Menukar Masjid Wakaf
Menukar tanah yang ditempati Masjid Wakaf. Bolehkah tukar menukar atau tukar guling antara tanah wakaf dengan tanah lain yang lalu dijadikan tanah wakaf. Atau menukar masjid wakaf ditukar atau dipindah ke tempat lain yang lebih baik? Berikut pandangan keempat mazhab Fikih Maliki, Hanafi, Syafi'i dan Hanbali
Menukar tanah yang ditempati Masjid Wakaf. Bolehkah tukar menukar atau tukar guling antara tanah wakaf dengan tanah lain yang lalu dijadikan tanah wakaf. Atau menukar masjid wakaf ditukar atau dipindah ke tempat lain yang lebih baik? Berikut pandangan keempat mazhab Fikih Maliki, Hanafi, Syafi'i dan Hanbali
لإبدال هو بيع عين موقوفة لشراء عين أخرى تكون وقفاً بدلها· وعكسه الاستبدال، وهو شراء عين أخرى تكون وقفاً مكانها، وأما البدل فهو ما بيع به عين من أعيان الوقف نقوداً أو غيره، وإذا ذكر الإبدال أو الاستبدال منفرداً جمع معنى المصطلحين معاً·
تشدد الفقهاء في منع الاستبدال
ثمة اختلاف بين فقهائنا في جواز الاستبدال ما بين مضيق وموسع، بل من الفقهاء من كان يمنعه، ولم يجزه إلا في أحوال استثنائية قليلة الوقوع، ومنهم من أجازه لاشتراط الواقف، أو لكثرة الغلات عند الاستبدال، فالأئمة الثلاثة: مالك والشافعي وأحمد قد ضيَّقوا بابه، بل منهم من حاول إغلاقه·(1)
وأما المذهب الحنفي فيثبت للواقف حق الاستبدال إذا اشترطه لنفسه، ويمكن أن يكون هذا الاستبدال بيعاً وشراء أو مقايضة، فإذا لم يشترط لنفسه هذا الشرط أو منعه فلا يكون لأحد إلا للقاضي في حال المصلحة أو الضرورة، فإذا قال الواقف: >أرضي هذه موقوفة لله عز وجل أبداً على أن أبيعها وأشتري بثمنها أرضاً أخرى، فتكون هذه الأخيرة وقفاً على شرط الأول< ـ جاز الوقف والشرط، وهذا قول أبي يوسف، وهو المعمول به في المذهب، وأما محمد بن الحسن وأهل البصرة فقالوا: الوقف في هذه الحال جائز والشرط باطل، فيتم الوقف بشروطه، وقال بعض الحنفية: هما هنا فاسدان، الوقف والشرط·(2) صور الاستبدال الجائز يجوز استبدال العقار للمصلحة في حالين: الأولى: تعطل الوقف تعطلاً يخرج من الانتفاع به وتحقيق مقاصد وقفه تماماً، كأن تصير الأرض الموقوفة سبخة، أو تضعف خصوبتها، ويقل إيرادها حتى إنها لا تغطي نفقاتها، وليس لها ريع تعمر به· الثانية: إذا كان الوقف نافعاً، ولكن يوجد ما هو أكثر نفعاً، ويمكن الاستبدال به، وخالف محمد بن الحسن في ذلك حتى لا يُتخذ ذريعة إلى ضياع الأوقاف، ومثاله أن تصير الأطيان الموقوفة قريبة من المساكن، ويصير بيعها لبناء مساكن عليها يأتي بمال كثير، وإذا اشترى به عقاراً آخر ريعه أضعاف ريع هذه الأطيان الموقوفة، وكذلك إذا كان العقار الموقوف مبنياً على طراز قديم، وأصبح في أحسن شوارع المدينة، وليس للوقف مال يمكن أن يبنى به على الطراز الحديث، ويوجد من يدفع في هذا العقار ثمناً كبيراً، لو اشترى به عقارا آخر كان ريعه أضعاف ريع هذا العقار، ففي هذه الحالات وأمثالها يجوز للقاضي الإبدال تحقيقاً للمصلحة، ولما هو أنفع للموقوف عليه·(3) ويذهب الإمام ابن تيمية، وهو من الحنابلة، إلى الجواز في هاتين الحالين أيضاً موافقة للحنفية، ولكنه يتميز بالأمثلة والأدلة التي أوردها، فيضرب مثلاً لما جاز استبداله لتعطله بالفرس الحبيس للغزو، إذا لم يمكن الانتفاع به في الغزو، فإنه يُباع ويُشترى بثمنه ما يقوم مقامه، والمسجد إذا تخرب تنتقل آلته إلى مكان آخر، أو يُباع ويُشترى بثمنه ما يقوم مقامه، وإذا تخرب ولم يمكن عمارته فتباع العرصة >أي الأرض<، ويشترى بثمنها ما يقوم مقامها، فهذا كله جائز لأن الأصل إذا لم يحصل به المقصود قام بدله مقامه· ويضرب ابن تيمية مثلاً لجواز الاستبدال لما هو أنفع بالمسجد إذا بُنِيَ بدله مسجد آخر أصلح لأهل البلد منه، فهذا ونحوه جائز عند أحمد وغيره من العلماء·(4) حكم استبدال المسجد في المذاهب أشرنا إلى أن هناك اختلافات كبيرة بين المذاهب الفقهية الإسلامية في جواز الاستبدال في الوقف، فالمالكية والشافعية تشددوا في منع الاستبدال في الوقف، والحنابلة أجازوا الاستبدال شيئاً ما عن المالكية، أما الحنفية ففتحوا باباً واسعاً للاستبدال، وكل ذلك انعكس على موقف هذه المذاهب من جواز استبدال المسجد كما يلي: 1 ـ أما المالكية فمنعوا استبدال المسجد، كما منعوا استبدال العقار إذا تخرب وأصبح لا يستغل في شيء وكان العقار ذا غلة، ولا يباح استبدال هذا العقار عندهم إلا لضرورة عامة، مثل توسيع مسجد أو مقبرة أو طريق عام، إذ إن هذه مصالح للأمة تيسر للناس معايشهم وعبادتهم ودفن موتاهم، ومنع الاستبدال هنا يؤدي إلى ضرر عام، ومن القواعد الفقهية أن الضرر يُزال· 2 ـ وأما الشافعية فمذهبهم يقارب مذهب مالك، إذ يصدر المذهبان عن فكرة واحدة وهي التشديد في منع الاستبدال حتى لا يكون في ذلك ضياع للأوقاف، لذلك منع الشافعي بيع المسجد مطلقاً ولو تخرب· ومنع الشافعية استبدال الوقف المغل كما فعل المالكية، وتشددوا أكثر فجعلوا الوقف لا يُباع ولو كان قليل الريع، وحتى إذا أذن القضاء بذلك، واختلفوا في العقار إذا تخرب ولم يأت بنفع مطلقاً، ففريق أجاز الاستبدال ليكون الوقف مغلاً، وفريق منعه· ومثال ذلك: إذا وقفت نخلة فجفت، أو بهيمة فنفقت، أو جذوعاً خشبية على مسجد فتكسرت، ففيه وجهان: أحدهما أنه لا يجوز بيعه، مثل وقف المسجد، وعبارتهم أنه لا يُباع وقف وإن خرب· والآخر أنه يجوز بيعه لأنه لا يُرجى منه منفعة، وبيعه أولى من تركه، وإلى هذا الوجه أشار ابن الصلاح حين أفتى أن يُباع رخام في مدرسة موقوف للزينة فقط وأشرف على التلف، ثم يصرف ثمنه إلى ما يعود من مصالح المدرسة·(5) 3 ـ وأما مذهب الحنفية فمنع استبدال وقف المسجد مطلقاً، ولم يمنع الاستبدال في غير ذلك من الأوقاف، فالعقار المغل جائز استبداله لشرط الواقف لنفسه أو لغيره، ولو كانت العين ذات ريع ونفع، لأن ذلك تنفيذ للشرط، وإذا لم يشترط الواقف الاستبدال لنفسه ولا لغيره، وصار الوقف بحال لا يمكن الانتفاع به فيها، فالاستبدال في هذه الحال جائز· 4 ـ وأما الحنابلة فتحللوا من قيود التشدد قليلاً، وتساهلوا في الاستبدال عن المالكية والشافعية، إلا أنهم كانوا أقل إجازة للاستبدال من الحنفية، وأوضح تسامح للحنابلة هو في إجازة بيع المسجد إذا صار غير صالح للمقصود منه كأن يضيق على أهله وليس من الممكن توسيعه حتى يسعهم، أو خربت الناحية التي فيها المسجد، وصار لا روَّاد له، ففي هذه الأحوال يُباع المسجد، ويشتري بدله أرض مسجد آخر يفي بالغرض المطلوب، ويورد ابن تيمية ثلاثة أدلة لمذهب الحنابلة على ذلك هي:(6) الدليل الأول: ما روي من أن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ نقل مسجد الكوفة القديم إلى مكان آخر، وصار الأول سوقاً للتمَّارين، فهذا إبدال لِعَرَصَة المسجد· الدليل الثاني: أن عمر وعثمان بنيا مسجد النبي صلى الله عليه وسلم على غير بنائه الأول، وزادا فيه، وكذلك المسجد الحرام، وهذا دليل لإبدال بنائه ببناء آخر· الدليل الثالث: ما ثبت في الصحيحين من أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة: >لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية لنقضت الكعبة ولألصقتها بالأرض، ولجعلت لها بابين: باباً يدخل الناس منه، وباباً يخرج منه الناس<، فلولا المعارض الراجح لكان النبي صلى الله عليه وسلم غيَّر بناء الكعبة، فيجوز تغيير بناء الوقف من صورة إلى صورة، لأجل المصلحة الراجحة· وحجة الحنابلة الوجيهة في ذلك هي أن وقف المسجد المؤبد لما لم يمكن تأبيده على وجهه، وأمكن أن نستبقي المقصود وهو الانتفاع على الدوام في عين أخرى، كان من الجائز فعل ذلك، وإن الجمود في العين مع تعطلها تضييع للمقصود الذي وقفت من أجله· والخلاصة هي أن أكثر المذاهب تشدداً في الاستبدال هو المذهب الشافعي يليه المذهب المالكي، وأكثر المذاهب تسامحاً في الاستبدال هو المذهب الحنفي، ويقع في الوسط بين هذه المذاهب: المذهب الحنبلي، بل إن المذهب الحنبلي له فرادته في هذا الأمر إذ تميز عن سائر المذاهب بإباحته استبدال وقف المسجد بأرض مسجد، على حين منعه الحنفية والمالكية والشافعية· ومن الواضع أن المذهب الحنبلي بوسطيته في هذه القضية هو الموافق للأدلة التي ذكرناها، كما أنه المحقق للمصلحة والموافق لأحوال العصر، فكثيراً ما يضطر المسلمون في الغرب إلى استئجار شقة أو بناية لجعلها مسجداً موقتاً إلى حين بناء مسجد دائم، أو يصير المسجد بعيداً عن العمران ولا يُنتفع به··· إلى غير ذلك من الأحوال التي يكون استبدال المسجد فيها جائزاً للمصلحة الشرعية المعتبرة·
تشدد الفقهاء في منع الاستبدال
ثمة اختلاف بين فقهائنا في جواز الاستبدال ما بين مضيق وموسع، بل من الفقهاء من كان يمنعه، ولم يجزه إلا في أحوال استثنائية قليلة الوقوع، ومنهم من أجازه لاشتراط الواقف، أو لكثرة الغلات عند الاستبدال، فالأئمة الثلاثة: مالك والشافعي وأحمد قد ضيَّقوا بابه، بل منهم من حاول إغلاقه·(1)
وأما المذهب الحنفي فيثبت للواقف حق الاستبدال إذا اشترطه لنفسه، ويمكن أن يكون هذا الاستبدال بيعاً وشراء أو مقايضة، فإذا لم يشترط لنفسه هذا الشرط أو منعه فلا يكون لأحد إلا للقاضي في حال المصلحة أو الضرورة، فإذا قال الواقف: >أرضي هذه موقوفة لله عز وجل أبداً على أن أبيعها وأشتري بثمنها أرضاً أخرى، فتكون هذه الأخيرة وقفاً على شرط الأول< ـ جاز الوقف والشرط، وهذا قول أبي يوسف، وهو المعمول به في المذهب، وأما محمد بن الحسن وأهل البصرة فقالوا: الوقف في هذه الحال جائز والشرط باطل، فيتم الوقف بشروطه، وقال بعض الحنفية: هما هنا فاسدان، الوقف والشرط·(2) صور الاستبدال الجائز يجوز استبدال العقار للمصلحة في حالين: الأولى: تعطل الوقف تعطلاً يخرج من الانتفاع به وتحقيق مقاصد وقفه تماماً، كأن تصير الأرض الموقوفة سبخة، أو تضعف خصوبتها، ويقل إيرادها حتى إنها لا تغطي نفقاتها، وليس لها ريع تعمر به· الثانية: إذا كان الوقف نافعاً، ولكن يوجد ما هو أكثر نفعاً، ويمكن الاستبدال به، وخالف محمد بن الحسن في ذلك حتى لا يُتخذ ذريعة إلى ضياع الأوقاف، ومثاله أن تصير الأطيان الموقوفة قريبة من المساكن، ويصير بيعها لبناء مساكن عليها يأتي بمال كثير، وإذا اشترى به عقاراً آخر ريعه أضعاف ريع هذه الأطيان الموقوفة، وكذلك إذا كان العقار الموقوف مبنياً على طراز قديم، وأصبح في أحسن شوارع المدينة، وليس للوقف مال يمكن أن يبنى به على الطراز الحديث، ويوجد من يدفع في هذا العقار ثمناً كبيراً، لو اشترى به عقارا آخر كان ريعه أضعاف ريع هذا العقار، ففي هذه الحالات وأمثالها يجوز للقاضي الإبدال تحقيقاً للمصلحة، ولما هو أنفع للموقوف عليه·(3) ويذهب الإمام ابن تيمية، وهو من الحنابلة، إلى الجواز في هاتين الحالين أيضاً موافقة للحنفية، ولكنه يتميز بالأمثلة والأدلة التي أوردها، فيضرب مثلاً لما جاز استبداله لتعطله بالفرس الحبيس للغزو، إذا لم يمكن الانتفاع به في الغزو، فإنه يُباع ويُشترى بثمنه ما يقوم مقامه، والمسجد إذا تخرب تنتقل آلته إلى مكان آخر، أو يُباع ويُشترى بثمنه ما يقوم مقامه، وإذا تخرب ولم يمكن عمارته فتباع العرصة >أي الأرض<، ويشترى بثمنها ما يقوم مقامها، فهذا كله جائز لأن الأصل إذا لم يحصل به المقصود قام بدله مقامه· ويضرب ابن تيمية مثلاً لجواز الاستبدال لما هو أنفع بالمسجد إذا بُنِيَ بدله مسجد آخر أصلح لأهل البلد منه، فهذا ونحوه جائز عند أحمد وغيره من العلماء·(4) حكم استبدال المسجد في المذاهب أشرنا إلى أن هناك اختلافات كبيرة بين المذاهب الفقهية الإسلامية في جواز الاستبدال في الوقف، فالمالكية والشافعية تشددوا في منع الاستبدال في الوقف، والحنابلة أجازوا الاستبدال شيئاً ما عن المالكية، أما الحنفية ففتحوا باباً واسعاً للاستبدال، وكل ذلك انعكس على موقف هذه المذاهب من جواز استبدال المسجد كما يلي: 1 ـ أما المالكية فمنعوا استبدال المسجد، كما منعوا استبدال العقار إذا تخرب وأصبح لا يستغل في شيء وكان العقار ذا غلة، ولا يباح استبدال هذا العقار عندهم إلا لضرورة عامة، مثل توسيع مسجد أو مقبرة أو طريق عام، إذ إن هذه مصالح للأمة تيسر للناس معايشهم وعبادتهم ودفن موتاهم، ومنع الاستبدال هنا يؤدي إلى ضرر عام، ومن القواعد الفقهية أن الضرر يُزال· 2 ـ وأما الشافعية فمذهبهم يقارب مذهب مالك، إذ يصدر المذهبان عن فكرة واحدة وهي التشديد في منع الاستبدال حتى لا يكون في ذلك ضياع للأوقاف، لذلك منع الشافعي بيع المسجد مطلقاً ولو تخرب· ومنع الشافعية استبدال الوقف المغل كما فعل المالكية، وتشددوا أكثر فجعلوا الوقف لا يُباع ولو كان قليل الريع، وحتى إذا أذن القضاء بذلك، واختلفوا في العقار إذا تخرب ولم يأت بنفع مطلقاً، ففريق أجاز الاستبدال ليكون الوقف مغلاً، وفريق منعه· ومثال ذلك: إذا وقفت نخلة فجفت، أو بهيمة فنفقت، أو جذوعاً خشبية على مسجد فتكسرت، ففيه وجهان: أحدهما أنه لا يجوز بيعه، مثل وقف المسجد، وعبارتهم أنه لا يُباع وقف وإن خرب· والآخر أنه يجوز بيعه لأنه لا يُرجى منه منفعة، وبيعه أولى من تركه، وإلى هذا الوجه أشار ابن الصلاح حين أفتى أن يُباع رخام في مدرسة موقوف للزينة فقط وأشرف على التلف، ثم يصرف ثمنه إلى ما يعود من مصالح المدرسة·(5) 3 ـ وأما مذهب الحنفية فمنع استبدال وقف المسجد مطلقاً، ولم يمنع الاستبدال في غير ذلك من الأوقاف، فالعقار المغل جائز استبداله لشرط الواقف لنفسه أو لغيره، ولو كانت العين ذات ريع ونفع، لأن ذلك تنفيذ للشرط، وإذا لم يشترط الواقف الاستبدال لنفسه ولا لغيره، وصار الوقف بحال لا يمكن الانتفاع به فيها، فالاستبدال في هذه الحال جائز· 4 ـ وأما الحنابلة فتحللوا من قيود التشدد قليلاً، وتساهلوا في الاستبدال عن المالكية والشافعية، إلا أنهم كانوا أقل إجازة للاستبدال من الحنفية، وأوضح تسامح للحنابلة هو في إجازة بيع المسجد إذا صار غير صالح للمقصود منه كأن يضيق على أهله وليس من الممكن توسيعه حتى يسعهم، أو خربت الناحية التي فيها المسجد، وصار لا روَّاد له، ففي هذه الأحوال يُباع المسجد، ويشتري بدله أرض مسجد آخر يفي بالغرض المطلوب، ويورد ابن تيمية ثلاثة أدلة لمذهب الحنابلة على ذلك هي:(6) الدليل الأول: ما روي من أن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ نقل مسجد الكوفة القديم إلى مكان آخر، وصار الأول سوقاً للتمَّارين، فهذا إبدال لِعَرَصَة المسجد· الدليل الثاني: أن عمر وعثمان بنيا مسجد النبي صلى الله عليه وسلم على غير بنائه الأول، وزادا فيه، وكذلك المسجد الحرام، وهذا دليل لإبدال بنائه ببناء آخر· الدليل الثالث: ما ثبت في الصحيحين من أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة: >لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية لنقضت الكعبة ولألصقتها بالأرض، ولجعلت لها بابين: باباً يدخل الناس منه، وباباً يخرج منه الناس<، فلولا المعارض الراجح لكان النبي صلى الله عليه وسلم غيَّر بناء الكعبة، فيجوز تغيير بناء الوقف من صورة إلى صورة، لأجل المصلحة الراجحة· وحجة الحنابلة الوجيهة في ذلك هي أن وقف المسجد المؤبد لما لم يمكن تأبيده على وجهه، وأمكن أن نستبقي المقصود وهو الانتفاع على الدوام في عين أخرى، كان من الجائز فعل ذلك، وإن الجمود في العين مع تعطلها تضييع للمقصود الذي وقفت من أجله· والخلاصة هي أن أكثر المذاهب تشدداً في الاستبدال هو المذهب الشافعي يليه المذهب المالكي، وأكثر المذاهب تسامحاً في الاستبدال هو المذهب الحنفي، ويقع في الوسط بين هذه المذاهب: المذهب الحنبلي، بل إن المذهب الحنبلي له فرادته في هذا الأمر إذ تميز عن سائر المذاهب بإباحته استبدال وقف المسجد بأرض مسجد، على حين منعه الحنفية والمالكية والشافعية· ومن الواضع أن المذهب الحنبلي بوسطيته في هذه القضية هو الموافق للأدلة التي ذكرناها، كما أنه المحقق للمصلحة والموافق لأحوال العصر، فكثيراً ما يضطر المسلمون في الغرب إلى استئجار شقة أو بناية لجعلها مسجداً موقتاً إلى حين بناء مسجد دائم، أو يصير المسجد بعيداً عن العمران ولا يُنتفع به··· إلى غير ذلك من الأحوال التي يكون استبدال المسجد فيها جائزاً للمصلحة الشرعية المعتبرة·