Jumlah Ayat Hukum (Ayat Ahkam) dalam Al-Quran
Jumlah Ayat Hukum (Ayat Ahkam) yaitu ayat-ayat yang terkait dengan hukum syariah dan dijadikan dalil para ulum dalam soal hukum dalam Al-Quran
Jumlah Ayat Hukum (Ayat Ahkam) yaitu ayat-ayat yang terkait dengan hukum syariah dan dijadikan dalil para ulum dalam soal hukum dalam Al-Quran
عدد آيات الأحكام في القرآن الكريم :
اختلف أهل العلم -رحمهم الله - في كون آيات القُرْآن الدالة على الأحكام الفقهية محصورة أم لا ؟ على قولين:
القول الأول: أن آيات الأحكام محدودة ومحصورة بعدد معين(([1] ثم اختلف هؤلاء في عددها :
قال ابن العربي : هي أكثر من 800 آية .
وقال الغزالي : حوالي 500 آية .
وذهب الصنعاني إلى أنها 200 آية .
وذهب ابن القيم إلى أنها 150 آية .
قال الزركشي : "ولعل مرادهم المصرّح به ؛ فإن آيات القصص، والأمثال وغيرها يُستنبط منها كثير من الأحكام"(([2] .
القول الثاني : أن آيات الأحكام غير محدودة العدد، فكل آية في القُرْآن قد يُستنبط منها حكمٌ معينٌ (([3]، وَمَرَدُّ ذلك إلى ما يفتحه الله على العَالِمِ من معاني القُرْآن ودلالاته ، وما يتميز به العالم من صفاء الروح،وقوة الاستنباط ، وجودة الذهن وسيلانه(([4] . قال نجم الدِّيْن الطُوفي: "والصحيح أن هذا التقدير غيرُ معتبر، وأن مقدار أدلة الأحكام في ذلك غير منحصر؛ فإن أحكام الشرع كما تُستنبط من الأوامر، والنواهي؛ كذلك تُستنبط من الأقاصيص، والمواعظ، ونحوها، فقلَّ آية في القُرْآن الكريم إلاّ ويُستنبط منها شيء من الأحكام،وإذا أردتَ تحقيق هذا؛ فانظر إلى كتاب أدلة الأحكام(([5] ،وكأن هؤلاء- الذين حصروها في خمس مائة آية - إنما نظروا إلى ما قُصد منه بيان الحكم دون ما اسْتُفِيد منه، ولم يُقصد به بيانها "(([6] ، وقال القرافي: "فلا تكاد تجد آية إلاّ وفيها حكم،وحصرها في خمسمائة آية بعيد"(([7] .
وهذا هو الرَّاجح - والله أعلم- لأن أحكام القُرْآن في كتاب الله على قسمين(([8] :
أولهما: ما صُرِّح به في الأحكام، وهو كثير كقوله تعالى:{ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْصِّيَامُ } إلى قوله: { فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الْشَهْرَ فَلْيَصُمْهُ } [البقرة/183] ، وعامة أحكام القُرْآن العظيم من هذا النوع، ومثال ذلك: غالب أحكام سورة البقرة، والنساء، والمائدة .
وثانيهما: ما يؤخذ بطريق الاستنباط، والتأمل، وهو على قسمين أيضاً:
أحدهما: ما يُسْتَنْبَطُ من الآية مباشرة، بدون ضَمِّ آية أخرى لها؛ وذلك نحو استنباط تحريم الاستمناء من قوله تعالى: { وَالَّذِيْنَ هُم لفُرُوجِهِم حافِظون إلاّ على أزواجِهِم أو ما مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإنَهُمْ غَيْرُ مَلُوْمِيْنَ فَمَنْ أبْتَغَي وَرَاءَ ذَلِكَ فَاؤلَئِكَ هُمُ الْعَادُوْنَ } [ المؤمنون /5-7 ]، وكاستنباط صحة صوم من أصبح جُنباً، من قوله تعالى: { فالآن بَاشِرُوْهُنَّ وَابْتَغُوْا مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَكُلُوْا وَاشْرَبُوْا حَتَى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْر ) .
والقسم الثاني : ما يُسْتَنْبَطُ بِضَمِّ الآية إلى غيرها، سواء لآية أخرى،أو لحديث نبوي، ومنه استنباط علي بن أبي طالب(([9] أن أقل الحمل ستة أشهر؛ من قوله تعالى: ( وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُوْنَ شَهْرَاً ) [ الأحقاف/15] مع قوله تعالى: ( وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ )،ومنه استنباط أن التطهر المراد بقوله تعالى { فَإِذَا تَطّهَرْنَ } (البقرة/222) ؛ وقوله: (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبَاً فَاطَّهَرُوْا) (المائدة: 6 ) هو الاغتسال المذكور في قوله تعالى:{وَلاَ جُنُبَاً إِلاَّ عَابِرِيْ سَبِيْلٍ حَتَّى تَغتَسِلُوْا } (النساء: 43 ) ؛ وبناءً على هذا؛ فإن آيات الأحكام أكثر من أن تُحْصَر بعدد معين، وهذا ضَرْبٌ مِنْ إعجاز القُرْآن الكريم، والله اعلم
([1]) ممن قال بهذا القول الغزالي في المستصفى (4/6)، والرازي في المحصول (2/3/33)، والمارودي في أدب القاضي (1/282).
([2])البرهان للزركشي(2/3-4 ).
([3])وهو قول أكثر العلماء ، وممن رَجَّحَهُ العِزّ بن عبد السلام ، والقَرَافي ، والطُوْفِي ، والزَرْكَشِي ، وابن جُزَي، والسيوطي ، وابن النجار، والشوكاني ، والشنقيطي . انظر شرح التنقيح (ص437)، وشرح مختصر الروضة (3/415 )، والبرهان في علوم القُرْآن ( 2 / 4 - 6 )، والإتقان (2/ 185)، شرح الكوكب المنير (4/ 406) ، وتقريب الوصول ( ص 431 )، إرشاد الفحول (2/814 )،نثر الورود ) 2/ 145) .
([4])انظر : التقرير والتحبير (3/390) .
([5])هو كتاب " الإمام في بيان أدلة الأحكام " للإمام الحافظ عز الدِّيْن بن عبد السلام السُلمي (ت/660 ) كتاب عظيم لا يستغني عنه الفقيه، ولا المتفقه، حُقق الكتاب في رسالة علمية؛ بجامعة أم القرى، وطبعه محققه /د. رضوان مختار بن غربية عن دار البشائر الإسلامية - بيروت - 1407 هللشيخ عِز الدِّيْن بن عبد السلام.
([6]) شرح مختصر الروضة (3/415 ) .
([7]) شرح التنقيح (ص/476 ) .
([8])انظر: البرهان للزركشي( 2/5-7) .
([9])روى البيهقي في سننه الكبرى، باب ما جاء في أقل الحمل (برقم/15326و15327)، (( أن عمر أُتِىَ بامرأة قد ولدت لستة أشهر؛ فَهَمَّ بِرَجْمِهَا ؛ فبلغ ذلك علياً t فقال: (( ليس عليها رجم ؛ فبلغ ذلك عمر t فأرسل إليه، فسأله؛ فقال: {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة } وقال:{ وحمله وفصاله ثلاثون شهراً} فستة أشهر حمله؛ حولين تمام؛ لا حَدَّ عليها، أو قال: لا رجم عليها، قال: فَخَلَّى عنها ثم ولدت .
المصدر
***
عدد آيات الأحكام
القرآن الكريم هو المصدر الأول لجميع العلوم الإسلامية، وضمن هذه العلوم علم الفقه، وهو يحتاج إلى مصادر لبيان أحكامه، والمصدر الأول له هو القرآن، وليس كل آيات القرآن لها نفس الميزة في بيان الأحكام الشرعية العملية، بل هنالك آيات تدل على هذا المعنى، ويسمى هذه الآيات بآيات الأحكام كما بيناه، واختلف العلماء في عدد آياتها على أقوال:-
القول الأول:- عدد آياتها خمسمائة آية، وهو قول مقاتل بن سليمان، والإمام الغزالي وفخر الدين الرازي وابن قدامة المقدسي([1]).
قال ابن الجزي:- (أحكام القرآن فهي ما ورد فيه من الأوامر والنواهي. والمسائل الفقهية. وقال بعض العلماء إنّ آيات الأحكام خمسمائة آية) ([2]).
وقال قطب الدين الرواندي من الإمامية:- (ففى القرآن الكريم ما يقرب من خمسمائة آية تتناول بيان رؤوس الاحكام الفقهية واصول التشريع الاسلامي من الوجهة العملية ، وهى التى اصطلح العلماء تسميتها ب (آيات الاحكام ) والحديث عنها وشرحها وتفسيرها بفقه القرآن) ([3]).
القول الثاني:- قيل:- عدد آياتها مائة وخمسون. ([4])
القول الثالث:- هي مائتا آية، وهو قول ابي الطيب القنوجي (ت 1307هـ) وقال:- (وقد قيل: إنها خمسمائة آية، وما صح ذلك، وإنما هي مائتا آية أوقريب من ذلك) ([5]).
القول الرابع:- عدم حصر آيات الأحكام بعدد معين بل هو مختلف حسب علم الفقيه والمجتهد، وهو قول ابن دقيق العيد نقل عنه الزركشي([6])، والقرافي، والصنعاني والشوكاني.
قال القرافي:- (الحصر في خمسمائة آية قاله الإمام فخر الدين وغيره ولم يحصر غيرهم ذلك وهو الصحيح فإن استنباط الأحكام إذا حقق لا يكاد تعرى عنه آية فإن القصص أبعد الأشياء عن ذلك والمقصود منها الاتعاظ والأمر به وكل آية وقع فيها ذكر عذاب أوذم على فعل كان ذلك دليل تحريم ذلك الفعل، أومدحاً أوثواباً على فعل فذلك دليل طلب ذلك الفعل وجوباً أوندباً، وكذلك ذكر صفات الله عز وجل والثناء عليه المقصود به الأمر بتعظيم ما عظمه الله تعالى وأن نثني عليه بذلك، فلا تكاد تجد آية إلا وفيها حكم وحصرها في خمسمائة آية بعيد) ([7]).
وقال الصنعاني:- (حصروا ذَلِك فِي خَمْسمِائَة آيَة قلت وَلَا دَلِيل على حصرها وكل الْقُرْآن وآياته دَالَّة على الْأَحْكَام ) ([8]).
وقال الشوكاني :- (ودعوى الانحصار في هذا المقدار إنما هو باعتبار الظاهر، للقطع بأن في الكتاب العزيز من الآيات التي تستخرج منها الأحكام الشرعية أضعاف أضعاف ذلك، بل من له فهم صحيح، وتدبر كامل، يستخرج الأحكام من الآيات الواردة لمجرد القصص والأمثال) ([9]).
وسبب هذا الخلاف يرجع إلى أمور:-
لم يرد عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في بيان عدد آيات الأحكام، ولا عن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، لذا يعتبر هذا الأمر أمرا إجتهاديا.
اقتصار المقتصرين على خمسمائة آية؛ لأنهم رأوا مقاتل بن سليمان (رحمه الله) أفرد آيات الأحكام في تصنيف وجعلها بهذا القدر . ([10])
بعض الآيات صريحة في بيان الأحكام فلا يحتاج إلى الإستنباط، وهي كثيرة منها سورة البقرة والنساء والمائدة والأنعام، وعلى هذا المنطق تكون الآيات محصورة في أقل من خمسمائة آية.
منها ما يؤخذ بطريق الاستنباط، ثم هو على قسمين: أحدهما: ما يستنبط من غير احتياجها إلى آية أخرى، كاستنباط الشافعي تحريم الاستمناء باليد من قوله تعالى: [ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ] (المعارج) واستنباط صحة أنكحة الكفار من قوله تعالى:- [ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ] (القصص: ٩) وقوله:- [ﮚ ﮛ ﮜ] (المسد:4 ) ونحوه، والثاني ما يستنبط مع احتياجها إلى آية أخرى في بيان معناها، كاستنباط علي وابن عباس (رضي الله عنهما) أن أقل الحمل ستة أشهر من قوله تعالى: [ﭜﭝ ﭞﭟ ] (الأحقاف:15 ) مع قوله: [ﭾﭿﮀ] ( لقمان: 14 ) . على هذا تكون عدد الايات أكثر من خمسمائة آية. ([11])
استخراج الأحكام الشريعة موقوف على حسب القدرة العقلية لدى المجتهد، فمن ليس له القدر إلا الإستخراج من النصوص الصريحة، ومنهم من يخرج الأحكام من القصص والأمثال، من ذلك شرعية القرائن في إثبات الجرائم من قوله تعالى:- [ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ] (يوسف: ٢٦ –٢٧).([12])
الرأي الراجح والله تعالى أعلم بما قاله القرافي، والصنعاني، والشوكاني على أن عدد آيات الأحكام غير محصورة للأسباب الآتية:-
لأن المقصود بالمحصورة هو ما استخرج منها آيات الأحكام عند العلماء وكانت معانيها معلومة.
فلما لم يرد عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) توقيفا في عدد آيات الأحكام، ولا من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، يبقى الأمر هكذا بدون تحديد عدد هذه الآيات.
لوحصرناها على هذا القدر لأدى التضارب على ما فعله أمثال ابن العربي والكيا الهراسي وابن الفرس والقرطبـي في تفسيرهم.
يؤدي الحصر إلى التوقف في إستباط الأحكام الشرعية من الآيات التي ليس من آيات الأحكام ولم يقول أحد بهذا القول، وعلى هذا آيات الأحكام غير محصورة بعدد معين كما ذهب إليه بعض العلماء. والله تعالى أعلم بالصواب.
([1]) ينظر:- المستصفى (1 / 342)، والمحصول للرازي (6 / 23)، وروضة الناظر وجنة المناظر (2 / 334)، والبرهان في علوم القرآن (2 / 3)، والإكليل في استنباط التنزيل (1 / 21).
([2]) التسهيل لعلوم التنزيل (1 / 16).
([3]) فقه القرآن (1 / 4).
([4]) ينظر:- الإتقان في علوم القرآن (4 / 40).
([5]) نيل المرام من تفسير آيات الأحكام (1 / 9).
([6]) ينظر:- البحر المحيط في أصول الفقه (8 / 230).
([7]) شرح تنقيح الفصول (1 / 437).
([8]) إجابة السائل شرح بغية الآمل (384).
([9]) إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول (2 / 206).
([10]) ينظر:- المصدر نفسه (2 / 207). وهذا التفسير اسمه (تفسير الخمسمئة آية في الأمر والنهي والخلاف والحرام- مطبوع في مطبعة الأوقاف – بتحقيق الأستاذ الدكتور نشأت صلاح الدين حسين.
([11]) ينظر:- البرهان في علوم القرآن (2 /4، 5).
([12]) ينظر:- مواهب الجليل في شرح مختصر خليل (6 / 426).عدد
المصدر
عدد آيات الأحكام في القرآن الكريم :
اختلف أهل العلم -رحمهم الله - في كون آيات القُرْآن الدالة على الأحكام الفقهية محصورة أم لا ؟ على قولين:
القول الأول: أن آيات الأحكام محدودة ومحصورة بعدد معين(([1] ثم اختلف هؤلاء في عددها :
قال ابن العربي : هي أكثر من 800 آية .
وقال الغزالي : حوالي 500 آية .
وذهب الصنعاني إلى أنها 200 آية .
وذهب ابن القيم إلى أنها 150 آية .
قال الزركشي : "ولعل مرادهم المصرّح به ؛ فإن آيات القصص، والأمثال وغيرها يُستنبط منها كثير من الأحكام"(([2] .
القول الثاني : أن آيات الأحكام غير محدودة العدد، فكل آية في القُرْآن قد يُستنبط منها حكمٌ معينٌ (([3]، وَمَرَدُّ ذلك إلى ما يفتحه الله على العَالِمِ من معاني القُرْآن ودلالاته ، وما يتميز به العالم من صفاء الروح،وقوة الاستنباط ، وجودة الذهن وسيلانه(([4] . قال نجم الدِّيْن الطُوفي: "والصحيح أن هذا التقدير غيرُ معتبر، وأن مقدار أدلة الأحكام في ذلك غير منحصر؛ فإن أحكام الشرع كما تُستنبط من الأوامر، والنواهي؛ كذلك تُستنبط من الأقاصيص، والمواعظ، ونحوها، فقلَّ آية في القُرْآن الكريم إلاّ ويُستنبط منها شيء من الأحكام،وإذا أردتَ تحقيق هذا؛ فانظر إلى كتاب أدلة الأحكام(([5] ،وكأن هؤلاء- الذين حصروها في خمس مائة آية - إنما نظروا إلى ما قُصد منه بيان الحكم دون ما اسْتُفِيد منه، ولم يُقصد به بيانها "(([6] ، وقال القرافي: "فلا تكاد تجد آية إلاّ وفيها حكم،وحصرها في خمسمائة آية بعيد"(([7] .
وهذا هو الرَّاجح - والله أعلم- لأن أحكام القُرْآن في كتاب الله على قسمين(([8] :
أولهما: ما صُرِّح به في الأحكام، وهو كثير كقوله تعالى:{ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْصِّيَامُ } إلى قوله: { فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الْشَهْرَ فَلْيَصُمْهُ } [البقرة/183] ، وعامة أحكام القُرْآن العظيم من هذا النوع، ومثال ذلك: غالب أحكام سورة البقرة، والنساء، والمائدة .
وثانيهما: ما يؤخذ بطريق الاستنباط، والتأمل، وهو على قسمين أيضاً:
أحدهما: ما يُسْتَنْبَطُ من الآية مباشرة، بدون ضَمِّ آية أخرى لها؛ وذلك نحو استنباط تحريم الاستمناء من قوله تعالى: { وَالَّذِيْنَ هُم لفُرُوجِهِم حافِظون إلاّ على أزواجِهِم أو ما مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإنَهُمْ غَيْرُ مَلُوْمِيْنَ فَمَنْ أبْتَغَي وَرَاءَ ذَلِكَ فَاؤلَئِكَ هُمُ الْعَادُوْنَ } [ المؤمنون /5-7 ]، وكاستنباط صحة صوم من أصبح جُنباً، من قوله تعالى: { فالآن بَاشِرُوْهُنَّ وَابْتَغُوْا مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَكُلُوْا وَاشْرَبُوْا حَتَى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْر ) .
والقسم الثاني : ما يُسْتَنْبَطُ بِضَمِّ الآية إلى غيرها، سواء لآية أخرى،أو لحديث نبوي، ومنه استنباط علي بن أبي طالب(([9] أن أقل الحمل ستة أشهر؛ من قوله تعالى: ( وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُوْنَ شَهْرَاً ) [ الأحقاف/15] مع قوله تعالى: ( وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ )،ومنه استنباط أن التطهر المراد بقوله تعالى { فَإِذَا تَطّهَرْنَ } (البقرة/222) ؛ وقوله: (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبَاً فَاطَّهَرُوْا) (المائدة: 6 ) هو الاغتسال المذكور في قوله تعالى:{وَلاَ جُنُبَاً إِلاَّ عَابِرِيْ سَبِيْلٍ حَتَّى تَغتَسِلُوْا } (النساء: 43 ) ؛ وبناءً على هذا؛ فإن آيات الأحكام أكثر من أن تُحْصَر بعدد معين، وهذا ضَرْبٌ مِنْ إعجاز القُرْآن الكريم، والله اعلم
([1]) ممن قال بهذا القول الغزالي في المستصفى (4/6)، والرازي في المحصول (2/3/33)، والمارودي في أدب القاضي (1/282).
([2])البرهان للزركشي(2/3-4 ).
([3])وهو قول أكثر العلماء ، وممن رَجَّحَهُ العِزّ بن عبد السلام ، والقَرَافي ، والطُوْفِي ، والزَرْكَشِي ، وابن جُزَي، والسيوطي ، وابن النجار، والشوكاني ، والشنقيطي . انظر شرح التنقيح (ص437)، وشرح مختصر الروضة (3/415 )، والبرهان في علوم القُرْآن ( 2 / 4 - 6 )، والإتقان (2/ 185)، شرح الكوكب المنير (4/ 406) ، وتقريب الوصول ( ص 431 )، إرشاد الفحول (2/814 )،نثر الورود ) 2/ 145) .
([4])انظر : التقرير والتحبير (3/390) .
([5])هو كتاب " الإمام في بيان أدلة الأحكام " للإمام الحافظ عز الدِّيْن بن عبد السلام السُلمي (ت/660 ) كتاب عظيم لا يستغني عنه الفقيه، ولا المتفقه، حُقق الكتاب في رسالة علمية؛ بجامعة أم القرى، وطبعه محققه /د. رضوان مختار بن غربية عن دار البشائر الإسلامية - بيروت - 1407 هللشيخ عِز الدِّيْن بن عبد السلام.
([6]) شرح مختصر الروضة (3/415 ) .
([7]) شرح التنقيح (ص/476 ) .
([8])انظر: البرهان للزركشي( 2/5-7) .
([9])روى البيهقي في سننه الكبرى، باب ما جاء في أقل الحمل (برقم/15326و15327)، (( أن عمر أُتِىَ بامرأة قد ولدت لستة أشهر؛ فَهَمَّ بِرَجْمِهَا ؛ فبلغ ذلك علياً t فقال: (( ليس عليها رجم ؛ فبلغ ذلك عمر t فأرسل إليه، فسأله؛ فقال: {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة } وقال:{ وحمله وفصاله ثلاثون شهراً} فستة أشهر حمله؛ حولين تمام؛ لا حَدَّ عليها، أو قال: لا رجم عليها، قال: فَخَلَّى عنها ثم ولدت .
المصدر
***
عدد آيات الأحكام
القرآن الكريم هو المصدر الأول لجميع العلوم الإسلامية، وضمن هذه العلوم علم الفقه، وهو يحتاج إلى مصادر لبيان أحكامه، والمصدر الأول له هو القرآن، وليس كل آيات القرآن لها نفس الميزة في بيان الأحكام الشرعية العملية، بل هنالك آيات تدل على هذا المعنى، ويسمى هذه الآيات بآيات الأحكام كما بيناه، واختلف العلماء في عدد آياتها على أقوال:-
القول الأول:- عدد آياتها خمسمائة آية، وهو قول مقاتل بن سليمان، والإمام الغزالي وفخر الدين الرازي وابن قدامة المقدسي([1]).
قال ابن الجزي:- (أحكام القرآن فهي ما ورد فيه من الأوامر والنواهي. والمسائل الفقهية. وقال بعض العلماء إنّ آيات الأحكام خمسمائة آية) ([2]).
وقال قطب الدين الرواندي من الإمامية:- (ففى القرآن الكريم ما يقرب من خمسمائة آية تتناول بيان رؤوس الاحكام الفقهية واصول التشريع الاسلامي من الوجهة العملية ، وهى التى اصطلح العلماء تسميتها ب (آيات الاحكام ) والحديث عنها وشرحها وتفسيرها بفقه القرآن) ([3]).
القول الثاني:- قيل:- عدد آياتها مائة وخمسون. ([4])
القول الثالث:- هي مائتا آية، وهو قول ابي الطيب القنوجي (ت 1307هـ) وقال:- (وقد قيل: إنها خمسمائة آية، وما صح ذلك، وإنما هي مائتا آية أوقريب من ذلك) ([5]).
القول الرابع:- عدم حصر آيات الأحكام بعدد معين بل هو مختلف حسب علم الفقيه والمجتهد، وهو قول ابن دقيق العيد نقل عنه الزركشي([6])، والقرافي، والصنعاني والشوكاني.
قال القرافي:- (الحصر في خمسمائة آية قاله الإمام فخر الدين وغيره ولم يحصر غيرهم ذلك وهو الصحيح فإن استنباط الأحكام إذا حقق لا يكاد تعرى عنه آية فإن القصص أبعد الأشياء عن ذلك والمقصود منها الاتعاظ والأمر به وكل آية وقع فيها ذكر عذاب أوذم على فعل كان ذلك دليل تحريم ذلك الفعل، أومدحاً أوثواباً على فعل فذلك دليل طلب ذلك الفعل وجوباً أوندباً، وكذلك ذكر صفات الله عز وجل والثناء عليه المقصود به الأمر بتعظيم ما عظمه الله تعالى وأن نثني عليه بذلك، فلا تكاد تجد آية إلا وفيها حكم وحصرها في خمسمائة آية بعيد) ([7]).
وقال الصنعاني:- (حصروا ذَلِك فِي خَمْسمِائَة آيَة قلت وَلَا دَلِيل على حصرها وكل الْقُرْآن وآياته دَالَّة على الْأَحْكَام ) ([8]).
وقال الشوكاني :- (ودعوى الانحصار في هذا المقدار إنما هو باعتبار الظاهر، للقطع بأن في الكتاب العزيز من الآيات التي تستخرج منها الأحكام الشرعية أضعاف أضعاف ذلك، بل من له فهم صحيح، وتدبر كامل، يستخرج الأحكام من الآيات الواردة لمجرد القصص والأمثال) ([9]).
وسبب هذا الخلاف يرجع إلى أمور:-
لم يرد عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في بيان عدد آيات الأحكام، ولا عن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، لذا يعتبر هذا الأمر أمرا إجتهاديا.
اقتصار المقتصرين على خمسمائة آية؛ لأنهم رأوا مقاتل بن سليمان (رحمه الله) أفرد آيات الأحكام في تصنيف وجعلها بهذا القدر . ([10])
بعض الآيات صريحة في بيان الأحكام فلا يحتاج إلى الإستنباط، وهي كثيرة منها سورة البقرة والنساء والمائدة والأنعام، وعلى هذا المنطق تكون الآيات محصورة في أقل من خمسمائة آية.
منها ما يؤخذ بطريق الاستنباط، ثم هو على قسمين: أحدهما: ما يستنبط من غير احتياجها إلى آية أخرى، كاستنباط الشافعي تحريم الاستمناء باليد من قوله تعالى: [ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ] (المعارج) واستنباط صحة أنكحة الكفار من قوله تعالى:- [ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ] (القصص: ٩) وقوله:- [ﮚ ﮛ ﮜ] (المسد:4 ) ونحوه، والثاني ما يستنبط مع احتياجها إلى آية أخرى في بيان معناها، كاستنباط علي وابن عباس (رضي الله عنهما) أن أقل الحمل ستة أشهر من قوله تعالى: [ﭜﭝ ﭞﭟ ] (الأحقاف:15 ) مع قوله: [ﭾﭿﮀ] ( لقمان: 14 ) . على هذا تكون عدد الايات أكثر من خمسمائة آية. ([11])
استخراج الأحكام الشريعة موقوف على حسب القدرة العقلية لدى المجتهد، فمن ليس له القدر إلا الإستخراج من النصوص الصريحة، ومنهم من يخرج الأحكام من القصص والأمثال، من ذلك شرعية القرائن في إثبات الجرائم من قوله تعالى:- [ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ] (يوسف: ٢٦ –٢٧).([12])
الرأي الراجح والله تعالى أعلم بما قاله القرافي، والصنعاني، والشوكاني على أن عدد آيات الأحكام غير محصورة للأسباب الآتية:-
لأن المقصود بالمحصورة هو ما استخرج منها آيات الأحكام عند العلماء وكانت معانيها معلومة.
فلما لم يرد عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) توقيفا في عدد آيات الأحكام، ولا من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، يبقى الأمر هكذا بدون تحديد عدد هذه الآيات.
لوحصرناها على هذا القدر لأدى التضارب على ما فعله أمثال ابن العربي والكيا الهراسي وابن الفرس والقرطبـي في تفسيرهم.
يؤدي الحصر إلى التوقف في إستباط الأحكام الشرعية من الآيات التي ليس من آيات الأحكام ولم يقول أحد بهذا القول، وعلى هذا آيات الأحكام غير محصورة بعدد معين كما ذهب إليه بعض العلماء. والله تعالى أعلم بالصواب.
([1]) ينظر:- المستصفى (1 / 342)، والمحصول للرازي (6 / 23)، وروضة الناظر وجنة المناظر (2 / 334)، والبرهان في علوم القرآن (2 / 3)، والإكليل في استنباط التنزيل (1 / 21).
([2]) التسهيل لعلوم التنزيل (1 / 16).
([3]) فقه القرآن (1 / 4).
([4]) ينظر:- الإتقان في علوم القرآن (4 / 40).
([5]) نيل المرام من تفسير آيات الأحكام (1 / 9).
([6]) ينظر:- البحر المحيط في أصول الفقه (8 / 230).
([7]) شرح تنقيح الفصول (1 / 437).
([8]) إجابة السائل شرح بغية الآمل (384).
([9]) إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول (2 / 206).
([10]) ينظر:- المصدر نفسه (2 / 207). وهذا التفسير اسمه (تفسير الخمسمئة آية في الأمر والنهي والخلاف والحرام- مطبوع في مطبعة الأوقاف – بتحقيق الأستاذ الدكتور نشأت صلاح الدين حسين.
([11]) ينظر:- البرهان في علوم القرآن (2 /4، 5).
([12]) ينظر:- مواهب الجليل في شرح مختصر خليل (6 / 426).عدد
المصدر