Perempuan Memakai Celana Halal atau Haram dalam Islam?
Perempuan Memakai Celana Halal atau Haram dalam Islam? Berikut fatwa dari majelis ulama Mesir (Darul Ifta Al-Mishriyah)
Perempuan Memakai Celana Halal atau Haram dalam Islam? Berikut fatwa dari majelis ulama Mesir (Darul Ifta Al-Mishriyah)
التاريخ : 08/10/2015
الســؤال
ما حكم لبس النساء للبنطلون؟
الجـــواب
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد... فالبنطلون أو البنطال نوع من الملابس يستر النصف الأسفل من جسد الإنسان من الخصر إلى أسفل الساقين مع فصله بين الرجلين في الستر، فكل واحدة منهما مغطاة على حدة دون أن تجتمع بالأخرى في ثوب واحد يلتف حولهما، ويطلق على قديمه: السراويل.
والذي عليه الفتوى جواز لُبْسه للمرأة بشرط أن تحقق فيه شروط الستر المطلوبة شرعًا، وللملابس التي تلبسها المرأة شروط اتفق العلماء على ضرورة توفرها في الزي الذي تلبسه المرأة المسلمة، وهي: أن يكون ساترًا للعورة فلا يكشف، وأن لا يكون رقيقًا يشف ما تحته.
والعورة التي يجب على المرأة سترها في الصلاة وخارجها جميع بدنها عدا وجهها وكفيها، وهذا هو مذهب جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية، وهو مذهب الأوزاعي وأبي ثور من مجتهدي السلف، وقول في مذهب أحمد.
ولُبْسُ المرأة من الثياب ما يشف ما تحته حرامٌ؛ لـما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا)).
قال الإمام النووي في شرحه على مسلم [14 /110، ط. دار إحياء التراث العربي] في بيان معاني ((كاسيات عاريات)): «تلبس ثوبًا رقيقًا يصف لون بدنها». اهـ.
وقال النفراوي المالكي في شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني [2 /310، ط: دار الفكر]: «(ولا) يجوز بمعنى يحرم أن (يلبس النساء من الرقيق ما) أي الملبوس الذي (يصفهن) للناظر إليهن (إذا خرجن) من بيوتهن، وحاصل المعنى أنه يحرم على المرأة لبس ما يرى منه أعلى جسدها كثديها أو أليتها بحضرة من لا يحل له النظر إليها» اهـ.
ولُبس البنطلون الذي تتحقق فيه شروط الستر جائز في ذاته؛ لأنه الأصل، فأمر اللباس للرجل أو المرأة باق على الإباحة ما لم يكن ممنوعًا بالنص أو يقترن به معنى يمنعه الشرع؛ كلُبس الحرير للرجل أو اللبس بقصد الخيلاء والتكبر عمومًا.
وقد وردت أحاديث تُثبت أصل الجواز؛ فقد أخرج البزار في مسنده عن عليٍّ قال: ((كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عند البقيع -يعني بقيع الْغَرْقَدِ- في يوم مطير فمرت امرأة على حمار ومعها مكاري فمرت في وَهْدَةٍ من الأرض فسقطت، فأعرض عنها بوجهه، فقالوا: يا رسول الله إنها متسرولة، فقال: اللهم اغفر للمتسرولات من أُمَّتِي)).
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة قال: ((بينما النبي صلى الله عليه وسلم جالس على باب من أبواب المسجد مرت امرأة على دابة، فلما حاذت بالنبي صلى الله عليه وسلم عَثَرَتْ بها، فأعرض النبي صلى الله عليه وسلم، وَتَكَشَّفَتْ، فقيل: يا رسول الله إن عليها سراويل، فقال: رحم الله المتسرولات)).
وهذا الحديث بمجموع طرقه يرتقي إلى درجة الحسن -كما قال الإمام السيوطي في «اللآلئ المصنوعة» [2 /223، ط. دار الكتب العلمية]، والإمام الشوكاني في «الفوائد المجموعة» [ص189، ط. دار الكتب العلمية].
وفي هذا الحديث: إقرار بجواز لبس السراويل المساوية في الهيئة للبنطلونات التي تُلْبَس في زماننا هذا، وجعل شيء آخر عليه من الملابس مسألة أخرى تخضع للعرف.
ويُستفاد منه أيضًا: منع التحريم لقصد التشبه بالرجال أو بغير المسلمين، ينضاف إلى هذا في مسألة التشبه: أن الواقع يخالف دعوى التشبه بالرجال؛ فهناك أزياء من هذا النوع خاصة بالرجال وأخرى خاصة بالنساء.
أما التشبه بغير المسلمين فليس مذمومًا على الإطلاق، بل التشبه المذموم هو ما كان في الدين مع قصد التشبه، أما ما كان من العادات وليس فيه قصد التشبه فلا يكون ممنوعًا؛ فقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم في جبة شامية كما روي في الصحيحين من حديث المغيرة بن شعبة، وترجم الإمام البخاري لهذا الباب بقوله: باب الصلاة في الجبة الشامية.
علَّق الحافظ ابن حجر في الفتح [1 /473، ط. دار المعرفة] على هذا فقال: «هذه الترجمة معقودة لجواز الصلاة في ثياب الكفار ما لم يتحقق نجاستها، وإنما عبر بالشامية مراعاة للفظ الحديث، وكانت الشام إذ ذاك دار كفر» اهـ.
وأما اشتراط القصد في التشبه لا مطلقه في المنع؛ فلأن التشبه: تَفَعُّل، وهذه المادة تدل على انعقاد النية والتوجه إلى قصد الفعل ومعاناته، ومن الأصول الشرعية اعتبار قصد المكلف، ويدل على ذلك أيضًا ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه قال: ((اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلينا وراءه وهو قاعد، فالتفت إلينا فرآنا قيامًا فأشار إلينا فقعدنا، فلما سَلَّم قال: إن كدتم آنفًا لتفعلون فعل فارس والروم، يقومون على ملوكهم وهم قعود، فلا تفعلوا، ائتموا بأئمتكم، إن صلى قائمًا فصلوا قيامًا، وإن صلى قاعدًا فصلوا قعودًا)).
و«كاد» تدل في الإثبات على انتفاء خبرها مع مقاربة وقوعه، وفعل فارس والروم وقع منهم فعلا، لكن الصحابة لما لم يقصدوا التشبه انتفى ذلك الوصف عنهم شرعًا.
وقد صرَّح بعض الفقهاء بهذا في كتبهم؛ يقول ابن نجيم الحنفي في شرح الكنز [2 /11، ط. دار الكتاب الإسلامي]: «اعلم أن التشبه بأهل الكتاب لا يكره في كل شيء، وإنَّا نأكل ونشرب كما يفعلون، إنما الحرام هو التشبه فيما كان مذمومًا وفيما يقصد به التشبيه» اهـ.
والأصل في ستر العورة ستر اللون لا ستر الحجم؛ لأنه يصعب التحرز منه غالبًا، وقد نقل هذا عن بعض فقهاء المالكية والحنابلة والشافعية؛ ففي الشرح الكبير لمختصر خليل للشيخ الدردير -بحاشية الدسوقي- من كتب المالكية [1 /217، 218، ط. دار إحياء الكتب العربية]: «(وكُره) لباس (مُحَدِّدٍ) للعورة بذاته لرقته أو بغيره كحزام -بالزاي- أو لضيقه وإحاطته كسراويل ولو بغير صلاة، لأنه ليس من زي السلف (لا) إن كان التحديد (بريح) أو بلل فلا يكره».
علق الشيخ الدسوقي في الحاشية فقال: «(قوله: وكره لباس مُحَدِّدٍ) أي كره لبس لباس محدد للعورة ولو بغير صلاة، وإنما قدرنا اللبس؛ لأن الأحكام إنما تتعلق بالأفعال. (قوله: لرقته) أي وإنما حددها بذاته لأجل رقته أي والفرض أنه لا تبدو منه العورة أصلا أو تبدو منه مع التأمل، وتقدم أن كراهة لبسه للتنزيه على المعتمد لا للتحريم (قوله: كحزام) أي على ثوب غير رقيق، فالثوب المذكور مُحَدِّدٌ للعورة بسبب الحزام، وأما الحزام على القفطان فلا تحديد فيه للعورة المغلظة فلا كراهة، ويحتمل أن المراد بالعورة ما يشمل المغلظة والمخففة كالأليتين، فيكون الحزام على القفطان مكروهًا، ومحل كراهة الاحتزام على الثوب ما لم يكن ذلك عادة قوم أو فعل ذلك لشغل، وإلا فلا كراهة ولو في الصلاة كما لو كان محتزمًا فحضرت الصلاة وهو كذلك فلا كراهة في صلاته محتزمًا، ومحل كراهة لبس الـمُحَدِّد للعورة ما لم يلبس فوق ذلك المحدد شيئًا كقباء وإلا فلا كراهة (قوله: كسراويل) هذا هو المسموع لغة دون سروال، وقد علمت أن كراهة لبسه إذا لم يَلْبَس فوقه ثوبًا، ولو تردى على ذلك برداء وإلا فلا كراهة، وأول من لبس السراويل سيدنا إبراهيم. وهل لبسه نبينا عليه الصلاة والسلام أو لا؟ فيه خلاف، وصح أنه اشتراها كما في السنن الأربع. (قوله: لأنه ليس من زي السلف) هذا تعليل لكراهة السراويل لا لكراهة الـمُحَدِّد مطلقًا؛ لأن العلة في كراهته التحديد للعورة. والحاصل أن العلة في كراهة السراويل أمران: التحديد، وكونه ليس من زي السلف. فكان الأولى للشارح أن يقول: ولأنه... إلخ بالواو، وأما كراهة المحدد غيره فللتحديد نفسه؛ ولذا قيل بكراهة لبس المئزر وإن كان من زي السلف، والمراد بالمئزر على هذا الملحفة التي تجعل في الوسط كفوطة الحمام، أما إن أريد بالمئزر الملحفة التي يلتحف جميعه بها كبردة أو حرام فلا كراهة في لبسه، كما قال ابن العربي لانتفاء التحديد، ولكونه من زي السلف. والحاصل أن بعضهم فسر المئزر بالملحفة التي يلتحف جميعه بها كابن العربي فحكم بعدم كراهته، وفسره بعضهم بما يشد في الوسط كفوطة الحمام، فحكم بكراهته» اهـ.
وقال ابن حجر الهيتمي في شرح المقدمة الحضرمية من كتب الشافعية [ص115، ط. دار الكتب العلمية]: «وشرط الساتر في الصلاة وخارجها أن يشمل المستور لبسًا ونحوه مع ستر اللون، فيكفي ما يمنع إدراك لون البشرة ولو حكى الحجم كسروال ضيق لكنه للمرأة مكروه وخلاف الأولى للرجل» اهـ.
وفي الروض المربع للبهوتي الحنبلي [ص72، 73، ط. دار المؤيد ومؤسسة الرسالة]: «(ومنها) أي من شروط الصلاة (ستر العورة) قال ابن عبد البر: أجمعوا على فساد صلاة من ترك ثوبه، وهو قادر على الاستتار به وصلى عريانا. والستر -بفتح السين-: التغطية، وبكسرها: ما يستر به. والعورة لغة النقصان والشيء المستقبح. ومنه كلمة عوراء أي قبيحة، وفي الشرع: القبل والدبر، وكل ما يستحيى منه على ما يأتي تفصيله (فيجب) سترها حتى عن نفسه في خلوة، وفي ظلمة وخارج الصلاة (بما لا يصف بشرتها) أي لون بشرة العورة من بياض أو سواد؛ لأن الستر إنما يحصل بذلك، ولا يعتبر أن لا يصف حجم العضو؛ لأنه لا يمكن التحرز عنه» اهـ.
ولُبْسُ النساءِ الضيقَ من الثياب -ومنها السراويل الضيقة التي تثير الشهوة وتؤدي إلى الفتنة- ممنوع لهذا السبب، فيكون مُحرَّمًا لغيره لا لذاته.
وقد راعى الفقهاء هذا الأمر حتى لا يكر بالإبطال على ما تنشده الشريعة وتحض عليه من الستر ومنع مقدمات الوقوع في المحرم كالنظر والخلوة ونحوهما، ولهذا الأمر نماذج كثيرة.
فقد صرح بعض الفقهاء بمنع المرأة من إبداء زينتها لغير زوجها ولو كان من محارمها؛ ففي شرح متن الإقناع للبهوتي الحنبلي [كشاف القناع 5 /15، ط. دار الكتب العلمية]: «(وَيَحْرُمُ أن تتزين) امرأة (لمحرم غيرهما) أي غير زوجها وسيدها؛ لأنه مظنة الفتنة» اهـ.
كما صرح بعضهم أيضًا بحرمة النظر إلى الوجه والكفين من المرأة ولو مع أمن الفتنة؛ ففي شرح المنهاج للمحلي من كتب الشافعية [3 /209، بحاشيتي قليوبي وعميرة، ط. دار الفكر]: «(ويحرم نظر فحل بالغ إلى عورة حرة كبيرة أجنبية)، مطلقًا قطعًا، والمراد بالكبيرة غير الصغيرة، التي لا تشتهى، (وكذا وجهها وكفها) أي كل كف منها، (عند خوف فتنة) أي داع إلى الاختلاء بها ونحوه، (وكذا عند الأمن) من الفتنة فيما يظهر له من نفسه (على الصحيح)؛ لأن النظر مظنة الفتنة، ومحرك للشهوة، وقد قال تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور: 30]، وَالثَّانِي: لا يَحْرُمُ لقوله تعالى: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31]، وهو مفسر بالوجه والكفين، نعم يكره، والكف من رؤوس الأصابع إلى المعصم لا الراحة فقط» اهـ.
وعليه: فإن لُبس النساء للبنطلون الواسع الفضفاض الذي تتحقق فيه شروط الزي الشرعي جائز ولا شيء فيه، وهذا بخلاف الضيق الذي يُحَدِّد حجم العورة فإنه لا يجوز، والله تعالى أعلم.
المصدر
التاريخ : 08/10/2015
الســؤال
ما حكم لبس النساء للبنطلون؟
الجـــواب
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد... فالبنطلون أو البنطال نوع من الملابس يستر النصف الأسفل من جسد الإنسان من الخصر إلى أسفل الساقين مع فصله بين الرجلين في الستر، فكل واحدة منهما مغطاة على حدة دون أن تجتمع بالأخرى في ثوب واحد يلتف حولهما، ويطلق على قديمه: السراويل.
والذي عليه الفتوى جواز لُبْسه للمرأة بشرط أن تحقق فيه شروط الستر المطلوبة شرعًا، وللملابس التي تلبسها المرأة شروط اتفق العلماء على ضرورة توفرها في الزي الذي تلبسه المرأة المسلمة، وهي: أن يكون ساترًا للعورة فلا يكشف، وأن لا يكون رقيقًا يشف ما تحته.
والعورة التي يجب على المرأة سترها في الصلاة وخارجها جميع بدنها عدا وجهها وكفيها، وهذا هو مذهب جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية، وهو مذهب الأوزاعي وأبي ثور من مجتهدي السلف، وقول في مذهب أحمد.
ولُبْسُ المرأة من الثياب ما يشف ما تحته حرامٌ؛ لـما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا)).
قال الإمام النووي في شرحه على مسلم [14 /110، ط. دار إحياء التراث العربي] في بيان معاني ((كاسيات عاريات)): «تلبس ثوبًا رقيقًا يصف لون بدنها». اهـ.
وقال النفراوي المالكي في شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني [2 /310، ط: دار الفكر]: «(ولا) يجوز بمعنى يحرم أن (يلبس النساء من الرقيق ما) أي الملبوس الذي (يصفهن) للناظر إليهن (إذا خرجن) من بيوتهن، وحاصل المعنى أنه يحرم على المرأة لبس ما يرى منه أعلى جسدها كثديها أو أليتها بحضرة من لا يحل له النظر إليها» اهـ.
ولُبس البنطلون الذي تتحقق فيه شروط الستر جائز في ذاته؛ لأنه الأصل، فأمر اللباس للرجل أو المرأة باق على الإباحة ما لم يكن ممنوعًا بالنص أو يقترن به معنى يمنعه الشرع؛ كلُبس الحرير للرجل أو اللبس بقصد الخيلاء والتكبر عمومًا.
وقد وردت أحاديث تُثبت أصل الجواز؛ فقد أخرج البزار في مسنده عن عليٍّ قال: ((كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عند البقيع -يعني بقيع الْغَرْقَدِ- في يوم مطير فمرت امرأة على حمار ومعها مكاري فمرت في وَهْدَةٍ من الأرض فسقطت، فأعرض عنها بوجهه، فقالوا: يا رسول الله إنها متسرولة، فقال: اللهم اغفر للمتسرولات من أُمَّتِي)).
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة قال: ((بينما النبي صلى الله عليه وسلم جالس على باب من أبواب المسجد مرت امرأة على دابة، فلما حاذت بالنبي صلى الله عليه وسلم عَثَرَتْ بها، فأعرض النبي صلى الله عليه وسلم، وَتَكَشَّفَتْ، فقيل: يا رسول الله إن عليها سراويل، فقال: رحم الله المتسرولات)).
وهذا الحديث بمجموع طرقه يرتقي إلى درجة الحسن -كما قال الإمام السيوطي في «اللآلئ المصنوعة» [2 /223، ط. دار الكتب العلمية]، والإمام الشوكاني في «الفوائد المجموعة» [ص189، ط. دار الكتب العلمية].
وفي هذا الحديث: إقرار بجواز لبس السراويل المساوية في الهيئة للبنطلونات التي تُلْبَس في زماننا هذا، وجعل شيء آخر عليه من الملابس مسألة أخرى تخضع للعرف.
ويُستفاد منه أيضًا: منع التحريم لقصد التشبه بالرجال أو بغير المسلمين، ينضاف إلى هذا في مسألة التشبه: أن الواقع يخالف دعوى التشبه بالرجال؛ فهناك أزياء من هذا النوع خاصة بالرجال وأخرى خاصة بالنساء.
أما التشبه بغير المسلمين فليس مذمومًا على الإطلاق، بل التشبه المذموم هو ما كان في الدين مع قصد التشبه، أما ما كان من العادات وليس فيه قصد التشبه فلا يكون ممنوعًا؛ فقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم في جبة شامية كما روي في الصحيحين من حديث المغيرة بن شعبة، وترجم الإمام البخاري لهذا الباب بقوله: باب الصلاة في الجبة الشامية.
علَّق الحافظ ابن حجر في الفتح [1 /473، ط. دار المعرفة] على هذا فقال: «هذه الترجمة معقودة لجواز الصلاة في ثياب الكفار ما لم يتحقق نجاستها، وإنما عبر بالشامية مراعاة للفظ الحديث، وكانت الشام إذ ذاك دار كفر» اهـ.
وأما اشتراط القصد في التشبه لا مطلقه في المنع؛ فلأن التشبه: تَفَعُّل، وهذه المادة تدل على انعقاد النية والتوجه إلى قصد الفعل ومعاناته، ومن الأصول الشرعية اعتبار قصد المكلف، ويدل على ذلك أيضًا ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه قال: ((اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلينا وراءه وهو قاعد، فالتفت إلينا فرآنا قيامًا فأشار إلينا فقعدنا، فلما سَلَّم قال: إن كدتم آنفًا لتفعلون فعل فارس والروم، يقومون على ملوكهم وهم قعود، فلا تفعلوا، ائتموا بأئمتكم، إن صلى قائمًا فصلوا قيامًا، وإن صلى قاعدًا فصلوا قعودًا)).
و«كاد» تدل في الإثبات على انتفاء خبرها مع مقاربة وقوعه، وفعل فارس والروم وقع منهم فعلا، لكن الصحابة لما لم يقصدوا التشبه انتفى ذلك الوصف عنهم شرعًا.
وقد صرَّح بعض الفقهاء بهذا في كتبهم؛ يقول ابن نجيم الحنفي في شرح الكنز [2 /11، ط. دار الكتاب الإسلامي]: «اعلم أن التشبه بأهل الكتاب لا يكره في كل شيء، وإنَّا نأكل ونشرب كما يفعلون، إنما الحرام هو التشبه فيما كان مذمومًا وفيما يقصد به التشبيه» اهـ.
والأصل في ستر العورة ستر اللون لا ستر الحجم؛ لأنه يصعب التحرز منه غالبًا، وقد نقل هذا عن بعض فقهاء المالكية والحنابلة والشافعية؛ ففي الشرح الكبير لمختصر خليل للشيخ الدردير -بحاشية الدسوقي- من كتب المالكية [1 /217، 218، ط. دار إحياء الكتب العربية]: «(وكُره) لباس (مُحَدِّدٍ) للعورة بذاته لرقته أو بغيره كحزام -بالزاي- أو لضيقه وإحاطته كسراويل ولو بغير صلاة، لأنه ليس من زي السلف (لا) إن كان التحديد (بريح) أو بلل فلا يكره».
علق الشيخ الدسوقي في الحاشية فقال: «(قوله: وكره لباس مُحَدِّدٍ) أي كره لبس لباس محدد للعورة ولو بغير صلاة، وإنما قدرنا اللبس؛ لأن الأحكام إنما تتعلق بالأفعال. (قوله: لرقته) أي وإنما حددها بذاته لأجل رقته أي والفرض أنه لا تبدو منه العورة أصلا أو تبدو منه مع التأمل، وتقدم أن كراهة لبسه للتنزيه على المعتمد لا للتحريم (قوله: كحزام) أي على ثوب غير رقيق، فالثوب المذكور مُحَدِّدٌ للعورة بسبب الحزام، وأما الحزام على القفطان فلا تحديد فيه للعورة المغلظة فلا كراهة، ويحتمل أن المراد بالعورة ما يشمل المغلظة والمخففة كالأليتين، فيكون الحزام على القفطان مكروهًا، ومحل كراهة الاحتزام على الثوب ما لم يكن ذلك عادة قوم أو فعل ذلك لشغل، وإلا فلا كراهة ولو في الصلاة كما لو كان محتزمًا فحضرت الصلاة وهو كذلك فلا كراهة في صلاته محتزمًا، ومحل كراهة لبس الـمُحَدِّد للعورة ما لم يلبس فوق ذلك المحدد شيئًا كقباء وإلا فلا كراهة (قوله: كسراويل) هذا هو المسموع لغة دون سروال، وقد علمت أن كراهة لبسه إذا لم يَلْبَس فوقه ثوبًا، ولو تردى على ذلك برداء وإلا فلا كراهة، وأول من لبس السراويل سيدنا إبراهيم. وهل لبسه نبينا عليه الصلاة والسلام أو لا؟ فيه خلاف، وصح أنه اشتراها كما في السنن الأربع. (قوله: لأنه ليس من زي السلف) هذا تعليل لكراهة السراويل لا لكراهة الـمُحَدِّد مطلقًا؛ لأن العلة في كراهته التحديد للعورة. والحاصل أن العلة في كراهة السراويل أمران: التحديد، وكونه ليس من زي السلف. فكان الأولى للشارح أن يقول: ولأنه... إلخ بالواو، وأما كراهة المحدد غيره فللتحديد نفسه؛ ولذا قيل بكراهة لبس المئزر وإن كان من زي السلف، والمراد بالمئزر على هذا الملحفة التي تجعل في الوسط كفوطة الحمام، أما إن أريد بالمئزر الملحفة التي يلتحف جميعه بها كبردة أو حرام فلا كراهة في لبسه، كما قال ابن العربي لانتفاء التحديد، ولكونه من زي السلف. والحاصل أن بعضهم فسر المئزر بالملحفة التي يلتحف جميعه بها كابن العربي فحكم بعدم كراهته، وفسره بعضهم بما يشد في الوسط كفوطة الحمام، فحكم بكراهته» اهـ.
وقال ابن حجر الهيتمي في شرح المقدمة الحضرمية من كتب الشافعية [ص115، ط. دار الكتب العلمية]: «وشرط الساتر في الصلاة وخارجها أن يشمل المستور لبسًا ونحوه مع ستر اللون، فيكفي ما يمنع إدراك لون البشرة ولو حكى الحجم كسروال ضيق لكنه للمرأة مكروه وخلاف الأولى للرجل» اهـ.
وفي الروض المربع للبهوتي الحنبلي [ص72، 73، ط. دار المؤيد ومؤسسة الرسالة]: «(ومنها) أي من شروط الصلاة (ستر العورة) قال ابن عبد البر: أجمعوا على فساد صلاة من ترك ثوبه، وهو قادر على الاستتار به وصلى عريانا. والستر -بفتح السين-: التغطية، وبكسرها: ما يستر به. والعورة لغة النقصان والشيء المستقبح. ومنه كلمة عوراء أي قبيحة، وفي الشرع: القبل والدبر، وكل ما يستحيى منه على ما يأتي تفصيله (فيجب) سترها حتى عن نفسه في خلوة، وفي ظلمة وخارج الصلاة (بما لا يصف بشرتها) أي لون بشرة العورة من بياض أو سواد؛ لأن الستر إنما يحصل بذلك، ولا يعتبر أن لا يصف حجم العضو؛ لأنه لا يمكن التحرز عنه» اهـ.
ولُبْسُ النساءِ الضيقَ من الثياب -ومنها السراويل الضيقة التي تثير الشهوة وتؤدي إلى الفتنة- ممنوع لهذا السبب، فيكون مُحرَّمًا لغيره لا لذاته.
وقد راعى الفقهاء هذا الأمر حتى لا يكر بالإبطال على ما تنشده الشريعة وتحض عليه من الستر ومنع مقدمات الوقوع في المحرم كالنظر والخلوة ونحوهما، ولهذا الأمر نماذج كثيرة.
فقد صرح بعض الفقهاء بمنع المرأة من إبداء زينتها لغير زوجها ولو كان من محارمها؛ ففي شرح متن الإقناع للبهوتي الحنبلي [كشاف القناع 5 /15، ط. دار الكتب العلمية]: «(وَيَحْرُمُ أن تتزين) امرأة (لمحرم غيرهما) أي غير زوجها وسيدها؛ لأنه مظنة الفتنة» اهـ.
كما صرح بعضهم أيضًا بحرمة النظر إلى الوجه والكفين من المرأة ولو مع أمن الفتنة؛ ففي شرح المنهاج للمحلي من كتب الشافعية [3 /209، بحاشيتي قليوبي وعميرة، ط. دار الفكر]: «(ويحرم نظر فحل بالغ إلى عورة حرة كبيرة أجنبية)، مطلقًا قطعًا، والمراد بالكبيرة غير الصغيرة، التي لا تشتهى، (وكذا وجهها وكفها) أي كل كف منها، (عند خوف فتنة) أي داع إلى الاختلاء بها ونحوه، (وكذا عند الأمن) من الفتنة فيما يظهر له من نفسه (على الصحيح)؛ لأن النظر مظنة الفتنة، ومحرك للشهوة، وقد قال تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور: 30]، وَالثَّانِي: لا يَحْرُمُ لقوله تعالى: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31]، وهو مفسر بالوجه والكفين، نعم يكره، والكف من رؤوس الأصابع إلى المعصم لا الراحة فقط» اهـ.
وعليه: فإن لُبس النساء للبنطلون الواسع الفضفاض الذي تتحقق فيه شروط الزي الشرعي جائز ولا شيء فيه، وهذا بخلاف الضيق الذي يُحَدِّد حجم العورة فإنه لا يجوز، والله تعالى أعلم.
المصدر