118].
قوله "عشر" أي: له عشر حسنات، أو كتب أو حصل له أو ثبت عشر، أو المكتوب له عشر[119].
أما صفة الرد فإنه يكون بمثل السلام أو بأحسن منه؛ بقوله تعالى ﴿وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها﴾[120] ويكون الرد بضمير الجميع وإن كان المسلم واحداً؛ فيقال: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
وإذا انتهى المبتدئ بالسلام عند وبركاته، فهل يشرع الزيادة عليها طلباً لظاهر الآية ﴿بأحسن منها﴾ كأن يقول: ومغفرته وإحسانه.. الخ؟
في قوله في حديث سلام آدم عليه السلام "فزادوه ورحمة الله" قال ابن حجر: فيه مشروعية الزيادة في الرد على الابتداء، وهو مستحب بالإتفاق لوقوع التحية في ذلك في قوله تعالى ﴿فحيوا بأحسن منها أو ردوها﴾ فلو زاد المبتدئ ورحمة الله استحب أن يزاد وبركاته.
قال: ونقل ابن دقيق العيد عن أبي الوليد ابن رشد انه يؤخذ من قوله تعالى ﴿ فحيوا بأحسن منها ﴾ الجواز في الزيادة على البركة إذا انتهى إليها المبتدئ.
ولقد أبدع ابن حجر في الرد على هذا السؤالفقال: فلو زاد وبركاته فهل تشرع الزيادة في الرد، وكذا لو زاد المبتدئ على وبركاته هل يشرع له ذلك؟
أخرج مال في الموطأ عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: "انتهى السلام إلى البركة"[121].
وأخرج البيهقي في الشعب من طريق عبدالله بن بأبيه قال: جاء رجل إلى ابن عمر -رضي الله عنه- فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومغفرته. فقال "حسبك إلى وبركاته، انتهى إلى وبركاته"[122].
ومن طريق زهرة بن معبد قال: قال عمر -رضي الله عنه-:"انتهى السلام إلى وبركاته"[123] ورجاله ثقات.
وجاء عن ابن عمر -رضي الله عنه- الجواز، فأخرج مالك أيضاً في الموطأ عنه أنه زاد في الجواب "والغاديات والرائحات"[124].
وأخرج البخاري في الأدب المفرد من طريق عمرو بن شعيب عن سالم مولى ابن عمر رضي الله عنه قال: كان ابن عمر يزيد إذا رد السلام، فأتيته مرة فقلت: السلام عليكم. فقال: السلام عليكم ورحمة الله، ثم أتيته فزدت وبركاته، فرد وزاد وطيب صلواته[125].
ومن طريق زيد بن ثابت أنه كتب إلى معاوية -رضي الله عنه- السلام عليكم يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ومغفرته وطيب صلواته[126].
وأخرج الطبراني من حديث سهل بن حنيف -رضي الله عنه- بسند ضعيف رفعه (من قال السلام عليكم كتب له عشر حسنات، ومن زاد ورحمة الله كتبت له عشرون حسنة، ومن زاد وبركاته كتبت له ثلاثون حسنة)[127].
وأخرج أبو داود من حديث سهل بن معاذ بن أنس الجهني عن أبيه بسند ضعيف نحو حديث عمران بن حصين، وزاد في آخره "ثم جاء آخر فزاد ومغفرته. فقال: أربعون، وقال: هكذا تكون الفضائل. [128]
وأخرج ابن السني في كتابه بسند رواه من حديث أنس -رضي الله عنه- قال: كان رجل يمر فيقول السلام عليكم يا رسول الله. فيقول له: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته ورضوانه[129].
قال ابن حجر: وهذه الأحاديث الضعيفة إذا انضمت قوى ما اجتمعت عليه من مشروعية الزيادة على وبركاته[130].
ثالثاً: كراهة الابتداء بلفظ (عليك السلام) وقد ورد في السنة النبوية ما ينهي عن هذا، منها ما ورد:
عن أبي تيمية الهجيمي عن رجل من قومه قال: طلبت النبي صلى الله عليه وسلم فلم أقدر عليه فجلست فإذا نفر هو فيهم ولا أعرفه وهو يصلح بينهم فلما فرغ قام معه بعضهم فقالوا يا رسول الله فلما رأيت ذلك قلت عليك السلام يا رسول الله عليك السلام يا رسول الله، عيك السلام يا رسول الله، قال: إن عليك السلام تحية الميت، إن عليك السلام تحية الميت ثلاثاً، قم أقبل علي فقال: إذا لقي الرجل أخاه المسلم فليقل السلام عليكم ورحمة الله، ثم رد علي النبي صلى الله عليه وسلم قال وعليك ورحمة الله وعليك ورحمة الله وعليك ورحمة الله[131].
دل هذا الحديث على كراهة قول البادئ في سلامه "عليكم السلام" لأنها الموتى. قال عياض: ويكره أن يقول في الابتداء عليك السلام[132].
وقال النووي[133]: إذا قال المبتدئ وعليكم السلام لا يكون سلاماً ولا يستحق جواباً؛ لأن هذه الصيغة لا تصلح للابتداء، فلو قاله بغير واو فهو سلام، قطع بذلك الواحدي وهو ظاهر.
قال النووي: ويحتمل أن لا يجزئ كما قيل به في التحلل من الصلاة، ويحتمل أن لا يعد سلاماً ولا يستحق جواباً.
وقال الغزالي: يكره للمبتدئ أن يقول عليكم السلام[134].
قال النووي: والمختار لا يكره ويجب الجواب لأنه سلام[135].
ونقل ابن دقيق العيد عن بعض الشافعية أن المبتدئ لو قال عليكم السلام لم يجز لأنها صيغة جواب. قال: والأولى الإجراء لحصول مسمى السلام، ولأنهم قالوا إن المصلى ينوي بإحدى التسليمتين الرد على من حضر وهي بصيغة الابتداء[136].
قال ابن حجر: ولو حذف اللام فقال سلام عليكم أجزأ قال الله تعالى : ﴿ والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم ﴾ [137] وقال تعالى: ﴿ فقل سلام عليكم كتب ربكن على نفسه الرحمة ﴾ [138] وقال تعالى: ﴿ سلام على نوح في العالمين ﴾ [139] إلى غير ذلك، لكن باللام أولى لأنها للتفخيم والتكثير.
قوله "إن عليك السلام تحية الميت" قال الخطابي: هذا يوهم أن السنة في تحية الميت أن ياقل له عيك السلام كما يفعله كثير من العامة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دخل المقبرة فقال: ((السلام عليكم أهل دار قوم مؤمنين)) فقدم الدعاء على اسم المدعو له هو في تحية الأحياء، وإنما كان ذلك القول منه إشارة إلى ما جرت به العادة منهم في تحية الأموات إذ كانوا يقدمون اسم الميت على الدعاء وهو مذكور في أشعارهم، كقول الشاعر:
عليك سلام الله قيس بن عاصم
ورحمته إن شاء أن يترحما
وكقول الشماخ:
عليك السلام من أمير وباركت
يد الله ذلك الأديم الممزق
والسنة لا تختلف في تحية الأحياء والأموات بدليل حديث أبي هريرة الذي ذكرناه، والله أعلم[140].
وقال ابن العربي: في السلام على أهل البقيع لا يعارض النهي في حديث أبي جري؛ لاحتمال أن يكون الله أحياهم لنبيه صلى الله عليه وسلم فسلم عليهم سلام الأحياء.
قال ابن حجر: كذا قال، ويرده حديث عائشة المذكور. قال: ويحتمل أن يكون النهي مخصوصاً بمن يرى أنها تحية الموتى وبمن يتطير بها من الأحياء فإنها كانت عادة أهل الجاهلية وجاء الإسلام بخلاف ذلك[141].
وقال عياض: كانت عادة العرب في تحية الموتى تأخير الاسم كقولهم "عليه لعنة الله وغضبه" عند الذم، وكقوله تعالى: ﴿ وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين ﴾ [142].
وتعقب بأن النص في الملاعنة ورد بتقديم اللعنة والغضب على الاسم[143].
وقال القرطبي: يحتمل أن يكون حديث عائشة لمن زار المقبرة فسلم على جميع من بها.
وحديث أبي جرى إثباتاً ونفياً في السلام على الشخص الواحد[144].
وقال ابن القيم: وكان هديه في ابتداء السلام أن يقول السلام عليكم ورحمة الله، وكان يكره أن يقول المبتدئ عليك السلام، قال أبو جري الهجيمي: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: عليك السلام يا رسول الله. فقال: لا تقل عليك السلام لأن عليك السلام تحية الموتى. حديث صحيح، وقد أشكل هذا الحديث على طائفة وظنوه معارضاً لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في السلام على الأموات بلفظ السلام عليكم بتقديم السلام، فظنوا أن قوله "فإن عليك السلام تحية الموتى" إخبار عن المشروع، وغلطوا في ذلك غلطاص أوجب لهم ظن التعارض، وإنما معنى قوله "فإن عليك السلام تحية الموتى" إخبار عن الواقع لا المشروع، أي أن الشعراء ويغرهم يحيون الموتى بهذه اللفظة.. فكره النبي صلى الله عليه وسلم أن يحيا بتحية الأموات، ومن كراهته لذلك لم يرد على المسلم، وكان يرد على المسلم "وعليك السلام" بالواو، وبتقديم عليك على لفظ السلام[145].
رابعاً: السلام على المرأة الأجنبية:
سلام الرجل على المرأة الأجنبية، منعه بعض أهل العلم، وأجازه البعض بقيد أمن الفتنة، وبعضهم فصل فقال: إن كانت شابة جميلة لم يجرز، وإن كانت عجوزاً جاز، وبعضهم أطلق فمنعه في الشابة، وأجازه مع الكبيرة، وهو المختار، وعلة المنع ظاهرة، وهي سد الذريعة، وخشية الافتتان. وما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك، فهو معصوم مأمون من الفتنة، وما ورد عن الصحابة، يحمل على أمن الفتنة. والدليل على هذا ما رواه ابن أبي حازم عن أبيه عن سهل قال:... كانت لنا عجوز ترسلُ إلى بُضاعة – نخل بالمدينة – فتأخذ أصُول السَّلق فتطرحه في قدرٍ وتكركر حبات من شعير، فإذا صلينا الجمعة انصرفنا ونسلم عليها، فتقدمه إلينا، فنفرح من أجله، وما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة[146], وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عائشة، هذا جبريل يقرأ عليك السلام قالت قلت وعليه السلام ورحمة الله ترى ما لا نرى تريد رسول الله صلى الله عليه وسلم[147].
وثبت في مسلم حديث أم هانئ رضي الله عنها أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يغتسل فسلمت عليه[148].
قال النووي: وأما النساء فإن كن جميعاً سلم عليهن، وإن كانت واحدة سلم عليها النساء وزوجها وسيدها ومحرمها سواء كانت جميلة أو غيرها، وأما الأجنبي فإن كانت عجوزاً لا تشتهي استحب له السلام عليها واستحب لها السلام عليه ومن سلم منهما لزم الآخر رد السلام عليه، وإن كانت شابة أو عجوزاً تشتهي لم يسلم عليها الأجنبي ولم تسلم عليه ومن سلم منهما لم يستحق جواباً ويكره رد جوابه هذا مذهبنا ومذهب الجمهور[149].
وقال الحليمي: كان صلى الله عليه وسلم للعصمة مأموناً من الفتنة، فمن وثق من نفسه بالسلامة فليسلم، وإلا فالصمت أسلم[150].
وقال ابن بطال عن المهلب: سلام الرجل على النساء والنساء على الرجال جائز إذا أمنت الفتنة.
وفرق المالكية بين الشابة والعجوز سداً للذريعة.
ومنعه في الشابة، وإجازته مع الكبيرة منصوص أحمد رحمه الله قال صالح: سألت أبي: يسلم على المرأة؟ فقال: أما الكبيرة، فلا بأس، وأما الشابة فلا تستنطق[151].
وقال الكوفيون: لا يشرع للنساء ابتداء السلام على الرجال لأنهن منعن من الأذان والإقامة والجهر بالقراءة، قالوا: ويستثنى المحرم فيجوز لها السلام عل ى محرمها[152].
وصوب ابن القيم في هذه المسألة: أنه يسلم على العجوز وذوات المحارم دون غيرهن[153].
وقال ابن حجر: والمراد بجوازه أن يكون عند أمن الفتنة[154].
خامساً: السلام بالإشارة:
الأصل في السلام بالإشارة النهي، لأنه من فعل أهل الكتاب ونحن أمرنا بمجانبتهم، وعدم التشبه بهم. وقد أخرج الترمذي حديث في النهي عن التسليم بالإشارة وإنها من شعار أهل الكتاب، ووسمه الترمذي بالغرابة، وقال عنه الحافظ ابن حجر: وفي سنده ضعف[155]؛ ولكن أخرج النسائي بسند جيد عن جابر رفعه: ((لا تسلموا تسليم اليهود، فإن تسليمهم بالرءوس والأكف والإشارة))[156].
وقد يرد على هذا الحديث ما روته أسماء بنت يزيد أنها قالت: ((ألوى النبي صلى الله عليه وسلم بيده إلى النساء بالسلام))[157]. ولكن هذا محمولٌ على قرن الإشارة بالتلفظ بالسلام. قال النووي بعد حديث الترمذي: فهذا محولٌ على أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين اللفظ والإشارة، يدل على هذا أن أبا داود روى هذا الحديث، وقال في روايته: ((فسلم علينا))[158].
وقال الحافظ: والنهي عن السلام بالإشارة مخصوص بمن قدر على اللفظ حساً وشرعاً، وإلا فهي مشروعة لمن يكون في شغل يمنعه من التلفظ بجواب السلام كالمصلي والبعيد والأخرس، وكذا السلام على الأصم[159].
وقال المباركفوري: ولعلهم كانوا يكتفون في السلام أو رده أو فيهما بالإشارتين من غير نطق بلفظ السلام، الذي هو سنة آدم وذريته من الأنبياء والأولياء[160].
ويستثنى من كراهة السلام بالإشارة من كان بعيداً بحيث لا يسمع التسليم بجوز السلام عليه إشارة، ويتلفظ مع ذلك بالسلام[161].
وكذلك يستثنى من كراهة السلام بالإشارة السلام حال الصلاة، فمن الجائز السلام على المصلي، وهذا ثابت من إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لصحابته، حيث كانوا يسلمون عليه وهو في الصلاة ولم ينكر عليهم ذلك.
ومن الأدلة على هذا حديث جابر قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثني لحاجة. ثم أدركته وهو يسير (قال قتيبة: يصلي) فسلمت عليه. فأشار إلي. فلما فرغ دعاني فقال: (إنك سلمت آنفاً وأنا أصلي) وهو موجه حينئذ قبل المشرق[162].
ومنها: حديث صهيب أنه قال: مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يصلي، فسلمت عليه، فرد إشارة. قال: ولا أعلمه إلا قال: إشارة بأصبعه[163].
ففي هذه الأحاديث وغيرها دليل على جواز إلقاء السلام على المصلي، ورده بالإشارة.
وليست هناك صفة محدد لرد السلام بالإشارة في الصلاة، والوارد في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم متنوع، فمرة كانت الإشارة بالأصح كما في حديث صهيب المتقدم، ومرة كانت الإشارة باليد كما في حديث جابر، ومرة كانت الإشارة بالكف كما في حديث عبدالله بن عمر -رضي الله عنه- قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قباء يصلي فيه، قال: فجاءته الأنصار، فسلموا عليه، وهو يصلي، قال: فقلت لبلال: كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرد عليهم حين كانوا يسلمون عليه وهو يصلي؟ قال يقول هكذا، وبسط كفه، وبسط جعفر بن عون[164] كفه وجعل بطنه أسفل وجعل ظهره إلى فوق[165].
قال في عون المعبود: واعلم أن ورد الإشارة لرد السلام في هذا الحديث بجميع الكف، وفي حديث جابر باليد، وفي حديث ابن عمر عن صهيب بالأصبع، وفي حديث ابن مسعود عند البيهقي بلفظ "فأومأ برأسه"[166]، وفي رواية له "فقال برأسه"[167] يعني الرد، ويجمع بين هذه الروايات بأنه صلى الله عليه وسلم فعل هذا مرة فيكون جميع ذلك جائزاً. والله أعلم[168].
سابعاً: جواز السلام على تالي القرآن ووجوب رده:
السلام على المشتغل بتلاوة القرآن منعه بعض العلماء وأجازه بعضهم، والصواب مع من أجازه، فلا دليل على إخراج تالي القرآن من عمومات النصوص التي تحق على إفشاء السلام، وعلى وجوب رده.، وكونه مشتغلاً باعلى أنواع الذكر وهو قراءة القرآن؛ لا يمنع من إلقاء السلام عليه، ولا يسقط عنه واجب الرد.
قال النووي: وأما المشتغل بقراءة القرآن، فقال الواحدي: الأولى ترك السلام عليه، فإن سلم عليه كفاه الرد بالإشارة، وإن رد لفظا استأنف الاستعاذة وقرأ.
قال: وفيه نظر، والظاهر أنه يشرع السلام عليه ويجب عليه الرد، ثم قال: وأما من كان مشتغلاً بالدعاء مستغرقاً فيه مستجمع القلب فيحتمل أن يقال هو كالقارئ، والأظهر عندي أنه يكره السلام عليه؛ لانه يتنكد به ويشق عليه أكثر من مشقة الأكل[169].
ثامناً: كراهية السلام على المتخلي:
يكره لن يقضي حاجته ببول أو غائط أن يرد السلام بإتفاق أهل العلم، والأصل في هذا ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما: أن رجلاً مر ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبول فسلم فلم يرد عليه[170].
ويستحب لمن أُلقي عليه السلام وهو يقضي حاجته أن يرد السلام بعد الوضوء تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد روى المهاجر بن قنفذ أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول، فسلم عليه، فلم يرد عليه حتى توضأ، ثم اعتذر إليه، فقال: ((إني كرهت أن أذكر الله عز وجل إلى على طهر)) أو قال ((على طهارة))[171].
وكما يكره رد السلام لمن هو مشتغل بقضاء الحاجة فكذا يكره أن يلقى عليه السلام. قال النووي: يستثنى من العمود بابتداء السلام من كان مشتغلاً بأكل أو شرب أو جماع أو كان في الخلاء أو الحمام أو نائماً أو ناعساً أو مصلياً أو مؤذاناً مادام متلبساً بشيء مما ذكر فلم لم تكن اللقمة في فم الآكل مثلاً شرع السلام عليه ويشرع في حق المتبايعين وسائر المعاملات، واحتج له ابن دقيق العيد بأن الناس غالباً يكونون في اشغالهم فلو روعي ذلك لم يحصل امتثال الإفشاء.
وقال ابن دقيق العيد: احتج من منع السلام على من في الحمام بأنه بيت الشيطان وليس موضع التحية لاشتغال من فيه بالتنظيف قال: وليس هذا المعنى بالقوي في الكراهية بل يدل على عدم الاستحباب[172].
قلت: ويستثنى من كراهة إلقاء السلام على من كان في الخلاء من كان عليهم إزار؛ فإنه حينئذ لا كراهة في السلام عليهم، يدل على هذا ما ثبت في صحيح مسلم عن أم هانئ قالت: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يغتسل وفاطمة تستره فسلمت عليه... الحديث[173].
تاسعاً: السلام على أهل المعاصي والمبتدعة:
أما أهل المعاصي فهو يسلم عليهم ويرد عليهم سلامهم، قال النووي: اعلم أن الرجل المسلم الذي ليس بمشهور بفسق ولا بدعة يسلِّم ويسلَّم عليه، فيسن له السلام ويجب الرد عليه[174].
ولكن إن كان العاصي مشهوراً بفسقه ومعصيته، فهل يقال بترك السلام عليه؟ الجواب: إذا كان في ترك السلام عليه مصلحة راجحة، كأن يرتدع العاصي عن معصيته إذا لم يُسلم عليه أو لا يرد عليه سلامه، فإن كان في ذلك مصلحة تُرك السلام عليه لعله ينتهي، اما إن كان العكس وغلب على ظننا أنه معصيته تزيد؛ فإننا نسلم عليه ونرد عليه سلامه تقليلاً للمفسدة لأنه لا مصلحة من ترك السلام عليه.
وأما أهل البدع؛ فإن من البدع ما يكون مكفراً، ومنها دون ذلك. فصاحب البدعة المكفرة لا يسلم عليه بحال، وصاحب البدعة غير المكفرة فإنه يأخذ حكم أهل المعاصي كما سبق بيانه. قال الشيخ: أما هجرهم (أي المبتدعة) فهذا يترتب على البدعة، فإذا كانت البدعة مكفَّرة وجب هجره، وإذا كانت دون ذلك فإننا نتوقف في هجره إن كان في هجره مصلحة فعلناه، وإن لم يكن فيه مصلحة اجتنباه، وذلك أن الأصل في المؤمن تحريم هجره لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((ولا يحل لرجل مؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاث))[175].
والأصل في هذا كله حديث كعب بن مالك الطويل في تخلفه عن الغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوبة الله عليه – وفيه قال كعب: ((ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا أيها الثلاثة من بين من تخلف عنه، فاجتنتنا الناس، وتغيروا لنا، حتى تنكرت في نفسي الأرض فما هي بالتي أعرف. فلبثنا على ذلك خمسين ليلة، فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان، وأما أنا فكنت أشبَّ القوم وأجلدهم، فكنت أخرج فأشهد الصلاة مع المسلمين، وأطوف في الأسواق، ولا يكلمني أحد، وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة، فأقول في نفسي: هل حرك شفتيه بردِّ السلام عليَّ أم لا؟))[176].
قال الطبري: قصة كعب بن مالك أصل في هجران أهل المعاصي[177].
عاشراً: كراهية السلام حال خطبة الجمعة.
ودليل هذا حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة: أنصت – والإمام يخطب – فقد لغوت))[178].
وعلى هذا لا يشرع السلام حال الخطبة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم المأمومين بالإنصات حال خطبة الإمام.
قال النووي: وأما السلام حال الخطبة في الجمعة فيكره للأمر بالإنصات، فلو سلم لم يجب الرد عند من قال الإنصات واجب، ويجب عند من قال أنه سنة، وعلى الوجهين لا ينبغي أن يرد أكثر من واحد[179].
ولو سلم أحد الداخلين إلى المسجد والإمام يخطب يوم الجمعة هل يجب على المأمومين رد السلام؟
الجواب: لا يجوز لمن دخل والإمام يخطب يوم الجمعة إذا كان يسمع الخطبة أن يبدأ بالسلام من في المسجد، وليس لمن في المسجد أن يرد عليه والإمام يخطب، ولكن إن رد عليه بالإشارة جاز[180].
وما يلزم المأموم إذا سلم عليه من بجانبه وصافحه أثناء خطبة الجمعة؟
الجواب: يصافحه بيده ولا يتكلم، ويرد عليه السلام بعد انتهاء الخطيب من الخطبة الأولى، وإن سلم والإمام يخطب الخطبة الثانية فأنت تسلم عليه بعد انتهاء الخطيب من الثانية[181].
حادي عشر: ابتداء أهل الكتاب بالسلام والرد عليهم:
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبدأوا أهل الكتاب بالسلام.
• عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تبدؤُوا اليهود والنصارى بالسلام، فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه))[182].
قوله: ((لا تبدءوهم بالسلام)) لأن السلام إعزاز وإكرام ولا يجوز إعزازهم ولا إكرامهم بل اللائق بهم الأعراض عنهم وترك الالتفات إليهم تصغيراً لهم وتحقيراً لشأنهم[183].
وفي ضوء هذه الجملة من الهدي النبوي اختلف أهل العلم في حكم ابتداء أهل الكتاب بالسلام والرد عليهم. قال النووي: واختلف العلماء في رد السلام على الكفار وابتدائهم به فمذهبنا تحريم ابتدائهم به ووجوب رده عليهم بأن يقول وعليكم أو عليكم فقط، ودليلنا في الابتداء قوله صلى الله عليه وسلم ((لا تبدأوا اليهود ولا النصارى بالسلام)) وفي الرد قوله صلى الله عليه وسلم ((فقولوا وعليكم))، وبهذا الذي ذكرناه عن مذهبنا قال أكثر العلماء وعامة السلف.
وذهبت طائفة إلى جواز ابتدائنا لهم بالسلام، روى ذلك عن ابن عباس قال: من سلم عليك فرد عليه ولو كان مجوسياً. وروى ايضاً عن أبي أمامة وابن ابي محيريز، وبه قال الشعبي وقتادة، وهو وجه لبعض أصحابنا حكاه الماوردي لكنه قال: يقول: السلام عليك ولا يقول عليكم بالجمع، واحتج هؤلاء بعموم الآية، وبعمود الأحاديث وبإفشاء السلام، وهي حجة باطلة لأنه عام مخصوص بحديث ((لا تبدأوا اليهود ولا النصارى بالسلام))، وأما الآية فقد قال عطاء: الآية مخصوصة بالمسلمين فلا يرد السلام على الكافر مطلقاً.
قال: وقال بعض أصحابنا يكره ابتداؤهم بالسلام ولا يحرم وهذا ضعيف أيضاً لأن النهي للتحريم فالصواب تحريم ابتدائهم.
وحكى القاضي عن جماعة أنه يجوز ابتداؤهم به للضرورة والحاجة أو سبب، وهو قول علقمة والنخعي[184].
وقوله: ((فاضطروهم إلى أضيق الطريق)). قال النووي: قال أصحابنا: لا يترك للذمي صدر الطريق بل يضطر إلى أضيقه إذا كان المسلمون يطرقون فإن خلت الطريق عن الزحمة فلا حرج قالوا: وليكن التضييق بحيث لا يقع في وهدة ولا يصدمه جدار ونحوه والله أعلم[185].
وقال القارئ: أي ألجؤهم إلى أضيقه بحيث لو كان في الطريق جدار يلتصق بالجدار وإلا فيأمره ليعدل عن وسط الطريق إلى أحد طرفيه[186].
قال المناوي: فاضطروه إلى أضيقه بحيث لا يقع في وهدة لا يصدمه نحو جدار أي لا تتركوا له صدر الطريق إكراماً واحتراماً، فهذه الجملة مناسبة للأولى في المعنى والعطف، وليس معناه – كما قال القرطبي – إنا لو لقيناهم في طريق واحد نلجئهم إلى حرفه حتى يضيق عليهم لأنه إيذاء بلا سبب وقد نهينا عن إيذائهم ونبه بهذا على ضيق مسلك الكفر وأنه يلجئ إلى النار[187].
ولكن ماذا لو دعت الحاجة للسلام على أهل الكتاب، فهل يجوز السلام عليهم؟
الجواب: الحديث السابق ظاهر في المنع، ولكن إن احتيج لذلك، فليكن بغير السلام، ككيف أصبحت، أو كيف أمسيت ونحو ذلك. قال ابن مفلح: قال الشيخ تقي الدين: إن خاطبه بكلامٍ غير السلام مما يؤنسه به، فلا بأس بذلك[188].
وقال النووي: قال أبو سعد المتولي: لو أراد تحية ذمي، فعلها بغير السلام، بأن يقول: هداك الله، أو أنعم الله صباحك. قلت: (أي: النووي): هذا الذي قاله أبو سعد لا بأس به إذا احتاج إليه، فيقول: صُبحت بالخير، أو السعادة، أو العافية، أو صبحك الله بالسرور، أو بالسعادة والنعمة، أو بالمسرة، أو ما أشبه ذلك. وأما إذا لم يحتج إليه، فالاختيار أن لا يقول شيئاً، فإن ذلك بسط له وإيناس وإظهار صورة ود، ونحن مأمورون بالإغلاظ عليهم ومنهيون عن ودهم فلا نظهره. والله أعلم[189].
وإذا سمع المسلم الكتابي يقول: (السلام عليكم) بلفظ واحد، فهل نرد عليه بـ (وعليكم) عملاً بظاهر الحديث، أم نرد عليه سلامه ونقول: (وعليكم السلام)؟
الجواب: ذهب بعض أهل العلم إلى أنه إذا تحققنا من لفظ السلام ولم نشك فيه فإنه ينبغي علينا أن نرد السلام.
قال ابن القيم: فلو تحقق المسامع أن الذي قال له: سلام عليكم لا شك فيه، فهل له أن يقول: وعليك السلام، أو يقتصر على قوله وعليك؟ فالذي تقتضيه الأدلة الشرعية وقواعد الشريعة أن يقال له، وعليك السلام. فإن هذا من باب العدل، والله تعالى يأمر بالعدل والإحسان، وقد قال تعالى: ﴿وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها﴾[190]. فندب إلى الفضل، وأوجب العدل ولا ينافي هذا شيئاً من أحاديث الباب بوجه ما فإنه صلى الله عليه وسلم إنما أمر بالاقتصار على قول الراد (وعليكم) بناء على السبب المذكور الذي كانوا يعتمدونه في تحيتهم، وأشار إليه في حديث عائشة – رضي الله عنها – فقال: ((ألا تزينني قلت: وعليكم، لما قالوا: السّام عليك[191])) ثم قال: ((إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم)). والاعتبار وإن كان لعموم اللفظ فإنما يعتبر عمومه في نظير المذكور لا فيما يخالفه. قال الله تعالى ﴿وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ المَصِيرُ﴾. فإذا زال السبب، وقال الكتابي: ((سلام عليكم ورحمة الله)) فالعدل في التحية أن يرد عليه نظير سلامه. أ.هـ[192].
ومع جواز الرد على أهل الكتاب إذا سلموا لكن لا يقال لهم وعليكم السلام، بل يقال عليكم فقط أو وعليكم.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل رهط من اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: السام عليكم ففهمتها فقلت: عليكم السام واللعنة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مهلاً يا عائشة، فإن الله يحب الرفق في الأمر كله. فقلت: يا رسول الله، أو لم تسمع ما قالوا؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقد قتل: وعليكم[193].
وعن عبدالله بن عمر رضي الله -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا سلم عليكم اليهود فإنما يقول أحدهم: السام عليك. فقل: وعليك[194].
وعن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم))[195].
قال ابن حجر:..... وذهب جماعة من السلف إلى أنه يجوز أن يقال في الرد عليهم "عليكم السلام" كما يرد على المسلم، واحتج بعضهم بقوله تعالى: ﴿فاصفح عنهم وقل سلام﴾ وحكاه الماوردي وجهاً عن بعض الشافعية لكن لا يقول ((ورحمة الله)).
قال النووي: وهو ضعيف مخالف للأحاديث. وقيل: يجوز مطلقاً، وعن ابن عباس وعلقمة يجوز عند الضرورة، وعن الأوزاعي إن سلمت فقد سلم الصالحون وإن تركت فقد تركوا، وعن طائفة من العلماء لا يرد عليهم السلام أصلاً؛ وعن بعضهم التفرقة بني أهل الذمة وأهل الحرب، والراجح من هذه الأقوال كلها ما دل عليه الحديث ولكنه مختص بأهل الكتاب، وقد أخرج أحمد بسند جيد عن حميد بن زادويه وهو غير حميد الطويل في الأصح عن أنس "أمرنا أن لا نزيد على أهل الكتاب على "وعليكم"[196].
ولا يجوز أن يقتصر المسلم في الرد على أخيه على قوله "وعليكم" كما يرد على أهل الكتاب. قال ابن حجر: واستدل به – أي: حديث عائشة في الرد على أهل الذمة- على أن هذا الرد – يعني: لفظ "وعليكم"- خاص بالكفار فلا يجزئ في الرد على المسلم، وقيل: إن أجاب بالواو أجزأ وإلا فلا.
وقال ابن دقيق العيد: التحقيق أنه كاف في حصول معنى السلام لا في امتثال الأمر في قوله "فحيوا بأحسن منها أو ردوها" وكأنه أراد الذي بغير واو، وأما الذي بالواو فقد ورد في عدة أحاديث، منها في الطبراني عن ابن عباس جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: سلام عليكم فقالت: وعليك ورحمة الله[197]"، وله في الأوسط عن سلمان أتى رجل فقال: السلام عليك يا رسول الله، فقال: وعليك. [198]" قال ابن حجر: لكن لما اشتهرت هذه الصيغة للرد على غير المسلم ينبغي ترك جواب المسلم بها وإن كانت مجزئة في أصل الرد، والله أعلم[199].
وإذا سلم المسلم على رجل يظنه من مسلماً ثم بان له أنه على غير ملة الإسلام، فماذا يفعل؟
قال الباجي: ونقل ابن العربي عن مالك: لو ابتدأ شخصاً بالسلام وهو يظنه مسلماً فبان كافرا كان ابن عمر يسترد منه سلامه. وقال مالك: لا. قال ابن العبي: لأن الاسترداد حينئذ لا فائدة له؛ لأنه لم يحصل له منه شيء لكونه قصد السلام على المسلم. وقال غيره: له فائدة وهو إعلام الكافر بأنه ليس أهلاً للابتداء بالسلام.
قال ابن حجر: ويتأكد إذا كان هناك من يخشى إنكاره لذلك أو اقتداؤه به إذا كان الذي سلم ممن يقتدي به[200].
ثاني عشر: جواز السلام على مجلس فيه أخلاط[201] من المسلمين والمشركين:
إذا مر المسلم على مجلس فيه مسلمون وغيرهم، فإنه لا بأس أن يسلم ويقصد بسلامه المسلمين، دل على هذا فعل الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم.
عن أسامة بن زيد رضي الله عنه ((أن النبي صلى الله عليه وسلم ركب حماراً عليه إكافٌ تحته قطيفة فدكية، وأردف وراءهُ أسامة بن زيد وهو يعود سعد بن عبادة في بني الحارث بن الخزرج – وذلك قبل وقعة بدر – حتى مرَّ في مجلس فيه أخلاطٌ من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود، وفيهم عبدالله بن أبيِّ سلول، وفي المجلس عبدالله بن رواحة. فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة خمَّر عبدالله بن أبيٍّ أنفه بردائه، ثم قال: لا تغبروا علينا. فسلم عليهم النبي صلى الله عليه وسلم ثم وقف فنزل فدعاهم إلى الله، وقرأ عليهم القرآن.. الحديث[202])).
قال النووي: فيه جواز الابتداء بالسلام على قوم فيهم مسلمون وكفار، وهذا مجمع عليه[203].
وقال: ويجوز الابتداء بالسلام على جمع فيهم مسلمون وكفار أو مسلم وكفار ويقصد المسلمين[204].
قال ابن العربي: ومثله إذا مر بمجلس يجمع أهل السنة والبدعة، وبمجلس فيه عدول وظلمة، وبمجلس فيه محب ومبغض[205].
ولا يعكر على هذا حديث المنع من ابتداء أهل الكتاب بالسلام، فإن ذلك الحديث في ما إذا كان المُسَّلم عليه ذمياً أو كانوا جماعة من أهل الكتاب، أما هنا فإن المجلس فيه مسلمون، ولذلك فإنه يجوز السلام على مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين بنية السلام على المسلمين فقط. قيل للإمام أحمد رضي الله عنه: نعامل اليهود والنصارى ونأتيهم في منازلهم وعندهم قوم مسلمون، أُسلم عليهم؟ قال: نعم، وتنوي السلام على المسلمين[206].
وهل يقال لجماعة فيهم مسلمون وكفار عند السلام: السلام على من أتبع الهدى؟
الجواب: لا يقال ((السلام على من اتبع الهدى)) لجماعة فيهم مسلمون وكفار، بل يسلم عليهم كما سبق وينوي بذلك المسلمين، وحول هذا المعنى قال ابن عثيمين: وإذا كانوا مسلمين ونصارى فإنه يسلم عليهم بالسلام المعتاد يقول السلام عليكم يقصد بذلك المسلمين[207].
الخاتمة
1- إن تحية الإسلام تعبير عن احترام المسلم لأخيه وعدم احتقاره وأنه يريد له حياة كريمة مملوءة أمناً وأماناً وسكينة وطمأنينة ووقاراً.
2- إن إفشاء السلام له أثر كبير في توثيق عرى المحبة والألفة والتضامن بين المسلمين وعليه فهو سبب أصيل في دخول الجنان.
3- إن إفشاء السلام من حقوق الأخوة وأحد الوصايا التي أوصى بها الرسول الكريم أمته والاستجابة لهذه الوصية تعني استقرار المجتمع المسلم وسلامته.
4- إن البادئ بالسلام أولى الناس بالله تعالى في مرضاته وخيراته وإحسانة وأخصهم برحمته وغفرانه وما ذلك إلا لصفاء نفسه ونقاء فطرته
5- الأصل في السلام أن يبتدأ به الأقل رتبة فيسلم الصغير على الكبير أو الأقل عدداً فيسلم القليل على الكثير أو صاحب المزية فيسلم الراكب على الماشي وهكذا
6- من السنة إلقاء السلام على الصبيان تعويداً لهم وتدريباً على آداب الشريعة وحملاً للنفس على التواضع.
7- لا ينبغي أن يقتصر المرء في سلامه على من يعرفه بل يشمل سلامه كل من يلاقيه من المسلمين.
8- السلام اسم من أسماء الله تعالى وإلقاءه ورده بركة وخير وفضل ولذا استحب أن يبدأ الرجل أهله بالسلام إذا دخل عليهم.
9- من السنة إلقاء المسلم السلام حال مغادرته المجلس ليعلم أهله أنهم آمنون منه في كل أحواله حال حضوره وغيابه حال دخوله وخروجه.
كما تلخص عندي مجموعة من الأحكام المتعلقة بإفشاء السلام وهي:
1- إلقاء السلام سنة وارده واجب على الكفاية إن كانوا جماعة وإلا فهو فرض عين.
2- الأفضل للمسلم أن يأتي بلفظ السلام كاملا دون الاقتصار على بعضه لما في ذلك من زيادة الفضل والثواب.
3- الأصل أن يسلم الرجل على محارمه أما المرأة الأجنبية فإنه يجوز أن يسلم عليها إذا كانت عجوز بشرط أمن الفتنة.
4- ليس من سمات أهل الإيمان الإشارة بالكف حال السلام إلا في حالة كرد السلام أثناء الصلاة أو كان المسلم عليه بعيدا بحيث لا يسمع السلام أو كان أصم أو أخرس لكن بشرط أن يتلفظ بالسلام.
5- لا يمنع إلقاء السلام ورده إلا في حالتين:
الأولى: وهي اشتغال المسلم بقضاء حاجته لأن الخلاء ليس موضعا للتحية ولا لذكر الله تعالى.
الثانية: حال خطبة الجمعة لأمر الرسول المسلمين بالانصات التام.
6- إذا كانت هناك مصلحة راجحة من ترك السلام على العاصي والمبتدع فحينئذ يترك السلام عليه من باب الزجر بالهجر وإلا فلا يشرع ترك السلام.
7- لا يجوز للمسلم أن يبدأ كتابا بالسلام لأن السلام إغرار وإكرام وهذا لا يليق بهم وإنما اللائق بهم الإعراض عنهم وترك الالتفاف إليهم، فإذا سلم الكتابي على المسلم فإنه يرد عليه بقوله وعليكم إلا إذا سمعه بلفظ واضح يقول له السلام عليكم فإنه يرد عليه قائلا " وعليكم السلام " من باب العدل والانصاف.
8- إذا مر المسلم على مجلس فيه مسلمون وكفار أو عدول ظلمه فإنه لا بأس أن يسلم عليهم ويقصد بسلامه المسلمين والعدول.
وبعد:
فلو أن المسلمين التزموا التزاماً عملياً بهذه السنة الطيّبة، وأفشوا السلام بينهم في كلّ مكان، وعلى أية حال، في السفر أو الحضر، في الرخاء أو البأساء، لنعموا بالسلام، وانتشر الأمن والأمان والعدل والاستقرار، ولهذا لم يُحسد المسلمون على شئ مثلما حسدوا على السلام.
• عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السلام والتأمين)) [208]
المراجع
[108] فتح الباري ج 11/ ص 19
[109] سورة النساء، آية رقم 86
[110] صحيح. أخرجه: أبو داود كتاب الأدب باب كيف السلام ج4/ص350( 5195)، والترمذي كتاب الاستئذان باب ما ذكر في فضل السلام ج5/ص52 (2689) وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، وأحمد بن حنبل ج4/ص439(19962)، والدارمي كتاب الاستئذان باب في فضل التسليم ورده ج2/ص360(2640)
[111] عمدة القاري ج8/ص11
[112] عمدة القارئ ج 8/ ص 11
[113] فتح الباري ج 11/ص7
[114] انظر: الآداب الشرعية (1/356) ط. مؤسسة الرسالة.
[115] شرح النووي على صحيح مسلم ج14/ ص140
[116] عون المعبود ج14/ص 79
[117] فتح الباري ج 11/ ص 14
[118] صحيح. أخرجه: أبو داود كتاب الأدب باب كيف السلام ج 4/ص 350 (5195)، والترمذي كتاب الاستئذان باب ما ذكر في فضل السلام ج 5/ص 52 (2689) وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، وأحمد بن حنبل ج4 / ص 439 (19962)، والدارمي كتاب الاستئذان باب في فضل التسليم ورده ج2/ ص 360 (2640).
[119] تحفة الأحوذي ج7/ ص 384
[120] سورة النساء. آية رقم 86
[121] موطأ مالك كتاب السلام باب العمل في السلام ج2/ ص 959 (1722)
[122] شعب الإيمان ج6/ص 456 (8880)
[123] شعب الإيمان ج6/ص 510 (9096) والقائل هو عروة وليس عمر.
[124] موطأ مالك كتاب السلام باب جامع السلام ج2 / ص 962 (1727)
[125] الأدب المفرد باب التسليم بالمعرفة وغيرها ج1/ ص 351 (1016)
[126] الأدب المفرد باب منتهى السلام ج1/ ص 346 (1001)
[127] المعجم الكبير ج6/ص75 (5563)، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد ج8/ص31 وقال: رواه الطبراني وفيه موسى بن عبيدة الربذي وهو ضعيف.
[128] سنن أبي داود كتاب الأدب باب كيف السلام ج4/ص 350 (5196)
[129] عمل اليوم والليلة باب رد الواحد من الجماعة يجزئ عن جميعهم ج1/ص197 (235)
[130] فتح الباري ج 11/ص 6
[131] الحديث أخرجه: أبو داود كتاب الأدب باب كراهية أن يقول عليك السلام ج4/ص353 (5209)، والترمذي كتاب الاستئذان باب ما جاء في كراهية أن يقول عليك السلام مبتدئاً ج5/ص71 (2722) وقال: هذا حديث حسن صحيح، والنسائي في السنن الكبرى كتاب عمل اليوم والليلة باب كيف السلام ج6/ص87 (10149)، وأحمد بن حنبل ج3/ص482 (15997).
[132] فتح الباري ج11/5
[133] الأذكار
[134] إحياء علوم الدين
[135] فتح الباري ج11/ص5
[136] فتح الباري ج11/ص5
[137] سورة الرعد، آية رقم 23
[138] سورة الأنعام آية رقم 54
[139] سورة الصافات، آية رقم 79
[140] تحفة الأحوذي ج7/ص 420
[141] فتح الباري ج11/ص5
[142] سورة الحجر، آية رقم 35
[143] فتح الباري ج11/ص5
[144] فتح الباري ج11/ص5
[145] قال المباركفوري: في قوله "ومن كراهته لذلك لم يرد على المسلم" نظر فإنه قد وقع في رواية الترمذي هذه ثم رد على النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: وعليك ورحمة الله. تحفة الأحوذي ج7/ص421.
[146] الحديث أخرجه: البخاري كتاب الاستئذان باب تسليم الرجال على النساء والنساء على الرجال ج5/ص2306 (5894) ومسلم كتاب الجمعة باب صلاة الجمعة حين تزول الشمس ج2/ص588 (859).
[147] سبق تخريجه
[148] البخاري كتاب الصلاة باب الصلاة في الثواب الواحد ملتحفاً به ج1/ص141 (350)، ومسلم كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب استحباب صلاة الضحى وأن أٌلها ركعتان وأكملها ثمان ركعات وأوسطها أربع أو ست والحث على المحافظة عليها ج1/ص498 (336).
[149] شرح النووي على صحيح مسلم ج14/ ص 149
[150] فتح الباري ج11/ص34
[151] الآداب الشرعية (1/352)
[152] عون المعبود ج14/ص75
[153] زاد المعاد 2/411، 412
[154] فتح الباري ج11/ص33
[155] الحديث أخرجه: الترمذي كتاب الاستئذان باب ما جاء في كراهية إشارة اليد بالسلام ج5/ص56 (2695) وقال: هذا حديث إسناده ضعيف وروى ابن المبارك هذا الحديث عن ابن لهيعة فلم يرفعه.
[156] فتح الباري (11/16)، والحديث أخرجه: النسائي في السنن الكبرى كتاب عمل اليوم والليلة باب كراهية التسليم بالأكف والرؤوس والإشارة ج6/ص92 (10172).
[157] أخرجه: الترمذي كتاب الاستئذان باب ما جاء في التسليم على النساء ج5/ص58 (2697) وقال: هذا حديث حسن، وأحمد بن حنبل ج6/ص457 (27630)، والبخاري في الأدب المفرد باب من سلم إشارة ج1/ص347 (1002)
[158] الأذكار ص 356
[159] فتح الباري (11/16)
[160] تحفة الأحوذي ج7/ص392
[161] فتح الباري ج11/ص19
[162] الحديث أخرجه: مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان من إباحة ج1/ص383 (540).
[163] الحديث أخرجه: أبو داود كتاب الصلاة باب رد السلام في الصلاة ج1/ص243 (925).
[164] أحد رواة الحديث
[165] الحديث أخرجه: أبو داود كتاب الصلاة باب رد السلام في الصلاة ج1/ص243(927). والترمذي كتاب الصلاة باب ما جاء في الإِشارة في الصلاة ج2/ص204 (368) وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي في السنن الكبرى كتاب صفة الصلاة باب رد السلام بالإشارة في الصلاة ج1/ص354 (1110)، وابن ماجة كتاب إقامة الصلاة والنسة فيها باب المصلى يسلم عليه كيف يرد ج1/ص325 (1017).
[166] سنن البيهقي الكبرى كتاب الصلاة باب من أشار بالرأس ج2/ص260 (3221)
[167] سنن البيهقي الكبرى كتاب الصلاة باب من أشار بالرأس ج2/ص260 (3220)
[168] عون المعبود ج3/ص138
[169] فتح الباري ج11/ص20
[170] الحديث أخرجه: مسلم كتاب الحيض باب التيمم ج1/ص281 (370)
[171] أبو داود كتاب الطهارة باب أيرد السلام وهو يبول ج1/ص5(17)، وأحمد بن حنبل ج5/ص80 (20780)
[172] فتح الباري ج11/ص19
[173] سبق تخريجه
[174] الأذكار، ص 364
[175] فتاوى العقيدة ص 614، والحديث أخرجه: البخاري كتاب الأدب باب الهجرة وقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث 5/2256 (5727)، ومسلم كتاب البر والصلة باب تحريم الهجر فوق ثلاث بلا عذر شرعي 4/1984 (2560) من حديث أبي أيوب الأنصاري.
[176] الحديث اخرجه: البخاري كتاب المغازي باب حديث كعب بن مالك وقول الله عز وجل (وعلى الثلاثة الذين خلفوا) ج4/ص1607 (4156)، ومسلم كتاب التوبة باب حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه ج4/ص2120 (2769).
[177] فتح الباري 10/497
[178] الحديث أخرجه: البخاري كتاب الجمعة باب الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب وإذا قال لصاحبه أنصت فقد لغا وقال سلمان عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ينصت إذا تكلم الإمام ج1/ص316(892)، ومسلم كتاب الجمعة باب في الإنصات يوم الجمعة في الخطبة ج2/ص583 (851)
[179] فتح الباري ج11/ص20
[180] فتاوي اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (8/243)
[181] فتاوي اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (8/246)
[182] الحديث أخرجه: مسلم كتبا السلام باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام وكيف يرد عليهم ج4/ص1707 (2167)
[183] فيض القدير ج6/ص386
[184] شرح النووي على صحيح مسلم ج14/ص145، فتح الباري ج11/ص42
[185] شرح النووي على صحيح مسلم ج14/ص147
[186] عون المعبود ج14/ص75
[187] فيض القدير ج6/ص386
[188] الآداب الشرعية (1/391)
[189] الأذكار ص 366- 367
[190] سبق تخريجها
[191] قولها "عليكم السام" والذام – هو بالذال المعجمة، وتخفيف الميم – وهو الذم، ويقال بالهمزة أيضاً والأشهر ترك الهمز وألفه منقلبة عن واو، والذام والذيم والذم بمعنى العيب، وروي الدام – بالدال المهملة – ومعناه: الدائم، وممن ذكر أنه روى بالمهملة ابن الأثير، ونقل القاضي الاتفاق على أنه بالمعجمة، قال: ولو روي بالمهملة لكان له وجه، والله أعلم.
[192] أحكام أهل الذمة. (1/425 – 426) رمادي للنشر. ط. الأولى 1418هـ. وانظر فتاوي العقيدة لابن عثيمين ص 235 – 236، والسلسلة الصحيحة للألباني (2/327-330).
[193] الحديث اخرجه: البخاري كتاب الاستئذان باب كيف الرد على أهل الذمة بالسلام ج5/ص2308 (5901)، ومسلم كتاب السلام باب النهي عن ابتداء اهل الكتاب بالسلام وكيف يرد عليهم ج4/ص1706 (2165)، وقوله "وعليكم" قال النووي: قد جاءت الأحاديث التي ذكرها مسلم عليكم وعليكم بإثبات الواو وحذفها وأكثر الروايات بإثباتها وعلى هذا في معناه وجهان: أحدهما: أنه على ظاهره فقالوا عليكم الموت فقال وعليكم أيضاً أي: نحن وأنتم فيه سواء وكلنا نموت:
الثاني: أن الواو هنا للاستئناف لا للعطف والتشريك، وتقديره "وعليكم ما تستحقونه من الذم"، وأما حذف الواو فتقديره" بل عليكم السلام". قال القاضي اختار بعض العلماء منهم ابن حبيب المالكي حذف الواو لئلا يقتضي التشريك. وقال غيره: بإثباتها كما هو في أكثر الروايات قال: وقال بعضهم: يقول عليكم السلام بكسر السين – أي: الحجارة وهذا ضعيف، وقال الخطابي: عامة المحدثين يروون الحرف وعليكم بالواو، وكان ابن عيينة يروية بغير واوه. قال الخطابي: وهذا هو الصواب؛ لأنه إذا حذف الواو صار كلامهم بعينه مردوداً عليهم خاصة، وإذا ثبت الواو اقتضى المشاركة معهم فيما قالوه هذا كلام الخطابي. والصواب: أن إثبات الواو وحذفها جائزان كما صحت به الروايات، وأن الواو أجود كما هو في اكثر الروايات ولا مفسدة فيه؛ لأن السام الموت وهو علينا وعليهم ولا ضرر في قوله بالواو شرح النووي على صحيح مسلم ج14/ص145.
وقولها "عليكم السام واللعنة" يحتمل أن تكون عائشة فهمت كلامهم بفطنتها فأنكرت عليهم وظنت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ظن أنهم تلفظوا بلفظ السلام فبالغت في الإنكار عليهم، ويحتمل أن يكون سبق لها سماع ذلك من النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في حديثي ابن عمر وأنس في الباب، وإنما أطلقت عليهم اللعنة إما لأنها كانت ترى جواز لعن الكافر المعين باعتبار الحالة الراهنة لا سيما إذا صدر منه ما يقتضي التأديب، وإما لأنها تقدم لها علم بأن المذكورين يموتون على الكفر فأطلقت اللعن ولم تقيده بالموت، قال ابن حجر: والذي يظهر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أراد أن لا يتعود لسانها بالفحش أو أنكر عليها الإفراط في السب. فتح الباري ج11/ص43
[194] الحديث أخرجه: البخاري كتاب الاستئذان باب كيف الرد على أهل الذمة بالسلام ج5/ص2309 (5902)، ومسلم كتاب السلام باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام وكيف يرد عليهم ج4/ص1706 (2164)
[195] الحديث أخرجه: البخاري كتاب استبانة المرتدين والمعاندين وقتالهم باب إذا عرض الذمي وغيره بسب النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يصرح نحو قاله السام عليكم ج6/ص2538 (6527) ومسلم كتاب السلام باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام وكيف يرد عليهم ج4/ص1705 (2163)
[196] فتح الباري ج11/ص45، والحديث أخرجه: أحمد بن حنبل ج3/ص113 (12136)، وابن أبي شيبة كتاب الأدب باب في رد السلام على أهل الذمة ج5/ص250 (25763)، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد ج8/ص41 وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح
[197] المعجم الكبير ج11/ص358 (12007)
[198] لم أقف عليه
[199] فتح الباري ج 11/ص46
[200] فتح الباري ج11/ص46
[201] قوله "مر بمجلس فيه أخلاط" بفتح الهمزة جمع خلط، قال في القاموس: الخلط: بالكسر كل ما خالط الشيء، ومن التمر المختلط من أنواع شتى، وجمعه أخلاط. والمراد هنا المختلطون من المسلمين واليهود. تحفة الأحوذي ج7/ص400
[202] الحديث أخرجه: البخاري كتاب الاستئذان باب التسليم في مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين ج5/ص2307 (5899)، ومسلم كتاب الجهاد والسير باب في دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- وصبره على أذى المنافقين ج3/ص1422 (1798).
[203] شرح النووي على صحيح مسلم ج12/ص158
[204] شرح النووي على صحيح مسلم ج12/ص158
[205] فتح الباري ج11/ص39
[206] الآداب الشرعية (1/390)
[207] فتاوى العقيدة. ص 237. ط دار الجيل.
[208] صحيح. أخرجه: ابن ماجه كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها باب الجهر بآمين ج1/ص278( 856 )، وأحمد بن حنبل ج6/ص134(25073 )، والبخاري في الأدب المفرد ج1/ص342 (988 )، وابن خزيمة كتاب الصلاة باب ذكر حسد اليهود المؤمنين على تأمينهم ج3/ص38(1585)، وذكره البوصيري في مصباح الزجاجة ج1/ص106 وقال: هذا إسناد صحيح احتج مسلم بجميع رواته
المصدر
Baca juga:
- Hukum Mengucapkan Salam dalam Islam (1)
- Hukum Mengucapkan Salam dalam Islam (2)
- Hukum Mengucapkan Salam dalam Islam (3)
- Hukum Mengucapkan Salam dalam Islam (1)
- Hukum Mengucapkan Salam dalam Islam (2)
- Hukum Mengucapkan Salam dalam Islam (3)
الفصل الثالث
أحكام السلام
لإلقاء السلام أحكام جليلة ودقيقة، ينبغي على المسلم أن يتعلمها ويطبقها، هذه الأحكام تتمثل فيما يلي:
أولاً: حكم إلقاء السلام ورده:
من السنة إلقاء السلام، ودليل السنية كثيرة جداً، وقد سبق قوله صلى الله عليه وسلم: ((حق المسلم على المسلم ست:.... إذا لقيته فسلم عليه... الحديث)) [107]، وكذلك فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وفعل صحابته رضوان الله عليهم وشهرة ذلك تغنينا عن إيراد النصوص.
قال ابن دقيق: العيد: استدل بالأمر بإفشاء السلام- في حديث البراء- من قال بوجوب الابتداء بالسلام، وفيه نظر إذ لا سبيل إلى القول بأنه فرض عين على التعميم من الجانبين، وهو أن يجب على كل أحد أن يسلم على كل من لقيه لما في ذلك من الحرج والمشقة، فإذا سقط من جانبي العمومين سقط من جانبي الخصوصين إذ لا قائل يجب على واحد دون الباقين ولا يحب السلام على واحد دون الباقين، قال: وإذا سقط على هذه الصورة لم يسقط الاستحباب لأن العموم بالنسبة إلى كلا الفريقين ممكن.
وهذا البحث ظاهر في حق من قال إن ابتداء السلام فرض عيه، وأما من قال فرض كفاية فلا يرد عليه إذا قلنا إن فرض الكفاية ليس واجبا على واحد بعينه.
قال ابن دقيق العبد: ويستثنى من الاستحباب من ورد الأمر بترك ابتدائه بالسلام كالكافر.
قال ابن حجر: ويدل عليه قوله في الحديث المذكور قبل "إذا فعلتموه تحاببتم" والمسلم مأمور بمعاداة الكافر فلا يشرعق له فعل ما يستدعي محبته ومواددته[108].
وكما حثت السنة النبوية على بذل السلام وإلقائه أمرت المسلم برده، واتفق أهل العلم على وجوب الرد على الكفاية؛ وذلك لدفع التوهم بالشر في حالة عدم الرد.
وأدلة الوجوب كثيرة، منها: قوله تعالى: وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها[109].
• عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم. فرد عليه السلام ثم جلس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((عشر)) ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله. فرد عليه فجلس، فقال: ((عشرون)) ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فرد عليه فجلس، فقال : ((ثلاثون)) [110]
قال العيني: قال أصحابنا: رد السلام فريضة على كل من سمع السلام إذا قام به البعض سقط عن الباقين، والتسليم سنة، والرد فريضة، وثواب المسلم أكثر.[111]
قال العيني: قال أصحابنا: رد السلام فريضة على كل من سمع السلام إذا قام بعض البعض سقط عن الباقين، والتسليم سنة، والرد فريضة، وثواب المسلم أكثر[112].
وقال الحليمي: إنما كان الرد واجباً؛ لأن السلام معناه الأمان، فإذا ابتدأ به المسلم أخاه فلم يجبه فإنه يتوهم منه الشر، فيجب عليه دفع ذلك التوهم عنه[113].
وقد ذكر ابن حزم وابن عبد البر والشيخ نقي الدين الإجماع على وجوب الرد[114].
وإذا سلم رجل على جماعة، فإن ردوا كلهم فهو أفضل، وإن رد واحد منهم، سقط الحرج عن الباقين، ولا إثم.
قال النووي: وإن كانوا جماعة كان الرد فرض كفاية في حقهم، فإذا رد واحد منهم سقط الحرج عن الباقين، والأفضل أن يبتدئ الجميع بالسلام وأن يرد الجميع[115].
وقال القارئ: اعلم أن ابتداء السلام سنة مستحبة ليست بواجبة وهي سنة على الكفاية، فإن كانوا جماعة كفى عنهم تسليم واحد ولو سلموا كلهم كان أفضل[116].
وقال الماوردي: لو دخل شخص مجلساً فإن كان الجمع قليلاً يعمهم سلام واحد فسلم كفاه فإن زاد فخصص بعضهم فلا بأس ويكفي أن يرد منهم واحد فإن زاد فلا بأس وإن كانوا كثيراً بحيث لا ينتشر فيهم فيبتدئ أول دخوله إذا شاهدهم وتتأدى سنة السلام في حق جميع من يسمعه ويجب على من سمعه الرد على الكفاية وإذا جلس سقط عنه سنة السلام فيمن لم يسمعه من الباقين.
وهل يستحب أن يسلم على من جلس عندهم ممن لم يسمعه؟ وجهان:
أحدهما: إن عاد فلا بأس وإلا فقد سقطت عنه سنة السلام لانهم جمع واحد وعلى هذا يسقط فرض الرد بفعل بعضهم والثاني إن سنة السلام باقية في حق من لم يبلغهم سلامة المتقدم فلا يسقط فرض الرد من الأوائل عن الأواخر[117].
ثانياً: صفة السلام:
أكمل ألفاظ السلام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يليها: السلام عليكم ورحمة الله.
يليها: السلام عليكم.
ودليل هذا ما ثبت عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم. فرد عليه السلام ثم جلس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((عشر)) ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله. فرد عليه فجلس، فقال ((عشرون)) ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فرد عليه فجلس، فقال: ((ثلاثون))[118].
قوله "عشر" أي: له عشر حسنات، أو كتب أو حصل له أو ثبت عشر، أو المكتوب له عشر[119].
أما صفة الرد فإنه يكون بمثل السلام أو بأحسن منه؛ بقوله تعالى ﴿وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها﴾[120] ويكون الرد بضمير الجميع وإن كان المسلم واحداً؛ فيقال: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
وإذا انتهى المبتدئ بالسلام عند وبركاته، فهل يشرع الزيادة عليها طلباً لظاهر الآية ﴿بأحسن منها﴾ كأن يقول: ومغفرته وإحسانه.. الخ؟
في قوله في حديث سلام آدم عليه السلام "فزادوه ورحمة الله" قال ابن حجر: فيه مشروعية الزيادة في الرد على الابتداء، وهو مستحب بالإتفاق لوقوع التحية في ذلك في قوله تعالى ﴿فحيوا بأحسن منها أو ردوها﴾ فلو زاد المبتدئ ورحمة الله استحب أن يزاد وبركاته.
قال: ونقل ابن دقيق العيد عن أبي الوليد ابن رشد انه يؤخذ من قوله تعالى ﴿ فحيوا بأحسن منها ﴾ الجواز في الزيادة على البركة إذا انتهى إليها المبتدئ.
ولقد أبدع ابن حجر في الرد على هذا السؤالفقال: فلو زاد وبركاته فهل تشرع الزيادة في الرد، وكذا لو زاد المبتدئ على وبركاته هل يشرع له ذلك؟
أخرج مال في الموطأ عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: "انتهى السلام إلى البركة"[121].
وأخرج البيهقي في الشعب من طريق عبدالله بن بأبيه قال: جاء رجل إلى ابن عمر -رضي الله عنه- فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومغفرته. فقال "حسبك إلى وبركاته، انتهى إلى وبركاته"[122].
ومن طريق زهرة بن معبد قال: قال عمر -رضي الله عنه-:"انتهى السلام إلى وبركاته"[123] ورجاله ثقات.
وجاء عن ابن عمر -رضي الله عنه- الجواز، فأخرج مالك أيضاً في الموطأ عنه أنه زاد في الجواب "والغاديات والرائحات"[124].
وأخرج البخاري في الأدب المفرد من طريق عمرو بن شعيب عن سالم مولى ابن عمر رضي الله عنه قال: كان ابن عمر يزيد إذا رد السلام، فأتيته مرة فقلت: السلام عليكم. فقال: السلام عليكم ورحمة الله، ثم أتيته فزدت وبركاته، فرد وزاد وطيب صلواته[125].
ومن طريق زيد بن ثابت أنه كتب إلى معاوية -رضي الله عنه- السلام عليكم يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ومغفرته وطيب صلواته[126].
وأخرج الطبراني من حديث سهل بن حنيف -رضي الله عنه- بسند ضعيف رفعه (من قال السلام عليكم كتب له عشر حسنات، ومن زاد ورحمة الله كتبت له عشرون حسنة، ومن زاد وبركاته كتبت له ثلاثون حسنة)[127].
وأخرج أبو داود من حديث سهل بن معاذ بن أنس الجهني عن أبيه بسند ضعيف نحو حديث عمران بن حصين، وزاد في آخره "ثم جاء آخر فزاد ومغفرته. فقال: أربعون، وقال: هكذا تكون الفضائل. [128]
وأخرج ابن السني في كتابه بسند رواه من حديث أنس -رضي الله عنه- قال: كان رجل يمر فيقول السلام عليكم يا رسول الله. فيقول له: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته ورضوانه[129].
قال ابن حجر: وهذه الأحاديث الضعيفة إذا انضمت قوى ما اجتمعت عليه من مشروعية الزيادة على وبركاته[130].
ثالثاً: كراهة الابتداء بلفظ (عليك السلام) وقد ورد في السنة النبوية ما ينهي عن هذا، منها ما ورد:
عن أبي تيمية الهجيمي عن رجل من قومه قال: طلبت النبي صلى الله عليه وسلم فلم أقدر عليه فجلست فإذا نفر هو فيهم ولا أعرفه وهو يصلح بينهم فلما فرغ قام معه بعضهم فقالوا يا رسول الله فلما رأيت ذلك قلت عليك السلام يا رسول الله عليك السلام يا رسول الله، عيك السلام يا رسول الله، قال: إن عليك السلام تحية الميت، إن عليك السلام تحية الميت ثلاثاً، قم أقبل علي فقال: إذا لقي الرجل أخاه المسلم فليقل السلام عليكم ورحمة الله، ثم رد علي النبي صلى الله عليه وسلم قال وعليك ورحمة الله وعليك ورحمة الله وعليك ورحمة الله[131].
دل هذا الحديث على كراهة قول البادئ في سلامه "عليكم السلام" لأنها الموتى. قال عياض: ويكره أن يقول في الابتداء عليك السلام[132].
وقال النووي[133]: إذا قال المبتدئ وعليكم السلام لا يكون سلاماً ولا يستحق جواباً؛ لأن هذه الصيغة لا تصلح للابتداء، فلو قاله بغير واو فهو سلام، قطع بذلك الواحدي وهو ظاهر.
قال النووي: ويحتمل أن لا يجزئ كما قيل به في التحلل من الصلاة، ويحتمل أن لا يعد سلاماً ولا يستحق جواباً.
وقال الغزالي: يكره للمبتدئ أن يقول عليكم السلام[134].
قال النووي: والمختار لا يكره ويجب الجواب لأنه سلام[135].
ونقل ابن دقيق العيد عن بعض الشافعية أن المبتدئ لو قال عليكم السلام لم يجز لأنها صيغة جواب. قال: والأولى الإجراء لحصول مسمى السلام، ولأنهم قالوا إن المصلى ينوي بإحدى التسليمتين الرد على من حضر وهي بصيغة الابتداء[136].
قال ابن حجر: ولو حذف اللام فقال سلام عليكم أجزأ قال الله تعالى : ﴿ والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم ﴾ [137] وقال تعالى: ﴿ فقل سلام عليكم كتب ربكن على نفسه الرحمة ﴾ [138] وقال تعالى: ﴿ سلام على نوح في العالمين ﴾ [139] إلى غير ذلك، لكن باللام أولى لأنها للتفخيم والتكثير.
قوله "إن عليك السلام تحية الميت" قال الخطابي: هذا يوهم أن السنة في تحية الميت أن ياقل له عيك السلام كما يفعله كثير من العامة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دخل المقبرة فقال: ((السلام عليكم أهل دار قوم مؤمنين)) فقدم الدعاء على اسم المدعو له هو في تحية الأحياء، وإنما كان ذلك القول منه إشارة إلى ما جرت به العادة منهم في تحية الأموات إذ كانوا يقدمون اسم الميت على الدعاء وهو مذكور في أشعارهم، كقول الشاعر:
عليك سلام الله قيس بن عاصم
ورحمته إن شاء أن يترحما
وكقول الشماخ:
عليك السلام من أمير وباركت
يد الله ذلك الأديم الممزق
والسنة لا تختلف في تحية الأحياء والأموات بدليل حديث أبي هريرة الذي ذكرناه، والله أعلم[140].
وقال ابن العربي: في السلام على أهل البقيع لا يعارض النهي في حديث أبي جري؛ لاحتمال أن يكون الله أحياهم لنبيه صلى الله عليه وسلم فسلم عليهم سلام الأحياء.
قال ابن حجر: كذا قال، ويرده حديث عائشة المذكور. قال: ويحتمل أن يكون النهي مخصوصاً بمن يرى أنها تحية الموتى وبمن يتطير بها من الأحياء فإنها كانت عادة أهل الجاهلية وجاء الإسلام بخلاف ذلك[141].
وقال عياض: كانت عادة العرب في تحية الموتى تأخير الاسم كقولهم "عليه لعنة الله وغضبه" عند الذم، وكقوله تعالى: ﴿ وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين ﴾ [142].
وتعقب بأن النص في الملاعنة ورد بتقديم اللعنة والغضب على الاسم[143].
وقال القرطبي: يحتمل أن يكون حديث عائشة لمن زار المقبرة فسلم على جميع من بها.
وحديث أبي جرى إثباتاً ونفياً في السلام على الشخص الواحد[144].
وقال ابن القيم: وكان هديه في ابتداء السلام أن يقول السلام عليكم ورحمة الله، وكان يكره أن يقول المبتدئ عليك السلام، قال أبو جري الهجيمي: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: عليك السلام يا رسول الله. فقال: لا تقل عليك السلام لأن عليك السلام تحية الموتى. حديث صحيح، وقد أشكل هذا الحديث على طائفة وظنوه معارضاً لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في السلام على الأموات بلفظ السلام عليكم بتقديم السلام، فظنوا أن قوله "فإن عليك السلام تحية الموتى" إخبار عن المشروع، وغلطوا في ذلك غلطاص أوجب لهم ظن التعارض، وإنما معنى قوله "فإن عليك السلام تحية الموتى" إخبار عن الواقع لا المشروع، أي أن الشعراء ويغرهم يحيون الموتى بهذه اللفظة.. فكره النبي صلى الله عليه وسلم أن يحيا بتحية الأموات، ومن كراهته لذلك لم يرد على المسلم، وكان يرد على المسلم "وعليك السلام" بالواو، وبتقديم عليك على لفظ السلام[145].
رابعاً: السلام على المرأة الأجنبية:
سلام الرجل على المرأة الأجنبية، منعه بعض أهل العلم، وأجازه البعض بقيد أمن الفتنة، وبعضهم فصل فقال: إن كانت شابة جميلة لم يجرز، وإن كانت عجوزاً جاز، وبعضهم أطلق فمنعه في الشابة، وأجازه مع الكبيرة، وهو المختار، وعلة المنع ظاهرة، وهي سد الذريعة، وخشية الافتتان. وما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك، فهو معصوم مأمون من الفتنة، وما ورد عن الصحابة، يحمل على أمن الفتنة. والدليل على هذا ما رواه ابن أبي حازم عن أبيه عن سهل قال:... كانت لنا عجوز ترسلُ إلى بُضاعة – نخل بالمدينة – فتأخذ أصُول السَّلق فتطرحه في قدرٍ وتكركر حبات من شعير، فإذا صلينا الجمعة انصرفنا ونسلم عليها، فتقدمه إلينا، فنفرح من أجله، وما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة[146], وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عائشة، هذا جبريل يقرأ عليك السلام قالت قلت وعليه السلام ورحمة الله ترى ما لا نرى تريد رسول الله صلى الله عليه وسلم[147].
وثبت في مسلم حديث أم هانئ رضي الله عنها أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يغتسل فسلمت عليه[148].
قال النووي: وأما النساء فإن كن جميعاً سلم عليهن، وإن كانت واحدة سلم عليها النساء وزوجها وسيدها ومحرمها سواء كانت جميلة أو غيرها، وأما الأجنبي فإن كانت عجوزاً لا تشتهي استحب له السلام عليها واستحب لها السلام عليه ومن سلم منهما لزم الآخر رد السلام عليه، وإن كانت شابة أو عجوزاً تشتهي لم يسلم عليها الأجنبي ولم تسلم عليه ومن سلم منهما لم يستحق جواباً ويكره رد جوابه هذا مذهبنا ومذهب الجمهور[149].
وقال الحليمي: كان صلى الله عليه وسلم للعصمة مأموناً من الفتنة، فمن وثق من نفسه بالسلامة فليسلم، وإلا فالصمت أسلم[150].
وقال ابن بطال عن المهلب: سلام الرجل على النساء والنساء على الرجال جائز إذا أمنت الفتنة.
وفرق المالكية بين الشابة والعجوز سداً للذريعة.
ومنعه في الشابة، وإجازته مع الكبيرة منصوص أحمد رحمه الله قال صالح: سألت أبي: يسلم على المرأة؟ فقال: أما الكبيرة، فلا بأس، وأما الشابة فلا تستنطق[151].
وقال الكوفيون: لا يشرع للنساء ابتداء السلام على الرجال لأنهن منعن من الأذان والإقامة والجهر بالقراءة، قالوا: ويستثنى المحرم فيجوز لها السلام عل ى محرمها[152].
وصوب ابن القيم في هذه المسألة: أنه يسلم على العجوز وذوات المحارم دون غيرهن[153].
وقال ابن حجر: والمراد بجوازه أن يكون عند أمن الفتنة[154].
خامساً: السلام بالإشارة:
الأصل في السلام بالإشارة النهي، لأنه من فعل أهل الكتاب ونحن أمرنا بمجانبتهم، وعدم التشبه بهم. وقد أخرج الترمذي حديث في النهي عن التسليم بالإشارة وإنها من شعار أهل الكتاب، ووسمه الترمذي بالغرابة، وقال عنه الحافظ ابن حجر: وفي سنده ضعف[155]؛ ولكن أخرج النسائي بسند جيد عن جابر رفعه: ((لا تسلموا تسليم اليهود، فإن تسليمهم بالرءوس والأكف والإشارة))[156].
وقد يرد على هذا الحديث ما روته أسماء بنت يزيد أنها قالت: ((ألوى النبي صلى الله عليه وسلم بيده إلى النساء بالسلام))[157]. ولكن هذا محمولٌ على قرن الإشارة بالتلفظ بالسلام. قال النووي بعد حديث الترمذي: فهذا محولٌ على أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين اللفظ والإشارة، يدل على هذا أن أبا داود روى هذا الحديث، وقال في روايته: ((فسلم علينا))[158].
وقال الحافظ: والنهي عن السلام بالإشارة مخصوص بمن قدر على اللفظ حساً وشرعاً، وإلا فهي مشروعة لمن يكون في شغل يمنعه من التلفظ بجواب السلام كالمصلي والبعيد والأخرس، وكذا السلام على الأصم[159].
وقال المباركفوري: ولعلهم كانوا يكتفون في السلام أو رده أو فيهما بالإشارتين من غير نطق بلفظ السلام، الذي هو سنة آدم وذريته من الأنبياء والأولياء[160].
ويستثنى من كراهة السلام بالإشارة من كان بعيداً بحيث لا يسمع التسليم بجوز السلام عليه إشارة، ويتلفظ مع ذلك بالسلام[161].
وكذلك يستثنى من كراهة السلام بالإشارة السلام حال الصلاة، فمن الجائز السلام على المصلي، وهذا ثابت من إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لصحابته، حيث كانوا يسلمون عليه وهو في الصلاة ولم ينكر عليهم ذلك.
ومن الأدلة على هذا حديث جابر قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثني لحاجة. ثم أدركته وهو يسير (قال قتيبة: يصلي) فسلمت عليه. فأشار إلي. فلما فرغ دعاني فقال: (إنك سلمت آنفاً وأنا أصلي) وهو موجه حينئذ قبل المشرق[162].
ومنها: حديث صهيب أنه قال: مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يصلي، فسلمت عليه، فرد إشارة. قال: ولا أعلمه إلا قال: إشارة بأصبعه[163].
ففي هذه الأحاديث وغيرها دليل على جواز إلقاء السلام على المصلي، ورده بالإشارة.
وليست هناك صفة محدد لرد السلام بالإشارة في الصلاة، والوارد في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم متنوع، فمرة كانت الإشارة بالأصح كما في حديث صهيب المتقدم، ومرة كانت الإشارة باليد كما في حديث جابر، ومرة كانت الإشارة بالكف كما في حديث عبدالله بن عمر -رضي الله عنه- قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قباء يصلي فيه، قال: فجاءته الأنصار، فسلموا عليه، وهو يصلي، قال: فقلت لبلال: كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرد عليهم حين كانوا يسلمون عليه وهو يصلي؟ قال يقول هكذا، وبسط كفه، وبسط جعفر بن عون[164] كفه وجعل بطنه أسفل وجعل ظهره إلى فوق[165].
قال في عون المعبود: واعلم أن ورد الإشارة لرد السلام في هذا الحديث بجميع الكف، وفي حديث جابر باليد، وفي حديث ابن عمر عن صهيب بالأصبع، وفي حديث ابن مسعود عند البيهقي بلفظ "فأومأ برأسه"[166]، وفي رواية له "فقال برأسه"[167] يعني الرد، ويجمع بين هذه الروايات بأنه صلى الله عليه وسلم فعل هذا مرة فيكون جميع ذلك جائزاً. والله أعلم[168].
سابعاً: جواز السلام على تالي القرآن ووجوب رده:
السلام على المشتغل بتلاوة القرآن منعه بعض العلماء وأجازه بعضهم، والصواب مع من أجازه، فلا دليل على إخراج تالي القرآن من عمومات النصوص التي تحق على إفشاء السلام، وعلى وجوب رده.، وكونه مشتغلاً باعلى أنواع الذكر وهو قراءة القرآن؛ لا يمنع من إلقاء السلام عليه، ولا يسقط عنه واجب الرد.
قال النووي: وأما المشتغل بقراءة القرآن، فقال الواحدي: الأولى ترك السلام عليه، فإن سلم عليه كفاه الرد بالإشارة، وإن رد لفظا استأنف الاستعاذة وقرأ.
قال: وفيه نظر، والظاهر أنه يشرع السلام عليه ويجب عليه الرد، ثم قال: وأما من كان مشتغلاً بالدعاء مستغرقاً فيه مستجمع القلب فيحتمل أن يقال هو كالقارئ، والأظهر عندي أنه يكره السلام عليه؛ لانه يتنكد به ويشق عليه أكثر من مشقة الأكل[169].
ثامناً: كراهية السلام على المتخلي:
يكره لن يقضي حاجته ببول أو غائط أن يرد السلام بإتفاق أهل العلم، والأصل في هذا ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما: أن رجلاً مر ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبول فسلم فلم يرد عليه[170].
ويستحب لمن أُلقي عليه السلام وهو يقضي حاجته أن يرد السلام بعد الوضوء تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد روى المهاجر بن قنفذ أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول، فسلم عليه، فلم يرد عليه حتى توضأ، ثم اعتذر إليه، فقال: ((إني كرهت أن أذكر الله عز وجل إلى على طهر)) أو قال ((على طهارة))[171].
وكما يكره رد السلام لمن هو مشتغل بقضاء الحاجة فكذا يكره أن يلقى عليه السلام. قال النووي: يستثنى من العمود بابتداء السلام من كان مشتغلاً بأكل أو شرب أو جماع أو كان في الخلاء أو الحمام أو نائماً أو ناعساً أو مصلياً أو مؤذاناً مادام متلبساً بشيء مما ذكر فلم لم تكن اللقمة في فم الآكل مثلاً شرع السلام عليه ويشرع في حق المتبايعين وسائر المعاملات، واحتج له ابن دقيق العيد بأن الناس غالباً يكونون في اشغالهم فلو روعي ذلك لم يحصل امتثال الإفشاء.
وقال ابن دقيق العيد: احتج من منع السلام على من في الحمام بأنه بيت الشيطان وليس موضع التحية لاشتغال من فيه بالتنظيف قال: وليس هذا المعنى بالقوي في الكراهية بل يدل على عدم الاستحباب[172].
قلت: ويستثنى من كراهة إلقاء السلام على من كان في الخلاء من كان عليهم إزار؛ فإنه حينئذ لا كراهة في السلام عليهم، يدل على هذا ما ثبت في صحيح مسلم عن أم هانئ قالت: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يغتسل وفاطمة تستره فسلمت عليه... الحديث[173].
تاسعاً: السلام على أهل المعاصي والمبتدعة:
أما أهل المعاصي فهو يسلم عليهم ويرد عليهم سلامهم، قال النووي: اعلم أن الرجل المسلم الذي ليس بمشهور بفسق ولا بدعة يسلِّم ويسلَّم عليه، فيسن له السلام ويجب الرد عليه[174].
ولكن إن كان العاصي مشهوراً بفسقه ومعصيته، فهل يقال بترك السلام عليه؟ الجواب: إذا كان في ترك السلام عليه مصلحة راجحة، كأن يرتدع العاصي عن معصيته إذا لم يُسلم عليه أو لا يرد عليه سلامه، فإن كان في ذلك مصلحة تُرك السلام عليه لعله ينتهي، اما إن كان العكس وغلب على ظننا أنه معصيته تزيد؛ فإننا نسلم عليه ونرد عليه سلامه تقليلاً للمفسدة لأنه لا مصلحة من ترك السلام عليه.
وأما أهل البدع؛ فإن من البدع ما يكون مكفراً، ومنها دون ذلك. فصاحب البدعة المكفرة لا يسلم عليه بحال، وصاحب البدعة غير المكفرة فإنه يأخذ حكم أهل المعاصي كما سبق بيانه. قال الشيخ: أما هجرهم (أي المبتدعة) فهذا يترتب على البدعة، فإذا كانت البدعة مكفَّرة وجب هجره، وإذا كانت دون ذلك فإننا نتوقف في هجره إن كان في هجره مصلحة فعلناه، وإن لم يكن فيه مصلحة اجتنباه، وذلك أن الأصل في المؤمن تحريم هجره لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((ولا يحل لرجل مؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاث))[175].
والأصل في هذا كله حديث كعب بن مالك الطويل في تخلفه عن الغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوبة الله عليه – وفيه قال كعب: ((ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا أيها الثلاثة من بين من تخلف عنه، فاجتنتنا الناس، وتغيروا لنا، حتى تنكرت في نفسي الأرض فما هي بالتي أعرف. فلبثنا على ذلك خمسين ليلة، فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان، وأما أنا فكنت أشبَّ القوم وأجلدهم، فكنت أخرج فأشهد الصلاة مع المسلمين، وأطوف في الأسواق، ولا يكلمني أحد، وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة، فأقول في نفسي: هل حرك شفتيه بردِّ السلام عليَّ أم لا؟))[176].
قال الطبري: قصة كعب بن مالك أصل في هجران أهل المعاصي[177].
عاشراً: كراهية السلام حال خطبة الجمعة.
ودليل هذا حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة: أنصت – والإمام يخطب – فقد لغوت))[178].
وعلى هذا لا يشرع السلام حال الخطبة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم المأمومين بالإنصات حال خطبة الإمام.
قال النووي: وأما السلام حال الخطبة في الجمعة فيكره للأمر بالإنصات، فلو سلم لم يجب الرد عند من قال الإنصات واجب، ويجب عند من قال أنه سنة، وعلى الوجهين لا ينبغي أن يرد أكثر من واحد[179].
ولو سلم أحد الداخلين إلى المسجد والإمام يخطب يوم الجمعة هل يجب على المأمومين رد السلام؟
الجواب: لا يجوز لمن دخل والإمام يخطب يوم الجمعة إذا كان يسمع الخطبة أن يبدأ بالسلام من في المسجد، وليس لمن في المسجد أن يرد عليه والإمام يخطب، ولكن إن رد عليه بالإشارة جاز[180].
وما يلزم المأموم إذا سلم عليه من بجانبه وصافحه أثناء خطبة الجمعة؟
الجواب: يصافحه بيده ولا يتكلم، ويرد عليه السلام بعد انتهاء الخطيب من الخطبة الأولى، وإن سلم والإمام يخطب الخطبة الثانية فأنت تسلم عليه بعد انتهاء الخطيب من الثانية[181].
حادي عشر: ابتداء أهل الكتاب بالسلام والرد عليهم:
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبدأوا أهل الكتاب بالسلام.
• عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تبدؤُوا اليهود والنصارى بالسلام، فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه))[182].
قوله: ((لا تبدءوهم بالسلام)) لأن السلام إعزاز وإكرام ولا يجوز إعزازهم ولا إكرامهم بل اللائق بهم الأعراض عنهم وترك الالتفات إليهم تصغيراً لهم وتحقيراً لشأنهم[183].
وفي ضوء هذه الجملة من الهدي النبوي اختلف أهل العلم في حكم ابتداء أهل الكتاب بالسلام والرد عليهم. قال النووي: واختلف العلماء في رد السلام على الكفار وابتدائهم به فمذهبنا تحريم ابتدائهم به ووجوب رده عليهم بأن يقول وعليكم أو عليكم فقط، ودليلنا في الابتداء قوله صلى الله عليه وسلم ((لا تبدأوا اليهود ولا النصارى بالسلام)) وفي الرد قوله صلى الله عليه وسلم ((فقولوا وعليكم))، وبهذا الذي ذكرناه عن مذهبنا قال أكثر العلماء وعامة السلف.
وذهبت طائفة إلى جواز ابتدائنا لهم بالسلام، روى ذلك عن ابن عباس قال: من سلم عليك فرد عليه ولو كان مجوسياً. وروى ايضاً عن أبي أمامة وابن ابي محيريز، وبه قال الشعبي وقتادة، وهو وجه لبعض أصحابنا حكاه الماوردي لكنه قال: يقول: السلام عليك ولا يقول عليكم بالجمع، واحتج هؤلاء بعموم الآية، وبعمود الأحاديث وبإفشاء السلام، وهي حجة باطلة لأنه عام مخصوص بحديث ((لا تبدأوا اليهود ولا النصارى بالسلام))، وأما الآية فقد قال عطاء: الآية مخصوصة بالمسلمين فلا يرد السلام على الكافر مطلقاً.
قال: وقال بعض أصحابنا يكره ابتداؤهم بالسلام ولا يحرم وهذا ضعيف أيضاً لأن النهي للتحريم فالصواب تحريم ابتدائهم.
وحكى القاضي عن جماعة أنه يجوز ابتداؤهم به للضرورة والحاجة أو سبب، وهو قول علقمة والنخعي[184].
وقوله: ((فاضطروهم إلى أضيق الطريق)). قال النووي: قال أصحابنا: لا يترك للذمي صدر الطريق بل يضطر إلى أضيقه إذا كان المسلمون يطرقون فإن خلت الطريق عن الزحمة فلا حرج قالوا: وليكن التضييق بحيث لا يقع في وهدة ولا يصدمه جدار ونحوه والله أعلم[185].
وقال القارئ: أي ألجؤهم إلى أضيقه بحيث لو كان في الطريق جدار يلتصق بالجدار وإلا فيأمره ليعدل عن وسط الطريق إلى أحد طرفيه[186].
قال المناوي: فاضطروه إلى أضيقه بحيث لا يقع في وهدة لا يصدمه نحو جدار أي لا تتركوا له صدر الطريق إكراماً واحتراماً، فهذه الجملة مناسبة للأولى في المعنى والعطف، وليس معناه – كما قال القرطبي – إنا لو لقيناهم في طريق واحد نلجئهم إلى حرفه حتى يضيق عليهم لأنه إيذاء بلا سبب وقد نهينا عن إيذائهم ونبه بهذا على ضيق مسلك الكفر وأنه يلجئ إلى النار[187].
ولكن ماذا لو دعت الحاجة للسلام على أهل الكتاب، فهل يجوز السلام عليهم؟
الجواب: الحديث السابق ظاهر في المنع، ولكن إن احتيج لذلك، فليكن بغير السلام، ككيف أصبحت، أو كيف أمسيت ونحو ذلك. قال ابن مفلح: قال الشيخ تقي الدين: إن خاطبه بكلامٍ غير السلام مما يؤنسه به، فلا بأس بذلك[188].
وقال النووي: قال أبو سعد المتولي: لو أراد تحية ذمي، فعلها بغير السلام، بأن يقول: هداك الله، أو أنعم الله صباحك. قلت: (أي: النووي): هذا الذي قاله أبو سعد لا بأس به إذا احتاج إليه، فيقول: صُبحت بالخير، أو السعادة، أو العافية، أو صبحك الله بالسرور، أو بالسعادة والنعمة، أو بالمسرة، أو ما أشبه ذلك. وأما إذا لم يحتج إليه، فالاختيار أن لا يقول شيئاً، فإن ذلك بسط له وإيناس وإظهار صورة ود، ونحن مأمورون بالإغلاظ عليهم ومنهيون عن ودهم فلا نظهره. والله أعلم[189].
وإذا سمع المسلم الكتابي يقول: (السلام عليكم) بلفظ واحد، فهل نرد عليه بـ (وعليكم) عملاً بظاهر الحديث، أم نرد عليه سلامه ونقول: (وعليكم السلام)؟
الجواب: ذهب بعض أهل العلم إلى أنه إذا تحققنا من لفظ السلام ولم نشك فيه فإنه ينبغي علينا أن نرد السلام.
قال ابن القيم: فلو تحقق المسامع أن الذي قال له: سلام عليكم لا شك فيه، فهل له أن يقول: وعليك السلام، أو يقتصر على قوله وعليك؟ فالذي تقتضيه الأدلة الشرعية وقواعد الشريعة أن يقال له، وعليك السلام. فإن هذا من باب العدل، والله تعالى يأمر بالعدل والإحسان، وقد قال تعالى: ﴿وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها﴾[190]. فندب إلى الفضل، وأوجب العدل ولا ينافي هذا شيئاً من أحاديث الباب بوجه ما فإنه صلى الله عليه وسلم إنما أمر بالاقتصار على قول الراد (وعليكم) بناء على السبب المذكور الذي كانوا يعتمدونه في تحيتهم، وأشار إليه في حديث عائشة – رضي الله عنها – فقال: ((ألا تزينني قلت: وعليكم، لما قالوا: السّام عليك[191])) ثم قال: ((إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم)). والاعتبار وإن كان لعموم اللفظ فإنما يعتبر عمومه في نظير المذكور لا فيما يخالفه. قال الله تعالى ﴿وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ المَصِيرُ﴾. فإذا زال السبب، وقال الكتابي: ((سلام عليكم ورحمة الله)) فالعدل في التحية أن يرد عليه نظير سلامه. أ.هـ[192].
ومع جواز الرد على أهل الكتاب إذا سلموا لكن لا يقال لهم وعليكم السلام، بل يقال عليكم فقط أو وعليكم.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل رهط من اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: السام عليكم ففهمتها فقلت: عليكم السام واللعنة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مهلاً يا عائشة، فإن الله يحب الرفق في الأمر كله. فقلت: يا رسول الله، أو لم تسمع ما قالوا؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقد قتل: وعليكم[193].
وعن عبدالله بن عمر رضي الله -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا سلم عليكم اليهود فإنما يقول أحدهم: السام عليك. فقل: وعليك[194].
وعن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم))[195].
قال ابن حجر:..... وذهب جماعة من السلف إلى أنه يجوز أن يقال في الرد عليهم "عليكم السلام" كما يرد على المسلم، واحتج بعضهم بقوله تعالى: ﴿فاصفح عنهم وقل سلام﴾ وحكاه الماوردي وجهاً عن بعض الشافعية لكن لا يقول ((ورحمة الله)).
قال النووي: وهو ضعيف مخالف للأحاديث. وقيل: يجوز مطلقاً، وعن ابن عباس وعلقمة يجوز عند الضرورة، وعن الأوزاعي إن سلمت فقد سلم الصالحون وإن تركت فقد تركوا، وعن طائفة من العلماء لا يرد عليهم السلام أصلاً؛ وعن بعضهم التفرقة بني أهل الذمة وأهل الحرب، والراجح من هذه الأقوال كلها ما دل عليه الحديث ولكنه مختص بأهل الكتاب، وقد أخرج أحمد بسند جيد عن حميد بن زادويه وهو غير حميد الطويل في الأصح عن أنس "أمرنا أن لا نزيد على أهل الكتاب على "وعليكم"[196].
ولا يجوز أن يقتصر المسلم في الرد على أخيه على قوله "وعليكم" كما يرد على أهل الكتاب. قال ابن حجر: واستدل به – أي: حديث عائشة في الرد على أهل الذمة- على أن هذا الرد – يعني: لفظ "وعليكم"- خاص بالكفار فلا يجزئ في الرد على المسلم، وقيل: إن أجاب بالواو أجزأ وإلا فلا.
وقال ابن دقيق العيد: التحقيق أنه كاف في حصول معنى السلام لا في امتثال الأمر في قوله "فحيوا بأحسن منها أو ردوها" وكأنه أراد الذي بغير واو، وأما الذي بالواو فقد ورد في عدة أحاديث، منها في الطبراني عن ابن عباس جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: سلام عليكم فقالت: وعليك ورحمة الله[197]"، وله في الأوسط عن سلمان أتى رجل فقال: السلام عليك يا رسول الله، فقال: وعليك. [198]" قال ابن حجر: لكن لما اشتهرت هذه الصيغة للرد على غير المسلم ينبغي ترك جواب المسلم بها وإن كانت مجزئة في أصل الرد، والله أعلم[199].
وإذا سلم المسلم على رجل يظنه من مسلماً ثم بان له أنه على غير ملة الإسلام، فماذا يفعل؟
قال الباجي: ونقل ابن العربي عن مالك: لو ابتدأ شخصاً بالسلام وهو يظنه مسلماً فبان كافرا كان ابن عمر يسترد منه سلامه. وقال مالك: لا. قال ابن العبي: لأن الاسترداد حينئذ لا فائدة له؛ لأنه لم يحصل له منه شيء لكونه قصد السلام على المسلم. وقال غيره: له فائدة وهو إعلام الكافر بأنه ليس أهلاً للابتداء بالسلام.
قال ابن حجر: ويتأكد إذا كان هناك من يخشى إنكاره لذلك أو اقتداؤه به إذا كان الذي سلم ممن يقتدي به[200].
ثاني عشر: جواز السلام على مجلس فيه أخلاط[201] من المسلمين والمشركين:
إذا مر المسلم على مجلس فيه مسلمون وغيرهم، فإنه لا بأس أن يسلم ويقصد بسلامه المسلمين، دل على هذا فعل الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم.
عن أسامة بن زيد رضي الله عنه ((أن النبي صلى الله عليه وسلم ركب حماراً عليه إكافٌ تحته قطيفة فدكية، وأردف وراءهُ أسامة بن زيد وهو يعود سعد بن عبادة في بني الحارث بن الخزرج – وذلك قبل وقعة بدر – حتى مرَّ في مجلس فيه أخلاطٌ من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود، وفيهم عبدالله بن أبيِّ سلول، وفي المجلس عبدالله بن رواحة. فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة خمَّر عبدالله بن أبيٍّ أنفه بردائه، ثم قال: لا تغبروا علينا. فسلم عليهم النبي صلى الله عليه وسلم ثم وقف فنزل فدعاهم إلى الله، وقرأ عليهم القرآن.. الحديث[202])).
قال النووي: فيه جواز الابتداء بالسلام على قوم فيهم مسلمون وكفار، وهذا مجمع عليه[203].
وقال: ويجوز الابتداء بالسلام على جمع فيهم مسلمون وكفار أو مسلم وكفار ويقصد المسلمين[204].
قال ابن العربي: ومثله إذا مر بمجلس يجمع أهل السنة والبدعة، وبمجلس فيه عدول وظلمة، وبمجلس فيه محب ومبغض[205].
ولا يعكر على هذا حديث المنع من ابتداء أهل الكتاب بالسلام، فإن ذلك الحديث في ما إذا كان المُسَّلم عليه ذمياً أو كانوا جماعة من أهل الكتاب، أما هنا فإن المجلس فيه مسلمون، ولذلك فإنه يجوز السلام على مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين بنية السلام على المسلمين فقط. قيل للإمام أحمد رضي الله عنه: نعامل اليهود والنصارى ونأتيهم في منازلهم وعندهم قوم مسلمون، أُسلم عليهم؟ قال: نعم، وتنوي السلام على المسلمين[206].
وهل يقال لجماعة فيهم مسلمون وكفار عند السلام: السلام على من أتبع الهدى؟
الجواب: لا يقال ((السلام على من اتبع الهدى)) لجماعة فيهم مسلمون وكفار، بل يسلم عليهم كما سبق وينوي بذلك المسلمين، وحول هذا المعنى قال ابن عثيمين: وإذا كانوا مسلمين ونصارى فإنه يسلم عليهم بالسلام المعتاد يقول السلام عليكم يقصد بذلك المسلمين[207].
الخاتمة
1- إن تحية الإسلام تعبير عن احترام المسلم لأخيه وعدم احتقاره وأنه يريد له حياة كريمة مملوءة أمناً وأماناً وسكينة وطمأنينة ووقاراً.
2- إن إفشاء السلام له أثر كبير في توثيق عرى المحبة والألفة والتضامن بين المسلمين وعليه فهو سبب أصيل في دخول الجنان.
3- إن إفشاء السلام من حقوق الأخوة وأحد الوصايا التي أوصى بها الرسول الكريم أمته والاستجابة لهذه الوصية تعني استقرار المجتمع المسلم وسلامته.
4- إن البادئ بالسلام أولى الناس بالله تعالى في مرضاته وخيراته وإحسانة وأخصهم برحمته وغفرانه وما ذلك إلا لصفاء نفسه ونقاء فطرته
5- الأصل في السلام أن يبتدأ به الأقل رتبة فيسلم الصغير على الكبير أو الأقل عدداً فيسلم القليل على الكثير أو صاحب المزية فيسلم الراكب على الماشي وهكذا
6- من السنة إلقاء السلام على الصبيان تعويداً لهم وتدريباً على آداب الشريعة وحملاً للنفس على التواضع.
7- لا ينبغي أن يقتصر المرء في سلامه على من يعرفه بل يشمل سلامه كل من يلاقيه من المسلمين.
8- السلام اسم من أسماء الله تعالى وإلقاءه ورده بركة وخير وفضل ولذا استحب أن يبدأ الرجل أهله بالسلام إذا دخل عليهم.
9- من السنة إلقاء المسلم السلام حال مغادرته المجلس ليعلم أهله أنهم آمنون منه في كل أحواله حال حضوره وغيابه حال دخوله وخروجه.
كما تلخص عندي مجموعة من الأحكام المتعلقة بإفشاء السلام وهي:
1- إلقاء السلام سنة وارده واجب على الكفاية إن كانوا جماعة وإلا فهو فرض عين.
2- الأفضل للمسلم أن يأتي بلفظ السلام كاملا دون الاقتصار على بعضه لما في ذلك من زيادة الفضل والثواب.
3- الأصل أن يسلم الرجل على محارمه أما المرأة الأجنبية فإنه يجوز أن يسلم عليها إذا كانت عجوز بشرط أمن الفتنة.
4- ليس من سمات أهل الإيمان الإشارة بالكف حال السلام إلا في حالة كرد السلام أثناء الصلاة أو كان المسلم عليه بعيدا بحيث لا يسمع السلام أو كان أصم أو أخرس لكن بشرط أن يتلفظ بالسلام.
5- لا يمنع إلقاء السلام ورده إلا في حالتين:
الأولى: وهي اشتغال المسلم بقضاء حاجته لأن الخلاء ليس موضعا للتحية ولا لذكر الله تعالى.
الثانية: حال خطبة الجمعة لأمر الرسول المسلمين بالانصات التام.
6- إذا كانت هناك مصلحة راجحة من ترك السلام على العاصي والمبتدع فحينئذ يترك السلام عليه من باب الزجر بالهجر وإلا فلا يشرع ترك السلام.
7- لا يجوز للمسلم أن يبدأ كتابا بالسلام لأن السلام إغرار وإكرام وهذا لا يليق بهم وإنما اللائق بهم الإعراض عنهم وترك الالتفاف إليهم، فإذا سلم الكتابي على المسلم فإنه يرد عليه بقوله وعليكم إلا إذا سمعه بلفظ واضح يقول له السلام عليكم فإنه يرد عليه قائلا " وعليكم السلام " من باب العدل والانصاف.
8- إذا مر المسلم على مجلس فيه مسلمون وكفار أو عدول ظلمه فإنه لا بأس أن يسلم عليهم ويقصد بسلامه المسلمين والعدول.
وبعد:
فلو أن المسلمين التزموا التزاماً عملياً بهذه السنة الطيّبة، وأفشوا السلام بينهم في كلّ مكان، وعلى أية حال، في السفر أو الحضر، في الرخاء أو البأساء، لنعموا بالسلام، وانتشر الأمن والأمان والعدل والاستقرار، ولهذا لم يُحسد المسلمون على شئ مثلما حسدوا على السلام.
• عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السلام والتأمين)) [208]
المراجع
[108] فتح الباري ج 11/ ص 19
[109] سورة النساء، آية رقم 86
[110] صحيح. أخرجه: أبو داود كتاب الأدب باب كيف السلام ج4/ص350( 5195)، والترمذي كتاب الاستئذان باب ما ذكر في فضل السلام ج5/ص52 (2689) وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، وأحمد بن حنبل ج4/ص439(19962)، والدارمي كتاب الاستئذان باب في فضل التسليم ورده ج2/ص360(2640)
[111] عمدة القاري ج8/ص11
[112] عمدة القارئ ج 8/ ص 11
[113] فتح الباري ج 11/ص7
[114] انظر: الآداب الشرعية (1/356) ط. مؤسسة الرسالة.
[115] شرح النووي على صحيح مسلم ج14/ ص140
[116] عون المعبود ج14/ص 79
[117] فتح الباري ج 11/ ص 14
[118] صحيح. أخرجه: أبو داود كتاب الأدب باب كيف السلام ج 4/ص 350 (5195)، والترمذي كتاب الاستئذان باب ما ذكر في فضل السلام ج 5/ص 52 (2689) وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، وأحمد بن حنبل ج4 / ص 439 (19962)، والدارمي كتاب الاستئذان باب في فضل التسليم ورده ج2/ ص 360 (2640).
[119] تحفة الأحوذي ج7/ ص 384
[120] سورة النساء. آية رقم 86
[121] موطأ مالك كتاب السلام باب العمل في السلام ج2/ ص 959 (1722)
[122] شعب الإيمان ج6/ص 456 (8880)
[123] شعب الإيمان ج6/ص 510 (9096) والقائل هو عروة وليس عمر.
[124] موطأ مالك كتاب السلام باب جامع السلام ج2 / ص 962 (1727)
[125] الأدب المفرد باب التسليم بالمعرفة وغيرها ج1/ ص 351 (1016)
[126] الأدب المفرد باب منتهى السلام ج1/ ص 346 (1001)
[127] المعجم الكبير ج6/ص75 (5563)، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد ج8/ص31 وقال: رواه الطبراني وفيه موسى بن عبيدة الربذي وهو ضعيف.
[128] سنن أبي داود كتاب الأدب باب كيف السلام ج4/ص 350 (5196)
[129] عمل اليوم والليلة باب رد الواحد من الجماعة يجزئ عن جميعهم ج1/ص197 (235)
[130] فتح الباري ج 11/ص 6
[131] الحديث أخرجه: أبو داود كتاب الأدب باب كراهية أن يقول عليك السلام ج4/ص353 (5209)، والترمذي كتاب الاستئذان باب ما جاء في كراهية أن يقول عليك السلام مبتدئاً ج5/ص71 (2722) وقال: هذا حديث حسن صحيح، والنسائي في السنن الكبرى كتاب عمل اليوم والليلة باب كيف السلام ج6/ص87 (10149)، وأحمد بن حنبل ج3/ص482 (15997).
[132] فتح الباري ج11/5
[133] الأذكار
[134] إحياء علوم الدين
[135] فتح الباري ج11/ص5
[136] فتح الباري ج11/ص5
[137] سورة الرعد، آية رقم 23
[138] سورة الأنعام آية رقم 54
[139] سورة الصافات، آية رقم 79
[140] تحفة الأحوذي ج7/ص 420
[141] فتح الباري ج11/ص5
[142] سورة الحجر، آية رقم 35
[143] فتح الباري ج11/ص5
[144] فتح الباري ج11/ص5
[145] قال المباركفوري: في قوله "ومن كراهته لذلك لم يرد على المسلم" نظر فإنه قد وقع في رواية الترمذي هذه ثم رد على النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: وعليك ورحمة الله. تحفة الأحوذي ج7/ص421.
[146] الحديث أخرجه: البخاري كتاب الاستئذان باب تسليم الرجال على النساء والنساء على الرجال ج5/ص2306 (5894) ومسلم كتاب الجمعة باب صلاة الجمعة حين تزول الشمس ج2/ص588 (859).
[147] سبق تخريجه
[148] البخاري كتاب الصلاة باب الصلاة في الثواب الواحد ملتحفاً به ج1/ص141 (350)، ومسلم كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب استحباب صلاة الضحى وأن أٌلها ركعتان وأكملها ثمان ركعات وأوسطها أربع أو ست والحث على المحافظة عليها ج1/ص498 (336).
[149] شرح النووي على صحيح مسلم ج14/ ص 149
[150] فتح الباري ج11/ص34
[151] الآداب الشرعية (1/352)
[152] عون المعبود ج14/ص75
[153] زاد المعاد 2/411، 412
[154] فتح الباري ج11/ص33
[155] الحديث أخرجه: الترمذي كتاب الاستئذان باب ما جاء في كراهية إشارة اليد بالسلام ج5/ص56 (2695) وقال: هذا حديث إسناده ضعيف وروى ابن المبارك هذا الحديث عن ابن لهيعة فلم يرفعه.
[156] فتح الباري (11/16)، والحديث أخرجه: النسائي في السنن الكبرى كتاب عمل اليوم والليلة باب كراهية التسليم بالأكف والرؤوس والإشارة ج6/ص92 (10172).
[157] أخرجه: الترمذي كتاب الاستئذان باب ما جاء في التسليم على النساء ج5/ص58 (2697) وقال: هذا حديث حسن، وأحمد بن حنبل ج6/ص457 (27630)، والبخاري في الأدب المفرد باب من سلم إشارة ج1/ص347 (1002)
[158] الأذكار ص 356
[159] فتح الباري (11/16)
[160] تحفة الأحوذي ج7/ص392
[161] فتح الباري ج11/ص19
[162] الحديث أخرجه: مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان من إباحة ج1/ص383 (540).
[163] الحديث أخرجه: أبو داود كتاب الصلاة باب رد السلام في الصلاة ج1/ص243 (925).
[164] أحد رواة الحديث
[165] الحديث أخرجه: أبو داود كتاب الصلاة باب رد السلام في الصلاة ج1/ص243(927). والترمذي كتاب الصلاة باب ما جاء في الإِشارة في الصلاة ج2/ص204 (368) وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي في السنن الكبرى كتاب صفة الصلاة باب رد السلام بالإشارة في الصلاة ج1/ص354 (1110)، وابن ماجة كتاب إقامة الصلاة والنسة فيها باب المصلى يسلم عليه كيف يرد ج1/ص325 (1017).
[166] سنن البيهقي الكبرى كتاب الصلاة باب من أشار بالرأس ج2/ص260 (3221)
[167] سنن البيهقي الكبرى كتاب الصلاة باب من أشار بالرأس ج2/ص260 (3220)
[168] عون المعبود ج3/ص138
[169] فتح الباري ج11/ص20
[170] الحديث أخرجه: مسلم كتاب الحيض باب التيمم ج1/ص281 (370)
[171] أبو داود كتاب الطهارة باب أيرد السلام وهو يبول ج1/ص5(17)، وأحمد بن حنبل ج5/ص80 (20780)
[172] فتح الباري ج11/ص19
[173] سبق تخريجه
[174] الأذكار، ص 364
[175] فتاوى العقيدة ص 614، والحديث أخرجه: البخاري كتاب الأدب باب الهجرة وقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث 5/2256 (5727)، ومسلم كتاب البر والصلة باب تحريم الهجر فوق ثلاث بلا عذر شرعي 4/1984 (2560) من حديث أبي أيوب الأنصاري.
[176] الحديث اخرجه: البخاري كتاب المغازي باب حديث كعب بن مالك وقول الله عز وجل (وعلى الثلاثة الذين خلفوا) ج4/ص1607 (4156)، ومسلم كتاب التوبة باب حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه ج4/ص2120 (2769).
[177] فتح الباري 10/497
[178] الحديث أخرجه: البخاري كتاب الجمعة باب الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب وإذا قال لصاحبه أنصت فقد لغا وقال سلمان عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ينصت إذا تكلم الإمام ج1/ص316(892)، ومسلم كتاب الجمعة باب في الإنصات يوم الجمعة في الخطبة ج2/ص583 (851)
[179] فتح الباري ج11/ص20
[180] فتاوي اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (8/243)
[181] فتاوي اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (8/246)
[182] الحديث أخرجه: مسلم كتبا السلام باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام وكيف يرد عليهم ج4/ص1707 (2167)
[183] فيض القدير ج6/ص386
[184] شرح النووي على صحيح مسلم ج14/ص145، فتح الباري ج11/ص42
[185] شرح النووي على صحيح مسلم ج14/ص147
[186] عون المعبود ج14/ص75
[187] فيض القدير ج6/ص386
[188] الآداب الشرعية (1/391)
[189] الأذكار ص 366- 367
[190] سبق تخريجها
[191] قولها "عليكم السام" والذام – هو بالذال المعجمة، وتخفيف الميم – وهو الذم، ويقال بالهمزة أيضاً والأشهر ترك الهمز وألفه منقلبة عن واو، والذام والذيم والذم بمعنى العيب، وروي الدام – بالدال المهملة – ومعناه: الدائم، وممن ذكر أنه روى بالمهملة ابن الأثير، ونقل القاضي الاتفاق على أنه بالمعجمة، قال: ولو روي بالمهملة لكان له وجه، والله أعلم.
[192] أحكام أهل الذمة. (1/425 – 426) رمادي للنشر. ط. الأولى 1418هـ. وانظر فتاوي العقيدة لابن عثيمين ص 235 – 236، والسلسلة الصحيحة للألباني (2/327-330).
[193] الحديث اخرجه: البخاري كتاب الاستئذان باب كيف الرد على أهل الذمة بالسلام ج5/ص2308 (5901)، ومسلم كتاب السلام باب النهي عن ابتداء اهل الكتاب بالسلام وكيف يرد عليهم ج4/ص1706 (2165)، وقوله "وعليكم" قال النووي: قد جاءت الأحاديث التي ذكرها مسلم عليكم وعليكم بإثبات الواو وحذفها وأكثر الروايات بإثباتها وعلى هذا في معناه وجهان: أحدهما: أنه على ظاهره فقالوا عليكم الموت فقال وعليكم أيضاً أي: نحن وأنتم فيه سواء وكلنا نموت:
الثاني: أن الواو هنا للاستئناف لا للعطف والتشريك، وتقديره "وعليكم ما تستحقونه من الذم"، وأما حذف الواو فتقديره" بل عليكم السلام". قال القاضي اختار بعض العلماء منهم ابن حبيب المالكي حذف الواو لئلا يقتضي التشريك. وقال غيره: بإثباتها كما هو في أكثر الروايات قال: وقال بعضهم: يقول عليكم السلام بكسر السين – أي: الحجارة وهذا ضعيف، وقال الخطابي: عامة المحدثين يروون الحرف وعليكم بالواو، وكان ابن عيينة يروية بغير واوه. قال الخطابي: وهذا هو الصواب؛ لأنه إذا حذف الواو صار كلامهم بعينه مردوداً عليهم خاصة، وإذا ثبت الواو اقتضى المشاركة معهم فيما قالوه هذا كلام الخطابي. والصواب: أن إثبات الواو وحذفها جائزان كما صحت به الروايات، وأن الواو أجود كما هو في اكثر الروايات ولا مفسدة فيه؛ لأن السام الموت وهو علينا وعليهم ولا ضرر في قوله بالواو شرح النووي على صحيح مسلم ج14/ص145.
وقولها "عليكم السام واللعنة" يحتمل أن تكون عائشة فهمت كلامهم بفطنتها فأنكرت عليهم وظنت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ظن أنهم تلفظوا بلفظ السلام فبالغت في الإنكار عليهم، ويحتمل أن يكون سبق لها سماع ذلك من النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في حديثي ابن عمر وأنس في الباب، وإنما أطلقت عليهم اللعنة إما لأنها كانت ترى جواز لعن الكافر المعين باعتبار الحالة الراهنة لا سيما إذا صدر منه ما يقتضي التأديب، وإما لأنها تقدم لها علم بأن المذكورين يموتون على الكفر فأطلقت اللعن ولم تقيده بالموت، قال ابن حجر: والذي يظهر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أراد أن لا يتعود لسانها بالفحش أو أنكر عليها الإفراط في السب. فتح الباري ج11/ص43
[194] الحديث أخرجه: البخاري كتاب الاستئذان باب كيف الرد على أهل الذمة بالسلام ج5/ص2309 (5902)، ومسلم كتاب السلام باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام وكيف يرد عليهم ج4/ص1706 (2164)
[195] الحديث أخرجه: البخاري كتاب استبانة المرتدين والمعاندين وقتالهم باب إذا عرض الذمي وغيره بسب النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يصرح نحو قاله السام عليكم ج6/ص2538 (6527) ومسلم كتاب السلام باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام وكيف يرد عليهم ج4/ص1705 (2163)
[196] فتح الباري ج11/ص45، والحديث أخرجه: أحمد بن حنبل ج3/ص113 (12136)، وابن أبي شيبة كتاب الأدب باب في رد السلام على أهل الذمة ج5/ص250 (25763)، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد ج8/ص41 وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح
[197] المعجم الكبير ج11/ص358 (12007)
[198] لم أقف عليه
[199] فتح الباري ج 11/ص46
[200] فتح الباري ج11/ص46
[201] قوله "مر بمجلس فيه أخلاط" بفتح الهمزة جمع خلط، قال في القاموس: الخلط: بالكسر كل ما خالط الشيء، ومن التمر المختلط من أنواع شتى، وجمعه أخلاط. والمراد هنا المختلطون من المسلمين واليهود. تحفة الأحوذي ج7/ص400
[202] الحديث أخرجه: البخاري كتاب الاستئذان باب التسليم في مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين ج5/ص2307 (5899)، ومسلم كتاب الجهاد والسير باب في دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- وصبره على أذى المنافقين ج3/ص1422 (1798).
[203] شرح النووي على صحيح مسلم ج12/ص158
[204] شرح النووي على صحيح مسلم ج12/ص158
[205] فتح الباري ج11/ص39
[206] الآداب الشرعية (1/390)
[207] فتاوى العقيدة. ص 237. ط دار الجيل.
[208] صحيح. أخرجه: ابن ماجه كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها باب الجهر بآمين ج1/ص278( 856 )، وأحمد بن حنبل ج6/ص134(25073 )، والبخاري في الأدب المفرد ج1/ص342 (988 )، وابن خزيمة كتاب الصلاة باب ذكر حسد اليهود المؤمنين على تأمينهم ج3/ص38(1585)، وذكره البوصيري في مصباح الزجاجة ج1/ص106 وقال: هذا إسناد صحيح احتج مسلم بجميع رواته
المصدر