Hukum Korupsi dan Hadiah
Antara Korupsi dan Hadiah. Suap jelas haram sedangkan hadiah ada yang halal namun ada juga yang haram karena sama dengan suap. Bagi suap atau hadiah yang haram, maka harta itu harus dikembalikan pada si pemberi kalau tidak bisa, maka ke baitul mal atau fakir miskin.
Antara Korupsi dan Hadiah. Suap jelas haram sedangkan hadiah ada yang halal namun ada juga yang haram karena sama dengan suap. Bagi suap atau hadiah yang haram, maka harta itu harus dikembalikan pada si pemberi kalau tidak bisa, maka ke baitul mal atau fakir miskin.
العزيز شرح الكبيرالجزء الثاني عشر ص: 468-469
وإذا عرفنا أن قول الرشوة حرام مطلقا وقبول الهدية جائز في بعض الأحوال طلبت الفرق بينهما وقلت باذل المال راض فيهما جميعا فبما نميز بينهما ؟ والذي وجدته في الفرق بينهما شيئان : أحدهما: في كلام القاضي ابن كج: أن الرشوة هي التي يشترط على باذلها الحكم بغير الحق أو الامتناع عم الحكم بالحق والهدية هي العطية المطلقة والثاني قال المصنف في الإحياء المال إما أن يبذل لغرض آجل فهو قربة وصدقة وإن كان لغرض عاجل فهو إما مال فهو هبة بشرط الثواب أو توقع ثواب أو عمل فإن كان ذلك العمل حراما أو واجبا متعينا فهو رشوة وإن كان مباحا فإجارة أو جعالة وأما التقرب والتودد إلى المهدى إليه وذلك ما أن يطلبه لنفسه فهو هدية أو ليتوسل بجاهه إلى أغراض ومقاصد فإن كان جاهه العلم أو بالنسب فهو هدية وإن كان بالقضاة والعمل فهو رشوة والله أعلم
إيضاح الأحكام لما يأخذه العمال والحكاملابن حجر الهيتمي ص: 41
ولا يختص ذلك بالقاضي بل يجري في الإمام ومن دونه من كل مقلد أمرا من أمور المسلمين ولكن القاضي يلام على ذلك أكثر لأنه نائب الشرع فعليه أن ينظر إلى سيرة من هو نائب عنه وهو النبي r والخلافاء الرشدين في أحكامهم وأفعالهم فإن رأى سيرته قريبة من سيرتهم نجا, وإلا فليعلم: أنه كما عدل عن طريقهم في الدنيا كذلك يعدل عنها في الآخرة............
كفاية الأخيار ص : 262
واعلم أن الهدية لغير الحكام كهدايا الرعايا بعضهم لبعض إن كانت لطلب محرم أو إسقاط حق أو إفانة على ظلم حرم القبول والشفاعة والتوسط بين المهدي والآخذ من قاض وغيره وكذا بين المرتشي والراشي حكمه موكله فإن وكلاه معا وكان المهدي أو الراشي معذورا لأجل حقه حرم على المتوسط لأنه وكيل الآخذ وهو محرم عليه والله أعلم
أسنى المطالب الجزء الرابع ص : 300 - 301
قال وإن وقف عليه واحد من أهل ولايته وشرطنا القبول في الوقف فهو كالهدية وإلا فينبغي الحكم بالصحة كما لو كان عليه دين فأبرأه منه قال فإنه يبعد أن يقال لا يصح قال بل يصح وعلى القاضي الاجتهاد في عدم الميل قلت ولو وفى عنه دينه بغير إذنه ينبغي أن يجوز قطعا فإن كان بإذنه بشرط عدم الرجوع لم يجز قطعا قلته بحثا ع ولو أبرأه من دينه جاز وقوله جاز قطعا أشار إلى تصحيحه وكذا قوله لا يجوز قطعا وكذا قوله جاز وكتب أيضا وينبغي أن تكون الهدية لمحجوره كالهدية له (قوله من له خصومة) يلتحق بمن له خصومة ما إذا كان أحس بأنها مقدمة لخصومة تأتي فتحرم أيضا نقله في الكفاية عن البندنيجي وهو ظاهر وينبغي أن يحمل قول المصنف من له خصومة على الحال والاستقبال ليشمل ذلك غ ر (تنبيه) قال ابن الرفعة ملخصا لكلام الماوردي والهدية من الرعايا بعضهم لبعض إن كانت لطلب آجل أو عاجل هو مال أو مودة فجائز وفي بعض الصور مستحب وإن كانت لأجل شفاعة فإن كانت الشفاعة في محظور لطلب محظور أو إسقاط حق أو معونة على ظلم فقبولها حرام وإن كانت في مباح لا يلزمه فإن شرط الهدية على المشفوع له فقبولها محظور وكذلك إن قال المهدي هذه الهدية جزاء شفاعتك فقبولها محظور أيضا وإن لم يشرطها الشافع وأمسك المهدي عن ذكر الجزاء فإن كان مهديا له قبل الشفاعة لم يكره له القبول وإلا كره له القبول إن لم يكافئه عليها فإن كافأه لم يكره اهـ
إثمد العين بهامش بغية المسترشدين ص: 171
يجوز للإمام أن يقف من أراضي بيت المال على جماعة أو واحد كما قاله النووي وغيره ويجوز له أن يهب منه ويملك أيضا وحينئذ لا يجوز لمن تولى بعده نقض التمليك.
إحياء علوم الدين الجزء الثانى ص : 152 - 153 دار إحياء الكتب
فقلت باذل المال لا يبذله قط إلا لغرض إما عاجل كالثواب وإما عاجل والعاجل إما مال وإما فعل وإعانة على مقصود معين وإما تقرب إلى قلب المهدى إليه بطلب محبته إما للمحبة فى عينها وإما للتوصل بالمحبة إلى غرض وراءها فالأقسام الحاصلة من هذه خمسة -إلى أن قال- الثالث أن يكون المراد إعانة بفعل معين كالمحتاج إلى السلطان يهدى إلى وكيل السلطان وخاصته ومن له مكانة عنده فهذه هدية بشرط ثواب يعرف بقرينة الحال فلينظر فى ذلك العمل الذى هو الثواب فإن كان حراما كالسعى فى تنجيز إدرار حرام أو ظلم إنسان أو غيره حرم الأخذ وإن كان واجبا كدفع ظلم متعين على كل من يقدر عليه أو شهادة متعينة فيحرم عليه ما يأخذه وهى الرشوة التى لا يشك فى تحريمها وإن كان مباحا لا واجبا ولا حراما وكان فيه تعب بحيث لو عرف لجاز الاستئجار عليه فما يأخذه حلال مهما وفى بالغرض وهو جار مجرى الجعالة كقوله أوصل هذه القصة إلى يد فلان أو يد سلطان ولك دينار وكان يحتاج إلى تعب وعمل متقوم أو قال اقترح على فلان أن يعيننى فى غرض كذا أو ينعم على بكذا وافتقر فى تنجيز غرضه إلى كلام طويل فذلك جعل كما يأخذه الوكيل بالخصومة بين يدى القاضى فليس بحرام إذ كان لا يسعى فى حرام وإن كان مقصوده يحصل بكلمة لا تعب فيها ولكن تلك الكلمة من ذى الجاه أو تلك الفعلة من ذى الجاه تفيد كقوله للبواب لا تغلق دونه باب السلطان أو كوضعه قصة بين يدى السلطان فقط فهذا حرام لأنه عوض من الجاه ولم يثبت فى الشرع جواز ذلك بل يثبت ما يدل على النهى عنه كما سيأتى فى هدايا الملوك
فيض القدير الجزء الأول ص : 525 (دار المعرفة)
قال فى الأذكار يستحب الشفاعة إلى ولاة الأمر وغيرهم من ذوى الحقوق ما لم تكن فى حد أو فى أمر لا يجوز تركه كالشفاعة إلى ناظر طفل أو مجنون أو وقف فى ترك بعض حق من فى ولايته فهذه شفاعة محرمة -الى أن قال- ففيه حث على الشفاعة ودلالة على عظم ثوابها والأمر للندب وربما يعرض له ما يصير الشفاعة
لب الاصول ص: 102
(ورشوة) بتثليث الراء وهى ان يبذل مالا ليحق باطلا او يبطل حقا لخبر الترمذى لعنة الله على الراشى والمرتشى زاد الحاكم والرائش الذى يسعى بينهما أما بذله للمتكلم فى جائز مع سلطان مثلا فجعالة جائزة فيجوز البذل والاخذ وبذله للمتكلم فى واجب كتخليص من حبس ظلما وتولية قضاء طلبه من تعين عليه او سن له جائز والاخذ فيه حرام (قوله والاخذ فيه حرام) اى ان تعين عليه وعبارة م ر فى شرحه وافتى المصنف فيمن حبس ظلما فبذل مالا لمن يتكلم فى خلاصه بجاهه او غيره بأنها جعالة مباحة وأخذ عوضها حلال ونقل عن جماعة اى وفى ذلك كلفة تقابل بأجرة عرفا اهـ ولم يتعقبه بشيء ولم يكتب عليه ع ش ولا الرشيدى شيئا ويؤخذ مما ذكره قبل انه ان تعين عليه لم يجز له الاخذ والا جاز وبه صرح العلامة الشارح فى الحاشية حيث قال اما بذل مال للمتكلم فى جائز مع السلطان مثلا فجعالة جائزة فيجوز فيه البذل والاخذ وشمل الجائز الواجب لكن ان تعين عليه امتنع الاخذ وان جاز البذل ففى تخليص من حبس ظلما يمتنع الاخذ على من تعين عليه دون غيره وعلى غيره يحمل اطلاق النووى فى فتاويه الجواز اهـ وهذا هو المشهور فى تقارير الشيوخ وهو مقتضى عبارة م ر سابقا ولاحقا فليراجع وليحرر اهـ شيخنا محمد الجوهرى
العمال والحكام لابن حجر الهيتمي ص: 54-59
(الثالث) هدية من له خصومة فيحرم إجماعا قبولها مطلقا ولو ممن له عادة بالإهداء له قبل القضاء أو من غير أهل ولايته للخبر السابق" هذايا العمال غلول" والقاضي أولى من العامل فإنه نائب الشرع ولأن زيد ابن ثابت كان يهدي لعمر رضي الله تعالى عنهما كل سنة لبنا ثم استقرض منه من بيت المال فأهدى زيد لعمر فلم يقبل وقال: لعله إنما قدم لنا لما أقرضناه فلم يقبل منه حتى قضى دينه ولانكسار قلب خصمه ولتهمة الميل لما في الهدية من قوة الإمالة وقد قيل إنما سمي مالا لأنه يميل وقد روي أن رجلا أهدى لعمر جزورا ثم جاء يخاصم إليه فجعل يقول ياأمير المؤمنين أفصل بيننا كما بفصل رجل الجزول وعمر لا يفهم فذكر ذلك للناس وقال (مازال يكررها حتى كدت أقضي له) والحق خصومات الحاجة ولا فرق بين هديته في مدة الخصومة وقبلها إذا استشعر القاضى أنها لأجل خصومة يحدثها بعد ولو أهدى له بعد قضاء حاجته ولم تكن جزاء فهي كما لو لم يكن له حاجة. فإن كان يعتاد الإهداء اليه قبل القضاء والترشيخ له حلت له وإلا فلا كما سيأتي وقبوله e لهدية لا دليل فيه لحلها لقاض ولا عامل لأنه معصوم ومن ثم قال عمر بن عبد العزيز :"كانت له e هدية وأما الآن فهي رشوة" قال بعضهم : وهذا يقوى فساد ما مر ويأتي عن جمع من جواز طلب القاضى للأجرة أي أو الرزق لأن ذلك مناف لمنصب الحكم ولو أهدى اليه أحد خوفا من شره حرم القبول قطعا وقال الدرامى: ولو شرط أن يثيبه على هديته جاز قبولها وإن كانت له حكومة قال الأذرعى وفي هذا الإطلاق نظر إلا أن يكون معاوضة بثمن المثل ودفعه جهارا وإلا فيمنع لقوة التهمة قال في الخادم وفي نص الشافعي ما يقتضى هذا (الرابع) هدية من هو من أهل ولايته وليس له عادة بالإهداء اليه قبل القضاء ولا خصومة فيحرم عند كثيرين قبولها وإن كان المهدي خليفته كما صرح به القاضي حسين أو كان من ذوى رحمه كما اقتضاه إطلاقهم نعم ينبغي أن يستثني من لا ينفذ حكمه له كأبيه وابنه إذ لا تهمة حينئذ ثم رأيت الأذرعي وغيره استثنوا ذلك وسأذكره مبسوطا في سابع التنبيهات أو كان القاضي والمهدي خارج ولايته على الأصح بل قال السبكي على أنه متى ظهر أنه يهدي لأجل الولاية يحرم وإن كان في غير ولايته ممن ليس من أهل ولايته قال: ويحكي عن أبي حنيفة وأصحابه أنه يكره أخذها ممن لم
تجر له عادة وحكي محمد عن أبي حنيفة "لا ينبغي للقاضي أن يقبل هدية فإن ذلك يوقع التهمة ويطمع الناس فيه وحكى الخصاف عنه أنه يكره قبولها، وإن قبلها لم تسقط عدالته، وهذا أعنى الكراهة وجه عندنا، قال به جمع متقدمون من أصحابنا. وسيأتي في سابع التنبيهات زيادة لذلك "تنبيهات" : أحدها قال ابن القاص قال الشافعي في كتاب الصدقات ولو أهدى للساعي رجل من أهل عمله فأخذ هديته وأثابه عليها حلت له فإن لم يثبه عليها فليجعلها في الصدقات لا يحل له عندي غير هذا قل الشافعي في كتاب "القاضي" "ولا يقبل من أحد الخصمين هدية حتى تنقضي خصومتهما" وقياسه أنه لا يجيب واحدا من الخصمين في دعوة خاصة حتى تنقضي خصومنهما وينبغي للقاضي على مذهب الشافعي أنيثيب على الهدية فإن لم يثب عليها ولم يرد صاحبهما الثواب ففيها قولان (أحدهما) ما قال في "أدب القضاء" من جوار قبوله الهدية إذا تعدت الخصومات (والآخر) ما قال في كتاب "الصدقات" في هدايا العمال من أهل عملهم "إن لم يثب عليها فهي حرام إذ ما قاله في الإثابة محله إن أثاب عليها بمساويها كما صرح به الشافعي في محل آخر ثم رأيت الزركشي قال أطلق الإثابة وشرط أن يكون بثمن المثل كما سقناه عن النص من قوله: "أثانه بمثله" وبه صرح أبو علي فإن أثانه بأقل فكما لو لم يثبه لأن المحاباة حاصلة.انتهى ويتعين فرض ذلك فيمن له خصومة أما هو فلا يجوز قبول هديته مطلقا وإن أثانه بأكثر كما هو واضح لأن من شأن الهدية التوادد والتحابب فينكسر قلب الخصم وربما جر القاضي ذلك إلى الميل مع المهدي وما قل في جعلها إذا لم يثب عليها في مال الصقات قول والصحيح أنه حيث لم يملك الهدية ردها لمالكها وما قاله في انقضاء الخصومة عن أدب القضاء قول والراجح خلافه وهو أنه لا فرق في جريان التفصيل السافث بين ما قبل الخصومة وبعدها نعم من كانت عادته الإهداة إليه قبل القضاء لا يجوز قبول هدميته إلى بعد ايقضاة خصومته بجيع آثارها ومتى بفي آثر منها يتوهم من القاضي ميل مت معه فيه لا يجوز قتول هديته كما هم واضح فهذا هو الذي يفترق الحال فيه بين ما قبل الخصومة وبعدها ولذا يقال فيمن ليس من أهل ولايته يجوز قيول هدينه بعد انقضاء الخصومة وآثارها لا قبل ذلك فهو أيضا مما يفترق الحال فيه بين وجود الخصومة وعدمها وأما من هو في أهل عمله ولا عادة له في الإهداء إليه: فيحرم قبول هديته مطلقا فلا يأتي فيه بفصيل بين وجود الخصومة وعدم وجودها فشإن حمل قول" أدب القضاء" على الأولين لم يكن ضعيفا
العمال والحكام لابن حجر الهيتمي ص: 58-59 (دار الراية)
حيث جوزنا قبول الهدية للقاضي أو غيره ممن يأتي ملكها المهدى إليه وحيث حرمناه على القاضي أو غيره ممن يأتي لم يملكها ويلزمه ردها لمالكها فأن أتلفها صارت دينات عليه فيلزمه رد مثلها إن كانت مثلية وقيمتها إن كانت متقومة فإن مات قبل أدائها أديت من تركته فإن لم يعلم مالكها ردت لبيت المال لأنها حينئذ في حكم الضال هذا هو المنقول المعتمد إليه ذهب الأكثرون ووراءه أراء ضعيفة منها ما حكاه الإمام أن من الأصحاب من قال ويملك وإن حرم القول لكونها صدرت من أهلما وإن تفرض النهمة بقبولها فتحرم كالصرة في المغصوب قال الزركشي "ونازع بعهم في إجراء هذا الوجة العيف القائل بالماك على ظاهره وقال: إنه مصادم للإجماع الذي حكاه ابن عبد البر ومحل الخرف أيضا في غير الرشوة والتي وقعت جزاء لحكو سابف كما أفهمة كلام الماوردي أم هما فلا يخرجان عن ملك مالكهما قطعا وأقره الأذرعي وغيره لكن ذكر شريح أنه من دفع له شيء ليحكم الحق على سبيل الإجارة ولم يكن له رزق جاز له قبول ومر وسيأتي ما في ذلك: قال الفوراني لو أهدى له أحد المتحاكمين أو كلاهما لم يحل له ولم يملك على الأصح وقال صاحب "التقريب": "يملك" ومنها ما قاله القفال أن الطريقة المشهورة للأصحاب أن الهدية إذا لم تكن في حال خصومة فهي ملكه فلا يطلق إلا الكراهة وإن كانت في حال الخصومة قطعنا بالتحريم وفي حصول الملك وجهان وقال القاضي حسين ولا يقبل الهدية فإن قبلها أثاب أو جهلها في بيت المال فإن لم يفعل احتمل وجهين (أحدهما) يملك ولا يلزمه الرد (الثاني) يملك انتهى
فتاوي السبكي الجزء الأول ص: 203-207
(هدايا الأمراء غلول) انتهى الإجماع الذي نقله ابن عبد البر يرد على من يقول من المتأخرين بأنه يختص بها كما سنحكيه وملخص كلام العلماء فيما يعطي الحكام الأئمة والأمراء والقضاة والولاة وسائر من ولي أمرا من أمور المسلمين أنه إما رشوة وإما هدية أما الرشوة فحرام بالإجماع على من يأخذها وعلى من يعطيها وسواء كان الأخذ لنفسه أو وكيلا وكذا المعطي سواء أكان عن نفسه أو وكيلا ويجب ردها على صاحبها ولا تجعل في بيت المال إلا إذا جهل مالكها فتكون كالمال الضائع وفي احتمال لبعض متأخري الفقهاء أنها تجعل في بيت المال والمراد بالرشوة التي ذكرناها ما يعطى لدفع حق أو لتحصيل باطل وإن أعطيت للتوصل إلى الحكم بحق فالتحريم على من يأخذها كذلك وأما من لم يعطها فإن لم يقدر على الوصول إلى حقه إلا بذلك جاز وإن قدر إلى الوصول إليه بدونه لم يجز وهكذا حكم ما يعطى على الولايات والمناصب يحرم على الآخذ مطلقا –الى أن قال- وأما الهدية وهي التي يقصد بها التودد واستمالة القلوب فإن كانت ممن لم تقدم له عادة قبل الولاية فحرام وإن كانت ممن له عادة قبل الولاية فإن زاد فكما لو لم تكن له عادة وإن لم يزد فإن كانت له خصومة لم يجز وإن لم تكن له خصومة جاز بقدر ما كانت عادته قبل الولاية والأفضل أن لا يقبل والتشديد على القاضي في قبول الهدية أكثر من التشديد على غيره من ولاة الأمور لأنه نائب عن الشرع فيحق له أن يسير بسيرته وقال ابن يونس المالكي: لا يقبل القاضي هدية من أحد لا من قريب ولا من صديق وإن كافأه بأضعافها إلا من الوالد والولد وخاصة القرابة التي تجمع من حرمة الحاجة ما هو أكثر من حرمة الهدية قال سحنون: مثل الخالة والعمة وبنت الأخ قال ابن حبيب : لم يختلف العلماء في كراهية الهدية إلى السلطان الأكبر وإلى القضاة والعمال وجباة الأموال وهو قول مالك ومن قبله من أهل السنة وكان النبي e يقبل الهدية وهذا من خواصه وحكى ابن أبي زيد هذا الكلام عن ابن حبيب أيضا قال: وقد رد علي خروفا أهدي إليه وقال ربيعة: الهدية ذريعة الرشوة وعلمة الظلمة وقال أيضا: والنبي e ليس كغيره لأنه إنما يهدى إليه قربة لله تعالى وما أهدي إلى الوالي لم يقصد به إلا السلطان وفي كلام محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة رحمه الله على ما ذكره السرخسي في السير الكبير أن ملك العدو إذا بعث إلى أمير الجند هدية فلا بأس أن يقبلها ويصير فيئا للمسلمين لأنه ما أهدي إليه لعينه بل لمنعته ومنعته بالمسلمين فكان هذا بمنزلة المال المصاب بقوة المسلمين وهذا بخلاف ما كان لرسول الله e من الهدية فإن قوته ومنعته لم تكن بالمسلمين على ما قال الله تعالى–الى أن قال- وللشافعي t قول ثان قبولها غير محرم فهم منه بعض أصحابنا أنه قول بأنه يجوز أن يملكها والاختصاص بها وهذا بخلاف ما حكاه ابن عبد البر من الإجماع فلعل مراد الشافعي رحمه الله جواز القبول إذا لم يختص بها بل وضعها في بيت المال والحاصل أن الهدية لا يملكها الحاكم باتفاق أكثر العلماء أو كلهم وأما تحريم أخذها فحيث أوجبت ريبة حرم عليه قبولها والتحريم في القاضي آكد من بقية ولاة الأمور لأن عليه من الصيانة أكثر من غيره لأنه نائب عن الشرع –الى أن قال- ومن وقع في كلامه من الفقهاء أن القاضي يجوز له أخذ شيء فذلك شاذ مردود خطأ من قائله متأول ومحله في صورة نادرة وهي حالة الضرورة والمخمصة مشروطا بشروط نبهنا عليه فيما سبق ومن فعل خلاف ذلك فقد غير فريضة الله وباع عدل الله الذي بذله لعباده بغير عوض فأخذ عليه ثمنا قليلا ولهذا نجد بعض الفجرة الذين يقعون في شيء من هذا ويكتمونه ويأخذونه خفية وهذا علامة الحرام فإن الحلال يأخذه صاحبه جهارا لا يستحيي من أخذه نسأل الله أن يعصمنا من الزيغ ويسلك بنا طريق الهدى بمنه وكرمه انتهى
غاية تلخيص المراد ص : 171
(مسألة) يجوز للإمام ان يقف من اراضى بيت المال على جماعة اوواحد كما قاله النووى وغيره ويجوز له ان يهب منه ويملك ايضا وحينئذ لايجوز لمن تولى بعده نقض التمليك
البحر المحيط الجزء الأول ص: 398
مسألة "المكروه هل يدخل تحت الأمر ؟" المكروه لا يدخل تحت الأمر المطلق عندنا لأن الأمر طلب واقتضاء والمكروه لا يكون مطلوبا ولا مقتضى فلا يدخل تحت الخطاب للتناقض -إلى أن قال- ومنها: حيث قلنا: للقاضي قبول الهدية ولم نحرمها والأكثرون على أنه يملكها وفيه وجه قوي أنه لا يملكها ثم صححوا أنها ترد إلى صاحبها والظاهر : أنها توضع في بيت المال ولا ترد إليه
البحر الرائق الجزء السادس ص: 305
(قوله ويرد هدية إلا من قريب أو ممن جرت عادته به) أي لا يقبل القاضي هدية لما رواه البخاري عن أبي حميد الساعدي قال (استعمل النبي e رجلا من الأزد يقال له ابن اللتبية على الصدقة واسمه عبد الله فلما قدم قال هذا لكم وهذا أهدي إلي فقال عليه الصلاة والسلام هلا جلس في بيت أبيه أو بيت أمه فينظر أيهدى إليه أم لا) قال عمر بن عبد العزيز t كانت الهدية على عهد رسول الله e هدية واليوم رشوة فتعليله دليل على تحريم الهدية التي سببها الولاية ويجب ردها على صاحبها فإن تعذر ردها على مالكها وضعها في بيت المال كاللقطة كما في فتح القدير فإن كان المهدي يتأذى بالرد يقبلها ويعطيه مثل قيمتها كذا في الخلاصة وفي المضمرات إذا دخلت الهدية له من الباب خرجت الأمانة من الكوة وقدمنا عن الأقطع الفرق بين الهدية والرشوة أن الرشوة ما كان معها شرط الإعانة بخلاف الهدية وفي خزانة المفتين مال يعطيه ولا يكون معها شرط والرشوة مال يعطيه بشرط أن يعينه وذكر الهدية في الكتاب ليس احترازيا إذ يحرم عليه الاستقراض والاستعارة ممن يحرم عليه قبول هديته كما في الخانية وإنما يقبل هدية القريب لما فيها من صلة الرحم وردها قطيعة وهي حرام وأطلقه وهو مقيد بالمحرم فخرج ابن العم مثلا ومقيد بأن لا تكون له خصومة وإنما يقبل ممن له عادة للعلم بأنها ليست للقضاء وله شرطان أن لا يكون له خصومة وأن لا يزيد على العادة فيرد الكل في الأول وما زاد عليها في الثاني وقيده فخر الإسلام بأن لا يكون مال المهدي قد زاد فبقدر ما زاد ماله لا بأس بقبوله
مغنى المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج الجزء الثالث ص : 574
ولو خلص شخص آخر من يد ظالم ثم أنفذ إليه شيئا هل يكون رشوة أو هدية قال القفال في فتاويه ينظر إن كان أهدى إليه مخافة أنه ربما لو لم يبره بشيء لنقض جميع ما فعله كان رشوة وإن كان يأمن خيانته بأن لا ينقض ذلك بحال كان هبة
الفتاوى الكبرى الجزء الرابع ص : 311
(وسئل) رحمه الله تعالى هل للمحكم أن يزوج المحكمة له وإن بعد مكانها فوق مرحلتين وهل المحكم كالقاضي في تحريم الرشوة وغيرها ؟ (فأجاب) نفعنا الله تعالى به بقوله المحكم كالقاضي إلا في مسائل معروفة فلا بد في المحكمة له أن تكون حاضرة ويحرم عليه ما يحرم على القاضي من الرشوة وغيرها والله سبحانه وتعالى أعلم
المبسوط الجزء الخامس ص : 221 – 222 (محمد بن أحمد بن أبى سهل السرخسى الحنفى)
(قال) وإذا جعلت المرأة لزوجها جعلا على أن يزيدها في القسم يوما ففعل لم يجز وترجع في ماله لأنها رشته على أن يجور والرشوة حرام وهذا بمنزلة الرشوة في الحكم وهو من السحت
فتح الباري الجزء الخامس ص : 221 دار الفكر
وقال بن العربي الرشوة كل مال دفع ليبتاع به من ذي جاه عونا على ما لا يحل والمرتشي قابضه والراشي معطيه والرائش الواسطة وقد ثبت حديث عبد الله بن عمرو في لعن الراشي والمرتشي أخرجه الترمذي وصححه وفي رواية والرائش والراشي ثم قال الذي يهدى لا يخلو أن يقصد ود المهدي إليه أو عونه أو ماله فأفضلها الأول والثالث جائز لأنه يتوقع بذلك الزيادة على وجه جميل وقد تستحب إن كان محتاجا والمهدي لا يتكلف وإلا فيكره وقد تكون سببا للمودة وعكسها وأما الثاني فإن كان لمعصية فلا يحل وهو الرشوة وإن كان لطاعة فيستحب وإن كان لجائز فجائز لكن إن لم يكن المهدي له حاكم ولا إعانة لدفع مظلمة أو إيصال حق فهو جائز ولكن يستحب له ترك الأخذ وإن كان حاكما فهو حرام اهـ ملخصا
الموعظة المؤمنين الجزء الثانى ص : 137
من ورث مالا ولم يدر من أين اكتسبه مورثه من حلال أم من حرام ولم يكن ثم علامة فهو حلال باتفاق العلماء وإن علم أن فيه حراما وشك في قدره أخرج مقدار الحرام بالتحرى وإن علم أن بعض ماله كان من الظلم فيلزمه خراج ذلك القدر باجتهاد وقال بعض العلماء لا يلزمه والإثم على المورث (النظر الثانى في المصرف) فإذا أخرج الحرام فله ثلاثة أحوال: إما أن يكون له مالك معين فيجب الصرف إليه أو إلى وارثه وإن كان غائبا فينتظر حضوره أو الإيصال اليه وإن كانت له زيادة ومنفعة فالتجمع فوائده إلى وقت حضوره وإما أن يكون لمالك غير معين وقع اليأس من الوقوف على عينه ولا يدرى أنه مات عن وارث أم لا فهذا لايمكن الرد فيه للمالك ويوقف حتى يتضح الأمر فيه وربما لا يمكن الرد لكثرة الملاك فهذا ينبغى أن يتصدق به لئلا يضيع وتفوت المنفعة على المالك وعلى غيره وله أن يتصدق على نفسه وعياله إذا كان فقيرا اهـ
العمال والحكام ص: 64-65 (دار الراية)
والمعنى الذي أشار إليه الشافعي والأصحاب والمتقدمون والحنفيه من اعتبار المعنى الذي قصده المهدي وكأنها للمسلمين يرشد إليه هذا كله في الهدية. أما الرشوة فالذي ينبغي أنه إن جهل صاحبها ردت لبيت المال قطعا وإن عرف ردت إليه قطعا لأنه لم يخرج عنها إلا لما قصد من الحكم الذي لم يحصل له ولا يملكها المهدى إليه بلا خلاف وإذا كره قبول الهدية ملكها المهدى إليه عند الأكثرين وقيل لا يملكها وهو المختار عندي اعتبارا بالمعنى الذي لحظه وهو أنه إنما أهدى إليه لقوة المسلمين ولقوته بخصوصه ويؤيده قصة معاذ السابقة مع أبي بكر وعمر -إلى أن قال- فالذي يظهر أن الهدايا متى لم يقصد بها معنى الرشوة ولا كانت في وقت خصومة ولا تضمنت إزراء بمنصب القضاء ولا تهمة أو ميلا بل كانت مكارمة بين الأكفاء أنه لا يمتنع قبولها ولكنه ينظر مع ذلك إلى المعنى الباعث لصاحبها على الإهداء فإن كان هو الولاية فلا يمكلها المهدى إليه فقد تكون للمسلمين لأنه إنما أخذها بقوتهم فكأنه قائم مقامهم وإن كان الباعث عليها قصده بخصومة كما إذا لم يكن ولاية فهي ملكه هذا هو الذي يظهر ولما كان القاضي مظنة التهمة كرهنا له قبول الهدية مطلقا فإن زالت الريبة جاز وأخذ معاذ ممن أعطاه يدل لحل القبول والشيخان لم ينكر عليه ولا قالا له إنه حرام وإنما اقتضى كلامهما أنه لبيت المال ثم اختلفا فعمر رأى أنه لا يطيب إلا بالإمام وأبو بكر لعله رأى أن ذلك تعبدا لقوله r له (لعل الله يجبرك) إهـ
بغية المسترشدين ص 65 دار الفكر
(مسئلة ي) ليس للناظر العامى وهو القاضى أو الوالى النظر فى أموال الأوقاف وأموال المساجد مع وجود النظر الخاص المتأهل فحينئذ فما يجمعه الناس ويبذلونه لعمارتها بنحو نذر أو هبة وصدقة مقبوضين بيد الناظر أو وكيله كالساعى فى العمارة بإذن الناظر ويملكه المسجد ويتولى الناظر العمارة بالهدم والبناء وشراء الآلة والإستئجار فإن قبض الساعى بلا إذن الناظر فهو باق على ملك باذله فإن أذن فى دفعه للناظر اودلت قرينة أو اطردت العادة بدفعه دفعه وصار ملكا للمسجد حينئذ فيتصرف فيه كما مر وإن لم يأذن فى الدفع للناظر فالقابض أمين الباذل فعليه صرفه للأجراء وعن الألة وتسليمها للناظر وعلى الناظر العمارة هذا إن جرت العادة أو القرينة أو الإذن بالصرف كذلك أيضا وإلا فإن أمكنت مراجعة الباذل لزمت وإن لم تمكن فالذى أراه عدم جواز الصرف حينئذ لعدم ملك المسجد لها إذ لا يجوز قبض الصدقة إلا بإذن المتصدق وقد انتفى هنا وليتفطن لدقيقة وهو أن ما قبض بغير إذن الناظر إذا مات باذله قبل قبض الناظر أو صرفه على ما مر تفصيله يرد لوارثه إذ هو باق على ملك الميت وبموته بطل إذنه فى صرفه اهـ
فتح المعين بهامش إعانة الطالبين الجزء الثالث ص: 171-172 دار الفكر
تنبيه حيث أجمل الواقف شرطه اتبع فيه العرف المطرد في زمنه لأنه بمنزلة شرطه ثم ما كان أقرب إلى مقاصد الواقفين كما يدل عليه كلامهم ومن ثم امتنع في السقايات المسبلة على الطرق غير الشرب ونقل الماء منها ولو للشرب وبحث بعضهم حرمة نحو بصاق وعسل وسخ في ماء مطهرة المسجد وإن كثر وسئل العلامة الطنبداوي عن الجوابي والجرار التي عند المساجد فيها الماء إذا لم يعلم أنها موقوفة للشرب أو الوضوء أو الغسل الواجب أو المسنون أو غسل النجاسة فأجاب إنه إذا دلت قرينة على أن الماء موضوع لتعميم الإنتفاع جاز جميع ما ذكر من الشرب وغسل النجاسة وغسل الجنابة وغيرها ومثال القرينة جريان الناس على تعميم الانتفاع من غير نكير من فقيه وغيره إذا الظاهر من عدم النكير أنهم أقدموا على تعميم الإنتفاع بالماء بغسل وشرب ووضوء وغسل نجاسة فمثل هذا إيقاع يقال بالجواز وقال إن فتوى العلامة عبد الله بامخرمة يوافق ما ذكره انتهى
حاشية قليوبى الجزء الثالث ص : 114 دار إحياء الكتب العربية
(فرع) جرت العادة لذوى الأفراح بحمل الهدايا إليهم ووضع نحو طاسة لوضع الدراهم فيها وإعطاء خادم الصوفية الدراهم ونحوها وحكم ذلك أن الملك لمن قصده الدافع من صاحب الفرح أو ابنه أو المزين مثلا أو الخادم أو الصوفية انفرادا وشركة وإلا فلآخذه لأنه المقصود عرفا أو عادة ومثل ذلك ما لو نذر شيئا لولى ميت فإن قصد تمليكه لغا أو تمليك خدمته مثلا فلهم وإلا صرف فى مصالح قبره إن كان وإلا فلمن جرت العادة بقصدهم عنده اهـ
الفتاوي السبكي الجزء الأول ص : 207 دار المعارف
وملخص كلام العلماء فيما يعطي الحكام الأئمة والأمراء والقضاة والولاة وسائر من ولي أمرا من أمور المسلمين أنه إما رشوة وإما هدية أما الرشوة فحرام بالإجماع على من يأخذها وعلى من يعطيها وسواء كان الأخذ لنفسه أو وكيلا وكذا المعطي سواء أكان عن نفسه أو وكيلا ويجب ردها على صاحبها ولا تجعل في بيت المال إلا إذا جهل مالكها فتكون كالمال الضائع وفي احتمال لبعض متأخري الفقهاء أنها تجعل في بيت المال والمراد بالرشوة التي ذكرناها ما يعطى لدفع حق أو لتحصيل باطل وإن أعطيت للتوصل إلى الحكم بحق فالتحريم على من يأخذها كذلك وأما من لم يعطها فإن لم يقدر على الوصول إلى حقه إلا بذلك جاز وإن قدر إلى الوصول إليه بدونه لم يجز وهكذا حكم ما يعطى على الولايات والمناصب يحرم على الآخذ مطلقا ويفصل في الدافع على ما بينا
موعظة المؤمنين ص: 136-137
اعلم أن كل من قدم إليك طعاما أو هدية أو أردت أن تشتري منه أو تتهب فليس لك أن تفتش عنه وتسأل وتقول هذا مما لا أتحقق حله فلا آخذه بل أفتش عنه وليس لك أيضا أن تترك البحث مطلقا بل السؤال لا بد منه في مواقع الريبة ومنشأ الريبة بالنسبة لصاحب المال أن يكون مشكوكا فيه أو معلوما بنوع ظني يستند إلى دلالة وبالنسبة للمال أن يختلط حرامه بحلاله ويكون الحرام أكثر مع يقين وجوده فإذا كان الحرام هو الأقل واحتمل أن لا يكون موجودا في الحال لم يكن الأكل حراما ولكن السؤال احتياط والامتناع عنه ورع وإنما يسئل من صاحب اليد إذا لم يكن متهما فإن كان متهما بأنه ليس يدرى طريقا كسب الحلال أو بأنه لا ثقة في أخباره وأمانته فليسأل من غيره فإذا أخبره عدل واحد قبله وإن أخبره فاسق علم من قرينة حاله أنه لايكذب حيث لا غرض له فيه جاز قبوله لأن المطلوب ثقة النفس والمفتى هو القلب في مثل هذا الموضع وللقلب التفاتات إلى قرائن خفية يضيق عنها نطاق النطق فليتأمل فيه فإذا اطمأن القلب كان الإحتراز حتما واجبا. اهـ (كيفية خروج التائب من المظالم المالية) اعلم أن كل من تاب وفي يده مال مختلط فعليه وظيفة في تمييز الحرام وإخرجه ووظيفة أخرى في مصرف المخرج فلينظر فيهما (النظر الأول) في كيفية التمييز والإخراج: من تاب وفي يده ما هو حرام معلوم العين من غصب أو وديعة أو غيره فأمره سهل فعليه تمييز الحرام وإن كان ملتبسا مختلطا فإما أن يكون من ذوات الأمثال كالحبوب والنقود والأدهان أو يكون في أعيان متمايزة كالدور والثياب فإن كان في المتماثلات أو كان شائعا في المال كله كمن اكتسب المال بتجارة كذب في بعضها وكمن غصب دهنا وخلطه بدهن نفسه وفعل ذلك في الحبوب أو الدراهم والدنانير فإن كان معلوم القدر مثل أن يعلم أن قدر النصف من جملة ماله حرام فعليه تمييز النصف وإن أشكل فله طريقان الأخذ باليقين والأخرى الأخذ بغالب الظن والورع في الطريق الأولى فلا يستبقى إلا القدر الذي يتيقن أنه حلال- الى أن قال-(النظر الثاني في المصرف) فإذا أخرج الحرام ثلاثة أحوال إما أن يكون له مالك معين فيجب الصرف إليه أو إلى وارثه وإن كان غائبا فينتظر حضوره أو الإيصال إليه وِإن كانت له زيادة ومنفعة فلتجمع فوائده إلى وقت حضوره وإما أن يكون لمالك غير معين وقع اليأس من الوقوف علىعينه ولا يدري أنه مات عن وارث أم لا فهذا لا يمكن الرد فيه للمالك ويوقف حتى يتضح الأمر فيه وربما لا يمكن الرد لكثرة الملاك فهذا ينبغي أن يتصدق به لئلا يضيع وتفوت المنفعة على المالك وعلى غيره وله أن يتصدق على نفسه وعياله إذاكان فقيرا
حاشية الجمل على المنهج الجزء الثالث ص : 594 - 595 دار الفكر
ولو أهدى إليه شيئا على أن يقضى له حاجة فلم يفعل لزمه رده إن بقى وإلا فبدله كما قاله الأسطخرى فإن فعلها حل أى وإن تعين عليه تخليصه أى بناء على الأصح أنه يجوز أخذ العوض على الواجب العينى إذا كان فيه كلفة خلافا لما يوهمه كلام الأذرعى وغيره هنا اهـ شرح م ر قال ع ش قوله لزمه رده أى فلو بذلها لشخص ليخلص له محبوسا مثلا فسعى فى خلاصه ولم يتفق له ذلك وجب عليه رد الهدية لصاحبها لأن مقصوده لم يحصل نعم لو أعطاه ليشفع له فقط سواء قبلت شفاعته أو لا ففعل لم يجب الرد فيما يظهر لأنه فعل ما أعطاه لأجله اهـ
حواشى الشروانى وابن قاسم الجزء السادس ص : 316 - 317
(فرع) الهدايا المحمولة عند الختان ملك للأب وقال جمع للابن فعليه يلزم الأب قبولها أي: حيث لا محذور كما هو ظاهر ومنه أن يقصد التقرب للأب وهو نحو قاض فلا يجوز له القبول كما بحثه شارح وهو متجه ومحل الخلاف إذا أطلق المهدي فلم يقصد واحدا منهما وإلا فهي لمن قصده اتفاقا ويجري ذلك فيما يعطاه خادم الصوفية فهو له فقط عند الإطلاق أو قصده ولهم عند قصدهم وله ولهم عند قصدهما أي ويكون له النصف فيما يظهر أخذا مما يأتي في الوصية لزيد الكاتب والفقراء مثلا وقضية ذلك أن ما اعتيد في بعض النواحي من وضع طاسة بين يدي صاحب الفرح ليضع الناس فيها دراهم ثم تقسم على الحالق أو الخاتن ونحوه يجري فيه ذلك التفصيل فإن قصد ذاك وحده أو مع نظرائه المعاونين له عمل بالقصد وإن أطلق كان ملكا لصاحب الفرح يعطيه لمن شاء وبهذا يعلم أنه لا نظر هنا للعرف أما مع قصد خلافه فواضح وأما مع الإطلاق فلأن حمله على من ذكر من الأب والخادم وصاحب الفرح نظرا للغالب أن كلا من هؤلاء هو المقصود هو عرف الشرع فيقدم على العرف المخالف له بخلاف ما ليس للشرع فيه عرف فإنه تحكم فيه العادة ومن ثم لو نذر لولي ميت بمال فإن قصد أنه يملكه لغا وإن أطلق فإن كان على قبره ما يحتاج للصرف في مصالحه صرف لها وإلا فإن كان عنده قوم اعتيد قصدهم بالنذر للولي صرف لهم (تنبيهان) أحدهما لو تعارض قصد المعطي ونحو الخادم المذكور فالذي يتجه بقاء المعطى على ملك مالكه لأن مخالفة قصد الآخذ لقصده تقتضي رده لإقباضه له المخالف لقصده ثانيهما يؤخذ مما تقرر فيما اعتيد في بعض النواحي أن محل ما مر من الاختلاف في النقوط المعتاد في الأفراح إذا كان صاحب الفرح يعتاد أخذه لنفسه أما إذا اعتيد أنه لنحو الخاتن وأن معطيه إنما قصده فقط فيظهر الجزم بأنه لا رجوع لمعطي على صاحب الفرح وإن كان الإعطاء إنما هو لأجله لأن كونه لأجله من غير دخول في ملكه لا يقتضي رجوعا عليه بوجه فتأمله ولو أهدى لمن خلصه من ظالم لئلا ينقض ما فعله لم يحل له قبوله وإلا حل أي وإن تعين عليه تخليصه بناء على الأصح أنه يجوز أخذ العوض على الواجب العيني إذا كان فيه كلفة خلافا لما يوهمه كلام الأذرعي وغيره هنا ولو قال خذ هذا واشتر لك به كذا تعين ما لم يرد التبسط أي أو تدل قرينة حاله عليه كما مر لأن القرينة محكمة هنا ومن ثم قالوا لو أعطى فقيرا درهما بنية أن يغسل به ثوبه أي وقد دلت القرينة على ذلك تعين له ولو شكا إليه أنه لم يوف أجرة كاذبا فأعطاه درهما أو أعطى لظن صفة فيه أو في نسبه فلم يكن فيه باطنا لم يحل له قبوله ولم يملكه ويكتفي في كونه أعطى لأجل ظن تلك الصفة بالقرينة ومثل هذا ما يأتي آخر الصداق مبسوطا من أن من دفع لمخطوبته أو وكيلها أو وليها طعاما أو غيره ليتزوجها فرد قبل العقد رجع على من أقبضه وحيث دلت قرينة أن ما يعطاه إنما هو للحياء حرم الأخذ ولم يملكه قال الغزالي إجماعا وكذا لو امتنع من فعل أو تسليم ما هو عليه إلا بمال كتزويج بنته بخلاف إمساكه لزوجته حتى تبرئه أو تفتدي بمال ويفرق بأنه هنا في مقابلة البضع المتقوم عليه بمال (قوله عند الختان) ومثله الوليمة إذا فعلها الأب أو الأم لا سيما إذا كان الابن أو البنت غير مكلف (قوله ومنه) أي المحذور ش اهـ سم (قوله فلا يجوز له إلخ) أي مع كونها للابن اهـ سم (قوله ويجري ذلك فيما يعطاه خادم الصوفية إلخ) انظر هل يجري ذلك التفصيل فيما يعطاه المتولي من الشيبيين بخدمة الكعبة المشرفة وفتح بابها وإغلاقه مع وجود غيره من بني شيبة الحجبيين أم لا فيشترك جميعهم فيه مطلقا والأقرب الأول والله أعلم (قوله خادم الصوفية) أي وخادم طلبة العلم (قوله أي ويكون له النصف إلخ) وقد يفرق اهـ سم عبارة السيد عمر هذا محل تأمل بل الظاهر أن حكمه كما لو قال لزيد والفقراء فيكون له أقل متمول اللهم إلا أن يحمل كلامه على ما إذا وكل شخصا فقال له أعط هذا لفلان خادم الصوفية وللصوفية فتأمل اهـ (قوله وقضية ذلك) أي ما ذكر في خادم الصوفية (قوله فإن قصد ذلك) أي نحو الخاتن (قوله من وضع طاسة إلخ) أي أو دوران أحد من طرف صاحب الفرح بها (قوله أو مع نظرائه المعاونين إلخ) هل يقسم بينه وبين المعاونين له بالسوية أو بالتفاوت وما ضابطه ولا يبعد اعتبار العرف في ذلك (فرع) ما تقرر من الرجوع في النقوط لا فرق فيه بين ما يستهلك كالأطعمة وغيره ومدار الرجوع على عادة أمثال الدافع لهذا المدفوع إليه فحيث جرت بالرجوع رجع وإلا فلا مر اهـ سم على حج اهـ ع ش (قوله وبهذا) أي بما ذكر في الهدايا المحمولة وخادم الصوفية وما اعتيد في بعض النواحي إلخ (قوله هنا) أي في الهدايا المحمولة عند الختان وفيما يعطاه خادم الصوفية وما اعتيد في بعض النواحي إلخ (قوله خلافه) أي خلاف العرف (قوله أن كلا إلخ) بيان للغالب (قوله هو عرف الشرع) خبر فلأن (قوله فيقدم) أي من ذكر من الأب إلخ (قوله لقصده) أي المعطي (قوله رده) أي الآخذ و(قوله لإقباضه له) أي إقباض المعطى للآخذ أو للمعطي و(قوله المخالف) أي الإقباض و(قوله لقصده) أي الآخذ (قوله إذا كان إلخ) خبر إن (قوله يعتاد) ببناء المفعول (قوله وأن معطيه إنما إلخ) عطف تفسير لقوله إنه لنحو الخاتن (قوله ولو أهدى) إلى قوله ولو قال خذ في النهاية عبارة المغني ولو خلص شخص آخر من يد ظالم ثم أنفذ إليه شيئا هل يكون رشوة أو هدية قال القفال في فتاويه ينظر إن كان أهدى إليه مخافة أنه ربما لو لم يبره بشيء لنقض جميع ما فعله كان رشوة وإن كان يأمن خيانته بأن لا ينقض ذلك بحال كان هبة اهـ (قوله ومن ثم قالوا إلخ) هذا تفريع على العلة أعني قوله لأن القرينة إلخ لا على المعلل أعني قوله أو تدل إلخ لعدم الملاءمة اهـ سيد عمر (قوله ولو شكا) أي الفقير المذكور و(قوله أنه لم يوف) أي الدرهم و (قوله أجرة) أي للغسال و(قوله كاذبا) حال من فاعل شكا (قوله بالقرينة) نائب فاعل يكتفى (قوله من أن إلخ) بيان ما يأتي (قوله لمخطوبته إلخ) أي أو لمخطوبها
العمال والحكام لابن حجر الهيتمي ص: 54-59
(الثالث) هدية من له خصومة فيحرم إجماعا قبولها مطلقا ولو ممن له عادة بالإهداء له قبل القضاء أو من غير أهل ولايته للخبر السابق" هذايا العمال غلول" والقاضي أولى من العامل فإنه نائب الشرع ولأن زيد ابن ثابت كان يهدي لعمر رضي الله تعالى عنهما كل سنة لبنا ثم استقرض منه من بيت المال فأهدى زيد لعمر فلم يقبل وقال: لعله إنما قدم لنا لما أقرضناه فلم يقبل منه حتى قضى دينه ولانكسار قلب خصمه ولتهمة الميل لما في الهدية من قوة الإمالة وقد قيل إنما سمي مالا لأنه يميل وقد روي أن رجلا أهدى لعمر جزورا ثم جاء يخاصم إليه فجعل يقول ياأمير المؤمنين أفصل بيننا كما بفصل رجل الجزول وعمر لا يفهم فذكر ذلك للناس وقال (مازال يكررها حتى كدت أقضي له)
والحق خصومات الحاجة ولا فرق بين هديته في مدة الخصومة وقبلها إذا استشعر القاضى أنها لأجل خصومة يحدثها بعد.
ولو أهدى له بعد قضاء حاجته ولم تكن جزاء فهي كما لو لم يكن له حاجة. فإن كان يعتاد الإهداء اليه قبل القضاء والترشيخ له حلت له وإلا فلا كما سيأتي. وقبوله e لهدية لا دليل فيه لحلها لقاض ولا عامل لأنه معصوم، ومن ثم قال عمر بن عبد العزيز :"كانت له e هدية وأما الآن فهي رشوة"
قال بعضهم : وهذا يقوى فساد ما مر، ويأتي عن جمع من جواز طلب القاضى للأجرة أي أو الرزق لأن ذلك مناف لمنصب الحكم.
ولو أهدى اليه أحد خوفا من شره حرم القبول قطعا وقال الدرامى : ولو شرط أن يثيبه على هديته جاز قبولها وإن كانت له حكومة. قال الأذرعى وفي هذا الإطلاق نظر إلا أن يكون معاوضة بثمن المثل ودفعه جهارا وإلا فيمنع لقوة التهمة. قال في الخادم وفي نص الشافعي ما يقتضى هذا.
(الرابع) هدية من هو من أهل ولايته وليس له عادة بالإهداء اليه قبل القضاء ولا خصومة فيحرم عند كثيرين قبولها. وإن كان المهدي خليفته كما صرح به القاضي حسين أو كان من ذوى رحمه كما اقتضاه إطلاقهم نعم ينبغي أن يستثني من لا ينفذ حكمه له كأبيه وابنه، إذ لا تهمة حينئذ ثم رأيت الأذرعي وغيره استثنوا ذلك وسأذكره مبسوطا في سابع التنبيهات أو كان القاضي والمهدي خارج ولايته على الأصح، بل قال السبكي على أنه متى ظهر أنه يهدي لأجل الولاية يحرم. وإن كان في غير ولايته ممن ليس من أهل ولايته قال: ويحكي عن أبي حنيفة وأصحابه أنه يكره أخذها ممن لم تجر له عادة وحكي محمد عن أبي حنيفة "لا ينبغي للقاضي أن يقبل هدية فإن ذلك يوقع التهمة ويطمع الناس فيه.
وحكى الخصاف عنه أنه يكره قبولها، وإن قبلها لم تسقط عدالته، وهذا أعنى الكراهة وجه عندنا، قال به جمع متقدمون من أصحابنا. وسيأتي في سابع التنبيهات زيادة لذلك.
تنبيهات:
أحدها قال ابن القاص قال الشافعي في كتاب الصدقات ولو أهدى للساعي رجل من أهل عمله فأخذ هديته وأثابه عليها حلت له فإن لم يثبه عليها فليجعلها في الصدقات لا يحل له عندي غير هذا قل الشافعي في كتاب "القاضي" "ولا يقبل من أحد الخصمين هدية حتى تنقضي خصومتهما" وقياسه أنه لا يجيب واحدا من الخصمين في دعوة خاصة حتى تنقضي خصومنهما وينبغي للقاضي على مذهب الشافعي أنيثيب على الهدية فإن لم يثب عليها ولم يرد صاحبهما الثواب ففيها قولان (أحدهما) ما قال في "أدب القضاء" من جوار قبوله الهدية إذا تعدت الخصومات (والآخر) ما قال في كتاب "الصدقات" في هدايا العمال من أهل عملهم "إن لم يثب عليها فهي حرام إذ ما قاله في الإثابة محله إن أثاب عليها بمساويها كما صرح به الشافعي في محل آخر ثم رأيت الزركشي قال أطلق الإثابة وشرط أن يكون بثمن المثل كما سقناه عن النص من قوله: "أثانه بمثله" وبه صرح أبو علي فإن أثانه بأقل فكما لو لم يثبه لأن المحاباة حاصلة.انتهى.
ويتعين فرض ذلك فيمن له خصومة أما هو فلا يجوز قبول هديته مطلقا وإن أثانه بأكثر كما هو واضح لأن من شأن الهدية التوادد والتحابب فينكسر قلب الخصم وربما جر القاضي ذلك إلى الميل مع المهدي.
وما قل في جعلها إذا لم يثب عليها في مال الصقات قول والصحيح أنه حيث لم يملك الهدية ردها لمالكها وما قاله في انقضاء الخصومةة عن أدب القضاء قول والراجح خلافه وهو أنه لا فرق في جريان التفصيل السافث بين ما قبل الخصومة وبعدها نعم من كانت عادته الإهداة إليه قبل القضاء لا يجوز قمول هدميته إلى بعد ايقضاة خصومته بجيع آثارها ومتى بفي آثر منها يتوهم من القاضي ميل مت معه فيه لا يجوز قتول هديته كما هم واضح.
فهذا هو الذي يفترق الحال فيه بين ما قبل الخصومة وبعدها ولذا يقال فيمن ليس من أهل ولايته يجوز قيول هدينه بعد انقضاء الخصومة وآثارها لا قبل ذلك فهو أيضا مما يفترق الحا فيه بين وجود الخصومة وعدمها.
وأما من هو في أهل عمله ولا عادة له في الإهداء إليه: فيحرو قبول هديته مطلقا فلا يأتي فيه بفصيل بين وجود الخصومة وعدم وجودها فشإن حمل قول" أدب القضاء" على الأولين لم يكن ضعيفا.
ثانيها:
حيث جوزنا قتول الهدية للقاضي أو غيره ممن يأتي ملكها المهدى إليه وحيث حرمناه على القاضي أو غيره ممن يأتي لم يملكها ويلزمه ردها لمالكها فأن أتلفها صارت دينات عليه فيلزمه رد مثلها إن كانت مثلية وقيمتها إن كانت متقومة فإن مات قبل أدائها أديت من تركته فإن لم يعلم مالكها ردت لبيت المال لأنها حينئذ في حكم الضال هذا هو المنقول المعتمد إليه ذهب الأكثرون ووراءه أراء ضعيفة منها ما حكاه الإمام أن من الأصحاب من قال ويملك وإن حرم القول لكونها صدرت من أهلما وإن تفرض النهمة بقبولها فتحرم كالصرة في المغصوب قال الزركشي "ونازع بعهم في إجراء هذا الوجة العيف القائل بالماك على ظاهره وقال: إنه مصادم للإجماع الذي حكاه ابن عبد البر ومحل الخرف أيضا في غير الرشوة والتي وقعت جزاء لحكو سابف كما أفهمة كلام الماوردي.
أم هما فلا يخرجان عن ملك مالكهما قطعا وأقره الأذرعي وغيره لكن ذكر شريح أنه من دفع له شيء ليحكم الحق على سبيل الإجارة ولم يكن له رزق جاز له قبول ومر وسيأتي ما في ذلك: قال الفوراني لو أهدى له أحد المتحاكمين أو كلاهما لم يحل له ولم يملك على الأصح وقال صاحب "التقريب": "يملك".
ومنها ما قاله القفال أن الطريقة المشهورة للأصحاب أن الهدية إذ لم تكن في حال خصومة فهي ملكه فلا يطلق إلا الكراهة وإن كانت في حال الخصومة قطعنا بالتحريم وفي حصول الملك وجهان.
وقال القاضي حسين ولا يقبل الهدية فإن قبلها أثاب أو جهلها في بيت المال فإن لم يفعل احتمل وجهين (أحدهما) يملك ولا يلزمه الرد (الثاني) يملك انتهى
الزواجر الجزء الثانى ص : 316
ومما يدل على أن تحريم الرشوة لا يختص بالقضاة كما صرح به غير واحد خلافا للبدر بن جماعة وغيره ما رواه أحمد عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (هدايا العمال غلول) وما رواه أبو داود في سننه عن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من شفع لرجل شفاعة فأهدى له عليها هدية فقد أتى بابا كبيرا من أبواب الربا)
المغنى الجزء العاشر ص : 118 (موفق الدين عبد الله بن أحمد (ابن قدامة) الحنبلى) (فى عشرة أجزاء)
(8267) مسألة قال (ولا يقبل هدية من لم يكن يهدي إليه قبل ولايته) وذلك لأن الهدية يقصد بها في الغالب استمالة قلبه ليعتني به في الحكم فتشبه الرشوة قال مسروق إذا قبل القاضي الهدية أكل السحت وإذا قبل الرشوة بلغت به الكفر وقد روى أبو حميد الساعدي قال بعث رسول الله e رجلا من الأزد يقال له ابن اللتبية على الصدقة فقال هذا لكم وهذا أهدي إلي فقام النبي e فحمد الله وأثنى عليه ثم قال ما بال العامل نبعثه فيجيء فيقول هذا لكم وهذا أهدي إلي ألا جلس في بيت أمه فينظر أيهدى إليه أم لا ؟ والذي نفس محمد بيده لا نبعث أحدا منكم فيأخذ شيئا إلا جاء يوم القيامة يحمله على رقبته إن كان بعيرا له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تيعر فرفع يديه حتى رأيت عفرة إبطيه فقال اللهم هل بلغت ثلاثا ؟ متفق عليه ولأن حدوث الهدية عند حدوث الولاية يدل على أنها من أجلها ليتوسل بها إلى ميل الحاكم معه على خصمه فلم يجز قبولها منه كالرشوة فأما إن كان يهدي إليه قبل ولايته جاز قبولها منه بعد الولاية لأنها لم تكن من أجل الولاية لوجود سببها قبل الولاية بدليل وجودها قبلها قال القاضي ويستحب له التنزه عنها وإن أحس أنه يقدمها بين يدي خصومه أو فعلها حال الحكومة حرم أخذها في هذه الحال لأنها كالرشوة وهذا كله مذهب الشافعي وروي عن أبي حنيفة وأصحابه أن قبول الهدية مكروه غير محرم وفيما ذكرناه دلالة على التحريم.
فتاوي السبكي الجزء الأول ص: 203-207
(مسألة) للشيخ الإمام قدس الله روحه مصنف في هدايا العمال سماه فصل المقال كبير لخصه في مصنف آخر صغير وهو هذا . قال الشيخ الإمام رحمه الله الحمد لله على نعمه الكافية ومننه الوافية وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة أدخرها جنة من النار واقية وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث إلى كل أمة قاصية ودانية صلى الله عليه وسلم صلاة على ممر الأيام باقية وبعد فهذا مختصر من كتابي فصل المقال في هدايا العمال مرتب على فصلين (الفصل الأول في الأحاديث) عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي) وقال الترمذي حديث صحيح وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لعنة الله على الراشي والمرتشي) رواه أبو داود وابن ماجه والحاكم في المستدرك وقال صحيح وعن أبي هريرة قال (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي في الحكم) رواه الترمذي والإمام أحمد في المسند وعن عبد الرحمن بن عوف قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الراشي والمرتشي في النار) رواه البزار في مسنده وعن أبي حميد الساعدي قال (استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من بني أسد يقال له ابن اللتبية على صدقة فلما قدم قال هذا لكم وهذا أهدي إلي قال فهلا جلس في بيت أبيه وأمه فلينظر أيهدى له أم لا والذي نفسي بيده لا يؤتى بشيء إلا جاء يوم القيامة يحمله على رقبته إن كان بعيرا له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تثغو ثم رفع يديه ثم رأينا عفرة إبطيه ألا هل بلغت) رواه ح م وعن بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من استعملناه على عمل فرزقناه رزقا فما أخذ بعد ذلك فهو غلول) إسناده صحيح وهو في سنن أبي داود وعن أبي حميدة وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (هدايا العمال غلول) رواه الإمام أحمد والبزار في مسنديهما وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ما عدل وال تجر في رعيته) رواه النقاش وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قدم من اليمن فرأى عمر عنده غلمانا قال ما هؤلاء ؟ قال أصبتهم في وجهي هذا قال عمر من أي وجه ؟ قال أهدوا إلي وأكرمت بهم فقال عمر أذكرتهم لأبي بكر ؟ فقال معاذ ما ذكري لأبي بكر ونام معاذ فرأى كأنه على شفير النار وعمر آخذ بحجزته من ورائه أن يقع في النار ففزع معاذ فذكره لأبي بكر رضي الله عنه فسوغه أبو بكر فقال عمر هذا حين حل وطاب (الفصل الثاني في كلام العلماء) قال عمر بن عبد العزيز كانت الهدية في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم هدية واليوم رشوة وقال مسروق إذا قبل القاضي الهدية أكل السحت وإذا قبل الرشوة بلغت به الكفر وقال كعب الرشوة تسفه الحليم وتعمي عين الحكيم وقال ابن عبد البر في الاستذكار (كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويأكلها ويثيب عليها) إلا أن ذلك لا يجوز لغير النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان منه قبولها على جهة الاستبداد بها دون رعيته لأنه إنما أهدي ذلك من أجل أنه أمير رعيته وليس النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك كغيره لأنه مخصوص بما أفاء الله عليه من غير قتال من أموال الكفر يكون له دون سائر الناس ومن بعده من الأئمة حكمه في ذلك خلاف حكمه لا يكون له خاصة دون سائر الناس ومن بعده من الأئمة المسلمين بإجماع من العلماء لأنها فيء ولهذا قال صلى الله عليه وسلم (هدايا الأمراء غلول) انتهى الإجماع الذي نقله ابن عبد البر يرد على من يقول من المتأخرين بأنه يختص بها كما سنحكيه وملخص كلام العلماء فيما يعطي الحكام الأئمة والأمراء والقضاة والولاة وسائر من ولي أمرا من أمور المسلمين أنه إما رشوة وإما هدية أما الرشوة فحرام بالإجماع على من يأخذها وعلى من يعطيها وسواء كان الأخذ لنفسه أو وكيلا وكذا المعطي سواء أكان عن نفسه أو وكيلا ويجب ردها على صاحبها ولا تجعل في بيت المال إلا إذا جهل مالكها فتكون كالمال الضائع وفي احتمال لبعض متأخري الفقهاء أنها تجعل في بيت المال والمراد بالرشوة التي ذكرناها ما يعطى لدفع حق أو لتحصيل باطل وإن أعطيت للتوصل إلى الحكم بحق فالتحريم على من يأخذها كذلك وأما من لم يعطها فإن لم يقدر على الوصول إلى حقه إلا بذلك جاز وإن قدر إلى الوصول إليه بدونه لم يجز وهكذا حكم ما يعطى على الولايات والمناصب يحرم على الآخذ مطلقا ويفصل في الدافع على ما بينا وقد شذ بعض الفقهاء فقال : يجوز الأخذ على الحكم بشروط أن لا يكون له رزق من بيت المال ولا يكون في بيت المال ما يمكن أن يرزقه وأن يأذن الإمام له في الأخذ وأن يكون الحكم يقطعه عن كسبه وأن يعلم به الخصمان قبل التحاكم وأن يكون عليهما معا وأن لا يوجد متطوع ويعجز الإمام عن الدفع إليه ويكون ما يأخذ غير مضر بالخصوم ولا زائد على قدر حاجته ويكون مشهورا بين الناس يتساوى فيه الخصوم من غير تفاضل فإن فقد واحد من هذه الشروط لم يجز ثم الجواز إذا اجتمعت قول شاذ لا معول عليه والذي فرضه إنما قاله عند الضرورة كالمخمصة وفيه معرة على المسلمين وأما الهدية وهي التي يقصد بها التودد واستمالة القلوب فإن كانت ممن لم تقدم له عادة قبل الولاية فحرام وإن كانت ممن له عادة قبل الولاية فإن زاد فكما لو لم تكن له عادة وإن لم يزد فإن كانت له خصومة لم يجز وإن لم تكن له خصومة جاز بقدر ما كانت عادته قبل الولاية والأفضل أن لا يقبل ; والتشديد على القاضي في قبول الهدية أكثر من التشديد على غيره من ولاة الأمور لأنه نائب عن الشرع فيحق له أن يسير بسيرته وقال ابن يونس المالكي لا يقبل القاضي هدية من أحد لا من قريب ولا من صديق وإن كافأه بأضعافها إلا من الوالد والولد وخاصة القرابة التي تجمع من حرمة الحاجة ما هو أكثر من حرمة الهدية قال سحنون مثل الخالة والعمة وبنت الأخ قال ابن حبيب لم يختلف العلماء في كراهية الهدية إلى السلطان الأكبر وإلى القضاة والعمال وجباة الأموال وهو قول مالك ومن قبله من أهل السنة (وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية) وهذا من خواصه وحكى ابن أبي زيد هذا الكلام عن ابن حبيب أيضا قال وقد رد علي خروفا أهدي إليه وقال ربيعة الهدية ذريعة الرشوة وعلمة الظلمة وقال أيضا والنبي صلى الله عليه وسلم ليس كغيره لأنه إنما يهدى إليه قربة لله تعالى وما أهدي إلى الوالي لم يقصد به إلا السلطان وفي كلام محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة رحمه الله على ما ذكره السرخسي في السير الكبير أن ملك العدو إذا بعث إلى أمير الجند هدية فلا بأس أن يقبلها ويصير فيئا للمسلمين لأنه ما أهدي إليه لعينه بل لمنعته ومنعته بالمسلمين فكان هذا بمنزلة المال المصاب بقوة المسلمين وهذا بخلاف ما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم من الهدية فإن قوته ومنعته لم تكن بالمسلمين على ما قال الله تعالى (والله يعصمك من الناس) فلهذا كانت الهدية له خاصة وسنة أيضا بخلاف الهدية إلى الحكام فإن ذلك رشوة لأن المعنى الذي حمل المهدي على التقرب إليه ولايته الثابتة بتقليد الإمام إياه والإمام في ذلك نائب من المسلمين والأصل في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم (هدايا الأمراء غلول) يعني إذا حبسوا ذلك لأنفسهم وقالت الحنابلة لا يقبل القاضي هدية من لم يكن يهدي إليه قبل ولايته وقال أحمد إذا أهدى البطريق إلى صاحب الجيش عينا أو فضة لم تكن له دون سائر الجيش قال أبو بكر يكون فيه سواء فهذه نقول المذاهب الأربعة كلام الشافعية رحمهم الله لخصناه أولا وكلام الثلاثة ذكرناه بعده ومن كلام الشافعي رحمه الله أنه إن كان على دفع باطل أو إيصال إلى حق فهو رشوة محرمة وإن كان لغير سبب يعرف أكثر من ولايته عليهم فإن أثابه بمثله كان له قبوله وإن لم يثبه لم يحل له عندي إلا وضعه في الصدقات لأن ذلك إنما وصل إليه بسبب العمالة ذكر ذلك في عامل الصدقة وللشافعي رضي الله عنه قول ثان قبولها غير محرم فهم منه بعض أصحابنا أنه قول بأنه يجوز أن يملكها والاختصاص بها وهذا بخلاف ما حكاه ابن عبد البر من الإجماع فلعل مراد الشافعي رحمه الله جواز القبول إذا لم يختص بها بل وضعها في بيت المال والحاصل أن الهدية لا يملكها الحاكم باتفاق أكثر العلماء أو كلهم وأما تحريم أخذها فحيث أوجبت ريبة حرم عليه قبولها والتحريم في القاضي آكد من بقية ولاة الأمور لأن عليه من الصيانة أكثر من غيره لأنه نائب عن الشرع فلينظر القاضي المسكين المشفق على دينه إلى سيرته وإلى سيرة النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين بعده في أحكامهم وأفعالهم فإن وجد سيرته قريبة من ذلك فأحرى أن ينجو أو ليسأل الله في تقصيره وإن وجد سيرته مخالفة لسيرتهم فليعلم أنه كما عدل عن طريقهم في الدنيا كذلك يعدل عنها في الآخرة وليقنع بأن يكون في عداد المسلمين نسأل الله العافية ولا نتعرض إلى هذا الخطر العظيم ونتحمل أعباء هذا المنصب الشريف ولهذا كان العلماء من السلف يمتنعون من الدخول فيه لما يعلمون من خطره ولا شك أن من دخل فيه بحق وعدل فيه كان كالمجاهد في سبيل الله له درجة المجاهدين بل ربما يكون أفضل من بعضهم وكل قضية يحكم فيها بالحق فيدفع ظالما ويصل حقا هي جهاد ولا شك أنها أعظم من نوافل العبادات وأفضل من كثير من فروض الكفايات ولكن هيهات العدل من صاحبها إلا من عصم الله فالأولى للمحتاط لدينه الانكفاف عنها وليعلم أنها ليست جهة مكسب بل جهة عبادة وفيها خطر إن زل هوى في جهنم فالسلامة في تركها ونسأل الله من فضله وأحسن أحوال الفقيه عندي أن يشتغل بالعلم لله تعالى ولا يأخذ عليه شيئا ولا منصبا ويجعل كسبه من غيره من جهات الحل إن قدر على ذلك وإذا ابتلي بالقضاء فلا يحل له أن يأخذ شيئا إلا أن يرزقه الإمام أو يفعل ما يستحق به أجرة مثل أن يكتب مكتوبا فيستحق أجرة مثله فيه إذا لم تكن كتابة ذلك واجبة عليه وما أشبه ذلك ولا يجوز له أن يأخذ على حكم بحق ولا بباطل ولا على تولية نيابة قضاء أو مباشرة وقف أو مال يتيم لا يأخذ من أحد شيئا على ذلك لأن الله تعالى قد نصبه لذلك نائبا عنه وحكم الله وعدله يجب أن يكون مبذولا لكل أحد بغير عوض , وهكذا يجب أن يكون حاجب القاضي ونائبه وكل من ندبه لأمور المسلمين لأنهم أمناء الله في أرضه ونوابه في إيصال عدله إلى الناس وتأدية الأمانة إلى أهلها ومن وقع في كلامه من الفقهاء أن القاضي يجوز له أخذ شيء فذلك شاذ مردود خطأ من قائله متأول ومحله في صورة نادرة وهي حالة الضرورة والمخمصة مشروطا بشروط نبهنا عليه فيما سبق ومن فعل خلاف ذلك فقد غير فريضة الله وباع عدل الله الذي بذله لعباده بغير عوض فأخذ عليه ثمنا قليلا ولهذا نجد بعض الفجرة الذين يقعون في شيء من هذا ويكتمونه ويأخذونه خفية وهذا علامة الحرام فإن الحلال يأخذه صاحبه جهارا لا يستحيي من أخذه نسأل الله أن يعصمنا من الزيغ ويسلك بنا طريق الهدى بمنه وكرمه انتهى .
البحر الرائق الجزء السادس ص: 305
(قوله ويرد هدية إلا من قريب أو ممن جرت عادته به) أي لا يقبل القاضي هدية لما رواه البخاري عن أبي حميد الساعدي قال (استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من الأزد يقال له ابن اللتبية على الصدقة واسمه عبد الله فلما قدم قال هذا لكم وهذا أهدي إلي فقال عليه الصلاة والسلام هلا جلس في بيت أبيه أو بيت أمه فينظر أيهدى إليه أم لا) قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه كانت الهدية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم هدية واليوم رشوة فتعليله دليل على تحريم الهدية التي سببها الولاية ويجب ردها على صاحبها فإن تعذر ردها على مالكها وضعها في بيت المال كاللقطة كما في فتح القدير فإن كان المهدي يتأذى بالرد يقبلها ويعطيه مثل قيمتها كذا في الخلاصة وفي المضمرات إذا دخلت الهدية له من الباب خرجت الأمانة من الكوة وقدمنا عن الأقطع الفرق بين الهدية والرشوة أن الرشوة ما كان معها شرط الإعانة بخلاف الهدية وفي خزانة المفتين مال يعطيه ولا يكون معها شرط والرشوة مال يعطيه بشرط أن يعينه وذكر الهدية في الكتاب ليس احترازيا إذ يحرم عليه الاستقراض والاستعارة ممن يحرم عليه قبول هديته كما في الخانية , وإنما يقبل هدية القريب لما فيها من صلة الرحم وردها قطيعة وهي حرام وأطلقه وهو مقيد بالمحرم فخرج ابن العم مثلا ومقيد بأن لا تكون له خصومة , وإنما يقبل ممن له عادة للعلم بأنها ليست للقضاء وله شرطان أن لا يكون له خصومة وأن لا يزيد على العادة فيرد الكل في الأول , وما زاد عليها في الثاني وقيده فخر الإسلام بأن لا يكون مال المهدي قد زاد فبقدر ما زاد ماله لا بأس بقبوله , وظاهر العطف في كلام المصنف يقتضي أنه يقبل من القريب وإن لم تكن له عادة بالإهداء وفي كلام بعضهم ما يقتضي أنه كالأجنبي لا بد أن يكون له عادة وإلا فلا يقبلها منه إلا أن يكون لفقره ثم أيسر ; لأن الظاهر أن المانع ما كان إلا الفقر على وزان ما قاله فخر الإسلام في الزيادة والحاصل أن من له خصومة لا يقبلها مطلقا ومن لا خصومة له فإن كان له عادة قبل القضاء قبل المعتاد وإلا فلا وفي تهذيب القلانسي ولا يقبل هدية إلا من ذي رحم محرم أو من وال تولى الأمر منه أو وال مقدم الولاية على القضاء ا هـ . فعلى هذا له أن يقبلها من السلطان ومن حاكم بلده المسمى الآن بالباشاه واقتصر في التتارخانية على من ولاه وفي فتح القدير وكل من عمل للمسلمين عملا حكمه في الهدية حكم القاضي ا هـ
أحكام القرآن للجصاص الجزء الثاني ص: 608
أما الهدايا للأمراء والقضاة فإن محمد بن الحسن كرهها وإن لم يكن للمهدي خصم ولا حكومة عند الحاكم ذهب في ذلك إلى حديث أبي حميد الساعدي (في قصة ابن اللتبية حين بعثه النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة فلما جاء قال هذا لكم وهذا أهدي لي فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما بال أقوام نستعملهم على ما ولانا الله فيقول هذا لكم وهذا أهدي لي فهلا جلس في بيت أبيه فنظر أيهدى له أم لا) وما روي عنه عليه السلام أنه قال (هدايا الأمراء غلول وهدايا الأمراء سحت) وكره عمر بن عبد العزيز قبول الهدية فقيل له (إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل الهدية ويثيب عليها) فقال كانت حينئذ هدية وهي اليوم سحت ولم يكره محمد للقاضي قبول الهدية ممن كان يهاديه قبل القضاء فكأنه إنما كره منها ما أهدي له لأجل أنه قاض ولولا ذلك لم يهد له وقد دل على هذا المعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم (هلا جلس في بيت أبيه وأمه فنظر أيهدى له أم لا) فأخبر أنه إنما أهدي له لأنه عامل ولولا أنه عامل لم يهد له وأنه لا يحل له وأما من كان يهاديه قبل القضاء وقد علم أنه لم يهده إليه لأجل القضاء فجائز له قبوله على حسب ما كان يقبله قبل ذلك وقد روي أن بنت ملك الروم أهدت لأم كلثوم بنت علي امرأة عمر فردها عمر ومنع قبولها .
أسنى المطالب الجزء الرابع ص : 300 - 301
(فصل) (قوله تحرم الرشوة) قال الغزالي في الإحياء المال إن بذل لغرض آجل فصدقة أو عاجل وهو مال فهبة بشرط الثواب أو على محرم أو واجب متعين فرشوة أو مباح فإجارة أو جعالة أو تودد مجرد أو توسل بجاهه إلى أغراضه فهدية إن كان جاهه بالعلم أو النسب وإن كان بالقضاء أو العمل فرشوة
أسنى المطالب الجزء الرابع ص : 300 - 301
والضيافة والهبة كالهدية وظاهر أن الصدقة كذلك لكن قال السبكي: في الحلبيات للقاضي قبولها ممن ليست له عادة
تصحيحه (قوله لكن قال السبكي: في الحلبيات إلخ) وقال في تفسيره إن لم يكن المتصدق عارفا بأنه القاضي ولا القاضي عارفا بعينه فلا شك في الجواز وإلا فيحتمل أن تكون كالهدية ويحتمل الفرق بأن المتصدق إنما يبغي ثواب الآخرة قاله في التوشيح وهذا التفصيل حق قلت ينبغي أن يجوز له أخذ الزكاة قطعا وحكى عن ابن عقيل الحنبلي أنه حكى في الفنون أن قبول الصدقة جائز مع الفقر ويكره أن يأخذ ممن له حكومة قال ويحتمل أن لا يكره لأنه أخذ بجهة هو من أهلها انتهى وكلام ابن عقيل يحتمل أن يكون في الواجبة ويحتمل أن يكون فيها وفي التطوع فسن (قوله للقاضي قبولا) لأن الصدقة يقصد بها وجه الله والمتصدق في الحقيقة دافع لله مقرض له والفقير يأخذ من الله لا من المتصدق
معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين فى الأحكام ص : 15 – 17 (علاء الدين على بن خليل الطرابلسى الحنفى) (فى جزء واحد)
قلت: والأصوب في زماننا عدم القبول مطلقا لأن الهدية تورث إدلال المهدي وإغضاء المهدى إليه وفي ذلك ضرر القاضي ودخول الفساد عليه وقيل إن الهدية تطفئ نور الحكمة قال ربيعة "إياك والهدية فإنها ذريعة الرشوة" وكان النبي عليه الصلاة والسلام يقبل الهدية وهذا من خواصه والنبي عليه الصلاة والسلام معصوم مما يتقى على غيره منها ولما رد عمر بن عبد العزيز الهدية قيل له كان رسول الله يقبلها فقال كانت له هدية ولنا رشوة لأنه كان يتقرب إليه لنبوته لا لولايته ونحن يتقرب إلينا للولاية وقال عليه الصلاة والسلام يأتي على الناس زمان يستحل فيه السحت بالهدية والقتل بالموعظة يقتل البريء ليتعظ به العامة
مغنى المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج الجزء الثالث ص : 574
ولو خلص شخص آخر من يد ظالم ثم أنفذ إليه شيئا هل يكون رشوة أو هدية قال القفال في فتاويه ينظر إن كان أهدى إليه مخافة أنه ربما لو لم يبره بشيء لنقض جميع ما فعله كان رشوة وإن كان يأمن خيانته بأن لا ينقض ذلك بحال كان هبة
الفتاوى الكبرى الجزء الرابع ص : 311
(وسئل) رحمه الله تعالى هل للمحكم أن يزوج المحكمة له وإن بعد مكانها فوق مرحلتين وهل المحكم كالقاضي في تحريم الرشوة وغيرها ؟ (فأجاب) نفعنا الله تعالى به بقوله المحكم كالقاضي إلا في مسائل معروفة فلا بد في المحكمة له أن تكون حاضرة ويحرم عليه ما يحرم على القاضي من الرشوة وغيرها والله سبحانه وتعالى أعلم
المبسوط الجزء الخامس ص : 221 – 222 (محمد بن أحمد بن أبى سهل السرخسى الحنفى)
(قال) وإذا جعلت المرأة لزوجها جعلا على أن يزيدها في القسم يوما ففعل لم يجز وترجع في ماله لأنها رشته على أن يجور والرشوة حرام وهذا بمنزلة الرشوة في الحكم وهو من السحت
شرح النووي على صحيح مسلم ج: 12 ص: 114
وأما غير النبي صلى الله عليه وسلم من العمال والولاة فلا يحل له قبولها لنفسه عند جمهور العلماء فإن قبلها كانت فيئا للمسلمين فإنه لم يهدها إليه إلا لكونه إمامهم وإن كانت من قوم هو محاصرهم فهي غنيمة قال القاضي وهذا قول الأوزاعي ومحمد بن الحسن وابن القاسم وابن حبيب وحكاه ابن حبيب عمن لقيه من أهل العلم وقال آخرون هي للإمام خالصة به قال أبو يوسف وأشهب وسحنون وقال الطبري إنما رد النبي صلى الله عليه وسلم من هدايا المشركين ما علم أنه أهدى له في خاصة نفسه وقيل ما كان خلاف ذلك مما فيه استئلاف المسلمين قال ولا يصح قول من ادعى النسخ قال وحكم الأئمة بعد إجراؤها مجرى مال الكفار من الفيء أو الغنيمة بحسب اختلاف الحال وهذا معنى هدايا العمال غلول أي إذا خصوا بها أنفسهم لأنها لجماعة المسلمين بحكم الفيء والغنيمة.
نيل الأوطار ج: 9 ص: 173
وقد بوب البخاري في أبواب القضاء باب هدايا العمال وذكر حديث ابن اللتيبة المشهور والظاهر أن الهدايا التي تهدى للقضاة ونحوهم هي نوع من الرشوة لأن المهدي إذا لم يكن معتادا للإهداء إلى القاضي قبل ولايته لا يهدي إليه إلا لغرض وهو إما التقوي به على باطله أو التوصل لهديته له إلى حقه والكل حرام كما تقدم وأقل الأحوال أن يكون طالبا لقربه من الحاكم وتعظيمه ونفوذ كلامه ولا غرض له بذلك إلا الاستطالة على خصومه أو الأمن من مطالبتهم له فيحتشمه من له حق عليه ويخافه من لا يخافه قبل ذلك وهذه الأغراض كلها تؤول إلى ما آلت إليه الرشوة فليحذر الحاكم المتحفظ لدينه المستعد للوقوف بين يدي ربه من قبول هدايا من أهدى إليه بعد توليه للقضاء فإن للإحسان تأثيرا في طبع الإنسان والقلوب مجبولة على حب من أحسن إليها فربما مالت نفسه إلى المهدي إليه ميلا يؤثر الميل عن الحق عند عروض المخاصمة بين المهدي وبين غيره والقاضي لا يشعر بذلك ويظن أنه لم يخرج عن الصواب بسبب ما قد زرعه الإحسان في قلبه والرشوة لا تفعل زيادة على هذا ومن هذه الحيثية امتنعت عن قبول الهدايا بعد دخولي في القضاء ممن كان يهدي إلي قبل الدخول فيه بل من الأقارب فضلا عن سائر الناس فكان في ذلك من المنافع ما لا يتسع المقام لبسطه أسأل الله أن يجعله خالصا لوجهه
العزيز شرح الكبيرالجزء الثاني عشر ص: 468-469
وإذا عرفنا أن قول الرشوة حرام مطلقا وقبول الهدية جائز في بعض الأحوال طلبت الفرق بينهما وقلت باذل المال راض فيهما جميعا فبما نميز بينهما ؟ والذي وجدته في الفرق بينهما شيئان : أحدهما: في كلام القاضي ابن كج: أن الرشوة هي التي يشترط على باذلها الحكم بغير الحق أو الامتناع عم الحكم بالحق والهدية هي العطية المطلقة والثاني قال المصنف في الإحياء المال إما أن يبذل لغرض آجل فهو قربة وصدقة وإن كان لغرض عاجل فهو إما مال فهو هبة بشرط الثواب أو توقع ثواب أو عمل فإن كان ذلك العمل حراما أو واجبا متعينا فهو رشوة وإن كان مباحا فإجارة أو جعالة وأما التقرب والتودد إلى المهدى إليه وذلك ما أن يطلبه لنفسه فهو هدية أو ليتوسل بجاهه إلى أغراض ومقاصد فإن كان جاهه العلم أو بالنسب فهو هدية وإن كان بالقضاة والعمل فهو رشوة والله أعلم
إيضاح الأحكام لما يأخذه العمال والحكاملابن حجر الهيتمي ص: 41
ولا يختص ذلك بالقاضي بل يجري في الإمام ومن دونه من كل مقلد أمرا من أمور المسلمين ولكن القاضي يلام على ذلك أكثر لأنه نائب الشرع فعليه أن ينظر إلى سيرة من هو نائب عنه وهو النبي r والخلافاء الرشدين في أحكامهم وأفعالهم فإن رأى سيرته قريبة من سيرتهم نجا, وإلا فليعلم: أنه كما عدل عن طريقهم في الدنيا كذلك يعدل عنها في الآخرة............
كفاية الأخيار ص : 262
واعلم أن الهدية لغير الحكام كهدايا الرعايا بعضهم لبعض إن كانت لطلب محرم أو إسقاط حق أو إفانة على ظلم حرم القبول والشفاعة والتوسط بين المهدي والآخذ من قاض وغيره وكذا بين المرتشي والراشي حكمه موكله فإن وكلاه معا وكان المهدي أو الراشي معذورا لأجل حقه حرم على المتوسط لأنه وكيل الآخذ وهو محرم عليه والله أعلم
أسنى المطالب الجزء الرابع ص : 300 - 301
قال وإن وقف عليه واحد من أهل ولايته وشرطنا القبول في الوقف فهو كالهدية وإلا فينبغي الحكم بالصحة كما لو كان عليه دين فأبرأه منه قال فإنه يبعد أن يقال لا يصح قال بل يصح وعلى القاضي الاجتهاد في عدم الميل قلت ولو وفى عنه دينه بغير إذنه ينبغي أن يجوز قطعا فإن كان بإذنه بشرط عدم الرجوع لم يجز قطعا قلته بحثا ع ولو أبرأه من دينه جاز وقوله جاز قطعا أشار إلى تصحيحه وكذا قوله لا يجوز قطعا وكذا قوله جاز وكتب أيضا وينبغي أن تكون الهدية لمحجوره كالهدية له (قوله من له خصومة) يلتحق بمن له خصومة ما إذا كان أحس بأنها مقدمة لخصومة تأتي فتحرم أيضا نقله في الكفاية عن البندنيجي وهو ظاهر وينبغي أن يحمل قول المصنف من له خصومة على الحال والاستقبال ليشمل ذلك غ ر (تنبيه) قال ابن الرفعة ملخصا لكلام الماوردي والهدية من الرعايا بعضهم لبعض إن كانت لطلب آجل أو عاجل هو مال أو مودة فجائز وفي بعض الصور مستحب وإن كانت لأجل شفاعة فإن كانت الشفاعة في محظور لطلب محظور أو إسقاط حق أو معونة على ظلم فقبولها حرام وإن كانت في مباح لا يلزمه فإن شرط الهدية على المشفوع له فقبولها محظور وكذلك إن قال المهدي هذه الهدية جزاء شفاعتك فقبولها محظور أيضا وإن لم يشرطها الشافع وأمسك المهدي عن ذكر الجزاء فإن كان مهديا له قبل الشفاعة لم يكره له القبول وإلا كره له القبول إن لم يكافئه عليها فإن كافأه لم يكره اهـ
إثمد العين بهامش بغية المسترشدين ص: 171
يجوز للإمام أن يقف من أراضي بيت المال على جماعة أو واحد كما قاله النووي وغيره ويجوز له أن يهب منه ويملك أيضا وحينئذ لا يجوز لمن تولى بعده نقض التمليك.
إحياء علوم الدين الجزء الثانى ص : 152 - 153 دار إحياء الكتب
فقلت باذل المال لا يبذله قط إلا لغرض إما عاجل كالثواب وإما عاجل والعاجل إما مال وإما فعل وإعانة على مقصود معين وإما تقرب إلى قلب المهدى إليه بطلب محبته إما للمحبة فى عينها وإما للتوصل بالمحبة إلى غرض وراءها فالأقسام الحاصلة من هذه خمسة -إلى أن قال- الثالث أن يكون المراد إعانة بفعل معين كالمحتاج إلى السلطان يهدى إلى وكيل السلطان وخاصته ومن له مكانة عنده فهذه هدية بشرط ثواب يعرف بقرينة الحال فلينظر فى ذلك العمل الذى هو الثواب فإن كان حراما كالسعى فى تنجيز إدرار حرام أو ظلم إنسان أو غيره حرم الأخذ وإن كان واجبا كدفع ظلم متعين على كل من يقدر عليه أو شهادة متعينة فيحرم عليه ما يأخذه وهى الرشوة التى لا يشك فى تحريمها وإن كان مباحا لا واجبا ولا حراما وكان فيه تعب بحيث لو عرف لجاز الاستئجار عليه فما يأخذه حلال مهما وفى بالغرض وهو جار مجرى الجعالة كقوله أوصل هذه القصة إلى يد فلان أو يد سلطان ولك دينار وكان يحتاج إلى تعب وعمل متقوم أو قال اقترح على فلان أن يعيننى فى غرض كذا أو ينعم على بكذا وافتقر فى تنجيز غرضه إلى كلام طويل فذلك جعل كما يأخذه الوكيل بالخصومة بين يدى القاضى فليس بحرام إذ كان لا يسعى فى حرام وإن كان مقصوده يحصل بكلمة لا تعب فيها ولكن تلك الكلمة من ذى الجاه أو تلك الفعلة من ذى الجاه تفيد كقوله للبواب لا تغلق دونه باب السلطان أو كوضعه قصة بين يدى السلطان فقط فهذا حرام لأنه عوض من الجاه ولم يثبت فى الشرع جواز ذلك بل يثبت ما يدل على النهى عنه كما سيأتى فى هدايا الملوك
فيض القدير الجزء الأول ص : 525 (دار المعرفة)
قال فى الأذكار يستحب الشفاعة إلى ولاة الأمر وغيرهم من ذوى الحقوق ما لم تكن فى حد أو فى أمر لا يجوز تركه كالشفاعة إلى ناظر طفل أو مجنون أو وقف فى ترك بعض حق من فى ولايته فهذه شفاعة محرمة -الى أن قال- ففيه حث على الشفاعة ودلالة على عظم ثوابها والأمر للندب وربما يعرض له ما يصير الشفاعة
لب الاصول ص: 102
(ورشوة) بتثليث الراء وهى ان يبذل مالا ليحق باطلا او يبطل حقا لخبر الترمذى لعنة الله على الراشى والمرتشى زاد الحاكم والرائش الذى يسعى بينهما أما بذله للمتكلم فى جائز مع سلطان مثلا فجعالة جائزة فيجوز البذل والاخذ وبذله للمتكلم فى واجب كتخليص من حبس ظلما وتولية قضاء طلبه من تعين عليه او سن له جائز والاخذ فيه حرام (قوله والاخذ فيه حرام) اى ان تعين عليه وعبارة م ر فى شرحه وافتى المصنف فيمن حبس ظلما فبذل مالا لمن يتكلم فى خلاصه بجاهه او غيره بأنها جعالة مباحة وأخذ عوضها حلال ونقل عن جماعة اى وفى ذلك كلفة تقابل بأجرة عرفا اهـ ولم يتعقبه بشيء ولم يكتب عليه ع ش ولا الرشيدى شيئا ويؤخذ مما ذكره قبل انه ان تعين عليه لم يجز له الاخذ والا جاز وبه صرح العلامة الشارح فى الحاشية حيث قال اما بذل مال للمتكلم فى جائز مع السلطان مثلا فجعالة جائزة فيجوز فيه البذل والاخذ وشمل الجائز الواجب لكن ان تعين عليه امتنع الاخذ وان جاز البذل ففى تخليص من حبس ظلما يمتنع الاخذ على من تعين عليه دون غيره وعلى غيره يحمل اطلاق النووى فى فتاويه الجواز اهـ وهذا هو المشهور فى تقارير الشيوخ وهو مقتضى عبارة م ر سابقا ولاحقا فليراجع وليحرر اهـ شيخنا محمد الجوهرى
العمال والحكام لابن حجر الهيتمي ص: 54-59
(الثالث) هدية من له خصومة فيحرم إجماعا قبولها مطلقا ولو ممن له عادة بالإهداء له قبل القضاء أو من غير أهل ولايته للخبر السابق" هذايا العمال غلول" والقاضي أولى من العامل فإنه نائب الشرع ولأن زيد ابن ثابت كان يهدي لعمر رضي الله تعالى عنهما كل سنة لبنا ثم استقرض منه من بيت المال فأهدى زيد لعمر فلم يقبل وقال: لعله إنما قدم لنا لما أقرضناه فلم يقبل منه حتى قضى دينه ولانكسار قلب خصمه ولتهمة الميل لما في الهدية من قوة الإمالة وقد قيل إنما سمي مالا لأنه يميل وقد روي أن رجلا أهدى لعمر جزورا ثم جاء يخاصم إليه فجعل يقول ياأمير المؤمنين أفصل بيننا كما بفصل رجل الجزول وعمر لا يفهم فذكر ذلك للناس وقال (مازال يكررها حتى كدت أقضي له) والحق خصومات الحاجة ولا فرق بين هديته في مدة الخصومة وقبلها إذا استشعر القاضى أنها لأجل خصومة يحدثها بعد ولو أهدى له بعد قضاء حاجته ولم تكن جزاء فهي كما لو لم يكن له حاجة. فإن كان يعتاد الإهداء اليه قبل القضاء والترشيخ له حلت له وإلا فلا كما سيأتي وقبوله e لهدية لا دليل فيه لحلها لقاض ولا عامل لأنه معصوم ومن ثم قال عمر بن عبد العزيز :"كانت له e هدية وأما الآن فهي رشوة" قال بعضهم : وهذا يقوى فساد ما مر ويأتي عن جمع من جواز طلب القاضى للأجرة أي أو الرزق لأن ذلك مناف لمنصب الحكم ولو أهدى اليه أحد خوفا من شره حرم القبول قطعا وقال الدرامى: ولو شرط أن يثيبه على هديته جاز قبولها وإن كانت له حكومة قال الأذرعى وفي هذا الإطلاق نظر إلا أن يكون معاوضة بثمن المثل ودفعه جهارا وإلا فيمنع لقوة التهمة قال في الخادم وفي نص الشافعي ما يقتضى هذا (الرابع) هدية من هو من أهل ولايته وليس له عادة بالإهداء اليه قبل القضاء ولا خصومة فيحرم عند كثيرين قبولها وإن كان المهدي خليفته كما صرح به القاضي حسين أو كان من ذوى رحمه كما اقتضاه إطلاقهم نعم ينبغي أن يستثني من لا ينفذ حكمه له كأبيه وابنه إذ لا تهمة حينئذ ثم رأيت الأذرعي وغيره استثنوا ذلك وسأذكره مبسوطا في سابع التنبيهات أو كان القاضي والمهدي خارج ولايته على الأصح بل قال السبكي على أنه متى ظهر أنه يهدي لأجل الولاية يحرم وإن كان في غير ولايته ممن ليس من أهل ولايته قال: ويحكي عن أبي حنيفة وأصحابه أنه يكره أخذها ممن لم
تجر له عادة وحكي محمد عن أبي حنيفة "لا ينبغي للقاضي أن يقبل هدية فإن ذلك يوقع التهمة ويطمع الناس فيه وحكى الخصاف عنه أنه يكره قبولها، وإن قبلها لم تسقط عدالته، وهذا أعنى الكراهة وجه عندنا، قال به جمع متقدمون من أصحابنا. وسيأتي في سابع التنبيهات زيادة لذلك "تنبيهات" : أحدها قال ابن القاص قال الشافعي في كتاب الصدقات ولو أهدى للساعي رجل من أهل عمله فأخذ هديته وأثابه عليها حلت له فإن لم يثبه عليها فليجعلها في الصدقات لا يحل له عندي غير هذا قل الشافعي في كتاب "القاضي" "ولا يقبل من أحد الخصمين هدية حتى تنقضي خصومتهما" وقياسه أنه لا يجيب واحدا من الخصمين في دعوة خاصة حتى تنقضي خصومنهما وينبغي للقاضي على مذهب الشافعي أنيثيب على الهدية فإن لم يثب عليها ولم يرد صاحبهما الثواب ففيها قولان (أحدهما) ما قال في "أدب القضاء" من جوار قبوله الهدية إذا تعدت الخصومات (والآخر) ما قال في كتاب "الصدقات" في هدايا العمال من أهل عملهم "إن لم يثب عليها فهي حرام إذ ما قاله في الإثابة محله إن أثاب عليها بمساويها كما صرح به الشافعي في محل آخر ثم رأيت الزركشي قال أطلق الإثابة وشرط أن يكون بثمن المثل كما سقناه عن النص من قوله: "أثانه بمثله" وبه صرح أبو علي فإن أثانه بأقل فكما لو لم يثبه لأن المحاباة حاصلة.انتهى ويتعين فرض ذلك فيمن له خصومة أما هو فلا يجوز قبول هديته مطلقا وإن أثانه بأكثر كما هو واضح لأن من شأن الهدية التوادد والتحابب فينكسر قلب الخصم وربما جر القاضي ذلك إلى الميل مع المهدي وما قل في جعلها إذا لم يثب عليها في مال الصقات قول والصحيح أنه حيث لم يملك الهدية ردها لمالكها وما قاله في انقضاء الخصومة عن أدب القضاء قول والراجح خلافه وهو أنه لا فرق في جريان التفصيل السافث بين ما قبل الخصومة وبعدها نعم من كانت عادته الإهداة إليه قبل القضاء لا يجوز قبول هدميته إلى بعد ايقضاة خصومته بجيع آثارها ومتى بفي آثر منها يتوهم من القاضي ميل مت معه فيه لا يجوز قتول هديته كما هم واضح فهذا هو الذي يفترق الحال فيه بين ما قبل الخصومة وبعدها ولذا يقال فيمن ليس من أهل ولايته يجوز قيول هدينه بعد انقضاء الخصومة وآثارها لا قبل ذلك فهو أيضا مما يفترق الحال فيه بين وجود الخصومة وعدمها وأما من هو في أهل عمله ولا عادة له في الإهداء إليه: فيحرم قبول هديته مطلقا فلا يأتي فيه بفصيل بين وجود الخصومة وعدم وجودها فشإن حمل قول" أدب القضاء" على الأولين لم يكن ضعيفا
العمال والحكام لابن حجر الهيتمي ص: 58-59 (دار الراية)
حيث جوزنا قبول الهدية للقاضي أو غيره ممن يأتي ملكها المهدى إليه وحيث حرمناه على القاضي أو غيره ممن يأتي لم يملكها ويلزمه ردها لمالكها فأن أتلفها صارت دينات عليه فيلزمه رد مثلها إن كانت مثلية وقيمتها إن كانت متقومة فإن مات قبل أدائها أديت من تركته فإن لم يعلم مالكها ردت لبيت المال لأنها حينئذ في حكم الضال هذا هو المنقول المعتمد إليه ذهب الأكثرون ووراءه أراء ضعيفة منها ما حكاه الإمام أن من الأصحاب من قال ويملك وإن حرم القول لكونها صدرت من أهلما وإن تفرض النهمة بقبولها فتحرم كالصرة في المغصوب قال الزركشي "ونازع بعهم في إجراء هذا الوجة العيف القائل بالماك على ظاهره وقال: إنه مصادم للإجماع الذي حكاه ابن عبد البر ومحل الخرف أيضا في غير الرشوة والتي وقعت جزاء لحكو سابف كما أفهمة كلام الماوردي أم هما فلا يخرجان عن ملك مالكهما قطعا وأقره الأذرعي وغيره لكن ذكر شريح أنه من دفع له شيء ليحكم الحق على سبيل الإجارة ولم يكن له رزق جاز له قبول ومر وسيأتي ما في ذلك: قال الفوراني لو أهدى له أحد المتحاكمين أو كلاهما لم يحل له ولم يملك على الأصح وقال صاحب "التقريب": "يملك" ومنها ما قاله القفال أن الطريقة المشهورة للأصحاب أن الهدية إذا لم تكن في حال خصومة فهي ملكه فلا يطلق إلا الكراهة وإن كانت في حال الخصومة قطعنا بالتحريم وفي حصول الملك وجهان وقال القاضي حسين ولا يقبل الهدية فإن قبلها أثاب أو جهلها في بيت المال فإن لم يفعل احتمل وجهين (أحدهما) يملك ولا يلزمه الرد (الثاني) يملك انتهى
فتاوي السبكي الجزء الأول ص: 203-207
(هدايا الأمراء غلول) انتهى الإجماع الذي نقله ابن عبد البر يرد على من يقول من المتأخرين بأنه يختص بها كما سنحكيه وملخص كلام العلماء فيما يعطي الحكام الأئمة والأمراء والقضاة والولاة وسائر من ولي أمرا من أمور المسلمين أنه إما رشوة وإما هدية أما الرشوة فحرام بالإجماع على من يأخذها وعلى من يعطيها وسواء كان الأخذ لنفسه أو وكيلا وكذا المعطي سواء أكان عن نفسه أو وكيلا ويجب ردها على صاحبها ولا تجعل في بيت المال إلا إذا جهل مالكها فتكون كالمال الضائع وفي احتمال لبعض متأخري الفقهاء أنها تجعل في بيت المال والمراد بالرشوة التي ذكرناها ما يعطى لدفع حق أو لتحصيل باطل وإن أعطيت للتوصل إلى الحكم بحق فالتحريم على من يأخذها كذلك وأما من لم يعطها فإن لم يقدر على الوصول إلى حقه إلا بذلك جاز وإن قدر إلى الوصول إليه بدونه لم يجز وهكذا حكم ما يعطى على الولايات والمناصب يحرم على الآخذ مطلقا –الى أن قال- وأما الهدية وهي التي يقصد بها التودد واستمالة القلوب فإن كانت ممن لم تقدم له عادة قبل الولاية فحرام وإن كانت ممن له عادة قبل الولاية فإن زاد فكما لو لم تكن له عادة وإن لم يزد فإن كانت له خصومة لم يجز وإن لم تكن له خصومة جاز بقدر ما كانت عادته قبل الولاية والأفضل أن لا يقبل والتشديد على القاضي في قبول الهدية أكثر من التشديد على غيره من ولاة الأمور لأنه نائب عن الشرع فيحق له أن يسير بسيرته وقال ابن يونس المالكي: لا يقبل القاضي هدية من أحد لا من قريب ولا من صديق وإن كافأه بأضعافها إلا من الوالد والولد وخاصة القرابة التي تجمع من حرمة الحاجة ما هو أكثر من حرمة الهدية قال سحنون: مثل الخالة والعمة وبنت الأخ قال ابن حبيب : لم يختلف العلماء في كراهية الهدية إلى السلطان الأكبر وإلى القضاة والعمال وجباة الأموال وهو قول مالك ومن قبله من أهل السنة وكان النبي e يقبل الهدية وهذا من خواصه وحكى ابن أبي زيد هذا الكلام عن ابن حبيب أيضا قال: وقد رد علي خروفا أهدي إليه وقال ربيعة: الهدية ذريعة الرشوة وعلمة الظلمة وقال أيضا: والنبي e ليس كغيره لأنه إنما يهدى إليه قربة لله تعالى وما أهدي إلى الوالي لم يقصد به إلا السلطان وفي كلام محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة رحمه الله على ما ذكره السرخسي في السير الكبير أن ملك العدو إذا بعث إلى أمير الجند هدية فلا بأس أن يقبلها ويصير فيئا للمسلمين لأنه ما أهدي إليه لعينه بل لمنعته ومنعته بالمسلمين فكان هذا بمنزلة المال المصاب بقوة المسلمين وهذا بخلاف ما كان لرسول الله e من الهدية فإن قوته ومنعته لم تكن بالمسلمين على ما قال الله تعالى–الى أن قال- وللشافعي t قول ثان قبولها غير محرم فهم منه بعض أصحابنا أنه قول بأنه يجوز أن يملكها والاختصاص بها وهذا بخلاف ما حكاه ابن عبد البر من الإجماع فلعل مراد الشافعي رحمه الله جواز القبول إذا لم يختص بها بل وضعها في بيت المال والحاصل أن الهدية لا يملكها الحاكم باتفاق أكثر العلماء أو كلهم وأما تحريم أخذها فحيث أوجبت ريبة حرم عليه قبولها والتحريم في القاضي آكد من بقية ولاة الأمور لأن عليه من الصيانة أكثر من غيره لأنه نائب عن الشرع –الى أن قال- ومن وقع في كلامه من الفقهاء أن القاضي يجوز له أخذ شيء فذلك شاذ مردود خطأ من قائله متأول ومحله في صورة نادرة وهي حالة الضرورة والمخمصة مشروطا بشروط نبهنا عليه فيما سبق ومن فعل خلاف ذلك فقد غير فريضة الله وباع عدل الله الذي بذله لعباده بغير عوض فأخذ عليه ثمنا قليلا ولهذا نجد بعض الفجرة الذين يقعون في شيء من هذا ويكتمونه ويأخذونه خفية وهذا علامة الحرام فإن الحلال يأخذه صاحبه جهارا لا يستحيي من أخذه نسأل الله أن يعصمنا من الزيغ ويسلك بنا طريق الهدى بمنه وكرمه انتهى
غاية تلخيص المراد ص : 171
(مسألة) يجوز للإمام ان يقف من اراضى بيت المال على جماعة اوواحد كما قاله النووى وغيره ويجوز له ان يهب منه ويملك ايضا وحينئذ لايجوز لمن تولى بعده نقض التمليك
البحر المحيط الجزء الأول ص: 398
مسألة "المكروه هل يدخل تحت الأمر ؟" المكروه لا يدخل تحت الأمر المطلق عندنا لأن الأمر طلب واقتضاء والمكروه لا يكون مطلوبا ولا مقتضى فلا يدخل تحت الخطاب للتناقض -إلى أن قال- ومنها: حيث قلنا: للقاضي قبول الهدية ولم نحرمها والأكثرون على أنه يملكها وفيه وجه قوي أنه لا يملكها ثم صححوا أنها ترد إلى صاحبها والظاهر : أنها توضع في بيت المال ولا ترد إليه
البحر الرائق الجزء السادس ص: 305
(قوله ويرد هدية إلا من قريب أو ممن جرت عادته به) أي لا يقبل القاضي هدية لما رواه البخاري عن أبي حميد الساعدي قال (استعمل النبي e رجلا من الأزد يقال له ابن اللتبية على الصدقة واسمه عبد الله فلما قدم قال هذا لكم وهذا أهدي إلي فقال عليه الصلاة والسلام هلا جلس في بيت أبيه أو بيت أمه فينظر أيهدى إليه أم لا) قال عمر بن عبد العزيز t كانت الهدية على عهد رسول الله e هدية واليوم رشوة فتعليله دليل على تحريم الهدية التي سببها الولاية ويجب ردها على صاحبها فإن تعذر ردها على مالكها وضعها في بيت المال كاللقطة كما في فتح القدير فإن كان المهدي يتأذى بالرد يقبلها ويعطيه مثل قيمتها كذا في الخلاصة وفي المضمرات إذا دخلت الهدية له من الباب خرجت الأمانة من الكوة وقدمنا عن الأقطع الفرق بين الهدية والرشوة أن الرشوة ما كان معها شرط الإعانة بخلاف الهدية وفي خزانة المفتين مال يعطيه ولا يكون معها شرط والرشوة مال يعطيه بشرط أن يعينه وذكر الهدية في الكتاب ليس احترازيا إذ يحرم عليه الاستقراض والاستعارة ممن يحرم عليه قبول هديته كما في الخانية وإنما يقبل هدية القريب لما فيها من صلة الرحم وردها قطيعة وهي حرام وأطلقه وهو مقيد بالمحرم فخرج ابن العم مثلا ومقيد بأن لا تكون له خصومة وإنما يقبل ممن له عادة للعلم بأنها ليست للقضاء وله شرطان أن لا يكون له خصومة وأن لا يزيد على العادة فيرد الكل في الأول وما زاد عليها في الثاني وقيده فخر الإسلام بأن لا يكون مال المهدي قد زاد فبقدر ما زاد ماله لا بأس بقبوله
مغنى المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج الجزء الثالث ص : 574
ولو خلص شخص آخر من يد ظالم ثم أنفذ إليه شيئا هل يكون رشوة أو هدية قال القفال في فتاويه ينظر إن كان أهدى إليه مخافة أنه ربما لو لم يبره بشيء لنقض جميع ما فعله كان رشوة وإن كان يأمن خيانته بأن لا ينقض ذلك بحال كان هبة
الفتاوى الكبرى الجزء الرابع ص : 311
(وسئل) رحمه الله تعالى هل للمحكم أن يزوج المحكمة له وإن بعد مكانها فوق مرحلتين وهل المحكم كالقاضي في تحريم الرشوة وغيرها ؟ (فأجاب) نفعنا الله تعالى به بقوله المحكم كالقاضي إلا في مسائل معروفة فلا بد في المحكمة له أن تكون حاضرة ويحرم عليه ما يحرم على القاضي من الرشوة وغيرها والله سبحانه وتعالى أعلم
المبسوط الجزء الخامس ص : 221 – 222 (محمد بن أحمد بن أبى سهل السرخسى الحنفى)
(قال) وإذا جعلت المرأة لزوجها جعلا على أن يزيدها في القسم يوما ففعل لم يجز وترجع في ماله لأنها رشته على أن يجور والرشوة حرام وهذا بمنزلة الرشوة في الحكم وهو من السحت
فتح الباري الجزء الخامس ص : 221 دار الفكر
وقال بن العربي الرشوة كل مال دفع ليبتاع به من ذي جاه عونا على ما لا يحل والمرتشي قابضه والراشي معطيه والرائش الواسطة وقد ثبت حديث عبد الله بن عمرو في لعن الراشي والمرتشي أخرجه الترمذي وصححه وفي رواية والرائش والراشي ثم قال الذي يهدى لا يخلو أن يقصد ود المهدي إليه أو عونه أو ماله فأفضلها الأول والثالث جائز لأنه يتوقع بذلك الزيادة على وجه جميل وقد تستحب إن كان محتاجا والمهدي لا يتكلف وإلا فيكره وقد تكون سببا للمودة وعكسها وأما الثاني فإن كان لمعصية فلا يحل وهو الرشوة وإن كان لطاعة فيستحب وإن كان لجائز فجائز لكن إن لم يكن المهدي له حاكم ولا إعانة لدفع مظلمة أو إيصال حق فهو جائز ولكن يستحب له ترك الأخذ وإن كان حاكما فهو حرام اهـ ملخصا
الموعظة المؤمنين الجزء الثانى ص : 137
من ورث مالا ولم يدر من أين اكتسبه مورثه من حلال أم من حرام ولم يكن ثم علامة فهو حلال باتفاق العلماء وإن علم أن فيه حراما وشك في قدره أخرج مقدار الحرام بالتحرى وإن علم أن بعض ماله كان من الظلم فيلزمه خراج ذلك القدر باجتهاد وقال بعض العلماء لا يلزمه والإثم على المورث (النظر الثانى في المصرف) فإذا أخرج الحرام فله ثلاثة أحوال: إما أن يكون له مالك معين فيجب الصرف إليه أو إلى وارثه وإن كان غائبا فينتظر حضوره أو الإيصال اليه وإن كانت له زيادة ومنفعة فالتجمع فوائده إلى وقت حضوره وإما أن يكون لمالك غير معين وقع اليأس من الوقوف على عينه ولا يدرى أنه مات عن وارث أم لا فهذا لايمكن الرد فيه للمالك ويوقف حتى يتضح الأمر فيه وربما لا يمكن الرد لكثرة الملاك فهذا ينبغى أن يتصدق به لئلا يضيع وتفوت المنفعة على المالك وعلى غيره وله أن يتصدق على نفسه وعياله إذا كان فقيرا اهـ
العمال والحكام ص: 64-65 (دار الراية)
والمعنى الذي أشار إليه الشافعي والأصحاب والمتقدمون والحنفيه من اعتبار المعنى الذي قصده المهدي وكأنها للمسلمين يرشد إليه هذا كله في الهدية. أما الرشوة فالذي ينبغي أنه إن جهل صاحبها ردت لبيت المال قطعا وإن عرف ردت إليه قطعا لأنه لم يخرج عنها إلا لما قصد من الحكم الذي لم يحصل له ولا يملكها المهدى إليه بلا خلاف وإذا كره قبول الهدية ملكها المهدى إليه عند الأكثرين وقيل لا يملكها وهو المختار عندي اعتبارا بالمعنى الذي لحظه وهو أنه إنما أهدى إليه لقوة المسلمين ولقوته بخصوصه ويؤيده قصة معاذ السابقة مع أبي بكر وعمر -إلى أن قال- فالذي يظهر أن الهدايا متى لم يقصد بها معنى الرشوة ولا كانت في وقت خصومة ولا تضمنت إزراء بمنصب القضاء ولا تهمة أو ميلا بل كانت مكارمة بين الأكفاء أنه لا يمتنع قبولها ولكنه ينظر مع ذلك إلى المعنى الباعث لصاحبها على الإهداء فإن كان هو الولاية فلا يمكلها المهدى إليه فقد تكون للمسلمين لأنه إنما أخذها بقوتهم فكأنه قائم مقامهم وإن كان الباعث عليها قصده بخصومة كما إذا لم يكن ولاية فهي ملكه هذا هو الذي يظهر ولما كان القاضي مظنة التهمة كرهنا له قبول الهدية مطلقا فإن زالت الريبة جاز وأخذ معاذ ممن أعطاه يدل لحل القبول والشيخان لم ينكر عليه ولا قالا له إنه حرام وإنما اقتضى كلامهما أنه لبيت المال ثم اختلفا فعمر رأى أنه لا يطيب إلا بالإمام وأبو بكر لعله رأى أن ذلك تعبدا لقوله r له (لعل الله يجبرك) إهـ
بغية المسترشدين ص 65 دار الفكر
(مسئلة ي) ليس للناظر العامى وهو القاضى أو الوالى النظر فى أموال الأوقاف وأموال المساجد مع وجود النظر الخاص المتأهل فحينئذ فما يجمعه الناس ويبذلونه لعمارتها بنحو نذر أو هبة وصدقة مقبوضين بيد الناظر أو وكيله كالساعى فى العمارة بإذن الناظر ويملكه المسجد ويتولى الناظر العمارة بالهدم والبناء وشراء الآلة والإستئجار فإن قبض الساعى بلا إذن الناظر فهو باق على ملك باذله فإن أذن فى دفعه للناظر اودلت قرينة أو اطردت العادة بدفعه دفعه وصار ملكا للمسجد حينئذ فيتصرف فيه كما مر وإن لم يأذن فى الدفع للناظر فالقابض أمين الباذل فعليه صرفه للأجراء وعن الألة وتسليمها للناظر وعلى الناظر العمارة هذا إن جرت العادة أو القرينة أو الإذن بالصرف كذلك أيضا وإلا فإن أمكنت مراجعة الباذل لزمت وإن لم تمكن فالذى أراه عدم جواز الصرف حينئذ لعدم ملك المسجد لها إذ لا يجوز قبض الصدقة إلا بإذن المتصدق وقد انتفى هنا وليتفطن لدقيقة وهو أن ما قبض بغير إذن الناظر إذا مات باذله قبل قبض الناظر أو صرفه على ما مر تفصيله يرد لوارثه إذ هو باق على ملك الميت وبموته بطل إذنه فى صرفه اهـ
فتح المعين بهامش إعانة الطالبين الجزء الثالث ص: 171-172 دار الفكر
تنبيه حيث أجمل الواقف شرطه اتبع فيه العرف المطرد في زمنه لأنه بمنزلة شرطه ثم ما كان أقرب إلى مقاصد الواقفين كما يدل عليه كلامهم ومن ثم امتنع في السقايات المسبلة على الطرق غير الشرب ونقل الماء منها ولو للشرب وبحث بعضهم حرمة نحو بصاق وعسل وسخ في ماء مطهرة المسجد وإن كثر وسئل العلامة الطنبداوي عن الجوابي والجرار التي عند المساجد فيها الماء إذا لم يعلم أنها موقوفة للشرب أو الوضوء أو الغسل الواجب أو المسنون أو غسل النجاسة فأجاب إنه إذا دلت قرينة على أن الماء موضوع لتعميم الإنتفاع جاز جميع ما ذكر من الشرب وغسل النجاسة وغسل الجنابة وغيرها ومثال القرينة جريان الناس على تعميم الانتفاع من غير نكير من فقيه وغيره إذا الظاهر من عدم النكير أنهم أقدموا على تعميم الإنتفاع بالماء بغسل وشرب ووضوء وغسل نجاسة فمثل هذا إيقاع يقال بالجواز وقال إن فتوى العلامة عبد الله بامخرمة يوافق ما ذكره انتهى
حاشية قليوبى الجزء الثالث ص : 114 دار إحياء الكتب العربية
(فرع) جرت العادة لذوى الأفراح بحمل الهدايا إليهم ووضع نحو طاسة لوضع الدراهم فيها وإعطاء خادم الصوفية الدراهم ونحوها وحكم ذلك أن الملك لمن قصده الدافع من صاحب الفرح أو ابنه أو المزين مثلا أو الخادم أو الصوفية انفرادا وشركة وإلا فلآخذه لأنه المقصود عرفا أو عادة ومثل ذلك ما لو نذر شيئا لولى ميت فإن قصد تمليكه لغا أو تمليك خدمته مثلا فلهم وإلا صرف فى مصالح قبره إن كان وإلا فلمن جرت العادة بقصدهم عنده اهـ
الفتاوي السبكي الجزء الأول ص : 207 دار المعارف
وملخص كلام العلماء فيما يعطي الحكام الأئمة والأمراء والقضاة والولاة وسائر من ولي أمرا من أمور المسلمين أنه إما رشوة وإما هدية أما الرشوة فحرام بالإجماع على من يأخذها وعلى من يعطيها وسواء كان الأخذ لنفسه أو وكيلا وكذا المعطي سواء أكان عن نفسه أو وكيلا ويجب ردها على صاحبها ولا تجعل في بيت المال إلا إذا جهل مالكها فتكون كالمال الضائع وفي احتمال لبعض متأخري الفقهاء أنها تجعل في بيت المال والمراد بالرشوة التي ذكرناها ما يعطى لدفع حق أو لتحصيل باطل وإن أعطيت للتوصل إلى الحكم بحق فالتحريم على من يأخذها كذلك وأما من لم يعطها فإن لم يقدر على الوصول إلى حقه إلا بذلك جاز وإن قدر إلى الوصول إليه بدونه لم يجز وهكذا حكم ما يعطى على الولايات والمناصب يحرم على الآخذ مطلقا ويفصل في الدافع على ما بينا
موعظة المؤمنين ص: 136-137
اعلم أن كل من قدم إليك طعاما أو هدية أو أردت أن تشتري منه أو تتهب فليس لك أن تفتش عنه وتسأل وتقول هذا مما لا أتحقق حله فلا آخذه بل أفتش عنه وليس لك أيضا أن تترك البحث مطلقا بل السؤال لا بد منه في مواقع الريبة ومنشأ الريبة بالنسبة لصاحب المال أن يكون مشكوكا فيه أو معلوما بنوع ظني يستند إلى دلالة وبالنسبة للمال أن يختلط حرامه بحلاله ويكون الحرام أكثر مع يقين وجوده فإذا كان الحرام هو الأقل واحتمل أن لا يكون موجودا في الحال لم يكن الأكل حراما ولكن السؤال احتياط والامتناع عنه ورع وإنما يسئل من صاحب اليد إذا لم يكن متهما فإن كان متهما بأنه ليس يدرى طريقا كسب الحلال أو بأنه لا ثقة في أخباره وأمانته فليسأل من غيره فإذا أخبره عدل واحد قبله وإن أخبره فاسق علم من قرينة حاله أنه لايكذب حيث لا غرض له فيه جاز قبوله لأن المطلوب ثقة النفس والمفتى هو القلب في مثل هذا الموضع وللقلب التفاتات إلى قرائن خفية يضيق عنها نطاق النطق فليتأمل فيه فإذا اطمأن القلب كان الإحتراز حتما واجبا. اهـ (كيفية خروج التائب من المظالم المالية) اعلم أن كل من تاب وفي يده مال مختلط فعليه وظيفة في تمييز الحرام وإخرجه ووظيفة أخرى في مصرف المخرج فلينظر فيهما (النظر الأول) في كيفية التمييز والإخراج: من تاب وفي يده ما هو حرام معلوم العين من غصب أو وديعة أو غيره فأمره سهل فعليه تمييز الحرام وإن كان ملتبسا مختلطا فإما أن يكون من ذوات الأمثال كالحبوب والنقود والأدهان أو يكون في أعيان متمايزة كالدور والثياب فإن كان في المتماثلات أو كان شائعا في المال كله كمن اكتسب المال بتجارة كذب في بعضها وكمن غصب دهنا وخلطه بدهن نفسه وفعل ذلك في الحبوب أو الدراهم والدنانير فإن كان معلوم القدر مثل أن يعلم أن قدر النصف من جملة ماله حرام فعليه تمييز النصف وإن أشكل فله طريقان الأخذ باليقين والأخرى الأخذ بغالب الظن والورع في الطريق الأولى فلا يستبقى إلا القدر الذي يتيقن أنه حلال- الى أن قال-(النظر الثاني في المصرف) فإذا أخرج الحرام ثلاثة أحوال إما أن يكون له مالك معين فيجب الصرف إليه أو إلى وارثه وإن كان غائبا فينتظر حضوره أو الإيصال إليه وِإن كانت له زيادة ومنفعة فلتجمع فوائده إلى وقت حضوره وإما أن يكون لمالك غير معين وقع اليأس من الوقوف علىعينه ولا يدري أنه مات عن وارث أم لا فهذا لا يمكن الرد فيه للمالك ويوقف حتى يتضح الأمر فيه وربما لا يمكن الرد لكثرة الملاك فهذا ينبغي أن يتصدق به لئلا يضيع وتفوت المنفعة على المالك وعلى غيره وله أن يتصدق على نفسه وعياله إذاكان فقيرا
حاشية الجمل على المنهج الجزء الثالث ص : 594 - 595 دار الفكر
ولو أهدى إليه شيئا على أن يقضى له حاجة فلم يفعل لزمه رده إن بقى وإلا فبدله كما قاله الأسطخرى فإن فعلها حل أى وإن تعين عليه تخليصه أى بناء على الأصح أنه يجوز أخذ العوض على الواجب العينى إذا كان فيه كلفة خلافا لما يوهمه كلام الأذرعى وغيره هنا اهـ شرح م ر قال ع ش قوله لزمه رده أى فلو بذلها لشخص ليخلص له محبوسا مثلا فسعى فى خلاصه ولم يتفق له ذلك وجب عليه رد الهدية لصاحبها لأن مقصوده لم يحصل نعم لو أعطاه ليشفع له فقط سواء قبلت شفاعته أو لا ففعل لم يجب الرد فيما يظهر لأنه فعل ما أعطاه لأجله اهـ
حواشى الشروانى وابن قاسم الجزء السادس ص : 316 - 317
(فرع) الهدايا المحمولة عند الختان ملك للأب وقال جمع للابن فعليه يلزم الأب قبولها أي: حيث لا محذور كما هو ظاهر ومنه أن يقصد التقرب للأب وهو نحو قاض فلا يجوز له القبول كما بحثه شارح وهو متجه ومحل الخلاف إذا أطلق المهدي فلم يقصد واحدا منهما وإلا فهي لمن قصده اتفاقا ويجري ذلك فيما يعطاه خادم الصوفية فهو له فقط عند الإطلاق أو قصده ولهم عند قصدهم وله ولهم عند قصدهما أي ويكون له النصف فيما يظهر أخذا مما يأتي في الوصية لزيد الكاتب والفقراء مثلا وقضية ذلك أن ما اعتيد في بعض النواحي من وضع طاسة بين يدي صاحب الفرح ليضع الناس فيها دراهم ثم تقسم على الحالق أو الخاتن ونحوه يجري فيه ذلك التفصيل فإن قصد ذاك وحده أو مع نظرائه المعاونين له عمل بالقصد وإن أطلق كان ملكا لصاحب الفرح يعطيه لمن شاء وبهذا يعلم أنه لا نظر هنا للعرف أما مع قصد خلافه فواضح وأما مع الإطلاق فلأن حمله على من ذكر من الأب والخادم وصاحب الفرح نظرا للغالب أن كلا من هؤلاء هو المقصود هو عرف الشرع فيقدم على العرف المخالف له بخلاف ما ليس للشرع فيه عرف فإنه تحكم فيه العادة ومن ثم لو نذر لولي ميت بمال فإن قصد أنه يملكه لغا وإن أطلق فإن كان على قبره ما يحتاج للصرف في مصالحه صرف لها وإلا فإن كان عنده قوم اعتيد قصدهم بالنذر للولي صرف لهم (تنبيهان) أحدهما لو تعارض قصد المعطي ونحو الخادم المذكور فالذي يتجه بقاء المعطى على ملك مالكه لأن مخالفة قصد الآخذ لقصده تقتضي رده لإقباضه له المخالف لقصده ثانيهما يؤخذ مما تقرر فيما اعتيد في بعض النواحي أن محل ما مر من الاختلاف في النقوط المعتاد في الأفراح إذا كان صاحب الفرح يعتاد أخذه لنفسه أما إذا اعتيد أنه لنحو الخاتن وأن معطيه إنما قصده فقط فيظهر الجزم بأنه لا رجوع لمعطي على صاحب الفرح وإن كان الإعطاء إنما هو لأجله لأن كونه لأجله من غير دخول في ملكه لا يقتضي رجوعا عليه بوجه فتأمله ولو أهدى لمن خلصه من ظالم لئلا ينقض ما فعله لم يحل له قبوله وإلا حل أي وإن تعين عليه تخليصه بناء على الأصح أنه يجوز أخذ العوض على الواجب العيني إذا كان فيه كلفة خلافا لما يوهمه كلام الأذرعي وغيره هنا ولو قال خذ هذا واشتر لك به كذا تعين ما لم يرد التبسط أي أو تدل قرينة حاله عليه كما مر لأن القرينة محكمة هنا ومن ثم قالوا لو أعطى فقيرا درهما بنية أن يغسل به ثوبه أي وقد دلت القرينة على ذلك تعين له ولو شكا إليه أنه لم يوف أجرة كاذبا فأعطاه درهما أو أعطى لظن صفة فيه أو في نسبه فلم يكن فيه باطنا لم يحل له قبوله ولم يملكه ويكتفي في كونه أعطى لأجل ظن تلك الصفة بالقرينة ومثل هذا ما يأتي آخر الصداق مبسوطا من أن من دفع لمخطوبته أو وكيلها أو وليها طعاما أو غيره ليتزوجها فرد قبل العقد رجع على من أقبضه وحيث دلت قرينة أن ما يعطاه إنما هو للحياء حرم الأخذ ولم يملكه قال الغزالي إجماعا وكذا لو امتنع من فعل أو تسليم ما هو عليه إلا بمال كتزويج بنته بخلاف إمساكه لزوجته حتى تبرئه أو تفتدي بمال ويفرق بأنه هنا في مقابلة البضع المتقوم عليه بمال (قوله عند الختان) ومثله الوليمة إذا فعلها الأب أو الأم لا سيما إذا كان الابن أو البنت غير مكلف (قوله ومنه) أي المحذور ش اهـ سم (قوله فلا يجوز له إلخ) أي مع كونها للابن اهـ سم (قوله ويجري ذلك فيما يعطاه خادم الصوفية إلخ) انظر هل يجري ذلك التفصيل فيما يعطاه المتولي من الشيبيين بخدمة الكعبة المشرفة وفتح بابها وإغلاقه مع وجود غيره من بني شيبة الحجبيين أم لا فيشترك جميعهم فيه مطلقا والأقرب الأول والله أعلم (قوله خادم الصوفية) أي وخادم طلبة العلم (قوله أي ويكون له النصف إلخ) وقد يفرق اهـ سم عبارة السيد عمر هذا محل تأمل بل الظاهر أن حكمه كما لو قال لزيد والفقراء فيكون له أقل متمول اللهم إلا أن يحمل كلامه على ما إذا وكل شخصا فقال له أعط هذا لفلان خادم الصوفية وللصوفية فتأمل اهـ (قوله وقضية ذلك) أي ما ذكر في خادم الصوفية (قوله فإن قصد ذلك) أي نحو الخاتن (قوله من وضع طاسة إلخ) أي أو دوران أحد من طرف صاحب الفرح بها (قوله أو مع نظرائه المعاونين إلخ) هل يقسم بينه وبين المعاونين له بالسوية أو بالتفاوت وما ضابطه ولا يبعد اعتبار العرف في ذلك (فرع) ما تقرر من الرجوع في النقوط لا فرق فيه بين ما يستهلك كالأطعمة وغيره ومدار الرجوع على عادة أمثال الدافع لهذا المدفوع إليه فحيث جرت بالرجوع رجع وإلا فلا مر اهـ سم على حج اهـ ع ش (قوله وبهذا) أي بما ذكر في الهدايا المحمولة وخادم الصوفية وما اعتيد في بعض النواحي إلخ (قوله هنا) أي في الهدايا المحمولة عند الختان وفيما يعطاه خادم الصوفية وما اعتيد في بعض النواحي إلخ (قوله خلافه) أي خلاف العرف (قوله أن كلا إلخ) بيان للغالب (قوله هو عرف الشرع) خبر فلأن (قوله فيقدم) أي من ذكر من الأب إلخ (قوله لقصده) أي المعطي (قوله رده) أي الآخذ و(قوله لإقباضه له) أي إقباض المعطى للآخذ أو للمعطي و(قوله المخالف) أي الإقباض و(قوله لقصده) أي الآخذ (قوله إذا كان إلخ) خبر إن (قوله يعتاد) ببناء المفعول (قوله وأن معطيه إنما إلخ) عطف تفسير لقوله إنه لنحو الخاتن (قوله ولو أهدى) إلى قوله ولو قال خذ في النهاية عبارة المغني ولو خلص شخص آخر من يد ظالم ثم أنفذ إليه شيئا هل يكون رشوة أو هدية قال القفال في فتاويه ينظر إن كان أهدى إليه مخافة أنه ربما لو لم يبره بشيء لنقض جميع ما فعله كان رشوة وإن كان يأمن خيانته بأن لا ينقض ذلك بحال كان هبة اهـ (قوله ومن ثم قالوا إلخ) هذا تفريع على العلة أعني قوله لأن القرينة إلخ لا على المعلل أعني قوله أو تدل إلخ لعدم الملاءمة اهـ سيد عمر (قوله ولو شكا) أي الفقير المذكور و(قوله أنه لم يوف) أي الدرهم و (قوله أجرة) أي للغسال و(قوله كاذبا) حال من فاعل شكا (قوله بالقرينة) نائب فاعل يكتفى (قوله من أن إلخ) بيان ما يأتي (قوله لمخطوبته إلخ) أي أو لمخطوبها
العمال والحكام لابن حجر الهيتمي ص: 54-59
(الثالث) هدية من له خصومة فيحرم إجماعا قبولها مطلقا ولو ممن له عادة بالإهداء له قبل القضاء أو من غير أهل ولايته للخبر السابق" هذايا العمال غلول" والقاضي أولى من العامل فإنه نائب الشرع ولأن زيد ابن ثابت كان يهدي لعمر رضي الله تعالى عنهما كل سنة لبنا ثم استقرض منه من بيت المال فأهدى زيد لعمر فلم يقبل وقال: لعله إنما قدم لنا لما أقرضناه فلم يقبل منه حتى قضى دينه ولانكسار قلب خصمه ولتهمة الميل لما في الهدية من قوة الإمالة وقد قيل إنما سمي مالا لأنه يميل وقد روي أن رجلا أهدى لعمر جزورا ثم جاء يخاصم إليه فجعل يقول ياأمير المؤمنين أفصل بيننا كما بفصل رجل الجزول وعمر لا يفهم فذكر ذلك للناس وقال (مازال يكررها حتى كدت أقضي له)
والحق خصومات الحاجة ولا فرق بين هديته في مدة الخصومة وقبلها إذا استشعر القاضى أنها لأجل خصومة يحدثها بعد.
ولو أهدى له بعد قضاء حاجته ولم تكن جزاء فهي كما لو لم يكن له حاجة. فإن كان يعتاد الإهداء اليه قبل القضاء والترشيخ له حلت له وإلا فلا كما سيأتي. وقبوله e لهدية لا دليل فيه لحلها لقاض ولا عامل لأنه معصوم، ومن ثم قال عمر بن عبد العزيز :"كانت له e هدية وأما الآن فهي رشوة"
قال بعضهم : وهذا يقوى فساد ما مر، ويأتي عن جمع من جواز طلب القاضى للأجرة أي أو الرزق لأن ذلك مناف لمنصب الحكم.
ولو أهدى اليه أحد خوفا من شره حرم القبول قطعا وقال الدرامى : ولو شرط أن يثيبه على هديته جاز قبولها وإن كانت له حكومة. قال الأذرعى وفي هذا الإطلاق نظر إلا أن يكون معاوضة بثمن المثل ودفعه جهارا وإلا فيمنع لقوة التهمة. قال في الخادم وفي نص الشافعي ما يقتضى هذا.
(الرابع) هدية من هو من أهل ولايته وليس له عادة بالإهداء اليه قبل القضاء ولا خصومة فيحرم عند كثيرين قبولها. وإن كان المهدي خليفته كما صرح به القاضي حسين أو كان من ذوى رحمه كما اقتضاه إطلاقهم نعم ينبغي أن يستثني من لا ينفذ حكمه له كأبيه وابنه، إذ لا تهمة حينئذ ثم رأيت الأذرعي وغيره استثنوا ذلك وسأذكره مبسوطا في سابع التنبيهات أو كان القاضي والمهدي خارج ولايته على الأصح، بل قال السبكي على أنه متى ظهر أنه يهدي لأجل الولاية يحرم. وإن كان في غير ولايته ممن ليس من أهل ولايته قال: ويحكي عن أبي حنيفة وأصحابه أنه يكره أخذها ممن لم تجر له عادة وحكي محمد عن أبي حنيفة "لا ينبغي للقاضي أن يقبل هدية فإن ذلك يوقع التهمة ويطمع الناس فيه.
وحكى الخصاف عنه أنه يكره قبولها، وإن قبلها لم تسقط عدالته، وهذا أعنى الكراهة وجه عندنا، قال به جمع متقدمون من أصحابنا. وسيأتي في سابع التنبيهات زيادة لذلك.
تنبيهات:
أحدها قال ابن القاص قال الشافعي في كتاب الصدقات ولو أهدى للساعي رجل من أهل عمله فأخذ هديته وأثابه عليها حلت له فإن لم يثبه عليها فليجعلها في الصدقات لا يحل له عندي غير هذا قل الشافعي في كتاب "القاضي" "ولا يقبل من أحد الخصمين هدية حتى تنقضي خصومتهما" وقياسه أنه لا يجيب واحدا من الخصمين في دعوة خاصة حتى تنقضي خصومنهما وينبغي للقاضي على مذهب الشافعي أنيثيب على الهدية فإن لم يثب عليها ولم يرد صاحبهما الثواب ففيها قولان (أحدهما) ما قال في "أدب القضاء" من جوار قبوله الهدية إذا تعدت الخصومات (والآخر) ما قال في كتاب "الصدقات" في هدايا العمال من أهل عملهم "إن لم يثب عليها فهي حرام إذ ما قاله في الإثابة محله إن أثاب عليها بمساويها كما صرح به الشافعي في محل آخر ثم رأيت الزركشي قال أطلق الإثابة وشرط أن يكون بثمن المثل كما سقناه عن النص من قوله: "أثانه بمثله" وبه صرح أبو علي فإن أثانه بأقل فكما لو لم يثبه لأن المحاباة حاصلة.انتهى.
ويتعين فرض ذلك فيمن له خصومة أما هو فلا يجوز قبول هديته مطلقا وإن أثانه بأكثر كما هو واضح لأن من شأن الهدية التوادد والتحابب فينكسر قلب الخصم وربما جر القاضي ذلك إلى الميل مع المهدي.
وما قل في جعلها إذا لم يثب عليها في مال الصقات قول والصحيح أنه حيث لم يملك الهدية ردها لمالكها وما قاله في انقضاء الخصومةة عن أدب القضاء قول والراجح خلافه وهو أنه لا فرق في جريان التفصيل السافث بين ما قبل الخصومة وبعدها نعم من كانت عادته الإهداة إليه قبل القضاء لا يجوز قمول هدميته إلى بعد ايقضاة خصومته بجيع آثارها ومتى بفي آثر منها يتوهم من القاضي ميل مت معه فيه لا يجوز قتول هديته كما هم واضح.
فهذا هو الذي يفترق الحال فيه بين ما قبل الخصومة وبعدها ولذا يقال فيمن ليس من أهل ولايته يجوز قيول هدينه بعد انقضاء الخصومة وآثارها لا قبل ذلك فهو أيضا مما يفترق الحا فيه بين وجود الخصومة وعدمها.
وأما من هو في أهل عمله ولا عادة له في الإهداء إليه: فيحرو قبول هديته مطلقا فلا يأتي فيه بفصيل بين وجود الخصومة وعدم وجودها فشإن حمل قول" أدب القضاء" على الأولين لم يكن ضعيفا.
ثانيها:
حيث جوزنا قتول الهدية للقاضي أو غيره ممن يأتي ملكها المهدى إليه وحيث حرمناه على القاضي أو غيره ممن يأتي لم يملكها ويلزمه ردها لمالكها فأن أتلفها صارت دينات عليه فيلزمه رد مثلها إن كانت مثلية وقيمتها إن كانت متقومة فإن مات قبل أدائها أديت من تركته فإن لم يعلم مالكها ردت لبيت المال لأنها حينئذ في حكم الضال هذا هو المنقول المعتمد إليه ذهب الأكثرون ووراءه أراء ضعيفة منها ما حكاه الإمام أن من الأصحاب من قال ويملك وإن حرم القول لكونها صدرت من أهلما وإن تفرض النهمة بقبولها فتحرم كالصرة في المغصوب قال الزركشي "ونازع بعهم في إجراء هذا الوجة العيف القائل بالماك على ظاهره وقال: إنه مصادم للإجماع الذي حكاه ابن عبد البر ومحل الخرف أيضا في غير الرشوة والتي وقعت جزاء لحكو سابف كما أفهمة كلام الماوردي.
أم هما فلا يخرجان عن ملك مالكهما قطعا وأقره الأذرعي وغيره لكن ذكر شريح أنه من دفع له شيء ليحكم الحق على سبيل الإجارة ولم يكن له رزق جاز له قبول ومر وسيأتي ما في ذلك: قال الفوراني لو أهدى له أحد المتحاكمين أو كلاهما لم يحل له ولم يملك على الأصح وقال صاحب "التقريب": "يملك".
ومنها ما قاله القفال أن الطريقة المشهورة للأصحاب أن الهدية إذ لم تكن في حال خصومة فهي ملكه فلا يطلق إلا الكراهة وإن كانت في حال الخصومة قطعنا بالتحريم وفي حصول الملك وجهان.
وقال القاضي حسين ولا يقبل الهدية فإن قبلها أثاب أو جهلها في بيت المال فإن لم يفعل احتمل وجهين (أحدهما) يملك ولا يلزمه الرد (الثاني) يملك انتهى
الزواجر الجزء الثانى ص : 316
ومما يدل على أن تحريم الرشوة لا يختص بالقضاة كما صرح به غير واحد خلافا للبدر بن جماعة وغيره ما رواه أحمد عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (هدايا العمال غلول) وما رواه أبو داود في سننه عن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من شفع لرجل شفاعة فأهدى له عليها هدية فقد أتى بابا كبيرا من أبواب الربا)
المغنى الجزء العاشر ص : 118 (موفق الدين عبد الله بن أحمد (ابن قدامة) الحنبلى) (فى عشرة أجزاء)
(8267) مسألة قال (ولا يقبل هدية من لم يكن يهدي إليه قبل ولايته) وذلك لأن الهدية يقصد بها في الغالب استمالة قلبه ليعتني به في الحكم فتشبه الرشوة قال مسروق إذا قبل القاضي الهدية أكل السحت وإذا قبل الرشوة بلغت به الكفر وقد روى أبو حميد الساعدي قال بعث رسول الله e رجلا من الأزد يقال له ابن اللتبية على الصدقة فقال هذا لكم وهذا أهدي إلي فقام النبي e فحمد الله وأثنى عليه ثم قال ما بال العامل نبعثه فيجيء فيقول هذا لكم وهذا أهدي إلي ألا جلس في بيت أمه فينظر أيهدى إليه أم لا ؟ والذي نفس محمد بيده لا نبعث أحدا منكم فيأخذ شيئا إلا جاء يوم القيامة يحمله على رقبته إن كان بعيرا له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تيعر فرفع يديه حتى رأيت عفرة إبطيه فقال اللهم هل بلغت ثلاثا ؟ متفق عليه ولأن حدوث الهدية عند حدوث الولاية يدل على أنها من أجلها ليتوسل بها إلى ميل الحاكم معه على خصمه فلم يجز قبولها منه كالرشوة فأما إن كان يهدي إليه قبل ولايته جاز قبولها منه بعد الولاية لأنها لم تكن من أجل الولاية لوجود سببها قبل الولاية بدليل وجودها قبلها قال القاضي ويستحب له التنزه عنها وإن أحس أنه يقدمها بين يدي خصومه أو فعلها حال الحكومة حرم أخذها في هذه الحال لأنها كالرشوة وهذا كله مذهب الشافعي وروي عن أبي حنيفة وأصحابه أن قبول الهدية مكروه غير محرم وفيما ذكرناه دلالة على التحريم.
فتاوي السبكي الجزء الأول ص: 203-207
(مسألة) للشيخ الإمام قدس الله روحه مصنف في هدايا العمال سماه فصل المقال كبير لخصه في مصنف آخر صغير وهو هذا . قال الشيخ الإمام رحمه الله الحمد لله على نعمه الكافية ومننه الوافية وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة أدخرها جنة من النار واقية وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث إلى كل أمة قاصية ودانية صلى الله عليه وسلم صلاة على ممر الأيام باقية وبعد فهذا مختصر من كتابي فصل المقال في هدايا العمال مرتب على فصلين (الفصل الأول في الأحاديث) عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي) وقال الترمذي حديث صحيح وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لعنة الله على الراشي والمرتشي) رواه أبو داود وابن ماجه والحاكم في المستدرك وقال صحيح وعن أبي هريرة قال (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي في الحكم) رواه الترمذي والإمام أحمد في المسند وعن عبد الرحمن بن عوف قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الراشي والمرتشي في النار) رواه البزار في مسنده وعن أبي حميد الساعدي قال (استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من بني أسد يقال له ابن اللتبية على صدقة فلما قدم قال هذا لكم وهذا أهدي إلي قال فهلا جلس في بيت أبيه وأمه فلينظر أيهدى له أم لا والذي نفسي بيده لا يؤتى بشيء إلا جاء يوم القيامة يحمله على رقبته إن كان بعيرا له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تثغو ثم رفع يديه ثم رأينا عفرة إبطيه ألا هل بلغت) رواه ح م وعن بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من استعملناه على عمل فرزقناه رزقا فما أخذ بعد ذلك فهو غلول) إسناده صحيح وهو في سنن أبي داود وعن أبي حميدة وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (هدايا العمال غلول) رواه الإمام أحمد والبزار في مسنديهما وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ما عدل وال تجر في رعيته) رواه النقاش وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قدم من اليمن فرأى عمر عنده غلمانا قال ما هؤلاء ؟ قال أصبتهم في وجهي هذا قال عمر من أي وجه ؟ قال أهدوا إلي وأكرمت بهم فقال عمر أذكرتهم لأبي بكر ؟ فقال معاذ ما ذكري لأبي بكر ونام معاذ فرأى كأنه على شفير النار وعمر آخذ بحجزته من ورائه أن يقع في النار ففزع معاذ فذكره لأبي بكر رضي الله عنه فسوغه أبو بكر فقال عمر هذا حين حل وطاب (الفصل الثاني في كلام العلماء) قال عمر بن عبد العزيز كانت الهدية في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم هدية واليوم رشوة وقال مسروق إذا قبل القاضي الهدية أكل السحت وإذا قبل الرشوة بلغت به الكفر وقال كعب الرشوة تسفه الحليم وتعمي عين الحكيم وقال ابن عبد البر في الاستذكار (كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويأكلها ويثيب عليها) إلا أن ذلك لا يجوز لغير النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان منه قبولها على جهة الاستبداد بها دون رعيته لأنه إنما أهدي ذلك من أجل أنه أمير رعيته وليس النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك كغيره لأنه مخصوص بما أفاء الله عليه من غير قتال من أموال الكفر يكون له دون سائر الناس ومن بعده من الأئمة حكمه في ذلك خلاف حكمه لا يكون له خاصة دون سائر الناس ومن بعده من الأئمة المسلمين بإجماع من العلماء لأنها فيء ولهذا قال صلى الله عليه وسلم (هدايا الأمراء غلول) انتهى الإجماع الذي نقله ابن عبد البر يرد على من يقول من المتأخرين بأنه يختص بها كما سنحكيه وملخص كلام العلماء فيما يعطي الحكام الأئمة والأمراء والقضاة والولاة وسائر من ولي أمرا من أمور المسلمين أنه إما رشوة وإما هدية أما الرشوة فحرام بالإجماع على من يأخذها وعلى من يعطيها وسواء كان الأخذ لنفسه أو وكيلا وكذا المعطي سواء أكان عن نفسه أو وكيلا ويجب ردها على صاحبها ولا تجعل في بيت المال إلا إذا جهل مالكها فتكون كالمال الضائع وفي احتمال لبعض متأخري الفقهاء أنها تجعل في بيت المال والمراد بالرشوة التي ذكرناها ما يعطى لدفع حق أو لتحصيل باطل وإن أعطيت للتوصل إلى الحكم بحق فالتحريم على من يأخذها كذلك وأما من لم يعطها فإن لم يقدر على الوصول إلى حقه إلا بذلك جاز وإن قدر إلى الوصول إليه بدونه لم يجز وهكذا حكم ما يعطى على الولايات والمناصب يحرم على الآخذ مطلقا ويفصل في الدافع على ما بينا وقد شذ بعض الفقهاء فقال : يجوز الأخذ على الحكم بشروط أن لا يكون له رزق من بيت المال ولا يكون في بيت المال ما يمكن أن يرزقه وأن يأذن الإمام له في الأخذ وأن يكون الحكم يقطعه عن كسبه وأن يعلم به الخصمان قبل التحاكم وأن يكون عليهما معا وأن لا يوجد متطوع ويعجز الإمام عن الدفع إليه ويكون ما يأخذ غير مضر بالخصوم ولا زائد على قدر حاجته ويكون مشهورا بين الناس يتساوى فيه الخصوم من غير تفاضل فإن فقد واحد من هذه الشروط لم يجز ثم الجواز إذا اجتمعت قول شاذ لا معول عليه والذي فرضه إنما قاله عند الضرورة كالمخمصة وفيه معرة على المسلمين وأما الهدية وهي التي يقصد بها التودد واستمالة القلوب فإن كانت ممن لم تقدم له عادة قبل الولاية فحرام وإن كانت ممن له عادة قبل الولاية فإن زاد فكما لو لم تكن له عادة وإن لم يزد فإن كانت له خصومة لم يجز وإن لم تكن له خصومة جاز بقدر ما كانت عادته قبل الولاية والأفضل أن لا يقبل ; والتشديد على القاضي في قبول الهدية أكثر من التشديد على غيره من ولاة الأمور لأنه نائب عن الشرع فيحق له أن يسير بسيرته وقال ابن يونس المالكي لا يقبل القاضي هدية من أحد لا من قريب ولا من صديق وإن كافأه بأضعافها إلا من الوالد والولد وخاصة القرابة التي تجمع من حرمة الحاجة ما هو أكثر من حرمة الهدية قال سحنون مثل الخالة والعمة وبنت الأخ قال ابن حبيب لم يختلف العلماء في كراهية الهدية إلى السلطان الأكبر وإلى القضاة والعمال وجباة الأموال وهو قول مالك ومن قبله من أهل السنة (وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية) وهذا من خواصه وحكى ابن أبي زيد هذا الكلام عن ابن حبيب أيضا قال وقد رد علي خروفا أهدي إليه وقال ربيعة الهدية ذريعة الرشوة وعلمة الظلمة وقال أيضا والنبي صلى الله عليه وسلم ليس كغيره لأنه إنما يهدى إليه قربة لله تعالى وما أهدي إلى الوالي لم يقصد به إلا السلطان وفي كلام محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة رحمه الله على ما ذكره السرخسي في السير الكبير أن ملك العدو إذا بعث إلى أمير الجند هدية فلا بأس أن يقبلها ويصير فيئا للمسلمين لأنه ما أهدي إليه لعينه بل لمنعته ومنعته بالمسلمين فكان هذا بمنزلة المال المصاب بقوة المسلمين وهذا بخلاف ما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم من الهدية فإن قوته ومنعته لم تكن بالمسلمين على ما قال الله تعالى (والله يعصمك من الناس) فلهذا كانت الهدية له خاصة وسنة أيضا بخلاف الهدية إلى الحكام فإن ذلك رشوة لأن المعنى الذي حمل المهدي على التقرب إليه ولايته الثابتة بتقليد الإمام إياه والإمام في ذلك نائب من المسلمين والأصل في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم (هدايا الأمراء غلول) يعني إذا حبسوا ذلك لأنفسهم وقالت الحنابلة لا يقبل القاضي هدية من لم يكن يهدي إليه قبل ولايته وقال أحمد إذا أهدى البطريق إلى صاحب الجيش عينا أو فضة لم تكن له دون سائر الجيش قال أبو بكر يكون فيه سواء فهذه نقول المذاهب الأربعة كلام الشافعية رحمهم الله لخصناه أولا وكلام الثلاثة ذكرناه بعده ومن كلام الشافعي رحمه الله أنه إن كان على دفع باطل أو إيصال إلى حق فهو رشوة محرمة وإن كان لغير سبب يعرف أكثر من ولايته عليهم فإن أثابه بمثله كان له قبوله وإن لم يثبه لم يحل له عندي إلا وضعه في الصدقات لأن ذلك إنما وصل إليه بسبب العمالة ذكر ذلك في عامل الصدقة وللشافعي رضي الله عنه قول ثان قبولها غير محرم فهم منه بعض أصحابنا أنه قول بأنه يجوز أن يملكها والاختصاص بها وهذا بخلاف ما حكاه ابن عبد البر من الإجماع فلعل مراد الشافعي رحمه الله جواز القبول إذا لم يختص بها بل وضعها في بيت المال والحاصل أن الهدية لا يملكها الحاكم باتفاق أكثر العلماء أو كلهم وأما تحريم أخذها فحيث أوجبت ريبة حرم عليه قبولها والتحريم في القاضي آكد من بقية ولاة الأمور لأن عليه من الصيانة أكثر من غيره لأنه نائب عن الشرع فلينظر القاضي المسكين المشفق على دينه إلى سيرته وإلى سيرة النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين بعده في أحكامهم وأفعالهم فإن وجد سيرته قريبة من ذلك فأحرى أن ينجو أو ليسأل الله في تقصيره وإن وجد سيرته مخالفة لسيرتهم فليعلم أنه كما عدل عن طريقهم في الدنيا كذلك يعدل عنها في الآخرة وليقنع بأن يكون في عداد المسلمين نسأل الله العافية ولا نتعرض إلى هذا الخطر العظيم ونتحمل أعباء هذا المنصب الشريف ولهذا كان العلماء من السلف يمتنعون من الدخول فيه لما يعلمون من خطره ولا شك أن من دخل فيه بحق وعدل فيه كان كالمجاهد في سبيل الله له درجة المجاهدين بل ربما يكون أفضل من بعضهم وكل قضية يحكم فيها بالحق فيدفع ظالما ويصل حقا هي جهاد ولا شك أنها أعظم من نوافل العبادات وأفضل من كثير من فروض الكفايات ولكن هيهات العدل من صاحبها إلا من عصم الله فالأولى للمحتاط لدينه الانكفاف عنها وليعلم أنها ليست جهة مكسب بل جهة عبادة وفيها خطر إن زل هوى في جهنم فالسلامة في تركها ونسأل الله من فضله وأحسن أحوال الفقيه عندي أن يشتغل بالعلم لله تعالى ولا يأخذ عليه شيئا ولا منصبا ويجعل كسبه من غيره من جهات الحل إن قدر على ذلك وإذا ابتلي بالقضاء فلا يحل له أن يأخذ شيئا إلا أن يرزقه الإمام أو يفعل ما يستحق به أجرة مثل أن يكتب مكتوبا فيستحق أجرة مثله فيه إذا لم تكن كتابة ذلك واجبة عليه وما أشبه ذلك ولا يجوز له أن يأخذ على حكم بحق ولا بباطل ولا على تولية نيابة قضاء أو مباشرة وقف أو مال يتيم لا يأخذ من أحد شيئا على ذلك لأن الله تعالى قد نصبه لذلك نائبا عنه وحكم الله وعدله يجب أن يكون مبذولا لكل أحد بغير عوض , وهكذا يجب أن يكون حاجب القاضي ونائبه وكل من ندبه لأمور المسلمين لأنهم أمناء الله في أرضه ونوابه في إيصال عدله إلى الناس وتأدية الأمانة إلى أهلها ومن وقع في كلامه من الفقهاء أن القاضي يجوز له أخذ شيء فذلك شاذ مردود خطأ من قائله متأول ومحله في صورة نادرة وهي حالة الضرورة والمخمصة مشروطا بشروط نبهنا عليه فيما سبق ومن فعل خلاف ذلك فقد غير فريضة الله وباع عدل الله الذي بذله لعباده بغير عوض فأخذ عليه ثمنا قليلا ولهذا نجد بعض الفجرة الذين يقعون في شيء من هذا ويكتمونه ويأخذونه خفية وهذا علامة الحرام فإن الحلال يأخذه صاحبه جهارا لا يستحيي من أخذه نسأل الله أن يعصمنا من الزيغ ويسلك بنا طريق الهدى بمنه وكرمه انتهى .
البحر الرائق الجزء السادس ص: 305
(قوله ويرد هدية إلا من قريب أو ممن جرت عادته به) أي لا يقبل القاضي هدية لما رواه البخاري عن أبي حميد الساعدي قال (استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من الأزد يقال له ابن اللتبية على الصدقة واسمه عبد الله فلما قدم قال هذا لكم وهذا أهدي إلي فقال عليه الصلاة والسلام هلا جلس في بيت أبيه أو بيت أمه فينظر أيهدى إليه أم لا) قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه كانت الهدية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم هدية واليوم رشوة فتعليله دليل على تحريم الهدية التي سببها الولاية ويجب ردها على صاحبها فإن تعذر ردها على مالكها وضعها في بيت المال كاللقطة كما في فتح القدير فإن كان المهدي يتأذى بالرد يقبلها ويعطيه مثل قيمتها كذا في الخلاصة وفي المضمرات إذا دخلت الهدية له من الباب خرجت الأمانة من الكوة وقدمنا عن الأقطع الفرق بين الهدية والرشوة أن الرشوة ما كان معها شرط الإعانة بخلاف الهدية وفي خزانة المفتين مال يعطيه ولا يكون معها شرط والرشوة مال يعطيه بشرط أن يعينه وذكر الهدية في الكتاب ليس احترازيا إذ يحرم عليه الاستقراض والاستعارة ممن يحرم عليه قبول هديته كما في الخانية , وإنما يقبل هدية القريب لما فيها من صلة الرحم وردها قطيعة وهي حرام وأطلقه وهو مقيد بالمحرم فخرج ابن العم مثلا ومقيد بأن لا تكون له خصومة , وإنما يقبل ممن له عادة للعلم بأنها ليست للقضاء وله شرطان أن لا يكون له خصومة وأن لا يزيد على العادة فيرد الكل في الأول , وما زاد عليها في الثاني وقيده فخر الإسلام بأن لا يكون مال المهدي قد زاد فبقدر ما زاد ماله لا بأس بقبوله , وظاهر العطف في كلام المصنف يقتضي أنه يقبل من القريب وإن لم تكن له عادة بالإهداء وفي كلام بعضهم ما يقتضي أنه كالأجنبي لا بد أن يكون له عادة وإلا فلا يقبلها منه إلا أن يكون لفقره ثم أيسر ; لأن الظاهر أن المانع ما كان إلا الفقر على وزان ما قاله فخر الإسلام في الزيادة والحاصل أن من له خصومة لا يقبلها مطلقا ومن لا خصومة له فإن كان له عادة قبل القضاء قبل المعتاد وإلا فلا وفي تهذيب القلانسي ولا يقبل هدية إلا من ذي رحم محرم أو من وال تولى الأمر منه أو وال مقدم الولاية على القضاء ا هـ . فعلى هذا له أن يقبلها من السلطان ومن حاكم بلده المسمى الآن بالباشاه واقتصر في التتارخانية على من ولاه وفي فتح القدير وكل من عمل للمسلمين عملا حكمه في الهدية حكم القاضي ا هـ
أحكام القرآن للجصاص الجزء الثاني ص: 608
أما الهدايا للأمراء والقضاة فإن محمد بن الحسن كرهها وإن لم يكن للمهدي خصم ولا حكومة عند الحاكم ذهب في ذلك إلى حديث أبي حميد الساعدي (في قصة ابن اللتبية حين بعثه النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة فلما جاء قال هذا لكم وهذا أهدي لي فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما بال أقوام نستعملهم على ما ولانا الله فيقول هذا لكم وهذا أهدي لي فهلا جلس في بيت أبيه فنظر أيهدى له أم لا) وما روي عنه عليه السلام أنه قال (هدايا الأمراء غلول وهدايا الأمراء سحت) وكره عمر بن عبد العزيز قبول الهدية فقيل له (إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل الهدية ويثيب عليها) فقال كانت حينئذ هدية وهي اليوم سحت ولم يكره محمد للقاضي قبول الهدية ممن كان يهاديه قبل القضاء فكأنه إنما كره منها ما أهدي له لأجل أنه قاض ولولا ذلك لم يهد له وقد دل على هذا المعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم (هلا جلس في بيت أبيه وأمه فنظر أيهدى له أم لا) فأخبر أنه إنما أهدي له لأنه عامل ولولا أنه عامل لم يهد له وأنه لا يحل له وأما من كان يهاديه قبل القضاء وقد علم أنه لم يهده إليه لأجل القضاء فجائز له قبوله على حسب ما كان يقبله قبل ذلك وقد روي أن بنت ملك الروم أهدت لأم كلثوم بنت علي امرأة عمر فردها عمر ومنع قبولها .
أسنى المطالب الجزء الرابع ص : 300 - 301
(فصل) (قوله تحرم الرشوة) قال الغزالي في الإحياء المال إن بذل لغرض آجل فصدقة أو عاجل وهو مال فهبة بشرط الثواب أو على محرم أو واجب متعين فرشوة أو مباح فإجارة أو جعالة أو تودد مجرد أو توسل بجاهه إلى أغراضه فهدية إن كان جاهه بالعلم أو النسب وإن كان بالقضاء أو العمل فرشوة
أسنى المطالب الجزء الرابع ص : 300 - 301
والضيافة والهبة كالهدية وظاهر أن الصدقة كذلك لكن قال السبكي: في الحلبيات للقاضي قبولها ممن ليست له عادة
تصحيحه (قوله لكن قال السبكي: في الحلبيات إلخ) وقال في تفسيره إن لم يكن المتصدق عارفا بأنه القاضي ولا القاضي عارفا بعينه فلا شك في الجواز وإلا فيحتمل أن تكون كالهدية ويحتمل الفرق بأن المتصدق إنما يبغي ثواب الآخرة قاله في التوشيح وهذا التفصيل حق قلت ينبغي أن يجوز له أخذ الزكاة قطعا وحكى عن ابن عقيل الحنبلي أنه حكى في الفنون أن قبول الصدقة جائز مع الفقر ويكره أن يأخذ ممن له حكومة قال ويحتمل أن لا يكره لأنه أخذ بجهة هو من أهلها انتهى وكلام ابن عقيل يحتمل أن يكون في الواجبة ويحتمل أن يكون فيها وفي التطوع فسن (قوله للقاضي قبولا) لأن الصدقة يقصد بها وجه الله والمتصدق في الحقيقة دافع لله مقرض له والفقير يأخذ من الله لا من المتصدق
معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين فى الأحكام ص : 15 – 17 (علاء الدين على بن خليل الطرابلسى الحنفى) (فى جزء واحد)
قلت: والأصوب في زماننا عدم القبول مطلقا لأن الهدية تورث إدلال المهدي وإغضاء المهدى إليه وفي ذلك ضرر القاضي ودخول الفساد عليه وقيل إن الهدية تطفئ نور الحكمة قال ربيعة "إياك والهدية فإنها ذريعة الرشوة" وكان النبي عليه الصلاة والسلام يقبل الهدية وهذا من خواصه والنبي عليه الصلاة والسلام معصوم مما يتقى على غيره منها ولما رد عمر بن عبد العزيز الهدية قيل له كان رسول الله يقبلها فقال كانت له هدية ولنا رشوة لأنه كان يتقرب إليه لنبوته لا لولايته ونحن يتقرب إلينا للولاية وقال عليه الصلاة والسلام يأتي على الناس زمان يستحل فيه السحت بالهدية والقتل بالموعظة يقتل البريء ليتعظ به العامة
مغنى المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج الجزء الثالث ص : 574
ولو خلص شخص آخر من يد ظالم ثم أنفذ إليه شيئا هل يكون رشوة أو هدية قال القفال في فتاويه ينظر إن كان أهدى إليه مخافة أنه ربما لو لم يبره بشيء لنقض جميع ما فعله كان رشوة وإن كان يأمن خيانته بأن لا ينقض ذلك بحال كان هبة
الفتاوى الكبرى الجزء الرابع ص : 311
(وسئل) رحمه الله تعالى هل للمحكم أن يزوج المحكمة له وإن بعد مكانها فوق مرحلتين وهل المحكم كالقاضي في تحريم الرشوة وغيرها ؟ (فأجاب) نفعنا الله تعالى به بقوله المحكم كالقاضي إلا في مسائل معروفة فلا بد في المحكمة له أن تكون حاضرة ويحرم عليه ما يحرم على القاضي من الرشوة وغيرها والله سبحانه وتعالى أعلم
المبسوط الجزء الخامس ص : 221 – 222 (محمد بن أحمد بن أبى سهل السرخسى الحنفى)
(قال) وإذا جعلت المرأة لزوجها جعلا على أن يزيدها في القسم يوما ففعل لم يجز وترجع في ماله لأنها رشته على أن يجور والرشوة حرام وهذا بمنزلة الرشوة في الحكم وهو من السحت
شرح النووي على صحيح مسلم ج: 12 ص: 114
وأما غير النبي صلى الله عليه وسلم من العمال والولاة فلا يحل له قبولها لنفسه عند جمهور العلماء فإن قبلها كانت فيئا للمسلمين فإنه لم يهدها إليه إلا لكونه إمامهم وإن كانت من قوم هو محاصرهم فهي غنيمة قال القاضي وهذا قول الأوزاعي ومحمد بن الحسن وابن القاسم وابن حبيب وحكاه ابن حبيب عمن لقيه من أهل العلم وقال آخرون هي للإمام خالصة به قال أبو يوسف وأشهب وسحنون وقال الطبري إنما رد النبي صلى الله عليه وسلم من هدايا المشركين ما علم أنه أهدى له في خاصة نفسه وقيل ما كان خلاف ذلك مما فيه استئلاف المسلمين قال ولا يصح قول من ادعى النسخ قال وحكم الأئمة بعد إجراؤها مجرى مال الكفار من الفيء أو الغنيمة بحسب اختلاف الحال وهذا معنى هدايا العمال غلول أي إذا خصوا بها أنفسهم لأنها لجماعة المسلمين بحكم الفيء والغنيمة.
نيل الأوطار ج: 9 ص: 173
وقد بوب البخاري في أبواب القضاء باب هدايا العمال وذكر حديث ابن اللتيبة المشهور والظاهر أن الهدايا التي تهدى للقضاة ونحوهم هي نوع من الرشوة لأن المهدي إذا لم يكن معتادا للإهداء إلى القاضي قبل ولايته لا يهدي إليه إلا لغرض وهو إما التقوي به على باطله أو التوصل لهديته له إلى حقه والكل حرام كما تقدم وأقل الأحوال أن يكون طالبا لقربه من الحاكم وتعظيمه ونفوذ كلامه ولا غرض له بذلك إلا الاستطالة على خصومه أو الأمن من مطالبتهم له فيحتشمه من له حق عليه ويخافه من لا يخافه قبل ذلك وهذه الأغراض كلها تؤول إلى ما آلت إليه الرشوة فليحذر الحاكم المتحفظ لدينه المستعد للوقوف بين يدي ربه من قبول هدايا من أهدى إليه بعد توليه للقضاء فإن للإحسان تأثيرا في طبع الإنسان والقلوب مجبولة على حب من أحسن إليها فربما مالت نفسه إلى المهدي إليه ميلا يؤثر الميل عن الحق عند عروض المخاصمة بين المهدي وبين غيره والقاضي لا يشعر بذلك ويظن أنه لم يخرج عن الصواب بسبب ما قد زرعه الإحسان في قلبه والرشوة لا تفعل زيادة على هذا ومن هذه الحيثية امتنعت عن قبول الهدايا بعد دخولي في القضاء ممن كان يهدي إلي قبل الدخول فيه بل من الأقارب فضلا عن سائر الناس فكان في ذلك من المنافع ما لا يتسع المقام لبسطه أسأل الله أن يجعله خالصا لوجهه