ذوو الأرحام
ذوو الأرحام
ذوو الأرحام في عرف الفقهاء هنا، هم الأقرباء النسبيون الذين ليس لهم فرض ولا عصوبة، ذكوراً كانوا أم إناثاً، كأولاد البنت وأولاد بنت الابن، والجد لأم، وأولاد الأخ لأم، وأولاد الأخوات مطلقاً، وبنات الأخ، والعم لأم...
وقد ذهب إلى القول بتوريث ذوي الأرحام، إذا لم يكن للمتوفى وارث بالفرض ولا بالعصوبة، جمهور الصحابة والتابعين، وبه أخذ الحنفية والحنبلية، وقال الشافعية بتوريثهم أيضاً، إذا لم ينتظم بيت المال، فإذا انتظم، وضعت التركة، في بيت المال، ولا يستحقون شيئاً منها عندهم.
وذهب بعض الصحابة والتابعين، من أمثال زيد بن ثابت، وسعيد بن جبير، إلى عدم توريثهم أصلاً، ولكن توضع التركة في بيت المال، وبه أخذ مالك، والشافعي أيضاً إذا انتظم بيت المال.
استدل الجمهور بقوله تعالى: {وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ} [الأنفال: 75]، وبحديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الخال وارث من لا وارث له) رواه الترمذي([1])، ومثله عن المقداد بن معديكرب، أخرجه أبو داود([2])، وبحديث محمد بن أبي بكر بن حزم رحمه الله أنه سمع أباه كثيراً يقول: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: "عجباً للعمة تورث ولا ترث" أخرجه مالك في الموطأ([3]) وحديث أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ابن أخت القوم منهم) رواه أبو داود([4])، وعن أنس بن مالك (ابن أخت القوم من أنفسهم) أخرجه النسائي([5]).
واستدل زيد بن ثابت لقوله: بأن الله تعالى بيّن في القرآن الكريم حصص الورثة من أصحاب الفروض والعصبات ولم يبيّن شيئاً لذوي الأرحام، فعلم أن لا حظّ لهم في الإرث، ولما أصبحت التركة هنا مالاً لا صاحب له، وجب دفعها إلى بيت مال المسلمين، كاللقطة.
وقد ذهب قانون الأحوال الشخصية السوري مذهب الجمهور، فنص في المواد (289 ـ 297) منه على توريث ذوي الأرحام، إذا لم يوجد أحد يرد عليه من ذوي الفروض النسبية من غير الزوجين، كما نص على ذلك القانون المصري أيضاً في المواد (31 ـ 38) منه.
هذا وقد اختلف الفقهاء القائلون بتوريث ذوي الأرحام في مقادير إرثهم، وذلك لعدم وضوح النصوص المتعلقة بذلك وانقسموا إلى قسمين، سمّي الأول بأهل القرابة وسمّي الثاني بأهل التنزيل، وهنالك رأي ثالث هجره الفقهاء، وهو أهل الرحم، بل إن الحنفية أنفسهم اختلفوا في طرق توريثهم على مذهبين، تزعّم المذهب الأول أبو يوسف، والمذهب الثاني محمد بن الحسن، وإن كان المذهبان ينتميان إلى مذهب أهل القرابة، ومذهب أبي يوسف أسهل، إلا أن مذهب محمد أقوى دليلاً، وهو المفتى به في المذهب الحنفي.
وقد اختار قانون الأحوال الشخصية السوري في توريث ذوي الأرحام الأخذ بمذهب أهل القرابة، ونحى منحى مذهب الإمام أبي يوسف: لسهولته، إلا أنه أدخل عليه بعض التعديل، وكذلك فعل القانون المصري.
وفيما يلي تفصيل القواعد التي التزم بها القانون السوري في توريث ذوي الأرحام.
أصناف ذوي الأرحام:
ينقسم ذوو الأرحام إلى أصناف أربعة، هي:
الصنف الأول: الفروع، وهم أولاد البنات، وأولاد بنات الابن وإن نزلوا، ذكوراً كانوا، كابن البنت وابن بنت الابن، أو إناثاً، كبنت البنت، وبنت بنت الابن.
الصنف الثاني: الأصول، وهم الأجداد الرحميون، والجدات الرحميات غير الثابتات ومن فوقهم من أصولهم الذكور والإناث. كالجد أبي الأم، وأمه، وأبيه، ومن فوقهما.
الصنف الثالث: فروع الأبوين: وهم أولاد الأخوات الذكور والإناث من أي جهة كن، وأولاد الإخوة لأم، ذكوراً وإناثاً، وأولاد بنات الأخ الشقيق أو لأب، ذكوراً كانوا أم إناثاً، وأولاد بنات الإخوة مطلقاً....
الصنف الرابع: فروع أجداد الميت، وفروع جداته، وإن علوا من أي جهة كانوا، كالعم لأم، والخال مطلقاً، والعمة مطلقاً، والخالة مطلقاً، ثم فروع هؤلاء وفروعهم..، وكذلك خال الأم، وخال الأب، وعمة الأم، وعمة الأب، وفروعهم...
والصنف الرابع هذا ينقسم إلى مراتب، وكل مرتبة منها تنقسم إلى طبقات، فالفروع المباشرون للجد أو الجدة المباشران هم الطبقة الأولى من هذه المرتبة وهي المرتبة الأولى، وهم العم لأم، والعمة، والخال، والخالة، أما فروع هؤلاء المباشرون، وهم ابن وبنت العم لأم، وابن وبنت العمة مطلقاً، وابن وبنت الخال والخالة مطلقاً، فهم الطبقة الثانية، وفروع هؤلاء المباشرون هم الطبقة الثالثة... وهكذا.
أما فروع جد الأب وجد الأم، وجدة الأب، وجدة الأم، فهم المرتبة الثانية، والمباشرون منهم هم الطبقة الأولى من هذه المرتبة، كعم الأب لأمه، وعم الأم لأمها، وعمة الأب، وخال الأب، وخال الأم، وخالة الأب، وخالة الأم، أما فروع هؤلاء المباشرون فهم الطبقة الثانية من هذه المرتبة، وفروع الطبقة الثانية هم الطبقة الثالثة... وهكذا.
وفروع جد الجد، وجد الجدة، وجدة الجد، وجدة الجدة، هم المرتبة الثالثة، وهم طبقات متتابعة كما في المرتبة الثانية والأولى.
وهكذا كلما علا الجد أو الجدة زادت مرتبته، وكلما نزل فرعه عنه زادت طبقته.
قواعد توريث ذوي الأرحام وفقاً لما ذهب إليه قانون الأحوال الشخصية السوري:
1 ـ لا يرث أحد من ذوي الأرحام شيئاً إذا وجد واحد أو أكثر من ذوي الفروض أو العصبات، إلا الزوجين، فإنهما يأخذان فرضهما والباقي لذوي الأرحام.
2 ـ إذا لم يكن للمورث إلا واحد من ذوي الأرحام، استحق التركة كلها، ذكراً كان أم أنثى، كأن يتوفى عن عمة فقط، أو جد رحمي، أو جدة غير ثابتة، فإن للعمة هنا كل التركة، وكذلك الجد الرحمي، والجدة غير الثابتة.
3 ـ إذا كان ذوو الأرحام أكثر من واحد، قدّم بينهم بالصنف، فقدم الفروع على الأصول، والأصول على فروع الأبوين، وقدم فروع الأبوين على فروع الأجداد والجدات ذكراً كان الوارث أم أنثى، ولا ينظر هنا إلى اختلاف المرتبة أو الدرجة أو الطبقة.
أمثلة:
آ ـ توفي إنسان عن ابن بنت وجد رحمي، فالمال كله لابن البنت ولا شيء للجد الرحمي، لأن الأول من الصنف الأول، أما الجد فهو من الصنف الثاني.
ب ـ توفي إنسان عن بنت بنت ابن، وعم لأم، فالمال كله لبنت بنت الابن، ولا شيء لعم الأم، لأنه من الصنف الثاني، دون بنت بنت الابن، فهي من الصنف الأول.
فإذا وجد أكثر من وارث من ذوي الأرحام في الصنف الواحد، اتبع في التقديم بينهم قواعد خاصة تختلف من صنف إلى آخر، بحسب الآتي:
1ـ الصنف الأول:
إذا تعدد الورثة من ذوي الأرحام في الصنف الأول، وهم الفروع، قدم بينهم بالترتيب الآتي:
آ ـ بحسب درجة القرب من المورث فيقدم ابن البنت على بنت بنت الابن، وكذلك بنت البنت على ابن بنت الابن، دون نظر إلى ذكورة أو أنوثة، وهكذا...
ب ـ بقوة الإدلاء إلى الميت: فإذا استووا في الدرجة، قدّم بينهم بقوة الإدلاء إلى الميت، فقدم ولد الوارث على ولد ذي الرحم، كأن يكون للمورث ابن بنت ابن، وابن بنت بنت، فإن المال كله للأول دون الثاني، لأن الأول أمه ذات فرض، والثاني أمه من ذوي الأرحام.
جـ ـ فإذا استووا في الدرجة، وفي قوة الإدلاء، بأن كان الجميع ولد وارث، أو كانوا كلهم أولاد ذوي الأرحام، قسم المال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
فمن مات عن ابن بنت ابن، وبنت بنت ابن كان المال بينهما أثلاثاً، سواء كانا أخوين، أم أبناء عم، لأنهما يدليان بوارث، وهو بنت الابن.
وإن مات إنسان عن ابن بنت بنت، وبنت بنت بنت، كان الميراث بينهما أثلاثاً أيضاً، لأنهما يدليان بذي رحم، وهو بنت البنت.
وهذا كله مع اتحاد الدرجة، وإلا قدم بالدرجة الأقرب مطلقاً.
2 ـ الصنف الثاني:
إذا تعدد ذوو الأرحام وكانوا جميعاً من الصنف الثاني وهم الأصول، قدم بينهم بحسب الترتيب الآتي:
آ ـ بالدرجة: فإذا تعددت درجات قربهم من المورث، قدم الأقرب بالتركة كلها، وحجب الأبعد به، دون نظر إلى جهة القرب، من جهة الأم، أم من جهة الأب، ودون نظر إلى الذكورة والأنوثة.
فإذا توفي إنسان عن: أم أب أم، وأب أم أب أم، كان الميراث للأولى دون الثاني، لقربها في الدرجة عنه.
وإذا توفي إنسان عن: أب أم أب، وعن أم أب أم أم، كان الميراث للأول دون الثانية، لقربه عنها في الدرجة.
ب ـ بقوة الإدلاء إلى الميت، فإذا استووا في الدرجة، وكان بعضهم مدلياً بوارث، والآخرون يدلون بذوي الأرحام، قدم الأول في الإرث دون الآخرين، ذكراً كان أم أنثى.
فإذا توفي إنسان عن: أب أم أب، وأب أب أم، كان الميراث للأول دون الثاني، لأن الأول يدلي بأم الأب، وهي جدة صحيحة ثابتة ذات فرض، أما الثاني، فيدلي بأب الأم، وهو جد رحمي، من ذوي الأرحام.
جـ ـ فإذا استووا في الدرجة وقوة الإدلاء، فإن كانوا من جهة واحدة، بأن كانوا جميعاً من جهة الأب، أو كانوا جميعاً من جهة الأم، كان الميراث بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
وإن كانوا من جهتين مختلفتين، بعضهم من جهة الأب، وبعضهم من جهة الأم، كان ثلثا التركة للذين من جهة الأب، بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، والثلث للذين من جهة الأم، بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
أمثلة:
1 ـ توفي إنسان عن جدة (أم أم أب أم)، وجد (أب أم أب أم)، كان الميراث بينهما أثلاثاً، للأولى الثلث، وللثاني الثلثين، لاستوائهما في الدرجة وقوة الإدلاء ووحدة الجهة، لأنهما جميعاً من جهة الأم.
2 ـ توفي إنسان عن جد (أب أم أب أم) وجدة (أم أب أم أب) كان للجد الأول الثلث، وللجدة الثانية الثلثان، وذلك لاستوائهما في الدرجة، وقوة الإدلاء، واختلافهما في الجهة، فالجد من جهة الأم والجدة من جهة الأب.
3 ـ الصنف الثالث:
إذا تعدد ذوو الأرحام في الصنف الثالث، قدم بينهم بحسب الترتيب الآتي:
آ ـ بالدرجة، فيقدم الأقرب درجة إلى المورث على الأبعد منه، ذكراً كان أم أنثى، واحداً كان أم أكثر. فإذا كان للمتوفى بنت أخ لأم، وابن ابن أخ الأم، كان الإرث للأولى، دون الثاني لقربها عنه في الدرجة.
ب ـ بقوة الإدلاء، فإذا استووا في الدرجة، قدم بقوة الإدلاء، ذكراً كان أم أنثى، واحداً كان أم أكثر، فيقدم ولد الوارث بفرض أو تعصيب على ولد الوارث بالرحم، فإذا كان للمتوفى ابن بنت أخ من أي جهة كان، وبنت ابن أخ شقيق أو لأب، قدمت الثانية، لأنها ابنة عصبة، دون الأول، لأن أمه من ذوي الأرحام.
جـ ـ بقوة قرابة الأصل، فإذا استووا في الدرجة وقوة الإدلاء، بأن كانوا جميعاً أولاد ذوي الأرحام، أو كانوا جميعاً أولاد الوارثين بالفرض أو التعصيب، قدم بقوة قرابة الأصل، فقدم الذي أصله لأبوين، على الذي أصله لأب، وقدم الذي أصله لأب على الذي أصله لأم، فإذا كان لمورث بنت ابن أخ شقيق، وبنت ابن أخ لأب، كان الإرث للأولى دون الثانية، وإذا كان للمورث ابن بنت أخ شقيق، وبنت بنت أخ لأب، كان الإرث للأول دون الثانية. فإذا كان للمورث ابن بنت أخ لأب، وابن ابن أخ لأم كان الإرث للأول دون الثاني... وهكذا.
د ـ فإذا استووا في الدرجة، وقوة الإدلاء، وقوة قرابة الأصل، بأن كانوا جميعاً أشقاء، أو لأب، أو لأم، اشتركوا في التركة، للذكر مثل حظ الأنثيين. فإذا كان للمورث ابن بنت أخ شقيق، وبنت بنت أخ شقيق كان للأول الثلثان وللثانية الثلث، سواء أكانا أخوين أم أبناء عم.
4 ـ الصنف الرابع:
هذا الصنف هو أعقد الأصناف، وذلك بالنظر لتعدد مراتبه وطبقاته، ويكون التقديم فيه على النحو الآتي:
آ ـ بالمرتبة، فلا إرث لمن في مرتبة أدنى مع وجود من هو في مرتبة أعلى منه في هذا الصنف، ذكراً كان أم أنثى، واحداً كان أم أكثر، فمن توفي عن عمة مطلقاً، وعم أب لأمه، كان الإرث للعمة دون العم، لأن الأولى من المرتبة الأولى، أما العم فهو من المرتبة الثانية. فإذا كان للمورث خالة وعم أب لأمه، كان الإرث كله للخالة، دون عم الأب لأم... وهكذا.
ب ـ بالطبقة، فإذا اتحدت مرتبة وارثين في الصنف الرابع، قدم الأقرب طبقة إلى الميت على الأبعد طبقة منه، ذكراً كان أم أنثى، واحداً كان أم أكثر، من جهة واحدة كانوا كجهة الأم، أم جهة الأب، أم كانوا من جهتين، فإذا توفي مورث عن عم لأم وابن عمة مطلقاً، كان الإرث للأول دون الثاني، لقرب طبقته عنه، مع اتحاد المرتبة والصنف، ومن مات عن خال، وابن عمة، كان الإرث كله للخال، لقرب طبقته.
جـ ـ بقوة القرابة: فإذا استوى وارثان أو أكثر في هذا الصنف، بالمرتبة والطبقة، قدم بقوة القرابة، فقدم الذي قرابته لأبوين على الذي قرابته لأب، والذي قرابته لأب على الذي قرابته لأم، وانفرد بالتركة كلها دونه، ذكراً كان أم أنثى، واحداً كان أم أكثر، فإذا تساووا في قوة القرابة، بأن كانوا جميعاً لأبوين، أَمْ لأب، أَمْ لأم، اشتركوا في الميراث، للذكر مثل حظ الأنثيين.
إلا أنه لا بد من الانتباه، إلى أن ذلك مخصوص بما إذا كانوا جميعاً من جهة واحدة بالنسبة للميت، فكانوا جميعاً من جهة أبيه، أو جهة أمه، فإن تعددت جهتهم في الطبقة الواحدة، فكان بعضهم من جهة الأب، وبعضهم الآخر من جهة الأم، كان الثلثان لمن في جهة الأب، والثلث لمن في جهة الأم، ثم يوزع ذلك بين أفراد الجهة الواحدة، على حسب ما تقدم من التقديم، بقوة القرابة، أو المشاركة، للذكر مثل حظ الأنثيين.
أمثلة:
1 ـ توفي مورث عن: عمة لأبوين، وعمة لأب، فالإرث للأولى دون الثانية لاستوائهما في المرتبة والطبقة والجهة، وتقديم الأولى بقوة القرابة.
2 ـ توفي مورث عن: خالة لأب، وخال لأم، فالإرث للأولى دون الثاني، لاتحاد المرتبة والطبقة والجهة، وترجح الأولى بقوة القرابة.
3 ـ توفي مورث عن: خالين لأب، وعمة لأم، فللخالين الثلث مناصفة بينهما، وللعمة لأم الثلثان، لاتحاد المرتبة والطبقة واختلاف الجهة، فالخالان من جهة الأم، والعمة من جهة الأب. ولو كان الخالان أحدهما لأبوين، والثاني لأب، كان الثلث للذي لأبوين والثلثان للعمة لأم ولا شيء للخال لأب، لتقدم الأول عليه بقوة القرابة.
هذا في حق الطبقة الأولى من كل مرتبة من مراتب الصنف الرابع، أما الطبقات المتدنية عن الطبقة الأولى، كالطبقة الثانية، والثالثة، وما دونهما، فإنه كذلك أيضاً، فيكون التقديم بينهم بالطبقة، ثم بقوة القرابة والجهة، فإذا استوى الورثة من هذه المرتبة في إحدى هذه الطبقات بالطبقة، فكانوا جميعاً في الطبقة الثانية، أو الثالثة.. واستووا في قوة القرابة، فكانوا جميعاً لأبوين، أو لأب، أو لأم، واستووا في جهة القرابة، فكانوا جميعاً من جهة الأب، أو من جهة الأم، ثم اختلفت بعد ذلك إدلاءاتهم، فأدلى بعضهم بوارث، وبعضهم بذي رحم، فإن الإرث هنا لمن أدلى بوارث خاصة دون من أدلى بذي رحم، فمن مات عن: ابن عمة لأب، وبنت عم لأب، كان ميراثه للثانية دون الأول، لإدلائها بالعم لأب، وهو وارث بالعصوبة، أما الأول، فمدل بالعمة لأب، وهي ذات رحم، فإذا كان الوارثان مدليين بوارث، أو كانا معاً مدليين بذي رحم، كان الإرث بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين، فمن مات عن: ابن عم أبيه لأمه، وبنت عم أبيه لأمه، كان الإرث بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين لإدلائهما بذي رحم، وهو عم الأب لأم.
هذا ما أخذ به قانون الأحوال الشخصية السوري في المادة (296) منه، ومثله القانون المصري في المادة (36) منه.
إلا أن المعتمد في مذهب الحنفية([6]) أن ولد الوارث مقدم على ولد ذي الرحم، سواء اتحدت جهة قرابتهم أم لا، ما دامت طبقتهم واحدة، وهنالك رأي آخر مرجوح يوافق ما عليه القانون، من تقديم الجهة على الإدلاء.
وعلى ذلك، فمن مات عن: بنت ابن عم لأب، وبنت ابن خال، كان الميراث كله للأولى في المعتمد لدى الحنفية، لأنها مدلية بابن العم، وهو وارث بالعصوبة، أما الثانية فمدلية بابن الخال، وهو من ذوي الأرحام، وكان ثلثاه للأولى، وثلثه للثانية، في القانون السوري، لأن الأولى من جهة الأب، والثانية من جهة الأم، وهما في طبقة واحدة.
([1]) الترمذي (2104)..
([2]) أبو داود (2899).
([3]) الموطأ (1085)، 2/517.
([4]) أبو داود (5122).
([5]) البخاري (6762)، والنسائي 5/106.
([6]) شرح السراجية ص175 ـ 178 نقلاً عن رد المحتار، وانظر رد المحتار 6/795 ـ 797.