Hukum Lewat di Depan Orang Shalat
Bagaimana Hukum Lewat di Depan Orang Shalat di makkah, madinah atau di tempat lain apakah haram, makruh atau mubah? apakah memasang pembatas (sutroh) itu wajib sunnah atau mubah?
Bagaimana Hukum Lewat di Depan Orang Shalat di makkah, madinah atau di tempat lain apakah haram, makruh atau mubah? apakah memasang pembatas (sutroh) itu wajib sunnah atau mubah?
السترة للمصلي وأحكامها
أبو عبد الرحمن
الفصل الأول (*)
حكم المرور بين يدي المصلي في
المسجد الحرام أو في غيره لضرورة أو لحاجة أو لغير حاجة
المبحث الأول: حكم المرور بين يدي المصلي لضرورة.
من اضطر (1) للمرور بين يدي المصلي جاز له ذلك سواء كان في المسجد الحرام أو في غيره
فإن من قواعد الشريعة المقررة أن الضرورات تبيح المحظورات ولأنه يجوز ارتكاب أخف الضررين لدفع أكبرهما، وقد أمر الله بحفظ النفس كما قال تعالى :" ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً".
المبحث الثاني: حكم المرور بين يدي المصلي لحاجة(2):
اختلف أهل العلم فيها إلى قولين :
القول الأول:
يحرم المرور بين يدي المصلي لحاجة وهذا ظاهرٌ في مذهب الشافعية(3) ووجه في مذهب الحنابلة(4) وقال به بعض الحنفية (5)
استدلوا أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ قَالَ رَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ
فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ يُصَلِّي إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنْ النَّاسِ فَأَرَادَ شَابٌّ مِنْ بَنِي أَبِي مُعَيْطٍ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَدَفَعَ أَبُو سَعِيدٍ فِي صَدْرِهِ فَنَظَرَ الشَّابُّ فَلَمْ يَجِدْ مَسَاغًا إِلَّا بَيْنَ يَدَيْهِ فَعَادَ لِيَجْتَازَ فَدَفَعَهُ أَبُو سَعِيدٍ أَشَدَّ مِنْ الْأُولَى فَنَالَ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ ثُمَّ دَخَلَ عَلَى مَرْوَانَ فَشَكَا إِلَيْهِ مَا لَقِيَ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ وَدَخَلَ أَبُو سَعِيدٍ خَلْفَهُ عَلَى مَرْوَانَ فَقَالَ مَا لَكَ وَلِابْنِ أَخِيكَ يَا أَبَا سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنْ النَّاسِ فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ"(6)
قال ابن حجر رحمه الله في الفتح (2/265)"وَظَاهِرُ الْحَدِيث يَدُلُّ عَلَى مَنْعِ الْمُرُورِ مُطْلَقًا وَلَوْ لَمْ يَجِدْ مَسْلَكًا بَلْ يَقِفُ حَتَّى يَفْرُغَ الْمُصَلِّي مِنْ صَلَاتِهِ . وَيُؤَيِّدُهُ قِصَّة أَبِي سَعِيد السَّابِقَةِ فَإِنَّ فِيهَا " فَنَظَرَ الشَّابُّ فَلَمْ يَجِدْ مَسَاغًا ".
قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (2/290):"فالصحيح: أنه لا فَرْقَ بين أن يكون محتاجاً أو غير محتاج، فليس له الحقُّ أن يمرَّ بين يدي المصلِّي، وقد قال النبيُّ عليه الصَّلاة والسَّلام: «لو يعلمُ المارُّ بين يديِ المصلِّي ماذا عليه؛ لكان أن يقفَ أربعينَ خيراً له من أن يَمُرَّ بين يديه» أي: أربعين خريفاً؛ كما في رواية البزَّار: «لكان أنْ يقومَ أربعين خريفاً...» .
ظاهرُ كلام المؤلِّف أيضاً: أنه لا فَرْقَ بين مَكَّة وغيرها، وهذا هو الصَّحيح، ولا حُجَّة لمن اُستثنى مَكَّة بما يُروى عن النبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: «أنه كان يُصلِّي والنَّاسُ يمرُّون بين يديه، وليس بينهما سُترة» وهذا الحديث فيه راوٍ مجهول، وجهالة الرَّاوي طعنٌ في الحديث أهـ.
القول الثاني:
يجوز المرور بين يدي المصلي لأن المشقة تجلب التيسير قال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}(7)
وهذا رواية عن أحمد (8)وقول عن بعض الشافعية (9)وهو الظاهر في مذهب المالكية (10)
قال النوواي:"قال إمام الحرمين النهى عن المرور الامر بالدفع انما هو إذا وجد المار سبيلا سواه فان لم يجد وازدحم الناس فلا نهي عن المرور ولا يشرع الدفع وتابع الغزالي امام الحرمين علي هذا قال الرافعى وهو مشكل ففى صحيح البخاري خلافه وأكثر كتب الاصحاب ساكتة عن التقييد بما إذا وجد سواه سبيلا" (11)أهـ.
والراجح في المسألة:
جواز المرور إذا كانت الحاجة ملحة وقد يترتب على عدم المرور مفسدة كبرى فإن الحاجة تنزل منزلة الضرورة كما هو مقرر، أما إذا لم تكن هناك حاجة ملحة ولم يضر الانتظار فإنه يحرم المرور بين يدي المصلي لحديث أبي سعيد الخدري الآنف الذكر.
الفصل الثاني
من قال باستحباب السترة.
*قال النووي في روضة الطالبين (1/398) :" فرع: يستحب للمصلي أن يكون بين يديه سترة، من جدار، أو سارية، أو غيرهما. ويدنو منها بحيث لا يزيد بينهما على ثلاثة أذرع وإن كان في صحراء، غرز عصا ونحوها، أو جمع شيئا من رحله، أو متاعه. وليكن قدر مؤخرة الرحل، فإن لم يجد شيئا شاخصا، خط بين يديه خطا، أو بسط مصلى. وقال إمام الحرمين، والغزالي: لا عبرة بالخط. والصواب، ما أطبق عليه الجمهور، وهو الاكتفاء بالخط كما إذا استقبل شيئا شاخصا. قلت: وقال جماعة: في الاكتفاء بالخط، قولان للشافعي. واختلف في صفة الخط. فقيل: يجعل مثل الهلال. وقيل: يمد طولا إلى جهة القبلة. وقيل: يمده يمينا وشمالا. والمختار استحباب الخط، وأن يكون طولا. والله أعلم أهـ.
*قال صاحب كشف القناع عن متن الإقناع(3/115):"( وَتُسَنُّ صَلَاةُ غَيْرِ مَأْمُومٍ ) إمَامًا كَانَ أَوْ مُنْفَرِدًا ( إلَى سُتْرَةٍ ) مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ ( وَلَوْ لَمْ يَخْشَ ) الْمُصَلِّي ( مَارًّا ) حَضَرًا كَانَ أَوْ سَفَرًا ، لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ يَرْفَعُهُ { إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيُصَلِّ إلَى سُتْرَةٍ ، وَلْيَدْنُ مِنْهَا } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِوَاجِبٍ ، لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي فَضَاءٍ لَيْسَ بَيْنَ يَدَيْهِ شَيْءٌ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالسُّتْرَةُ مَا يَسْتَتِرُ بِهِ ( مِنْ جِدَارٍ أَوْ شَيْءٍ شَاخِصٍ كَحَرْبَةٍ أَوْ آدَمِيٍّ غَيْرِ كَافِرٍ ) لِأَنَّهُ يُكْرَهُ اسْتِقْبَالُهُ كَمَا تَقَدَّمَ ( أَوْ بَهِيمٍ ) يَعْرِضُهُ ، وَيُصَلِّي إلَيْهِ ( أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ ، مِثْلِ آخِرَةِ الرَّحْلِ تُقَارِبُ طُولَ ذِرَاعٍ فَأَكْثَرَ ) .
لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إذَا وَضَعَ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلَ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ فَلْيُصَلِّ ، وَلَا يُبَالِي مَنْ يَمُرُّ وَرَاءَ ذَلِكَ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ ( فَأَمَّا قَدْرُهَا ) أَيْ السُّتْرَةُ ( فِي الْغِلَظِ فَلَا حَدَّ لَهُ فَقَدْ تَكُونُ غَلِيظَةً كَالْحَائِطِ أَوْ دَقِيقَةً كَالسَّهْمِ ) لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { صَلَّى إلَى حَرْبَةٍ وَإِلَى بَعِيرٍ } رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ( وَيُسْتَحَبُّ قُرْبُهُ مِنْهَا قَدْرَ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ مِنْ قَدَمَيْهِ ) لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ الْجِدَارُ نَحْوٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَلِأَنَّهُ أَصْوَنُ لِصَلَاتِهِ ، فَإِنْ كَانَ فِي مَسْجِدٍ قَرُبَ مِنْ الْجِدَارِ أَوْ السَّارِيَةِ نَحْو ذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَ فِي الْفَضَاءِ فَإِلَى شَيْءٍ شَاخِصٍ مِمَّا سَبَقَ .
قَالَ { اسْتَتِرُوا فِي الصَّلَاةِ وَلَوْ بِسَهْمٍ } رَوَاهُ الْأَثْرَمُ وَقَوْلُهُ وَلَوْ بِسَهْمٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَيْرَهُ أَوْلَى مِنْهُ ( وَيَكْفِي ) فِي السُّتْرَةِ ( خَيْطٌ وَنَحْوُهُ وَ ) كُلُّ ( مَا اُعْتُقِدَ سُتْرَةً فَإِنْ لَمْ يَجِدْ خَطَّ خَطًّا ) نَصَّ عَلَيْهِ ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ شَيْئًا ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَنْصِبْ عَصًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عَصًا فَلْيَخُطَّ خَطًّا ، وَلَا يَضُرُّهُ مَا مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَةَ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ فِيهِ رَجُلًا مَجْهُولًا وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ : لَا بَأْسَ بِهِ فِي مِثْلِ هَذَا .
وَصِفَته كَالْهِلَالِ لَا طُولًا لَكِنْ قَالَ فِي الشَّرْحِ : وَكَيْفَمَا خَطَّ أَجْزَأَهُ أهـ.
*قال ابن عثيمين في الشرح (2/309):"وقال بعض أهل العلم: إنه إذا لم يخشَ مارًّا فلا تُسَنُّ السُّتْرة . ولكن الصحيح أن سُنيَّتها عامة، سواء خشي المارَّ أم لا.
وعُلم من كلامه: أنَّها ليست بواجبة، وأنَّ الإنسان لو صَلَّى إلى غير سُترة فإنه لا يأثم، وهذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم ؛ لأنها من مكمِّلات الصَّلاة، ولا تتوقَّفُ عليها صحَّة الصَّلاة، وليست داخل الصَّلاة ولا مِن ماهيَّتها حتى نقول: إنَّ فقدَها مفسدٌ، ولكنها شيء يُراد به كمال الصَّلاة، فلم تكن واجبة، وهذه هي القرينة التي أخرجت الأمر بها من الوجوب إلى الندب.
واستدلَّ الجمهور بما يلي:
1 - حديث أبي سعيد الخدري: «إذا صَلَّى أحدُكم إلى شيءٍ يستُره من النَّاسِ؛ فأراد أحدٌ أن يجتازَ بين يديه؛ فَلْيَدْفَعْهُ» فإن قوله: «إذا صَلَّى أحدُكم إلى شيء يستره» يدلُّ على أن المُصلِّي قد يُصلِّي إلى شيء يستره وقد لا يُصلِّي، لأن مثل هذه الصيغة لا تدلُّ على أن كلَّ الناس يصلون إلى سُتْرة، بل تدلُّ على أن بعضاً يُصلِّي إلى سُتْرة والبعض الآخر لا يُصلِّي إليها.
2 - حديث ابن عباس: «أنَّه أتى في مِنَى والنبي صلى الله عليه وسلم يصلِّي فيها بأصحابه إلى غير جدار» .
3 - حديث ابن عباس «صَلَّى النبي صلى الله عليه وسلم في فضاء ليس بين يديه شيء» وكلمة «شيء» عامة تشمل كلَّ شيء، وهذا الحديث فيه مقال قريب، لكن يؤيِّده حديث أبي سعيد، وحديث ابن عباس السابقان.
4 - أن الأصل براءة الذِّمَّة.
القول الثاني: أن السُّتْرة واجبة ؛ للأمر بها. وأجابوا عن حديث ابن عباس: «يُصلِّي في فضاء إلى غير شيء» بأنه ضعيف ، وعن حديثه: «يُصلِّي إلى غير جدار» بأن نفي الجدار لا يستلزم نفي غيره، وحديث أبي سعيد يدلُّ على أن الإنسان قد يُصلِّي إلى سُترة وإلى غير سترة، لكن دلَّت الأدلَّة على الأمر بأنه يُصلِّي إلى سُترة.
وأدلَّة القائلين بأن السُّتْرة سُنَّة وهم الجمهور أقوى، وهو الأرجح، ولو لم يكن فيها إلَّا أن الأصل براءة الذِّمَّة فلا تُشغل الذِّمَّة بواجب، ولا يحكم بالعقاب إلا بدليل واضح لكفى.
وأجاب الجمهور عن قول ابن عباس: «إلى غير جدار» أن ابن عباس أرادَ أن يستدلَّ به على أن الحِمار لا يقطع الصَّلاةُ، فقال: «إلى غير جدار» أي: إلى غير شيء يستره.
أما المَأموم فلا يُسَنُّ له اُتِّخاذ السُّترة؛ لأن الصحابة -ـ كانوا يصلّون مع النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتخذ أحدٌ منهم سترةاهـ.
* الإمام ابن باز-رحمه الله -
حيث يقول:( الصلاة إلى سترة سنة مؤكدة وليست واجبة فإن لم يجد شيئا منصوبا أجزأه الخط . . والحجة فيما ذكرنا قوله صلى الله عليه وسلم : إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة وليدن منها رواه أبو داود بإسناد صحيح . وقوله صلى الله عليه وسلم : يقطع صلاة الرجل إذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل المرأة والحمار والكلب الأسود رواه مسلم في صحيحه .
وقوله صلى الله عليه وسلم : إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئا فإن لم يجد فلينصب عصا فإن لم يجد فليخط خطا ثم لا يضره من مر بين يديه رواه الإمام أحمد وابن ماجة بإسناد حسن ، قاله الحافظ بن حجر في ( بلوغ المرام) .
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى في بعض الأحيان إلى غير سترة ، فدل على أنها ليست واجبة ويستثنى من ذلك الصلاة في المسجد الحرام فإن المصلي لا يحتاج فيه إلى سترة لما ثبت عن ابن الزبير رضي الله عنهما ، أنه كان يصلي في المسجد الحرام إلى غير سترة والطواف أمامه . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك لكن بإسناد ضعيف ، ولأن المسجد الحرام مظنة الزحام غالبا ، وعدم القدرة على السلامة من المرور بين يدي المصلي ، فسقطت شرعية ذلك لما تقدم ويلحق بذلك المسجد النبوي في وقت الزحام وهكذا غيره من أماكن الزحام عملا بقول الله عز وجل : فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وقوله صلى الله عليه وسلم : إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم متفق على صحته)
مجموع فتاواه المجلد الحادي عشر
* الشيخ ابن عثيمين…- رحمه الله –
يقول:(السترة في الصلاة سنة مؤكدة الا للماموم فان الماموم لا يسن له اتخاذ سترة اكتفاء بسترة الإمام)
فتاوى أركان الاسلام – صفحة 343، سؤال رقم:267
3) الشيخ د. صالح الفوزان…حفظه الله
يقول(فاتِّخاذ السترة مستحب في حق الإمام والمنفرد، أما المأموم؛ فإن سترة الإمام تعتبر سترة له؛ فلا يحتاج إلى اتخاذ سترة خاصة)
الفتوى رقم 16559 من موقع الشيخ على الإنترنت.
4) الشيخ سلمان العودة…حفظه الله
يقول(سترة المصلي مستحبة في حق الإمام والمنفرد، وليست واجبة عند جماهير أهل العلم،
وفي البخاري (76) "أن النبي – صلى الله عليه وسلم - صلى بمنى إلى غير جدار"
والراجح في تفسيره: إلى غير سترة، فإن نفي الجدار مع قصد ثبوت غيره لا معنى له؛ لأن السترة ليست الجدار، أو هو الأفضل فيها)
* أدلة من قال بسنية السترة:
1. روى البخاري عن أبي صَالِحٍ السَّمَّانُ قَالَ رَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ يُصَلِّي إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنْ النَّاسِ فَأَرَادَ شَابٌّ مِنْ بَنِي أَبِي مُعَيْطٍ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَدَفَعَ أَبُو سَعِيدٍ فِي صَدْرِهِ فَنَظَرَ الشَّابُّ فَلَمْ يَجِدْ مَسَاغًا إِلَّا بَيْنَ يَدَيْهِ فَعَادَ لِيَجْتَازَ فَدَفَعَهُ أَبُو سَعِيدٍ أَشَدَّ مِنْ الْأُولَى فَنَالَ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ ثُمَّ دَخَلَ عَلَى مَرْوَانَ فَشَكَا إِلَيْهِ مَا لَقِيَ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ وَدَخَلَ أَبُو سَعِيدٍ خَلْفَهُ عَلَى مَرْوَانَ فَقَالَ مَا لَكَ وَلِابْنِ أَخِيكَ يَا أَبَا سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنْ النَّاسِ فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ".
2. عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي فَضَاءٍ لَيْسَ بَيْنَ يَدَيْهِ شَيْءٌ }(12).
وبهذين الحديثين صرف من استحب السترة الوجوب إلى الندب.
سيأتي الرد على هذين الحديثين في الفصل الثالث
الفصل الثالث
من قال بوجوب السترة.
*قال الشوكاني في نيل الأوطار (4/204):" قَوْلُهُ : ( فَلْيُصَلِّ إلَى سُتْرَةٍ ) فِيهِ أَنَّ اتِّخَاذَ السُّتْرَةِ وَاجِبٌ ، وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْآتِي ، وَحَدِيثُ سَبْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ عِنْدَ الْحَاكِمِ ، وَقَالَ : عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ { لِيَسْتَتِرْ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ وَلَوْ بِسَهْمٍ } قَوْلُهُ : ( وَلْيَدْنُ مِنْهَا ) فِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ الدُّنُوِّ مِنْ السُّتْرَةِ حَتَّى يَكُونَ مِقْدَارُ مَا بَيْنَهُمَا ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ.."أهـ
*قال الإمام الألباني في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم(ص82):"السترة ووجوبها".
*وقال في تمام المنة(300):".. وإن مما يؤكد وجوبها أنها سبب شرعي لعدم بطلان الصلاة بمرور المرأة البالغة والحمار والكلب الأسود ، كما صح ذلك في الحديث..."أهـ.
*نقل الألباني أنه الظاهر من كلام ابن حزم في المحلى قال الألباني في تمام المنة :"وهو الظاهر من كلام ابن حزم في " المحلى " ( 4 / 8 - 15 )".
أدلة من قال بالوجوب:
1. كان يقول : ( لا تصل إلا إلى سترة ولا تدع أحدا يمر بين يديك فإن أبى فلتقاتله فإن معه القرين ) رواه ابن خزيمة بسند جيد.
قلت: ولا شك أن الأصل حمل الأمر على الوجوب مالم يصرفه صارف.
وهنا الصارف قائم،فلا نحتاج إلى أن نقول القول مقدم على الفعل، لأن مثل هذا يصار إليه في الترجيح عندالتعارض، وصرف الأمر من الوجوب إلى الاستحباب من أوجه الجمع، وهو الذي ينبغي أنيصار إليه ما أمكن أولاً وفقاً لما عليه الجمهور من تقديمهم الجمع على الترجيح، إذيشتمل على إعمال كلا النصين جميعاً دون إغفال لأحدها (13)
2. و ( كان إذا صلى [ في فضاء ليس فيه شيء يستتر به ] غرز بين يديه حربة فصلى إليها والناس وراءه ) وأحيانا ( كان يعرض راحلته فيصلي إليها ) متفق عليه.
3. وكان صلى الله عليه وسلم لا يدع شيئا يمر بينه وبين السترة فقد ( كان يصلي إذ جاءت شاة تسعى بين يديه فساعاها حتى ألزق بطنه بالحائط [ ومرت من ورائه ] ) رواه ابن خزيمة والطبراني والحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
وغيرها من الأدلة..
الفصل الرابع
الخلاصة والمناقشة:
أن السترة واجبة للإمام للأحاديث الصحيحة الكثيرة الواردة في ذلك وأما أدلة من قال بسنيتها فلا تخلو من مقال خلا حديث ابن عباس في البخاري .
قال صاحب الفروع (2/262):"وكذلك المصلي لا يدع شيئا يمر بين يده لأنه عليه السلام كان يصلي إلى سترة دون أصحابه لكن قد احتجوا بمرور ابن عباس بالأتان
بين يدي بعض الصف ولم ينكر ذلك أحد1، وهذا قضية عين يحتمل البعد، مع أنه في الحرم، ويحتمل عدم الإمكان، وحضور شاغل عنه، ولو علم النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل ولم ينكر ذلك أحد، بل كان يضيف عدم الإنكار إليه، وغايته إقرار بعض الصحابة، واحتجوا بأن البهيمة لما أرادت أن تمر بين يديه عليه السلام درأها حتى التصق بالجدار فمرت من ورائه. رواه أبو داود، وابن ماجه2 بإسناد جيد إلى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، ولم يفعلوا كفعله، ولم ينكر عليهم، وهذا إن صح فقضية عين تحتمل أنها لم تمر بين أيديهم، مع احتمال البعد، أو تركوها لظنهم عدم الإمكان، مع أنه مقام كراهة، وهذا منهم يدل على العموم، فاختلف كلامهم على وجهين والأول أظهر، وفاقا للشافعية وغيرهم".
* قال بعض أهل العلم أن كابن دقيق العيد وغيره أنه لا يلزم من عدمالجدار عدمالستره".
وأما الحديثين الواردين فهما حديثان فِعلِّيان وأحاديث الباب قولية فيقدم القول على الفعل كما هو معلوم من علم الأصول عند عدم معرفة المتقدم من المتأخر وإلى هذا ذهب العلامة الشوكاني في نيل الأوطار .
أن الحديثين الواردين أحاديث فِعلِّية وأحاديث الباب قولية فيقدم القول على الفعل كما هو معلوم من علم الأصول عند عدم معرفة المتقدم من المتأخر وإلى هذا ذهب العلامة الشوكاني في نيل الأوطار .
فقال: رحمه الله " قوله " صلى في فضاء ليس بين يديه شيء" الحديث فيه ضعف كما مر.
فيه دليل على أن اتخاذ السترة غير واجب فيكون قرينة لصرف الأوامر إلى الندب ولكنه قد تقرر في الأصول أن فعله صلى الله عليه وسلم لا يعارض القول الخاص بنا وتلك الأوامر السابقة خاصة بالأمة فلا يصلح هذا الفعل أن يكون قرينة لصرفها(2) نيل الأوطار جـ3 صـ5.
قلت: هذا وجه وقد ذكر الألباني ـ حفظه الله ـ حديثاً وعزاه إلى ابن خزيمة في صحيحه وقال بسند جيد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال " لا تصل إلا إلى سترة ولا تدع أحداً يمر بين يديك فإن أبي فلتقاتله فإن معه القرين"راجع صفة صلاة النبي للألباني صـ62.
[وهذا الحديث حاذر كما هو ظاهر لقوله صلى الله عليه وسلم " لا تصل إلا إلى سترة " فقد نهي عن الصلاة إلا إلى سترة والناظر في دليل المخالفين يجد أنه فعلي من جهة مبيح من جهة أخرى والحديث الذي بين أيدينا قولي من جهة حاذر من جهة أخرى وكما هو معلوم وعليه فإذا تحقق لدينا وجوب السترة والتحذير من تركها فعلى هذا التحقيق تُخَرَّج المسألة. وهي وجوب المشي في الصلاة لأجل لاستتار](14)
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما مزيداً إلى يوم الدين
(*) جُله من كتاب حكم المرور بين يدي المصلي داخل المسجد الحرام للدكتور عبد الله بن عبد العزيز الجبرين.
(1) الاضطرار: هو أن يترتب على عدم فعل المحظور هلاك لشخص معصوم أو شبه هلاك كمرض أو نحوه.
وقال ابن قدامة المقدسي الحنبلي في كتابه المشهور المغني ( 9/ 331 ) ما نصه:
(( إذا ثبت هذا فإن الضرورة المبيحة هي التي يخاف التلف بها إن ترك الأكل )) .
ثم قال: (( فصل وتباح المحرمات عند الاضطرار إليها في الحضر والسفر جميعاً ، لأن الآية مطلقة غير مقيدة بإحدى الحالتين ، وقوله: (( فمن اضطر )) لفظ عام في حق كل مضطر ، ولأن الاضطرار يكون في الحضر في سنة المجاعة وسبب الإباحة الحاجة إلى حفظ النفس عن الهلاك لكون هذه المصلحة أعظم من مصلحة اجتناب النجاسات والصيانة عن تناول المستخبثات ، وهذا المعنى عام في الحالتين )) ثم قال:
(( ولكن الضرورة أمر معتبر بوجود حقيقته لا يكتفى فيه المظنة ، بل متى وجدت الضرورة أباحت سواء وجدت المظنة أو لم توجد ومتى انتفت لم يبح الأكل )) .
(2) الحاجة في الاصطلاح فعلى ضربين: حاجة عامة قد تنزل منزلة الضرورة وهذه هي الحاجة الأصولية وقد سمّاها بعضهم بالضرورة العامة كما أسلفنا، وحاجة فقهية خاصة حكمها مؤقت تعتبر توسيعاً لمعنى الضرورة. [الشيخ العلامة/ عبد الله بن بيه موقع الإسلام اليوم]
(3) المجموع نهاية المحتاج مغني المحتاج.
(4) المبدع الإنصاف الفروع
(5) مرقاة المفاتيح
(6) متفق عليه رواه البخاري كتاب الصلاة باب : يَرُدُّ الْمُصَلِّي مَنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ. (2/ 321) حديث رقم (479) ومسلم كتاب الصلاة باب: منع المار بين يدي المصلي (3/73) رقم (782).
(7) الأشباه والنظائر للسيوطي ص 76
(8) ينظر الإنصاف (2/69)ط. دار إحياء التراث العربي بيروت.
(9) نقله ابن رجب في فتح الباري (3/307)
(10) ينظر المدونة (1/202).
(11) المجموع شرح المهذب (3/249).
(12) رواه أحمد ، وأبو داود ، والبيهقي وفي سنده الحجاج بن أرطأة وهو حجاج بن أرطاة بن ثور بن هبيرة بن شراحيل وهو ضعيف مدلس وقد عنعن الحديث قاله الألباني.
قلت: وحجاج بن أرطأة النخعي:الكوفي سمع عطاء روى عنه الثوري وشعبة قال ابن المبارك: وكان الحجاج مدلساً يحدثنا بالحديث عن عمرو بن شعيب مما يحدثه محمد العزرمي، والعزرمي متروك الحديث لا نقربه".
(13) ملتقى أهل الحديث:
(14) ملتقى أهل الحديث
Courtesy: http://www.ahlalhdeeth.com
السترة للمصلي وأحكامها
أبو عبد الرحمن
الفصل الأول (*)
حكم المرور بين يدي المصلي في
المسجد الحرام أو في غيره لضرورة أو لحاجة أو لغير حاجة
المبحث الأول: حكم المرور بين يدي المصلي لضرورة.
من اضطر (1) للمرور بين يدي المصلي جاز له ذلك سواء كان في المسجد الحرام أو في غيره
فإن من قواعد الشريعة المقررة أن الضرورات تبيح المحظورات ولأنه يجوز ارتكاب أخف الضررين لدفع أكبرهما، وقد أمر الله بحفظ النفس كما قال تعالى :" ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً".
المبحث الثاني: حكم المرور بين يدي المصلي لحاجة(2):
اختلف أهل العلم فيها إلى قولين :
القول الأول:
يحرم المرور بين يدي المصلي لحاجة وهذا ظاهرٌ في مذهب الشافعية(3) ووجه في مذهب الحنابلة(4) وقال به بعض الحنفية (5)
استدلوا أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ قَالَ رَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ
فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ يُصَلِّي إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنْ النَّاسِ فَأَرَادَ شَابٌّ مِنْ بَنِي أَبِي مُعَيْطٍ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَدَفَعَ أَبُو سَعِيدٍ فِي صَدْرِهِ فَنَظَرَ الشَّابُّ فَلَمْ يَجِدْ مَسَاغًا إِلَّا بَيْنَ يَدَيْهِ فَعَادَ لِيَجْتَازَ فَدَفَعَهُ أَبُو سَعِيدٍ أَشَدَّ مِنْ الْأُولَى فَنَالَ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ ثُمَّ دَخَلَ عَلَى مَرْوَانَ فَشَكَا إِلَيْهِ مَا لَقِيَ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ وَدَخَلَ أَبُو سَعِيدٍ خَلْفَهُ عَلَى مَرْوَانَ فَقَالَ مَا لَكَ وَلِابْنِ أَخِيكَ يَا أَبَا سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنْ النَّاسِ فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ"(6)
قال ابن حجر رحمه الله في الفتح (2/265)"وَظَاهِرُ الْحَدِيث يَدُلُّ عَلَى مَنْعِ الْمُرُورِ مُطْلَقًا وَلَوْ لَمْ يَجِدْ مَسْلَكًا بَلْ يَقِفُ حَتَّى يَفْرُغَ الْمُصَلِّي مِنْ صَلَاتِهِ . وَيُؤَيِّدُهُ قِصَّة أَبِي سَعِيد السَّابِقَةِ فَإِنَّ فِيهَا " فَنَظَرَ الشَّابُّ فَلَمْ يَجِدْ مَسَاغًا ".
قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (2/290):"فالصحيح: أنه لا فَرْقَ بين أن يكون محتاجاً أو غير محتاج، فليس له الحقُّ أن يمرَّ بين يدي المصلِّي، وقد قال النبيُّ عليه الصَّلاة والسَّلام: «لو يعلمُ المارُّ بين يديِ المصلِّي ماذا عليه؛ لكان أن يقفَ أربعينَ خيراً له من أن يَمُرَّ بين يديه» أي: أربعين خريفاً؛ كما في رواية البزَّار: «لكان أنْ يقومَ أربعين خريفاً...» .
ظاهرُ كلام المؤلِّف أيضاً: أنه لا فَرْقَ بين مَكَّة وغيرها، وهذا هو الصَّحيح، ولا حُجَّة لمن اُستثنى مَكَّة بما يُروى عن النبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: «أنه كان يُصلِّي والنَّاسُ يمرُّون بين يديه، وليس بينهما سُترة» وهذا الحديث فيه راوٍ مجهول، وجهالة الرَّاوي طعنٌ في الحديث أهـ.
القول الثاني:
يجوز المرور بين يدي المصلي لأن المشقة تجلب التيسير قال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}(7)
وهذا رواية عن أحمد (8)وقول عن بعض الشافعية (9)وهو الظاهر في مذهب المالكية (10)
قال النوواي:"قال إمام الحرمين النهى عن المرور الامر بالدفع انما هو إذا وجد المار سبيلا سواه فان لم يجد وازدحم الناس فلا نهي عن المرور ولا يشرع الدفع وتابع الغزالي امام الحرمين علي هذا قال الرافعى وهو مشكل ففى صحيح البخاري خلافه وأكثر كتب الاصحاب ساكتة عن التقييد بما إذا وجد سواه سبيلا" (11)أهـ.
والراجح في المسألة:
جواز المرور إذا كانت الحاجة ملحة وقد يترتب على عدم المرور مفسدة كبرى فإن الحاجة تنزل منزلة الضرورة كما هو مقرر، أما إذا لم تكن هناك حاجة ملحة ولم يضر الانتظار فإنه يحرم المرور بين يدي المصلي لحديث أبي سعيد الخدري الآنف الذكر.
الفصل الثاني
من قال باستحباب السترة.
*قال النووي في روضة الطالبين (1/398) :" فرع: يستحب للمصلي أن يكون بين يديه سترة، من جدار، أو سارية، أو غيرهما. ويدنو منها بحيث لا يزيد بينهما على ثلاثة أذرع وإن كان في صحراء، غرز عصا ونحوها، أو جمع شيئا من رحله، أو متاعه. وليكن قدر مؤخرة الرحل، فإن لم يجد شيئا شاخصا، خط بين يديه خطا، أو بسط مصلى. وقال إمام الحرمين، والغزالي: لا عبرة بالخط. والصواب، ما أطبق عليه الجمهور، وهو الاكتفاء بالخط كما إذا استقبل شيئا شاخصا. قلت: وقال جماعة: في الاكتفاء بالخط، قولان للشافعي. واختلف في صفة الخط. فقيل: يجعل مثل الهلال. وقيل: يمد طولا إلى جهة القبلة. وقيل: يمده يمينا وشمالا. والمختار استحباب الخط، وأن يكون طولا. والله أعلم أهـ.
*قال صاحب كشف القناع عن متن الإقناع(3/115):"( وَتُسَنُّ صَلَاةُ غَيْرِ مَأْمُومٍ ) إمَامًا كَانَ أَوْ مُنْفَرِدًا ( إلَى سُتْرَةٍ ) مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ ( وَلَوْ لَمْ يَخْشَ ) الْمُصَلِّي ( مَارًّا ) حَضَرًا كَانَ أَوْ سَفَرًا ، لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ يَرْفَعُهُ { إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيُصَلِّ إلَى سُتْرَةٍ ، وَلْيَدْنُ مِنْهَا } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِوَاجِبٍ ، لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي فَضَاءٍ لَيْسَ بَيْنَ يَدَيْهِ شَيْءٌ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالسُّتْرَةُ مَا يَسْتَتِرُ بِهِ ( مِنْ جِدَارٍ أَوْ شَيْءٍ شَاخِصٍ كَحَرْبَةٍ أَوْ آدَمِيٍّ غَيْرِ كَافِرٍ ) لِأَنَّهُ يُكْرَهُ اسْتِقْبَالُهُ كَمَا تَقَدَّمَ ( أَوْ بَهِيمٍ ) يَعْرِضُهُ ، وَيُصَلِّي إلَيْهِ ( أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ ، مِثْلِ آخِرَةِ الرَّحْلِ تُقَارِبُ طُولَ ذِرَاعٍ فَأَكْثَرَ ) .
لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إذَا وَضَعَ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلَ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ فَلْيُصَلِّ ، وَلَا يُبَالِي مَنْ يَمُرُّ وَرَاءَ ذَلِكَ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ ( فَأَمَّا قَدْرُهَا ) أَيْ السُّتْرَةُ ( فِي الْغِلَظِ فَلَا حَدَّ لَهُ فَقَدْ تَكُونُ غَلِيظَةً كَالْحَائِطِ أَوْ دَقِيقَةً كَالسَّهْمِ ) لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { صَلَّى إلَى حَرْبَةٍ وَإِلَى بَعِيرٍ } رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ( وَيُسْتَحَبُّ قُرْبُهُ مِنْهَا قَدْرَ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ مِنْ قَدَمَيْهِ ) لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ الْجِدَارُ نَحْوٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَلِأَنَّهُ أَصْوَنُ لِصَلَاتِهِ ، فَإِنْ كَانَ فِي مَسْجِدٍ قَرُبَ مِنْ الْجِدَارِ أَوْ السَّارِيَةِ نَحْو ذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَ فِي الْفَضَاءِ فَإِلَى شَيْءٍ شَاخِصٍ مِمَّا سَبَقَ .
قَالَ { اسْتَتِرُوا فِي الصَّلَاةِ وَلَوْ بِسَهْمٍ } رَوَاهُ الْأَثْرَمُ وَقَوْلُهُ وَلَوْ بِسَهْمٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَيْرَهُ أَوْلَى مِنْهُ ( وَيَكْفِي ) فِي السُّتْرَةِ ( خَيْطٌ وَنَحْوُهُ وَ ) كُلُّ ( مَا اُعْتُقِدَ سُتْرَةً فَإِنْ لَمْ يَجِدْ خَطَّ خَطًّا ) نَصَّ عَلَيْهِ ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ شَيْئًا ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَنْصِبْ عَصًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عَصًا فَلْيَخُطَّ خَطًّا ، وَلَا يَضُرُّهُ مَا مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَةَ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ فِيهِ رَجُلًا مَجْهُولًا وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ : لَا بَأْسَ بِهِ فِي مِثْلِ هَذَا .
وَصِفَته كَالْهِلَالِ لَا طُولًا لَكِنْ قَالَ فِي الشَّرْحِ : وَكَيْفَمَا خَطَّ أَجْزَأَهُ أهـ.
*قال ابن عثيمين في الشرح (2/309):"وقال بعض أهل العلم: إنه إذا لم يخشَ مارًّا فلا تُسَنُّ السُّتْرة . ولكن الصحيح أن سُنيَّتها عامة، سواء خشي المارَّ أم لا.
وعُلم من كلامه: أنَّها ليست بواجبة، وأنَّ الإنسان لو صَلَّى إلى غير سُترة فإنه لا يأثم، وهذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم ؛ لأنها من مكمِّلات الصَّلاة، ولا تتوقَّفُ عليها صحَّة الصَّلاة، وليست داخل الصَّلاة ولا مِن ماهيَّتها حتى نقول: إنَّ فقدَها مفسدٌ، ولكنها شيء يُراد به كمال الصَّلاة، فلم تكن واجبة، وهذه هي القرينة التي أخرجت الأمر بها من الوجوب إلى الندب.
واستدلَّ الجمهور بما يلي:
1 - حديث أبي سعيد الخدري: «إذا صَلَّى أحدُكم إلى شيءٍ يستُره من النَّاسِ؛ فأراد أحدٌ أن يجتازَ بين يديه؛ فَلْيَدْفَعْهُ» فإن قوله: «إذا صَلَّى أحدُكم إلى شيء يستره» يدلُّ على أن المُصلِّي قد يُصلِّي إلى شيء يستره وقد لا يُصلِّي، لأن مثل هذه الصيغة لا تدلُّ على أن كلَّ الناس يصلون إلى سُتْرة، بل تدلُّ على أن بعضاً يُصلِّي إلى سُتْرة والبعض الآخر لا يُصلِّي إليها.
2 - حديث ابن عباس: «أنَّه أتى في مِنَى والنبي صلى الله عليه وسلم يصلِّي فيها بأصحابه إلى غير جدار» .
3 - حديث ابن عباس «صَلَّى النبي صلى الله عليه وسلم في فضاء ليس بين يديه شيء» وكلمة «شيء» عامة تشمل كلَّ شيء، وهذا الحديث فيه مقال قريب، لكن يؤيِّده حديث أبي سعيد، وحديث ابن عباس السابقان.
4 - أن الأصل براءة الذِّمَّة.
القول الثاني: أن السُّتْرة واجبة ؛ للأمر بها. وأجابوا عن حديث ابن عباس: «يُصلِّي في فضاء إلى غير شيء» بأنه ضعيف ، وعن حديثه: «يُصلِّي إلى غير جدار» بأن نفي الجدار لا يستلزم نفي غيره، وحديث أبي سعيد يدلُّ على أن الإنسان قد يُصلِّي إلى سُترة وإلى غير سترة، لكن دلَّت الأدلَّة على الأمر بأنه يُصلِّي إلى سُترة.
وأدلَّة القائلين بأن السُّتْرة سُنَّة وهم الجمهور أقوى، وهو الأرجح، ولو لم يكن فيها إلَّا أن الأصل براءة الذِّمَّة فلا تُشغل الذِّمَّة بواجب، ولا يحكم بالعقاب إلا بدليل واضح لكفى.
وأجاب الجمهور عن قول ابن عباس: «إلى غير جدار» أن ابن عباس أرادَ أن يستدلَّ به على أن الحِمار لا يقطع الصَّلاةُ، فقال: «إلى غير جدار» أي: إلى غير شيء يستره.
أما المَأموم فلا يُسَنُّ له اُتِّخاذ السُّترة؛ لأن الصحابة -ـ كانوا يصلّون مع النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتخذ أحدٌ منهم سترةاهـ.
* الإمام ابن باز-رحمه الله -
حيث يقول:( الصلاة إلى سترة سنة مؤكدة وليست واجبة فإن لم يجد شيئا منصوبا أجزأه الخط . . والحجة فيما ذكرنا قوله صلى الله عليه وسلم : إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة وليدن منها رواه أبو داود بإسناد صحيح . وقوله صلى الله عليه وسلم : يقطع صلاة الرجل إذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل المرأة والحمار والكلب الأسود رواه مسلم في صحيحه .
وقوله صلى الله عليه وسلم : إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئا فإن لم يجد فلينصب عصا فإن لم يجد فليخط خطا ثم لا يضره من مر بين يديه رواه الإمام أحمد وابن ماجة بإسناد حسن ، قاله الحافظ بن حجر في ( بلوغ المرام) .
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى في بعض الأحيان إلى غير سترة ، فدل على أنها ليست واجبة ويستثنى من ذلك الصلاة في المسجد الحرام فإن المصلي لا يحتاج فيه إلى سترة لما ثبت عن ابن الزبير رضي الله عنهما ، أنه كان يصلي في المسجد الحرام إلى غير سترة والطواف أمامه . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك لكن بإسناد ضعيف ، ولأن المسجد الحرام مظنة الزحام غالبا ، وعدم القدرة على السلامة من المرور بين يدي المصلي ، فسقطت شرعية ذلك لما تقدم ويلحق بذلك المسجد النبوي في وقت الزحام وهكذا غيره من أماكن الزحام عملا بقول الله عز وجل : فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وقوله صلى الله عليه وسلم : إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم متفق على صحته)
مجموع فتاواه المجلد الحادي عشر
* الشيخ ابن عثيمين…- رحمه الله –
يقول:(السترة في الصلاة سنة مؤكدة الا للماموم فان الماموم لا يسن له اتخاذ سترة اكتفاء بسترة الإمام)
فتاوى أركان الاسلام – صفحة 343، سؤال رقم:267
3) الشيخ د. صالح الفوزان…حفظه الله
يقول(فاتِّخاذ السترة مستحب في حق الإمام والمنفرد، أما المأموم؛ فإن سترة الإمام تعتبر سترة له؛ فلا يحتاج إلى اتخاذ سترة خاصة)
الفتوى رقم 16559 من موقع الشيخ على الإنترنت.
4) الشيخ سلمان العودة…حفظه الله
يقول(سترة المصلي مستحبة في حق الإمام والمنفرد، وليست واجبة عند جماهير أهل العلم،
وفي البخاري (76) "أن النبي – صلى الله عليه وسلم - صلى بمنى إلى غير جدار"
والراجح في تفسيره: إلى غير سترة، فإن نفي الجدار مع قصد ثبوت غيره لا معنى له؛ لأن السترة ليست الجدار، أو هو الأفضل فيها)
* أدلة من قال بسنية السترة:
1. روى البخاري عن أبي صَالِحٍ السَّمَّانُ قَالَ رَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ يُصَلِّي إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنْ النَّاسِ فَأَرَادَ شَابٌّ مِنْ بَنِي أَبِي مُعَيْطٍ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَدَفَعَ أَبُو سَعِيدٍ فِي صَدْرِهِ فَنَظَرَ الشَّابُّ فَلَمْ يَجِدْ مَسَاغًا إِلَّا بَيْنَ يَدَيْهِ فَعَادَ لِيَجْتَازَ فَدَفَعَهُ أَبُو سَعِيدٍ أَشَدَّ مِنْ الْأُولَى فَنَالَ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ ثُمَّ دَخَلَ عَلَى مَرْوَانَ فَشَكَا إِلَيْهِ مَا لَقِيَ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ وَدَخَلَ أَبُو سَعِيدٍ خَلْفَهُ عَلَى مَرْوَانَ فَقَالَ مَا لَكَ وَلِابْنِ أَخِيكَ يَا أَبَا سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنْ النَّاسِ فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ".
2. عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي فَضَاءٍ لَيْسَ بَيْنَ يَدَيْهِ شَيْءٌ }(12).
وبهذين الحديثين صرف من استحب السترة الوجوب إلى الندب.
سيأتي الرد على هذين الحديثين في الفصل الثالث
الفصل الثالث
من قال بوجوب السترة.
*قال الشوكاني في نيل الأوطار (4/204):" قَوْلُهُ : ( فَلْيُصَلِّ إلَى سُتْرَةٍ ) فِيهِ أَنَّ اتِّخَاذَ السُّتْرَةِ وَاجِبٌ ، وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْآتِي ، وَحَدِيثُ سَبْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ عِنْدَ الْحَاكِمِ ، وَقَالَ : عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ { لِيَسْتَتِرْ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ وَلَوْ بِسَهْمٍ } قَوْلُهُ : ( وَلْيَدْنُ مِنْهَا ) فِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ الدُّنُوِّ مِنْ السُّتْرَةِ حَتَّى يَكُونَ مِقْدَارُ مَا بَيْنَهُمَا ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ.."أهـ
*قال الإمام الألباني في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم(ص82):"السترة ووجوبها".
*وقال في تمام المنة(300):".. وإن مما يؤكد وجوبها أنها سبب شرعي لعدم بطلان الصلاة بمرور المرأة البالغة والحمار والكلب الأسود ، كما صح ذلك في الحديث..."أهـ.
*نقل الألباني أنه الظاهر من كلام ابن حزم في المحلى قال الألباني في تمام المنة :"وهو الظاهر من كلام ابن حزم في " المحلى " ( 4 / 8 - 15 )".
أدلة من قال بالوجوب:
1. كان يقول : ( لا تصل إلا إلى سترة ولا تدع أحدا يمر بين يديك فإن أبى فلتقاتله فإن معه القرين ) رواه ابن خزيمة بسند جيد.
قلت: ولا شك أن الأصل حمل الأمر على الوجوب مالم يصرفه صارف.
وهنا الصارف قائم،فلا نحتاج إلى أن نقول القول مقدم على الفعل، لأن مثل هذا يصار إليه في الترجيح عندالتعارض، وصرف الأمر من الوجوب إلى الاستحباب من أوجه الجمع، وهو الذي ينبغي أنيصار إليه ما أمكن أولاً وفقاً لما عليه الجمهور من تقديمهم الجمع على الترجيح، إذيشتمل على إعمال كلا النصين جميعاً دون إغفال لأحدها (13)
2. و ( كان إذا صلى [ في فضاء ليس فيه شيء يستتر به ] غرز بين يديه حربة فصلى إليها والناس وراءه ) وأحيانا ( كان يعرض راحلته فيصلي إليها ) متفق عليه.
3. وكان صلى الله عليه وسلم لا يدع شيئا يمر بينه وبين السترة فقد ( كان يصلي إذ جاءت شاة تسعى بين يديه فساعاها حتى ألزق بطنه بالحائط [ ومرت من ورائه ] ) رواه ابن خزيمة والطبراني والحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
وغيرها من الأدلة..
الفصل الرابع
الخلاصة والمناقشة:
أن السترة واجبة للإمام للأحاديث الصحيحة الكثيرة الواردة في ذلك وأما أدلة من قال بسنيتها فلا تخلو من مقال خلا حديث ابن عباس في البخاري .
قال صاحب الفروع (2/262):"وكذلك المصلي لا يدع شيئا يمر بين يده لأنه عليه السلام كان يصلي إلى سترة دون أصحابه لكن قد احتجوا بمرور ابن عباس بالأتان
بين يدي بعض الصف ولم ينكر ذلك أحد1، وهذا قضية عين يحتمل البعد، مع أنه في الحرم، ويحتمل عدم الإمكان، وحضور شاغل عنه، ولو علم النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل ولم ينكر ذلك أحد، بل كان يضيف عدم الإنكار إليه، وغايته إقرار بعض الصحابة، واحتجوا بأن البهيمة لما أرادت أن تمر بين يديه عليه السلام درأها حتى التصق بالجدار فمرت من ورائه. رواه أبو داود، وابن ماجه2 بإسناد جيد إلى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، ولم يفعلوا كفعله، ولم ينكر عليهم، وهذا إن صح فقضية عين تحتمل أنها لم تمر بين أيديهم، مع احتمال البعد، أو تركوها لظنهم عدم الإمكان، مع أنه مقام كراهة، وهذا منهم يدل على العموم، فاختلف كلامهم على وجهين والأول أظهر، وفاقا للشافعية وغيرهم".
* قال بعض أهل العلم أن كابن دقيق العيد وغيره أنه لا يلزم من عدمالجدار عدمالستره".
وأما الحديثين الواردين فهما حديثان فِعلِّيان وأحاديث الباب قولية فيقدم القول على الفعل كما هو معلوم من علم الأصول عند عدم معرفة المتقدم من المتأخر وإلى هذا ذهب العلامة الشوكاني في نيل الأوطار .
أن الحديثين الواردين أحاديث فِعلِّية وأحاديث الباب قولية فيقدم القول على الفعل كما هو معلوم من علم الأصول عند عدم معرفة المتقدم من المتأخر وإلى هذا ذهب العلامة الشوكاني في نيل الأوطار .
فقال: رحمه الله " قوله " صلى في فضاء ليس بين يديه شيء" الحديث فيه ضعف كما مر.
فيه دليل على أن اتخاذ السترة غير واجب فيكون قرينة لصرف الأوامر إلى الندب ولكنه قد تقرر في الأصول أن فعله صلى الله عليه وسلم لا يعارض القول الخاص بنا وتلك الأوامر السابقة خاصة بالأمة فلا يصلح هذا الفعل أن يكون قرينة لصرفها(2) نيل الأوطار جـ3 صـ5.
قلت: هذا وجه وقد ذكر الألباني ـ حفظه الله ـ حديثاً وعزاه إلى ابن خزيمة في صحيحه وقال بسند جيد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال " لا تصل إلا إلى سترة ولا تدع أحداً يمر بين يديك فإن أبي فلتقاتله فإن معه القرين"راجع صفة صلاة النبي للألباني صـ62.
[وهذا الحديث حاذر كما هو ظاهر لقوله صلى الله عليه وسلم " لا تصل إلا إلى سترة " فقد نهي عن الصلاة إلا إلى سترة والناظر في دليل المخالفين يجد أنه فعلي من جهة مبيح من جهة أخرى والحديث الذي بين أيدينا قولي من جهة حاذر من جهة أخرى وكما هو معلوم وعليه فإذا تحقق لدينا وجوب السترة والتحذير من تركها فعلى هذا التحقيق تُخَرَّج المسألة. وهي وجوب المشي في الصلاة لأجل لاستتار](14)
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما مزيداً إلى يوم الدين
(*) جُله من كتاب حكم المرور بين يدي المصلي داخل المسجد الحرام للدكتور عبد الله بن عبد العزيز الجبرين.
(1) الاضطرار: هو أن يترتب على عدم فعل المحظور هلاك لشخص معصوم أو شبه هلاك كمرض أو نحوه.
وقال ابن قدامة المقدسي الحنبلي في كتابه المشهور المغني ( 9/ 331 ) ما نصه:
(( إذا ثبت هذا فإن الضرورة المبيحة هي التي يخاف التلف بها إن ترك الأكل )) .
ثم قال: (( فصل وتباح المحرمات عند الاضطرار إليها في الحضر والسفر جميعاً ، لأن الآية مطلقة غير مقيدة بإحدى الحالتين ، وقوله: (( فمن اضطر )) لفظ عام في حق كل مضطر ، ولأن الاضطرار يكون في الحضر في سنة المجاعة وسبب الإباحة الحاجة إلى حفظ النفس عن الهلاك لكون هذه المصلحة أعظم من مصلحة اجتناب النجاسات والصيانة عن تناول المستخبثات ، وهذا المعنى عام في الحالتين )) ثم قال:
(( ولكن الضرورة أمر معتبر بوجود حقيقته لا يكتفى فيه المظنة ، بل متى وجدت الضرورة أباحت سواء وجدت المظنة أو لم توجد ومتى انتفت لم يبح الأكل )) .
(2) الحاجة في الاصطلاح فعلى ضربين: حاجة عامة قد تنزل منزلة الضرورة وهذه هي الحاجة الأصولية وقد سمّاها بعضهم بالضرورة العامة كما أسلفنا، وحاجة فقهية خاصة حكمها مؤقت تعتبر توسيعاً لمعنى الضرورة. [الشيخ العلامة/ عبد الله بن بيه موقع الإسلام اليوم]
(3) المجموع نهاية المحتاج مغني المحتاج.
(4) المبدع الإنصاف الفروع
(5) مرقاة المفاتيح
(6) متفق عليه رواه البخاري كتاب الصلاة باب : يَرُدُّ الْمُصَلِّي مَنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ. (2/ 321) حديث رقم (479) ومسلم كتاب الصلاة باب: منع المار بين يدي المصلي (3/73) رقم (782).
(7) الأشباه والنظائر للسيوطي ص 76
(8) ينظر الإنصاف (2/69)ط. دار إحياء التراث العربي بيروت.
(9) نقله ابن رجب في فتح الباري (3/307)
(10) ينظر المدونة (1/202).
(11) المجموع شرح المهذب (3/249).
(12) رواه أحمد ، وأبو داود ، والبيهقي وفي سنده الحجاج بن أرطأة وهو حجاج بن أرطاة بن ثور بن هبيرة بن شراحيل وهو ضعيف مدلس وقد عنعن الحديث قاله الألباني.
قلت: وحجاج بن أرطأة النخعي:الكوفي سمع عطاء روى عنه الثوري وشعبة قال ابن المبارك: وكان الحجاج مدلساً يحدثنا بالحديث عن عمرو بن شعيب مما يحدثه محمد العزرمي، والعزرمي متروك الحديث لا نقربه".
(13) ملتقى أهل الحديث:
(14) ملتقى أهل الحديث
Courtesy: http://www.ahlalhdeeth.com