Jual Beli Barang Najis dan Serangga untuk Makanan Burung
Jual Beli Barang Najis dan Serangga untuk Makanan Burung yang ada manfaatnya seperti Kotoran Hewan untuk Pupuk boleh apa tidak? Kalau boleh apa dalilnya dan kalau tidak boleh bagaimana solusinya? Juga, bolehkan memakai pupuk dari kotoran hewan yang najis seperti babi dan anjing?
Jual Beli Barang Najis yang ada manfaatnya seperti Kotoran Hewan untuk Pupuk boleh apa tidak? Kalau boleh apa dalilnya dan kalau tidak boleh bagaimana solusinya? Juga, bolehkan memakai pupuk dari kotoran hewan yang najis seperti babi dan anjing? Dan jugal beli serangga untuk makan burung? Jawaban: Boleh jual beli barang najis apabila ada manfaatnya ini menurut pendapat mazhab Hanafi dan Maliki. Sedangkan menurut mazhab Syafi'i dan Hanbali tidak boleh.
هل يجوز شراء روث الخنازير بغية استعماله كسماد عضوي للأرض الزراعية أم هو حرام؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن جمهور أهل العلم على منع بيع رجيع الدواب غير مأكولة اللحم، وأجاز ذلك الحنفية.
قال ابن قدامة في المغني: ولا يجوز بيع السرجين النجس. وبهذا قال مالك والشافعي، وقال أبو حنيفة: يجوز، لأن أهل الأمصار يتبايعونه لزروعهم من غير نكير، فكان إجماعاً، ولنا أنه مجمع على نجاسته، فلم يجز بيعه كالميتة، وما ذكروه فليس بإجماع، فإن الإجماع اتفاق أهل العلم ولم يوجد، ولأنه رجيع نجس فلم يجز بيعه كرجيع الآدمي. انتهى.
ولم نقف على تفريق لأهل العلم بين الخنزير وبين غيره من الحيوانات غير مأكولة اللحم، إلا أنه من المعلوم أن الخنزير أشد قذارة من سائر الحيوانات، وأنه آكد منها جميعاً في التحريم.
وعليه فلا نرى جواز شراء روثه للاستعمال كسماد أو لأي استعمال آخر
---------
السؤال
ما حكم بيع الأسمده؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلعل السائل يسأل عن الأسمدة التي تصنع من المواد النجسة، بناء على أنه لا يجوز بيع النجاسات، لأنها محرمة في ذاتها، وما حرم في ذاته حرم بيعه كالخمر والميتة ونحو ذلك، وينبغي هنا أن نفرق بين نوعين من الأسمدة:
الأول: السماد الذي ينتج عن معالجة النجاسات بحيث تتحول النجاسات إلى اسم آخر وحقيقة أخرى ووصف آخر، فهذه لا مانع من استخدامها على الراجح، لأنها تأخذ حكم الاسم والوصف الجديدين، وبناء على ذلك، يجوز بيعها وشراؤها.
الثاني: السماد الذي يشتمل على عين النجاسة دون أن تتحول النجاسة إلى حقيقة أو عين أخرى طاهرة، وهذا النوع يجوز استخدامه مع نجاسته، قال في الغرر البهية شرح البهجة الوردية: وحِلُّ استعمال النجس العيني ثابت لتسميد الأرض مع الكراهة، بأن يجعل فيها السماد للحاجة إليه. اهـ.
هذا هو الراجح، وهو مذهب الشافعية كما ذكرنا، قال النووي: والصواب القطع بجوازه مع الكراهة. اهـ.
ومذهب المالكية أنه لا يجوز الانتفاع بالنجس، لكن يجوز الانتفاع بالمتنجس، ولذا أجازوا جعل العذرة النجسة في الماء ثم يُسقى به الزرع، لأنه عند ذلك متنجس لا نجس، قال الشيخ عليش في "منح الجليل": وعذرة بماء لسقي زرع اهـ.
ومذهب الحنفية في هذا كمذهب الشافعية، قال في رد المحتار: ويجوز بيع السرقين والبعر والانتفاع به. اهـ.
والراجح -والله أعلم- هو جواز استعمال الأسمدة التي تحتاج الأرض إليها ولو كانت نجسة، لاحتياج الناس إليها، والقاعدة أن "المشقة تجلب التيسير" و"إذا ضاق الأمر اتسع".
هذا هو الحكم في استعمال الأسمدة النجسة، أما بيعها، فقد ذهب الحنفية إلى جواز بيعها، قال الشبلي في حاشيته على تبيين الحقائق: بيع السرقين جائز وهو نجس العين للانتفاع به.
وذهب الشافعية إلى عدم جواز بيعه كذلك قال ابن المقري اليمني في "روض الطالب": فلا يصح بيع نجس العين كالسرجين.
أما المالكية، فالمنقول في كتبهم ثلاثة أقوال، المعتمد منها جواز بيعه للضرورة، قال الدسوقي في حاشيته على "الشرح الكبير": وأما الزبل فذكر ابن عرفة فيه ثلاثة أقوال:
1- المنع، وهو قياس ابن القاسم له على العذرة في المنع عند مالك .
2- وقول لابن القاسم بجوازه.
3- وقول أشهب بجوازه عند الضرورة.
وتزداد الكراهة على ظاهر المدونة وفهم أبي الحسن، قال في "التحفة": ونجس صفقته محظورة، ورخصوا في الزبل للضرورة وهو يفيد أن العمل على جواز بيع الزبل دون العذرة للضرورة، ونقله في المعيار عن ابن لب وهو الذي به العمل. اهـ. وذهب الحنابلة إلى عدم جواز بيعه، قال المرداوي في "الإنصاف": ولا يجوز بيع السرجين النجس، هذا المذهب، وعليه جماهير الأصحاب. اهـ.
هذه هي المذاهب الأربعة في المسألة، علما بأن الحنفية لا يجيزون بيع عذرة الآدمي إلا إذا كانت مختلطة بتراب يغلب عليها، بخلاف بقية النجاسات كالزبل والسرجين، فيجوز بيعها خالصة دون خلط، قال الحصكفي في "الدر المختار": بطل بيع صبي لا يعقل ومجنون شيئا، وبول ورجيع آدمي لم يغلب عليه التراب، فلو كان مغلوبا به جاز، كسرقين وبعر. اهـ.
والأصل عند المالكية عدم جواز بيع عذرة الآدمي في المعتمد، والذي نراه راجحا -والله أعلم- هو مذهب القائلين بجواز بيع الأسمدة النجسة للحاجة إليها وعموم البلوى، ولو لم تستحل عينها إلى عين أخرى.
والله أعلم.
المصدر
-----------
بيع النجس
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشريعة الإسلامية قد أتت بكل ما فيه منفعة للإنسان ومصلحة له ولغيره من الكائنات الحية وغير الحية، وقد نظمت حياة الكون تنظيماً لا يمكن لبشر أن يقدر على الإتيان بمثله، وإن مما فصلته شريعة الإسلام ما يتعلق بالبيع والشراء من شروط وموانع، وحل وحرمة.
ومعلوم أن الأصل في الأشياء والمعاملات الإباحة والجواز، وهذا شيء كثير جداً، ولم تحرم الشريعة إلا ما فيه مضرة على الناس، وبين يدينا مسألة من المسائل المعروفة في الشرع الإسلامي الحنيف وهي بيع النجس، هل يجوز بيعه أم يمنع أم أن في ذلك تفصيلاً؟
كل ذلك سيأتي الكلام عليه في السطور القادمة من خلال ذكر كلام أهل الإسلام من العلماء والفقهاء في ذلك وما استدلوا به من أدلة.
من المعلوم أن من النجاسات الظاهرة المشهورة: الخنزير والميتة، والدم وما يخرج من الإنسان من بول أو غائط، وهناك مسائل مختلف فيها مثل: روث ما يؤكل لحمه، وما لا يؤكل، وعلى أية حال فالذي يهمنا في هذا الموضوع هو حكم بيع هذه النجاسات أو ما يشابهها.
يقول الأحناف: لا ينعقد بيع الخمر والخنزير، والميتة والدم؛ لأنها ليست بمال أصلاً، ويكره بيع العَذِرة، ولا بأس ببيع السرقين أو السرجين: وهو (الزبل)، وبيع البعر لأنه منتفع به، لأنه يلقى في الأرض لاستكثار الريع، فكان مالاً، والمال محل للبيع بخلاف العذرة لأنه لا ينتفع بها إلا مخلوطة، ويجوز بيع المخلوط كالزيت الذي خالطته النجاسة.
ويصح عندهم بيع كل ذي ناب من السباع كالكلب والفهد، والأسد والنمر، والذئب والهر ونحوهما؛ لأن الكلب ونحوه مال، بدليل أنه منتفع به حقيقة، مباح الانتفاع به شرعاً على الإطلاق كالحراسة والاصطياد، فكان مالاً، ويصح بيع الحشرات والهوام كالحيات والعقارب إذا كان ينتفع بها.
ويصح بيع المتنجس والانتفاع به في غير الأكل كالدبغ والدهان، والاستضاءة به في غير المسجد، ما عدا دهن الميتة فإنه لا يحل الانتفاع به.
والضابط عندهم: أن كل ما فيه منفعة تحل شرعاً فإن بيعه يجوز (1)، لأن الأعيان خلقت لمنفعة الإنسان، بدليل قوله - تعالى-: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً}(29) سورة البقرة.
وقال المالكية: لا ينعقد بيع الخمر والخنزير والميتة لحديث جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: (إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة، والخنزير والأصنام) فقيل: يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة، فإنه يطلى بها السفن، وتدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟ فقال: (لا، هو حرام)، ثم قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: (قاتل الله اليهود إن الله - تعالى- لما حرم عليهم شحومها جملوه - أي أذابوه - ثم باعوه فأكلوا ثمنه)1، وقال في الخمر: (إن الذي حرم شربها حرم بيعها).2
ولا ينعقد بيع الكلب مع كونه طاهراً سواء أكان كلب صيد أم حراسة لأنه نهي عن بيعه ففي الحديث: "نهى النبي - صلّى الله عليه وسلم - عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وحلوان الكاهن"3، وقال سحنون: أبيعه وأحج بثمنه.
ولا ينعقد بيع المتنجس الذي لا يمكن تطهيره كزيت وعسل وسمن وقعت فيه نجاسة، أما المتنجس الذي يمكن تطهيره كثوب فإنه يجوز بيعه.
ولا ينعقد أيضاً بيع ما نجاسته أصلية كزبل ما لا يؤكل لحمه، وكعذرة وعظم ميتة وجلدها، ويصح بيع روث البقر وبعر الغنم والإبل ونحوها للحاجة إليها لتسميد الأرض وغيره من ضروب الانتفاع.
وقال الشافعية والحنابلة: لا يجوز بيع الخنزير والميتة، والدم والخمر، وما أشبه ذلك من النجاسات، لقول الرسول - صلّى الله عليه وسلم -: (إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة، والخنزير والأصنام)4 ولأنه يجب اجتناب النجس وعدم الاقتراب، والبيع وسيلة إلى الاقتراب.
ولا يجوز بيع الكلب ولو كان معلَّماً للنهي الوارد فيه في الحديث السابق: "نهى النبي - صلّى الله عليه وسلم - عن ثمن الكلب..".
ولا يصح بيع ما لا منفعة فيه كالحشرات وسباع البهائم التي لا تصلح للاصطياد كالأسد والذئب، والطيور التي لا تؤكل ولا تصطاد كالرخمة والحدأة والغراب؛ لأن ما لا منفعة فيه لا قيمة له، فأخذ العوض عنه من أكل المال بالباطل، وبذل العوض فيه من السفه.
ولا يجوز بيع المتنجس الذي لا يمكن تطهيره من النجاسة كالخل والدبس، ولكن يصح بيع المتنجس الذي يمكن تطهيره كالثوب ونحوه.
ولا يجوز بيع السرجين ونحوه من النجاسات، إلا أن الحنابلة أجازوا بيع السرجين الطاهر كروث الحمام، وكل ما يؤكل لحمه.
والخلاصة: أن فقهاء الحنفية والظاهرية يجيزون بيع النجاسات للانتفاع بها إلا ما ورد النهي عن بيعه منها؛ لأن جواز البيع يتبع الانتفاع، فكل ما كان منتفعاً به جاز بيعه عندهم، وأما فقهاء المالكية والشافعية والمشهور عند الحنابلة: فلا يجيزون بيع النجاسات؛ لأن جواز البيع يتبع الطهارة، فكل ما كان طاهراً - أي مالاً يباح الانتفاع به شرعاً - يجوز بيعه عندهم.5
قال ابن القيم:
"وأما تحريم بيع الميتة فيدخل فيه كل ما يسمى ميتة سواء مات حتف أنفه أو ذكي ذكاة لا تفيد حله، ويدخل في أبعاضها أيضاً؛ ولهذا استشكل الصحابة - رضي الله عنهم - تحريم بيع الشحم مع ما لهم فيه من المنفعة فأخبرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه حرام، وإن كان فيه ما ذكروا من المنفعة، وهذا موضع اختلف الناس فيه لاختلافهم في فهم مراده - صلى الله عليه وسلم - وهو أن قوله: (لا، هو حرام) هل هو عائد إلى البيع أو عائد إلى الأفعال التي سألوا عنها؟ فقال شيخنا: هو راجع إلى البيع فإنه - صلى الله عليه وسلم - لما أخبرهم أن الله حرم بيع الميتة قالوا: إن في شحومها من المنافع كذا وكذا يعنون فهل ذلك مسوغ لبيعها؟ فقال: (لا، هو حرام).
قلت: كأنهم طلبوا تخصيص الشحوم من جملة الميتة بالجواز كما طلب العباس - رضي الله عنه - تخصيص الإذخر من جملة تحريم نبات الحرم بالجواز، فلم يجبهم إلى ذلك فقال: (لا، هو حرام).
وقال غيره من أصحاب أحمد وغيرهم: التحريم عائد إلى الأفعال المسؤول عنها وقال: (هو حرام) ولم يقل: هي؛ لأنه أراد المذكور جميعه، ويرجح قولهم عود الضمير إلى أقرب مذكور، ويرجحه من جهة المعنى أن إباحة هذه الأشياء ذريعة إلى اقتناء الشحوم وبيعها، ويرجحه أيضاً: أن في بعض ألفاظ الحديث فقال: (لا، هي حرام) وهذا الضمير إما أن يرجع إلى الشحوم، وإما إلى هذه الأفعال، وعلى التقديرين فهو حجة على تحريم الأفعال التي سألوا عنها.
ويرجحه أيضاً قوله في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في الفأرة التي وقعت في السمن: (إن كان جامداً فألقوها وما حولها، وكلوه، وإن كان مائعاً فلا تقربوه)6 وفي الانتفاع به في الاستصباح وغيره قربان له، ومن رجح الأول يقول: ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (إنما حرم من الميتة أكلها)7، وهذا صريح في أنه لا يحرم الانتفاع بها في غير الأكل كالوقيد وسد البثوق ونحوهما، قالوا: والخبيث إنما تحرم ملابسته باطناً وظاهراً كالأكل واللبس، وأما الانتفاع به من غير ملابسة فلأي شيء يحرم.. إلى أن قال ابن القيم:
"وقال (أي أحمد) في رواية ابنيه: صالح وعبد الله: لا يعجبني بيع النجس، ويستصبح به إذا لم يمسوه لأنه نجس. وهذا يعم النجس والمتنجس، ولو قدر أنه إنما أراد به المتنجس فهو صريح في القول بجواز الاستصباح بما خالطه نجاسة ميتة أو غيرها وهذا مذهب الشافعي، وأي فرق بين الاستصباح بشحم الميتة إذا كان منفرداً وبين الاستصباح به إذا خالطه دهن طاهر فنجسه؟
ثم قال: "فصل: ويدخل في تحريم بيع الميتة بيع أجزائها التي تحلها الحياة وتفارقها بالموت كاللحم والشحم والعصب، وأما الشعر والوبر والصوف فلا يدخل في ذلك لأنه ليس بميتة، ولا تحله الحياة، وكذلك قال جمهور أهل العلم: إن شعور الميتة وأصوافها وأوبارها طاهرة إذا كانت من حيوان طاهر هذا مذهب مالك وأبي حنيفة، وأحمد بن حنبل والليث، والأوزاعي والثوري، وداود وابن المنذر، والمزني ومن التابعين: الحسن وابن سيرين، وأصحاب عبد الله بن مسعود، وانفرد الشافعي بالقول بنجاستها، واحتج له بأن اسم الميتة يتناولها كما يتناول سائر أجزائها.."8
وقال ابن القيم أيضاً: "وأما مذهب الإمام أحمد: فإنه لا يصح عنده بيع جلد الميتة قبل دبغه، وعنه في جوازه بعد الدبغ روايتان هكذا أطلقهما الأصحاب، وهما عندي مبنيتان على اختلاف الرواية عنه في طهارته بعد الدباغ.
وأما بيع الدهن النجس ففيه ثلاثة أوجه في مذهبه:
أحدها: أنه لا يجوز بيعه.
والثاني: أنه يجوز بيعه لكافر يعلم نجاسته وهو المنصوص عنه، قلت: والمراد بعلم النجاسة: العلم بالسبب المنجس لا اعتقاد الكافر نجاسته.
والثالث: يجوز بيعه لكافر ومسلم، وخرج هذا الوجه من جواز إيقاده، وخرج أيضاً من طهارته بالغسل، فيكون كالثوب النجس، وخرج بعض أصحابه وجهاً ببيع السرقين النجس للوقيد من بيع الزيت النجس له، وهو تخريج صحيح.
وأما أصحاب أبي حنيفة فجوزوا بيع السرقين النجس إذا كان تبعاً لغيره، ومنعوه إذا كان مفرداً.
وقال عن عظام الميتة: "وأما من رأى نجاستها فإنه لا يجوز بيعها إذ نجاستها عينية، قال ابن القاسم: قال مالك: لا أرى أن تشترى عظام الميتة، ولا تباع، ولا أنياب الفيل، ولا يتجر فيها، ولا يمتشط بأمشاطها، ولا يدهن بمداهنها، وكيف يجعل الدهن في الميتة ويمشط لحيته بعظام الميتة وهي مبلولة! وكره أن يطبخ بعظام الميتة، وأجاز مطرف وابن الماجشون بيع أنياب الفيل مطلقاً، وأجازه ابن وهب وأصبغ إن غليت وسلقت، وجعلا ذلك دباغاً لها.
ثم قال: "فصل: وأما تحريم بيع الخنزير فيتناول جملته، وجميع أجزائه الظاهرة والباطنة، وتأمل كيف ذكر لحمه عند تحريم الأكل إشارة إلى تحريم أكله، ومعظمه اللحم، فذكر اللحم تنبيهاً على تحريم أكله دون ما قبله، بخلاف الصيد فإنه لم يقل فيه: وحرم عليكم لحم الصيد، بل حرم نفس الصيد ليتناول ذلك أكله وقتله، وههنا لما حرم البيع ذكر جملته، ولم يخص التحريم بلحمه ليتناول بيعه حياً وميتاً".9
هذا ما يتعلق ببيع النجس من أحكام وتفاصيل مذكورة عن الأئمة من أهل الفقه والدين، والله الموفق للصواب، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
المراجع
1 رواه البخاري ومسلم.
2 رواه مسلم ومالك في الموطأ والنسائي.
3 رواه البخاري ومسلم.
4 سبق تخريجه.
5 الفقه الإسلامي وأدلته - (ج 5 / ص 117-119).
6 رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن حبان، وقال الأرناؤوط في تحقيق صحيح ابن حبان: إسناده صحيح. وقال الألباني: شاذ.
7 رواه الدارقطني في سننه. وذكره بعضهم موقوفاً على ابن عباس.
8 زاد المعاد (5/ 664-668).
9 زاد المعاد (5/ 673-675).
المصدر
--------------
يع الحشرات والديدان
عدد المشاهدات (82)
الحشرات لا يصح بيعها؛ لأنه لا نفع فيها إلا علقا لمص الدم وديدانًا لصيد السمك وما يصاد عليه كبومة شباشا.
الحشرات لا منفعة فيها فلا يجوز بيعها والغالب أنها محرمة الأكل يمكن استثني منها الضب فإنه على هيئة وعلى خلقة بعض الحشرات، ولو كان صغير فهو حلال.
فأما بقية الحشرات فإنها محرمة الأكل وكذلك محرمة البيع، فمثلا الصراصر من الحشرات نجسة أو محرمة، والخنافس من الحشرات نجسة ومحرمة، والذر، والنمل بجميع أنواعه محرم. وكذلك مثلا السم أبرص والوزغ الذي يكون في السقوف هذه أيضا محرمة، ولا يجوز بيعها، ولا أكل ثمنها، وكذلك الطيور التي مثل الذباب والفراش والزنابير بأنواعها فهذه حشرات، وأكلها محرم فبيعها محرم.
يستثنى من ذلك ما فيه منفعة كالنحل، النحل أكله حرام ولكن فيه منفعة وهو ما يخرج من بطونها من هذا العسل، فلذلك جاز بيعها وجاز شراؤها وجاز تبادل ذلك منها بلا نكير فيجوز بيعها تستثنى.
وكذلك استثنوا علقا لمص دم. العلق: هو حشرة تكون في الماء دقيقة طولها قدر الأنملة ثم يشربها بعض الناس، وتلتصق بحنجرته أو بحلقه، ثم تمتص من دمه وتمتص. ولا شك أنها ضارة به إذا علقت بحلقه ولكن قد يكون فيها بعض المنفعة من تخفيف الدم الذي يكون في العروق ونحوها. وما أظنها تباع لأجل هذا ويمكن أيضا أنها تمتص دم القروح وما أشبهها. هذا نفس العلق علق لمص دم.
والديدان الدود هذا قد ينتفع به في جعله للطيور التي تهوي إليه فتصاد. يعني هناك من الطيور كالحمام مثلا بأنواعه والعصافير بأنواعه تتغذى على هذه الدود، الدود الصغيرة الذي لونها لون إلى الصفرة أو نحوها، ثم يجعلها الصبي في الفخ الذي يصاد به فإذا رآها الطير من بعيد أهوى على ذلك الفخ فنقر ذلك الدود، فأمسكه الفخ وصاده. يقول: ما دام أن هذه الديدان ينتفع فإن ذلك جائز يخول بيعها للانتفاع بها لهذا.
وكذلك البومة. البومة طائر معروف، إن هذا البوم يكون غالبا في البيوت الخربة، يألف البيوت الخربة التي ليس فيها ساكن، ثم هو من المحرمات أكله؛ لكونه من ذوات المخالب. يدخل في المحرمات؛ ولكونه يأكل الجيف أو النجاسات ونحوها، ولكن قد يحتاج إليها تجعل شباشا، يجعلونها على رأس عود أو خشبة وتكون منفرة للطيور التي من جنسها، فلذلك إذا احتيج إلى جعلها شباشا جاز بيعها، يعني على رأس هذا العود كالمنفرة أو الجالبة أو ما أشبه ذلك.
المصدر
هل يجوز شراء روث الخنازير بغية استعماله كسماد عضوي للأرض الزراعية أم هو حرام؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن جمهور أهل العلم على منع بيع رجيع الدواب غير مأكولة اللحم، وأجاز ذلك الحنفية.
قال ابن قدامة في المغني: ولا يجوز بيع السرجين النجس. وبهذا قال مالك والشافعي، وقال أبو حنيفة: يجوز، لأن أهل الأمصار يتبايعونه لزروعهم من غير نكير، فكان إجماعاً، ولنا أنه مجمع على نجاسته، فلم يجز بيعه كالميتة، وما ذكروه فليس بإجماع، فإن الإجماع اتفاق أهل العلم ولم يوجد، ولأنه رجيع نجس فلم يجز بيعه كرجيع الآدمي. انتهى.
ولم نقف على تفريق لأهل العلم بين الخنزير وبين غيره من الحيوانات غير مأكولة اللحم، إلا أنه من المعلوم أن الخنزير أشد قذارة من سائر الحيوانات، وأنه آكد منها جميعاً في التحريم.
وعليه فلا نرى جواز شراء روثه للاستعمال كسماد أو لأي استعمال آخر
---------
السؤال
ما حكم بيع الأسمده؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلعل السائل يسأل عن الأسمدة التي تصنع من المواد النجسة، بناء على أنه لا يجوز بيع النجاسات، لأنها محرمة في ذاتها، وما حرم في ذاته حرم بيعه كالخمر والميتة ونحو ذلك، وينبغي هنا أن نفرق بين نوعين من الأسمدة:
الأول: السماد الذي ينتج عن معالجة النجاسات بحيث تتحول النجاسات إلى اسم آخر وحقيقة أخرى ووصف آخر، فهذه لا مانع من استخدامها على الراجح، لأنها تأخذ حكم الاسم والوصف الجديدين، وبناء على ذلك، يجوز بيعها وشراؤها.
الثاني: السماد الذي يشتمل على عين النجاسة دون أن تتحول النجاسة إلى حقيقة أو عين أخرى طاهرة، وهذا النوع يجوز استخدامه مع نجاسته، قال في الغرر البهية شرح البهجة الوردية: وحِلُّ استعمال النجس العيني ثابت لتسميد الأرض مع الكراهة، بأن يجعل فيها السماد للحاجة إليه. اهـ.
هذا هو الراجح، وهو مذهب الشافعية كما ذكرنا، قال النووي: والصواب القطع بجوازه مع الكراهة. اهـ.
ومذهب المالكية أنه لا يجوز الانتفاع بالنجس، لكن يجوز الانتفاع بالمتنجس، ولذا أجازوا جعل العذرة النجسة في الماء ثم يُسقى به الزرع، لأنه عند ذلك متنجس لا نجس، قال الشيخ عليش في "منح الجليل": وعذرة بماء لسقي زرع اهـ.
ومذهب الحنفية في هذا كمذهب الشافعية، قال في رد المحتار: ويجوز بيع السرقين والبعر والانتفاع به. اهـ.
والراجح -والله أعلم- هو جواز استعمال الأسمدة التي تحتاج الأرض إليها ولو كانت نجسة، لاحتياج الناس إليها، والقاعدة أن "المشقة تجلب التيسير" و"إذا ضاق الأمر اتسع".
هذا هو الحكم في استعمال الأسمدة النجسة، أما بيعها، فقد ذهب الحنفية إلى جواز بيعها، قال الشبلي في حاشيته على تبيين الحقائق: بيع السرقين جائز وهو نجس العين للانتفاع به.
وذهب الشافعية إلى عدم جواز بيعه كذلك قال ابن المقري اليمني في "روض الطالب": فلا يصح بيع نجس العين كالسرجين.
أما المالكية، فالمنقول في كتبهم ثلاثة أقوال، المعتمد منها جواز بيعه للضرورة، قال الدسوقي في حاشيته على "الشرح الكبير": وأما الزبل فذكر ابن عرفة فيه ثلاثة أقوال:
1- المنع، وهو قياس ابن القاسم له على العذرة في المنع عند مالك .
2- وقول لابن القاسم بجوازه.
3- وقول أشهب بجوازه عند الضرورة.
وتزداد الكراهة على ظاهر المدونة وفهم أبي الحسن، قال في "التحفة": ونجس صفقته محظورة، ورخصوا في الزبل للضرورة وهو يفيد أن العمل على جواز بيع الزبل دون العذرة للضرورة، ونقله في المعيار عن ابن لب وهو الذي به العمل. اهـ. وذهب الحنابلة إلى عدم جواز بيعه، قال المرداوي في "الإنصاف": ولا يجوز بيع السرجين النجس، هذا المذهب، وعليه جماهير الأصحاب. اهـ.
هذه هي المذاهب الأربعة في المسألة، علما بأن الحنفية لا يجيزون بيع عذرة الآدمي إلا إذا كانت مختلطة بتراب يغلب عليها، بخلاف بقية النجاسات كالزبل والسرجين، فيجوز بيعها خالصة دون خلط، قال الحصكفي في "الدر المختار": بطل بيع صبي لا يعقل ومجنون شيئا، وبول ورجيع آدمي لم يغلب عليه التراب، فلو كان مغلوبا به جاز، كسرقين وبعر. اهـ.
والأصل عند المالكية عدم جواز بيع عذرة الآدمي في المعتمد، والذي نراه راجحا -والله أعلم- هو مذهب القائلين بجواز بيع الأسمدة النجسة للحاجة إليها وعموم البلوى، ولو لم تستحل عينها إلى عين أخرى.
والله أعلم.
المصدر
-----------
بيع النجس
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشريعة الإسلامية قد أتت بكل ما فيه منفعة للإنسان ومصلحة له ولغيره من الكائنات الحية وغير الحية، وقد نظمت حياة الكون تنظيماً لا يمكن لبشر أن يقدر على الإتيان بمثله، وإن مما فصلته شريعة الإسلام ما يتعلق بالبيع والشراء من شروط وموانع، وحل وحرمة.
ومعلوم أن الأصل في الأشياء والمعاملات الإباحة والجواز، وهذا شيء كثير جداً، ولم تحرم الشريعة إلا ما فيه مضرة على الناس، وبين يدينا مسألة من المسائل المعروفة في الشرع الإسلامي الحنيف وهي بيع النجس، هل يجوز بيعه أم يمنع أم أن في ذلك تفصيلاً؟
كل ذلك سيأتي الكلام عليه في السطور القادمة من خلال ذكر كلام أهل الإسلام من العلماء والفقهاء في ذلك وما استدلوا به من أدلة.
من المعلوم أن من النجاسات الظاهرة المشهورة: الخنزير والميتة، والدم وما يخرج من الإنسان من بول أو غائط، وهناك مسائل مختلف فيها مثل: روث ما يؤكل لحمه، وما لا يؤكل، وعلى أية حال فالذي يهمنا في هذا الموضوع هو حكم بيع هذه النجاسات أو ما يشابهها.
يقول الأحناف: لا ينعقد بيع الخمر والخنزير، والميتة والدم؛ لأنها ليست بمال أصلاً، ويكره بيع العَذِرة، ولا بأس ببيع السرقين أو السرجين: وهو (الزبل)، وبيع البعر لأنه منتفع به، لأنه يلقى في الأرض لاستكثار الريع، فكان مالاً، والمال محل للبيع بخلاف العذرة لأنه لا ينتفع بها إلا مخلوطة، ويجوز بيع المخلوط كالزيت الذي خالطته النجاسة.
ويصح عندهم بيع كل ذي ناب من السباع كالكلب والفهد، والأسد والنمر، والذئب والهر ونحوهما؛ لأن الكلب ونحوه مال، بدليل أنه منتفع به حقيقة، مباح الانتفاع به شرعاً على الإطلاق كالحراسة والاصطياد، فكان مالاً، ويصح بيع الحشرات والهوام كالحيات والعقارب إذا كان ينتفع بها.
ويصح بيع المتنجس والانتفاع به في غير الأكل كالدبغ والدهان، والاستضاءة به في غير المسجد، ما عدا دهن الميتة فإنه لا يحل الانتفاع به.
والضابط عندهم: أن كل ما فيه منفعة تحل شرعاً فإن بيعه يجوز (1)، لأن الأعيان خلقت لمنفعة الإنسان، بدليل قوله - تعالى-: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً}(29) سورة البقرة.
وقال المالكية: لا ينعقد بيع الخمر والخنزير والميتة لحديث جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: (إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة، والخنزير والأصنام) فقيل: يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة، فإنه يطلى بها السفن، وتدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟ فقال: (لا، هو حرام)، ثم قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: (قاتل الله اليهود إن الله - تعالى- لما حرم عليهم شحومها جملوه - أي أذابوه - ثم باعوه فأكلوا ثمنه)1، وقال في الخمر: (إن الذي حرم شربها حرم بيعها).2
ولا ينعقد بيع الكلب مع كونه طاهراً سواء أكان كلب صيد أم حراسة لأنه نهي عن بيعه ففي الحديث: "نهى النبي - صلّى الله عليه وسلم - عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وحلوان الكاهن"3، وقال سحنون: أبيعه وأحج بثمنه.
ولا ينعقد بيع المتنجس الذي لا يمكن تطهيره كزيت وعسل وسمن وقعت فيه نجاسة، أما المتنجس الذي يمكن تطهيره كثوب فإنه يجوز بيعه.
ولا ينعقد أيضاً بيع ما نجاسته أصلية كزبل ما لا يؤكل لحمه، وكعذرة وعظم ميتة وجلدها، ويصح بيع روث البقر وبعر الغنم والإبل ونحوها للحاجة إليها لتسميد الأرض وغيره من ضروب الانتفاع.
وقال الشافعية والحنابلة: لا يجوز بيع الخنزير والميتة، والدم والخمر، وما أشبه ذلك من النجاسات، لقول الرسول - صلّى الله عليه وسلم -: (إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة، والخنزير والأصنام)4 ولأنه يجب اجتناب النجس وعدم الاقتراب، والبيع وسيلة إلى الاقتراب.
ولا يجوز بيع الكلب ولو كان معلَّماً للنهي الوارد فيه في الحديث السابق: "نهى النبي - صلّى الله عليه وسلم - عن ثمن الكلب..".
ولا يصح بيع ما لا منفعة فيه كالحشرات وسباع البهائم التي لا تصلح للاصطياد كالأسد والذئب، والطيور التي لا تؤكل ولا تصطاد كالرخمة والحدأة والغراب؛ لأن ما لا منفعة فيه لا قيمة له، فأخذ العوض عنه من أكل المال بالباطل، وبذل العوض فيه من السفه.
ولا يجوز بيع المتنجس الذي لا يمكن تطهيره من النجاسة كالخل والدبس، ولكن يصح بيع المتنجس الذي يمكن تطهيره كالثوب ونحوه.
ولا يجوز بيع السرجين ونحوه من النجاسات، إلا أن الحنابلة أجازوا بيع السرجين الطاهر كروث الحمام، وكل ما يؤكل لحمه.
والخلاصة: أن فقهاء الحنفية والظاهرية يجيزون بيع النجاسات للانتفاع بها إلا ما ورد النهي عن بيعه منها؛ لأن جواز البيع يتبع الانتفاع، فكل ما كان منتفعاً به جاز بيعه عندهم، وأما فقهاء المالكية والشافعية والمشهور عند الحنابلة: فلا يجيزون بيع النجاسات؛ لأن جواز البيع يتبع الطهارة، فكل ما كان طاهراً - أي مالاً يباح الانتفاع به شرعاً - يجوز بيعه عندهم.5
قال ابن القيم:
"وأما تحريم بيع الميتة فيدخل فيه كل ما يسمى ميتة سواء مات حتف أنفه أو ذكي ذكاة لا تفيد حله، ويدخل في أبعاضها أيضاً؛ ولهذا استشكل الصحابة - رضي الله عنهم - تحريم بيع الشحم مع ما لهم فيه من المنفعة فأخبرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه حرام، وإن كان فيه ما ذكروا من المنفعة، وهذا موضع اختلف الناس فيه لاختلافهم في فهم مراده - صلى الله عليه وسلم - وهو أن قوله: (لا، هو حرام) هل هو عائد إلى البيع أو عائد إلى الأفعال التي سألوا عنها؟ فقال شيخنا: هو راجع إلى البيع فإنه - صلى الله عليه وسلم - لما أخبرهم أن الله حرم بيع الميتة قالوا: إن في شحومها من المنافع كذا وكذا يعنون فهل ذلك مسوغ لبيعها؟ فقال: (لا، هو حرام).
قلت: كأنهم طلبوا تخصيص الشحوم من جملة الميتة بالجواز كما طلب العباس - رضي الله عنه - تخصيص الإذخر من جملة تحريم نبات الحرم بالجواز، فلم يجبهم إلى ذلك فقال: (لا، هو حرام).
وقال غيره من أصحاب أحمد وغيرهم: التحريم عائد إلى الأفعال المسؤول عنها وقال: (هو حرام) ولم يقل: هي؛ لأنه أراد المذكور جميعه، ويرجح قولهم عود الضمير إلى أقرب مذكور، ويرجحه من جهة المعنى أن إباحة هذه الأشياء ذريعة إلى اقتناء الشحوم وبيعها، ويرجحه أيضاً: أن في بعض ألفاظ الحديث فقال: (لا، هي حرام) وهذا الضمير إما أن يرجع إلى الشحوم، وإما إلى هذه الأفعال، وعلى التقديرين فهو حجة على تحريم الأفعال التي سألوا عنها.
ويرجحه أيضاً قوله في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في الفأرة التي وقعت في السمن: (إن كان جامداً فألقوها وما حولها، وكلوه، وإن كان مائعاً فلا تقربوه)6 وفي الانتفاع به في الاستصباح وغيره قربان له، ومن رجح الأول يقول: ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (إنما حرم من الميتة أكلها)7، وهذا صريح في أنه لا يحرم الانتفاع بها في غير الأكل كالوقيد وسد البثوق ونحوهما، قالوا: والخبيث إنما تحرم ملابسته باطناً وظاهراً كالأكل واللبس، وأما الانتفاع به من غير ملابسة فلأي شيء يحرم.. إلى أن قال ابن القيم:
"وقال (أي أحمد) في رواية ابنيه: صالح وعبد الله: لا يعجبني بيع النجس، ويستصبح به إذا لم يمسوه لأنه نجس. وهذا يعم النجس والمتنجس، ولو قدر أنه إنما أراد به المتنجس فهو صريح في القول بجواز الاستصباح بما خالطه نجاسة ميتة أو غيرها وهذا مذهب الشافعي، وأي فرق بين الاستصباح بشحم الميتة إذا كان منفرداً وبين الاستصباح به إذا خالطه دهن طاهر فنجسه؟
ثم قال: "فصل: ويدخل في تحريم بيع الميتة بيع أجزائها التي تحلها الحياة وتفارقها بالموت كاللحم والشحم والعصب، وأما الشعر والوبر والصوف فلا يدخل في ذلك لأنه ليس بميتة، ولا تحله الحياة، وكذلك قال جمهور أهل العلم: إن شعور الميتة وأصوافها وأوبارها طاهرة إذا كانت من حيوان طاهر هذا مذهب مالك وأبي حنيفة، وأحمد بن حنبل والليث، والأوزاعي والثوري، وداود وابن المنذر، والمزني ومن التابعين: الحسن وابن سيرين، وأصحاب عبد الله بن مسعود، وانفرد الشافعي بالقول بنجاستها، واحتج له بأن اسم الميتة يتناولها كما يتناول سائر أجزائها.."8
وقال ابن القيم أيضاً: "وأما مذهب الإمام أحمد: فإنه لا يصح عنده بيع جلد الميتة قبل دبغه، وعنه في جوازه بعد الدبغ روايتان هكذا أطلقهما الأصحاب، وهما عندي مبنيتان على اختلاف الرواية عنه في طهارته بعد الدباغ.
وأما بيع الدهن النجس ففيه ثلاثة أوجه في مذهبه:
أحدها: أنه لا يجوز بيعه.
والثاني: أنه يجوز بيعه لكافر يعلم نجاسته وهو المنصوص عنه، قلت: والمراد بعلم النجاسة: العلم بالسبب المنجس لا اعتقاد الكافر نجاسته.
والثالث: يجوز بيعه لكافر ومسلم، وخرج هذا الوجه من جواز إيقاده، وخرج أيضاً من طهارته بالغسل، فيكون كالثوب النجس، وخرج بعض أصحابه وجهاً ببيع السرقين النجس للوقيد من بيع الزيت النجس له، وهو تخريج صحيح.
وأما أصحاب أبي حنيفة فجوزوا بيع السرقين النجس إذا كان تبعاً لغيره، ومنعوه إذا كان مفرداً.
وقال عن عظام الميتة: "وأما من رأى نجاستها فإنه لا يجوز بيعها إذ نجاستها عينية، قال ابن القاسم: قال مالك: لا أرى أن تشترى عظام الميتة، ولا تباع، ولا أنياب الفيل، ولا يتجر فيها، ولا يمتشط بأمشاطها، ولا يدهن بمداهنها، وكيف يجعل الدهن في الميتة ويمشط لحيته بعظام الميتة وهي مبلولة! وكره أن يطبخ بعظام الميتة، وأجاز مطرف وابن الماجشون بيع أنياب الفيل مطلقاً، وأجازه ابن وهب وأصبغ إن غليت وسلقت، وجعلا ذلك دباغاً لها.
ثم قال: "فصل: وأما تحريم بيع الخنزير فيتناول جملته، وجميع أجزائه الظاهرة والباطنة، وتأمل كيف ذكر لحمه عند تحريم الأكل إشارة إلى تحريم أكله، ومعظمه اللحم، فذكر اللحم تنبيهاً على تحريم أكله دون ما قبله، بخلاف الصيد فإنه لم يقل فيه: وحرم عليكم لحم الصيد، بل حرم نفس الصيد ليتناول ذلك أكله وقتله، وههنا لما حرم البيع ذكر جملته، ولم يخص التحريم بلحمه ليتناول بيعه حياً وميتاً".9
هذا ما يتعلق ببيع النجس من أحكام وتفاصيل مذكورة عن الأئمة من أهل الفقه والدين، والله الموفق للصواب، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
المراجع
1 رواه البخاري ومسلم.
2 رواه مسلم ومالك في الموطأ والنسائي.
3 رواه البخاري ومسلم.
4 سبق تخريجه.
5 الفقه الإسلامي وأدلته - (ج 5 / ص 117-119).
6 رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن حبان، وقال الأرناؤوط في تحقيق صحيح ابن حبان: إسناده صحيح. وقال الألباني: شاذ.
7 رواه الدارقطني في سننه. وذكره بعضهم موقوفاً على ابن عباس.
8 زاد المعاد (5/ 664-668).
9 زاد المعاد (5/ 673-675).
المصدر
--------------
يع الحشرات والديدان
عدد المشاهدات (82)
الحشرات لا يصح بيعها؛ لأنه لا نفع فيها إلا علقا لمص الدم وديدانًا لصيد السمك وما يصاد عليه كبومة شباشا.
الحشرات لا منفعة فيها فلا يجوز بيعها والغالب أنها محرمة الأكل يمكن استثني منها الضب فإنه على هيئة وعلى خلقة بعض الحشرات، ولو كان صغير فهو حلال.
فأما بقية الحشرات فإنها محرمة الأكل وكذلك محرمة البيع، فمثلا الصراصر من الحشرات نجسة أو محرمة، والخنافس من الحشرات نجسة ومحرمة، والذر، والنمل بجميع أنواعه محرم. وكذلك مثلا السم أبرص والوزغ الذي يكون في السقوف هذه أيضا محرمة، ولا يجوز بيعها، ولا أكل ثمنها، وكذلك الطيور التي مثل الذباب والفراش والزنابير بأنواعها فهذه حشرات، وأكلها محرم فبيعها محرم.
يستثنى من ذلك ما فيه منفعة كالنحل، النحل أكله حرام ولكن فيه منفعة وهو ما يخرج من بطونها من هذا العسل، فلذلك جاز بيعها وجاز شراؤها وجاز تبادل ذلك منها بلا نكير فيجوز بيعها تستثنى.
وكذلك استثنوا علقا لمص دم. العلق: هو حشرة تكون في الماء دقيقة طولها قدر الأنملة ثم يشربها بعض الناس، وتلتصق بحنجرته أو بحلقه، ثم تمتص من دمه وتمتص. ولا شك أنها ضارة به إذا علقت بحلقه ولكن قد يكون فيها بعض المنفعة من تخفيف الدم الذي يكون في العروق ونحوها. وما أظنها تباع لأجل هذا ويمكن أيضا أنها تمتص دم القروح وما أشبهها. هذا نفس العلق علق لمص دم.
والديدان الدود هذا قد ينتفع به في جعله للطيور التي تهوي إليه فتصاد. يعني هناك من الطيور كالحمام مثلا بأنواعه والعصافير بأنواعه تتغذى على هذه الدود، الدود الصغيرة الذي لونها لون إلى الصفرة أو نحوها، ثم يجعلها الصبي في الفخ الذي يصاد به فإذا رآها الطير من بعيد أهوى على ذلك الفخ فنقر ذلك الدود، فأمسكه الفخ وصاده. يقول: ما دام أن هذه الديدان ينتفع فإن ذلك جائز يخول بيعها للانتفاع بها لهذا.
وكذلك البومة. البومة طائر معروف، إن هذا البوم يكون غالبا في البيوت الخربة، يألف البيوت الخربة التي ليس فيها ساكن، ثم هو من المحرمات أكله؛ لكونه من ذوات المخالب. يدخل في المحرمات؛ ولكونه يأكل الجيف أو النجاسات ونحوها، ولكن قد يحتاج إليها تجعل شباشا، يجعلونها على رأس عود أو خشبة وتكون منفرة للطيور التي من جنسها، فلذلك إذا احتيج إلى جعلها شباشا جاز بيعها، يعني على رأس هذا العود كالمنفرة أو الجالبة أو ما أشبه ذلك.
المصدر