Wajah Perempuan Aurat atau Bukan
Wajah Perempuan Aurat atau Bukan? Kalau aurat berarti wajib ditutup sebagaimana anggota tubuh yang lain. Apabila bukan aurat, maka tidak perlu ditutup. Berikut pendapat mazhab Syafi'i dan tiga mazhab yang lain.
Wajah Perempuan Aurat atau Bukan? Kalau aurat berarti wajib ditutup sebagaimana anggota tubuh yang lain. Apabila bukan aurat, maka tidak perlu ditutup. Berikut pendapat mazhab Syafi'i dan tiga mazhab yang lain.
Menurut mazhab Syafi'i, wajah dan telapak tangan perempuan bukan aurat.
MAZHAB SYAFI'I
قال الإمام الشافعي في كتابه "الأم" (1|89): « وكل المرأة عورة، إلا كفيها ووجهها. وظهر قدميها عورة». وذكر البيهقي في "السنن الكبرى" (7|85) وفي "الآداب": عن الشافعي في تفسير قول الله {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منه}، قال: «إِلا وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا». وهو في مختصر المزني (264هـ) أيضاً. وقال البغوي الشافعي (516هـ) في "شرح السنة" (9|23): «فإن كانت أجنبية حرة، فجميع بدنها عورة في حق الرجل. لا يجوز له أن ينظر إلى شيء منها، إلا الوجه واليدين إلى الكوعين. وعليه غض البصر عن النظر إلى وجهها ويديها أيضاً عند خوف الفتنة»، أي لا يجب عليها تغطية وجهها عند الفتنة. وقال الواحدي (ت:468هـ) في تفسيره "الوجيز": فلا يجوز للمرأة أن تظهر إلا وجهها ويديها إلى نصف الذراع. وقد ذكر النووي في المجموع (3|167) رواية عن المزني (صاحب الشافعي) أن القدمان ليستا بعورة.
قال الإمام البغوي في (شرح السنة 9|23)
"فإن كانت أجنبیة حرة فجمع بدنها عورة في حق الرجل لا يجوز له أن ينظر إلى شيء منها إلا الوجه والیدين إلى الكوعین وعلیه غض البصر عن النظر إلى وجهها ويديها أيضاً عند خوف الفتنة".
السنن الكبرى البيهقي 458 - (7/86)
قال البيهقي: قال اللهُ تَبارَكَ وتَعالَى: {ولاَ يُبدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ ما ظَهَرَ مِنها}.
قال الشّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: إِلاَّ وجهَها وكَفَّيها.
تفسير الطبري 310 (دار هجر) - (17/261)
قال الطبري: وأولَى الأَقوالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوابِ: قَولُ مَن قال: عنيَ بِذَلِكَ الوجهُ والكَفّانِ، يَدخُلُ فِي ذَلِكَ إِذا كانَ كَذَلِكَ الكُحلُ، والخاتَمُ، والسِّوارُ، والخِضابُ والثياب.
قال النووي " في المجموع ": هذا التفسير المذكور عن ابن عباس قد رواه البيهقي عنه وعن عائشة رضي الله عنهم ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- " نهى المحرمة عن لبس القفازين والنقاب الحديث في صحيح البخاري، عن ابن عمر رضي الله عنهما : " لا تنتقب المحرمة، ولا تلبس القفازين ولو كان الوجه والكف عورة لما حرم سترهما
ولأن الحاجة تدعو إلى إبراز الوجه للبيع والشراء، وإلى إبراز الكف للأخذ والعطاء
فلم يجعل ذلك عورة
وأضاف النووي في شرحـه للمهذب " المجموع" إن مـن الشافعية مـن حكى قولاً أو وجها أن باطن قدميها ليس بعورة، وقال المزني: القدمان ليستا بعورة، والمذهب الأول
( المجموع 3/167، 168 )
و نقل هذا القول عن الشافعية أيضا ابن قدامة (الحنبلي) و رجحه قال:
وقال مالك, والأوزاعي والشافعي: جميع المرأة عورة إلا وجهها وكفيها وما سوى ذلك يجب ستره في الصلاة لأن ابن عباس قال في قوله تعالى: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} قال: الوجه والكفين ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم- (نهى المحرمة عن لبس القفازين والنقاب) ولو كان الوجه والكفان عورة لما حرم سترهما
ولأن الحاجة تدعو إلى كشف الوجه للبيع والشراء والكفين للأخذ والإعطاء
(المغني 1/637)
-------------
فالشافعية والحنابلة لهم اصطلاح خاص في مسألة العورة
فهم يقسمون العورة إلى قسمين يمكن أن نطلق عليهما ... عورة الستر، وعورة النظر
ما معنى عورة الستر ؟
هي العورة التي يجب سترها ( أي يجب على المرء سترها ) عن أعين الناظرين
ما معنى عورة النظر ؟
هو ما يحرم النظر إليه من جسم المنظور ( وفي حالتنا هنا من جسم المرأة ).
هل هناك تلازم بين العورتين ؟
لا. لا يوجد تلازم بينهما بمعنى أن عورة الستر لا تساوي عورة النظر ...
فالمرأة في باب الستر، يلزمها ستر جميع جسمها إلا وجهها وكفيها. وفي باب النظر إلى المرأة يحرم على الرجل النظر إلى جميع بدنها بما فيه الوجه والكفان .
هل بالإمكان الجمع بين الأمرين، بمعنى أن تكون المرأة كاشفة لوجهها وكفيها، وفي نفس الوقت يحرم على الرجل النظر إليهما ..؟
عند الشافعية نعم .. فهم يقولون أن الرجل يجب أن يغض بصره عن النظر إلى وجه المرأة، فلا ينظر إليه.
كحال الرجل إذا وقف أمام امرأة مكشوفة الذراعين مثلا... فماذا سيفعل ؟ لا شك أن الواجب عليه هو غض بصره وعدم النظر إليهما.. هذا أيضا في حالة النظر إلى الوجه .. يجب على الرجل غض بصره وعدم النظر إليه.
هذا هو مذهب الشافعية ( وهو مذهب الحنابلة أيضا ) في هذه المسألة.
والشافعية يذكرون عورة الستر في كتاب الصلاة تحت باب ستر العورة.
ويذكرون عورة النظر في كتاب النكاح؛ وهم هنا يلحقون النظر بباب النكاح لأن النكاح يستلزم النظر إلى وجه المرأة وكفيها قبل نكاحها .. فيتحدثون عن النظر بوجه عام في هذا الكتاب.
كان هذا هو الجزء النظري ... فما هو مُسْتند هذا الكلام من كتب الشافعية.
سنذكر الكتاب الذي اخترتِ، وهو كتاب تحفة المحتاج، وهو للإمام ابن حجر الهيتمي المكي، وهو شرح لكتاب المنهاج للإمام النووي.
قال الشيخ الشرواني في حاشيته على شرح ابن حجر. ( حواشي تحفة المحتاج 2/110 )
{ ( وستر العورة ) والعورة لغة النقصان والشيء المستقبح وسمي المقدار الآتي بيانه بذلك لقبح ظهوره وتطلق أيضا أي شرعا على ما يجب ستره في الصلاة وهو المراد هنا وعلى ما يحرم النظر إليه وسيأتي في النكاح إن شاء الله تعالى }.
هذا هو الجزء الأول في بيان تفريق الشافعية بين عورة الستر، وعورة النظر. وأن عورة الستر تُوضح في الصلاة، وعورة النظر تُوضح في النكاح.
وهذا الكلام من الشيخ الشرواني سبقه إليه الإمام الرافعي أبو القاسم: قال في فتح العزيز (2/35)
{ وقوله عورة في الصلاة أشار به إلى أن العورة قد تطلق لمعنى آخر وهو ما يحرم النظر إليه وكلامنا الآن فيما يجب ستره في الصلاة فأما ما يجوز النظر إليه وما لا يجوز فيذكر في أول كتاب النكاح }
استشكال: يستشكل بعض الإخوة هذا الكلام، ويقول أن إطلاق عورة الستر عموما على ما عدا الوجه والكفين استنادا لأنهما ليسا من عورة المرأة في الصلاة خطأ.. لأن الشافعية يقولون عورة المرأة الحرة في الصلاة. فهذه عورة ستر في الصلاة، فلا يلزم من هذا أن تكون عورة ستر أمام الأجانب أيضا.
والإخوة في استشكالهم هذا يستندون إلى النص الذي ذكرناه:
( على ما يجب ستره في الصلاة وهو المراد هنا )
فيقولون أنه ذكر ما يجب ستره في الصلاة، فهذا متعلق بالصلاة فقط، وليس أمام الأجانب أيضا.
والرد على هذا الاستشكال من وجهين.
الوجه الأول: أننا لم نجد نصا للشافعية ولا غيرهم فيما يمكن أن يطلق عليه ( عورة الستر أمام الأجانب ) إلا للإمام ابن تيمية رحمه الله ومن وافقه من بعده على هذه المسألة... وهي اختلاف عورة الستر في الصلاة عن عورة الستر خارج الصلاة.
فهم ( أي الشافعية ومعهم الحنابلة أيضا ) يطلقون العورة على أمرين كما مر، ما يجب ستره، وما يحرم النظر إليه.
وليس في هذين الأمرين ما يجب ستره خارج الصلاة.
وقد أوضحنا سابقا أنه لا تلازم بين النظر والإظهار عند الشافعية. فيجوز الإظهار ويحرم النظر.
الوجه الثاني: أن الشافعية أنفسهم عندما يفصلون العورة في كتاب الصلاة، يقولون أنه يجب سترها خارج الصلاة.
فمن تحفة المحتاج مرة أخرى في كتاب الصلاة . في ستر العورة، والكلام هنا لابن حجر
{ ويلزمه أيضا سترها خارج الصلاة ولو في الخلوة لكن الواجب فيها ستر سوأتي الرجل والأمة وما بين سرة وركبة الحرة }. انتهى كلام ابن حجر
ولشرح هذا الكلام
يلزمه أيضا ( أي المكُلَّف ) سترها ( أي العورة ) خارج الصلاة ولو في الخلوة لكن الواجب فيها ( أي في الخلوة ) ستر سوأتي الرجل والأمة وما بين سرة وركبة الحرة.
استشكال على الوجه الثاني: قد يستشكل بعض الإخوة هذا الكلام ويقول أن المقصود بقوله ( خارج الصلاة ) هو أمام المحارم مثلا، وليس أمام الأجانب.. وللجواب على هذا الاستشكال نقول:
أولا: أن قوله خارج الصلاة عام، فلا يجب تخصيصه بالمحارم فقط.
ثانيا: أنه فصل حدود العورة بعد ذلك، وقال أنها من الحرة ما عدا الوجه والكفين، فهذه أيضا يجب سترها خارج الصلاة، ثم قال أن عورتها مع محارمها ما بين الركبة والسرة، فهذه أيضا يجب سترها عن المحارم، فعُلِم يقينا أن قصده ( خارج الصلاة ) يعني أمام الأجانب وغيرهم على التفصيل المذكور في حدود العورة.
أي أن عورة الستر أمام الأجانب هي ما عدا الوجه والكفين، وأمام المحارم ما بين السرة والركبة.
وهذا الذي ذكرناه يؤكده كلام طويل جدا لابن حجر في باب النكاح (7/188).. سنذكره كاملا وعذرا على الإطالة. يقول ابن حجر [ ما بين القوسين هو كلام الإمام النووي، وخارجهما هو شرح ابن حجر عليه ].
{ ( ويحرم نظر فحل ) وخصي ومجبوب وخنثى إذ هو مع النساء كرجل وعكسه فيحرم نظره لهما ونظرهما له احتياطا وإنما غسلاه بعد موته لانقطاع الشهوة بالموت فلم يبق للاحتياط حينئذ معنى ويظهر فيه مع مشكل مثله الحرمة من كل للآخر في حال الحياة بتقديره مخالفا له احتياطا إذ هو المبني عليه أمره لا ممسوح كما يأتي ( بالغ ) ولو شيخاهما ومخنثا ، وهو المتشبه بالنساء عاقل مختار ( إلى عورة حرة ) خرج مثالها فلا يحرم نظره في نحو مرآة كما أفتى به غير واحد ويؤيده قولهم لو علق الطلاق برؤيتها لم يحنث برؤية خيالها في نحو مرآة ؛ لأنه لم يرها ومحل ذلك كما هو ظاهر حيث لم يخش فتنة ولا شهوة وليس منها الصوت فلا يحرم سماعه إلا إن خشي منه فتنة وكذا إن التذ به كما بحثه الزركشي ومثلها في ذلك الأمرد ( كبيرة ) ولو شوهاء بأن بلغت حدا تشتهى فيه لذوي الطباع السليمة لو سلمت من مشوه بها كما يأتي ( أجنبية ) ، وهي ما عدا وجهها وكفيها بلا خلاف لقوله تعالى { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم } ؛ ولأنه إذا حرم نظر المرأة إلى عورة مثلها كما في الحديث الصحيح فأولى الرجل .
( وكذا وجهها ) أو بعضه ولو بعض عينها ، أو من وراء نحو ثوب يحكى ما وراءه ( وكفها ) ، أو بعضه أيضا ، وهو من رأس الأصابع إلى الكوع ( عند خوف الفتنة ) إجماعا من داعية نحو مس لها ، أو خلوة بها وكذا عند النظر بشهوة بأن يلتذ به ، وإن أمن الفتنة قطعا ( وكذا عند الأمن ) من الفتنة فيما يظنه من نفسه وبلا شهوة ( على الصحيح ) ووجهه الإمام باتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه ولو جل النظر لكن كالمرد وبأن النظر مظنة للفتنة ومحرك للشهوة فاللائق بمحاسن الشريعة سد الباب والإعراض عن تفاصيل الأحوال كالخلوة بالأجنبية وبه اندفع ما يقال هو غير عورة فكيف حرم نظره ووجه اندفاعه أنه مع كونه غير عورة نظره مظنة للفتنة ، أو الشهوة ففطم الناس عنه احتياطا على أن السبكي قال الأقرب إلى صنيع الأصحاب أن وجهها وكفيها عورة في النظر ولا ينافي ما حكاه الإمام من الاتفاق نقل المصنف عن عياض الإجماع على أنه لا يلزمها في طريقها ستر وجهها وإنما هو سنة وعلى الرجال غض البصر عنهن للآية ؛ لأنه لا يلزم من منع الإمام لهن من الكشف لكونه مكروها وللإمام المنع من المكروه لما فيه من المصلحة العامة وجوب الستر عليهن بدون منع مع كونه غير عورة ورعاية المصالح العامة مختصة بالإمام ونوابه نعم من تحققت نظر أجنبي لها يلزمها ستر وجهها عنه وإلا كانت معينة له على حرام فتأثم .
ثم رأيت أبا زرعة أفتى بما يفهمه فقال في أمة جميلة تبرز مكشوفة ما عدا ما بين السرة والركبة والأجانب يرونها محل جواز بروزها الذي أطلقوه إذا لم يظهر منها تبرج بزينة ولا تعرض لريبة ولا اختلاط لمن يخشى منه عادة افتتان بمثل ذلك وإلا أثمت ومنعت وكذا الأمرد ا هـ ملخصا وكون الأكثرين على مقابل الصحيح لا يقتضي رجحانه لا سيما وقد أشار إلى فساد طريقتهم بتعبيره بالصحيح ووجهه أن الآية كما دلت على جواز كشفهن لوجوههن دلت على وجوب غض الرجال أبصارهم عنهن ويلزم من وجوب الغض حرمة النظر ولا يلزم من حل الكشف جوازه كما لا يخفى فاتضح ما أشار إليه بتعبيره بالصحيح ومن ثم قال البلقيني : الترجيح بقوة المدرك والفتوى على ما في المنهاج وسبقه لذلك السبكي وعلله بالاحتياط فقول الإسنوي الصواب الحل لذهاب الأكثرين إليه ليس في محله وأفهم تخصيص حل الكشف بالوجه حرمة كشف ما عداه من البدن حتى اليد ، وهو ظاهر في غير اليد ؛ لأنه عورة ومحتمل فيها ؛ لأنه لا حاجة لكشفها بخلاف الوجه واختيار الأذرعي قول جمع بحل نظر وجه وكف عجوز يؤمن من نظرهما الفتنة لآية { والقواعد من النساء } ضعيف ويرده ما مر من سد الباب ، وأن لكل ساقطة لاقطة ولا دلالة في الآية كما هو جلي بل فيها إشارة للحرمة بالتقييد بغير متبرجات بزينة } انتهى كلام ابن حجر.
وهذا الكلام الطويل سنحتاج لتوضيحه.
يقول الإمام النووي . في منهاجه
{ ويحرم نظر فحل بالغ إلى عورة حرة كبيرة أجنبية وكذا وجهها وكفها عند خوف الفتنة وكذا عند الأمن على الصحيح }.
في كلام الإمام النووي هنا توضيح لما قلناه من اختلاف الستر عن النظر، فهو قال
( يحرم نظر فحل بالغ ) الكلام هنا عن النظر
( إلى عورة حرة كبيرة أجنبية ) ... فما هي هذه العورة ؟
هي عورة الستر وهي ما عدا وجهها وكفيها، والإمام النووي هنا لم يضع شرطا لعدم النظر، بل أطلق حرمة النظر مما يعني أن هذه العورة غير مسموح بالنظر إليها سواء أمن الفتنة أم لا .
( وكذا وجهها وكفيها ). فعطف الوجه والكفين على العورة، والعطف هنا يعني أمرين... الأول: اشتراك الوجه والكفين مع العورة في حكم النظر وهو التحريم، والثاني: أن الوجه والكفين ليسا من العورة، وهذا توضحه قاعدة لغوية تقول أن العطف يقتضي التغاير في الأصل، أي أنه عطف الوجه والكفين ليسا من العورة، لأنهما لو كانا من العورة لما احتاج إلى عطفهما على العورة.
( عند خوف الفتنة ). أي أنه يحرم النظر إلى الوجه والكفين عند خوف الفتنة
( وكذا عند الأمن ) أي أنه يحرم النظر إليهما أيضا عند الأمن الفتنة.
( على الصحيح ) يعني أن هناك قولا آخر في المذهب في النظر للوجه والكفين في حال الأمن من الفتنة ولكنه غير صحيح.
كان هذا هو كلام الإمام النووي رحمه الله.
وقد علق ابن حجر على هذا الكلام بهذا الشرح الطويل. سنقتطف منه عبارات ونوضحها.
{ وهي ما عدا وجهها وكفيها بلا خلاف }. هذا تفصيل من الإمام ابن حجر لحدود العورة المذكورة في كلام الإمام النووي.
{ ( وكذا وجهها ) أو بعضه ولو بعض عينها ، أو من وراء نحو ثوب يحكى ما وراءه ( وكفها ) ، أو بعضه أيضا }. قال الإمام ابن حجر أنه يحرم النظر للوجه مطلقا، ولو بعضه، ولو بعض عينها. أو من وراء ثوب يحكي ما وراءه. وهذا دليل جديد على اختلاف الستر عن النظر، لأنه حرم النظر إلى جميع ما ذكرنا، ولو كان جميع ما ذكرنا يجب ستره لكان يجب على المرأة ستر عينها أو بعض عينها، بل يجب عليها أن تضع على عينها ثوبا معتما لا يكشف من عينها شيئا. وهذا الثوب سيمنعها من الرؤية أيضا بكل تأكيد وهذا معناه بلا شك أن المرأة ستصبح عمياء.
{ وبه اندفع ما يقال هو غير عورة فكيف حرم نظره ووجه اندفاعه أنه مع كونه غير عورة نظره مظنة للفتنة }.
وهذا يوضح تعليل حرمة النظر إلى الوجه والكفين وإن كانا من غير العورة بأن النظر إليهما مظنة الفتنة.
{ نعم من تحققت نظر أجنبي لها يلزمها ستر وجهها عنه وإلا كانت معينة له على حرام فتأثم }.
يقول هنا أن المرأة إذا تحققت من نظر الأجنبي إليها، والتحقق هنا يعني اليقين والاطمئنان بأن الأجنبي ينظر إليها ( وليس مجرد الشك أو الاحتمال ). فعليها ستر وجهها عنه، أي أن المرأة في هذه الحال فقط يجب عليها ستر وجهها، وهذا يؤكد مرة أخرى ( وعذرا على هذه الإعادة لكن الإعادة إفادة ) أن الوجه ليس من العورة، لأن العورة يجب سترها سواء تحققت من نظر الأجنبي لها أم لا.
{ ووجهه أن الآية كما دلت على جواز كشفهن لوجوههن دلت على وجوب غض الرجال أبصارهم عنهن ويلزم من وجوب الغض حرمة النظر ولا يلزم من حل الكشف جوازه كما لا يخفى فاتضح ما أشار إليه بتعبيره بالصحيح }.
هذا قاطع في المسألة، وهو واضح لا يحتاج لشرح. أنه لا يلزم من حل كشف الوجه ( أي أن كشف الوجه حلال ) جواز النظر إليه لأن الآية دلت على وجوب غض البصر عن المرأة.
( واختيار الأذرعي قول جمع بحل نظر وجه وكف عجوز يؤمن من نظرهما الفتنة لآية { والقواعد من النساء } ضعيف ويرده ما مر من سد الباب ، وأن لكل ساقطة لاقطة ).
هذا الكلام أيضا من ابن حجر يوضح اختلاف النظر عن الستر لأنه قال بحرمة النظر حتى إلى المرأة القاعد، وهي بالإجماع يجوز لها كشف وجهها.
من باب نسبة الفضل لأهله: أول من لفت نظري وبين لي هذا التدقيق في مذهب الشافعية هو الأخ محمد رشيد.
الأخ/ صالح بن عمير
هل يكفيك هذا النص عن الإمام الشافعي ( الأم 2/545 ) ت: د. رفعت فوزي
[ وأحب للمشهورة بالجمال أن تطوف وتسعى ليلا وإن طافت بالنهار سدلت ثوبها على وجهها أو طافت في ستر ].
هذا واضح في إجازة كشف وجه المرأة عن الإمام الشافعي وشرحه كالآتي
( وأحب ) أي أن الأمر استحباب لا وجوب ( للمشهورة بالجمال ) أي من كانت معروفة بالجمال عند الناس لا مطلق الجمال وخرجت من هذا الاستحباب إلى الجواز المرأة العادية أو المرأة الغير مشهورة بالجمال ( أن تطوف وتسعى ليلا ) أي أنه يحب لها الطواف في الليل ( وإن طافت بالنهار سدلت على وجهها ) أي أنه يحب لها إن طافت بالنهار أن تسدل على وجهها ثوبا.
وهذا الكلام خارج الصلاة.. وهو واضح في أن وجه المرأة ليس بعورة سواء في الصلاة أو غيرها.
وأما ما نقله الأخ الفاضل يوسف محمد عن الإمام الشافعي فشرحه كالآتي
( ويكون للمرأة إذا كانت بارزة ) أي إذا كانت بارزة أمام الرجال ( تريد الستر من الناس ) أي أنها إذا أرادت التستر، وهذا يعني الجواز لا الحتم لأن الحتم لا يتم تعليق الحكم فيه بالإرادة أو عدمها.
فالشافعي يتحدث هنا عن إجازة السدل وليس عن وجوبه. وهو يعني أن الوجه ليس من العورة. وإنما يتكلم فقط عما إذا أرادت المرأة التستر من الناس في الحج، فإنها تسدل على وجهها ثوبا ولا تنتقب.
Menurut mazhab Syafi'i, wajah dan telapak tangan perempuan bukan aurat.
MAZHAB SYAFI'I
قال الإمام الشافعي في كتابه "الأم" (1|89): « وكل المرأة عورة، إلا كفيها ووجهها. وظهر قدميها عورة». وذكر البيهقي في "السنن الكبرى" (7|85) وفي "الآداب": عن الشافعي في تفسير قول الله {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منه}، قال: «إِلا وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا». وهو في مختصر المزني (264هـ) أيضاً. وقال البغوي الشافعي (516هـ) في "شرح السنة" (9|23): «فإن كانت أجنبية حرة، فجميع بدنها عورة في حق الرجل. لا يجوز له أن ينظر إلى شيء منها، إلا الوجه واليدين إلى الكوعين. وعليه غض البصر عن النظر إلى وجهها ويديها أيضاً عند خوف الفتنة»، أي لا يجب عليها تغطية وجهها عند الفتنة. وقال الواحدي (ت:468هـ) في تفسيره "الوجيز": فلا يجوز للمرأة أن تظهر إلا وجهها ويديها إلى نصف الذراع. وقد ذكر النووي في المجموع (3|167) رواية عن المزني (صاحب الشافعي) أن القدمان ليستا بعورة.
قال الإمام البغوي في (شرح السنة 9|23)
"فإن كانت أجنبیة حرة فجمع بدنها عورة في حق الرجل لا يجوز له أن ينظر إلى شيء منها إلا الوجه والیدين إلى الكوعین وعلیه غض البصر عن النظر إلى وجهها ويديها أيضاً عند خوف الفتنة".
السنن الكبرى البيهقي 458 - (7/86)
قال البيهقي: قال اللهُ تَبارَكَ وتَعالَى: {ولاَ يُبدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ ما ظَهَرَ مِنها}.
قال الشّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: إِلاَّ وجهَها وكَفَّيها.
تفسير الطبري 310 (دار هجر) - (17/261)
قال الطبري: وأولَى الأَقوالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوابِ: قَولُ مَن قال: عنيَ بِذَلِكَ الوجهُ والكَفّانِ، يَدخُلُ فِي ذَلِكَ إِذا كانَ كَذَلِكَ الكُحلُ، والخاتَمُ، والسِّوارُ، والخِضابُ والثياب.
قال النووي " في المجموع ": هذا التفسير المذكور عن ابن عباس قد رواه البيهقي عنه وعن عائشة رضي الله عنهم ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- " نهى المحرمة عن لبس القفازين والنقاب الحديث في صحيح البخاري، عن ابن عمر رضي الله عنهما : " لا تنتقب المحرمة، ولا تلبس القفازين ولو كان الوجه والكف عورة لما حرم سترهما
ولأن الحاجة تدعو إلى إبراز الوجه للبيع والشراء، وإلى إبراز الكف للأخذ والعطاء
فلم يجعل ذلك عورة
وأضاف النووي في شرحـه للمهذب " المجموع" إن مـن الشافعية مـن حكى قولاً أو وجها أن باطن قدميها ليس بعورة، وقال المزني: القدمان ليستا بعورة، والمذهب الأول
( المجموع 3/167، 168 )
و نقل هذا القول عن الشافعية أيضا ابن قدامة (الحنبلي) و رجحه قال:
وقال مالك, والأوزاعي والشافعي: جميع المرأة عورة إلا وجهها وكفيها وما سوى ذلك يجب ستره في الصلاة لأن ابن عباس قال في قوله تعالى: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} قال: الوجه والكفين ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم- (نهى المحرمة عن لبس القفازين والنقاب) ولو كان الوجه والكفان عورة لما حرم سترهما
ولأن الحاجة تدعو إلى كشف الوجه للبيع والشراء والكفين للأخذ والإعطاء
(المغني 1/637)
-------------
فالشافعية والحنابلة لهم اصطلاح خاص في مسألة العورة
فهم يقسمون العورة إلى قسمين يمكن أن نطلق عليهما ... عورة الستر، وعورة النظر
ما معنى عورة الستر ؟
هي العورة التي يجب سترها ( أي يجب على المرء سترها ) عن أعين الناظرين
ما معنى عورة النظر ؟
هو ما يحرم النظر إليه من جسم المنظور ( وفي حالتنا هنا من جسم المرأة ).
هل هناك تلازم بين العورتين ؟
لا. لا يوجد تلازم بينهما بمعنى أن عورة الستر لا تساوي عورة النظر ...
فالمرأة في باب الستر، يلزمها ستر جميع جسمها إلا وجهها وكفيها. وفي باب النظر إلى المرأة يحرم على الرجل النظر إلى جميع بدنها بما فيه الوجه والكفان .
هل بالإمكان الجمع بين الأمرين، بمعنى أن تكون المرأة كاشفة لوجهها وكفيها، وفي نفس الوقت يحرم على الرجل النظر إليهما ..؟
عند الشافعية نعم .. فهم يقولون أن الرجل يجب أن يغض بصره عن النظر إلى وجه المرأة، فلا ينظر إليه.
كحال الرجل إذا وقف أمام امرأة مكشوفة الذراعين مثلا... فماذا سيفعل ؟ لا شك أن الواجب عليه هو غض بصره وعدم النظر إليهما.. هذا أيضا في حالة النظر إلى الوجه .. يجب على الرجل غض بصره وعدم النظر إليه.
هذا هو مذهب الشافعية ( وهو مذهب الحنابلة أيضا ) في هذه المسألة.
والشافعية يذكرون عورة الستر في كتاب الصلاة تحت باب ستر العورة.
ويذكرون عورة النظر في كتاب النكاح؛ وهم هنا يلحقون النظر بباب النكاح لأن النكاح يستلزم النظر إلى وجه المرأة وكفيها قبل نكاحها .. فيتحدثون عن النظر بوجه عام في هذا الكتاب.
كان هذا هو الجزء النظري ... فما هو مُسْتند هذا الكلام من كتب الشافعية.
سنذكر الكتاب الذي اخترتِ، وهو كتاب تحفة المحتاج، وهو للإمام ابن حجر الهيتمي المكي، وهو شرح لكتاب المنهاج للإمام النووي.
قال الشيخ الشرواني في حاشيته على شرح ابن حجر. ( حواشي تحفة المحتاج 2/110 )
{ ( وستر العورة ) والعورة لغة النقصان والشيء المستقبح وسمي المقدار الآتي بيانه بذلك لقبح ظهوره وتطلق أيضا أي شرعا على ما يجب ستره في الصلاة وهو المراد هنا وعلى ما يحرم النظر إليه وسيأتي في النكاح إن شاء الله تعالى }.
هذا هو الجزء الأول في بيان تفريق الشافعية بين عورة الستر، وعورة النظر. وأن عورة الستر تُوضح في الصلاة، وعورة النظر تُوضح في النكاح.
وهذا الكلام من الشيخ الشرواني سبقه إليه الإمام الرافعي أبو القاسم: قال في فتح العزيز (2/35)
{ وقوله عورة في الصلاة أشار به إلى أن العورة قد تطلق لمعنى آخر وهو ما يحرم النظر إليه وكلامنا الآن فيما يجب ستره في الصلاة فأما ما يجوز النظر إليه وما لا يجوز فيذكر في أول كتاب النكاح }
استشكال: يستشكل بعض الإخوة هذا الكلام، ويقول أن إطلاق عورة الستر عموما على ما عدا الوجه والكفين استنادا لأنهما ليسا من عورة المرأة في الصلاة خطأ.. لأن الشافعية يقولون عورة المرأة الحرة في الصلاة. فهذه عورة ستر في الصلاة، فلا يلزم من هذا أن تكون عورة ستر أمام الأجانب أيضا.
والإخوة في استشكالهم هذا يستندون إلى النص الذي ذكرناه:
( على ما يجب ستره في الصلاة وهو المراد هنا )
فيقولون أنه ذكر ما يجب ستره في الصلاة، فهذا متعلق بالصلاة فقط، وليس أمام الأجانب أيضا.
والرد على هذا الاستشكال من وجهين.
الوجه الأول: أننا لم نجد نصا للشافعية ولا غيرهم فيما يمكن أن يطلق عليه ( عورة الستر أمام الأجانب ) إلا للإمام ابن تيمية رحمه الله ومن وافقه من بعده على هذه المسألة... وهي اختلاف عورة الستر في الصلاة عن عورة الستر خارج الصلاة.
فهم ( أي الشافعية ومعهم الحنابلة أيضا ) يطلقون العورة على أمرين كما مر، ما يجب ستره، وما يحرم النظر إليه.
وليس في هذين الأمرين ما يجب ستره خارج الصلاة.
وقد أوضحنا سابقا أنه لا تلازم بين النظر والإظهار عند الشافعية. فيجوز الإظهار ويحرم النظر.
الوجه الثاني: أن الشافعية أنفسهم عندما يفصلون العورة في كتاب الصلاة، يقولون أنه يجب سترها خارج الصلاة.
فمن تحفة المحتاج مرة أخرى في كتاب الصلاة . في ستر العورة، والكلام هنا لابن حجر
{ ويلزمه أيضا سترها خارج الصلاة ولو في الخلوة لكن الواجب فيها ستر سوأتي الرجل والأمة وما بين سرة وركبة الحرة }. انتهى كلام ابن حجر
ولشرح هذا الكلام
يلزمه أيضا ( أي المكُلَّف ) سترها ( أي العورة ) خارج الصلاة ولو في الخلوة لكن الواجب فيها ( أي في الخلوة ) ستر سوأتي الرجل والأمة وما بين سرة وركبة الحرة.
استشكال على الوجه الثاني: قد يستشكل بعض الإخوة هذا الكلام ويقول أن المقصود بقوله ( خارج الصلاة ) هو أمام المحارم مثلا، وليس أمام الأجانب.. وللجواب على هذا الاستشكال نقول:
أولا: أن قوله خارج الصلاة عام، فلا يجب تخصيصه بالمحارم فقط.
ثانيا: أنه فصل حدود العورة بعد ذلك، وقال أنها من الحرة ما عدا الوجه والكفين، فهذه أيضا يجب سترها خارج الصلاة، ثم قال أن عورتها مع محارمها ما بين الركبة والسرة، فهذه أيضا يجب سترها عن المحارم، فعُلِم يقينا أن قصده ( خارج الصلاة ) يعني أمام الأجانب وغيرهم على التفصيل المذكور في حدود العورة.
أي أن عورة الستر أمام الأجانب هي ما عدا الوجه والكفين، وأمام المحارم ما بين السرة والركبة.
وهذا الذي ذكرناه يؤكده كلام طويل جدا لابن حجر في باب النكاح (7/188).. سنذكره كاملا وعذرا على الإطالة. يقول ابن حجر [ ما بين القوسين هو كلام الإمام النووي، وخارجهما هو شرح ابن حجر عليه ].
{ ( ويحرم نظر فحل ) وخصي ومجبوب وخنثى إذ هو مع النساء كرجل وعكسه فيحرم نظره لهما ونظرهما له احتياطا وإنما غسلاه بعد موته لانقطاع الشهوة بالموت فلم يبق للاحتياط حينئذ معنى ويظهر فيه مع مشكل مثله الحرمة من كل للآخر في حال الحياة بتقديره مخالفا له احتياطا إذ هو المبني عليه أمره لا ممسوح كما يأتي ( بالغ ) ولو شيخاهما ومخنثا ، وهو المتشبه بالنساء عاقل مختار ( إلى عورة حرة ) خرج مثالها فلا يحرم نظره في نحو مرآة كما أفتى به غير واحد ويؤيده قولهم لو علق الطلاق برؤيتها لم يحنث برؤية خيالها في نحو مرآة ؛ لأنه لم يرها ومحل ذلك كما هو ظاهر حيث لم يخش فتنة ولا شهوة وليس منها الصوت فلا يحرم سماعه إلا إن خشي منه فتنة وكذا إن التذ به كما بحثه الزركشي ومثلها في ذلك الأمرد ( كبيرة ) ولو شوهاء بأن بلغت حدا تشتهى فيه لذوي الطباع السليمة لو سلمت من مشوه بها كما يأتي ( أجنبية ) ، وهي ما عدا وجهها وكفيها بلا خلاف لقوله تعالى { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم } ؛ ولأنه إذا حرم نظر المرأة إلى عورة مثلها كما في الحديث الصحيح فأولى الرجل .
( وكذا وجهها ) أو بعضه ولو بعض عينها ، أو من وراء نحو ثوب يحكى ما وراءه ( وكفها ) ، أو بعضه أيضا ، وهو من رأس الأصابع إلى الكوع ( عند خوف الفتنة ) إجماعا من داعية نحو مس لها ، أو خلوة بها وكذا عند النظر بشهوة بأن يلتذ به ، وإن أمن الفتنة قطعا ( وكذا عند الأمن ) من الفتنة فيما يظنه من نفسه وبلا شهوة ( على الصحيح ) ووجهه الإمام باتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه ولو جل النظر لكن كالمرد وبأن النظر مظنة للفتنة ومحرك للشهوة فاللائق بمحاسن الشريعة سد الباب والإعراض عن تفاصيل الأحوال كالخلوة بالأجنبية وبه اندفع ما يقال هو غير عورة فكيف حرم نظره ووجه اندفاعه أنه مع كونه غير عورة نظره مظنة للفتنة ، أو الشهوة ففطم الناس عنه احتياطا على أن السبكي قال الأقرب إلى صنيع الأصحاب أن وجهها وكفيها عورة في النظر ولا ينافي ما حكاه الإمام من الاتفاق نقل المصنف عن عياض الإجماع على أنه لا يلزمها في طريقها ستر وجهها وإنما هو سنة وعلى الرجال غض البصر عنهن للآية ؛ لأنه لا يلزم من منع الإمام لهن من الكشف لكونه مكروها وللإمام المنع من المكروه لما فيه من المصلحة العامة وجوب الستر عليهن بدون منع مع كونه غير عورة ورعاية المصالح العامة مختصة بالإمام ونوابه نعم من تحققت نظر أجنبي لها يلزمها ستر وجهها عنه وإلا كانت معينة له على حرام فتأثم .
ثم رأيت أبا زرعة أفتى بما يفهمه فقال في أمة جميلة تبرز مكشوفة ما عدا ما بين السرة والركبة والأجانب يرونها محل جواز بروزها الذي أطلقوه إذا لم يظهر منها تبرج بزينة ولا تعرض لريبة ولا اختلاط لمن يخشى منه عادة افتتان بمثل ذلك وإلا أثمت ومنعت وكذا الأمرد ا هـ ملخصا وكون الأكثرين على مقابل الصحيح لا يقتضي رجحانه لا سيما وقد أشار إلى فساد طريقتهم بتعبيره بالصحيح ووجهه أن الآية كما دلت على جواز كشفهن لوجوههن دلت على وجوب غض الرجال أبصارهم عنهن ويلزم من وجوب الغض حرمة النظر ولا يلزم من حل الكشف جوازه كما لا يخفى فاتضح ما أشار إليه بتعبيره بالصحيح ومن ثم قال البلقيني : الترجيح بقوة المدرك والفتوى على ما في المنهاج وسبقه لذلك السبكي وعلله بالاحتياط فقول الإسنوي الصواب الحل لذهاب الأكثرين إليه ليس في محله وأفهم تخصيص حل الكشف بالوجه حرمة كشف ما عداه من البدن حتى اليد ، وهو ظاهر في غير اليد ؛ لأنه عورة ومحتمل فيها ؛ لأنه لا حاجة لكشفها بخلاف الوجه واختيار الأذرعي قول جمع بحل نظر وجه وكف عجوز يؤمن من نظرهما الفتنة لآية { والقواعد من النساء } ضعيف ويرده ما مر من سد الباب ، وأن لكل ساقطة لاقطة ولا دلالة في الآية كما هو جلي بل فيها إشارة للحرمة بالتقييد بغير متبرجات بزينة } انتهى كلام ابن حجر.
وهذا الكلام الطويل سنحتاج لتوضيحه.
يقول الإمام النووي . في منهاجه
{ ويحرم نظر فحل بالغ إلى عورة حرة كبيرة أجنبية وكذا وجهها وكفها عند خوف الفتنة وكذا عند الأمن على الصحيح }.
في كلام الإمام النووي هنا توضيح لما قلناه من اختلاف الستر عن النظر، فهو قال
( يحرم نظر فحل بالغ ) الكلام هنا عن النظر
( إلى عورة حرة كبيرة أجنبية ) ... فما هي هذه العورة ؟
هي عورة الستر وهي ما عدا وجهها وكفيها، والإمام النووي هنا لم يضع شرطا لعدم النظر، بل أطلق حرمة النظر مما يعني أن هذه العورة غير مسموح بالنظر إليها سواء أمن الفتنة أم لا .
( وكذا وجهها وكفيها ). فعطف الوجه والكفين على العورة، والعطف هنا يعني أمرين... الأول: اشتراك الوجه والكفين مع العورة في حكم النظر وهو التحريم، والثاني: أن الوجه والكفين ليسا من العورة، وهذا توضحه قاعدة لغوية تقول أن العطف يقتضي التغاير في الأصل، أي أنه عطف الوجه والكفين ليسا من العورة، لأنهما لو كانا من العورة لما احتاج إلى عطفهما على العورة.
( عند خوف الفتنة ). أي أنه يحرم النظر إلى الوجه والكفين عند خوف الفتنة
( وكذا عند الأمن ) أي أنه يحرم النظر إليهما أيضا عند الأمن الفتنة.
( على الصحيح ) يعني أن هناك قولا آخر في المذهب في النظر للوجه والكفين في حال الأمن من الفتنة ولكنه غير صحيح.
كان هذا هو كلام الإمام النووي رحمه الله.
وقد علق ابن حجر على هذا الكلام بهذا الشرح الطويل. سنقتطف منه عبارات ونوضحها.
{ وهي ما عدا وجهها وكفيها بلا خلاف }. هذا تفصيل من الإمام ابن حجر لحدود العورة المذكورة في كلام الإمام النووي.
{ ( وكذا وجهها ) أو بعضه ولو بعض عينها ، أو من وراء نحو ثوب يحكى ما وراءه ( وكفها ) ، أو بعضه أيضا }. قال الإمام ابن حجر أنه يحرم النظر للوجه مطلقا، ولو بعضه، ولو بعض عينها. أو من وراء ثوب يحكي ما وراءه. وهذا دليل جديد على اختلاف الستر عن النظر، لأنه حرم النظر إلى جميع ما ذكرنا، ولو كان جميع ما ذكرنا يجب ستره لكان يجب على المرأة ستر عينها أو بعض عينها، بل يجب عليها أن تضع على عينها ثوبا معتما لا يكشف من عينها شيئا. وهذا الثوب سيمنعها من الرؤية أيضا بكل تأكيد وهذا معناه بلا شك أن المرأة ستصبح عمياء.
{ وبه اندفع ما يقال هو غير عورة فكيف حرم نظره ووجه اندفاعه أنه مع كونه غير عورة نظره مظنة للفتنة }.
وهذا يوضح تعليل حرمة النظر إلى الوجه والكفين وإن كانا من غير العورة بأن النظر إليهما مظنة الفتنة.
{ نعم من تحققت نظر أجنبي لها يلزمها ستر وجهها عنه وإلا كانت معينة له على حرام فتأثم }.
يقول هنا أن المرأة إذا تحققت من نظر الأجنبي إليها، والتحقق هنا يعني اليقين والاطمئنان بأن الأجنبي ينظر إليها ( وليس مجرد الشك أو الاحتمال ). فعليها ستر وجهها عنه، أي أن المرأة في هذه الحال فقط يجب عليها ستر وجهها، وهذا يؤكد مرة أخرى ( وعذرا على هذه الإعادة لكن الإعادة إفادة ) أن الوجه ليس من العورة، لأن العورة يجب سترها سواء تحققت من نظر الأجنبي لها أم لا.
{ ووجهه أن الآية كما دلت على جواز كشفهن لوجوههن دلت على وجوب غض الرجال أبصارهم عنهن ويلزم من وجوب الغض حرمة النظر ولا يلزم من حل الكشف جوازه كما لا يخفى فاتضح ما أشار إليه بتعبيره بالصحيح }.
هذا قاطع في المسألة، وهو واضح لا يحتاج لشرح. أنه لا يلزم من حل كشف الوجه ( أي أن كشف الوجه حلال ) جواز النظر إليه لأن الآية دلت على وجوب غض البصر عن المرأة.
( واختيار الأذرعي قول جمع بحل نظر وجه وكف عجوز يؤمن من نظرهما الفتنة لآية { والقواعد من النساء } ضعيف ويرده ما مر من سد الباب ، وأن لكل ساقطة لاقطة ).
هذا الكلام أيضا من ابن حجر يوضح اختلاف النظر عن الستر لأنه قال بحرمة النظر حتى إلى المرأة القاعد، وهي بالإجماع يجوز لها كشف وجهها.
من باب نسبة الفضل لأهله: أول من لفت نظري وبين لي هذا التدقيق في مذهب الشافعية هو الأخ محمد رشيد.
الأخ/ صالح بن عمير
هل يكفيك هذا النص عن الإمام الشافعي ( الأم 2/545 ) ت: د. رفعت فوزي
[ وأحب للمشهورة بالجمال أن تطوف وتسعى ليلا وإن طافت بالنهار سدلت ثوبها على وجهها أو طافت في ستر ].
هذا واضح في إجازة كشف وجه المرأة عن الإمام الشافعي وشرحه كالآتي
( وأحب ) أي أن الأمر استحباب لا وجوب ( للمشهورة بالجمال ) أي من كانت معروفة بالجمال عند الناس لا مطلق الجمال وخرجت من هذا الاستحباب إلى الجواز المرأة العادية أو المرأة الغير مشهورة بالجمال ( أن تطوف وتسعى ليلا ) أي أنه يحب لها الطواف في الليل ( وإن طافت بالنهار سدلت على وجهها ) أي أنه يحب لها إن طافت بالنهار أن تسدل على وجهها ثوبا.
وهذا الكلام خارج الصلاة.. وهو واضح في أن وجه المرأة ليس بعورة سواء في الصلاة أو غيرها.
وأما ما نقله الأخ الفاضل يوسف محمد عن الإمام الشافعي فشرحه كالآتي
( ويكون للمرأة إذا كانت بارزة ) أي إذا كانت بارزة أمام الرجال ( تريد الستر من الناس ) أي أنها إذا أرادت التستر، وهذا يعني الجواز لا الحتم لأن الحتم لا يتم تعليق الحكم فيه بالإرادة أو عدمها.
فالشافعي يتحدث هنا عن إجازة السدل وليس عن وجوبه. وهو يعني أن الوجه ليس من العورة. وإنما يتكلم فقط عما إذا أرادت المرأة التستر من الناس في الحج، فإنها تسدل على وجهها ثوبا ولا تنتقب.