Air Suci dan Najis Menurut Madzhab Empat
Air Suci dan najis dan tipologinya Menurut Madzhab Empat
Air Suci dan najis dan tipologinya Menurut Madzhab Empat
والمياه أنواع ثلاثة: طهور، وطاهر غير مطهر، ومتنجس.
النوع الأول ـ الماء الطهور أو المطلق
هو الطاهر في نفسه المطهر لغيره، وهو كل ماء نزل من السماء، أو نبع من الأرض، ما دام باقياً على أصل الخِلْقة، فلم يتغير أحد أوصافه الثلاثة وهي (اللون والطعم والرائحة) أو تغير بشيء لم يسلب طهوريته كتراب طاهر أو ملح أو نبات مائي، ولم يكن مستعملاً، مثل ماء المطر والأودية والعيون والينابيع والآبار والأنهار والبحار، وماء الثلج والبرد، ونحوها من كل ماء عذب أو مِلْح، ويشمل الماء الذي ينعقد على صورة حيوان، أو ينعقد ملحاً، أو يرشح ويتبخر بخار ماء؛ لأنه ماء حقيقة.
هذا الماء المطلق طاهر مطهر إجماعاً، يزال به النجس، ويستخدم للوضوء والغسل، لقوله تعالى: وأنزلنا من السماء ماء طهوراً [2]، وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به [3]، ولقوله صلّى الله عليه وسلم عن ماء البحر: "هو الطهور ماؤه، الحل ميتته" [4].، وقوله عليه السلام: "إن الماء طهور، لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه" [5].
وقد يحدث التغير في هذا الماء الطهور المطلق بشوائب لا تسلبه الطَهورية، ويبقى حكمه أنه جائز الاستعمال للعادة والعبادة.
وقال المالكية: لا يضر ما تغير بطول مُكْثه، أو بما يجري عليه، أو بما متولد منه كالطحلب والدود والسمك الحي، أو بما لا ينفك عنه غالباً، أو بالمجاورة، ولا يؤثر تغيره بالتراب المطروح، على المشهور، وبما طرح فيه من الملح ونحوه من أجزاء الأرض كالنحاس والكبريت والحديد، ولو قصداً، ولا بدابغ طاهر كقَطِران، أو بما يعسر الاحتراز منه كتبن أو ورق شجر يتساقط في الآبار والبِرك من الريح، فإذا دبغت الجلود المعدة لحمل الماء كالقِرب والدلاء التي يستقى بها، يجوز الانتفاع بمائها، وإن تغير بأثر الدابغ الطاهر كالقَرَظ والقطران والشب، ولا يضر التغير بالمجاور؛ لأن الماء يتكيف بكيفية المجاور، ومن المجاور: جيفة مطروحة خارج الماء، فتغير ريح الماء منها.
ولا يضر التغير الخفيف بآلة سقي من حَبْل أو وعاء، أو بأثر بخور دهن به الإناء من غير دبغ به، أو رمي في الماء، فرسب في قراره، فتغير الماء به، لأن العرب كانت تستعمل القطران كثيراً عند الاستقاء وغيره، فصار كالتغير بالمقَرّ.
كما لا يضر التغير بالشك في جنس المغير، هل هو من جنس ما يضر كالعسل والدم، أو من جنس ما لا يضر كالكبريت وطول المكث، ويجوز التطهر به. وكذا لا يضر المشكوك في تغيره بالريق، كما إذا جعل الماء في الفم، وحصل شك فيه، هل تغير بالريق أو لا، فإنه يجوز التطهير به.
ويضر التغير لأحد أوصاف الماء بالشيء المفارق غالباً: وهو ما شأنه مفارقة الماء غالباً وكان طاهراً، كلبن وسمن وعسل وحشيش، فإذا امتزج به، أو لاصقه، كالرياحين المطروحة على سطح الماء، والدهن الملاصق له، وتغير أحد أوصاف الماء لوناً أو طعماً أو ريحاً، لم يجز التطهر به، ويصبح الماء طاهراً بنفسه، غير مطهر لغيره.
وفي هذا يقول الشيخ محمد البشار في متنه الفقهي 'أسهل المسالك' على مذهب الإمام مالك:
وَكُلُّ مَاءٍ نَازِلٍ مِنَ السَّمَا
أَوْ نَابِعٍ مِنْ أَرْضٍ أَوْ جَارٍ نَمَا
بَاقٍ عَلَى أَوْصَافِهِ أَوْ غُيِّرَا
مِنْ أَرْضِهِ أَوْ عَلَيْهِ قَدْ جَرَى
أَوْ مُكْثِهِ فَمُطْلَقٌ طَهُورٌ
يَصِحُّ مِنْهُ الشُّرْبُ وَالتَّطْهِيرُ
النوع الثاني ـ الماء الطاهر غير الطهور
قال المالكية: إن سالب الطهورية الذي يترتب عليه أنه لا يرفع الحدث ولا يزيل الخبث: هو كل طاهر يخالط الماء مما يفارقه غالباً، ويغير أحد أوصافه (لونه أو طعمه أو ريحه)، ولم يكن من أجزاء الأرض، ولا دابغاً لإنائه، ولا ما يعسر الاحتراز عنه. مثال ذلك الطاهر المفارق للماء غالباً الصابون وماء الورد والزعفران واللبن والعسل والزبيب المنبوذ في الماء، والليمون وروث الماشية ودخان شيء محروق، والحشيش، أو ورق الشجر أو التبن الواقع في بئر يسهل تغطيتها، والقطران الراسب في الماء لغير دباغ للوعاء والطحلب المطبوخ في الماء، والسمك الميت. فهذه الأمثلة إن غيرت أحد أوصاف الماء، جعلته طاهراً غير طهور. ومثلها المتغير الفاحش بآلة السقي، أو بإنائه، إذا كانا من غير أجزاء الأرض كإناء من جلد أو خشب، وحبل من كَتَّان أو ليف. فإن كان التغير يسيراً، أو استعمال القطران للدباغ، فلا يسلب الطهورية، ولا يضر.
وهذا الماء عندهم يصلح للعادة كالشرب والطبخ ... و لا يصلح للعبادة.
وفي هذا يقول الشيخ محمد البشار في متنه الفقهي 'أسهل المسالك':
وَإِنْ يَكُنْ مُغَيَّرًا بِطَاهِرٍ
يَنْفَكُّ عَنْهُ غَالِباً كَالسُّكَّرِ
فَطَاهِرٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْعَادَهْ
مِنْ طَبْخٍ أَوْ عَجْنٍ خَلَا الْعِبَادَ
النوع الثالث ـ الماء النجس
وهو الماء الذي شابه أو خالطه شيء نجس و غَيَّره في أوصافه الثلاثة لونه أو ريحه أو طعمه كبول أو عذرة أوروث أو دم... صار هذا الماء نجسا لا يجوز استعماله في عادة ولا عبادة، ولا بأس أن يسقى به زرع أو تشرب منه بهيمة.
وقال المالكية في أرجح الروايات بطهورية الماء القليل الذي وقعت فيه نجاسة لم تغير أحد أوصافه، لكنه مكروه، مراعاة للخلاف، كآنية الوضوء وقعت فيها نجاسة زائدة على قطرة.
يقول الشيخ محمد البشار المالكي في متنه الفقهي 'أسهل المسالك':
وَإِنْ أُشِيبَ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ
أَوْ رِيحُهُ بِالنَّجْسِ نَجْسٌ حُكْمُهُ
وَكُرْهُ مَا اسْتُعْمِلَ فِي رَفْعِ الْحَدَثْ
كَمَا قَلِيلٍ لَمْ يُغَيِّرْهُ الخَبَثْ
المراجع
الفقه الإسلامي وأدلته للدكتور وهبة الزحيلي ج1ص 226-240 طبعة دار الفكر.
كتاب سراج السالك شرح أسهل المسالك للسيد عثمان بن حسنين بري الجعلي المالكي ج1 ص 48-50 طبعة دار الرشاد الحديثة.
تاريخ النشر: الإثنين 21 ماي/أيار 2012
[1] أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه عن علي بن أبي طالب.
[2] الفرقان:48/25..
[3] الأنفال:11/8.
[4] رواه أصحاب السنن
[5] رواه ابن ماجة
المصدر
***
المياه في المذاهب الأربعة
تباينت أرآء الفقهاء في تقسيم المياه عند حديثهم في كتاب الطهارة، وفيما يلي أقوال كل مذهب في هذه المسألة مع بيان القول الراجح فيها:
المذهب الحنفي:
عند النظر في كتب الحنفية نجد أن لهم تقسيمين للمياه: تقسيم إجمالي؛ يتلخص في أن المياه تنقسم إلى ثلاثة أقسام: طاهر طهور: وهو الباقي على أوصاف خلقته، وطاهر فقط: وهو كل ماء أزيل به حدث أو أقيمت به قربة، وأما الثالث: فهو النجس: وهو ماء قليل وقعت فيه نجاسة غيرت أحد أوصافه جاريا كان أو واقفا.
والتقسيم الآخر للمياه عندهم: التقسيم التفصيلي، ويسمونه: تقسيم المياه من حيث أوصافها الشرعية، وهو عدة أقسام منها:
1) ماء طاهر مطهر غير مكروه الاستعمال: وهو الذي يرفع الحدث ويزيل النجس.
2) ماء طاهر مطهر مكروه الاستعمال تنزها مع وجود غيره: وهو الماء الذي شرب منه حيوان مثل الهرة والدجاجة المرسلة التي تجول في القاذورات ولم يعلم طهارة منقارها من نجاسته فكره سؤرها للشك. فإن لم يكن كذلك فلا كراهة فيه بأن حبست فلا يصل منقارها لقذر وكذا الماء الذي شربت منه سباع الطير.
3) ماء طاهر في نفسه غير مطهر لغيره، وهو أربعة أقسام:
• الماء المستعمل: فهذا يجوز شربه واستعماله إن كان نظيفا مع الكراهة التنزيهية لإزالة الحدث. وهو يطهر من الخبث عند عدم وجود غيره. ويعرفونه بأنه الماء الذي أزيل به حدث كغسالة الوضوء، والماء المنفصل من غسل المحدث، والماء المستعمل في البدن بنية القربة؛ كالوضوء على الوضوء، وغسل اليدين قبل الطعام. والماء عندهم يصير مستعملاً عندما ينفصل عن العضو وإن لم يستقر.
• ماء الشجر والثمر.
• ماء زال عن رقته بالطبخ كماء الحمص والعدس وماء خالطه أحد الجامدات الطاهرات فزالت سيولته.
• الماء الذي حصل له اسم غير الماء بمخالطة الجامدات الطاهرات وإن بقي على سيولته مثل العرقسوس الشراب المعروف.
4) الماء المتنجس، وهو قسمان :
• ماء جار: وهو ما يَعده الناس جاريًا على الأصح، ولا يُعد هذا الماء نجسًا إلا بتغير أحد أوصافه من لون، أو طعم، أو ريح.
• الماء الراكد: وهو إما أن يكون قليلاً أو كثيرًا: فالقليل: ينجس بوقوع النجاسة فيه ولو لم يظهر أثرها. وأما الكثير: وهو ما لا يخلص بعضه إلى بعض أي لا يتحرك أحد طرفيه بتحرك الآخر. فحكم الماء الكثير أنه لا ينجس إلا بتغير أحد أوصافه، وإذا كانت النجاسة مرئية وظاهرة فلا يتوضأ من مكانها.
5) ماء طاهر مشكوك في طهوريته: وهو سؤر كل حيوان مختلف في جواز أكل لحمه كالحمار الأهلي(1).
المذهب المالكي:
وفيه أن الأصل في المياه كلها الطهارة، والتطهير على اختلاف صفاتها ومواضعها من سماء، أو أرض، أو بحر، أو نهر، أو عين، أو بئر، أو ملح، أو عذب، أو راكد، كان باقيًا على أصل ميوعته أو ذائبا بعد جموده إلا ما تغيرت أوصافه التي هي: اللون، والطعم، والريح، أو أحدها وقد يُقسمون المياه إلى قسمين:
1) ماء مطلق: وهو الذي يحصل به التطهر، وهو الذي لم يتغير أحد أوصافه بما ينفك عنه غالبًا مما ليس بقرار له ولا متولد عنه فيدخل ما تغير بالطين؛ لأنه قراره وكذلك ما تغير بطول المكث؛ لأنه متولد عن مكثه، وما تغير بالطحلب؛ لأنه من باب مكثه، وما انقلب عن العذوبة إلى الملح؛ لأنه من أرضه وطول إقامته.
2) وماء مضاف: وهو نقيض المطلق، وهو: ما تغيرت أوصافه أو أحدها بمخالطٍ له مما ينفك عنه غالبا وهو على ضربين:
o مضاف نجس: ينجس الماء بنوعيه القليل والكثير إذا حلت فيه نجاسة وغيرت أحد أوصافه الثلاثة: الطعم أو الريح أو اللون. أما إن لم تغير أحد أوصافه كأن كانت النجاسة جامدة فإنه باق على طهوريته، ولا فرق بين الماء الجاري والراكد إلا أنه يكره استعماله إن وجد غيره وهذا لا يجوز استعماله في العبادات ولا في العادات ويحرم الانتفاع به في الطبخ والشرب وغيرهما إلا في حالة الضرورة الملحة كأن يكون الشخص تائها في الصحراء وتتوقف حياته على شرب الماء النجس فإنه يجوز له في هذه الحالة أن يشرب منه.
o ومضاف طاهر: وذلك بحسب المخالطِ له، وما تغير بكافور، أو غير ذلك من الطيب، أو بلبن، أو خل، أو بشئ من المائعات، أو الجامدات؛ لأنه مما خالطه ما ينفك عنه غالبًا فهو طاهر غير مطهر.
ونجدهم كذلك يتحدثون عن نوع من المياه وهو الماء الطاهر المطهر المكروه الاستعمال، كالماء المشمس سواء كان يسيرًا أو كثيرا في إناء مثل النحاس وما شابهه، وكراهيته طبية لا شرعية، ومنه الماء الشديد الحرارة والشديد البرودة شدة لا تضر بالبدن؛ وعلة الكراهة أنه في هذه الحالة يصرف المتطهر عن الخشوع لله ويجعله مشغولا بألم الحر أو البرد ومنها عدم إسباغ الطهار، والماء الراكد ولو كان كثيرا، والماء الراكد الذي مات فيه حيوان بري له دم سائل ولم يتغير الماء، وكذا الماء اليسير الذي حلت به نجاسة ولم تغيره، وأيضًا الماء اليسير الذي ولغ فيه الكلب وكذا سؤر كل حيوان لا يتوقى نجسا إن لم يعسر الاحتراز منه كالطير والسباع، ومنها كذلك الماء اليسير الذي شرب منه شخص اعتاد المسكر أو غسل فيه عضوا من أعضائه(2).
المذهب الشافعي:
أقسام المياه عند الشافعية أربعة:
1) ماء طاهر في نفسه مطهر لغيره غير مكروه استعماله وهو الماء المطلق.
2) ماء طاهر، ويجب استعماله إذا لم يوجد غيره وخشي خروج الوقت، وكذا الماء شديد السخونة والبرودة ويكره أيضا تنزيها شديد السخونة أو البرودة في الطهارة لمنعه الإسباغ، ومياه ديار ثمود، وكل ماء مغضوب على أهله، وماء ديار قوم لوط، وماء البئر التي وضع فيها السحر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الله تعالى مسخ ماءها حتى صار كنقاعة الحناء.
3) ماء طاهر في نفسه غير مطهر لغيره وهو الماء القليل المستعمل في فرض الطهارة عن حدث كالغسلة الأولى، ومثل الماء المستعمل الماء المتغير طعمه أو لونه أو ريحه بما- أي بشيء -خالطه من الأعيان الطاهرات التي لا يمكن فصله عنها كمسك وزعفران وماء شجر ومني وملح تغيرا يمنع إطلاق اسم الماء عليه سواء كان الماء قليلا أم كثيرا
4) ماء نجس أي متنجس وهو الذي حلت فيه أو لاقته نجاسة تدرك بالبصر وهو قليل فلا يتنجس الكثير إلا بالتغيير بالنجاسة أو كان كثيرًا فتغير بسبب النجاسة لخروجه عن الطاهرية ولو كان التغير يسيرًا حسيًا أو تقديريًا فهو نجس بأن وقعت فيه نجاسة مائعة توافقه في الصفات كبول انقطعت رائحته ولو فرض مخالفا له في أغلظ الصفات كلون الحبر وطعم الخل وريح المسك(3).
المذهب الحنبلي:
أما الحنابلة فقد قسموا المياه إلى ثلاثة أقسام:
1) طهور وهو الباقي على خلقته، ومنه مكروه كمتغير بغير ممازج، ومحرم لا يرفع الحدث ويزيل الخبث، وهو المغصوب، وغير بئر الناقة من ثمود.
2) طاهر لا يرفع الحدث، ولا يزيل الخبث، وهو المتغير بممازج طاهر، ومنه يسير مستعمل في رفع حدث.
3) نجس، يحرم استعماله مطلقا، وهو ما تغير بنجاسة في غير محل تطهير، أو لاقاها في غيره وهو يسير، والجاري كالراكد(4).
ولعل خلاصة أقوال المذاهب الأربعة في أقسام المياه؛ أن المياه تنقسم إلى قسمين طهور ونجس، ولعل الحد الفاصل بينهما هو تغير اللون، أو الطعم، أوالريح بالنجاسة.
ومن المقدمات التي عليّ أن أجعلها نُصب عيني عند الحديث عن مسألة المياه أن النجاسة كما يقسمها الفقهاء نوعين: نجاسة عينية، ونجاسة حكمية، وتفصيل ذلك كما يلي:
1) أما النجاسة العينية: فهي كل عين تُدرك حِسًا إما بلون أو طعم أو ريح. وهي على نوعين؛ فمنها ما يكون نجساً في ذاته، ومنها ما يكون متنجساً بغيره؛ فأما النجاسة الذاتية فهي في الجملة لا تطهر بحال كالبول والغائط ودم الحيض. وأما المتنجسات بغيرها فلا بد في تطهيرها من إزالة عين النجاسة عنها ولا بد من إزالة أوصافها الثلاثة؛ من اللون، أو الطعم، أو الريح، أو ما وُجد منها؛ إن أمكن(5).
2) وأما النجاسات الحكمية فمنها ما هو حدث - سواء كان حدثًا أصغر أو أكبر -، ومنها ما هو نجاسة عينية يُتيقن وجودها ويُجهل مكانها كالبول إذا جف على المحل ولا يوجد له رائحة ولا أثر؛ فهذه تُطهر بتجاوز محل سببها كما في غسل الأعضاء من الحدث؛ فإن محل الحدث الفرج مثلاً - حيث خرج منه خارج - وقد وجب غسل غيره من الأعضاء وهذه يكفي فيها جري الماء على المحل مرة واحدة(6).
------------------
(1) بدائع الصنائع (1/15)، حاشية رد المختار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار فقه أبو حنيفة، لابن عابدين، الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر، لبنان، بيروت، الطبعة الثالثة، عام 1421هـ - 2000م (1/179)، تحفة الملوك (في فقه مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان)، لمحمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي، تحقيق: عبد الله نذير أحمد، الناشر: دار البشائر الإسلامية، بيروت، ، الطبعة الأولى، عام 1417هـ ، (1/20).
(2) انظر: التلقين في الفقه المالكي، لأبي محمد عبد الوهاب بن علي بن نصر الثعلبي المالكي، تحقيق: محمد ثالث سعيد الغاني الناشر: المكتبة التجارية، مكة المكرمة، الطبعة الأولى، عام 1415هـ، (1/54)، الثمر الداني (1/36)، التاج والإكليل (1/43).
(3) انظر: الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع (1/19-21)، التنبيه في الفقه الشافعي (1/13)
(4) انظر: المغني (1/36)، كشاف القناع عن متن الإقناع (1/35-40)، مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى(1/34-35).
(5) بدائع الصنائع (1/68)، تحفة الفقهاء (1/59)، مواهب الجليل لشرح مختصر خليل (1/159)، بداية المجتهد (1/61)، الإقناع للشربيني (1/31)، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل(1/29).
(6) نفس المراجع السابقة.
المصدر
والمياه أنواع ثلاثة: طهور، وطاهر غير مطهر، ومتنجس.
النوع الأول ـ الماء الطهور أو المطلق
هو الطاهر في نفسه المطهر لغيره، وهو كل ماء نزل من السماء، أو نبع من الأرض، ما دام باقياً على أصل الخِلْقة، فلم يتغير أحد أوصافه الثلاثة وهي (اللون والطعم والرائحة) أو تغير بشيء لم يسلب طهوريته كتراب طاهر أو ملح أو نبات مائي، ولم يكن مستعملاً، مثل ماء المطر والأودية والعيون والينابيع والآبار والأنهار والبحار، وماء الثلج والبرد، ونحوها من كل ماء عذب أو مِلْح، ويشمل الماء الذي ينعقد على صورة حيوان، أو ينعقد ملحاً، أو يرشح ويتبخر بخار ماء؛ لأنه ماء حقيقة.
هذا الماء المطلق طاهر مطهر إجماعاً، يزال به النجس، ويستخدم للوضوء والغسل، لقوله تعالى: وأنزلنا من السماء ماء طهوراً [2]، وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به [3]، ولقوله صلّى الله عليه وسلم عن ماء البحر: "هو الطهور ماؤه، الحل ميتته" [4].، وقوله عليه السلام: "إن الماء طهور، لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه" [5].
وقد يحدث التغير في هذا الماء الطهور المطلق بشوائب لا تسلبه الطَهورية، ويبقى حكمه أنه جائز الاستعمال للعادة والعبادة.
وقال المالكية: لا يضر ما تغير بطول مُكْثه، أو بما يجري عليه، أو بما متولد منه كالطحلب والدود والسمك الحي، أو بما لا ينفك عنه غالباً، أو بالمجاورة، ولا يؤثر تغيره بالتراب المطروح، على المشهور، وبما طرح فيه من الملح ونحوه من أجزاء الأرض كالنحاس والكبريت والحديد، ولو قصداً، ولا بدابغ طاهر كقَطِران، أو بما يعسر الاحتراز منه كتبن أو ورق شجر يتساقط في الآبار والبِرك من الريح، فإذا دبغت الجلود المعدة لحمل الماء كالقِرب والدلاء التي يستقى بها، يجوز الانتفاع بمائها، وإن تغير بأثر الدابغ الطاهر كالقَرَظ والقطران والشب، ولا يضر التغير بالمجاور؛ لأن الماء يتكيف بكيفية المجاور، ومن المجاور: جيفة مطروحة خارج الماء، فتغير ريح الماء منها.
ولا يضر التغير الخفيف بآلة سقي من حَبْل أو وعاء، أو بأثر بخور دهن به الإناء من غير دبغ به، أو رمي في الماء، فرسب في قراره، فتغير الماء به، لأن العرب كانت تستعمل القطران كثيراً عند الاستقاء وغيره، فصار كالتغير بالمقَرّ.
كما لا يضر التغير بالشك في جنس المغير، هل هو من جنس ما يضر كالعسل والدم، أو من جنس ما لا يضر كالكبريت وطول المكث، ويجوز التطهر به. وكذا لا يضر المشكوك في تغيره بالريق، كما إذا جعل الماء في الفم، وحصل شك فيه، هل تغير بالريق أو لا، فإنه يجوز التطهير به.
ويضر التغير لأحد أوصاف الماء بالشيء المفارق غالباً: وهو ما شأنه مفارقة الماء غالباً وكان طاهراً، كلبن وسمن وعسل وحشيش، فإذا امتزج به، أو لاصقه، كالرياحين المطروحة على سطح الماء، والدهن الملاصق له، وتغير أحد أوصاف الماء لوناً أو طعماً أو ريحاً، لم يجز التطهر به، ويصبح الماء طاهراً بنفسه، غير مطهر لغيره.
وفي هذا يقول الشيخ محمد البشار في متنه الفقهي 'أسهل المسالك' على مذهب الإمام مالك:
وَكُلُّ مَاءٍ نَازِلٍ مِنَ السَّمَا
أَوْ نَابِعٍ مِنْ أَرْضٍ أَوْ جَارٍ نَمَا
بَاقٍ عَلَى أَوْصَافِهِ أَوْ غُيِّرَا
مِنْ أَرْضِهِ أَوْ عَلَيْهِ قَدْ جَرَى
أَوْ مُكْثِهِ فَمُطْلَقٌ طَهُورٌ
يَصِحُّ مِنْهُ الشُّرْبُ وَالتَّطْهِيرُ
النوع الثاني ـ الماء الطاهر غير الطهور
قال المالكية: إن سالب الطهورية الذي يترتب عليه أنه لا يرفع الحدث ولا يزيل الخبث: هو كل طاهر يخالط الماء مما يفارقه غالباً، ويغير أحد أوصافه (لونه أو طعمه أو ريحه)، ولم يكن من أجزاء الأرض، ولا دابغاً لإنائه، ولا ما يعسر الاحتراز عنه. مثال ذلك الطاهر المفارق للماء غالباً الصابون وماء الورد والزعفران واللبن والعسل والزبيب المنبوذ في الماء، والليمون وروث الماشية ودخان شيء محروق، والحشيش، أو ورق الشجر أو التبن الواقع في بئر يسهل تغطيتها، والقطران الراسب في الماء لغير دباغ للوعاء والطحلب المطبوخ في الماء، والسمك الميت. فهذه الأمثلة إن غيرت أحد أوصاف الماء، جعلته طاهراً غير طهور. ومثلها المتغير الفاحش بآلة السقي، أو بإنائه، إذا كانا من غير أجزاء الأرض كإناء من جلد أو خشب، وحبل من كَتَّان أو ليف. فإن كان التغير يسيراً، أو استعمال القطران للدباغ، فلا يسلب الطهورية، ولا يضر.
وهذا الماء عندهم يصلح للعادة كالشرب والطبخ ... و لا يصلح للعبادة.
وفي هذا يقول الشيخ محمد البشار في متنه الفقهي 'أسهل المسالك':
وَإِنْ يَكُنْ مُغَيَّرًا بِطَاهِرٍ
يَنْفَكُّ عَنْهُ غَالِباً كَالسُّكَّرِ
فَطَاهِرٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْعَادَهْ
مِنْ طَبْخٍ أَوْ عَجْنٍ خَلَا الْعِبَادَ
النوع الثالث ـ الماء النجس
وهو الماء الذي شابه أو خالطه شيء نجس و غَيَّره في أوصافه الثلاثة لونه أو ريحه أو طعمه كبول أو عذرة أوروث أو دم... صار هذا الماء نجسا لا يجوز استعماله في عادة ولا عبادة، ولا بأس أن يسقى به زرع أو تشرب منه بهيمة.
وقال المالكية في أرجح الروايات بطهورية الماء القليل الذي وقعت فيه نجاسة لم تغير أحد أوصافه، لكنه مكروه، مراعاة للخلاف، كآنية الوضوء وقعت فيها نجاسة زائدة على قطرة.
يقول الشيخ محمد البشار المالكي في متنه الفقهي 'أسهل المسالك':
وَإِنْ أُشِيبَ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ
أَوْ رِيحُهُ بِالنَّجْسِ نَجْسٌ حُكْمُهُ
وَكُرْهُ مَا اسْتُعْمِلَ فِي رَفْعِ الْحَدَثْ
كَمَا قَلِيلٍ لَمْ يُغَيِّرْهُ الخَبَثْ
المراجع
الفقه الإسلامي وأدلته للدكتور وهبة الزحيلي ج1ص 226-240 طبعة دار الفكر.
كتاب سراج السالك شرح أسهل المسالك للسيد عثمان بن حسنين بري الجعلي المالكي ج1 ص 48-50 طبعة دار الرشاد الحديثة.
تاريخ النشر: الإثنين 21 ماي/أيار 2012
[1] أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه عن علي بن أبي طالب.
[2] الفرقان:48/25..
[3] الأنفال:11/8.
[4] رواه أصحاب السنن
[5] رواه ابن ماجة
المصدر
***
المياه في المذاهب الأربعة
تباينت أرآء الفقهاء في تقسيم المياه عند حديثهم في كتاب الطهارة، وفيما يلي أقوال كل مذهب في هذه المسألة مع بيان القول الراجح فيها:
المذهب الحنفي:
عند النظر في كتب الحنفية نجد أن لهم تقسيمين للمياه: تقسيم إجمالي؛ يتلخص في أن المياه تنقسم إلى ثلاثة أقسام: طاهر طهور: وهو الباقي على أوصاف خلقته، وطاهر فقط: وهو كل ماء أزيل به حدث أو أقيمت به قربة، وأما الثالث: فهو النجس: وهو ماء قليل وقعت فيه نجاسة غيرت أحد أوصافه جاريا كان أو واقفا.
والتقسيم الآخر للمياه عندهم: التقسيم التفصيلي، ويسمونه: تقسيم المياه من حيث أوصافها الشرعية، وهو عدة أقسام منها:
1) ماء طاهر مطهر غير مكروه الاستعمال: وهو الذي يرفع الحدث ويزيل النجس.
2) ماء طاهر مطهر مكروه الاستعمال تنزها مع وجود غيره: وهو الماء الذي شرب منه حيوان مثل الهرة والدجاجة المرسلة التي تجول في القاذورات ولم يعلم طهارة منقارها من نجاسته فكره سؤرها للشك. فإن لم يكن كذلك فلا كراهة فيه بأن حبست فلا يصل منقارها لقذر وكذا الماء الذي شربت منه سباع الطير.
3) ماء طاهر في نفسه غير مطهر لغيره، وهو أربعة أقسام:
• الماء المستعمل: فهذا يجوز شربه واستعماله إن كان نظيفا مع الكراهة التنزيهية لإزالة الحدث. وهو يطهر من الخبث عند عدم وجود غيره. ويعرفونه بأنه الماء الذي أزيل به حدث كغسالة الوضوء، والماء المنفصل من غسل المحدث، والماء المستعمل في البدن بنية القربة؛ كالوضوء على الوضوء، وغسل اليدين قبل الطعام. والماء عندهم يصير مستعملاً عندما ينفصل عن العضو وإن لم يستقر.
• ماء الشجر والثمر.
• ماء زال عن رقته بالطبخ كماء الحمص والعدس وماء خالطه أحد الجامدات الطاهرات فزالت سيولته.
• الماء الذي حصل له اسم غير الماء بمخالطة الجامدات الطاهرات وإن بقي على سيولته مثل العرقسوس الشراب المعروف.
4) الماء المتنجس، وهو قسمان :
• ماء جار: وهو ما يَعده الناس جاريًا على الأصح، ولا يُعد هذا الماء نجسًا إلا بتغير أحد أوصافه من لون، أو طعم، أو ريح.
• الماء الراكد: وهو إما أن يكون قليلاً أو كثيرًا: فالقليل: ينجس بوقوع النجاسة فيه ولو لم يظهر أثرها. وأما الكثير: وهو ما لا يخلص بعضه إلى بعض أي لا يتحرك أحد طرفيه بتحرك الآخر. فحكم الماء الكثير أنه لا ينجس إلا بتغير أحد أوصافه، وإذا كانت النجاسة مرئية وظاهرة فلا يتوضأ من مكانها.
5) ماء طاهر مشكوك في طهوريته: وهو سؤر كل حيوان مختلف في جواز أكل لحمه كالحمار الأهلي(1).
المذهب المالكي:
وفيه أن الأصل في المياه كلها الطهارة، والتطهير على اختلاف صفاتها ومواضعها من سماء، أو أرض، أو بحر، أو نهر، أو عين، أو بئر، أو ملح، أو عذب، أو راكد، كان باقيًا على أصل ميوعته أو ذائبا بعد جموده إلا ما تغيرت أوصافه التي هي: اللون، والطعم، والريح، أو أحدها وقد يُقسمون المياه إلى قسمين:
1) ماء مطلق: وهو الذي يحصل به التطهر، وهو الذي لم يتغير أحد أوصافه بما ينفك عنه غالبًا مما ليس بقرار له ولا متولد عنه فيدخل ما تغير بالطين؛ لأنه قراره وكذلك ما تغير بطول المكث؛ لأنه متولد عن مكثه، وما تغير بالطحلب؛ لأنه من باب مكثه، وما انقلب عن العذوبة إلى الملح؛ لأنه من أرضه وطول إقامته.
2) وماء مضاف: وهو نقيض المطلق، وهو: ما تغيرت أوصافه أو أحدها بمخالطٍ له مما ينفك عنه غالبا وهو على ضربين:
o مضاف نجس: ينجس الماء بنوعيه القليل والكثير إذا حلت فيه نجاسة وغيرت أحد أوصافه الثلاثة: الطعم أو الريح أو اللون. أما إن لم تغير أحد أوصافه كأن كانت النجاسة جامدة فإنه باق على طهوريته، ولا فرق بين الماء الجاري والراكد إلا أنه يكره استعماله إن وجد غيره وهذا لا يجوز استعماله في العبادات ولا في العادات ويحرم الانتفاع به في الطبخ والشرب وغيرهما إلا في حالة الضرورة الملحة كأن يكون الشخص تائها في الصحراء وتتوقف حياته على شرب الماء النجس فإنه يجوز له في هذه الحالة أن يشرب منه.
o ومضاف طاهر: وذلك بحسب المخالطِ له، وما تغير بكافور، أو غير ذلك من الطيب، أو بلبن، أو خل، أو بشئ من المائعات، أو الجامدات؛ لأنه مما خالطه ما ينفك عنه غالبًا فهو طاهر غير مطهر.
ونجدهم كذلك يتحدثون عن نوع من المياه وهو الماء الطاهر المطهر المكروه الاستعمال، كالماء المشمس سواء كان يسيرًا أو كثيرا في إناء مثل النحاس وما شابهه، وكراهيته طبية لا شرعية، ومنه الماء الشديد الحرارة والشديد البرودة شدة لا تضر بالبدن؛ وعلة الكراهة أنه في هذه الحالة يصرف المتطهر عن الخشوع لله ويجعله مشغولا بألم الحر أو البرد ومنها عدم إسباغ الطهار، والماء الراكد ولو كان كثيرا، والماء الراكد الذي مات فيه حيوان بري له دم سائل ولم يتغير الماء، وكذا الماء اليسير الذي حلت به نجاسة ولم تغيره، وأيضًا الماء اليسير الذي ولغ فيه الكلب وكذا سؤر كل حيوان لا يتوقى نجسا إن لم يعسر الاحتراز منه كالطير والسباع، ومنها كذلك الماء اليسير الذي شرب منه شخص اعتاد المسكر أو غسل فيه عضوا من أعضائه(2).
المذهب الشافعي:
أقسام المياه عند الشافعية أربعة:
1) ماء طاهر في نفسه مطهر لغيره غير مكروه استعماله وهو الماء المطلق.
2) ماء طاهر، ويجب استعماله إذا لم يوجد غيره وخشي خروج الوقت، وكذا الماء شديد السخونة والبرودة ويكره أيضا تنزيها شديد السخونة أو البرودة في الطهارة لمنعه الإسباغ، ومياه ديار ثمود، وكل ماء مغضوب على أهله، وماء ديار قوم لوط، وماء البئر التي وضع فيها السحر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الله تعالى مسخ ماءها حتى صار كنقاعة الحناء.
3) ماء طاهر في نفسه غير مطهر لغيره وهو الماء القليل المستعمل في فرض الطهارة عن حدث كالغسلة الأولى، ومثل الماء المستعمل الماء المتغير طعمه أو لونه أو ريحه بما- أي بشيء -خالطه من الأعيان الطاهرات التي لا يمكن فصله عنها كمسك وزعفران وماء شجر ومني وملح تغيرا يمنع إطلاق اسم الماء عليه سواء كان الماء قليلا أم كثيرا
4) ماء نجس أي متنجس وهو الذي حلت فيه أو لاقته نجاسة تدرك بالبصر وهو قليل فلا يتنجس الكثير إلا بالتغيير بالنجاسة أو كان كثيرًا فتغير بسبب النجاسة لخروجه عن الطاهرية ولو كان التغير يسيرًا حسيًا أو تقديريًا فهو نجس بأن وقعت فيه نجاسة مائعة توافقه في الصفات كبول انقطعت رائحته ولو فرض مخالفا له في أغلظ الصفات كلون الحبر وطعم الخل وريح المسك(3).
المذهب الحنبلي:
أما الحنابلة فقد قسموا المياه إلى ثلاثة أقسام:
1) طهور وهو الباقي على خلقته، ومنه مكروه كمتغير بغير ممازج، ومحرم لا يرفع الحدث ويزيل الخبث، وهو المغصوب، وغير بئر الناقة من ثمود.
2) طاهر لا يرفع الحدث، ولا يزيل الخبث، وهو المتغير بممازج طاهر، ومنه يسير مستعمل في رفع حدث.
3) نجس، يحرم استعماله مطلقا، وهو ما تغير بنجاسة في غير محل تطهير، أو لاقاها في غيره وهو يسير، والجاري كالراكد(4).
ولعل خلاصة أقوال المذاهب الأربعة في أقسام المياه؛ أن المياه تنقسم إلى قسمين طهور ونجس، ولعل الحد الفاصل بينهما هو تغير اللون، أو الطعم، أوالريح بالنجاسة.
ومن المقدمات التي عليّ أن أجعلها نُصب عيني عند الحديث عن مسألة المياه أن النجاسة كما يقسمها الفقهاء نوعين: نجاسة عينية، ونجاسة حكمية، وتفصيل ذلك كما يلي:
1) أما النجاسة العينية: فهي كل عين تُدرك حِسًا إما بلون أو طعم أو ريح. وهي على نوعين؛ فمنها ما يكون نجساً في ذاته، ومنها ما يكون متنجساً بغيره؛ فأما النجاسة الذاتية فهي في الجملة لا تطهر بحال كالبول والغائط ودم الحيض. وأما المتنجسات بغيرها فلا بد في تطهيرها من إزالة عين النجاسة عنها ولا بد من إزالة أوصافها الثلاثة؛ من اللون، أو الطعم، أو الريح، أو ما وُجد منها؛ إن أمكن(5).
2) وأما النجاسات الحكمية فمنها ما هو حدث - سواء كان حدثًا أصغر أو أكبر -، ومنها ما هو نجاسة عينية يُتيقن وجودها ويُجهل مكانها كالبول إذا جف على المحل ولا يوجد له رائحة ولا أثر؛ فهذه تُطهر بتجاوز محل سببها كما في غسل الأعضاء من الحدث؛ فإن محل الحدث الفرج مثلاً - حيث خرج منه خارج - وقد وجب غسل غيره من الأعضاء وهذه يكفي فيها جري الماء على المحل مرة واحدة(6).
------------------
(1) بدائع الصنائع (1/15)، حاشية رد المختار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار فقه أبو حنيفة، لابن عابدين، الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر، لبنان، بيروت، الطبعة الثالثة، عام 1421هـ - 2000م (1/179)، تحفة الملوك (في فقه مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان)، لمحمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي، تحقيق: عبد الله نذير أحمد، الناشر: دار البشائر الإسلامية، بيروت، ، الطبعة الأولى، عام 1417هـ ، (1/20).
(2) انظر: التلقين في الفقه المالكي، لأبي محمد عبد الوهاب بن علي بن نصر الثعلبي المالكي، تحقيق: محمد ثالث سعيد الغاني الناشر: المكتبة التجارية، مكة المكرمة، الطبعة الأولى، عام 1415هـ، (1/54)، الثمر الداني (1/36)، التاج والإكليل (1/43).
(3) انظر: الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع (1/19-21)، التنبيه في الفقه الشافعي (1/13)
(4) انظر: المغني (1/36)، كشاف القناع عن متن الإقناع (1/35-40)، مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى(1/34-35).
(5) بدائع الصنائع (1/68)، تحفة الفقهاء (1/59)، مواهب الجليل لشرح مختصر خليل (1/159)، بداية المجتهد (1/61)، الإقناع للشربيني (1/31)، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل(1/29).
(6) نفس المراجع السابقة.
المصدر