Hukum Mencium Istri di depan Orang Lain
Hukum Mencium Istri di depan Orang Lain
Hukum Mencium Istri di depan Orang Lain
وأما حكم المسألة عند الشافعية - رحمهم الله -
فقد ذكروا في الخوارم
تقبيل الزوجة بحضرة الأجانب
فذكر الإمام النووي - رحمه الله في المنهاج
(وَقُبْلَةُ زَوْجَةٍ وَأَمَةٍ بِحَضْرَةِ النَّاسِ)
قال الشربيني في المغني
(( وَقُبْلَةُ زَوْجَةٍ وَأَمَةٍ ) لَهُ ( بِحَضْرَةِ النَّاسِ ) أَوْ وَضْعِ يَدِهِ عَلَى مَوْضِعِ الِاسْتِمْتَاعِ مِنْهَا مِنْ صَدْرٍ وَنَحْوِهِ ، وَالْمُرَادُ جِنْسُهُمْ وَلَوْ وَاحِدًا فَلَوْ عَبَّرَ بِحَضْرَةِ أَجْنَبِيٍّ كَانَ أَوْلَى .
قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : وَالْمُرَادُ بِالنَّاسِ الَّذِينَ يَسْتَحْيِي مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ ، وَالتَّقْبِيلُ الَّذِي يُسْتَحْيَا مِنْ إظْهَارِهِ ، فَلَوْ قَبَّلَ زَوْجَتَهُ بِحَضْرَةِ جَوَارِيهِ ، أَوْ بِحَضْرَةِ زَوْجَاتٍ لَهُ غَيْرُهَا ، فَإِنَّ
ذَلِكَ لَا يُعَدُّ مِنْ تَرْكِ الْمُرُوءَةِ .
وَأَمَّا تَقْبِيلُ الرَّأْسِ وَنَحْوِهِ فَلَا يَخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ ، وَقَرَنَ فِي الرَّوْضَةِ بِالتَّقْبِيلِ أَنْ يَحْكِيَ مَا يَجْرِي بَيْنَهُمَا فِي الْخَلْوَةِ مِمَّا يُسْتَحْيَا مِنْهُ ، وَكَذَا صَرَّحَ فِي النِّكَاحِ بِكَرَاهَتِهِ ، لَكِنْ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ حَرَامٌ .
وَأَمَّا تَقْبِيلُ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَمَتَهُ الَّتِي وَقَعَتْ فِي سَهْمِهِ بِحَضْرَةِ النَّاسِ فَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَأَنَّهُ تَقْبِيلُ اسْتِحْسَانٍ لَا تَمَتُّعٍ ، أَوْ فَعَلَهُ بَيَانًا لِلْجَوَازِ ، أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ مَنْ يَنْظُرُهُ ، أَوْ عَلَى أَنَّ الْمَرَّةَ الْوَاحِدَةَ لَا تَضُرُّ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ)
انتهى
وفي نهاية المحتاج
(( وَقُبْلَةُ زَوْجَةٍ أَوْ أَمَةٍ ) فِي نَحْوِ فَمِهَا لَا رَأْسِهَا وَوَضْعُ يَدِهِ عَلَى نَحْوِ صَدْرِهَا ( بِحَضْرَةِ النَّاسِ ) أَوْ أَجْنَبِيٍّ يُسْقِطُهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ بِحَضْرَةِ جَوَارِيهِ أَوْ زَوْجَاتِهِ ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ تَقْبِيلَهَا لَيْلَةَ جَلَائِهَا بِحَضْرَةِ النَّاسِ أَوْ الْأَجْنَبِيَّاتِ يُسْقِطُهَا لِدَلَالَتِهِ عَلَى الدَّنَاءَةِ وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ الْبُلْقِينِيُّ)
وفي تحفة المحتاج
(( وَقُبْلَةُ زَوْجَةٍ أَوْ أَمَةٍ ) فِي نَحْوِ فَمِهَا لَا رَأْسِهَا أَوْ وَضْعُ يَدِهِ عَلَى نَحْوِ صَدْرِهَا ( بِحَضْرَةِ النَّاسِ ) أَوْ أَجْنَبِيٌّ يُسْقِطُهَا بِخِلَافِهِ بِحَضْرَةِ جَوَارِيهِ أَوْ زَوْجَاتِهِ وَتَوَقَّفَ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَقْبِيلِهَا بِحَضْرَةِ النَّاسِ أَوْ الْأَجْنَبِيَّاتِ لَيْلَةَ جَلَائِهَا وَلَا وَجْهَ فِي التَّوَقُّفِ فِي ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ إلَّا مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ)
انتهى
نص الشافعي في الأم
((قال الشافعي) وإذا اشترى الرجل فجارية من المغنم أو وقعت في سهمه أو من سوق المسلمين لم
يقبلها ولم يباشرها ولم يتلذذ منها بشئ حتى يستبرئها.
)
انتهى
وفي إعانة الطالبين
((قوله: ولان ابن عمر الخ) معطوف على قوله لانه () الخ (قوله: من سبايا أوطاس) وقيل من سبايا جلولاء وجمع بينهما بأن جلولاء كانوا معاونين لهوازن لكونهم حلفاءهم: أي معاهدين لهم فيمكن أن السبايا من هوازن أو من جلولاء وقسموها في الموضع المسمى بأوطاس، فتكون الجارية الواقعة لابن عمر من جلولاء.
وقصة ابن عمر رضي الله عنهما أنه اتفق أن واحدة سبيت من نسائهم فلما نظر عنقها كإبريق أي سيف فضة فلم يتمالك الصبر عن تقبيلها والناس ينظرونه ولم ينكر أحد عليه فصار إجماعا سكوتيا لا يقال الاجماع لا ينعقد في حياته () لانا نقول المراد ولم ينكر عليه أحد من الصحابة بعد موته () لا يقال تقبيله لها خارم للمروءة لانا نقول: لعله اعتقد عدم وجود أحد عنده فقوله والناس ينظرون: أي وهو لم يعلم بذلك أو أنه فعله إغاظة للكفار أو باجتهاده )
انتهى
وقد عد العلماء تقبيل الزوجة أمام الناس من خوارم المروءة. قال علي الخطيب: قبلة زوجة أو أمة بحضرة الناس،، قال شارحه البجيرمي: ولو محارم له أو لها والأوجه أن تقبيلها ليلة جلائها بحضرة الناس والأجنبيات يسقطها ـ يعني العدالة ـ لدلالته على الدناءة وإن توقف فيه البلقيني
خوارم المروءة هي إتيان ما يكره المسلمون من الفعال حتى وإن كان حلالاً. وهذا مرجعه إلى العرف لا إلى الشرع، وهو يتغير بتغير المكان والزمان. وكثير من الأمور المباحة التي كان السلف يعدونها خوارماً وفقاً لأعراف مجتمعهم، لم تعد كذلك اليوم. فقد ورد أثرٌ عن ابن سيرين أنه قال : " ثلاثةٌ ليست من المروءة : الأكل في الأسواق ، والإدِّهان عند العطار ، والنظر في مرآة الحجام ". وهذه أمور أصبحت عادية يفعلها عامة الناس. ومن أمثلة ذلك كذلك ما قيل لشعبة : لم تركت حديث فلان ؟ قال : رأيته يركض على برذون ! وسئل الحكم بن عتيبة عن زاذان لِمَ لَمْ ترو عنه؟ فقال: كان كثير الكلام !! بل أحمد بن المقـدام العجلي طَعَنَ فيه أبو داود لمزاحه.
قال الزنجاني في " فتح العزيز في شرح الوجيز " – كما في " فتح المغيث " ( 2 / 5 ) – : " المروءة يُرجع في معرفتها إلى العرف ، فلا تتعلق بمجرد الشرع ، وأنت تعلم أن الأمور العرفية قلما تنضبط ، بل هي تختلف باختلاف الأشخاص والبلدان ، فكم من بلد جرت عادة أهله بمباشرة أمور لو باشرها غيرهم لعد خرماً للمروءة . وفي الجملة رعاية مناهج الشرع وآدابه والاهتداء بالسلف والاقتداء بهم أمر واجب الرعاية " . أهـ .
قال الإمام البخاري - رحمه الله
( أيوب بن عبد الله اللخمي سمع ابن عمر قال وقعت في سهمي يوم جالولاء جارية كأن عنقها إبريق فضة فما ملكت نفسي حتى قبلتها والناس ينظرون إلي قاله لنا حجاج بن منهال عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أيوب)
وأما ابن بطال فقد ذكر في شرح البخاري
(واختلفوا فى تقبيل الجارية ومباشرتها قبل الاستبراء، فأجاز ذلك الحسن البصرى وعكرمة، وبه قال أبو ثور، وثبت عن ابن عمر أنه قبل جارية وقعت فى سهمه يوم جلولاء ساعة قبضها. وكره ذلك ابن سيرين، وهو قول الليث ومالك و أبى حنيفة والشافعى، ووجه كراهتهم لذلك قطعا للذريعة، وحفظاُ للانساب.
وحجة الذين أجازوا ذلك قوله تعالى: {إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم} وقوله عليه السلام: « لا توطأ حامل حتى تضع، ولا حائل حتى تحيض » . فدل هذا أن ما دون الوطء من المباشرة والقبلة فى حيز المباح وسفر النبى عليه السلام بصفية قبل أن يستبرئها حجة فى ذلك لأنه لو لم يحل له من مباشرتها ما دون الجماع لم يسافر بها معه، لأنه لا بد أن يرفعها أو ينزلها، وكان عليه السلام لا يمس بيده امرأة لا تحل له، )
قال ابن حزم - رحمه الله
(وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ أَنَا عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ اللَّخْمِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: وَقَعَتْ فِي سَهْمِي جَارِيَةٌ يَوْمَ جَلُولاءَ كَأَنَّ عُنُقَهَا إبْرِيقُ فِضَّةٍ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَمَا مَلَكْت نَفْسِي أَنْ جَعَلْت أُقَبِّلُهَا - وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ -
فَقَدْ أَجَازَ التَّلَذُّذَ قَبْلَ الاسْتِبْرَاءِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
في شرح مسلم للنووي - رحمه الله
( قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ مِنْ أَشَرّ النَّاس عِنْد اللَّه مَنْزِلَة يَوْم الْقِيَامَة الرَّجُل يُفْضِي إِلَى اِمْرَأَته وَتُفْضِي إِلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُر سِرّهَا )
. قَالَ الْقَاضِي هَكَذَا وَقَعَتْ الرِّوَايَة ( أَشَرّ ) بِالْأَلِفِ وَأَهْل النَّحْو يَقُولُونَ : لَا يَجُوز ( أَشَرّ ) وَ ( أَخْيَر ) وَإِنَّمَا يُقَال هُوَ خَيْر مِنْهُ وَشَرّ مِنْهُ . قَالَ : وَقَدْ جَاءَتْ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة بِاللُّغَتَيْنِ جَمِيعًا وَهِيَ حُجَّة فِي جَوَازهَا جَمِيعًا وَأَنَّهُمَا لُغَتَانِ .
وَفِي هَذَا الْحَدِيث تَحْرِيم إِفْشَاء الرَّجُل مَا يَجْرِي بَيْنه وَبَيْن اِمْرَأَته مِنْ أُمُور الِاسْتِمْتَاع ، وَوَصْف تَفَاصِيل ذَلِكَ وَمَا يَجْرِي مِنْ الْمَرْأَة فِيهِ مِنْ قَوْل أَوْ فِعْل وَنَحْوه . فَأَمَّا مُجَرَّد ذِكْر الْجِمَاع ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ فَائِدَة وَلَا إِلَيْهِ حَاجَة فَمَكْرُوه لِأَنَّهُ خِلَاف الْمُرُوءَة . وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ كَانَ يُؤْمِن بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُت " . وَإِنْ كَانَ إِلَيْهِ حَاجَة أَوْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ فَائِدَة بِأَنْ يُنْكِر عَلَيْهِ إِعْرَاضه عَنْهَا أَوْ تَدَّعِي عَلَيْهِ الْعَجْز عَنْ الْجِمَاع أَوْ نَحْو ذَلِكَ فَلَا كَرَاهَة فِي ذِكْره كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنِّي لَأَفْعَلَهُ أَنَا وَهَذِهِ " وَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي طَلْحَة : " أَعْرَسْتُمْ اللَّيْلَة ؟ " وَقَالَ لِجَابِرٍ : " الْكَيْس الْكَيْس " . وَاَللَّه أَعْلَم
)
وفي المنتقى مع شرحه
(بابُ نَهْيِ الزَّوْجَيْنِ عَنْ التَّحَدُّثِ بِمَا يَجْرِي حَالَ الْوِقَاعِ 2795 - ( عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { إنَّ مِنْ شَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِي إلَى الْمَرْأَةِ وَتُفْضِي إلَيْهِ ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ ) .
2796 - ( وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى ، فَلَمَّا سَلَّمَ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ بِوَجْهِهِ فَقَالَ : مَجَالِسَكُمْ ، هَلْ مِنْكُمْ الرَّجُلُ إذَا أَتَى أَهْلَهُ أَغْلَقَ بَابَهُ وَأَرْخَى سِتْرَهُ ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَيُحَدِّثُ فَيَقُولُ : فَعَلْتُ بِأَهْلِي كَذَا وَفَعَلْتُ بِأَهْلِي كَذَا ؟ فَسَكَتُوا ، فَأَقْبَلَ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ : هَلْ مِنْكُنَّ مَنْ تُحَدِّثُ فَجَثَتْ فَتَاةٌ كَعَابٌ عَلَى إحْدَى رُكْبَتَيْهَا وَتَطَاوَلَتْ ، لِيَرَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَسْمَعَ كَلَامَهَا ، فَقَالَتْ : إي وَاَللَّهِ إنَّهُمْ يَتَحَدَّثُونَ وَإِنَّهُنَّ لَيَتَحَدَّثْنَ ، فَقَالَ : هَلْ تَدْرُونَ مَا مَثَلُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ ؟ إنَّ مَثَلَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ ، مَثَلُ شَيْطَانٍ وَشَيْطَانَةٍ لَقِيَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِالسِّكَّةِ فَقَضَى حَاجَتَهُ مِنْهَا وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إلَيْهِ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد .
وَلِأَحْمَدَ نَحْوُهُ مِنْ حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ ) .
حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهُ أَيْضًا النَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَقَالَ : إلَّا أَنَّ الطُّفَاوِيَّ لَا نَعْرِفُهُ إلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا نَعْرِفُ اسْمَهُ .
وَقَالَ أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرٍ : وَالطُّفَاوِيُّ مَجْهُولٌ .
وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِهِ ، فَقَالَ : عَنْ أَبِي نَضْرَةَ قَالَ : حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ طُفَاوَةَ .
قَوْلُهُ : ( إنَّ مِنْ شَرِّ النَّاسِ ) لَفْظُ مُسْلِمٍ " أَشَرِّ " قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : وَأَهْلُ النَّحْوِ يَقُولُونَ : لَا يَجُوزُ أَشَرُّ وَأَخْيَرُ ، وَإِنَّمَا يُقَالُ : هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ وَشَرٌّ مِنْهُ .
قَالَ : وَقَدْ جَاءَتْ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِاللُّغَتَيْنِ جَمِيعًا ، وَهِيَ حُجَّةٌ فِي جَوَازِ الْجَمِيعِ .
قَوْلُهُ : ( كَعَابٌ ) عَلَى وَزْنِ سَحَابٍ : وَهِيَ الْجَارِيَةُ الْمُكَعَّبُ .
وَالْحَدِيثَانِ يَدُلَّانِ عَلَى تَحْرِيمِ إفْشَاءِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِمَا يَقَعُ بَيْنَهُمَا مِنْ أُمُورِ الْجِمَاعِ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ كَوْنَ الْفَاعِلِ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ .
وَكَوْنَهُ بِمَنْزِلَةِ شَيْطَانٍ لَقِيَ شَيْطَانَةً فَقَضَى حَاجَتَهُ مِنْهَا وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ مِنْ أَعْظَمِ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى تَحْرِيمِ نَشْرِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْأَسْرَارِ الْوَاقِعَةِ بَيْنَهُمَا الرَّاجِعَةِ إلَى الْوَطْءِ وَمُقَدَّمَاتِهِ ، فَإِنَّ مُجَرَّدَ فِعْلِ الْمَكْرُوهِ لَا يَصِيرُ بِهِ فَاعِلُهُ مِنْ الْأَشْرَارِ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ مِنْ شَرِّهِمْ .
وَكَذَلِكَ الْجِمَاعُ بِمَرْأًى مِنْ النَّاسِ لَا شَكَّ فِي تَحْرِيمِهِ ، وَإِنَّمَا خَصَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الرَّجُلَ ، فَجَعَلَ الزَّجْرَ الْمَذْكُورَ خَاصًّا بِهِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْمَرْأَةِ ؛ لِأَنَّ وُقُوعَ ذَلِكَ الْأَمْرِ فِي الْغَالِبِ مِنْ الرِّجَالِ .
قِيلَ : وَهَذَا التَّحْرِيمُ إنَّمَا هُوَ فِي نَشْرِ أُمُورِ الِاسْتِمْتَاعِ وَوَصْفِ التَّفَاصِيلِ الرَّاجِعَةِ إلَى الْجِمَاعِ وَإِفْشَاءِ مَا يَجْرِي مِنْ الْمَرْأَةِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ حَالَةَ الْوِقَاعِ .
وَأَمَّا مُجَرَّدُ ذِكْرِ نَفْسِ الْجِمَاعِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَائِدَةٌ وَلَا
إلَيْهِ حَاجَةٌ فَمَكْرُوهٌ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمُرُوءَةِ وَمِنْ التَّكَلُّمِ بِمَا لَا يَعْنِي ، { وَمِنْ حُسْنِ إسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ } .
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ } فَإِنْ كَانَ إلَيْهِ حَاجَةٌ أَوْ تَرَتَّبَتْ عَلَيْهِ فَائِدَةٌ فَلَا كَرَاهَةَ فِي ذِكْرِهِ وَذَلِكَ نَحْوَ أَنْ تُنْكِرَ الْمَرْأَةُ نِكَاحَ الزَّوْجِ لَهَا وَتَدَّعِي عَلَيْهِ الْعَجْزَ عَنْ الْجِمَاعِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ كَمَا رُوِيَ أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي ادَّعَتْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ الْعُنَّةَ قَالَ : " يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي لَأَنْفُضُهَا نَفْضَ الْأَدِيمِ " وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ ، وَمَا رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { إنِّي لَأَفْعَلُهُ أَنَا وَهَذِهِ } .
وَقَالَ لِأَبِي طَلْحَةَ : { أَعْرَسْتُمْ اللَّيْلَةَ } ؟ وَنَحْوُ ذَلِكَ كَثِيرٌ .)
وأما حكم المسألة عند الشافعية - رحمهم الله -
فقد ذكروا في الخوارم
تقبيل الزوجة بحضرة الأجانب
فذكر الإمام النووي - رحمه الله في المنهاج
(وَقُبْلَةُ زَوْجَةٍ وَأَمَةٍ بِحَضْرَةِ النَّاسِ)
قال الشربيني في المغني
(( وَقُبْلَةُ زَوْجَةٍ وَأَمَةٍ ) لَهُ ( بِحَضْرَةِ النَّاسِ ) أَوْ وَضْعِ يَدِهِ عَلَى مَوْضِعِ الِاسْتِمْتَاعِ مِنْهَا مِنْ صَدْرٍ وَنَحْوِهِ ، وَالْمُرَادُ جِنْسُهُمْ وَلَوْ وَاحِدًا فَلَوْ عَبَّرَ بِحَضْرَةِ أَجْنَبِيٍّ كَانَ أَوْلَى .
قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : وَالْمُرَادُ بِالنَّاسِ الَّذِينَ يَسْتَحْيِي مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ ، وَالتَّقْبِيلُ الَّذِي يُسْتَحْيَا مِنْ إظْهَارِهِ ، فَلَوْ قَبَّلَ زَوْجَتَهُ بِحَضْرَةِ جَوَارِيهِ ، أَوْ بِحَضْرَةِ زَوْجَاتٍ لَهُ غَيْرُهَا ، فَإِنَّ
ذَلِكَ لَا يُعَدُّ مِنْ تَرْكِ الْمُرُوءَةِ .
وَأَمَّا تَقْبِيلُ الرَّأْسِ وَنَحْوِهِ فَلَا يَخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ ، وَقَرَنَ فِي الرَّوْضَةِ بِالتَّقْبِيلِ أَنْ يَحْكِيَ مَا يَجْرِي بَيْنَهُمَا فِي الْخَلْوَةِ مِمَّا يُسْتَحْيَا مِنْهُ ، وَكَذَا صَرَّحَ فِي النِّكَاحِ بِكَرَاهَتِهِ ، لَكِنْ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ حَرَامٌ .
وَأَمَّا تَقْبِيلُ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَمَتَهُ الَّتِي وَقَعَتْ فِي سَهْمِهِ بِحَضْرَةِ النَّاسِ فَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَأَنَّهُ تَقْبِيلُ اسْتِحْسَانٍ لَا تَمَتُّعٍ ، أَوْ فَعَلَهُ بَيَانًا لِلْجَوَازِ ، أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ مَنْ يَنْظُرُهُ ، أَوْ عَلَى أَنَّ الْمَرَّةَ الْوَاحِدَةَ لَا تَضُرُّ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ)
انتهى
وفي نهاية المحتاج
(( وَقُبْلَةُ زَوْجَةٍ أَوْ أَمَةٍ ) فِي نَحْوِ فَمِهَا لَا رَأْسِهَا وَوَضْعُ يَدِهِ عَلَى نَحْوِ صَدْرِهَا ( بِحَضْرَةِ النَّاسِ ) أَوْ أَجْنَبِيٍّ يُسْقِطُهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ بِحَضْرَةِ جَوَارِيهِ أَوْ زَوْجَاتِهِ ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ تَقْبِيلَهَا لَيْلَةَ جَلَائِهَا بِحَضْرَةِ النَّاسِ أَوْ الْأَجْنَبِيَّاتِ يُسْقِطُهَا لِدَلَالَتِهِ عَلَى الدَّنَاءَةِ وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ الْبُلْقِينِيُّ)
وفي تحفة المحتاج
(( وَقُبْلَةُ زَوْجَةٍ أَوْ أَمَةٍ ) فِي نَحْوِ فَمِهَا لَا رَأْسِهَا أَوْ وَضْعُ يَدِهِ عَلَى نَحْوِ صَدْرِهَا ( بِحَضْرَةِ النَّاسِ ) أَوْ أَجْنَبِيٌّ يُسْقِطُهَا بِخِلَافِهِ بِحَضْرَةِ جَوَارِيهِ أَوْ زَوْجَاتِهِ وَتَوَقَّفَ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَقْبِيلِهَا بِحَضْرَةِ النَّاسِ أَوْ الْأَجْنَبِيَّاتِ لَيْلَةَ جَلَائِهَا وَلَا وَجْهَ فِي التَّوَقُّفِ فِي ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ إلَّا مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ)
انتهى
نص الشافعي في الأم
((قال الشافعي) وإذا اشترى الرجل فجارية من المغنم أو وقعت في سهمه أو من سوق المسلمين لم
يقبلها ولم يباشرها ولم يتلذذ منها بشئ حتى يستبرئها.
)
انتهى
وفي إعانة الطالبين
((قوله: ولان ابن عمر الخ) معطوف على قوله لانه () الخ (قوله: من سبايا أوطاس) وقيل من سبايا جلولاء وجمع بينهما بأن جلولاء كانوا معاونين لهوازن لكونهم حلفاءهم: أي معاهدين لهم فيمكن أن السبايا من هوازن أو من جلولاء وقسموها في الموضع المسمى بأوطاس، فتكون الجارية الواقعة لابن عمر من جلولاء.
وقصة ابن عمر رضي الله عنهما أنه اتفق أن واحدة سبيت من نسائهم فلما نظر عنقها كإبريق أي سيف فضة فلم يتمالك الصبر عن تقبيلها والناس ينظرونه ولم ينكر أحد عليه فصار إجماعا سكوتيا لا يقال الاجماع لا ينعقد في حياته () لانا نقول المراد ولم ينكر عليه أحد من الصحابة بعد موته () لا يقال تقبيله لها خارم للمروءة لانا نقول: لعله اعتقد عدم وجود أحد عنده فقوله والناس ينظرون: أي وهو لم يعلم بذلك أو أنه فعله إغاظة للكفار أو باجتهاده )
انتهى
وقد عد العلماء تقبيل الزوجة أمام الناس من خوارم المروءة. قال علي الخطيب: قبلة زوجة أو أمة بحضرة الناس،، قال شارحه البجيرمي: ولو محارم له أو لها والأوجه أن تقبيلها ليلة جلائها بحضرة الناس والأجنبيات يسقطها ـ يعني العدالة ـ لدلالته على الدناءة وإن توقف فيه البلقيني
خوارم المروءة هي إتيان ما يكره المسلمون من الفعال حتى وإن كان حلالاً. وهذا مرجعه إلى العرف لا إلى الشرع، وهو يتغير بتغير المكان والزمان. وكثير من الأمور المباحة التي كان السلف يعدونها خوارماً وفقاً لأعراف مجتمعهم، لم تعد كذلك اليوم. فقد ورد أثرٌ عن ابن سيرين أنه قال : " ثلاثةٌ ليست من المروءة : الأكل في الأسواق ، والإدِّهان عند العطار ، والنظر في مرآة الحجام ". وهذه أمور أصبحت عادية يفعلها عامة الناس. ومن أمثلة ذلك كذلك ما قيل لشعبة : لم تركت حديث فلان ؟ قال : رأيته يركض على برذون ! وسئل الحكم بن عتيبة عن زاذان لِمَ لَمْ ترو عنه؟ فقال: كان كثير الكلام !! بل أحمد بن المقـدام العجلي طَعَنَ فيه أبو داود لمزاحه.
قال الزنجاني في " فتح العزيز في شرح الوجيز " – كما في " فتح المغيث " ( 2 / 5 ) – : " المروءة يُرجع في معرفتها إلى العرف ، فلا تتعلق بمجرد الشرع ، وأنت تعلم أن الأمور العرفية قلما تنضبط ، بل هي تختلف باختلاف الأشخاص والبلدان ، فكم من بلد جرت عادة أهله بمباشرة أمور لو باشرها غيرهم لعد خرماً للمروءة . وفي الجملة رعاية مناهج الشرع وآدابه والاهتداء بالسلف والاقتداء بهم أمر واجب الرعاية " . أهـ .
قال الإمام البخاري - رحمه الله
( أيوب بن عبد الله اللخمي سمع ابن عمر قال وقعت في سهمي يوم جالولاء جارية كأن عنقها إبريق فضة فما ملكت نفسي حتى قبلتها والناس ينظرون إلي قاله لنا حجاج بن منهال عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أيوب)
وأما ابن بطال فقد ذكر في شرح البخاري
(واختلفوا فى تقبيل الجارية ومباشرتها قبل الاستبراء، فأجاز ذلك الحسن البصرى وعكرمة، وبه قال أبو ثور، وثبت عن ابن عمر أنه قبل جارية وقعت فى سهمه يوم جلولاء ساعة قبضها. وكره ذلك ابن سيرين، وهو قول الليث ومالك و أبى حنيفة والشافعى، ووجه كراهتهم لذلك قطعا للذريعة، وحفظاُ للانساب.
وحجة الذين أجازوا ذلك قوله تعالى: {إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم} وقوله عليه السلام: « لا توطأ حامل حتى تضع، ولا حائل حتى تحيض » . فدل هذا أن ما دون الوطء من المباشرة والقبلة فى حيز المباح وسفر النبى عليه السلام بصفية قبل أن يستبرئها حجة فى ذلك لأنه لو لم يحل له من مباشرتها ما دون الجماع لم يسافر بها معه، لأنه لا بد أن يرفعها أو ينزلها، وكان عليه السلام لا يمس بيده امرأة لا تحل له، )
قال ابن حزم - رحمه الله
(وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ أَنَا عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ اللَّخْمِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: وَقَعَتْ فِي سَهْمِي جَارِيَةٌ يَوْمَ جَلُولاءَ كَأَنَّ عُنُقَهَا إبْرِيقُ فِضَّةٍ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَمَا مَلَكْت نَفْسِي أَنْ جَعَلْت أُقَبِّلُهَا - وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ -
فَقَدْ أَجَازَ التَّلَذُّذَ قَبْلَ الاسْتِبْرَاءِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
في شرح مسلم للنووي - رحمه الله
( قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ مِنْ أَشَرّ النَّاس عِنْد اللَّه مَنْزِلَة يَوْم الْقِيَامَة الرَّجُل يُفْضِي إِلَى اِمْرَأَته وَتُفْضِي إِلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُر سِرّهَا )
. قَالَ الْقَاضِي هَكَذَا وَقَعَتْ الرِّوَايَة ( أَشَرّ ) بِالْأَلِفِ وَأَهْل النَّحْو يَقُولُونَ : لَا يَجُوز ( أَشَرّ ) وَ ( أَخْيَر ) وَإِنَّمَا يُقَال هُوَ خَيْر مِنْهُ وَشَرّ مِنْهُ . قَالَ : وَقَدْ جَاءَتْ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة بِاللُّغَتَيْنِ جَمِيعًا وَهِيَ حُجَّة فِي جَوَازهَا جَمِيعًا وَأَنَّهُمَا لُغَتَانِ .
وَفِي هَذَا الْحَدِيث تَحْرِيم إِفْشَاء الرَّجُل مَا يَجْرِي بَيْنه وَبَيْن اِمْرَأَته مِنْ أُمُور الِاسْتِمْتَاع ، وَوَصْف تَفَاصِيل ذَلِكَ وَمَا يَجْرِي مِنْ الْمَرْأَة فِيهِ مِنْ قَوْل أَوْ فِعْل وَنَحْوه . فَأَمَّا مُجَرَّد ذِكْر الْجِمَاع ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ فَائِدَة وَلَا إِلَيْهِ حَاجَة فَمَكْرُوه لِأَنَّهُ خِلَاف الْمُرُوءَة . وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ كَانَ يُؤْمِن بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُت " . وَإِنْ كَانَ إِلَيْهِ حَاجَة أَوْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ فَائِدَة بِأَنْ يُنْكِر عَلَيْهِ إِعْرَاضه عَنْهَا أَوْ تَدَّعِي عَلَيْهِ الْعَجْز عَنْ الْجِمَاع أَوْ نَحْو ذَلِكَ فَلَا كَرَاهَة فِي ذِكْره كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنِّي لَأَفْعَلَهُ أَنَا وَهَذِهِ " وَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي طَلْحَة : " أَعْرَسْتُمْ اللَّيْلَة ؟ " وَقَالَ لِجَابِرٍ : " الْكَيْس الْكَيْس " . وَاَللَّه أَعْلَم
)
وفي المنتقى مع شرحه
(بابُ نَهْيِ الزَّوْجَيْنِ عَنْ التَّحَدُّثِ بِمَا يَجْرِي حَالَ الْوِقَاعِ 2795 - ( عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { إنَّ مِنْ شَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِي إلَى الْمَرْأَةِ وَتُفْضِي إلَيْهِ ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ ) .
2796 - ( وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى ، فَلَمَّا سَلَّمَ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ بِوَجْهِهِ فَقَالَ : مَجَالِسَكُمْ ، هَلْ مِنْكُمْ الرَّجُلُ إذَا أَتَى أَهْلَهُ أَغْلَقَ بَابَهُ وَأَرْخَى سِتْرَهُ ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَيُحَدِّثُ فَيَقُولُ : فَعَلْتُ بِأَهْلِي كَذَا وَفَعَلْتُ بِأَهْلِي كَذَا ؟ فَسَكَتُوا ، فَأَقْبَلَ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ : هَلْ مِنْكُنَّ مَنْ تُحَدِّثُ فَجَثَتْ فَتَاةٌ كَعَابٌ عَلَى إحْدَى رُكْبَتَيْهَا وَتَطَاوَلَتْ ، لِيَرَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَسْمَعَ كَلَامَهَا ، فَقَالَتْ : إي وَاَللَّهِ إنَّهُمْ يَتَحَدَّثُونَ وَإِنَّهُنَّ لَيَتَحَدَّثْنَ ، فَقَالَ : هَلْ تَدْرُونَ مَا مَثَلُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ ؟ إنَّ مَثَلَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ ، مَثَلُ شَيْطَانٍ وَشَيْطَانَةٍ لَقِيَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِالسِّكَّةِ فَقَضَى حَاجَتَهُ مِنْهَا وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إلَيْهِ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد .
وَلِأَحْمَدَ نَحْوُهُ مِنْ حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ ) .
حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهُ أَيْضًا النَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَقَالَ : إلَّا أَنَّ الطُّفَاوِيَّ لَا نَعْرِفُهُ إلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا نَعْرِفُ اسْمَهُ .
وَقَالَ أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرٍ : وَالطُّفَاوِيُّ مَجْهُولٌ .
وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِهِ ، فَقَالَ : عَنْ أَبِي نَضْرَةَ قَالَ : حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ طُفَاوَةَ .
قَوْلُهُ : ( إنَّ مِنْ شَرِّ النَّاسِ ) لَفْظُ مُسْلِمٍ " أَشَرِّ " قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : وَأَهْلُ النَّحْوِ يَقُولُونَ : لَا يَجُوزُ أَشَرُّ وَأَخْيَرُ ، وَإِنَّمَا يُقَالُ : هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ وَشَرٌّ مِنْهُ .
قَالَ : وَقَدْ جَاءَتْ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِاللُّغَتَيْنِ جَمِيعًا ، وَهِيَ حُجَّةٌ فِي جَوَازِ الْجَمِيعِ .
قَوْلُهُ : ( كَعَابٌ ) عَلَى وَزْنِ سَحَابٍ : وَهِيَ الْجَارِيَةُ الْمُكَعَّبُ .
وَالْحَدِيثَانِ يَدُلَّانِ عَلَى تَحْرِيمِ إفْشَاءِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِمَا يَقَعُ بَيْنَهُمَا مِنْ أُمُورِ الْجِمَاعِ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ كَوْنَ الْفَاعِلِ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ .
وَكَوْنَهُ بِمَنْزِلَةِ شَيْطَانٍ لَقِيَ شَيْطَانَةً فَقَضَى حَاجَتَهُ مِنْهَا وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ مِنْ أَعْظَمِ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى تَحْرِيمِ نَشْرِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْأَسْرَارِ الْوَاقِعَةِ بَيْنَهُمَا الرَّاجِعَةِ إلَى الْوَطْءِ وَمُقَدَّمَاتِهِ ، فَإِنَّ مُجَرَّدَ فِعْلِ الْمَكْرُوهِ لَا يَصِيرُ بِهِ فَاعِلُهُ مِنْ الْأَشْرَارِ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ مِنْ شَرِّهِمْ .
وَكَذَلِكَ الْجِمَاعُ بِمَرْأًى مِنْ النَّاسِ لَا شَكَّ فِي تَحْرِيمِهِ ، وَإِنَّمَا خَصَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الرَّجُلَ ، فَجَعَلَ الزَّجْرَ الْمَذْكُورَ خَاصًّا بِهِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْمَرْأَةِ ؛ لِأَنَّ وُقُوعَ ذَلِكَ الْأَمْرِ فِي الْغَالِبِ مِنْ الرِّجَالِ .
قِيلَ : وَهَذَا التَّحْرِيمُ إنَّمَا هُوَ فِي نَشْرِ أُمُورِ الِاسْتِمْتَاعِ وَوَصْفِ التَّفَاصِيلِ الرَّاجِعَةِ إلَى الْجِمَاعِ وَإِفْشَاءِ مَا يَجْرِي مِنْ الْمَرْأَةِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ حَالَةَ الْوِقَاعِ .
وَأَمَّا مُجَرَّدُ ذِكْرِ نَفْسِ الْجِمَاعِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَائِدَةٌ وَلَا
إلَيْهِ حَاجَةٌ فَمَكْرُوهٌ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمُرُوءَةِ وَمِنْ التَّكَلُّمِ بِمَا لَا يَعْنِي ، { وَمِنْ حُسْنِ إسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ } .
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ } فَإِنْ كَانَ إلَيْهِ حَاجَةٌ أَوْ تَرَتَّبَتْ عَلَيْهِ فَائِدَةٌ فَلَا كَرَاهَةَ فِي ذِكْرِهِ وَذَلِكَ نَحْوَ أَنْ تُنْكِرَ الْمَرْأَةُ نِكَاحَ الزَّوْجِ لَهَا وَتَدَّعِي عَلَيْهِ الْعَجْزَ عَنْ الْجِمَاعِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ كَمَا رُوِيَ أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي ادَّعَتْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ الْعُنَّةَ قَالَ : " يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي لَأَنْفُضُهَا نَفْضَ الْأَدِيمِ " وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ ، وَمَا رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { إنِّي لَأَفْعَلُهُ أَنَا وَهَذِهِ } .
وَقَالَ لِأَبِي طَلْحَةَ : { أَعْرَسْتُمْ اللَّيْلَةَ } ؟ وَنَحْوُ ذَلِكَ كَثِيرٌ .)