Hukum Membangun Masjid dari Uang Haram Judi Korupsi Riba
Hukum Membangun Masjid dari Uang Haram Judi Korupsi Riba apakah halal (boleh) atau haram? Ada dua pendapat ulama dalam soal ini. Pertama, haram. Kedua, boleh dengan syarat apabila tidak diketahui peilik harta haram tersebut. Berikut rinciannya:
Hukum Membangun Masjid dari Uang Haram Judi Korupsi Riba apakah halal (boleh) atau haram? Ada dua pendapat ulama dalam soal ini. Pertama, haram. Kedua, boleh dengan syarat apabila tidak diketahui peilik harta haram tersebut. Berikut rinciannya:
حكم بناء المساجد من الأموال الربوية خارج ديار الإسلام
فضل الله ممتاز
من المعروف أن بناء المساجد من أجل الأعمال وأفضل القربات إلى الله عز وجل فقد أثنى الله سبحانه على من يعمر مساجده فقال:{ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ}. التوبة:18.
كما أن من عمارة المساجد إقامتها، وترميمها وتعاهدها وصيانتها، ويدخل هذا الفعل أيضا في الصدقة الجارية، ولو كانت المشاركة بمبلغ قليل، ويدل على ذلك ما ورد في الحديث. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ، وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ، وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ، أَوْ بَيْتًا لِابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ، أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ يَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ". رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.
ومن فضل الإنفاق على المساجد وتعميرها والمساهمة في استمرارها وبنائها ماورد عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ أَوْ أَصْغَرَ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ". رواه ابن ماجة وصححه الألباني.
فعرفنا أن بناء المساجد والعناية بها من أفضل الأعمال وعلى وجه الخصوص في المجتمعات غير الإسلامية لأن المساجد تكون مقرات ومواضيع الانطلاق للدعوة الإسلامية ومراكز للفتوى ونشر العلم الشرعي .. ولهذا يحرص المسلمون على الحصول على هذا الأجر العظيم ويسألون عن أحكام بنائها.. وهل يجوز الاستعانة بالأموال الربوية والاقتراض من البنوك الأوربية لغرض بناء هذه المساجد؟ هكذا تلقينا سؤالا من أخ أفغاني مقيم في ألمانيا علما بأنه ذكر أن أحد العلماء في أفغانستان وهو العالم الأزهري الدكتور محمد أياز نيازي أستاذ الشريعة بجامعة كابول قد أفتاهم بجواز الاقتراض من البنوك الربوية لغرض بناء المساجد لكونهم يعيشون خارج ديار الإسلام وأن الضرورة تقتضي ذلك ومن المعروف أن الضرورات تبيح المحظورات كما ذكر الأخ السائل... ونحن في الملتقى الفقهي بشبكة رسالة الإسلام نختلف مع وجهة نظر فضيلته – مع تقديرنا لما يقوم به من أعمال جليلة وما يصدر من فتاى على الفضائيات الأفغانية - ونقول : لا يجوز إنفاق الأموال الربوية في مجال تعمير المساجد أو شراء المصاحف والنذور والكفاءات والهدى الأضحيات وما في حكم ذلك من مجالات العبادة الخالصة لأن الله عزوجل طيب لا يقبل إلا طيبا. ولكن على التفصيل الآتي:
قد اختلف الفقهاء في حكم بناء المساجد من الأموال المحرمة على قولين:
الرأي الأول: عدم جواز بناء المساجد من المال الحرام ؛ لأن المساجد لها خصوصية فلا يصح أن تقام أو تُبنى بالمال الحرام ؛ لأن المال الحرام مال خبيث فلا يجوز أن يدخل في بناء مساجد الله وبيوته. وهذا مذهب الحنفية في قولٍ لهم، وقول ابن القاسم من المالكية(1).
وعللوا قولهم بأن الربا مال خبيث، لا يصلح أن يدخل في بناء بيوت الله ؛ صيانة لهذه البيوت عن كل خبث، وعن كل مالٍ حرام(2) .
وقال أصحاب القول الثاني بجواز بناء المساجد من الأموال الربوية والكسب المحرم إذا لم يُعلم مالكها، أما إذا كان مالكها معلوماً فيجب ردها إلى أصحابها ولا يجوز تفويتها عليه بدفعها إلى مشاريع أخرى. وقال به بعض الحنفية وبعض الشافعية وابن رشد القرطبي من علماء المالكية(3) .
قال ابن عابدين: " الدفع إلى الفقير غير قيدٍ، بل مثله فيما يظهر لو بنى من الحرام بعينه مسجداً ونحوه مما يرجو به التقرب ؛ لأن العلة رجاء الثواب في ما فيه العقاب، ولا يكون ذلك إلا باعتقاد حله "(4).
وقالوا بأن المال الحرام الذي يُدفع إلى الفقير لا يكون في حقه حراماً، بل هو له حلال طيب يتصرّف فيه كما لو كان من حرّ ماله، فإذا دُفِع المال الحرام لبناء مسجدٍ كان حلالاً طيباً، ولم يكن حراماً(5).
الترجيح:
هو القول الأول القائل بعدم جواز أن تُبنى المساجد من أموال خبيثة -والربا من أكبر الخبائث وأشدها -؛ وهذا ما رجحه الباحث فيصل بن سلطان المري في بحثه تطهير الأسهم في سياق حديثه عن حكم بناء المساجد بالأموال المحرمة وذكر أدلة الترجيح على النحو التالي:
أولاً: إذا جُعل المال الحرام في بناء المساجد كان هذا من باب الإكرام والإحسان لهذه الأموال المحرّمة، والمحرّمات لا تكون سبباً للإكرام والإحسان.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " فالواجب أن تصان بيوت الله عن هذا المال الخبيث حتى لا يكون موضعاً للإكرام "(6).
ثانياً: قال الله تعالى:"إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ"[التوبة:١٨].
فالمساجد بيوت الله، أضافها إلى نفسه إضافة تشريفٍ، فإذا كان الأمر كذلك فلا يصح أن يكون غير الطيب في بيتٍ من بيوت الله.
وقد كانت العرب في جاهليتها تحرص على ألا يدخل في بناء الكعبة درهم حرام، فحين أجمعوا على هدمها قال بعضهم: (لا تدخلوا في بنائها من كسبكم إلا طيباً لم تقطعوا فيه رحماً، ولم تظلموا فيه أحداً )(7).
وفي رواية: (لا تدخلوا في عمارة بيت ربكم إلا من طيب أموالكم، ولا تدخلوا فيه مالاً من ربا، ولا مالاً من ميسر، ولا مهر بغي، وجنِّبوه الخبيث من أموالكم ؛ فإن الله طيب لا يقبل إلا طيباً) (8).
فإذا كان هذا حرص أهل الجاهلية في بيوت الله، فأهل الإسلام أحق بهذا التنزيه والتقدير لبيوت الله من أولئك القوم الذين نزّهوا البيت من المال الحرام، ولكن دنّسوه بالشرك، فإن حقيقة تنزيه بيوت الله هو بناؤها بمال حلال الأصل، و توحيد العبادة فيها لرب العالمين.
ثالثاً: ليس كل ما جاز صرفه للفقراء والمساكين جاز صرفه للمساجد ؛ وذاك أن الشارع أذن للفقير أن يأخذ هذا المال المحرم وينتفع به، ويصير في حقه حلالاً كي لا يبقى المال بغير مالك، ولا تستمر معه صفة الحرمة، بخلاف بيوت الله فهي في غنى عن هذا المال الخبيث.
وهذا رأي اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية(9)والمستشار الشرعي لبيت التمويل الكويتي(10).
ويدخل في ذلك عدم إقامة دورٍ للقرآن، أو طباعة المصاحف من هذه الأموال ؛ لوجود نفس العلة فيما سبق.
وعند بعض الباحثين يجوز صرف أموال التطهير في استئجار الأماكن التي يُصلّى فيها للعيد والجمعة خارج ديار الإسلام حيث لا مساجد للمسلمين فيها ؛ لأنها ليست مساجد.
ويجوز توجيهها إلى مجال الدعوة إلى الله من إعلانات ودعايات للمحاضرات والندوات للدعة إلى الإسلام في بلاد الكفر ؛ لأنها وسائل دعوية وليست عبادة محضة (11). وذكروا مجالات أخرى يجوز فيها صرف الأموال المرحمة والكسب الحرام وهي(12)
1. أعمال الإغاثة الإسلامية العامة في جميع أنحاء العالم.
2. المساعدات العلمية والفنية للدول الإسلامية الفقيرة.
3. دعم المؤسسات التعليمية والاجتماعية الإسلامية.
4. مساعدة المهجرين والمشردين من فقراء المسلمين.
5. الدفاع عن الأسرى والمعتقلين المسلمين ورفع الظلم عنهم وتحريرهم.
6. رعاية وكفالة اليتامى الفقراء ومن في حكمهم.
7. تشييد المرافق ذات المصلحة العامة للناس.
8. دعم المراكز والمؤسسات الطبية الخيرية ذات الاهتمام بالفقراء.
وأنا أقترح على هؤلاء الإخوة المقيمين في أروبا بأن ينتظروا إلى حين إكمال المبلغ المطلوب لبناء مسجدهم ويخاطبوا رجال الأعمال والمحسنين في الدول الإسلامية ويدعوهم للمساهمة في هذا المشروع الخيري، كما أود أن أشير إلى وجود العديد من المؤسسات والمنظمات الخيرية العاملة في مجال بناء المساجد وغيرها ويمكن عرض الأمر عليها أيضا والتفاهم معها لتكون راعية لتلك المشاريع بحكم اختصاصها وثقة جماهير المحسنين بها.
الهوامش:
(1) ينظر : ( حاشية رد المحتار (2/593)، البيان والتحصيل (18/565 ) .
(2) أحكام المال الحرام (309) .
(3) حاشية رد المحتار (2/292)، المجموع (9/428)، البيان والتحصيل (18/565 ).
(4) حاشية رد المحتار (2/292) .
(5) تطهير الأرزاق في ضوء الشريعة الإسلامية للدكتور / حسين شحاتة (66-67) ، أحكام المال الحرام (309) ) .
(6) مجموع الفتاوى (32/88) .
(7) رواه محمد بن سعد في الطبقات الكبرى (1/145) ط/ دار صادر – بيروت .
(8) أخبار مكة للأزرقي (1/162) .
(9) فتاوى اللجنة الدائمة (13/354) رقم ( 42) .
(10) فتاوى المستشار الشرعي لبيت المال الكويتي الفتوى رقم (42) .
(11) تطهير الأسهم للباحث فيصل بن سلطان المري.
(12) طريقة تطهير المال من الكسب الحرام بحث منشور في الملتقى الفقهي بشبكة رسالة الإسلام للباحث فضل الله ممتاز
المسدر
حكم بناء المساجد من الأموال الربوية خارج ديار الإسلام
فضل الله ممتاز
من المعروف أن بناء المساجد من أجل الأعمال وأفضل القربات إلى الله عز وجل فقد أثنى الله سبحانه على من يعمر مساجده فقال:{ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ}. التوبة:18.
كما أن من عمارة المساجد إقامتها، وترميمها وتعاهدها وصيانتها، ويدخل هذا الفعل أيضا في الصدقة الجارية، ولو كانت المشاركة بمبلغ قليل، ويدل على ذلك ما ورد في الحديث. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ، وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ، وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ، أَوْ بَيْتًا لِابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ، أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ يَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ". رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.
ومن فضل الإنفاق على المساجد وتعميرها والمساهمة في استمرارها وبنائها ماورد عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ أَوْ أَصْغَرَ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ". رواه ابن ماجة وصححه الألباني.
فعرفنا أن بناء المساجد والعناية بها من أفضل الأعمال وعلى وجه الخصوص في المجتمعات غير الإسلامية لأن المساجد تكون مقرات ومواضيع الانطلاق للدعوة الإسلامية ومراكز للفتوى ونشر العلم الشرعي .. ولهذا يحرص المسلمون على الحصول على هذا الأجر العظيم ويسألون عن أحكام بنائها.. وهل يجوز الاستعانة بالأموال الربوية والاقتراض من البنوك الأوربية لغرض بناء هذه المساجد؟ هكذا تلقينا سؤالا من أخ أفغاني مقيم في ألمانيا علما بأنه ذكر أن أحد العلماء في أفغانستان وهو العالم الأزهري الدكتور محمد أياز نيازي أستاذ الشريعة بجامعة كابول قد أفتاهم بجواز الاقتراض من البنوك الربوية لغرض بناء المساجد لكونهم يعيشون خارج ديار الإسلام وأن الضرورة تقتضي ذلك ومن المعروف أن الضرورات تبيح المحظورات كما ذكر الأخ السائل... ونحن في الملتقى الفقهي بشبكة رسالة الإسلام نختلف مع وجهة نظر فضيلته – مع تقديرنا لما يقوم به من أعمال جليلة وما يصدر من فتاى على الفضائيات الأفغانية - ونقول : لا يجوز إنفاق الأموال الربوية في مجال تعمير المساجد أو شراء المصاحف والنذور والكفاءات والهدى الأضحيات وما في حكم ذلك من مجالات العبادة الخالصة لأن الله عزوجل طيب لا يقبل إلا طيبا. ولكن على التفصيل الآتي:
قد اختلف الفقهاء في حكم بناء المساجد من الأموال المحرمة على قولين:
الرأي الأول: عدم جواز بناء المساجد من المال الحرام ؛ لأن المساجد لها خصوصية فلا يصح أن تقام أو تُبنى بالمال الحرام ؛ لأن المال الحرام مال خبيث فلا يجوز أن يدخل في بناء مساجد الله وبيوته. وهذا مذهب الحنفية في قولٍ لهم، وقول ابن القاسم من المالكية(1).
وعللوا قولهم بأن الربا مال خبيث، لا يصلح أن يدخل في بناء بيوت الله ؛ صيانة لهذه البيوت عن كل خبث، وعن كل مالٍ حرام(2) .
وقال أصحاب القول الثاني بجواز بناء المساجد من الأموال الربوية والكسب المحرم إذا لم يُعلم مالكها، أما إذا كان مالكها معلوماً فيجب ردها إلى أصحابها ولا يجوز تفويتها عليه بدفعها إلى مشاريع أخرى. وقال به بعض الحنفية وبعض الشافعية وابن رشد القرطبي من علماء المالكية(3) .
قال ابن عابدين: " الدفع إلى الفقير غير قيدٍ، بل مثله فيما يظهر لو بنى من الحرام بعينه مسجداً ونحوه مما يرجو به التقرب ؛ لأن العلة رجاء الثواب في ما فيه العقاب، ولا يكون ذلك إلا باعتقاد حله "(4).
وقالوا بأن المال الحرام الذي يُدفع إلى الفقير لا يكون في حقه حراماً، بل هو له حلال طيب يتصرّف فيه كما لو كان من حرّ ماله، فإذا دُفِع المال الحرام لبناء مسجدٍ كان حلالاً طيباً، ولم يكن حراماً(5).
الترجيح:
هو القول الأول القائل بعدم جواز أن تُبنى المساجد من أموال خبيثة -والربا من أكبر الخبائث وأشدها -؛ وهذا ما رجحه الباحث فيصل بن سلطان المري في بحثه تطهير الأسهم في سياق حديثه عن حكم بناء المساجد بالأموال المحرمة وذكر أدلة الترجيح على النحو التالي:
أولاً: إذا جُعل المال الحرام في بناء المساجد كان هذا من باب الإكرام والإحسان لهذه الأموال المحرّمة، والمحرّمات لا تكون سبباً للإكرام والإحسان.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " فالواجب أن تصان بيوت الله عن هذا المال الخبيث حتى لا يكون موضعاً للإكرام "(6).
ثانياً: قال الله تعالى:"إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ"[التوبة:١٨].
فالمساجد بيوت الله، أضافها إلى نفسه إضافة تشريفٍ، فإذا كان الأمر كذلك فلا يصح أن يكون غير الطيب في بيتٍ من بيوت الله.
وقد كانت العرب في جاهليتها تحرص على ألا يدخل في بناء الكعبة درهم حرام، فحين أجمعوا على هدمها قال بعضهم: (لا تدخلوا في بنائها من كسبكم إلا طيباً لم تقطعوا فيه رحماً، ولم تظلموا فيه أحداً )(7).
وفي رواية: (لا تدخلوا في عمارة بيت ربكم إلا من طيب أموالكم، ولا تدخلوا فيه مالاً من ربا، ولا مالاً من ميسر، ولا مهر بغي، وجنِّبوه الخبيث من أموالكم ؛ فإن الله طيب لا يقبل إلا طيباً) (8).
فإذا كان هذا حرص أهل الجاهلية في بيوت الله، فأهل الإسلام أحق بهذا التنزيه والتقدير لبيوت الله من أولئك القوم الذين نزّهوا البيت من المال الحرام، ولكن دنّسوه بالشرك، فإن حقيقة تنزيه بيوت الله هو بناؤها بمال حلال الأصل، و توحيد العبادة فيها لرب العالمين.
ثالثاً: ليس كل ما جاز صرفه للفقراء والمساكين جاز صرفه للمساجد ؛ وذاك أن الشارع أذن للفقير أن يأخذ هذا المال المحرم وينتفع به، ويصير في حقه حلالاً كي لا يبقى المال بغير مالك، ولا تستمر معه صفة الحرمة، بخلاف بيوت الله فهي في غنى عن هذا المال الخبيث.
وهذا رأي اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية(9)والمستشار الشرعي لبيت التمويل الكويتي(10).
ويدخل في ذلك عدم إقامة دورٍ للقرآن، أو طباعة المصاحف من هذه الأموال ؛ لوجود نفس العلة فيما سبق.
وعند بعض الباحثين يجوز صرف أموال التطهير في استئجار الأماكن التي يُصلّى فيها للعيد والجمعة خارج ديار الإسلام حيث لا مساجد للمسلمين فيها ؛ لأنها ليست مساجد.
ويجوز توجيهها إلى مجال الدعوة إلى الله من إعلانات ودعايات للمحاضرات والندوات للدعة إلى الإسلام في بلاد الكفر ؛ لأنها وسائل دعوية وليست عبادة محضة (11). وذكروا مجالات أخرى يجوز فيها صرف الأموال المرحمة والكسب الحرام وهي(12)
1. أعمال الإغاثة الإسلامية العامة في جميع أنحاء العالم.
2. المساعدات العلمية والفنية للدول الإسلامية الفقيرة.
3. دعم المؤسسات التعليمية والاجتماعية الإسلامية.
4. مساعدة المهجرين والمشردين من فقراء المسلمين.
5. الدفاع عن الأسرى والمعتقلين المسلمين ورفع الظلم عنهم وتحريرهم.
6. رعاية وكفالة اليتامى الفقراء ومن في حكمهم.
7. تشييد المرافق ذات المصلحة العامة للناس.
8. دعم المراكز والمؤسسات الطبية الخيرية ذات الاهتمام بالفقراء.
وأنا أقترح على هؤلاء الإخوة المقيمين في أروبا بأن ينتظروا إلى حين إكمال المبلغ المطلوب لبناء مسجدهم ويخاطبوا رجال الأعمال والمحسنين في الدول الإسلامية ويدعوهم للمساهمة في هذا المشروع الخيري، كما أود أن أشير إلى وجود العديد من المؤسسات والمنظمات الخيرية العاملة في مجال بناء المساجد وغيرها ويمكن عرض الأمر عليها أيضا والتفاهم معها لتكون راعية لتلك المشاريع بحكم اختصاصها وثقة جماهير المحسنين بها.
الهوامش:
(1) ينظر : ( حاشية رد المحتار (2/593)، البيان والتحصيل (18/565 ) .
(2) أحكام المال الحرام (309) .
(3) حاشية رد المحتار (2/292)، المجموع (9/428)، البيان والتحصيل (18/565 ).
(4) حاشية رد المحتار (2/292) .
(5) تطهير الأرزاق في ضوء الشريعة الإسلامية للدكتور / حسين شحاتة (66-67) ، أحكام المال الحرام (309) ) .
(6) مجموع الفتاوى (32/88) .
(7) رواه محمد بن سعد في الطبقات الكبرى (1/145) ط/ دار صادر – بيروت .
(8) أخبار مكة للأزرقي (1/162) .
(9) فتاوى اللجنة الدائمة (13/354) رقم ( 42) .
(10) فتاوى المستشار الشرعي لبيت المال الكويتي الفتوى رقم (42) .
(11) تطهير الأسهم للباحث فيصل بن سلطان المري.
(12) طريقة تطهير المال من الكسب الحرام بحث منشور في الملتقى الفقهي بشبكة رسالة الإسلام للباحث فضل الله ممتاز
المسدر