Hukum Bangunan di atas bawah Masjid
Hukum bangunan Rumah apartemen tempat tinggal madrasah sekolah pondok pesantren yang berada atau berlokasi di atas atau di bawah Masjid, apakah boleh? Kalau iya, apakah mubah, atau makruh? Ataukah haram?
Hukum bangunan Rumah apartemen tempat tinggal madrasah sekolah pondok pesantren yang berada atau berlokasi di atas atau di bawah Masjid, apakah boleh? Kalau iya, apakah mubah, atau makruh? Ataukah haram?
البحر الرائق شرح كنز الدقائق ج 5 ص 252
(قَوْلُهُ وَمَنْ جَعَلَ مَسْجِدًا تَحْتَهُ سِرْدَابٌ أَوْ فَوْقَهُ بَيْتٌ وَجَعَلَ بَابَهُ إلَى الطَّرِيقِ وَعَزَلَهُ أَوْ اتَّخَذَ وَسَطَ دَارِهِ مَسْجِدًا وَأَذِنَ لِلنَّاسِ بِالدُّخُولِ فَلَهُ بَيْعُهُ وَيُورَثُ عَنْهُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَخْلُصْ لِلَّهِ تَعَالَى لِبَقَاءِ حَقِّ الْعَبْدِ مُتَعَلِّقًا بِهِ وَالسِّرْدَابُ بَيْتٌ يُتَّخَذُ تَحْتَ الْأَرْضِ لِغَرَضِ تَبْرِيدِ الْمَاءِ وَغَيْرِهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي الْمِصْبَاحِ السِّرْدَابُ الْمَكَانُ الضَّيِّقُ يُدْخَلُ فِيهِ وَالْجَمْعُ سَرَادِيبُ. ا هـ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ شَرْطَ كَوْنِهِ مَسْجِدًا أَنْ يَكُونَ سُفْلُهُ وَعُلْوُهُ مَسْجِدًا لِيَنْقَطِعَ حَقُّ الْعَبْدِ عَنْهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ للهِ} بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ السِّرْدَابُ أَوْ الْعُلْوُ مَوْقُوفًا لِمَصَالِحِ الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إذْ لَا مِلْكَ فِيهِ لِأَحَدٍ بَلْ هُوَ مِنْ تَتْمِيمِ مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ فَهُوَ كَسِرْدَابِ مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ هَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَهُنَاكَ رِوَايَاتٌ ضَعِيفَةٌ مَذْكُورَةٌ فِي الْهِدَايَةِ وَبِمَا ذَكَرْنَاهُ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ بَنَى بَيْتًا عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ لِسُكْنَى الْإِمَامِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ فِي كَوْنِهِ مَسْجِدًا لِأَنَّهُ مِنْ الْمَصَالِحِ فَإِنْ قُلْتُ: لَوْ جَعَلَ مَسْجِدًا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ فَوْقَهُ بَيْتًا لِلْإِمَامِ أَوْ غَيْرِهِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ قُلْتُ: قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة إذَا بَنَى مَسْجِدًا وَبَنَى غَرْفَةً وَهُوَ فِي يَدِهِ فَلَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ حِينَ بَنَاهُ خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ يَبْنِي لَا يَتْرُكُهُ وَفِي جَامِعِ الْفَتْوَى إذَا قَالَ عَنَيْت ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ. ا هـ. فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي الْوَاقِفِ فَكَيْفَ بِغَيْرِهِ فَمَنْ بَنَى بَيْتًا عَلَى جِدَارِ الْمَسْجِدِ وَجَبَ هَدْمُهُ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَا يَجُوزُ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَجْعَلَ شَيْئًا مِنْ الْمَسْجِدِ مُسْتَغَلًّا وَلَا مَسْكَنًا
المجموع ج 6 ص 507
وقال المحاملي في المجموع للمنارة أربعة أحوال (إحداها) أن تكون مبنية داخل المسجد فيستحب الاذان فيها لانه طاعة (الثانية) أن تكون خارج المسجد الا أنها في رحبة المسجد فالحكم فيها كالحكم لو كانت في المسجد لان رحبة المسجد من المسجد ولو اعتكف فيها صح اعتكافه (الثالثة) أن تكون خارج المسجد وليست في رحبته إلا انها متصلة ببناء المسجد ولها باب إلى المسجد فله أن يؤذن فيها لانها متصلة بالمسجد ومن جملته (والرابعة) أن تكون خارج المسجد غير متصلة به ففيها الخلاف السابق هذا كلام المحاملى بحروفه وفيه فوائد وعبارة شيخه ابي حامد في التعليق نحو هذا وكلام غيرهما نحوه وفيه التصريح بخلاف ما استدل به إمام الحرمين في المنارة المتصل بابها بالمسجد كما قدمناه عنه قريبا ووعدنا بذكر التصريح بنقل خلافه والله أعلم
الموسوعة الفقهية الكويتية ج 5 ص 224
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَسْجِدِ الَّذِي يَصِحُّ فِيهِ الاِعْتِكَافُ، مَا كَانَ بِنَاءً مُعَدًّا لِلصَّلاَةِ فِيهِ. أَمَّا رَحْبَةُ الْمَسْجِدِ، وَهِيَ سَاحَتُهُ الَّتِي زِيدَتْ بِالْقُرْبِ مِنَ الْمَسْجِدِ لِتَوْسِعَتِهِ، وَكَانَتْ مُحَجَّرًا عَلَيْهَا، فَاَلَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلاَمِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَمُقَابِل الصَّحِيحِ عِنْدَهُمْ أَنَّهَا مِنَ الْمَسْجِدِ، وَجَمَعَ أَبُو يَعْلَى بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بِأَنَّ الرَّحْبَةَ الْمَحُوطَةَ وَعَلَيْهَا بَابٌ هِيَ مِنَ الْمَسْجِدِ. وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ رَحْبَةَ الْمَسْجِدِ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَلَوِ اعْتَكَفَ فِيهَا صَحَّ اعْتِكَافُهُ، وَأَمَّا سَطْحُ الْمَسْجِدِ فَقَدْ قَال ابْنُ قُدَامَةَ: يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ صُعُودُ سَطْحِ الْمَسْجِدِ، وَلاَ نَعْلَمُ فِيهِ خِلاَفًا. أَمَّا الْمَنَارَةُ فَإِنْ كَانَتْ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ بَابِهَا فِيهِ فَهِيَ مِنَ الْمَسْجِدِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ .
تحفة المحتاج في شرح المنهاج ج 14 ص 202
وَإِضَافَةُ الْمَنَارَةِ إلَى الْمَسْجِدِ لِلِاخْتِصَاصِ وَإِنْ لَمْ تُبْنَ لَهُ كَأَنْ خَرِبَ مَسْجِدٌ وَبَقِيَتْ مَنَارَتُهُ فَجُدِّدَ مَسْجِدٌ قَرِيبٌ مِنْهَا وَاعْتِيدَ الْأَذَانُ عَلَيْهَا لَهُ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْمَبْنِيَّةِ لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَقَوْلُ الْمَجْمُوعِ إنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ فِي مَنَارَةٍ مَبْنِيَّةٍ لَهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ شَرْحُ م ر
نهاية المحتاج ج 10 ص110
أما منارة المسجد التي بابها فيه أو في رحبته فلا يضر صعودها ولو لغير الأذان وإن خرجت عن سمت بناء المسجد كما رجحاه وتربيعه إذ هي في حكم المسجد كمنارة مبنية فيه مالت إلى الشارع فيصح الاعتكاف فيها ، وإن كان المعتكف في هواء الشارع، وأخذ الزركشي منه أنه لو اتخذ للمسجد جناح إلى الشارع
***
1. المذهب المالكي:
لا يجيز الإمام مالك بناء مسكن فوق المسجد بعد تحبيسه.
قال مالك: وهذا الذي يبني فوق المسجد يريد أن يجعله مسكنا يسكن فيه بأهله يريد بذلك مالك أنه إذا كان بيتا، وسكنه صار فيه مع أهله، فصار يطؤها على ظهر المسجد، قال: كرهه مالك كراهية شديدة” .
وقد حمل المالكية هذه الكراهة على التحريم إذا كان بناء المسكن متأخرا عن المسجد؛ وأما إذا كان السكن متقدما على المسجد، أي: أن المسجد وقف بعد اتخاذ مسكن فوقه، فإنه قد اختلفت أقوال المالكية فيمن كانت له دار لها علو وسفل، فأراد أن يحبس السفل مسجدا، ويبقي العلو على ملكه، فمنهم من منع ذلك، وأجازهالمحققون من المالكيةمع كراهة التنزيه.
• قال الخرشي: في قول الشيخ خليل: (كمنزل تحته ومنع عكسه): التشبيه في الجواز والمعنى أنه يجوز للإنسان أن يتخذ له بيتا تحت المسجد ولا يجوز له أن يتخذ بيتا فوقه؛ لأن ما فوق المسجد له حرمة المسجد وهذا في مسجد أعلاه متأخر عن مسجديته بأن بنى مسجدا ابتداء ثم أحدثت السكنى فوقه وما مرَّ في باب الإجارة في قوله (وسكنى فوقه) في أنه مكروه في مسجد أعلاه سابق على مسجديته” .
وقد وفق الحطاب بين القولين مثل توفيق الخرشي، فقال:
“وتحقيق المسألة: أن المسجد لله إذا بناه الشخص له وحيز عنه فلا ينبغي أن يختلف في أنه لا يجوز له البناء فوقه” .
وأما إن كانت له دار لها علو وسفل، فأراد أن يحبس السفل مسجدا، ويبقي العلو على ملكه، فقد وفق الحطاب بين الأقوال في المذهب بحملها على الجواز مع الكراهة .
يتلخص مما سبق أنه لا خلاف في المذهب في المنع من البناء فوق مسجد بعد تحبيسه والتخلية بينه وبين الناس، وأما إذا كان البناء سابقا على التحبيس، فإن الصحيح عند المحققين من المالكية هو الجواز. والله أعلم.
2. المذهبالحنفي:
لا يجوز كذلك عند الحنفية بناء بيت فوق المسجد إلا إذا كان ذلك ابتداء قبل التخلية بينه وبين الناس، أما إذا بنى مسجدا، وخلى بينه وبين الناس فلا يجوز له البناء فوقه.
قال الحصفكي: “لو بنى فوقه (يعني فوق المسجد) بيتا للإمام لا يضر؛ لأنه من المصالح، أما لو تمت المسجدية، ثم أراد البناء منع، ولو قال عنيت ذلك لم يصدق” .
وقال ابن عابدين: “وعبارة التارخانية: وإن كان حين بناه خلى بينه وبين الناس، ثم جاء بعد ذلك يبني لا يترك”اهـ .
وكذلك لا يجوز عند الحنفية اتخاذ بيت أو حانوت تحت المسجد إلا أن يكون جُعِلَ كذلك ابتداءً قبل أن تتم المسجدية، فلا فرق عندهم بين البناء فوق المسجد أوتحته .
3. المذهبالشافعي:
يظهر أن مذهب الشافعية لا يختلف عن المذهبين قبله في المنع من البناء فوق المسجد بعد المسجدية، ويدل على ذلك-كما تقدم في المقال السابق-أن لهواء المسجد وسطحه عندهم حكم المسجد، ويؤكد ذلك قول ابن حجر الهيتمي: “…من ذلك ما وقع السؤال عنه من أن خلوة بابها من داخل مسجد يعلوها بناء متصل ببيت مجاور للمسجد، فادعى صاحب البيت أن هذا البناء موضوع بحق وهو قديم وبه علامات تشعر بكونه من البيت، وادعى ناظر المسجد أن هذا بأعلى الخلوة من المسجد فكون باب الخلوة من المسجد يدل على أنها منه، ويدل لذلك ما قالوه من صحة الاعتكاف بها وحيث قضى بأنها للمسجد تبعها الهواء فلا يجوز البناء فيه، وكون الواقف وقف الخلوة دون ما يعلوها الأصل عدمه حتى لو فرض أن بأعلاها بناء هدم” .
فهذا الكلامصريح في كون الشافعية لا يرون مشروعية البناء فوق المسجد، بعد المسجدية، ومفهومه يدل على الجواز قبل المسجدية. والله أعلم.
4. المذهبالحنبلي:
لا يرى الحنابلة مشروعية البناء فوق المسجد بعد المسجدية، باعتبار أن ما فوق المسجد من المسجد.هذا بعد المسجدية، أي بعد تحبيس المسجد والتخلية بينه وبين الناس، وأما قبل المسجدية فقد اختلفت الرواية في المذهب الحنبلي في حكم من عنده بيت فأراد أن يجعل سفله مسجدا، هل له أن ينتفع بسطحه أم لا؟
وأما لو جعل علو منزله مسجدا فلا خلاف عندهم في جواز الانتفاع بأسفله.
قال البهوتي في شرح الإقناع: “(وإن جعل سفل بيته) مسجدا صح وانتفع بعلوه (أو) (جعل علوه مسجدا صح وانتفع بالآخر) فيما شاء قدمه في الرعاية.وقال في المستوعب: إن جعل سفل بيته مسجدا لم ينتفع بسطحه وإن جعل علوه مسجدا انتفع بسفله نص عليه قال أحمد: لأن السطح لا يحتاج إلى سفل” .
وقال في شرح منتهى الإرادات:”وعلى الأول -يعني على القول بالجواز- يخرج ما يفعله كثير من واقفي المساجد من البيوت. التي بجوانبه، وبعضها عليه، إذا لم تدخل في المسجدية لم يثبت لها حكمه” .
وقد أفتت اللجنة الدائمة، بجواز السكن فوق المسجد، إذا كان السكن متقدما على المسجد، أي قبل تحبيسه. أما بعد تحبيسه فلا، لأن ما فوقه تابع له. وهذا نص الفتوى:
“لا مانع من كون المسجد تحت السكن إذا كان المسجد والسكن بنيا من الأصل على هذا الوضع، أو أحدث المسجد تحت السكن، أما إذا كانت إقامة السكن فوق المسجد طارئة فإن هذا لا يجوز؛ لأن سقفه وما علاه تابع له” .
الخلاصة: يتلخص مما سبق أنلاتخاذ بيت فوق المسجد حالتان:
1- الحالة الأولى: أن يكون المسجد قائما، قد وقف للصلاة فيه، فإنه لا يجوز أن يبنى فوقه بيت للسكن؛ لأن ما فوق المسجد تابع له في الحكم. وقد نقلت أقوال المذاهب الأربعة في ذلك في المقال السابق.
2- الحالة الثانية: أن يكون المسجد والسكن فوقه بنيا من الأصل هكذا، أو كان إحداث المسجد متأخرا عن السكن، فإن هذا جائز على الراجح إن شاء الله، وهو مذهب الجمهور من أصحاب المذاهب الأربعة.
وخلاصة القول في المساجدالتي فوقها بيوت هي:
الجواز إذا كان المسجد طارئا على السكن أو مقارنا له، والمنع إذا كان السكن طارئا على المسجد.
• وعلى هذا فلا إشكال في المساجد التيتتخذ في أسافل البيوت والعمائر، لأن العادة أن اتخاذها يكون طارئا على السكن، وليس العكس. والله أعلم.
المصدر
***
جاء في كتاب منح الجليل شرح مختصر خليل 7/493(فقه مالكي)
و ) تكره ( سكنى ) الرجل ( فوقه ) أي المسجد بأهله , قاله الشارح . وقال البساطي مطلقا بأهله أو وحده .
( تنكيت ) سيأتي في الإحياء منع سكنى فوقه . ومفهوم فوقه جوازها تحته وهو كذلك نص عليه فيها , وسيأتي في الإحياء جواز السكنى فيه لرجل تجرد للعبادة قاله تت . طفي تبع المصنف في تعبيره بالكراهية هنا لفظ المدونة , وفي تعبيره بالمنع في الإحياء . ابن شاس وابن الحاجب وعارضه في توضيحه بنصها . وأجاب بحمله على المنع فيقال كذا في كلاميه هنا . فيها كره الإمام مالك رضي الله تعالى عنه أن يبني الرجل مسجدا ثم يبني فوقه بيتا يسكنه بأهله , أراد لأنها إذا كانت معه يطؤها على ظهر المسجد وذلك مكروه . الحط هذا موافق لظاهر ما في جعلها وإجارتها , ولظاهر كلام ابن يونس , ومخالف لظاهر ما يأتي للمصنف في الإحياء , ولظاهر كلام ابن شاس هناك والقرافي وابن الحاجب , ففي التهذيب كره مالك السكنى بالأهل فوق ظهر المسجد . ابن يونس كره مالك أن يبني الرجل مسجدا ثم يبني فوقه بيتا يسكنه بأهله , لأنها إذا كانت معه يطؤها على ظهر المسجد وذلك مكروه . وذكر مالك أن عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه كان يبيت على ظهر المسجد في الصيف بالمدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام وكان لا يقرب فيه امرأة . ابن الحاجب يجوز للرجل جعل علو مسكنه مسجدا ولا يجوز جعل سفله مسجدا , ويمكن العلو لأن له حرمة المسجد ونحوه في الذخيرة والجواهر في التوضيح , ونحوه في المدونة والواضحة . وفي جعل المدونة كره مالك السكنى فوقه .
فإن قلت قد صرح بالكراهة هنا خلاف ما في كتاب الصلاة والواضحة . ففي مختصرها أجاز مالك لمن له سفل وعلو أن يجعل العلو مسجدا ويسكن السفل , ولم يجز له أن يجعل السفل مسجدا ويسكن العلو , وفرق بينهما أنه إذا جعل السفل مسجدا صار لما فوقه حرمة المسجد , ثم قال الحط وتحقيق هذه المسألة أن المسجد إذا بني لله تعالى وحيز عن بانيه فلا ينبغي أن يختلف في أنه لا يجوز البناء فوقه , فقد قال القرافي حكم الأهوية تابع لحكم الأبنية , فهواء الوقف وقف , وهواء الطلق طلق , وهواء الموات موات , وهواء الملك ملك , وهواء المسجد له حكم المسجد لا يقر فيه الجنب . ومقتضى هذه القاعدة أن يمنع هواء المسجد والأوقات إلى عنان السماء لمن أراد غرس خشب حولها , ويبنى على رءوس الخشب سقفا عليه بنيان , ولم يخرج عن هذه القاعدة إلا فرع واحد , وهو إخراج الرواشن والأجنحة عن الحيطان , ثم أخذ يبين وجه خروجه فانظره ونحوه في الذخيرة وقواعد المقري . وفي تبصرة اللخمي من بنى لله مسجدا وحيز عنه وأحب أن يبني فوقه فلا يكون له ذلك .
وأما إذا كانت له دار لها علو وسفل وأراد أن يحبس السفل مسجدا ويبقى العلو على ملكه , فظاهر ما تقدم للواضحة وابن الحاجب وتابعيه وما يأتي للمصنف في الإحياء أنه لا يجوز , ولكن صرح اللخمي بجوازه , فقال إثر ما تقدم عنه وإن قال أنا أبنيه لله تعالى وأبني فوقه مسكنا , وعلى هذا أبني جاز , وكذا لو كانت دار لها علو وسفل فأراد أن يحبس السفل مسجدا ويبقى العلو على ملكه جاز ا هـ . وينبغي أن يوفق بين هذه النقول , ويجعل معنى قوله في المدونة لا يعجبني أو لا ينبغي لا يجوز . ويحمل هو وما في الواضحة وابن شاس والقرافي وابن الحاجب والآتي للمصنف في الإحياء على الشق الأول الذي تقدم أنه لا ينبغي أن يختلف في منعه , ويحمل ما في جعلها وكلام اللخمي الأخير وما للمصنف هنا على الشق الثاني وإن كان لفظ اللخمي الجواز لأنه لا ينافي الكراهة , ويساعد هذا التوفيق كلام ابن ناجي في شرح المدونة , ونصه على قول التهذيب ولا يبني إلخ , قال في الأم لا يعجبني ذلك لأنه يصير مسكنا يجامع فيه , وذلك كالنص على التحريم , ولم أعلم فيه خلافا . وذكر أبو عمران المظاهر المعلومة التي تدل على الخلاف , هل ظاهر المسجد كباطنه أم لا ؟ وذلك يوهم جواز البناء عليه على قول . وليس كذلك لما ذكره في الأم , مع أن اللفظ يقتضي سبق المسجد فهو تغيير للحبس , بل ظاهرها أن من عنده علو وسفل فحبس العلو مسجدا فإنه جائز ونص عليه اللخمي , وعلى قولها المتقدم وكره يريد يكون تحبيس المسجد متأخرا عنه ا هـ .
*الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة إلى كراهة السكنى فوق المسجد للإمام وغيره مع أهله لأن العادة جرت أن يعاشر الرجل زوجته في بيت السكنى والجماع فوق المسجد مكروه .
وإذا دعت المصلحة والحاجة إلى بناء بيت للإمام فوق المسجد فيجوز كأن تضيق الأرض ولا يوجد مكان يبنى عليه إلا سطح المسجد .
انظر : [ الهداية شرح البداية 1/65 ، البحر الرائق 2/36 ، حاشية ابن عابدين 1/656 ، مواهب الجليل ، الفروع 5/362 ،الإنصاف 3/372] .
أما المصليات في المجمعات والمحلات التجارية فجائز سواء كان المصلى تحت البناء أو فوقه لأن المصلى له خصوصية تختلف عن مسجد الجامع .
ونوصي لجان المساجد في الأبنية الحديثة :
1- بأن يكون سكن الإمام مستقلاً أو تحت المسجد أو بجانبه .
2- كما ونؤكد على ضرورة تجنيب المساجد مما يدنسها وكل ما يشوش على المصلين كرفع الأصوات وغيره .
والله تعالى أعلم
***
يستفاد من كلام بعض الفقهاء وهو أقرب إلى الصواب :
أولا: الهواء له حكم القرار كما نص على ذلك أهل العلم وكما تفضل الأخ،
قال القرافي في ( الفرق الثاني عشر والمائتان بين الأهوية وبين قاعدة ما تحت الأبنية ) :"اعلم أن حكم الأهوية تابع لحكم الأبنية فهواء الوقف وقف ، وهواء الطلق طلق ، وهواء الموات موات ، وهواء المملوك مملوك ، وهواء المسجد له حكم المسجد فلا يقربه الجنب "
و قال الزيلعي في تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (1/168)"لأن سطح المسجد مسجد إلى عنان السماء "
ثانيا :الأولى أن يتجنب اتخاذ المساكن فوق المساجد المنشأة حديثا ، لكن إن ألجأت الحاجة إلى اتخاذ مسكن للإمام ونحوه فلابأس لأن المسجد هنا انفصل-من أول يوم لتأسيسه- عن المسكن ،كمن أنشأ بناية وأراد أن يجعل أسفلها مسجدا وأعلاها متاجر ودكاكين ومحال للسكني فهذا لا حرج فيه إن شاء الله ،وكذا في حالة كون المسجد أتى متأخرا ولاحقا للمسكن أو الدكاكين كمن له بناية قديمة فأراد أن يجعل أعلاها دكاكين ومساكن وأسفلها مسجدا فالحكم كما في الصورة الأولى.
ثالثا :إذا كان المسجد قد بني أولا مستقلا ثم جاء من يريد جعل أعلاه مسكنا أو متجرا فهذا لا يجوز للقاعدة التي مرت "الهواء له حكم القرار"
قال الخرشي في شرح مختصر خليل (7/20)" [( ص ) كمنزل تحته ومنع عكسه ( ش ) التشبيه في الجواز والمعنى أنه يجوز للإنسان أن يتخذ له بيتا تحت المسجد ولا يجوز له أن يتخذ بيتا فوقه ; لأن ما فوق المسجد له حرمة المسجد وهذا في مسجد أعلاه متأخر عن مسجديته بأن بنى مسجدا ابتداء ثم أحدثت السكنى فوقه وما مر في باب الإجارة في قوله وسكنى فوقه في أنه مكروه في مسجد أعلاه سابق على مسجديته ."
***
إن اشترط في حين وقفه حق البناء ، واتخاذ السكن فوقه ، أو تحته ، ففي ذلك خلاف بين أهل العلم:
-فمذهب المالكية: منع البناء فوقه ، وجوازه تحته.
-ومذهب الحنابلة: أنه إن جعل أسفل بيته مسجداً ، لم ينتفع بسطحه ، وإن جعل سطحه مسجداً ، انتفع بأسفله.
-وجوز الإمام أبو يوسف البناء تحته ، وفوقه.
والذي يظهر أنه لا مانع من البناء فوقه ، وتحته ، إن كان ذلك في نيته حين الوقف.
المصدر
لَوْ بَنَى بَيْتًا عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ لِسُكْنَى الْإِمَامِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ فِي كَوْنِهِ مَسْجِدًا لِأَنَّهُ مِنْ الْمَصَالِحِ فَإِنْ قُلْتُ: لَوْ جَعَلَ مَسْجِدًا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ فَوْقَهُ بَيْتًا لِلْإِمَامِ أَوْ غَيْرِهِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ قُلْتُ: قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة إذَا بَنَى مَسْجِدًا وَبَنَى غَرْفَةً وَهُوَ فِي يَدِهِ فَلَهُ ذَلِكَ (البحر الرائق شرح كنز الدقائق ج 5 ص 252)
البحر الرائق شرح كنز الدقائق ج 5 ص 252
(قَوْلُهُ وَمَنْ جَعَلَ مَسْجِدًا تَحْتَهُ سِرْدَابٌ أَوْ فَوْقَهُ بَيْتٌ وَجَعَلَ بَابَهُ إلَى الطَّرِيقِ وَعَزَلَهُ أَوْ اتَّخَذَ وَسَطَ دَارِهِ مَسْجِدًا وَأَذِنَ لِلنَّاسِ بِالدُّخُولِ فَلَهُ بَيْعُهُ وَيُورَثُ عَنْهُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَخْلُصْ لِلَّهِ تَعَالَى لِبَقَاءِ حَقِّ الْعَبْدِ مُتَعَلِّقًا بِهِ وَالسِّرْدَابُ بَيْتٌ يُتَّخَذُ تَحْتَ الْأَرْضِ لِغَرَضِ تَبْرِيدِ الْمَاءِ وَغَيْرِهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي الْمِصْبَاحِ السِّرْدَابُ الْمَكَانُ الضَّيِّقُ يُدْخَلُ فِيهِ وَالْجَمْعُ سَرَادِيبُ. ا هـ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ شَرْطَ كَوْنِهِ مَسْجِدًا أَنْ يَكُونَ سُفْلُهُ وَعُلْوُهُ مَسْجِدًا لِيَنْقَطِعَ حَقُّ الْعَبْدِ عَنْهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ للهِ} بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ السِّرْدَابُ أَوْ الْعُلْوُ مَوْقُوفًا لِمَصَالِحِ الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إذْ لَا مِلْكَ فِيهِ لِأَحَدٍ بَلْ هُوَ مِنْ تَتْمِيمِ مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ فَهُوَ كَسِرْدَابِ مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ هَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَهُنَاكَ رِوَايَاتٌ ضَعِيفَةٌ مَذْكُورَةٌ فِي الْهِدَايَةِ وَبِمَا ذَكَرْنَاهُ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ بَنَى بَيْتًا عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ لِسُكْنَى الْإِمَامِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ فِي كَوْنِهِ مَسْجِدًا لِأَنَّهُ مِنْ الْمَصَالِحِ فَإِنْ قُلْتُ: لَوْ جَعَلَ مَسْجِدًا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ فَوْقَهُ بَيْتًا لِلْإِمَامِ أَوْ غَيْرِهِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ قُلْتُ: قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة إذَا بَنَى مَسْجِدًا وَبَنَى غَرْفَةً وَهُوَ فِي يَدِهِ فَلَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ حِينَ بَنَاهُ خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ يَبْنِي لَا يَتْرُكُهُ وَفِي جَامِعِ الْفَتْوَى إذَا قَالَ عَنَيْت ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ. ا هـ. فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي الْوَاقِفِ فَكَيْفَ بِغَيْرِهِ فَمَنْ بَنَى بَيْتًا عَلَى جِدَارِ الْمَسْجِدِ وَجَبَ هَدْمُهُ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَا يَجُوزُ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَجْعَلَ شَيْئًا مِنْ الْمَسْجِدِ مُسْتَغَلًّا وَلَا مَسْكَنًا
المجموع ج 6 ص 507
وقال المحاملي في المجموع للمنارة أربعة أحوال (إحداها) أن تكون مبنية داخل المسجد فيستحب الاذان فيها لانه طاعة (الثانية) أن تكون خارج المسجد الا أنها في رحبة المسجد فالحكم فيها كالحكم لو كانت في المسجد لان رحبة المسجد من المسجد ولو اعتكف فيها صح اعتكافه (الثالثة) أن تكون خارج المسجد وليست في رحبته إلا انها متصلة ببناء المسجد ولها باب إلى المسجد فله أن يؤذن فيها لانها متصلة بالمسجد ومن جملته (والرابعة) أن تكون خارج المسجد غير متصلة به ففيها الخلاف السابق هذا كلام المحاملى بحروفه وفيه فوائد وعبارة شيخه ابي حامد في التعليق نحو هذا وكلام غيرهما نحوه وفيه التصريح بخلاف ما استدل به إمام الحرمين في المنارة المتصل بابها بالمسجد كما قدمناه عنه قريبا ووعدنا بذكر التصريح بنقل خلافه والله أعلم
الموسوعة الفقهية الكويتية ج 5 ص 224
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَسْجِدِ الَّذِي يَصِحُّ فِيهِ الاِعْتِكَافُ، مَا كَانَ بِنَاءً مُعَدًّا لِلصَّلاَةِ فِيهِ. أَمَّا رَحْبَةُ الْمَسْجِدِ، وَهِيَ سَاحَتُهُ الَّتِي زِيدَتْ بِالْقُرْبِ مِنَ الْمَسْجِدِ لِتَوْسِعَتِهِ، وَكَانَتْ مُحَجَّرًا عَلَيْهَا، فَاَلَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلاَمِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَمُقَابِل الصَّحِيحِ عِنْدَهُمْ أَنَّهَا مِنَ الْمَسْجِدِ، وَجَمَعَ أَبُو يَعْلَى بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بِأَنَّ الرَّحْبَةَ الْمَحُوطَةَ وَعَلَيْهَا بَابٌ هِيَ مِنَ الْمَسْجِدِ. وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ رَحْبَةَ الْمَسْجِدِ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَلَوِ اعْتَكَفَ فِيهَا صَحَّ اعْتِكَافُهُ، وَأَمَّا سَطْحُ الْمَسْجِدِ فَقَدْ قَال ابْنُ قُدَامَةَ: يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ صُعُودُ سَطْحِ الْمَسْجِدِ، وَلاَ نَعْلَمُ فِيهِ خِلاَفًا. أَمَّا الْمَنَارَةُ فَإِنْ كَانَتْ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ بَابِهَا فِيهِ فَهِيَ مِنَ الْمَسْجِدِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ .
تحفة المحتاج في شرح المنهاج ج 14 ص 202
وَإِضَافَةُ الْمَنَارَةِ إلَى الْمَسْجِدِ لِلِاخْتِصَاصِ وَإِنْ لَمْ تُبْنَ لَهُ كَأَنْ خَرِبَ مَسْجِدٌ وَبَقِيَتْ مَنَارَتُهُ فَجُدِّدَ مَسْجِدٌ قَرِيبٌ مِنْهَا وَاعْتِيدَ الْأَذَانُ عَلَيْهَا لَهُ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْمَبْنِيَّةِ لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَقَوْلُ الْمَجْمُوعِ إنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ فِي مَنَارَةٍ مَبْنِيَّةٍ لَهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ شَرْحُ م ر
نهاية المحتاج ج 10 ص110
أما منارة المسجد التي بابها فيه أو في رحبته فلا يضر صعودها ولو لغير الأذان وإن خرجت عن سمت بناء المسجد كما رجحاه وتربيعه إذ هي في حكم المسجد كمنارة مبنية فيه مالت إلى الشارع فيصح الاعتكاف فيها ، وإن كان المعتكف في هواء الشارع، وأخذ الزركشي منه أنه لو اتخذ للمسجد جناح إلى الشارع
***
1. المذهب المالكي:
لا يجيز الإمام مالك بناء مسكن فوق المسجد بعد تحبيسه.
قال مالك: وهذا الذي يبني فوق المسجد يريد أن يجعله مسكنا يسكن فيه بأهله يريد بذلك مالك أنه إذا كان بيتا، وسكنه صار فيه مع أهله، فصار يطؤها على ظهر المسجد، قال: كرهه مالك كراهية شديدة” .
وقد حمل المالكية هذه الكراهة على التحريم إذا كان بناء المسكن متأخرا عن المسجد؛ وأما إذا كان السكن متقدما على المسجد، أي: أن المسجد وقف بعد اتخاذ مسكن فوقه، فإنه قد اختلفت أقوال المالكية فيمن كانت له دار لها علو وسفل، فأراد أن يحبس السفل مسجدا، ويبقي العلو على ملكه، فمنهم من منع ذلك، وأجازهالمحققون من المالكيةمع كراهة التنزيه.
• قال الخرشي: في قول الشيخ خليل: (كمنزل تحته ومنع عكسه): التشبيه في الجواز والمعنى أنه يجوز للإنسان أن يتخذ له بيتا تحت المسجد ولا يجوز له أن يتخذ بيتا فوقه؛ لأن ما فوق المسجد له حرمة المسجد وهذا في مسجد أعلاه متأخر عن مسجديته بأن بنى مسجدا ابتداء ثم أحدثت السكنى فوقه وما مرَّ في باب الإجارة في قوله (وسكنى فوقه) في أنه مكروه في مسجد أعلاه سابق على مسجديته” .
وقد وفق الحطاب بين القولين مثل توفيق الخرشي، فقال:
“وتحقيق المسألة: أن المسجد لله إذا بناه الشخص له وحيز عنه فلا ينبغي أن يختلف في أنه لا يجوز له البناء فوقه” .
وأما إن كانت له دار لها علو وسفل، فأراد أن يحبس السفل مسجدا، ويبقي العلو على ملكه، فقد وفق الحطاب بين الأقوال في المذهب بحملها على الجواز مع الكراهة .
يتلخص مما سبق أنه لا خلاف في المذهب في المنع من البناء فوق مسجد بعد تحبيسه والتخلية بينه وبين الناس، وأما إذا كان البناء سابقا على التحبيس، فإن الصحيح عند المحققين من المالكية هو الجواز. والله أعلم.
2. المذهبالحنفي:
لا يجوز كذلك عند الحنفية بناء بيت فوق المسجد إلا إذا كان ذلك ابتداء قبل التخلية بينه وبين الناس، أما إذا بنى مسجدا، وخلى بينه وبين الناس فلا يجوز له البناء فوقه.
قال الحصفكي: “لو بنى فوقه (يعني فوق المسجد) بيتا للإمام لا يضر؛ لأنه من المصالح، أما لو تمت المسجدية، ثم أراد البناء منع، ولو قال عنيت ذلك لم يصدق” .
وقال ابن عابدين: “وعبارة التارخانية: وإن كان حين بناه خلى بينه وبين الناس، ثم جاء بعد ذلك يبني لا يترك”اهـ .
وكذلك لا يجوز عند الحنفية اتخاذ بيت أو حانوت تحت المسجد إلا أن يكون جُعِلَ كذلك ابتداءً قبل أن تتم المسجدية، فلا فرق عندهم بين البناء فوق المسجد أوتحته .
3. المذهبالشافعي:
يظهر أن مذهب الشافعية لا يختلف عن المذهبين قبله في المنع من البناء فوق المسجد بعد المسجدية، ويدل على ذلك-كما تقدم في المقال السابق-أن لهواء المسجد وسطحه عندهم حكم المسجد، ويؤكد ذلك قول ابن حجر الهيتمي: “…من ذلك ما وقع السؤال عنه من أن خلوة بابها من داخل مسجد يعلوها بناء متصل ببيت مجاور للمسجد، فادعى صاحب البيت أن هذا البناء موضوع بحق وهو قديم وبه علامات تشعر بكونه من البيت، وادعى ناظر المسجد أن هذا بأعلى الخلوة من المسجد فكون باب الخلوة من المسجد يدل على أنها منه، ويدل لذلك ما قالوه من صحة الاعتكاف بها وحيث قضى بأنها للمسجد تبعها الهواء فلا يجوز البناء فيه، وكون الواقف وقف الخلوة دون ما يعلوها الأصل عدمه حتى لو فرض أن بأعلاها بناء هدم” .
فهذا الكلامصريح في كون الشافعية لا يرون مشروعية البناء فوق المسجد، بعد المسجدية، ومفهومه يدل على الجواز قبل المسجدية. والله أعلم.
4. المذهبالحنبلي:
لا يرى الحنابلة مشروعية البناء فوق المسجد بعد المسجدية، باعتبار أن ما فوق المسجد من المسجد.هذا بعد المسجدية، أي بعد تحبيس المسجد والتخلية بينه وبين الناس، وأما قبل المسجدية فقد اختلفت الرواية في المذهب الحنبلي في حكم من عنده بيت فأراد أن يجعل سفله مسجدا، هل له أن ينتفع بسطحه أم لا؟
وأما لو جعل علو منزله مسجدا فلا خلاف عندهم في جواز الانتفاع بأسفله.
قال البهوتي في شرح الإقناع: “(وإن جعل سفل بيته) مسجدا صح وانتفع بعلوه (أو) (جعل علوه مسجدا صح وانتفع بالآخر) فيما شاء قدمه في الرعاية.وقال في المستوعب: إن جعل سفل بيته مسجدا لم ينتفع بسطحه وإن جعل علوه مسجدا انتفع بسفله نص عليه قال أحمد: لأن السطح لا يحتاج إلى سفل” .
وقال في شرح منتهى الإرادات:”وعلى الأول -يعني على القول بالجواز- يخرج ما يفعله كثير من واقفي المساجد من البيوت. التي بجوانبه، وبعضها عليه، إذا لم تدخل في المسجدية لم يثبت لها حكمه” .
وقد أفتت اللجنة الدائمة، بجواز السكن فوق المسجد، إذا كان السكن متقدما على المسجد، أي قبل تحبيسه. أما بعد تحبيسه فلا، لأن ما فوقه تابع له. وهذا نص الفتوى:
“لا مانع من كون المسجد تحت السكن إذا كان المسجد والسكن بنيا من الأصل على هذا الوضع، أو أحدث المسجد تحت السكن، أما إذا كانت إقامة السكن فوق المسجد طارئة فإن هذا لا يجوز؛ لأن سقفه وما علاه تابع له” .
الخلاصة: يتلخص مما سبق أنلاتخاذ بيت فوق المسجد حالتان:
1- الحالة الأولى: أن يكون المسجد قائما، قد وقف للصلاة فيه، فإنه لا يجوز أن يبنى فوقه بيت للسكن؛ لأن ما فوق المسجد تابع له في الحكم. وقد نقلت أقوال المذاهب الأربعة في ذلك في المقال السابق.
2- الحالة الثانية: أن يكون المسجد والسكن فوقه بنيا من الأصل هكذا، أو كان إحداث المسجد متأخرا عن السكن، فإن هذا جائز على الراجح إن شاء الله، وهو مذهب الجمهور من أصحاب المذاهب الأربعة.
وخلاصة القول في المساجدالتي فوقها بيوت هي:
الجواز إذا كان المسجد طارئا على السكن أو مقارنا له، والمنع إذا كان السكن طارئا على المسجد.
• وعلى هذا فلا إشكال في المساجد التيتتخذ في أسافل البيوت والعمائر، لأن العادة أن اتخاذها يكون طارئا على السكن، وليس العكس. والله أعلم.
المصدر
***
جاء في كتاب منح الجليل شرح مختصر خليل 7/493(فقه مالكي)
و ) تكره ( سكنى ) الرجل ( فوقه ) أي المسجد بأهله , قاله الشارح . وقال البساطي مطلقا بأهله أو وحده .
( تنكيت ) سيأتي في الإحياء منع سكنى فوقه . ومفهوم فوقه جوازها تحته وهو كذلك نص عليه فيها , وسيأتي في الإحياء جواز السكنى فيه لرجل تجرد للعبادة قاله تت . طفي تبع المصنف في تعبيره بالكراهية هنا لفظ المدونة , وفي تعبيره بالمنع في الإحياء . ابن شاس وابن الحاجب وعارضه في توضيحه بنصها . وأجاب بحمله على المنع فيقال كذا في كلاميه هنا . فيها كره الإمام مالك رضي الله تعالى عنه أن يبني الرجل مسجدا ثم يبني فوقه بيتا يسكنه بأهله , أراد لأنها إذا كانت معه يطؤها على ظهر المسجد وذلك مكروه . الحط هذا موافق لظاهر ما في جعلها وإجارتها , ولظاهر كلام ابن يونس , ومخالف لظاهر ما يأتي للمصنف في الإحياء , ولظاهر كلام ابن شاس هناك والقرافي وابن الحاجب , ففي التهذيب كره مالك السكنى بالأهل فوق ظهر المسجد . ابن يونس كره مالك أن يبني الرجل مسجدا ثم يبني فوقه بيتا يسكنه بأهله , لأنها إذا كانت معه يطؤها على ظهر المسجد وذلك مكروه . وذكر مالك أن عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه كان يبيت على ظهر المسجد في الصيف بالمدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام وكان لا يقرب فيه امرأة . ابن الحاجب يجوز للرجل جعل علو مسكنه مسجدا ولا يجوز جعل سفله مسجدا , ويمكن العلو لأن له حرمة المسجد ونحوه في الذخيرة والجواهر في التوضيح , ونحوه في المدونة والواضحة . وفي جعل المدونة كره مالك السكنى فوقه .
فإن قلت قد صرح بالكراهة هنا خلاف ما في كتاب الصلاة والواضحة . ففي مختصرها أجاز مالك لمن له سفل وعلو أن يجعل العلو مسجدا ويسكن السفل , ولم يجز له أن يجعل السفل مسجدا ويسكن العلو , وفرق بينهما أنه إذا جعل السفل مسجدا صار لما فوقه حرمة المسجد , ثم قال الحط وتحقيق هذه المسألة أن المسجد إذا بني لله تعالى وحيز عن بانيه فلا ينبغي أن يختلف في أنه لا يجوز البناء فوقه , فقد قال القرافي حكم الأهوية تابع لحكم الأبنية , فهواء الوقف وقف , وهواء الطلق طلق , وهواء الموات موات , وهواء الملك ملك , وهواء المسجد له حكم المسجد لا يقر فيه الجنب . ومقتضى هذه القاعدة أن يمنع هواء المسجد والأوقات إلى عنان السماء لمن أراد غرس خشب حولها , ويبنى على رءوس الخشب سقفا عليه بنيان , ولم يخرج عن هذه القاعدة إلا فرع واحد , وهو إخراج الرواشن والأجنحة عن الحيطان , ثم أخذ يبين وجه خروجه فانظره ونحوه في الذخيرة وقواعد المقري . وفي تبصرة اللخمي من بنى لله مسجدا وحيز عنه وأحب أن يبني فوقه فلا يكون له ذلك .
وأما إذا كانت له دار لها علو وسفل وأراد أن يحبس السفل مسجدا ويبقى العلو على ملكه , فظاهر ما تقدم للواضحة وابن الحاجب وتابعيه وما يأتي للمصنف في الإحياء أنه لا يجوز , ولكن صرح اللخمي بجوازه , فقال إثر ما تقدم عنه وإن قال أنا أبنيه لله تعالى وأبني فوقه مسكنا , وعلى هذا أبني جاز , وكذا لو كانت دار لها علو وسفل فأراد أن يحبس السفل مسجدا ويبقى العلو على ملكه جاز ا هـ . وينبغي أن يوفق بين هذه النقول , ويجعل معنى قوله في المدونة لا يعجبني أو لا ينبغي لا يجوز . ويحمل هو وما في الواضحة وابن شاس والقرافي وابن الحاجب والآتي للمصنف في الإحياء على الشق الأول الذي تقدم أنه لا ينبغي أن يختلف في منعه , ويحمل ما في جعلها وكلام اللخمي الأخير وما للمصنف هنا على الشق الثاني وإن كان لفظ اللخمي الجواز لأنه لا ينافي الكراهة , ويساعد هذا التوفيق كلام ابن ناجي في شرح المدونة , ونصه على قول التهذيب ولا يبني إلخ , قال في الأم لا يعجبني ذلك لأنه يصير مسكنا يجامع فيه , وذلك كالنص على التحريم , ولم أعلم فيه خلافا . وذكر أبو عمران المظاهر المعلومة التي تدل على الخلاف , هل ظاهر المسجد كباطنه أم لا ؟ وذلك يوهم جواز البناء عليه على قول . وليس كذلك لما ذكره في الأم , مع أن اللفظ يقتضي سبق المسجد فهو تغيير للحبس , بل ظاهرها أن من عنده علو وسفل فحبس العلو مسجدا فإنه جائز ونص عليه اللخمي , وعلى قولها المتقدم وكره يريد يكون تحبيس المسجد متأخرا عنه ا هـ .
*الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة إلى كراهة السكنى فوق المسجد للإمام وغيره مع أهله لأن العادة جرت أن يعاشر الرجل زوجته في بيت السكنى والجماع فوق المسجد مكروه .
وإذا دعت المصلحة والحاجة إلى بناء بيت للإمام فوق المسجد فيجوز كأن تضيق الأرض ولا يوجد مكان يبنى عليه إلا سطح المسجد .
انظر : [ الهداية شرح البداية 1/65 ، البحر الرائق 2/36 ، حاشية ابن عابدين 1/656 ، مواهب الجليل ، الفروع 5/362 ،الإنصاف 3/372] .
أما المصليات في المجمعات والمحلات التجارية فجائز سواء كان المصلى تحت البناء أو فوقه لأن المصلى له خصوصية تختلف عن مسجد الجامع .
ونوصي لجان المساجد في الأبنية الحديثة :
1- بأن يكون سكن الإمام مستقلاً أو تحت المسجد أو بجانبه .
2- كما ونؤكد على ضرورة تجنيب المساجد مما يدنسها وكل ما يشوش على المصلين كرفع الأصوات وغيره .
والله تعالى أعلم
***
يستفاد من كلام بعض الفقهاء وهو أقرب إلى الصواب :
أولا: الهواء له حكم القرار كما نص على ذلك أهل العلم وكما تفضل الأخ،
قال القرافي في ( الفرق الثاني عشر والمائتان بين الأهوية وبين قاعدة ما تحت الأبنية ) :"اعلم أن حكم الأهوية تابع لحكم الأبنية فهواء الوقف وقف ، وهواء الطلق طلق ، وهواء الموات موات ، وهواء المملوك مملوك ، وهواء المسجد له حكم المسجد فلا يقربه الجنب "
و قال الزيلعي في تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (1/168)"لأن سطح المسجد مسجد إلى عنان السماء "
ثانيا :الأولى أن يتجنب اتخاذ المساكن فوق المساجد المنشأة حديثا ، لكن إن ألجأت الحاجة إلى اتخاذ مسكن للإمام ونحوه فلابأس لأن المسجد هنا انفصل-من أول يوم لتأسيسه- عن المسكن ،كمن أنشأ بناية وأراد أن يجعل أسفلها مسجدا وأعلاها متاجر ودكاكين ومحال للسكني فهذا لا حرج فيه إن شاء الله ،وكذا في حالة كون المسجد أتى متأخرا ولاحقا للمسكن أو الدكاكين كمن له بناية قديمة فأراد أن يجعل أعلاها دكاكين ومساكن وأسفلها مسجدا فالحكم كما في الصورة الأولى.
ثالثا :إذا كان المسجد قد بني أولا مستقلا ثم جاء من يريد جعل أعلاه مسكنا أو متجرا فهذا لا يجوز للقاعدة التي مرت "الهواء له حكم القرار"
قال الخرشي في شرح مختصر خليل (7/20)" [( ص ) كمنزل تحته ومنع عكسه ( ش ) التشبيه في الجواز والمعنى أنه يجوز للإنسان أن يتخذ له بيتا تحت المسجد ولا يجوز له أن يتخذ بيتا فوقه ; لأن ما فوق المسجد له حرمة المسجد وهذا في مسجد أعلاه متأخر عن مسجديته بأن بنى مسجدا ابتداء ثم أحدثت السكنى فوقه وما مر في باب الإجارة في قوله وسكنى فوقه في أنه مكروه في مسجد أعلاه سابق على مسجديته ."
***
إن اشترط في حين وقفه حق البناء ، واتخاذ السكن فوقه ، أو تحته ، ففي ذلك خلاف بين أهل العلم:
-فمذهب المالكية: منع البناء فوقه ، وجوازه تحته.
-ومذهب الحنابلة: أنه إن جعل أسفل بيته مسجداً ، لم ينتفع بسطحه ، وإن جعل سطحه مسجداً ، انتفع بأسفله.
-وجوز الإمام أبو يوسف البناء تحته ، وفوقه.
والذي يظهر أنه لا مانع من البناء فوقه ، وتحته ، إن كان ذلك في نيته حين الوقف.
المصدر